المحدث البحراني جامع المدرستين الاخبارية والاصولية
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 18/9/1446 هـ
تعريف:

المحدث البحراني جامع المدرستين الإخبارية والأصولية

كتابة الفاضلة رائدة العبيدي

قال الله العظيم في كتابه الكريم (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ) آل عمران: 103 انطلاقاً من هذه الآية المباركة ، نتحدث عن أحد أعلام الطائفة العظام وهو: المحدث الفقيه الشيخ يوسف بن أحمد العصفور الدرازي البحراني ، المتوفى سنة 1186 هـ ، والمدفون في كربلاء ، والمعروف عند الفقهاء وفي الحوزات بصاحب الحدائق. وهذا العالم الجليل بالإضافة إلى فقاهته الكبيرة ومعرفته العظيمة بروايات أهل البيت عليهم السلام، كان ممن ينطبق عليهم عنوان التوحيد والتقريب بين المدرستين الفقهيتين: (الإخبارية والأصولية) الموجودتين في الطائفة الشيعية. هناك من الناس من يتعامل مع الاختلاف سواء كان الشخصي أو الفكري على أساس أن يحدد نقاط الخلاف والتفارق ويقللها ويوجد الحلول لها لكي يبقى الانسجام بين الشخصين أو بين المذهبين أو بين الدينين فإن لم يمكن ذلك تبقى هذه في حدودها 10% نقاط الاختلاق و90% من نقاط الاتفاق. هنا نتساءل لماذا نترك 90% نقطة اتفاقية ونجعل علاقتنا محكومة ب 10% نقاط اختلافية. هنا يأتي صراع بدايةً لابد من حل هذه المشكلة وعادةً لا تحل فتصبح القطيعة. هذا رأي قسمٌ من الناس ، وقسم آخر يقول نحن عندنا مساحة واسعة من التجانس والتعايش والتواصل على مستوى التسعين نقطة دعونا نتحرك فيها. إن قَدِرَ أحدنا أن يقنع الآخر في العشر نقاط كان بها وإن لم يقدر نبقى على طريقة نحن بما عندنا وأنت بما عندك راض والرأي مختلف، فيتعايش أصحاب هذه الفكرة والنظرية مع الجميع بلا مشكلة. وأما القسم الأول فإنه لا يستطيع أن يتعايش حتى مع أخيه ومع رحمه ومع أتباع مذهبه . نعم أنا متفق معك في العقائد وفي الأحكام الشرعية وفي الأخلاق لكن عندي اختلاف معك في المرجع. وهنا أيضاً نرى قسم من الناس يقول لا أولاً لابد أن نتفق في المرجع ما دامنا لم نتفق فكلاً منا يسير باتجاه. طيب نحن متفقين في العقائد كلها في أكثر الأحكام الشرعية، تصوم كما نصوم وتصلي كما نصلي وتحج كما نحج، لماذا لا نتفق! لا أولاً لابد أن تقلد مرجعي وإلا أنت مع السلامة، هذا منهج غير صحيح وغير سليم اذن ما هو السليم ؟ السليم هو ما قلناه أن العقلاء ينظرون إلى نقاط الاتفاق فيروا أن فيها فسحة واسعة يتحركون فيها لا أن نصل إلى حدود الاختلاق ونقف. كمثال : عدنا طول هذا المسجد كله متفقين عليه ولكن تلك الزاوية لم نتفق عليها ، دعنا نتحرك في بقية مساحة المسجد. المرحوم المحدث الفقيه، بل المحقق الشيخ يوسف البحراني صاحب الحدائق رأس المدرسة الإخبارية مدرسة المحدثين في زمانه والعلم الأكبر فيها إلى أيامنا هذه، كان يرى فكرة الانسجام والتواصل بالنسبة إلى المدرسة الأصولية ما يسمى بمدرسة المجتهدين، والمدرسة الإخبارية ما يسمى بمدرسة المحدثين. انتقد رحمه الله من غير إيراد اسم في كتابه الحدائق في المقدمات انتقد بعض العلماء من الفريقين اللذين شنوا الحملة على الفريق الآخر فقسوا في الكلام حيث إنه إذا كان مجتهد أصولي يقسوا في الكلام على المحدث الإخباري وبالعكس. فقال إن هذه الطريقة ليست بطريقة سليمة وليست طريقة صحيحة، فقد ينال فيها من علماء فضلاء كبار خدموا الدين وهذا ليس من شؤون المؤمنين. وإذا أتينا إلى حقيقة الاختلافات بين المدرستين سوف نجد أنها اختلافات في الصورة والألفاظ والكلام بينما في الواقع والجوهر لن تجد هناك اختلافات جوهرية كيف هذا؟ سوف نتحدث عن بعض نقاط الاختلاف بعد أن نقدم لذلك بمرور سريع على حياة هذا العالم الكبير الشيخ يوسف العصفور البحراني هذا العالم الجليل عاش في مرحلة صعبة جدا مرت على البحرين في أيام شبابه وطفولته حيث كانت هذه المنطقة باعتبار أنها منطقة ثرية إلى حد ما فيها مغاصات اللؤلؤ و ثروة سمكية و زراعة مزدهرة وفيها أهم من ذلك كله موقع في الخليج استراتيجي جدا حيث أن من يسيطر على هذه المنطقة ويمتلك قوة بحرية يستطيع أن يحكم المنطقة فكانت أولاً مطمعاً في النزاعات للقبائل في داخل البحرين وأطرافها ، فكانت هنالك العديد من المعارك بين قبائل الهولا والعتوب. يذكر الذين يتحدثون عن تاريخ البحرين، أن كل قبيلة كانت تريد السيطرة على القرار في هذا المكان لوجود الثروة والأموال والموقع الإستراتيجي فكانت تسيطر عليها فترة من الزمان، وتأتي القبيلة الثانية فتعد العدة وتهاجمهم من جديد فقد تغلبهم وتسيطر وهكذا الأمور دواليك. أضف إلى ذلك بعض الصراعات الدولية حسب التعبير وذلك عندما دخل على الخط هجوم من البحرية العمانية والبحرية الإيرانية. كان في عمان دولة تسمى بالدولة اليَعرُبِية ومذهبهم الإباضي، وإلى الآن المذهب الإباضي هو الشائع في عمان وهؤلاء نمت قوتهم في فترة من الفترات بحيث سيطروا على الخليج وامتد نفوذهم إلى أفريقيا، زنجبار وتنزانيا، تنجانيقا سابقا وكانت بحريتهم قوية، ثم جاء الصفويون ومن بعدهم القاجاريون في إيران، وهم أيضا رأوا أن الخليج يجب أن يكون بأيديهم وملكهم، وأن كل ما يحويه من جزر ومراسي ومرافئ لابد أن يكون تحت سيطرتهم. لذا أصبح هنالك العديد من الحروب والمشاكل للسيطرة على بلاد البحرين، فأصبحت حروب داخلية بين القبائل للسيطرة من جهة وحروب خارجية أيضا لنفس الغرض من قبل دول وجماعات من خارج البحرين، وهذا طبيعي فأثر تأثيراً كبيراً وبشكل سيئ على داخل البحرين، فأي جماعة يأتون سيطرون غالبا في أوقات الحروب وفتح الجهة لهذا المكان يصير فيه سلب ونهب والقانون يرتفع في مثل هذه الحروب، فإذا بلد على طول الخط كان في هذه الحالة، فمالمتوقع أن تراه؟ الوضع جدا قلق ، وحالات القتل بلا حساب وكذلك النهب بلا حساب وتكون أنت موجود في مثل هذه الأجواء. في مثل هذه الأجواء عاش الشيخ يوسف البحراني رحمه الله رحمة الأبرار، عاش طفولته وعاش فترة من شبابه أيضاً، الأمر اللي اضطره في بعض الفترات إلى أن يهاجر مع أهله إلى منطقة القطيف وقيل إنه سكن في قرب القديح لأن كان فيها مشايخ وعلماء كبار درس أيضاً على بعضهم علوم الدين لفترة، إلى أن استقر الوضع من جديد في البحرين ورجع ورتب أموره، وكان والده أيضاً وهو أستاذه الأكبر وكان يذكر بالعلم الكبير والتحقيق الكبير شيخ أحمد البحراني الدرازي هو أستاذه أيضاً. لكن الوضع لم يبقى هادئاً، ففي فترات متأخرة صار إحراق لبيتهم ، وهو أيضاً أخذ نفسه وما بقي من كتبه وما استنقذه من تلك الحرائق وهاجر من البحرين إلى بلاد إيران واستقر في شيراز. وعندما وصل إليها ، الوالي هناك رأى فيه عالماً فحلاً وعارفاً، فأكرم وفادته واحترمه احتراماً كبيراً، وفوض إليه أمر القضاء ، وأقام هناك صلاة الجمعة ، وصار الرجل الأول من الناحية العلمية الدينية في تلك المنطقة. غير أن هذا العالم الجليل لم يكن مبتغاه في الرفاه والراحة والمكان الاجتماعي بقدر ما كان هادفاً إلى الموضوع العلمي. وكأنما شيراز لم تلب طموحاته العلمية من حيث حضور العلماء والفقهاء فيها ، فعزم على الهجرة إلى كربلاء المقدسة . العشرون سنة الأخيرة من أيام حياته وفي ذلك الوقت ، حيث توفي وعمره 79 سنة، انتقل من شيراز إلى كربلاء بما تحمل من معاني قدسية حيث فيها قبر الحسين عليه السلام وأخيه أبي الفضل العباس والأنصار وهالحالة الروحية التي يستشعرها الإنسان عندما يذهب إلى تلك الأماكن رزقنا الله وإياكم زيارة أبي عبد الله الحسين، بالإضافة إلى ذلك كانت كربلاء في تلك الفترة تشهد حركة علمية هي الأعظم في تاريخها . و صارت كربلاء في تلك الفترة الحوزة الأكبر والأهم في كل العالم الشيعي ، يعني لا النجف ولا قم ولا الحلة ولا غيرها كانت توازي كربلاء في تلك الفترة وخصوصا عندما جاء إليها من عرف باسم الأستاذ الأكبر الشيخ محمد باقر الوحيد البهبهاني. فعندما وصل الشيخ البهبهاني إلى كربلاء غير وجه كربلاء بحيث صارت الحوز الأكبر في عالم التشيع ، والتف الجميع حوله حتى من كانوا في الحوزات المختلف من أطراف النجف والحلة وبغداد و إيران ، كلهم جاءوا إلى كربلاء لوجود هذا العالم الكبير الذي حل فيها وإن كان في أصله من إصفهان من بهبهان، لكن لما صار في كربلاء وبدأ درسه صارت هذه الحوزات بهذا الاتساع . أيضاً كان فيها سيد محمد المجاهد وغيره، فلما وصل الشيخ يوسف البحراني إلى كربلاء وجد فيها ضالته. فهو يريد جو علمي، يريد طلاب على مستويات عالية يفضي إليهم بعلمه ويريد علماء كبار يستطيع أن يناقشهم وأن ينضج أفكاره بالحوار معهم، هذه بيئته، فالسمك يحتاج إلى ماء مناسب ليعيش ويتكاثر. فلما جاء الشيخ يوسف، زاد الحراك العلمي الموجود فيها، لأن الشيخ يوسف رحمه الله في ذلك الوقت كان الرأس الأكبر لمدرسة المحدثين المعروفة بالمدرسة الإخبارية. وسوف نأتي بعد قليل عن وجوه الاتفاق والاختلاف بين المدرستين. في المقابل المؤسس الحقيقي للمدرسة الأصولية الحديثة الذي بلور آراءها بشكل واضح مع أنه كان هناك أصوليون قبله مثل العلامة الحلي ومن بعده ،إلا أن المؤسس الحقيقي للمدرسة الأصولية الحديثة هو الشيخ الوحيد البهبهاني الذي كان موجودا في كربلاء في ذاك الوقت حينما حضر الشيخ يوسف البحراني إلى كربلاء. هنا نجد الشيخ يوسف عنده براعة استثنائية في موضوع الأحاديث والروايات وعنده إحاطة غريبة و حفظ استثنائي في فهم هذه الروايات فهو جامعة كبيرة ، يكفيك أن تنظر إلى كتابه الحدائق الناظرة في أحكام العترة الطاهرة. 15 مجلداً ضخم ،حتى قال بعض الفقهاء إن أعظم العلماء كانوا إذا أرادوا أن يقدموا بحث الخارج في هذه الأزمنة المتأخرة لابد أن يرجعوا إلى كتاب الحدائق وأن ينظروا إلى آراء الشيخ يوسف البحراني ، وإلى الأحاديث والروايات التي جمعها وكيف وجه هذه الروايات وبأي معنى من المعاني فهمها . كان الرجل مليء بهذا الجانب بحيث كما قلت إن بعض الأصوليين من الأعاظم في هذه الأزمنة المتأخرة من خمسين سنة وما بعدها يقولون أنهم كانوا لابد أن يرجعوا إلى كتابه الحدائق الناظرة. فإذن ، هناك في كربلاء الأن صار عالمان كبيران الشيخ يوسف ممثل لمدرسة المحدثين و الشيخ البهبهاني ممثل لمدرسة الأصوليين، وكان بينهما نقاشات وحوارات واحتجاجات. بعض من نقل عن تلك الفترة يقول أنه كان شيخ يوسف والشيخ محمد باقر البهبهاني يأتيان إلى الحرم الحسيني بعدما ينتهوا من الزيارة ويجلسون ويتباحثون ويتناقشون ، فهذا يأتي بجواب وذلك بأتي بسؤال وهذا يرد عليه بإشكال وهذا يجيب و نقاش ويطول الأمر إلى أن هذا المسكين خادم الحضرة الحسينية والحرم الحسيني بعد أن يطول الوقت بهما ولسان حاله يقول حتى متى انتظركما! فكان يقول لهم تريدون أن تبقوا ابقوا لكن أنا لابد لي من أن أقفل الباب وأمشي أنتم تريدون البقاء إلى الفجر ابقوا. فكان ربما طال نقاشهم من الليل إلى أذان الفجر لكن على مستوى من العلم والاحترام والأخذ والرد في إطاره العلمي. بعض تلامذة الشيخ البهبهاني لما رأوا أن الشيخ يوسف البحراني على هذا القدر من العلم وعنده في الفقه والروايات تضلع وإحاطة كانوا يذهبون إلى درسه وأحيانا بالسر خوفاً من أن يمنعهم أستاذهم رئيس مدرسة الأصوليين ، أنه مثلا قد يقول لهم لا تذهبوا، وفي ذلك الوقت ما كانوا يعصونه فكان ذهابهم بالسر إليه ، وكانوا يستفيدون وينتفعون كثيراً، وهم من الكبار أمثال السيد مهدي بحر العلوم و الطباطبائي رضوان الله تعالى عليه، ربما يكون لنا فرصةً ونتحدث عنه ، و السيد مهدي الشهرستاني وغيره ، هؤلاء من الأسماء اللامعة في الحوزات العلمية. إلى أن توفي الشيخ يوسف البحراني بعدما استقر في كربلاء و صار إليه مسجد و بحث ودرس وغير ذلك ، وقد أوصى أن يصلي عليه الشيخ البهبهاني الذي كان من المفترض أنه مخالف له في المسلك والرأي العلمي ، لكنه أوصي أنه هو من يصلي على جنازته وفعلا هكذا صار ، أنه صلى الشيخ الوحيد على جنازة الشيخ يوسف. الآن نحن عرفنا مصطلحات: (مدرسة المحدثين -مدرسة الإخباريين - مدرسة المجتهدين - مدرسة الأصوليين) ماهية هذه المدارس ؟ وما هو وضعهم ؟ وماذا كانوا يقولون؟ هناك في كلتا المدرستين اتجاهات شديدة وكما قلنا على طريقة التركيز على 10% تجد في مدرسة المحدثين من كتب كتباً خَطَّأَ فيها بقوة المدرسة الأصولية ، وتجد أيضاً في مدرسة الأصوليين من عمل نفس العمل وبشدة ،وهذا قائم على فكرة 90% نتفق وهي اللي تقرر حركتنا وتسالمنا وتصالحنا أو 10% نختلف وهي اللي تقرر حركتنا وتعايشنا، وهذا تجده حتى في البيت يمكن أن تطبقها أحيانا. ليتضح لكم المعنى اليكم هذه القصة وقد حدثت في شهر رمضان : إحداهن كتبت لي زوجي طلقني ونحن على الإفطار قلت لها : أحسن فطور والله قلت لها: خبريني كيف طلقك؟ قالت :غضب علي وزعل مني وكذا وقال لي : أنت طالق . قلت لها: هذا الكلام دعيه واضربي فيه عرض الحائط، فهذا لا أثر له، لأن الطلاق لابد أن يكون بشهادة شاهدين عدلين في طهر لم يوقعها فيه. فعلى الأقل لابد من وجود شاهدين عادلين ، وهما لم يكونوا موجودين حينها من أين تبحثوا بذاك الوقت وقت الفطور عن شاهدين عادلين من متفرغ لكم أصلا!؟. هذا الحمد لله وهذا حقيقة من الأمور الطيبة في قيود الطلاق . هنا نجد قسم من الناس في حياتهم الزوجية هم على طريقة 10% نختلف أنت طالق 10% نختلف تقول أروح أخلعك وقسم آخر يقول ما دام نحن 90% متفقون ما دام نحن متفقين بهذا المقدار فخلي 10% لو اختلفنا فيها لا نحتاج إلى أن نرتب عليها تلك الآثار وهذا هو العقل . الشيخ يوسف رحمه الله كان من هذا القبيل الذي أمر بالاعتصام بحبل الله وهم آل محمد. وقال في بعض مقدماته في الحدائق: قال أنت إذا تجي حقيقةً إلى كلا الطرفين وتنفذ إلى باطن كلامهما تجد انهما ينتهيان الى معنى واحد، ولكن كل منهما يعبر بطريقته وإذا بقي شيء من الاختلاف فهو شيء بسيط اولاً نحن نقول هنا إن الاختلاف بين المدرستين الأماميتين ليس اختلافاً في العقائد، خلي هذا في بالك فهو مهم. قد تقول مثلاً ما بين الإمامية وبين مدرسه الخلفاء، بل حتى بين بعض شيعه أهل البيت كالزيديه أو الإسماعيلية هناك اختلاف كبير أو محدود في العقائد. فالامامية سموا بالامامية لأنهم يعتقدون باثني عشر إماماً معصوماً منصوباً من قبل الله عز وجل وأنهم يجب أن يطاعوا وأنهم حجج الله على الخلق كما كان رسول الله باستثناء قضيه النبوه وهذا المعنى يفصلهم عن مدرسه الخلفاء ، الذين هم بالأصل لا يعتقدون بفكرة الإمامة ولا يعتقدون بعصمتهم. وكما مثلاً الزيديه فالائمة عندهم إلى زين العابدين ثم من زين العابدين إلى زيد بن علي بن الحسين. و الاسماعيليه فانهم يؤمنون بها إلى الامام الصادق ثم يذهبون إلى اسماعيل، فهناك اختلاف في أمر عقدي بين المدرسة الاصولية والاخبارية. ولا يوجد اي اختلاف في المسائل العقائدية. هذا في المدرسة الإخبارية مدرسه المحدثين يؤمن بنفس العقائد التي يؤمن بها الاصولي في مدرسه المجتهدين لا فرق، الا فيما هو فرق في داخل المدرسة. فرق عقائدي لا يوجد لا في معرفة الله، ولا في معرفه رسول الله، ولا في معرفه المعصومين ،ولا في قضايا المعاد إلا بما هو من الاختلاف في داخل مدرسه المحدثين أو في داخل المدرسة الأصولية. فإذاً ليس الخلاف عقائدياً أصلاً وإنما الخلاف هو في الفروع الفقهية وفي طرق الوصول إليها. نحن نعتقد مثلاً أن البقاء على الجنابة متعمداً أو على الحيض متعمداً إلى الفجر مبطلٌ للصيام ، هذا حكم يتفق فيه الفريقان ، لكن كيف يصل كل منهما إليه قد يكون في بعض الأحكام اختلاف في الطريق، هذا يصل من هذا الطريق وذاك يصل من طريق آخر، النتيجة هي واحدة بل بعض الأدلة كذلك متفقه ولكن هناك بعض الاختلاف. الشيخ يوسف ماذا قال؟ قال: في حقيقة الأمر حتى هذه الطرق هي متفقه في جوهرها. دعني آتيك ببعض الأمثلة، مثلاً في الموقف تجاه الأخبار التي هي أساس التسمية الاخباريين ومدرسه المحدثين، مدرسة الاخباريين يعتقدون بان الكتب الأربعة أحاديثها كلها صحيحه، و إن وظيفة الفقيه في هذا الزمان ليس أن يستنبط حكم شرعي من عنده ويقول هذا ما وصلت إليه، إنما يشير إلى هذه الأحاديث وإذا فيها اعضال أو صعوبة في الفهم يشرح ذاك الشيء الصعب فقط، ولكن الإنسان العادي لا يقلد وإنما يذهب مباشرة إلى هذه الأحاديث ويشاهدها فإن فهمها كانت وإن لم يفهمها يستعين بالفقيه الذي سيوضحها له. وما عندنا أيضا ويقوله المحدثون في الواقع لدينا أربعه أدلة للوصول إلى الحكم وإنما هو دليل واحد هذا بترتيب المرحوم الشيخ يوسف البحراني. الاصوليون ماذا يقولون؟ يقولون انه الأدلة للوصول الى الحكم الشرعي اربعه الكتاب والسنه بما يشمل أحاديث المعصومين والاجماع والعقل فهذه اربعه طرق للاستنباط والاجتهاد والوصول الى الحكم الشرعي. الشيخ يوسف يقول حقيقة الأمر لو تأملت فإن هذا يتفق مع كلام المحدثين والاخباريين لماذا؟ لأن القرآن الكريم كما يقول الشيخ يوسف لا يفهم إلا من خلال حديث أهل البيت، بواطن القرآن وأعماق القرآن وحقائق الآيات ولا يقدر أن يفهمها وإنما من يفهمها هم أهل البيت عليهم السلام. إذن أهل البيت نحن لسنا في زمنهم ومعهم ولكن عندنا منهم الاخبار والاحاديث في تفسير القران فرجعنا الى ماذا؟ أنه حتى في القران نحتاج الى الاخبار. نأتي الى السنه، ايضا واضحة هي الاخبار وكذلك الاجماع، فالإجماع عند الإمامية انما يكون حجه اذا كشف عن قول المعصوم وقول المعصوم هو اخبار اهل البيت ، يبقى العقل . العقل لو فرضنا من باب الفرض وهو مستبعد ولكن لو فرضنا ان العقل انتهى الى حكم والحديث الصحيح عن اهل البيت انتهى الى خلافه عن النبي وانتهى الى خلافه ، تقول للعقل هلا سيدي لو تقول الى رسول الله سمعا وطاعه؟! تقول لحديث رسول الله ، فإذاً خبر النبي و خبر الامام لو فرضنا معارضه العقل له هو المرجع اليه ، فإذاً كلها رجعت الى ماذا الى اخبار اهل البيت . حتى الاصوليين نفس الكلام يقولونه في حقيقه الامر وان اختلفوا بالألفاظ . هنا نرى محاولة توحيد الشيخ البحراني رحمه الله بين المدرستين حيث يقول : في حقيقه الامر كلاهما او كلتاهما تنتهيان الى شيء واحد. وهنا لابد ان نوضح بعض النقاط . النقطة الاولى: فيما يرتبط ب روايات الكتب الأربعة المحدثون يقولون كلها صحيحه، لماذا؟ يقولون لان مؤلفيها كانوا ورعين وكانوا عارفين بالحديث الصحيح والحديث غير الصحيح قدموا هذه الكتب للعمل بها، وبعضهم كالشيخ الصدوق مثلا يقول انا أتيت في هذا الكتاب ما هو حجه بيني وبين الله. وبعضهم ألف هذا لكتاب حتى يعطيه الى أناس يعملون على طبقه فليس من المعقول أن يعطيهم شيء فيه سم أو يعطيهم شيء فيه خطأ وباطل. فإذاً لقد بذلوا جهود كبيره كمثال آخر الشيخ الكليني 20 سنه وهو يعمل على هذا الكتاب ، فإذا هذه الاحاديث صحيحه. نأتي إلى الاصوليون ماذا يقولون ؟ يقولون هذا الكلام صحيح جزاهم الله خير الجزاء وشكر الله سعيهم، ولكن هذا ينفي تعمدهم ان يجعلوا شيئاً غلط خاطئاً في الكتاب فهم ورعون فمن غير المعقول أن يأتوا بحديث باطل، ولكنهم ليسوا معصومون فمن الممكن أن يخطئوا، وهم ليسوا كملاً، بمعنى الكمال الموجود في الأئمة عليهم السلام. ولعلهم نسوا حديثا من غير تعمد، ولعل حديثاً هم يرونه صحيحاً ولكن في الواقع هو غير صحيح. نحن لما نشاهد ان هؤلاء ليسوا معصومين وان كانت نيتهم وورعهم هو في اعلى الدرجات لكن قد يكونون من غير التفات فات عليهم حديث غير صحيح، فات عليهم حديث ضعيف، فنحن لا ندري ايضاً هل الحديث الضعيف؟ طبعاً لن يأتي الحديث ويقول انا ضعيف اخرجوني للخارج، وانما لابد ان ياتي الفقيه المجتهد العارف فيدرس الموضوع رجالياً ودرائيا حتى يقول الحديث هذا فيه اشكال من رواه ضعيف سنده او فيه اشكال او غيره من الامور. اذاً عملهم جهدهم مشكور فقد ارادوا ان يقدموا احسن ما لديهم لكنهم ليسوا بمعصومين، فلعله فات منهم حديث حديثان عشره 100 اكثر اقل ، وجعلوه في هذه الكتب من غير تعمد ونحن لانعلم هذا الحديث ضعيف في نص الكتاب أو اخر الكتاب في هذا الباب أو الباب الثاني . اذاً ما هي وظيفه الفقيه في هذا الزمان؟ وظيفته يدرس الاحاديث واحداً واحداً فعندما يجد حديثاً صحيحاً بحسب الاجتهاد يعمل به. اما موضوع ان كل احاديث الكتب الأربعة صحيحه لا. اضف الى ذلك نفس العلماء اشاروا الى ان هناك تخالف بين بعض الاحاديث وبعضها مثل ما صنع الشيخ الطوسي في الاستبصار فقال :انا أتيت بالاحاديث وبعضها بظاهره يخالف البعض الآخر و ما ممكن حديث يقول يجوز وحديث يقول لا يجوز لابد ان واحد منهم غير صحيح ،اذا لم يمكن الجمع بينهما ،وفي بعضها نفس الشيخ الذي كتب كتاب التهذيب قال هذا الحديث الفلاني ضعيف لان فيه فلان واحد مع انه نقله في كتابه. فيتبين ان بعض الاحاديث حتى عند مؤلفيها ما كانت احاديث تامه 100% فهنا يصير وجه الاختلاف بين الاصوليين والاخباريين. الاخباريون يقولون: احاديث الكتب الأربعة أحاديث تامه ينبغي العمل بها لشدة التعب الذي صار عند جمعها ولورع اصحابها لما صرح به مؤلفوها. الاصوليون يقولون :لا ، نحن نقول جزاهم الله خيراً و نعم ما صنعوا ،لكن قد يكون فاتهم هم من غير تعمد احاديث ولم تكن صحيحة ووضعوها في كتبهم هذه نقطة. النقطة الثانية: في موضوع القرآن وانه فقط الائمه هم الذين يستطيعون ان يستنبطوا منه . هذا كلام صحيح ولكن في نفس الوقت القران الكريم فيه مستويان او مستويات حتى ، لان له بطوناً. ففي المستوى العام قوله تعالى: ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا ) سورة النساء 58 هنا قوله: (إِلَىٰ أَهْلِهَا ) الكل يفهمه أو لا يفهمه؟ هنا الامام يفسرها ويوضح ويقول في بعض بطون هذه الآية لا يصل إليها عامه الناس لأن من معنى الأمانة او تطبيقها ولاية آل محمد عن الباقر والصادق عليهما السلام قال: أمر الله سبحانه كل واحد من الأئمة أن يسلم الامر إلى من بعده. بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٣ - الصفحة ٢٧٣ وعن أحمد بن عمر قال: سألت الرضا عليه السلام عن قول الله عز وجل: " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها " قال: هم الأئمة من آل محمد صلى الله عليه وآلة أن يؤدي الامام الأمانة (4) إلى من بعده ولا يخص بها غيره ولا يزويها عنه الكافي - الشيخ الكليني - ج ١ - الصفحة ٢٧٦ وفي بعض المواضع اشارات، الآن لنفترض كمثال: عندنا في الشرع الإبل تنحر، تطعن في لبتها، فيسيل الدم وتقع الرقبة، هنا ذبح الإبل غير جائز لماذا؟ لآنه لابد أن يكون النحر في لبه وثغره، لما تنزل هذه الرقبة في منطقه معينه تنحر، كذلك الغنم لابد فيها من الذبح لو نحرت لا تكون حلالاً، نأتي للبقرة الآن كيف تذبح؟ البقر مع مالها من الشكل والحجم والمواصفات فهل أعمالها، فهل حقها النحر أو حقها الذبح لا نعلم؟ يسأل أحدهم الإمام عليه السلام فيقول له: أما قرأت قوله تعالى:( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً ۖ) سورة البقرة 67 هنا كلنا قرأنا هذه الآية يمكن أكثر من 50 مرة، وقرأت هذه القصة ، قصه بني اسرائيل وذبح البقرة فذبحوها وما كادوا يفعلون ،لكن لم يأتي الخبر عن آلية الذبح وطريقته هنا يأتي دور الشرع ويوضح أن حق البقر في الشرع تذكيه الذبح فهذا من الأمور والإشارات إلى الإمام يشرحها و يجاوبها بشكل واضح . • عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن صفوان قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن ذبح البقر من المنحر فقال: للبقر الذبح وما نحر فليس بذكي. • وعن يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام أن أهل مكة لا يذبحون البقر إنما ينحرون في اللبة (١) البقر فما ترى في أكل لحمها؟ قال: فقال: (فذبحوها وما كادوا يفعلون) (2) لا تأكل إلا ما ذبح. • وعن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الذبيحة فقال: استقبل بذبيحتك القبلة ولا تنخعها (3) حتى تموت، ولا تأكل من ذبيحة ما لم تذبح من مذبحها. • وقد سُأِلَ أبي عبد الله عليه السلام عن رجل ضرب بسيفه جزورا أو شاء في غير مذبحها وقد سمى حين ضرب بها فقال: لا يصلح أكل ذبيحة لا تذبح من مذبحها إذا تعمد لذلك ولم يكن حاله حال الاضطرار، فأما إذا اضطر إليه واستصعب عليه ما يريد أن يذبح فلا بأس بذلك. تهذيب الأحكام - الشيخ الطوسي - ج ٩ - ص ٥٣ الكافي ج ٢ ص ١٤١ (١) اللبة: بفتح اللام وتشديد الباء المنحر وموضع القلادة (2) سورة البقرة الآية: ٧١ (3) النخع: هو قطع نخاع الذبيحة قبل موتها. آخر يمكن أن يقول لك يمكن هكذا يكون، أما الإمام بما عنده من علم لا يُفَصِل ويُبَين. هذا صحيح هناك مستويات من الفهم للقرآن لا توجد إلا عند أهل البيت، ولكن هناك مستويات للقرآن هي في متناول ع0امة الناس وفي متناول الفقهاء من باب آولى، ولذلك أمروا بالتدبر في القرآن: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) سورة محمد24 وإلا ما معنى أن يأمرهم بالتدبر في القرآن والحال أنهم لا يفهمون منه شيء ولا يأخذون منه معنى. فالقرآن صحيح لابد فيه من الرجوع إلى أحاديث أهل البيت عليهم السلام لكن لا بمعنى أن الفقيه لا يستطيع أن يفهم أي شيء أو أن يستنبط أي معنى من القرآن. وهكذا بالنسبة إلى قضية العقل، لا نتصور أن أحكام العقل التي يجريها الفقهاء في الأدلة الشرعية لا يمكن أن يعارضها خبر صحيح تام. إذا أتي الخبر وعارض حكماً عقلياً، والعقل حجة على حجة الله على الناس ،كما الرسل حجة الله على الناس، يتبين أن هذا الحديث غير صحيح ،ولذلك كمثال : نستدل بالعقل في تفنيد ما جاء من الأحاديث التي تنتهي إلى التجسيم في حق الله عز وجل. لماذا لا نقول هذا الحديث حديث الرؤية التي عند مدرسة الخلفاء حتى لو جاء بسند 1000% ، صحيح نحن نقول هذا يخالف القواعد العقلية المقررة ، لا يمكن أن يقبل. فلا يوجد حديث صحيح يعارض أحكام العقل الصريحة والنهائية، طبعا ليس عقل ،يعني عقلي أنا وعقلك أنت، لا هذا بحث آخر ،الآن ما نتحدث عنه و من الأمور التي يختلف فيها كما قلنا قضيه التقليد ، فالمدرسة الأصولية استدلت على لزوم تقليد غير العالم إلى الفقيه العالم بأدلة عقلية هي أن يرجع غير العالم إلى العالم وهي سيرة العقلاء في كل مكان، في الطب والهندسة والجراحة و إلى آخره ، وفي الدين أيضاً أي واحد غير عالم يرجع إلى العالم الفقيه في الدين وفي الفقه بالإضافة إلى ذلك ما ورد من الآيات المباركات ما ورد من الروايات من واقع الأئمة فللعوام أن يقلدوا حجة عليهم إلى آخره بمجموعها يثبت أمر التقليد وأنه ليست وظيفة الفقيه فقط، في الإشارة إلى الأحاديث والروايات وإنما هي أيضا في استنباط الأحكام من القرآن ومن الروايات في الحوادث الواقعة وفي الاحكام المتجددة وفي المسائل المستحدثة آلاف المسائل وجدت لا نجد طريقاً إليها إلا بالاجتهاد فيها وتطبيق ما ورد من الروايات والآيات على مواردها. فهذه بعض الأمور التي قد يختلف فيها الفريقان من المدارس ،المهم في كل ذلك أن يعرف الإنسان المؤمن أن هاتين المدرستين في واقعهما إنما هما طريقان للوصول إلى الحكم الشرعي الفقهي فقط ، لا هناك اختلاف في العقائد و في الأساسيات ،وبحسب رأي الشيخ يوسف رحمه الله هناك اختلافاً لكنه ليس اختلافاً جوهرياً ، الجوهر واحد، و إلى نفس المعنى اشار المرجع الديني المرحوم سيد محمد سعيد الحكيم رضوان الله تعالى عليه الذي توفي قبل عدة سنوات، عنده كتاب لمن أراد المراجعة عنوانه: - الأصولية والإخبارية بين الأسماء والواقع. يقول فيه: لقد كان معنا في دروسنا في البحث الخارج مع أساتذتنا بعض العلماء والفقهاء من المدرسة الإخبارية، مدرسه المحدثين، ولم نكن نجد أنهم يتمايزون عنا بأي شيء ذي بال إلا في بعض هذه الموارد المحدودة. نعم هناك اختلاف في المسائل الفقهية وهذا ليس بالخاص فيما بين المدرسة الأصولية والإخبارية، فمثلاً أنت مقلد قبل 40 سنه مرجعاً من المراجع والآن تقلد مرجع آخر من نفس المدرسة الأصولية يختلف معه في كثير من الأحكام، فإذا كان في المدرسة الواحدة اختلافات فقهية فالاختلاف بين المدرستين في المسائل الفقهية يكون أهون حالاً. بقي هذا العالم والشيخ المحدث الفقيه الشيخ يوسف في كربلاء حوالي 20 سنة من الزمان معلماً ومدرساً اضافة إلى مناظراته التي يعقدها وكان طلاب العلم من كلا المدرستين ينتفعون بدرسه الفقهي أيما انتفاع إلى أن حضرته المنية وانتقل إلى ربه راضياً مرضياً ودفن إلى جوار الحسين عليه السلام هنيئا له هذا الجوار.
مرات العرض: 5727
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (4463) حجم الملف: 149078.83 KB
تشغيل:

الحر العاملي ووسائل الشيعة
العلامة الحلي الحسن بن يوسف