هكذا نرفع مظلومية أمير المؤمنين علي عليه السلام
التاريخ: 19/9/1446 هـ
تعريف:

هكذا نرفع مظلومية أمير المؤمنين علي عليه السلام

الفاضل علي السعيد

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله، السلام عليك يا سيدي ويا مولاي يا أمير المؤمنين، وقائد الغر المحجلين، وإمام المتقين، صلى الله عليك يا سيدي ويا مولاي يا أبا الحسن والحسين، ما خاب من تمسك بكم، وأمن من لجأ إليكم، يا ليتنا كنا معكم، فنفوز فوزا عظيما، لكنما الأمر لله لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وإنا لله وإنا إليه راجعون، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ} سورة الشعراء (227)، والعاقبة للمتقين، عطروا مجالسكم بذكر محمد وآل محمد، اللهم صل على محمد وآل محمد. عن حيان الأسدي قال: )سمعت علي بن أبي طالب عليه السلام يقول: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الأمة ستغدر بك بعدي، وأنت تعيش على ملتي، وتقتل على سنتي، من أحبك أحبني، ومن أبغضك أبغضني، وإن هذه ستخضب من هذا - يعني لحيته من رأسه). هذا الحديث الذي نقله الحاكم النيسابوري في كتابه (المستدرك على الصحيحين)، وهو عند مدرسة الخلفاء في منزلة الصحيحين الأساسيين، يشير فيه سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أن الأمة تستغدر بعلي عليه السلام، وستظلمه، ولا توفيه حقه، وقد استشهدنا بهذا الحديث الذي علق عليه كثير من الرجاليين في مدرسة الخلفاء بأنه صحيح لبيان أن أمر مظلومية أمير المؤمنين عليه السلام على يد الأمة أو أصناف منها، هو أمر ذكره رسول الله صلى الله عليه وآله قبل حدوث هذه المظلومية. وأما كلام علي عليه السلام، وما جاء في مصادر الإمامية في هذا المعنى فهو كثير، فإنه قد روي عنه مكررا أنه بعد ما وصلت إليه الخلافة الظاهرية، كان يقول: (ما زلت مظلوما منذ قبض الله نبيه صلى الله عليه وآله إلى يوم الناس هذا)، يقول هذا الكلام ما بعد سنة (35) هجرية، يعني أن هناك ربع قرن من الزمان كان يعيش الإمام عليه السلام مظلومية كبيرة بدأت بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله، بل ورد في هذه الروايات أن أعرابيا جاء إلى أمير المؤمنين وقام في وسط المسجد وعلي عليه السلام يخطب، قال (وامظلمتاه)، يا أمير المؤمنين أنا مظلوم، فاستدناه إليه، وقال أنت مظلوم، وأنا مظلوم، هذا في الوقت الذي كان فيه حاكما، (والله لقد ظلمت عدد الحصى والمدر)، إذا أنت عندك مظلومية واحدة، فأنا مظلوميتي بهذا المقدار، ثم قضى ونظر في أمره، فأصل الموضوع أن الإمام ظُلم وغُدر به من قبل الأمة، هذا بحديث رسول الله الصادق الأمين، وبحديث أمير المؤمنين عليه السلام، وبالحقائق التاريخية، إن من معالم مظلومية أمير المؤمنين من قبل الأمة أشياء متعددة. ونحن هنا كما يقولون لا نريد أن نصنع بكائية، وإن كان يحق البكاء عليه، ويحق البكاء على مظلوميته، وهو أهل لذلك، رحمة الله على صاحب الغدير (الشيخ عبد الحسين الأميني النجفي)، له تسجيل بصوته، يقول وأنا سمعته، يقول: (والله، ثم والله، لولا ما وجب علي من كتابة مآثر علي، ومناقب علي، وحق علي، -ويقصد الغدير، وهو صاحب كتاب الغدير- لولا ما وجَّب علي من ذلك، لجلست إلى جانب قبر الإمام طيلة يومي أبكي على مظلوميته وأنحب)، ولكن أنا مسؤوليتي هو أن أكتب هذا، وأبحث، وأنقب، وأطالع، وأؤلف، ولولاك لكنت أبقى طول يومي باكيا على ما جرى على أمير المؤمنين عليه السلام، هذا يعرف حق أمير المؤمنين، ويعرف مظلوميته، ونِعم ما صنع أن ألَّف كتاب الغدير، هذا الكتاب الباقي مع الزمن. نحن عندما نتعرض إلى هذه الأمور، إنما نريد أن نسأل فيما بعد، هل نستطيع أن نرفع جانبا من مظلومية الإمام؟ هل لدينا وسائل بإمكاننا أن نتحرك لرفع هذا الحيف التاريخي الذي حصل في حق أمير المؤمنين أو لا؟ وإذا كان بإمكاننا هل يجوز لنا أن نقصر في ذلك؟ هل يجوز لنا أن نترك هذا الأمر أم أننا من الممكن أن نكون محاسبين أمام الله عز وجل، وأمام أمير المؤمنين؟ فلنعرض عليك بعض هذه المظالم، مع أننا في هذا المكان قد ذكرنا ربما قبل (4) سنوات حديثا شبيها بهذا المعنى، ألخصها في هذه النقاط. أولا: من مظلومية الإمام عليه السلام أنه جُعل مع أنه أفضل الخلق بعد رسول الله مع من لا يقارنه في الفضل، ولا يساويه في المنزلة، إلى الحد الذي وصل الأمر بهذه الأمة التي وصفها حديث النبي بالغادرة، إلى الحد الذي قال أمير المؤمنين: (متى اعترض الريب في مع الأول منهم حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر)، صار آخر الأمر يقال عني أفضل لو معاوية أفضل؟ في بعض أحاديثه يقول و(ذفراه)، كيف وصلنا إلى هذا المقدار؟ ما هي هذه المصيبة؟ أنا الذي تالي النبي صلى الله عليه وآله في الفضل والمنزلة، ما كان يستوي إلى جانبي أعاظم القوم، وصل الأمر إلى أن يقال علي ومعاوية؟ وعلي وطلحة؟ وعلي والزبير؟ وأمثال هؤلاء؟ هذا صار، وإلى يومك هذا علي عند الأمة الإسلامية باستثناء شيعته، هو رقم (أربعة) في الفضيلة، مع أنه عند النبي هو وصيه، وابن عمه، ونفسه التي بين جنبيه، وبمنزلة هارون منه، وأحب الخلق إلى الله بمفاد حديث الطير، وهو مولى المؤمنين كما أن النبي مولى المؤمنين، إلى آخر قائمة الأحاديث المعتبرة. يا ليت الأمر وصل فقط إلى هذا الأمر، لا، الانزلاق صار أكثر، صارت الأمة إلى سنة 240 هجرية، 241 هجرية بالضبط، كانوا لا يُرَبِّعون بعلي بن أبي طالب، ما معنى (لا يُرَبِّعون) بعلي بن أبي طالب، معناه أن الخط الأموي في الحديث والرجال والعقائد، لم يكن يعتبر عليا حتى الخليفة الرابع، ذاك الأول، والوصي الأعظم، والصديق الأكبر، ووصي نبي الله بلا فصل، غير قضية الفضيلة، أُخِّر في المنزلة، ثم لم يعترف له حتى كونه خليفة رابع إلى سنة 241 هجرية، راجعوا الكتب والبحوث التي أقرت هذا المعنى، وأصرت عليه، وأكدت عليه. كان إمام المذهب الحنبلي (أحمد بن حنبل) الذي خاض أحاديث كثيرة للتربيع بعلي، علي بن أبي طالب هو رابع الخلفاء، راجعوا الكتب، وكانوا لا يُرَبِّعون بعلي، يقولون الخلفاء الراشدون (ثلاثة) فقط، علي بن أبي طالب ليس أولا، وليس وصيا، وليس الأفضل، ولا حتى الرابع. بدأ التربيع على مستوى الأمة الإسلامية خارج إطار الشيعة في أيام (أحمد بن حنبل) الذي توفي سنة 241 هجرية، يعني 230 سنة من عمر الأمة الإسلامية كانوا لا يرون عليا خليفة رابعا، فضلا عن أن يروه وصيا لرسول الله، أهناك أعظم من هذه المظلومية؟! استمر الأمر، صار من يقول بتفضيل علي، شخص تَوَصل بعد قراءة الأحاديث والنظر فيها إلى أن علي بن أبي طالب هو أفضل من غيره، (أحمد بن حنبل) نفسه يقول، كان لعلي بن أبي طالب من الأحاديث الصحيحة بالأسانيد المعتبرة في مناقبه ما لم يوجد لسائر الصحابة. واحد لنفترض نظر في هذه الأحاديث، ورأى أن عليا أفضل من غيره من سائر أصحاب رسول الله، هذا الشخص سيجني على نفسه عند سائر المسلمين بأن لا يُقبل منه الحديث، لماذا؟ لأنه صاحب بدعة، الذي يقول علي بن أبي طالب أفضل من غيره هذا صاحب بدعة، فإذا صار صاحب بدعة لا يؤخذ الحديث من خلاله، ولا يعتبر ثقة في نقل الحديث، فأُسقط مئات من الرواة، لماذا؟ لأنهم يعتبرون علي بن أبي طالب أفضل من غيره، ليسوا شيعة، الشيعة هؤلاء يعتبرونهم رفضة رافضة، انتهى، هذا أمر منتهى منه. الذي يفضل عليا من سائر المذاهب على غيره هذا يوضع عليه علامة استفهام، وقد يرد حديثه، ماذا جنى الإمام علي عليه السلام بأبي وأمي الذي إذا الشخص اقترب منه يصبح مرفوض الحديث؟ حتى لو لم يكن على مذهبه، الذي على مذهبه يعد من الرافضة، الذي يقول بأفضليته يقولون كان شيعة لعلي يقول بالتفضيل، وهذا أيضا عند كثير من الرجاليين من المدرسة الأخرى لا يُؤخذ بحديثه، هذه مظلومية، لم نر أحد مثلا إذا قال مفضلا واحدا من الصحابة يصير جانيا على نفسه ويرفض حديثه. بعد أكثر من هذا؟ شيعته وأتباعه في كل مكان قديما، في كل الأماكن يقول أحدهم (لأن تقول إنك يهودي أسلم لمالك ولنفسك من أن تقول إنك شيعة علي)، الأمة عُبِّئت من قبل ذاك الاتجاه الأموي بشكل من الأشكال الذي أي شخص يشايع عليا، هكذا يصبح وضعه، هذه بعض الملامح التي وجدناها في هذه المظلومية. هل نستطيع نحن ونحن نتشرف بالتسمية والانتماء لعلي بن أبي طالب عليه السلام، نستطيع أن نساهم في رفع هذه الظلامة أو لا؟ نعم نستطيع ذلك لو أردنا. الأمر الأول: ماذا لو أن (100) ألف إنسان مؤمن من شيعة أمير المؤمنين عليه السلام، تعهد كل واحد منهم أن يضع كتابا على الإنترنت في مناقب أمير المؤمنين، سيرة أمير المؤمنين، تاريخ أمير المؤمنين، أحاديث أمير المؤمنين، فقه أمير المؤمنين؟ ما شاء الله من الكتب موجودة، أنت إنسان تعمل على الإنترنت، أنت لديك خبرة في هذا الجانب، هاتفك أيضا بيدك ذاك البعيد كذا من الساعات تقضي في النظر إليه، ضع في بالك كتابا واحدا تنقله من أي مكتبة من المكتبات حتى لو كان مرفوعا قبل ذلك، فترفعه من جديد في إحدى الموقع، ماذا يؤثر هذا؟ لو أن (100) ألف من شيعة أمير المؤمنين عليه السلام رفعوا (100) ألف كتاب على الإنترنت لكان أي باحث في الدنيا عندما يأتي بسؤال إلى الذكاء الاصطناعي، من هو علي بن أبي طالب؟ يأتي له بهذه الكتب المعتبرة والصحيحة في فضائل الإمام. هذا الذكاء الاصطناعي لا يأتي من دماغه حسب التعبير، وإنما ما هو موجود في هذا البحر المواج، يجمعه بسرعة ويقدمه لمن يطلبه، إذا كان لنفترض أن هذا المخزون أكثره ليس مواليا لعلي، وليس صادقا في حق علي، أي واحد في الدنيا حتى أنت شيعة الإمام لمَّا تأتي وتسأل سؤالا عن أمير المؤمنين تظهر لك تلك المعلومات غير الصحيحة، فإذا جئنا شبابنا وشاباتنا الذين يعملون على الإنترنت، الذي يستطيع أن يستمع، والذي يستطيع أن يتصفح، دعه يتعلم كيف ينقل (كتاب الغدير) مثلا للعلامة الأميني، لو نشر (1000) مرة على (1000) موقع، ذاك الوقت أي واحد يسأل سؤالا على الإنترنت سيأتي إليه هذا الكتاب القيم. سائر الكتب الشيعية، وهي مجهزة في الغالب وموجودة على المكتبات وغيرها، لعلك تقول ما دامت مرفوعة انتهى الأمر، لا، لا يكفي هذا، بل يحتاج ذلك، أولاً ليس كل الناس تأتي إليهم هذه الكتب، في بعض الأماكن لا تلتقط، وفي بعض الأماكن، وتعجبت من هذا، عجيب يعني أنه في بعض المواقع بعض المكتبات الدينية الشيعية تقول لك حتى تحصل على الكتاب الفلاني، تحتاج إلى أن تسجل في هذا الموقع أولاً، وتحتاج لك غير ذلك، وتحتاج إلى أن تدفعا أموالا واشتراكات، يا أخي هذه هداية، أنت يجب أن تتبرع في سبيل أن يقرأها الناس، فلو أننا استطعنا ذاك، في ذلك الوقت أي شخص باحث في الدنيا، باللغة الإنجليزية، باللغة العربية، باللغة الفرنسية وسائر لغات العالم، لا يُقصر في هذا الجانب أبدا، وبإمكانه أن يرفع جانبا من ظلامة أمير المؤمنين سلام الله عليه. لعلك تقول أنا ليست لدي قدرة، لا أعرف هذه الأمور، طيب لا تعرف؟ عندك (100) ريال تضع شخصا يقوم بهذا العمل لو لا؟ اجعل صدقتك في هذا السبيل، هذه تصبح صدقة جارية، الكتاب النافع الذي يبقى في الإنترنت وغير ذلك يستفيد منه الناس، والله العالم إلى كم سنة يبقى، هذا من الصدقات الجارية، أعط شخصا يصنع ذلك. لا تمتلك (100) ريال؟ حرض، كلمتك الطيبة، شخص لديه قدرة، شخص لديه مال، شخص لديه إمكانية، قل له اعمل هذا وذاك، أظهر ولاءك لأمير المؤمنين عليه السلام، بالإضافة إلى ما تصنع من الفرح في أيام مولده، والبكاء في شهادته، والتحرك لزيارته، أيضا اجعل من عناوين الموالاة والانتماء مثل هذا الأمر، ارفع الظلامة عن أمير المؤمنين بنشر الكتب التي تتحدث عنه، بنشر الصوتيات، الكتب المسموعة، هداية الناس إليه. أنت تتصور أن كل الناس يعرفون علي بن أبي طالب؟ في داخل الحالة الشيعية قسم من الناس لا يعرفون حقائق الأمير، ومناقب الأمير، وسيرة الأمير، فكيف في غيرهم؟ وأنا وأنت عندنا قدرة، عندنا إمكانية، ولا نصنع ذلك؟! فلو أنت، وأنا، وهو، وهي، رجال، نساء، أصحاب أموال، أصحاب قدرات تقنية، قمنا بهذا العمل خلال هذه الثلاث الليالي وغير هذه الليالي، وجعلنا جزءا من وقتنا في هذا الغرض وفي هذا السبيل. تصور ما هي الفوائد والعوائد التي تترتب على مثل هذا الأمر، نستطيع أن نرفع الظلامة عن أمير المؤمنين، لا نطالب غيرنا، لماذا قالوا ذلك؟ هذا اختيارهم، لماذا كتبوا كذا، فلان كتب عن أمير المؤمنين كتاب أسوأ من وجهه، وهو يتناقل هنا وهناك، ويطبع مرارا في كل مكان، أنا لا أعاتب هذا، يجب أن أعاتب نفسي، أنا ماذا صنعت؟ وأنا ماذا قدمت؟ ذاك نشر ضلاله، ونشر ما يحاسبه الله عز وجل عليه بعنوان مبغض لأمير المؤمنين، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (يا علي من أبغضك فقد أبغضني)، ذاك اختياره، لكن أنا لماذا أقصر؟ أنا لماذا لا أصنع في الطرف المقابل ما ينتفع به الناس، ﴿...فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ﴾ [الرعد:17]، نستطيع أن نرفع هذه الظلامة بأمور منها. الأمر الثاني: من مظاهر ظلامة أمير المؤمنين عليه السلام إلى هذا الزمان في بيئة تصنف على أمير المؤمنين عليه السلام هو عدم الالتزام بمنهجه عند قسم من الناس في أسوأ حال، أحد المؤمنين كتب لي رسالة خلال هذين اليومين فقال حبذا أن تؤكدوا على موضوع الصلاة، عندنا مثلا في العمل أشخاص لا يصلون، فأنا قلت له يعني (ما يصلون جماعة؟) (ما يصلون في المسجد؟)، قال لا، لا يصلون أصلا، أصلا لا يصلي، ونحن عاشرناهم في أوقات مختلفة، وقت الظهر لا يصلي، وقت المغرب لا يصلي، الفجر الله العالم، ليس يوما ولا يومين، بل أشهر. أي ظلامة ومظلومية أكثر من شخص محسوب على بيئة هي بيئة أمير المؤمنين، ومجتمع هو مجتمع منتسب إلى أمير المؤمنين ثم لا يصلي لله؟ لا يصلي؟! وما بين المرء وبين الكفر بالله عز وجل إلا ترك الصلاة، يعني مستحلا لها، وأما إذا لم يكن مستحلا فيكون مرتكبا للكبيرة من أعظم الكبائر، وإذا ارتكب كبيرة من أعظم الكبائر، ومشى فيها كان فاسقا في نظر الدين، وهذا محسوب على أمير المؤمنين، ولا سمح الله يكون اسمه علي، وحسين، وحسن، أترى ظلامة لأمير المؤمنين أكثر من هذا؟ أمير المؤمنين الذي يقول لقد نهضت بها، يعني بالقتال من أجل الشريعة والدين والصلاة والأحكام وأنا دون العشرين، وها أنذا قد ذرفت على الستين. يعني أنا (40) سنة أنا شاهر سيفي فقط من أجل أن يشاد هذا الدين، وأن تقام الصلاة، وتاليها واحد ممن يحسب على أمير المؤمنين -الحمد لله من يسمعنا ليس من هذا الصنف- ولكن وجود واحد في المجتمع عندنا لا يصلي، هذه ظلامة لأمير المؤمنين، هذه طعنة لأمير المؤمنين عليه السلام. أصحاب أمير المؤمنين شيعته ما كانوا يُعرفون به، شيعته من؟ (أبو ذر الغفاري)، و(سلمان الفارسي المحمدي)، و(عمار بن ياسر)، هؤلاء شيعة علي بن أبي طالب الذي يقول فيهم رسول الله، (شيعة علي هم المفلحون يوم القيامة)، وفسرت ﴿...أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ﴾ [البينة: 7]، فسرت بهم، وما كانوا إلا لمحافظتهم، أول شيء على الصلاة، ثم تأتي باقي العبادات. أي عمل مستحب لا ينظر فيه، بل أي عمل آخر حتى الواجب، لا ينظر إليه إلا بعد النظر إلى هذه الصلاة، (الصلاة عمود الدين، إن قُبلت قُبل ما سواها، وإن رُدّت ردّ ما سواها)، كما في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله، ذاك لا سمح الله يذهب إلى الزيارة، أو غيره يتصدق، أو يعمل أعمال كذا وكذا، لا تتصور أن هذه الأمور تقوم مقام الصلاة! لا يقوم مقام الصلاة شيء أبدا، ولا يصل إلى هذا الأمر، أمر الصلاة من الأهمية، أي عمل من الأعمال العبادية واجبة كانت أو مستحبة، بل لا ينظر في الملف أصلا، إذا ما كان أمر الصلاة مرتبا. وحقيقة الإنسان يعني يتأسف، أنا لا سمح الله إذا عندي أبناء لا يصلون، بنات لا يواظبن على الصلاة، لماذا أنا جئت بهم إلى هذه الحياة أصلا؟! لماذا؟ حتى يأكلوا ويشربوا؟! إنما جاء هذا الإنسان إلى هذه الحياة، ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56]، وأول العبادة، وأصل العبادة، وأهم العبادة صلاة الإنسان، واجب على هذا الأب أن يؤكد على أبنائه وبناته قضية الصلاة، وأن يعلمهم عليها، وهو محاسب ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [التحريم: 6]. سوف يقف هذا الإنسان بين يدي الله عز وجل إذا لم يأمر ابنته، ويأمر ابنه بصلاتهما، ويراقب أمرهما، لابد أن يقدم جوابا، أسأت الرعية التي أعطيناك إياها، الأب مسؤول عن رعيته، ماذا صنعت؟ أعطيناك ولاية، الباري يقول له (الأب والٍ وولي)، ماذا صنعت في هذه الولاية؟ تركت صلاتك، تركت صلاتهم، وتركت صلاتهم، ولم تعتنِ بذلك، وكان بإمكانك أن تقوم بشيء، يجب أن تقدم الجواب هناك. وهكذا الحال في سائر الأمور التي تصدر من الإنسان، من الظلم لنفسه، والظلم لغيره، إذا كان محسوبا على أمير المؤمنين عليه السلام، هذه ظلامة، ويجب على الإنسان أن يخرج منها قدر الإمكان، يخلع عن نفسه هذا التقصير وهذا الظلم، لأنه ظلم للمولى أمير المؤمنين أبي الحسن سلام الله. الحمد لله إن هذه الظواهر ظواهر بسيطة لا تشكل إلا نسبة لا تكاد تذكر، ولكن بعض الأشياء قليلها كثير، عود كبريت على صغره يمكن أن يحرق مدينة، هذه من هذا النوع، على صغرها لكنها تحرق مستقبل الإنسان وبقاءه وتوفيقه، وتدخله النار نعود بالله. الأمر الثالث: ومن ظلامات أمير المؤمنين عليه السلام ومن ظلامه، قتلة أمير المؤمنين عليه السلام، لماذا لدينا في أعمال هذه الليلة ليلة القدر مستحب (100) مرة قول: (اللهم العن قتلة أمير المؤمنين عليه السلام)، عمل عبادي هذا، براءة من قتلة الإمام عليه السلام، تنفر منهم، بعد عنهم، يستحب هذه الليلة وليلة إحدى وعشرين أن يذكر الإنسان الصلاة على محمد وآل محمد، وأن يلعن قتلة أمير المؤمنين عليه السلام، (اللهم العنهم لعنا وبيلا، وعذبهم عذابا أليما)، الشاعر يقول: قل لابن ملجم والأقدار غالبة.... هدمت ويلك للإسلام أركانا قتلت أفضل من يمشي على قدم... وأول الناس إسلاماً وإيمانا أنت يا ابن ملجم ماذا فعلت؟ ومن وراءك، ممن كانوا يتمنون هذا الأمر؟ لكن التنفيذ كان على يد هذا الخائن، على يد هذا الضال المضل، اتَّعد جماعة من الخوارج بعد قضية النهروان على أن يقتلوا أمير المؤمنين عليه السلام، باعتبار زعموا أن عليا قد حكَّم في دين الله، هي مشكلة الإنسان لما يكون غير واعٍ أيضا، غير عاقل، غير عارف، يصبح طعما لحريق الآخرين، يجب أن يكون الإنسان واعيا، عارفا، ذا بصيرة. قالوا لهم هذا علي حكَّم في دين الله، الذي يحكِّم في دين الله يجب أن يتوب أو يقتل، أنتم رفعتم السيوف على علي، تحدثنا عن قضية تشكل النهروان وقضية الخوارج في سنوات ماضية، (عمرو بن العاص) أمر برفع المصاحف في حيلة حتى يضل هؤلاء الجهلة، فلما رفعوا المصاحف قالوا نحن نحتكم إلى القرآن، علي بن أبي طالب يقول لهم أنا أعرف بهم منكم صغارا وكبارا، والله ما القرآن يريدون، ولا حكم القرآن يطلبون، هؤلاء ليسوا ذوي قرآن ولا أحكامه، أنا أعرفهم وهم صغار، فضلا عن هذه الأيام، قالوا لا، إذا لا توقف القتال وتلجأ إلى حكم القرآن، نميل عليك بأسيافنا، كانوا حوالي (20) ألفا، فاضطر الإمام عليه السلام لكي لا تخرج الفتنة بين أصحابه، وتصير حربا داخلية في الجيش أن يقبل. بعد ذلك أراد أن يرسل إليهم عبدالله بن عباس، قالوا لا، إلا تبعث أبو موسى الأشعري، أنتم كلها تريدونها من جهتكم؟ أنتم بنو هاشم، وعرب الشمال مضريون؟ نريد أحدا من جهة الأشعريين من اليمن، جماعتنا، يا هذا، هذا رجل لا يستطيع على عمرو بن العاص، قالوا إذا لا، نحمل السلاح، قبل الإمام عليه السلام، ذهبوا إلى ذلك المكان (دومة الجندل) بعدما وقفت الحرب، ولعب عمرو بن العاص بشيبة هذا، وجعله يخلع علي بن أبي طالب أمام الناس، ويثبت معاوية أمام الناس، قال ألم أقل لكم أن هذا لا يستطيع على ذاك؟ ألم أقل لكم أن ابن عباس أفضل منه؟ أنت الآن غلطان تعال وتراجع واعترف على نفسك بالذنب، بل لابد أن تعترف بأنك كفرت عندما حكَّمت في دين الله! قال أقر على نفسي بالكفر وأنا أول من آمن برسول الله؟ إذن نحاربك، وصار القتال، وانتهى الأمر إلى أن قُتلوا بعدما استجاب جماعة منهم لمناقشات ابن عباس، وصاروا في صف أمير المؤمنين، الباقي استمروا على القتل، وكما قال أمير المؤمنين لا ينجو منهم (10). وبالفعل الذين نجوا من تلك المعركة كانوا (9) أشخاص، كان من بينهم العدو عبد الرحمن بن ملجم المرادي لعنة الله عليه، هذا الذي كان في زمان ما قبل أمير المؤمنين معلم القرآن في مصر، وأعطوه بيتا كبيرا، وأموالا وإلى آخره، لكن هذه نتيجته يقتل أمير المؤمنين. فاتَّعدوا أن يقتلوا أمير المؤمنين عليه السلام (3) أشخاص، وصار أن عبد الرحمن جاء إلى الكوفة لكي ينفذ جريمته تلك، وأمير المؤمنين عليه السلام هو متعجل بأبي وأمي لكي يلتحق برسول الله صلى الله عليه وآله، (متى ينبعث أشقاها فيخضب هذه من دم هذا)، وكان ينتظر هذا اليوم، (اللهم إني قد مللتهم وملوني، وسئمتهم وسئموني، فأبدلني بهم خيرا منهم، وأبدلهم بي شرا مني). إلى أن صار مثل هذه الليلة، هلموا نذهب إلى الكوفة إلى حيث شهدت أفظع جريمة وقتل أمير المؤمنين عليه السلام في هذه الليلة، كان أمير المؤمنين قد قضى ليلته في بيت عبد الله بن جعفر مع ابنته زينب أم كلثوم، وكانت عادته تلك كما ذكروا أنه في كل ليلة كان يتناول إفطاره عند واحد من أبنائه أو واحدة من بناته، هذا أيضا فيها رسالة لنا، أنه إذا ذهبت عنك ابنتك ليس معناه أنه انتهى الأمر واسترحت، لا أعرفها ولا تعرفني، وانتهى ما بيني وبينها، زوجها يتحمل بها، لا، أمير المؤمنين ينتخب شهر رمضان لكي يفطر كل ليلة في بيت أحد أولاده، بنات أو أبناء. فكانت تلك الليلة من نصيب العقيلة زينب عليها السلام، قدمت زينب إلى أبيها طعام الإفطار، وكان هناك إناءان، فيهما طعام، فالتفت إليها وقال لها: بنية زينب، متى عهدت أباك يأكل من إناءين؟! زينب تريد أن تكرم والدها، في شهر رمضان وغير ذلك، متى عهدت أباك يأكل من إناءين؟! ما زلت مؤتسيا بأخي وابن عمي رسول الله صلى الله عليه وآله، فإنه ما شبع إلا من الأسودين، يعني الماء والتمر، وأما هذه الأطباق ليس من شأني أنا ولا من شأن رسول الله. بنية أبعدي أحدهما فإني أخاف أن يطول وقوفي على الحساب يوم القيامة، رفعت أحد الإناءين، أكل من ذلك الطعام الوحيد، ثم أوى مضجعه بأبي هو وأمي، وقال لزينب أنا أنام قليلا، أستريح قليلا، أوقضيني لوردي وذكري، هذه الليالي ليالي إحياء وعبادة، ليالي تهجد، ليالي انتقال إلى الله عز وجل بالقلوب، وليست ليالي سهر وضحك وما شابه ذلك، فأنا أريد يا زينب أن أستيقظ لتلك الليلة، والإمام يستيقظ عادة، ولكن احتياطا منه أخبرها لكي توقظه، ما مكثف إلا قليلا، وإذا به يفيق بأبي وأمي من تلقاء نفسه، وهو يقول: (إنا لله وإنا إليه راجعون، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم). عظم الله أجوركم يا شيعة الإمام، قالت زينب له يا أبه ما الذي جرى؟ وماذا حدث لك؟ قال لها لقد رأيت جدك رسول الله في المنام، فشكوت إليه ما لقيت من أمته من الأُود واللُدد، فقال لي يا أبا الحسن، إنك صائر إلينا بعد ثلاث، أنت ضيف عند زوجتك فاطمة، وعندك عمك الحمزة، وأخيك جعفر، وعندي يا علي. رجع إمامنا إلى حيث يحيي الليل بالعبادة، قرأ ما تيسر من القرآن، ذكر الله ما شاء، ثم أخذ في الصلاة، إلى أن طلع قرب الفجر، عندها قام إمامكم وهو يكثر من قول: (والله إنها الليلة التي وعدت فيها، ما كذبت ولا كذبت، إنا لله وإنا إليه راجعون). ازدلف الإمام لكي يخرج لأذان الفجر، فلما صار في فناء الدار، كان في فناء الدار (أوز) أهدي للحسن، فصحن في وجهه وتطايرن أمامه، كأن هذه الطيور قد أحست بعظم المصيبة التي ستحل على الكون، يقول بعض أرباب الخبر والعلم، إن الطيور إذا كان هناك زلزال أو ما أشبه ذلك، تتحسس بحدوثه قبل حدوثه، وكأن هذه الطيور قد أحست بما سيحل بالأمة، فصحن في وجه الإمام وتطايرن أمامه، فقال الإمام (صوائح تتبعها نوائح)، والأمر إلى الله عز وجل، عالج الباب لكي يخرج، فانحل مئزره، فأنشأ يقول: أَشدُد حيازَيمكَ لِلمَوتِ فَإِنَّ المَوتَ لاقيكا... وَلا تَجزع مِنَ المَوتِ إِذا حَلَّ بِواديكا عظم الله أجوركم، خرج إمامكم إلى المسجد، وصعد إلى حيث يؤذن، وضع إصبعه في أذنه، وكان جهوري الصوت، يصل صوته إلى كثير من بيوت أهل الكوفة، وأذن أذانه، يا أهل الكوفة املؤوا آذانكم من أصوات أمير المؤمنين، لم تسمعوا بعد هذا اليوم صوت علي لا في محرابه، ولا في أذانه، ولا في خطبته، فاملؤوا أسماعكم بصوته. وانتهى من أذانه، ونزل من ذلك المكان، وأخذ يتخطى باتجاه المحراب، وكان في المسجد بعض من هو نائم، فكان يوقظهم وينصحهم، إلى أن مر على اللعين ابن ملجم، وهو مكبوب على وجهه، كما هو مكبوب على بصيرته، وقد أخفى سيفه تحت ردائه، فتركه إلى أن جاء محراب الصلاة، المسجد لا يزال خاليا، والإمام عليه السلام يشرع في نافلة الفجر، قبل أن يأتي الناس. بدأ إمامكم بالصلاة، وقام اللعين ابن ملجم من ذلك المكان، جاء فاختفى وراء الإسطوانة، كبر إمامنا تكبيرة الإحرام، قرأ الفاتحة والسورة، أهوى إلى الركوع ثم إلى السجود، يا الله، ما إن رفع الإمام رأسه من السجود إلا واللعين يهوي بسيفه المسموم على رأس إمامنا أمير المؤمنين، أين المنادي وا إماماه، واسيداه، واعلياه، ففطر هامة الإمام، شدة الضربة كانت بحيث رجع إمامنا إلى السجدة مرة أخرى، والدم يسيل من جبينه ورأسه على شيبته الكريمة، والإمام ينادي (فزت ورب الكعبة، قتلني ابن اليهودية)، ألا لا يفوتنكم الرجل. عندها هبت ريح فاصطفقت أبواب المسجد، ونادي المنادي بين السماء والأرض، (تهدمت والله أركان الهدى، وانفصمت العروة الوثقى، قتل الإمام المرتضى، قتله أشقى الأشقياء)، خرج الناس على ذلك الصوت مسرعين إلى المسج، وصلوا إلى محراب الصلاة، وجاء الحسن والحسين وابن عباس وبنو هاشم، فإذا بالإمام مكبوب على وجهه، والدم ينزف منه، وقد ضعف حاله، وقد رفعوا الإمام على أكتافهم، لأنه لا يستطيع المشي من شدة النزف وسم السيف، وظلوا ذاهبين به، قال أرباب الخبر، كانت زينب على أثر سماع صوت جبرائيل بين السماء والأرض، قد وقفت على دارها، تنتظر ما الخبر، وإذا بها تسمع الجلبة، والناس قد أقبلوا بأمير المؤمنين، قال أرباب الخبر، الإمام لما رأى زينب من بعيد واقفة، قال أنزلوني حتى لا ترى زينب. نسألك اللهم وندعوك باسمك الأعظم، الأعز الأجل الأكرم، يا الله، بنبيك المصطفى رسول الله، بوصيك المرتضى ولي الله، وبآل بيت آل الله، فرج عنا يا الله، اغفر لنا ذنوبنا، كفر عنا سيئاتنا، آمنا في أوطاننا، لا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا، ولا تفرق بيننا وبين محمد وآله طرفة عين أبدا، احفظ اللهم إخواني السامعين فردا فردا، واقض حوائجهم، شاف اللهم مرضاهم، لا سيما المرضى المنظورين ومن أوصانا بالدعاء، واقض اللهم حوائج المحتاجين، وفرج عن المكروبين، وتقبل اللهم عمل المؤسسين بأحسن القبول، إلى موتاهم وموتى السامعين نهدي ثواب الفاتحة تسبقها الصلوات على محمد وآل محمد، اللهم صل على محمد وآل محمد.
مرات العرض: 4356
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (0) حجم الملف: 38614.74 KB
تشغيل:

كتبٌ عن الإمام الحسن الزكي
ماذا عمل الإمام علي في فترة الخلفاء الثلاثة