أبو طالب : حماية الرسالة وستر الإيمان
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
المكان: أبو طالب : حماية الرسالة وستر الإيمان
التاريخ: 6/9/1432 هـ
تعريف:

أبو طالب حماية الرسالة وستر الايمان


تحرير الفاضل محمود المطر


ولولا ابو طالب و ابنه لما    مثل الدين شخصا فقاما

فذاك بمكة آوى و حامى      وهذا بيثرب جس الحماما

فلله ذا فاتحاً للهدى            ولله ذا للمعالي ختاما

و ما ضر مجد ابي طالب    جهول لغى او بصير تعامى

كما لا يضر اياة الصباح   من ظن ضوء النهار الظلاما

حديثنا هذه الليلة يتناول شيئا من سيرة ابي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبدمناف, الذي يشار الى ان اسمه كان عمران ولكن غلبت عليه الكنية, حيث ان ولده الاكبر كان يسمى طالب و عرف بأبي طالب. و هذه السيرة تشير الى نقطة اساسية و هي الى ان اهل الوجاهة الاجتماعية و الوجاهة عند الناس, ينبغي ان يستفيدوا من شخصيتهم و وجاهتهم في حماية الرسالات و الدعوات و تغيير المجتمع. لا ريب انه في كل مجتمع يوجد فيه اشخاص بارزون لسبب او لآخر. قد يكون للموقع الديني الذي يحتله ذلك الانسان. قد يكون لجهات اجتماعية, سيد اسرة, كبير قبيلة. أو خدمات اجتماعية تجعله عند الناس ذات وجاهة. أو لسبب انه من أهل الثروة التي يستخدمها في نفع الناس فيكسبه ذلك مكانة و منزلة. المهم اسباب الوجاهة الاجتماعية كثيرة. قسم ممن يمتلكون هذه الوجاهة يحصرون تأثيرها في دائرتهم, يعني هو يحصل احترام, ابنه يخليه يشتغل في اماكن مرموقة, يحصل امكانات بناءا على هذه الوجاهة. هذا خيره لا يعم غيره. الا ان المفروض انه الوجاهة الاجتماعية و المنزلة التي توجد عند بعض الناس, يفترض ان يشكر الله عليها بتسخيرها في خدمة خلق الله. مثل ما عندنا زكاة العلم نشره, زكاة الجاه بذله – كلتك نافذة هنا؟ استعملها في عمل خير لغيرك. شخصيتك ممكن ان تحمي مؤمن, استخدمها في هذه الجهة. أمن للوضع الديني أو الاجتماعي لفقير .. لمشروع ينفع الناس – ما دمت قادرا على حمايته – أمن له حمايته ببذل جهة من شخصيتك. و بمقدار ما تعطي من شخصيتك في هذا الجانب, يزيدك الله عزا و وجاهة. قاعدة هي: الانفاق يعقب مضاعفة! تنفق من مالك يعقبك مضاعفة في المال... تنفق من جاهك يعقبك مضاعفة في الجاه وهكذا. أبو طالب سلام الله عليه مثال لحماية الرسالة من خلال استعمال الوجاهة و الشخصية الاجتماعية لايجاد ضمان للدعوة. ايجاد حماية .. ايجاد صيانة لهذه الدعوة. مو من خلال القتال – لانه ما قاتل ابوطالب, ولا من خلال بذل المال, لانه لم يكن صاحب مال كثير. و انما من خلال بذل وجاهته و شخصيته في هذا السبيل. ابو طالب كما عبر عنه احد مشايخنا هنا من السابقين الى التأليف حول هذه الشخصية, العلامة الشيخ عبدالله الخنيزي – حفظه الله – ألف كتابا هو من أسبق الكتب حول ابي طالب و سماه (ابو طالب مؤمن قريش). و بالفعل كان مؤمن قريش السابق الى الايمان و و الى الحماية و الدفاع عن الدين الله و عن رسول الله.

 خلينا نبدأ مع شيء من هذه الحياة العطرة, نلقي اضاءات سريعة على هذه الحياة الحافلة بالجهاد. في اللقاء الاول حول رسول الله صلى الله عليه و اله و سلم عندما كان غلاما يبلغ من العمر 9 سنوات, من عبدالمطلب جده الى ابي طالب عمه. الرسول فقد اباه و هو جنين, و فقد امه و عمره الشريف 7 سنوات, و فقد جده عبد المطلب و عمره 8 سنوات. الان هو في التاسعة, سلم من قبل جده عبدالمطلب الى عمه ابي طالب. نفس الاختيار هذا مبني على الاساس. ابوطالب لم يكن الاكثر مالا, عادة الكفالة تحتاج الى مصرف, و لم يكن ابو طالب ثريا. العباس اخوه (عم النبي) كان ثريا. أبوطالب لم يكن مشهورا بالقتال. حمزة بن عبدالمطلب كان مشهورا بالقتال. و لكن انتخب عبدالمطلب ابا طالب لجهات, الجهة الأولى انه اقرب ابناءه شبها به, في اخلاقياته, في سلوكه, في شخصيته. انته تلاحظ في الابناء احيانا يتوزعون في الوراثة من ابيهم, لكن واحد يصير اشبه الاولاد بأبيه من خلال شخصيته العامة و تصرفاته. ابوطالب كان هكذا بالنسبة الى ابي طالب. هذا واحد. سبب اخر سبب نَسَبي , ان ابا طالب و عبدالله كانا اخوين شقيقين, و امهما فاطمة المخزومية. و العادة ان الاشقاء اقرب الى بعضهم من غير الاشقاء. و من جهة ثالثة, ان ابا طالب كان مشروع زعامة كما كان ابوه عبد المطلب. و ان كانت الزعامة في قريش بعد عبد المطلب توزعت و تفرقت, لكنه هو ابرز اخوانه في هذه الجهة. فجاء رسول الله في بيت ابي طالب. ضمن هذه الدائرة: ابو طالب, فاطمة بنت اسد, عقيل بن ابي  طالب, جعفر بن ابي طالب – جعفر قريب السن من رسول الله صلى الله عليه و اله. عقيل اقرب الى سن رسول الله و اكبر قليلا, من حيث السن. علي الى ذلك الوقت لم يكن يولد بعد. في هذه الاجواء, في هذا البيت, احتضن رسول الله لكي يرعاه ابو طالب عمه, و فاطمة بنت اسد زوج عمه, و يفضلانه على كل ابناءهم الموجودين في ذلك الوقت, بنين و بنات. كان عندهم ايضا بنات. الى حد الى انه فاطمة بنت اسد, اذا شح عندهم الماء, ترسل ابناءها شعثا و تجعل رسول الله مغسولا بهينا. يعني اذا كان الماء لا يكفي الا لشخص او شخصين, تحجبه عن ابناءها و تقدم الى رسول الله. في الطعام ايضا كذلك, حتى تنقل رواية عن فاطمة بنت اسد في هذا الجانب في كرامات رسول الله قبل البعثة و هي تبين مقدار عنايتها برسول الله. تقول كان دأبي ان اخرج صباحا لألتقط جيد الرطب من عند نخلة كانت عندنا في البيت, ما اقدر اطالها فوق, فألتقط الرطب أفضله و اجمعه و اغسله الى ان يخرج محمد و أقدمه له. فد يوم من الايام غلبني النوم, ما قمت الا متأخرة, تبين عقيل و جعفر و باقي الأولاد طلعوا و لموا المرطب و المخشب حسب التعبير, ما ابقوا شيء. فأكلني الخجل الحين شسوي؟ لأني تأخرت في النوم راح يحرم محمد من هذا الأكل. فأخفيت نفسي.فخرج محمد الى فناء الدار و وقف امام النخلة. فما راعني الا عذوق النخلة تتدلى بين يديه حتى اخذ يقطف الرطب منها. هذا و ان كان سياق كرامة من كرامات رسول الله صلى الله عليه و اله – طبعا اكو فرق بين الكرامة و المعجزة ان شاء الله في بحث معاجز النبي نتحدث عنه – كرامة من كرامات رسول الله قبل البعثة, و ان كان سياق الرواية هكذا, و لكن يبين مقدار ايثار هذه المرأة لمحمد على أبناءها. و هذا الشيء عادة ما يصير, ان امرأة تؤثر شخصا اخر على أبناءها. بس هكذا كان رسول الله في بيت ابوطالب, على المستوى الشخصي.

و ابوطالب كان ايضا معه, شب رسول الله صلى الله عليه و اله, كان يعرف منزلته, استسقى به عند الكعبة و كان عمره قريب 12 سنة. لما جاءه قريش و قالوا له استسقي لنا – كما فعل عبدالمطلب من قبله. و بدأ رسول الله ينمو في هذا الاطار. الى ان صار فد فترة بدأ يعمل لكي يكد على نفسه, رسول الله مو شخص كسول, رح يتبين الينا ان شاء الله في هيئته الشخصية حتى مشية النبي هي مشية شخص قوي. مو فد شاب كسول, تنبل, يدور – حسب التعبير – مساعدة منا و منا. و تتقطع رجايله على الاستجداء بينما هو ما حاضر يشتغل و يلتزم بالعمل يوميا في مكان معين. لا, كان أهل عمل, أهل نشاط. ففي البداية كان يعمل لنفسه, و بعدين اقترح عليه عمه ابو طالب قال له : يابن اخي هذه خديجة عندها مال تعطيه لفتيان قريش من اراد منهم ان يعمل معها. شوف هذا الاستثمار الحقيقي, و هذا الغنى و الثراء الحقيقي. احنا عندنا بعض الناس, طبعا ان شاء الله قليل و الاكثر ذاك الصوب, قسم من الناس عنده اموال, ويش يسوي فيها؟ وين يخليها؟ يخليها في الارض أو في البنك. زين. هذي تكون في الارض أو في البنك لا ينتفع منها أحد, الانسان المفترض يكون كما قال الله سبحانه و تعالى عن عيسى بن مريم. (و جعلني مباركا اينما كنت). انته موجود في بلد, هذا البلد لازم تكون بركة عليه.عندك شوية من المال, افتح لك مصلحة تجارية شغل فيها الناس. افتح لك مصلحة صناعية خلي الناس تشتغل فيها. خلي الك معاهد تعليمية, معاهد تدريبية. الاخرون يأكلون من خيرك و انت تأكل ايضا من نفس الخير. شنو تخلي لك عشرات او مئات الملايين عندنا في بلادنا .. وين يابه؟ .. مذبوبه في هالتراب هذا, اللي بدا يتصاعد يتصاعد وصل الى مستويات قياسية في البلد, هذا البلد مافي شي اكثر من التراب الا الشمس. تراب صحراء بلا حدود و مع ذلك بعض الاماكن المتر الواحد ب 800 و 900 دولار و اكثر من ذلك. ايش هذا؟ في المقابل ان هذا الانسان بدل هالمال اللي موضوع في هالمخططات هذي و هالتراب هذا, و اللي يصعد قيمتها, سيستحيل على الشاب ان يبتي بيتا له. مستحيل. اذا صارت الارض بمليون و نص و مليونين, كيف الشاب يبني اله بناء؟ هذا اذا ما راحت كما حدث و يحدث. هذا وين و (جعلني مباركا اينما كنت) وين؟ خديجة كانت من هالنوع الثاني؟ كانت تشغل فتيان قريش. فقال ابو طالب هذه خديجة عندها مال تعطيه لفتيان قريش من اراد منهم ان يعمل معها, فهلا فعلت ذلك؟ و بالفعل ذهب النبي و راح و تاجر. هذا كان من انواع ادارة الامر الاقتصادي باقتراح ابي طالب, و انتج هذا ان تزوج خديجة, و خطب خطبة النكاح ابو طالب, و قال ان ابني هذا محمدا ممن لا يوازن به رجل من الرجال الا رجح به علما وفضلا و شرفا و هو فوق ذلك انه له نبأ عظيم و دين شائع. 

استمر النبي صلى الله عليه و اله ضمن رعاية و حماية ابي طالب الى ان بعث رسول الله بالنبوة. صار أول عمل قام به هو (أن انذر عشيرتك الاقربين). جمع بني هاشم و من يتصل بهم من قراباته و خطب فيهم أن الله قد ارسله اليهم, و ان من يعينه و و ينصره سيكون خليفته و وصيه, فقام علي عليه السلام ثلاث مرات, فقال له رسول الله انت اخي و وصيي و خليفتي من بعدي. شاهدي مو هنا, شاهدي في الجملة اللي بعدها, اريدك تتأمل فيها دقيقة. فقام أبو لهب و بعض من حضر ممن كانوا يكذبون رسالة رسول الله. فقالو لابي طالب, يا ابا طالب ان محمدا يريدك ان تطيع ابنك هذا, يعني علي اللي عمره 9 او 10 سنوات. شنو معنى الكلام هذا؟ معنى هذا الكلام ان انته يا ابا طالب اللي هالقد ويا محمد تسمع كلامه, تطيع اوامره, تنسجم معه, تتابعه في كل اموره – تفضل الان يقول روح طاوع ابنك الصغير! و ابو طالب ذاك الوقت كهل شيخ كبير. هذا من الاشارات, دع عنك سائر الاشارات التي سنذكرها فيما بعد, التي تشير الى ان ابا طالب كان معروفا عند القرشيين انه كان تبع رسول الله و مطاوعا له. صحيح كان الحامي .. صحيح كان الراعي.. ولكن كان مؤمنا به متابعا لأوامره, و الا لو لم يكن كذلك ما اله معنى هذا التعيير. انته اذا تطاوع واحد و تتبع اوامره دائما, و ورطك في مشكلة, الناس يجون يقولون لك تفضل ذوق اللي كنت تسويه. اما اذا كنت تعصيه و مالك شغل فيه, ما كنت تؤمن بيه, ماحد يجي يعيرك بيه. هذا من الامور المبكرة التي اكتشف فيها القرشيون أن ابا طالب كان مطيعا و تابعا و مؤتمرا بأوامر رسول الله. 

بعدها بفترة النبي صلى الله عليه واله اعلن دعوته العامة. جاء الى العباس بن عبد المطلب عمه, اخ ابي طالب. العباس كان ثريا. و طبيعي اي دعوة .. اي مشروع في بدايته يحتاج الى أموال. فجاء رسول الله الى عمه العباس, انا انقل اليكم النص الدقيق, لان في كلمات لابي طالب حقيقة من الكلمات التي يقال فيها استمع و استمتع. جاء الرسول الى العباس بن عبد المطلب وقال له: " ان الله امرني باظهار امري, و قد انبأني و استنبأني (يعني طلب مني ان اعلن نبوتي) فما عندك؟ ( من عون .. من كلام)" قال العباس :" يا ابن اخي انك تعلم ان قريشا اشد الناس حسدا لولد ابيك." شنو معناه اذاً بعض الناس يقولون هذا الملك في قريش؟ خو اذا اشد الناس حسدا لولد ابيك اما هذه الاحاديث غير دقيقة و اما قريش المقصودة في كلمات الامامة و الولاية و الخلافة غير هالقريش هذه اللي تنحدث عنها. "و ان كانت هذه الخصلة (يعني اذا اعلنت نبوتك) كانت الطامة الطماء و الداهية العظيمة و رمينا عن قوس واحد و انتسفونا نسفا!" احنا بدون شي هالشكل, فكيف بعد تقول انك نبي من انبياء الله؟ "ولكن قرب الى عمك ابي طالب, فانه ان لا ينصرك لا يخذلك ولا يسلمك" يعني ابو طالب على الاقل ما راح يقصر وياك, اذا ما قام وياك ما راح يسلمك او يخذلك, انا ما اقدر اسوي لك شي. فأتياه (اي اتيا ابي طالب), فقال لهما " ان لكما تظنة و خبرا" (شعدكم جايين؟) فقال له النبي ما قال للعباس " ان الله امرني امرني باظهار امري, و قد انبأني و استنبأني" ابو طالب هم ما يستغرب هذا الامر. "فما عندك؟ " فنظر اليه ابو طالب و قال له " اخرج يابن ابي! فانك الرفيع كعبا و المنيع حزبا و الاعلى أبا و الله لا يسلق لسان الا سلقته السن حداد و اجتذبته سيوف حداد. وتالله لتذلن لك العرب ذل البهم لحاضنها. و لقد كان ابي عبدالمطلب يقرأ الكتب جميعا. و لقد قال ان من صلبي لنبيا لودتت اني ادركت ذاك الزمان فآمنت به فمن ادركه من ولدي فليومن به و لينصرنه!" قاله اطلع .. أعلن .. اين واحد يتكلم وياك بلسانه احنا بنجاوبه بالسيف! (اجتذبته اسنة حداد) أعلن! ان بقدها .. (فانك الرفيع كعبا و المنيع حزبا و الاعلى أبا) توكل على الله, فوق هذا المستقبل الك. لتذلن لك العرب. كلها هذي مو قريش. (ذل البهم لحاضنها) يعني هذي المعزى و الخرفان شلون يمشيها الراعي, العرب كلها راح تكون بين يديك هكذا. اضف الى هذا ان ابي عبدالمطلب الذي كان يقرأ الكتب السماوية أخبرني ان من صلبي نبيا, و ددت انني ادركت زمانه فآمنت به فمن ادركه من ولدي فليومن به و لينصرنه!

فمو بس سالفة عبدالمطلب.. عبدالمطلب و ابو طالب عدهم خبر عن النبي و عدهم وصية و عدهم كلام و عبدالمطلب يتمنى ان يدرك زمان النبي , و يؤمن به و ينصره. و ابو طالب هكذا ايضا, و مو فقط كلام , ابو طالب نفذ هذا. النبي كان ذهب الى الصلاة في الكعبة المشرفة ذات يوم, فكان هناك مجموعة من كفار قريش, من ضمنهم ابو جعل. فالتفت ابو جهل الى احدهم و كان عبدالله بن الزبعرى, و هوالذي استشهد يزيد بأبياته (لعبت هاشم بالملك فلا – خبر جاء ولا وحي نزل). هذه ابيات عبدالله بن الزبعرى. فالتفت اليه ابو جهل و اشار الى فرث (اي الكرش مال الماعز او الخروف) ان يشيله و يضعه على النبي اذا سجد, و فعل ذلك. واحد من الحاضرين اخذته الغيره راح اخبر ابو طالب. فقام ابو طالب و حمل السيف و جمع حوله مجموعة من ابناءه. لما جاء مسرعا, ذوله تخوفوا, ارادوا ان يتفرقوا يقوموا. فصاح بهم مكانكم! لان قام احدكم جللتكم بسيفي ! جلسوا خائفين. سأل النبي من فعل بك هذا؟ اشار الى عبدالله بن الزبعرى. فقال هو أذل! من أمره؟ فأشار الى ابي جهل. فالتفت الى احد ابناءه و قال تأخذ هذا الفرث و تضعه على لحيته هكذا. مو انه مخليه على ظهر النبي او على ملابسه, هذا في لحيته! واحد واحد من الجالسين لازم تغلفهم بهذا الفرث  – واحد واحد تضعه على لحالهم. لكي يعلموا من الاعلى كعبا و المنيع حزبا هنا. قل الهم هالمرة وقفت القضية على الفرث, المرة الثانية هذا ها! (اشار بالسيف). فتراجعت قريش عن اذى رسول الله صلى الله عليه واله, و هذا ما قاله النبي عندما توفي أبو طالب (ما زالت قريش كاعة عني حتى قبض ابو طالب).

أستمر ابوطالب في الحماية .. استمر في الرعاية .. كل شي كان يحتاجه النبي كان يوفره اله. قريش قالت تحاول فد محاولة ان نساوم ابا طالب, ليش كله معركة؟ جو قللوله احنا عندنا اقتراح. انت شعندك ويا هذا محمد؟ سوا بينا و بينك مشكلة... و قضية. تعال نعطيك اجمل فتى في قريش و احسنها عمارة بن الوليد. هذا انته تاخذه و تعطينا محمد. فضحك ابو طالب و قال عجبا؟!! اعطيكم ولدي حتى تقتلوه و اخذ ولدكم اغذوه لكم و اشبعه؟ هذا تعطوني اياه اسمنه اليكم؟ و تاخذوا ولدي انا حتى تقتلوه و تتخلصوا منه؟ شافوا هالحل ما يفيد. فرضوا الحصار الاقتصادي في الشعب. عقدوا مؤتمر انه لا احد من قريش يشتري من بني هاشم, ولا احد يبيع لهم. ولا يتعامل مهم .. الى غير ذلك. و هذه قضية جدا صعبة. تخيل انته شخصا في بلد, بلد منقطع مثل مكة يعني اذا يريد يطلع لازم يطلع الطائف. لو قالوا لكل المخابز لا تبيعونه خبز, و لا تبيعونه لحم .. شيسوي؟ يستنفذ المخزون ماله اول اسبوع و بعدين يموت جوع او يطلع من البلد. اللي صار لبني هاشم هو هكذا. و ابو طالب كان مصمم على ان يخوض المعركة الى جانب رسول الله دفاعا عن رسالته الى نهايتها. و تحمل في الشعب قريب 3 سنوات في أزمة و في جذب و في قلة ارزاق و وفي جوع من أجل حماية رسول الله. الى ان جا يوم جاء رسول الله الى عمه ابي طالب. قال له يا عم ان عندي لخبرا. قال ما ذاك؟ قال ان ربي اخبرني انه قد سلط دابته على صحيفة قريش المعلقة في الكعبة (اللي فيها الا يبيعو و الا يشترو من بني هاشم) فلم تبق الا كلمة باسمك اللهم. قال له ابو طالب: ربك انبأك بهذأ؟ قال نعم. قال: و الثواقب ما كذبتني قط. قام هو و النبي و بعض من بني هاشم و ذهبوا ضحى ذلك اليوم الى فناء الكعبة. شافوا الجماعة جالسين. فلما رأوا كبار القرشيين ابا طالب و سائر بني هاشم, قالوا بلغ بهم الجوع مبلغه, الان جايين يستسلموا النا. وصل ابوطالب. قال لهم عندنا شغلة في الصحيفة اللي كتبتوها, جيبوها خلونا نتناقش فيها. فجابوها, و كانت في قراب موضوعة و مختومة. لما جابوها قال لهم: اهذه صحيفتكم؟ قالوا نعم. قال ان ابن اخي اخبرني و والله ما اكذبني قط ان ربه انبأه انه سلط على صحيفتكم دابته فأكلتها ما خلا اسمه الكريم. الان الصحيفة امامكم. ان كان ما يقوله كذبا دفعته اليكم قتلتموه او اسرتموه. و ان كان ما يقوله حقا و صدقا علمتم انكم معتدون و ظالمون و انه صادق. قالوا يا اباطالب هذا امر فيه انصاف, و مكيفين هذا خوش حل! ففتحوا القراب و اذا بتلك الصحيفة تحولت الى تراب ما خلا كلمة باسمك اللهم! قال أرأيتم ان ابن اخي صادق و انكم معتدون ظالمون؟ انكسر الحصار. طبعا انكسر بعدما كسر صحة هؤلاء, انته تخيل 3 سنوات يعيش هؤلاء في الجوع و العطش و الأذى. لذلك توفي ابو طالب بعدها بفترة قليلة. و توفت ايضا خديجة في نفس السنة و اجتمع الحزنان علي رسول الله. بس خلف ابو طالب هذا الذكر. و خلف بعد هذا شعر و عجيب. يعني اكثر شعر ابي طالب محفوظ, بوصايا رسول الله, بوصايا امير المؤمنين, بوصايا الصادق – الى الان موجود. و فيه من البينات على ايمانه ما لا يتردد فيه الا جاحد.

 أنا اقرأ الك بعض هذه الكلمات. مثلا قوله يخاطب النبي:

 انت النبي محمد – قرم اغر مسود

 مو يخاطبه بابن اخي, لا انت نبي و انت محمد!

 لمسودين اكارم – طابوا و طاب المولد

خطاب لكافة الناس: 

يقول ليعلم خيار الناس ان محمد – نبي كموسى و المسيح بن مريم

في موضع اخر يقول معربا عن ايمانه و نصرته للنبي:

و دعوتني و علمت انك ناصحي – و لقد صدقت و كنت ثم امينا

و لقد علمت بأن دين محمد – من خير اديان البرية دينا

انهض بني فما عليك غضاضة – ابشر و قر بذاك منك عيونا

قصيدته اللامية:

كذبتم و بيت الله يبزى محمد – و لما نطاعن دونه و نناضل

و نسلمه حتى نصرع دونه – و نذهل عن ابناءنا و الحلائل

أيضا في تأريخه لقضية استسقائه بالنبي:

و أبيض يستسقى الغمام بوجهه – ثمال اليتامى عصمة للارامل

هذا نفسه الشعر استشهد به عبيدة بن الحارث ابن عبدالمطلب – ابن عم النبي. في أول شهداء بدر كان عبيدة بن الحارث, لما برز حمزة و علي و عبيدة (بني هاشم) في مواجهة بني امية, عتبة و شيبة و الوليد. فبدأوا يصطرعون. صرع عبيدة قرنه , الشخص المقابل له, و ضرب على فخذه فأخذ ينزف فأخذ الى الخيمة و هنا استشهد. و هنا قال صدق عمي ابو طالب عندما قال: 

 كذبتم و بيت الله يبزى محمد – و لما نطاعن دونه و نناضل

و نسلمه حتى نصرع دونه – و نذهل عن ابناءنا و الحلائل

هذه اسرة حمت الدين. منها من حمل الدين و منها من حمى الدين. عبدالمطلب, و ابو طالب, و علي ابن ابي طالب حموا رسول الله. و على هذا المنوال سار ابناءهم.

مرات العرض: 3436
المدة: 00:50:17
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2578) حجم الملف: 17.2 MB
تشغيل:

اسم الله الأعظم
البسملة وبعض تطبيقاتها الفقهية