هل بيننا ملحدون؟
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 4/1/1436 هـ
تعريف:

هل بيننا ملحدون ؟!

 

كتابة مؤمنة فاضلة

قال الله العظيم في كتابه الكريم )  مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ ۚ وَمَا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ) 24الجاثية

حديثنا هنا بعنوان هل بيننا ملحدون أو لا ؟ في البداية لابد ان نفهم ماهو الالحاد؟

الإلحاد بمعناه الواسع عدم الاعتقاد أو الإيمان بوجود الآلهة ، ويتناقض هذا الفكر مع فكرة الإيمان بالله أو الإلوهية.

وفي معجم لسان العرب / معنى الإِلحاد في اللغة المَيْلُ عن القصْد، ولحَدَ إِليه بلسانه: مال. وقال الأَزهري في قول القرآن: لسان الذين يلحدون إِليه أَعجمي وهذا لسان عربي مبين؛ قال الفراء: قرئ يَلْحَدون فمن قرأَ يَلْحَدون أَراد يَمِيلُون إِليه، ويُلْحِدون يَعْتَرِضون. وأَصل الإِلحادِ: المَيْلُ والعُدول عن الشيء.

إنَّ مصطلح الإلحاد وما تبعه من مغالطات، يتجاوز الإسلام والمسيحيَّة في بعده الزّمنيّ، فهناك من ينفي وجود إله، وهناك من لا يعتقد بوجود إله، والفرق بينهما هو أنَّ الأوَّل ينفي فكرة وجود إله بتقديم الأدلّة والبراهين، بينما يكتفي الثّاني بعدم الاعتقاد بوجود إلهٍ لعدم قناعته بذلك.

في هذا الحديث نحاول أن نسلط الضؤعلى حالة اللا إلتزام الديني في درجاتها الإعتقادية والتي قد تبدأ في التشكيك في جملة الأحكام ثم في العقائد ثم في العقيدة الكبرى أي الإسلام ثم في العقيدة الأكبر أي الله عزوجل بحيث يصبح هذا الإنسان لادينياً وغير معتقداً بالله عزوجل.

بالطبع مثل هذا الموضوع له أكثر من طريقة للبحث فيه ويحتاج إلى أكثر من جلسةٍ للإحاطة به ولكننا سوف نحاول أن نركز حديثنا قدر الإمكان ليتوجه لرصد هذه الحالة في بعض أسبابها ويتوجه أيضا لما ينبغي فعله في المجتمعات للحد منها أو إيقافها .

مراحل و درجات التشكيك:

وتشير هذه الآية إلى أنَّ هذا النَّمط من الاعتقاد مبنيّ على الظّنّ وليس على علم.

كما إن الأيه المباركة تشير إلى أن جماعة كانوا يعتقدون بأن الحياة والموت إنما هي خارج اطار الإله وإنما هو بسبب الدهر كظاهرة زمنية طبيعية هي التي تجعل الناس يحيون فترة ثم يموتون بعد ذلك والقرآن يعقب على ذلك بالقول بأنه مالهم من علم وإنما يظنون ظناً.

لن نتعرض إلى ماذكرته بعض الإحصائات وهي مخيفة، وأظن فيها مقدارغير دقيق بأن إحدى الدول الإسلامية والتي يفترض أن الدين وأحكامه هي التي تقود البلاد تعد من أعلى معدلات الإلحاد والإنكار لله عزوجل حتى وصلت النسبة إلى أقل من 10% بقليل كما نقل عن إحدى مراكز الإحصاء الدولية.

لانريد تهويل الموضوع ولكن دعونا أولاً نفرق بين مستويات هذا اللا إلتزام وهذا التشكيك مايعبر عنه أحيانا بالإلحاد فهناك مستويات لابد من أن ينظر إليها.
هناك مستوى اظهار الإلحاد لأجل الفسق كما عبر عنه القرآن الكريم في الأية المباركة :( بَلْ يُرِيدُ الْإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ )5 ( يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ (6)) 5-6 القيامة

 •هذا إنسان يريد أن يتبع شهواته يرد أن يفجرويزني ويشرب الخمر ويريد ممارسة المنكرات ولكي يبرر لنفسه ذلك يقول أصلاً لايوجد إله ينكر لايوجد قيامة ولا معاذ ، فمادام الأمر كذلك فسآخد راحتي بهذه الممارسات ، هذا فسق بعنوان الإلحاد وليس إلحاد حقيقي هذا له حساب خاص.
هناك درجة أخرى من التشكيك النظري بعدد من الأحكام ، يأتي إنسان ويقول إن هذا النظام الجزائي مثلاً في الإسلام من الحدود والتعزيرات نظام باطل وفاشل وغير إنساني لايمكن أن يقبله أحد هذه درجة من درجات التشكيك لكن محورها محور فقهي ، ويأتي آخر يقول هذه الأحكام المرتبطة بالمرأة على سبيل المثال أحكام لاتصدر عن إله لأنها ظالمة وغير إنسانية ،وعلى هذا المعدل هذه درجة.
•وهناك درجة بعدها وهي التشكيك في العقائد كأن يشكك في الأئمة بأن يقول من هم الأئمة هم مجردعباد صالحون عابدون يقيمون الحدود أما انهم أئمة مفترضوا الطاعة نُص على أسمائهم من قبل الله بواسطة رسول الله و أنهم معصومون لايعصون الله عزوجل وهذا خلاف الإنسانية ولايوجد هكذا أناس ثم تأتي مرحلة بعدها وهي التشكك في النبوة والنبي وصفاته وأفعاله ثم تأتي حلقة أكبر وهي التشكيك في الله عزوجل وعلى هذا المعدل .

نجيء لمرحلة بعد ذلك وهي التشكيك في الله عزوجل فتجد هذا الإنسان ليس لديه علم بالإجابة على مايسمى بأسئلة الوجود الكبرى ، فتجده في حيرة ، وقد تجده نظر لقضايا الشرور و الظلم في العالم ولم يستطع أن يجد اجابة مقنعه فتجعله يفكر أنه لا إله ولاوجود له أو أن هذا اله اللذي نطالب بالإيمان به ليس عادلاً وليس حنوناً وماشابه ذلك. لماذا يحصل هذا التشكيك وفي أي مستوى من المستويات؟ فعلى سبيل المثال إذا وجد إنسان شك في شيء ثم ذهب وبحث وناقش واقتنع فهذا امر طبيعي فبوابة العلم السؤال.اذن المشكلة متى تكون ؟واحد من الأسباب أن اليقينيات بالجملة قد تنتج شكاً بالجملة ، كيف يكون ذلك أو مامعناه!ولنفرض أن في مدرسة الإمامية الإعتقاد بالرجعة أي رجعة المعصومين وهي من جملة عقائدنا لكن لايمكن أن يتساوى الإعتقاد بالرجعة مع الإعتقاد بوحدانية الله عزوجل أو بنبوة النبي أو إمامة الأئمة فهما مرتبتان متفاوتتان جداً ولذلك عندما تسأل العلماء هل تلزم الإعتقاد بالرجعة ؟ يقولون أنها لازمة بالجملة ،لأنها تختلف في لزوم الإعتقاد وفي درجة الأدلة التي تقام على كل منها. ونفس الكلام نجده في مدرسة الخلفاء ، فالمفروض أن الإعتقاد بالله والمعاد ويوم القيامة يختلف عن الإعتقاد بعدالة الخلفاء أو الصحابة ، فلو فرضنا أن إنسان أتى وبرهن أن الصحابة فيهم من هوغير عادل ، فإذا كانت كلها مجموعة واحدة بالجملة يتطرق الخلل إلى الإعتقاد بالمعاد والنبوة والألوهية ، ولكن لوقلنا أن هذا شئ في درجته وهذا شيء آخرى اختلف الأمر، فلنفترض أنه شكك بالإعتقاد في عدالة كل الصحابة فهنا لايتطرق الخلل إلى هذه الجهة.
•وكمثال أتيت أنا الخطيب أو العالم وأقول لأبنائي أو الحضور لدي ، لابد أن تؤمنوا بها وبنفس القوة ، و يأتي أحدهم ويناقش في علم الرجعة وما كان و مايكون من علوم الأئمة وناقشهم فيها ، ويجد أن لا إجابة لدينا أو أن ردودنا مختلفة، فإذا كان مميزاً بين العقائد فإنه سيقول إن الإعتقاد بالله درجته مختلفة عن الإعتقاد بالنبي والإعتقاد بالأئمة وأدلتهم تختلف ، فلوشك فيها فلا يتطرق الخلل إلى الإعتقادات الأساسية، أما اذا قلت له أنها مجموعة واحدة ودرجة واحدة هنا ستكون مثل المسبحة إذا انقطعت في مكان انسلت في باقي الأماكن.
•إذا أتينا بإنسان وأخبرناه أننا سنعطيه مجموعة كاملة من العقائد ويجب عليك أن تؤمن بها كاملةً ، وخلطت معها جملة عقائد كالإعتقاد بالله عزوجل ، وبالنبي صلى الله علية وآله وسلم والإعتقاد بالمعاد والإعتقاد بالإمامة والأئمة، وقمت بخلطها وهي من العقائد الأساسية ويلزم الإعتقاد بها والأدلة عليها جازمة وكثيرة كالاعتقاد بالله والنبي والمعاد ومزجتها مع بعض المعتقدات الغير جازمة والغير قوية و التي لايلزم الالتزام بها حتماً أو أن بعض أدلتها ليست جازمة وقوية.فماذا سيحدث؟!
•تكون اذا كانت شكاً وتحول الشك إلى اللا إعتقاد .
•فالسؤال يكون في الذهن فيثير شكاً، فتبحث بنفسك إذا كنت من أهل البحث أو تسأل المتخصص في هذه المادة إلى أن تصل من هذا السؤال إلى الجواب واليقين، هنا لايوجد مانع من هكذا شك.
•التشكيك بمعنى الذي لاينتهي إلى اليقين.
•إذن لابد من التمييز أولاً بين هذه المراحل والتمييز بين هذه الدرجات.
•ثم لونظرنا لوجدنا أنه عند التشكيك في النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومايتعلق فيه يأتي مع التشكيك في الدين وفي الله عزوجل وهذا ما نجده في بعض البلدان و يتعرض له بعض المبتعثين الذين لايمتلكون النحصين الكافي ، خصوصاً الذين يدرسون على أيدي مختصين في علوم الفلسفة ولا تكون لديهم الحجة والإطلاع الكافي فنجده قد ينساق ويعتنق المسيحية ويتخلى عن الإسلام .
•اذاً واحد من الأسباب التي تؤدي للشك هي تعليم الناس على الإعتقاد بالجملة قد تنتج أحيانا شكاً بالجملة ، فالمفروض في بعض القضايا هناك ملفات نجعلها مفتوحة لاداعي للخوض فيها.
•بعض الأسباب التي تجرالإنسان للتشكيك في أمور أكبر وأعظم لأنه لم يستطع حلها.
•القضايا الواردة في القرآن الكريم من المفروض أنها تختلف عما ورد في خبر الواحد من قوتها ودلالتها ، وهذا أحد الاسباب.
•ومن الأسباب أيضاً الإصطدام الذي يحصل أحيانا بين مؤديات العلم وبين التعليلات الموجودة في التراث الديني ، فمن هؤلاء من كان يحاول التشكيك في بعض التراث الديني لغرض التشكيك في الدين نفسه.وهنا يلزم التنويه أنه في الحقيقة لم يكن هذا الإنجيل هو المنزل على نبي الله عيسى وإنما حرف وأضيف عليه ودخلته الشوائب على العكس من القرآن الكريم الذي جاء بكل ماهو واضح وصريح لا تضاد فيه بين العلم والدين ، لذا نجد أنه لم يحدث على نطاق تعاملنا مع العلم والدين لأن الإسلام يدعو إلى العلم والتعمق فيه ، لكن نجد أن لدينا بعض الأفكار في التراث دخلت وغيرت كمثال السلفية التي لاتزال تعتقد أن الأرض ليست كرويه وإنما مسطحه، فيأتي متخص الفيزياء كمثال بالصور والبراهين التي تثبت حقيقة كروية الأرض ويقارنها بفتوى من ذلك العالم وآرائه فيصبح التضاد ويصبح عنده بداية شك في سائر الأمور، لأنه رأى أن العلم يثبت ورجل الدين يرفض أو يشكك فيقول أوليس يقول عالم الفزياء في نفسه الم يحدثنا رجل الدين عن وجود الملائكة أو وجود جنة ونار! فلنثبت صحة كلامه.
•فلو انتهى المطاف بين أن يؤمن هذا الطبيب بماجاء به العلم وحقائقه وبين ما أخبر به ذلك الراقي فمن الطبيعي سيؤمن بالطب ، وهذا التنافي أحياناً المؤدي بين مؤديات العلم وبعض ماهو موجود في التراث الديني وعلى ألسنة بعض العلماء يؤدي إلى المتخصصين والعلماء والطبقة المتعلمة إلى التشكيك في جملة العقائد التي تلقوها من هؤلاء العلماء وهنا يجب التنويه أيضاً ( ليس كل مايخبر به العلماء حقيقة فهناك أيضا أبحاث ونظريات وفرضيات علمية وحقائق كل لها مرتبة يجب أن تأتي بحلول وإجابات على كافة التساؤلات وترد على كل الأنظمة والقيود وإذا لم تكن كذلك فليس من حقها أن تناطح الدين إلا إذا تحولت لحقيقة علمية لايتوجه لها أي إشكال ، وتمكن من التبرهن عليها ، إذا وصلنا لها هنا يكون محور حديثنا ) .
•عادةً هذه التساؤلات تكون في الوجود ، كيف كان ومتى أصبح ولماذا ؟ هذه الحروب وتلك الزلازل والفيضانات من يعملها ؟ وما الحكمة منها؟!و إذا كان المتسبب فيها غيره فماحكمته منها؟ وهذه كلام شخص من أعاظم فلاسفة الإسلام ، وهناك المزيد من التساؤلات الفلسفية الكبيرة التي تهاجم هذا الإنسان لاسيما في فترة بدايات شبابه وهو لم ينضج بعد، كما قال الشاعر:هذا السؤال أتاني في وقت لم أتهياء له ولم تكن لدي حصانة ،وحتى لو اطلعت على أسئلة ضخمة فهذه الإجابات من قرائات قليلة ، وهناك فلاسفة قضوا أعمارهم في البحث عن إجابات ولم يتمكنوا منها.ومن الأسباب أيضاً ردود فعل على حالات دينية أو متدينين لم يستطع هذا الإنسان أن يفصل بين الدين والمتدينين وبين الحالة الدينية.نحن أيضا علينا مسؤليات ماذا نصنع ؟مثال إنسان عنده تشكيك في قضية عقائدية فرعية أو كلية حكم شرعي أو مسألة أصلية ، في الله عزوجل أو في أحكام المرأة والحدود أو غير ذلك ....هكذا المذنب والشاك لاتهاجمة وتنفره بل استقطبه ، نحن لدينا في الروايات أن ابن أبي العوجاء وهو من كبار الملاحدة والزنادقه سمعه المفضل ابن ابي عمرالجعفي وهو أحد أصحاب الإمام الصادق سمع كلامه فلم يتمالك غضبه من كلامه فقال المفضل ياعدو الله ألحدت في دين الله وانكرت الباري جل قدسه التفت له المفضل وقال له إن كنت من أهل الكلام كلمناك (أي إذا كنت من أهل الكلام والعقائد ناقشناك أما إذا كنت من غيرهم فلا كلام معك ) فإن ثبتت لك الحجة اتبعناك وإن لم تكن منهم فلا كلام معك، وإن كنت من أصحاب جعفر ابن محمد الصادق فما هكذا كان يخاطبنا ولابمثل دليلك جادلنا، ولقد سمع من كلامنا أكثر مما سمعت فما افحش في خطابنا ولاتعدى في جوابنا ، وإنه للحليم الرزين العاقل الفطين، يسمع كلامنا ويصغي إلينا ويتعرف حجتنا حتى إذا استفرغنا ماعندنا وظننا أنا قد قطعناه ، دحض حجتنا بكلام يسير وخطاب قصير.) كتاب‌ توحيد المفضَّل‌ وكتاب‌ «الإهليلَجَة‌ / بحار الانوار ج‌ 3. ص‌ 57 إلي‌ 59. الباب‌. الخبر المشـتهر بتوحيد المفـضّل‌ ابن‌ عمر.الشاهد أن أهل التخصص هم الذين يتكفلون بهذا الأمر بعد احتضان صاحب الشبهة والإشكال، فعندما نريد أن نتحاور مع الملحد، فإنّ أهمّ مرتكز يرتكز عليه هذا الحوار، هو أن نعطيه الأمان والحريّة فيما يقوله ويعتقد به، والتّعامل معه كمشكّك باحث عن الحقيقة، بعيداً عن الانفعالات الّتي تبعد ولا تقرّب  ، وهذا ماوجدناه من سيرة أئمّة أهل البيت عليهم السلام ، حيث كان الإمام الصّادق عليهم السلام يحاور المشكّكين، أمثال ابن المقفّع وابن أبي العوجاء وغيرهما، وكانت ردود فعل الإمام بعيدةً كل البعد عن العدوانيّة وغيرها.نصيحة وتوجيه لبعض المفكرين والمثقفين:نصيحتنا لهم أن اتقوا الله في أنفسكم أولاً وفي الجيل القادم ثانياً ، فالجيل الشاب إذا جائته الشبهة فإنها تستمكن عنده وتأثر فيه ، فلربما صاحب الشبة بعد زمان يتغير رأيه بعد تعمقه ودراساته فيصل لأفكار صحيحة ويتراجع عن أفكاره ، لكن هذا الشاب الذي قرأها فإنه سيقول كلامه صحيح ويبقى على هذا الأمر فيضل هذا الإنسان جيلاً بكاملة ، واتقوا الله في أنفسكم أيضاً فأنت تثير الشبهة والإشكالات والإعتراضات وقد يتمكن منك الموت قبل تصحيحها فتموت على غير هداية.لكن لكم أن تتخيلوا كم من الآلآف من البشر الذين تغذوا على أفكاره وآمنوا بها ولم يتغيروا بل أوصلتهم لترك الدين أو التقليل من الإيمان به .نصيحة أخيرة للمتحدثين:فبدل أن تزيد إيمانه ربما بكلامك أنت تثير في نفسه الشبهة والنفور من الدين، نسأل الله أن يجعل إيماننا يقينياً. فعمق اليقين يؤدي لعمق الايمان وللأفكار الصحيحة ،أما أن يكون يقينه ضعيفاً إذا كانت على طريقة :( مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ ۚ ) 24 الجاثيةالإلحاد ليس خطراً على دينٍ دون آخر، ومواجهته واجبة على كلّ مؤمن بوجود خالق ومصوّر ومدبّر لهذا الكون، أياً كانت ديانته، لأنّ خطره موجَّه ٌ إلى التوحيد كلّه، ومواجهته تكون بالأساليب الحضارية و العقلائيّة، بعيداً عن ردود الفعل المؤقّتة والفرديّة، لنعيد من ابتعد عن التّوحيد إلى روح الإيمان. 
• جعلنا الله واياكم من أصحاب اليقين وممن آمن فحسن إيمانه .
•فما هي هذه العقيدة التي يتخلى عنها الانسان في أول امتحان؟!
•( وَبَلِّغْ بِإيْمَانِي أكْمَلَ الإِيْمَانِ، وَاجْعَلْ يَقِينِي أَفْضَلَ الْيَقِينِ، وَانْتَهِ بِنِيَّتِي إلَى أَحْسَنِ النِّيَّـاتِ، وَبِعَمَلِي إلى أَحْسَنِ الأعْمَال ) الصحيفة السجادية / دعاء مكارم الأخلاق
•نصيحة لمن هم على شاكلتي من العلماء والخطباء والفقهاء وأنا أصغرهم و أقلهم علماً، تحدثوا بما يستوعبه المتلقي بحديث لا يثير في نفسه شبهة فليس الكل بمستوى من العلم والثقافة بحيث يفهم ذلك ..
•وهنا الكلام موجه لهؤلاء الذين يفكرون ببعض الأفكار الإلحادية رسالتنا لهم : لاتجعل هذه الأفكار تخرج لغيرك ولاداعي لأن تبشر بها ، هي أفكار تدور في رأسك ربما بعد وقت تتخلى عنها وتتحمل ضلال جيل بكامله و آثامهم ، فهل بمقدورك تحمل كل هذه الذنوب على ظهرك بسبب فكرة أساسه لا أساس له من الصحة.
•وليتضح المعنى ويقرب أكثر نجد أنه في سنة2010 توفي أحد الفلاسفة البريطانييين اسمه أنطوني جيرارد نيوتن فلو ، وهو أحد كبار فلاسفة الإلحاد، بدأت المشكلة عنده في سن الخامسة عشر عندما اصطدم مع الكنيسة عندما تعارض لديه الدين والعلم، وبدأ بتأليف الكتب التي وصل عددها ثلاثون كتاباً ليبرهن على الإلحاد حتى آخر ثمان سنوات من عمره أي في عام 2002 وصل إلى أن الإلحاد طريقه مسدود، وأن الإيمان هو الطريق الصحيح ، تحوله إلى الفكر الربوبي ، فكتب كتاباً ينقض في ماكتبه سابقاً اسمه هناك إله There is a god ، بين فيه أن افكاره السابقة كانت خاطئة وهذا الكون له مدبر وتوفي بعدها.
•لدينا بعض الأشخاص لهم أفكار خاصة تشكك في ماهو مألوف في مجتمعنا ، فتجده يضع الأئمة على أنهم علماء طيبون أوصلوا الدين لنا ، و أن النبي محمد ليس معلومة خصائصه كاملة لنا وأنها ليست ثابته وغيرها من الإشكالات التي في مخيلته.
•ولذلك نرى في عصرنا هذا السيد البروجردي رغم أنه كان ضد الفلسفة ، والسيد الطباطبائي كان أستاذاً لها فحدث إشكال بينهما ، نجد أن السيد الطباطبائي حاول ايصال وجهة نظره في أهمية دراسة هذا الجانب وتدريسه : إنه في زمانكم لم تكن الشبهة تصل لعامة الناس ، أما الآن فطلاب الجامعات يقرأون الفلسفة الغربية التي تثير اشكالات كبيرة فلابد من تربية طلاب العلم على الرد ومواجهة هذه الإشكالات، فاقتنع ورد عليه السيد البروجردي : أنه عليك اختيار من تقع عليه هذه المهمام لا أن يتعلمها اليوم وتجده غداً ممن يقع في أخطائها فهذه المهام لابد لها من أصحاب تخصص وتعمق في العلم .
•لهذا كان الإمام الصادق عليه السلام لم يسمح لأي شخص بأن يناظر ، هشام ابن الحكم مثلا كان متخصص في العقائد له 30 كتباً أما في الفقه فله 35 رواية فالفقه ليس اختصاصه بل نجده اختصاص زرارة ابن الأعين ومحمد ابن مسلم ، وليتضح لكم المثال أيضاً يحدث أن يأتي أبو شاكر الديصاني وهو أحد المشككين وهو من المدرسة الثانوية التي تؤمن بوجود إلهين هذا اسمه يزدان وهذا اسمه اهريما وهي عقيدة مجوسية في الأصل و يقول أن في القرآن دليل على كلامنا وهو قوله عزوجل : (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَٰهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَٰهٌ ۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ ( 84 الزخرف ، فسكت هشام ابن الحكم وذهب للإمام الصادق وأخبره فقال له إذا ذهبت إليه فأخبره ما أسمك ، فذهب هشام إليه وسأله مأسمك؟ فقال :أبوشاكر، فقال له وفي الكوفة ما إسمك ؟ قال: أبوشاكر ، فقال له : وفي البصرى ما إسمك؟ قال : أبوشاكر، فقال له: وفي المدينة ما إسمك ؟ قال: أبوشاكر فقال له: مثما اسمك في كل مكان ثابت لايتغير فكذلك الله عزوجل هو الله في السماء وهو الله في الأرض وفي البر والبحرلايتغير.
•هنا لابد من أن نحتضن هذا الشخص ونتحدث معه ، لا أن نطرده أو نستبعده ونعين عليه الشيطان ليتمكن منه ، لقد قدم لنا نبينا المصطفى محمد طريقة في ذلك عندما نفرت دابة أحدهم فقام الصحابة بالركض ورائها وهي تركض فقال له ليس هكذا ثم أخد ضِغثاً من علف واستدنى إليها ، رجعت وأخدت تأكل العلف فأمسك بزمامها وأعطاه لصاحبها، فقال هكذا الإنسان المذنب أيضاً .
•مسؤلية الإحتضان والمناقشة :
•فيرى أن هناك عالم ولايلتزم بالشرع يرى متدين ولكنه أسؤ خلق الله في أخلاقه وتعاملاته، أوانه يرى الإسلام في الحركات المتطرفة بقطع الرؤس يرى أن هذا هو الدين وهذا هو الإسلام ولايستطيع الفصل بين أن هذا عمل المتلبس بالدين والدين منه بريئ وبين تعاليم الدين، فيقول هذا الدين الذي يعمل هذا بالبشر لاخير فيه ، الإسلام الذي يربي الناس بهذه الطريقة لايمكن الإيمان به ، هذا يؤدي لموجة من الإلحاد والتشكيك وترك الدين ، هذه حالات موجودة في حياتنا أو مجتمعاتنا لتشويه الصورة الناصعة للإسلام .
•فهذه من الأسباب التي تجرالإنسان للتشكيك في أمور أكبر وأعظم لأنه لم يستطع حلها.
•أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى   فصادف قلبا خاليا فتمكنا
•نجد هذه الأسئلة الكبيرة والتي أحيانا بعض الفلاسفة ولآخر عمره وهو لايزال يبحث فيها و لايجدون اجابات عليها ، مثاله نجده في ابن سينا وهو من أكابر علماء زمانه يقول في آخر أيامه أن الإنسان إذا مات يُحشر ولكننا لا نستطيع أن نبرهن عليها بالقضايا الفلسفية ، لكن جائنا أن ذلك يحدث في الخبر ونحن أناس مُسَلِمون لما قاله نبينا الصادق محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فنحن نقول آمنا وسلمنا لكن من حيث الأدلة فإيجادها صعب علينا.
•إذا كان الله من يفعلها فما الحكمة من عمله هذه؟
•هذا الإنسان لماذا خُلِق و وجد وما الحكمة من ذهابه؟
•أمر آخر اذا صار التعارض والإشكال من الأسباب التي تنتهي للتشكيك هو العجز والحيرة أما الإجابات عن أسئلة الوجود الكبرى ولاسيما إذا كان صاحب السؤال غضاً طرياً وتكون هذه الفترة في حياة الإنسان مابين سن 20 إلى 30 عاماً ، حيث تسمى بفترة العصف الكبرى .
•فيبدأ بدخول عنصر الشك والتشكيك في معتقداته ودينه، كذلك الحال مع الطبيب الذي يدرس حالة الصرع كمثال فيرى أن الدين يقول أنه تأثير دخول الجن في ذلك الإنسان ، وعندما يتخصص ذلك الطبيب في جراحة المخ والأعصاب يكتشف أنها عبارة عن زيادة في الشحنات الكهربية الداخلة في جسم ذلك الإنسان وليست كما قاله رجالات الدين ، فينتهي المطاف لوجود صراع بين الإثنين.
•كمثال عليه، ماحصل في أوروبا قبل 200سنة ، الإصطدام بين بين الكنيسة الكاثولكية والعلماء الطبيعيين حيث بداء الطبيعيون بإثبات حقائق علمية جديدة ، فجأة جاء جاليليو بنظريته أن الأرض تدور حول الشمس ، هنا جائت الكنيسة فأمرته أن يتراجع عن نظريته و إلا سيعاقب ، هنا أصبح الإصطدام بين العلم والدين الذي كان لايتوافق مع تلك الحقائق المثبتة ، وهنا انقسم الناس وتركوا الكنيسة والإيمان بها واصبحوا غير متديين لصالح الإيمان بمنتجات العلم ، ذلك أن العلم قدم الحقائق والبراهين لإثبات صحة نظرياته في حين أن الكنيسة أتت بكلام غير واضح وغير موزون ومليئ بالكذب والأساطير نسبته للإنجيل لذا ابتعد عنها الناس.

مرات العرض: 5724
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (4463) حجم الملف: 21445.54 KB
تشغيل:

سيرة الإمام الحسين من 50 هـ الى 60 هـ
تاريخ التشيع في أفغانستان