كتاب الاحتجاج دعوة لمؤسسة للمناظرة
التاريخ: 11/9/1446 هـ
تعريف:

كتاب الإحتجاج دعوة لمؤسسة للمناظرة

كتابة الفاضلتان رائدة العبيدي وسلمى بوخمسين

قال الله العظيم في كتابه الكريم : (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) سورة النحل: 125 هذه الآية المباركة تبين منهجاً وطريقةً في الإحتجاج والمجادلة مع الآخرين وهي خاضعة لقانون الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة وإن الجدال ينبغي أن يكون بالتي هي أحسن. يعني لليس فقط بالشيء الحسن وإنما بالشيء الأحسن والأفضل والأكمل. موضوع الجدال والمناظره موجود ما بقي الانسان كصاحب راي وفكر ومعه آخر يختلف معه أحياناً في جلسه عاديه، تجد الناس مختلفين هذا يحاول يقنع ذاك وذاك يحاول يقنع هذا حتى في ابسط الاسهم حتى في ابسط الاشياء ، كمثال : اسهم هذا السهم جيد أو لا ، تتحول الى محاوله هذا يريد يبين انه نعم جيد ذاك يقول لا غير جيد، فضلا عن المسائل الفكريه والدينيه في ابسط الاشياء انت تجد اختلاف الاراء ومحاوله كل طرف اقناع الطرف ثاني برأيه هذا الفريق افضل أو ذاك الفريق افضل ، قضيه رياضيه، رغم أنه لا يترتب عليها مثلا جنه أو نار ولا يترتب عليها لنفترض ثواب أو عقاب ولا يترتب شيء لكن ما دام هذا يختلف مع ذاك وكلٌ يحاول ان ان يقنعه بما عنده فكيف في القضايا الكبيره التي يترتب عليها أمر مصير الانسان من الجنه والنار والثواب والعقاب وصواب الطريق أو خطأه من باب اولى ان يكون نقاش فيه وجدال وكلام ما دام هذا موجود . الله سبحانه وتعالى ينصح المسلمين بان يكون جدالهم بالتي هي احسن، الجدال موجود ولكن ينبغي ان يكون بالتي هي احسن، وقد صرح القران الكريم في ايه اخرى بقوله : الله سبحانه وتعالى ينصح المسلمين بان يكون جدالهم بالتي هي احسن، الجدال موجود ولكن ينبغي ان يكون بالتي هي احسن، وقد صرح القران الكريم في ايه اخرى بقوله : (وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ ) سورة النحل: 125 يعني جادلوهم بالتي هي أحسن فقط. من هذا المبدا ننطلق للحديث عن كتاب من الكتب تمثل هذا المنهج في الجدال بالتي هي احسن وهو الكتاب المشهور بكتاب : الاحتجاج أو الاسم الآخر له الاحتجاج على أهل اللجاج من تأليف أبي منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي، من علماء المذهب الشيعي الاثنا عشري في القرن السادس الهجري ، المتوفى سنه 560 هجريه. الكتاب في مجمله صغير الحجم جدا ولكن عظيم الفائده وهو الان مطبوع في جزئين مجلدين لكن لو حذفت منه الهوامش والتعليقات والحواشي والفهارس مثلاً يرجع كتابٌ واحد ، وهو على صغر حجمه كما أراد مؤلفه عظيم الفائدة جداً وهو تطبيق لما جاء في التوجيه القرآني وجادلهم بالتي هي احسن. ماهو هذا الكتاب؟ ومن هو هذا المؤلف؟ وما الذي ينفعنا به في هذا الزمان؟ و بماذا يوحي الينا؟ ان شاء الله نتحدث عنه بما يتسع المقام. اما عن المؤلف فهو كما ذكرنا ابو منصور احمد ابن علي بن أبي طالب الطبرسي. طبرسي نسبه الى طبرستان وهي منطقه في شمال ايران تعرف الان بمازندران وكما نوهنا سابقا في التاريخ كانت معروفه بطبرستان واليها ينسب في الغالب . العالم الطبري ومنها علماء كثيرون في الفريقين سميت ايضا بطبرستان باعتبار هذه البلده، ولعل الذين ذهبوا اليها يعرفون أنها من جهه غابات كثيفه جدا صاعده فوق الجبال ومن جهه تطل على البحر فالذي يريد أن يمشي فيها خصوصا في الازمنه القديمه لا سيما في الغابات المتشابكه والشجر الكثيف كان يحتاج الى فأس حتى يقصه ويمشي في الطريق طبر في اللغه الفارسيه بمعنى الفأس او السكين الطويله ، فكانوا يستخدمونها لتقطيع هذه الاغصان ويمشون في طريق في الغابات ، سميت كما قيل بطبرستان لهذه الجهه وكان فيها علماء كثيرون من الفئه الاخرى كمحمد ابن جرير الطبري مثلا وايضا هناك محمد بن جرير ايضا امامي طبري منهم المحدث الشهير الشيخ حسين النوري الطبرسي ومنهم صاحب هذا الكتاب ومنهم صاحب كتاب مجمع البيان في تفسير القران ذاك ايضا طبرسي واحيانا يصير خلط بين العلمين، لكنهما اثنان ، ذاك مؤلف الفضل بن الحسن مؤلف المجمع البيان و هذا احمد بن علي مؤلف كتاب الاحتجاج وغايته من هذا الكتاب وضحها في مقدمه كتابه حيث يقول: لقد رأيت ان قسماً من اخواننا يتصورون ان قضيه المناظره والمجادله والمناقشه مع اصحاب المذاهب الاخرى اخرى امر مذموم وغير صحيح وان الائمه ما كانوا يستعملونه ، لذا أتيت بهذا الكتاب لابين لهم أن المذموم هو الجدال بغير التي هي احسن وهو الجدال الناشئ من التعصب هو الجدال الذي لا يريد الانتهاء الى الحق هذا الجدال مضيعه للوقت ،هذا الجدال مذموم ، بل حتى الجدال والمناقشه من غير المؤهلين ايضاً مذموم ومنهي عنه. واما الجدال والمناقشه والاحتجاج والبرهنة على ماعندك من الحق ومن الهدى وأنت مؤهل لذلك هذا هو المطلوب لأنه من مصاديق إدعوا إلى سبيل ربك ،الطرف الاخر عنده شبهه اذا انت جادلته وناقشته واجبت عليها من الممكن ان يهتدي الى طريق الحق. هو أيضاً اذا تطرح عليه شبهه وكلام ولا يستطيع أن يجاوبه فمن الممكن ان يهتدي الى طريق الحق، فاذاً هنا الجدال بالتي هي احسن، والمناقشه من قبل الكفو والمؤهلين هذا امر مطلوب وقد قام به القران الكريم و نبينا محمد وائمه اهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم وكذلك علماؤنا السابقون الكبار، فاذا هو شيء غير مذموم ، انا انقل لكم نص ما قاله في مقدمه كتابه، يقول: ان الذي دعاني الى تاليف هذا الكتاب عدول جماعه من الاصحاب عن طريق الحجاج جدا وعن سبيل الجدال وان كان قسم من الاصحاب عدلوا عن ذلك ، وتركوا هذا الامر، وقولهم ان النبي صلى الله عليه واله والأئمة لم يجادلوا قط ولا استعملوه ، ولا للشيعه فيه اجازه بل نهوه عنه، وعابه جماعه قالوا هذا الكلام فرأيت عمل كتاب يحتوي على ذكر جملة من محاوراتهم ، يعني النبي والائمه في الفروع والاصول يعني في المسائل الفقهيه، سأجعل في هذا الكتاب فيها اخذ ردودهم ايضا و في المسائل الاعتقاديه مع اهل الخلاف، وانهم انما نهوا عن ذلك الضعفاء والمساكين من اهل القصور عن بيان الدين دون المبرزين في الاحتجاج الغالبين لاهل اللجاج . اذا هناك نهي من قبل الائمه عليهم السلام عن المناظره والمناقشه واتركوهم ودعوهم وكذا ، فهذا ليس لكل الناس وانما لاولئك الذين ليس لهم قدره على المناقشه وليس عنده حماس وليس لديه علم الان نحن نجد هذا الامر حقيقه ، نجد هذا الامر وهذا من الابتلاءات، مثلا: طالب علم يتحمس عندما يرى من يتهجم على المذهب فيذهب حتى يناظر، طيب هذا الشخص غير مؤهل حتى لو دارس دراسه دينيه لان المناظره والمجادله والمناقشه تحتاج الى فنون اخرى غير العلم، تحتاج الى منطق تحتاج الى قدره على النقض كما يقولون ،تحتاج الى قدره على نقض ادله الخصم، تحتاج على قدره الى صياغه الدليل صياغه فنيه ملزمه الى الطرف الاخر هذه تحتاج الى دراسه مثلا دراسه المنطق قد تنفع في هذا ، وهناك قسم من الناس ليس لديه حافظه اذا لم تكن تملك حافظه هذا لا ينفع للمجادلة لماذا؟ لأن ذلك المناظر لك يأتي لك بحديث معين لا تتذكر الحديث أو ماهو سنده، أو هل سنده صحيح أو غير صحيح، الاعلام ماذا قالوا فيه، الخصوم اعترفوا به أو لم يعترفوابه، لست بحافظ لهذا الشيء، وقدرات الناس في الحافظه تتفاوت ،هناك قسم من الناس يفكر جيداً، يكتب جيداً، يتأمل جيداً، يجتهد جيداً، لكن حافظته حافظه ضعيفه ، وهناك قسم من الناس لا ، كأنما هذه الاحاديث على صفحة يده يقرأها، هذا يصلح للمناظره ، بينما ذاك لايصلح للمناظره ، وان كان ذاك الاول اكثر علماً، فيقول: إن نهي الائمة عليهم السلام عن المجادله والمناظره نهي عن المجادله غير النافعه ، المجادله لتضييع الوقت أو للتحدي و الكلام ، لا هذا أتى لكي يستمع الى الحق ، ولا هذا قادر على اقناعه ،هذه هي المنهي عنها مضيعه الوقت بلا فائده، وكذلك اذا كان هذا الشخص غير قادر وليس من اهل هذا الفن هذا هو المنهي عنه. وقد نهى الامام الصادق بالفعل عددا من الناس عن الكلام، ونراه يُدافع في بعض الأحيان، وهذا نراه في قصة مؤمن الطاق واليكم ماحدث. في البداية هل سمعتم بمؤمن الطاق؟ من هو؟ هو أبو جعفر محمد بن علي بن النعمان البَجَلي الكوفي الشهير بـمؤمن الطاق والمخالفون يلقبونه شيطان الطاق، كان يعمل صيرفياً في طاق المحامل بالكوفة يرجع إليه في النقد فيخرج كما ينقد فيقال: شيطان الطاق أحد أصحاب الإمام الصادق والكاظم عليهما السلام ، كان ثقةً و فقيهاً ، متكلماً، حاذقاً، كثير العلم، حسن الخاطر، حاضر الجواب ، عُرف بمناظراته مع الطوائف الأخرى، وله مناظرات كثيرة مع أبي حنيفة ، توفي بعد الإمام الكاظم سنة 183 هـ. وهذا نراه في رواية أبي خالد الكابلي قال رأيت أبا جعفر ـ صاحب الطاق ـ وهو قاعد في الروضة قد قطَع أهل المدينة أزراره وهو دائبٌ يُجيبهم ويسألونه، فدنوت منه فقلت: إنّ أبا عبد الله نهانا عن الكلام . فقال: أمركَ أنْ تقولَ لي؟ فقلت: لا، ولكنه أمرني أن لا أُكلم أحداً . قال: فاذهبْ فأَطعهُ فيما أمرك . فدخلتُ على أبي عبد الله فأخبرتُه بقصة ـ صاحب الطاق ـ وما قُلتُ له، وقوله لي "اذهب وأطعه فيما أمرك" فتبسم أبو عبد الله ، وقال: «يا أبا خالد، إن صاحب الطاق يُكلّم الناس فيطير وينقضُّ، وأنت إن قَصّوك لن تطير». الطوسي، اختيار معرفة الرجال، ج 2، ص 435، برقم 334 نعود لصلب الموضوع ، جاءالشيخ الطبرسي رضوان الله تعالى عليه ابو منصور احمد ابن علي متوفى سنه 560 هــ، واستخرج ما في الكتب المعتبره والمشهوره من مناظرات وكلمات ومجادلات واستدلالات من قبل المعصومين عليهم السلام. نحن نجد حتى في القران الكريم اشارات كثيره الى المناظرات في قول الله عز وجلك ( وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ ۖ قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ) سورة يس78 جاء أحد كفار قريش و رأى عظم مر عليه سنوات فصار هباء ، فأخذ هالشكل وفته بيده ورماه في الجو، وقال أيعقل أن يأتي يوم القيامه ويرجع صاحب هذا العظم صحيحاً كما كان؟! ( قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ (80) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم ۚ بَلَىٰ وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83) ) سورة يس 79-80-81-82-83 في رايكم انتم هذه العمليه صعبه بحسب نظركم! الاصعب منها الله رب العالمين صنعها وهو انه ينشئ العظام من غير شيء ، الان لو واحد عنده على سبيل المثال طابوقه مكسوره ومفتته هل يقدر يجمعها بسهوله ويسويها من جديد طابوقه؟ ستجاوب اذا متوفر عنده المواد يقدر، لكن اذا لم تكن عنده ماده اصلا لا تراب ولا كذا لن يستطيع ولن يقدر أن يجهز تلك الطابوقه . عندكم انتم صعبه، الذي يقدر أن يعمل الشيء الاصعب في نظركم وهو انه يحييها والذي انشاها اول مره ولم يكن هناك مواد خام ولا شيء، في رايكم يستعصي عليه أن يعيد هذا العظم المفتت من جديد، يجمعه ويرتبه والى اخره، هناك مناظرات في القران كثيره سواء كان تعليم من القران للنبي صلى الله عليه واله او أن النبي صلى الله عليه واله يبادر الى اجابه اسئلتهم. الائمه سلام الله عليهم و النبي صلى الله عليه واله في احاديثهم عندهم مناظرات ومن الظريف انني رايت في هذا الكتاب انه في افتتاحه تحدث عن مناظره لرسول الله صلى الله عليه واله نقلها عنه الحسين عليه السلام عن ابيه امير المؤمنين انه جاء اصحاب خمسه اديان لرسول الله ليناظروه لما جاء به به خمسه منهم يهود ومسيحيون نصارى دهريون ومنهم وثنويون ومنهم غير ذلك فاجاء كل واحد وعرض اعتراضاته على ما يذهب اليه المسلمون والنبي صلى الله عليه واله يجيب عليهم ثم يلقي عليهم سؤالا فلا يستطيعون الاجابه عليه و مناظره مفصله وطويله انصح بالرجوع الى الكتاب للتعرف عليها مناظره الزهراء عليها السلام في خطبتها ، خطبه الزهراء، هي متنوعة في قسم منها نوع من انواع المناظره لما استدل الطرف الآخر بحديث انفردوا بنقله من قول من زعموا انه قاله رسول الله نحن معاشر الانبياء لا نورث دينارا ولا درهما ، وما تركنا فلولي الامر بعدنا، قالت الزهراءعليها السلام: ما كان رسول الله عن كتاب الله صادفاً ولا لأحكامه مخالفاً، وقد قال الله عز وجل (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ۖ ) النمل 16 وقال: ( فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ۖ ) مريم 5-6 وقال: ( وصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ۚ) النساء 11 وهكذا استدلت، هنا العلماء يقولون استدلت بعمومات القران مثل يوصيكم الله في اولادكم، وبخصوص وراثه الانبياء في مثل ورث سليمان داوود ، ونقضت عليهم ايضا بان كلامكم هذا يلزم ان النبي والعياذ بالله يخالف القران الكريم، هل تقبلوا ان يقال ان النبي يخالف القران ويصدف عن احكامه ويتركها وراء ظهره؟! فهذا ايضا من انحاء الاحتجاج ، وموارد اخر في الخطبه ايضاً الان لسنا في مجال الحديث عنها . و مناظرات امير المؤمنين عليه السلام كثيره جداً مع الخلفاء ينقلها صاحب الاحتجاج. واحدةً واحده ، منها واحدةً مع معاويه ابن ابي سفيان كلامه معه ورده على اسئلته ونقضه على ما استدل به امير المؤمنين عليه السلام في كل هذه المناظرات كان صاحب الصوت الاعلى والحجه البالغه. مناظراته مع الخوارج اصحاب النهروان وقبل ان يخرجوا الى النهروان ، نفس الكلام استظهر عليهم ببراهين وحجج وادله حتى خاف زعماء الخوارج ان هذه البراهين والادله تسحب كل الجنود تحتهم، فانغمسوا في هجوم على جيش امير المؤمنين والا سيخسر جماعتهم. الامام الحسن المجتبى، بل حتى اصحاب امير المؤمنين أمثال سلمان المحمدي عنده مناظرات متعدده دفاعاً عن اهل البيت وعن امير المؤمنين، ابو ذر الغفاري عنده مناظرات متعدده ، وغير هؤلاء ايضاً، كذلك حذيفه ابن اليمان . الامام الحسن المجتبى بعد ذلك له مناظراته مع معاويه ومناظراته في مجلس معاويه مع المغيره ابن شعبه ومع عمرو بن العاص وغيرهم كل واحد اعطاه ما يليق به من دليل صادم في وجهه. والامام الحسين عليه السلام واحتجاجاته في خطبه في كربلاء، ثم الائمه ولا سيما الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام. اما الامام الصادق عليه السلام فقد ابرز العجب هو وتلامذته هشام بن الحكم حيث كان شاباً لا يزال في العشرينات من عمره يقولوا لم تخط لحيته تماماً، حتى غار منه بعض الكبار، من كانت لحيتهم بيضاء وصاحبوا الامام الصادق مدة طويلة من الزمان . ويقدم على هشام بن الحكم وكما يقال أنه لم يروي في الفقه شيئاً الا احاديث بسيطه جدا، بعضهم قال: حديث بعضهم قال حديثان، المهم لا تتجاوز عشره احاديث مع صحبته للامام الصادق، لكن نجده في باب العقائد والمناظرات واثبات الامامه ، خذ ما تشاء. فقد كان ذكياً جداً، حاضر الحجه، قوياً جداً. تَغَلَّبَ وهو في ذلك العمر المبكر على أعاظم علماء الطرف الآخر ولذلك سمي بلسان اهل البيت عليهم السلام . هذا نموذج من نماذج الامام الصادق . والامام الرضا عليه السلام مجلسه ذاك الذي عقده المامون وجمع فيه ارباب الديانات المختلفه وكلهم كانوا يوجهون اسئلتهم للامام الرضا عليه السلام واخذهم واحدا واحدا فاسقط حججهم واثبت حق آل محمد ، وهكذا استمر يأتي بهذه الروايات والمناظرات وجلسات المجادله بالتي هي احسن واحدٌ واحدْ، فدون هذا الكتاب ، واصبح في بابه فريدا قليلا النظير فيما بعد برزت كتب مناظرات لكن بها ترتيب مثلاً كتب الشيخ المفيد رضوان الله تعالى عليه كثيرٌ منها عباره عن مناظرات، اما فعليه واما فرضيه، اذا قالوا هذا الشكل نقول لهم بهذا الشكل، اذا احتجوا بكذا جوابهم كذا. ونرى ما كتبه الشريف المرتضى ايضاً في الامامه في رده على القاضي عبد الجبار المعتزلي، وهكذا غير هؤلاء من العلماء من المتأخرين ايضاً. كما اشتهر بين الناس كتاب ليالي بيشاور و هو معروف حوالي 1000 صفحه من النقاش بينه وبين علماء مخالفين للمذهب وبالدليل استظهر عليهم. المتميز هو كتاب الاحتجاج كما قلنا لاسباب مختلفه ، منها انه نقل احتجاج المعصومين عليهم السلام و ارفق بها احتجاجات اخر، لكن المتن العام للكتاب هو احتجاجات رسول الله، احتجاجات الزهراء، احتجاجات امير المؤمنين و الحسنين والائمه المعصومين عليهم السلام وهؤلاء اتاهم الله الحكمه وفصل الخطاب ، علم النبوه عندهم وقدرة الموعظه والجدال بالتي هي احسن ايضاً عندهم ، وبالتالي هذا يصلح ان يكون مدرسه يقام على اساسها منهاج الاحتجاج والمجادله والمناظره مع الاخرين ، نعم اعترض بعض الناس على ان هذا الكتاب ليس فيه اسانيد مثلاً يقول: عن الحسين بن علي عن امير المؤمنين ان رسول الله قدم عليه جماعه من اليهود والنصارى والدهرين والصابئون كذا وقال كذا ، أين سنده، انت في سنه 560هــ ، فإذا كان متوفى كيف وصلت هذه الرواية لك وهي روايه الحسين عليه السلام ؟! فاذا لم يكن له اسانيد هؤلاء الذين يعترضون لن يلتفتوا الى مقدمه صاحب كتاب الاحتجاج هذا العالم الجليل اللي بينه وبين الصدوق وبينه وبين الكليني ثلاث واسطات فقط فهو يروي عنهم وفي مقدمة كتابه قال انه حذف الاسانيد وترك ذكرهم لثلاثة أسباب فيقول (ولا نأتي في أكثر ما نورده من الاخبار بأسناده اما لوجود الاجماع عليه، او موافقته لما دلت العقول عليه ، او لاشتهاره في السير والكتب بين المألف والمخالف ) فوجود اجماع العلماء كافي لاثبات صحة الحديث وما ورد فيه كما انه حينما تجتمع عقول العقلاء على صحة أمر ما لا يحتاج الى دليل ورواية وخصوصا في الامور العقائدية والحياتية والسلوكية اما في الامور الفقهية فلابد من وجود رواية لاستخراج الحكم الشرعي اما من نص قرآني او أحاديث وروايات مثبته صحتها ومعروفه اسانيد رواتها ، اما المناقشات والمجادلات فلا تحتاج الى ادلة وروايات حينما تكون موافقة لأحكام العقول والعقلاء. كما انه ينقل رواياته من كتب مشهورة وموثوقة عند الشيعة وغيرهم من المذاهب الموافقة والمخالفة فلا يحتاج الى ذكر اسانيد الاحاديث والروايات التي ينقلها . وكتاب الاحتجاج للطبرسي مؤثر كثيرا ومفيد لمن يبحث عن الادلة والبراهين لاثبات عقائد ومنهج آل محمد . فمن المفيد ان تلتفت الحوزات الدينية الى قضية الاحتجاجات والمناقشات فتعلم طلبتها كيفية يكون الاحتجاج والنقاش مع الاطراف الاخرى فيكملون مسيرة العلماء السابقين كمهدي بحر العلوم الطباطبائي الذي استطاع ان يفحم اليهود الذين اعترضوا طريقه واحتجوا عليه بحججهم حول رسول الله واله الاطهار وعقيدتهم فاستطاع ان يحيرهم ويرد على كل تسائلاتهم بالحجة الدامغة ،كما نرى في سير العلماء الشيخ المرحوم محمد جواد البلاغي فهو خصص عمره في البحث والمناظرة والاحتجاج مع المسيحيين وقام بقراءت التوراة بلغتها الاصلية وقراء الاناجيل بلغاتها المختلفة وتعلم لاجل المناقشة والمناظرات اللغات وثم بدأ يكتب الكتب حول القضايا العقائدية المختلف فيها ويثبت الصحيح منها ويفند ما يعارضها . فمن يرغب في دخول المناظرات والمناقشات لابد ان يكون مؤهل ولديه القدرة على المجادلة والمناقشة ويكون لديه الحجج والبراهين على صحة ما يعتقده ولديه القدرة على الاقناع والطرح القوي فمن يدخل في نقاش مع الديانات الاخرى فلابد ان يكون لديه تخصص في ذلك ومعرفة بتلك الاديان ومعتقداتها اما اذا كان نقاشه مذهبي فلابد ان يكون لديه المام بتلك المذاهب ومعتقداتها الصحيح والخاطىء منها فيستطيع الدفاع عن معتقداته التي تتعارض مع تلك المذاهب والاديان . فلابد من وجود مثل هشام ابن الحكم ومثل العلامة البلاغي وغيرهم من العلماء في عصرنا الحالي فيستطيعون القيام بدورهم الصحيح والقوي المدعم بالادلة والبراهين اذا وجدت مجالس المجادلات والمناقشات والمناظرات بين اصحاب فكر أهل البيت سلام الله عليهم ومن يقابلهم من المذاهب الاخرى وهذا الدور يحتاج الى تعليم ودراسة لعلوم المنطق والفلسفة والعلوم العقلية والعقائدية لكي يثبت صحة ما يجادل ويناقش حوله.
مرات العرض: 5716
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (4463) حجم الملف: 143754.32 KB
تشغيل:

هكذا نعظم السيدة خديجة عليها السلام
كتاب سليم بن قيس الهلالي