اسم الله الأعظم
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 6/9/1431 هـ
تعريف:


اسم الله الأعظم

كتابة الأخت الفاضلة أم محمد الشيخ

 

( قال أبو الحسن الرضا عليه السلام إن بسم الله الرحمن الرحيم أقرب إلى اسم الله الأعظم من سواد العين إلى بياضها ) "1" صدق مولانا الامام الرضا .

نتناول في هذا الحديث شيئا من ما ذكره العلماء عن اٍسم الله الأعظم ، بعد أن كان الحديث سابقا عن أسماء الله الحسنى وصفاته العليا يكون الحديث في هذه الليلة عن الاسم الأعظم لله عز وجل وسيتم في محورين :
1.الاسم الأعظم في القرآن والروايات
2.حقيقة الاسم الأعظم

أولا: الاسم الأعظم في القرآن :

   المتتبع للقرآن الكريم لا يرى فيه نص صريح يشير على أن الاسم الفلاني من أسماء الله الحسنى هو الاسم الأعظم ، ربما يتراءى للقارئ وصف بذلك الشيء، ومن النظر يبين أنه غير سليم مثل قوله تعالى :( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى( "2" كلمة الأعلى ليس صفة للاسم وإنما صفة للرب ، وقد سبق أن ذكرناها في الحديث عن أسماء الله تعالى.

الاسم الأعظم في الروايات :

لو تتبعنا روايات المعصومين عليهم السلام نجد إشارات بل تصريحات في أنه يوجد اسم لله هو الاسم الأعظم، بل بعض الروايات جعلت بعض الأذكار و بعض الأسماء تنطبق عليها هذا العنوان ، وفي الأدعية الأمر أوضح، فنحن نقرأ في أدعيه ليله القدر: (اللهم إني أسألك بكتابك المنزل، وما فيه وفيه اسمك الأكبر، وأسماؤك الحسنى وما يخاف ويرجى، أن تجعلني من عتقائك من النار) "3" فمثل هذا الدعاء يشير إلى أن هناك اسماً هو الأكبر لله عز و جل ، وأنه موجود في القرآن الكريم ، بعض الأدعية منها فيها تصريح باسم الله الأعظم وآثاره كما جاء في دعاء السمات - السين في السمات بالكسر ومفردها سمة أي صفة - وهو مروي عن الامام الصادق عليه السلام وبطريق اخر مروي عن الحجة عجل الله فرجه الشريف ، و يدعى به في آخر ساعات النهار من يوم الجمعه :

( اَللّـهُمَّ اِنّى اَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْعَظيمِ الاْعظَمِ الاَعَزِّ الاَجَلِّ الاَكْرَمِ الَّذى اِذا دُعيتَ بِهِ عَلى مَغالِقِ اَبْوابِ السَّمآءِ لِلْفَتْحِ بِالرَّحْمَةِ انْفَتَحَتْ، وَاِذا دُعيتَ بِهِ عَلى مَضآئِقِ اَبْوابِ الاَرْضِ لِلْفَرَجِ انْفَرَجَتْ، وَاِذا دُعيتَ بِهِ عَلَى العُسْرِ لِلْيُسْرِ تَيَسَّرَتْ )"4" ففي مقدمة هذا الدعاء إشارة إلى وجود الاسم الأعظم ، وأنه يترتب عليه بعض الآثار التكوينية لمن يدعو بهذا الاسم.    

 معرفة الاسم الأعظم :

لو أردنا أن نسأل ما هو هذا الاسم الأعظم ؟ و من أي مقولة هو؟ في الجواب لو نريد افتراض تقسيم عقلي له نقول أنه لا يخلو من ثلاث أقسام فالاسم الأعظم هو إما:
1.ألفاظ كما يقول البعض
2.حالة معنوية من الداعي
3.كلا الأمرين

 لو بحثنا كلام العلماء لوجدنا لهم رأيين في هذه المسألة:

الرأي الأول : ما هو معروف ومألوف أن الاسم الأعظم عباره عن لفظ أو عدة ألفاظ مكونة من حروف، هذه الحروف أصولها في القرآن الكريم، قد تكون في آية واحدة، وقد تكون في آيات متعددة، وبالتالي هي ذكر للفظ متى ما عرفه الإنسان فإنه على أثر ذلك تنفتح أمامه الأبواب، ممكن أن يشفى به المريض ممكن أن تقضي به الحوائج ممكن تحل به المشاكل وهكذا ، وفي هذا المعنى لو أردنا أن نشبهه تشبيها عرفيا معهودا ، أصحاب هذا الرأي ينظرون إلى اسم الله الأعظم الذي هو لفظ من الألفاظ أو جمله من الجمل ، حاله حال ما نسميه اليوم بالشفرة كما لو كان هناك شفره أو كود ورمز لفتح الابواب ، هناك شفره لعالم التكوين في قضاء الحوائج ،وشفاء المرضى ، وغناء الفقير، وهكذا في التحكم بالأشياء، وهذا ما آل إليه الرأي الأول ، كيف أن الإنسان عنده هذا الرمز للخزانة ، فلو جاء صاحب الخزانة أو حتى أجنبي يضع هذا الرمز في مكانه المعين ينفتح ذلك الباب ، الموجود في أذهان الكثير أن الاسم الأعظم ، هو لفظ من الألفاظ متى ما حصل عليه الإنسان يمتلكه ويؤثر به ، حتى الأشقياء و السحرة والمشعوذين من الناس يستطيعون إيهام الناس ويقولون عندنا الاسم الأعظم ، حصلنا عليه بطريقة من الطرق ، فالعقيم به تصبح قادرة على الإنجاب ، والفقير به يصبح غنيا ، وعلى هذا المنوال ،هذا الرأي الأول وينتهي إلى أن الاسم الأعظم لفظ من الألفاظ الموجودة في القرآن الكريم ،إما كلمه أو كلمات متعددة ، إذا حصل عليه الإنسان يصبح قادرا على التحكم في كثيرا من القضايا .

الراي الثاني : ما يذهب اليه العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان وله بحث في الاسم الأعظم ، حديثه عنه فيه شيء من التخصص لكن اسعى هنا إلى تبسيط المطلب بما يناسب المنبر، يقول في البداية : أن كل سبب في الكون له علة وسبب خاص به ويستحيل أن يؤثر فيه غيره ، مثلا الشفاء من المرض له سبب خاص وعلة خاصه ، كاستعمال الدواء الفلاني بنحو معين يشفي الانسان من المرض ، لأن يكون الإنسان غنيا هذا له سببه الخاص ، وهو أن يتعلم الإنسان التجارة بالتعلم و الممارسات وأن يكون نشيطا ، ويحسب حساباته بدقه، وأن يدخل في السوق ويصبح غنيا ، وكذلك الطالب حتى ينجح علة نجاحه المذاكرة مثلا و هكذا ، وأن يحفظ الدروس جيداً ،هذه النتائج تترتب على علل واسباب من جنسها ، لا يمكن للإنسان أن يكون تاجراً لأنه قال كلمه معينه ، هذا كلام السيد الطبطبائي ، فلا أحد في الصباح جلس وقال الكلمة فصار بها تاجرا كبيرا ، أو مريض قال كلمه فشفي بها وصار معافا ، لماذا؟ لأن كل شيء في الحياه له علة وسبب من جنسه يقول حتى اسم الله عز وجل للاسم حقه ، رحمن ليس مربوط في الحروف في (الراء_والحاء_والميم _والنون ) بل مرتبط برحمته ، نضرب مثالا في ذلك : لو دعوت جماعه على السحور او الفطور ولما جاء وقت الفطور، أحضرت ورقه و كتبت فيها أرز و الأخرى شوربة والثالثة حلويات هذه الكتابة هل تشبع الحاضرين ، اذا لم تأتي بواقع الطعام لا تؤثر هذه ، الذي يشبع ليس الكتابة ، وإنما ذلك الشيء الحقيقي ، الذي يروي الماء و ليس اسم الماء ، الذي يؤثر في الكون ليس اسم الرحمن وإنما واقع رحمانيه الله عز وجل الذي يعطي الشفاء ليس لفظة وكلمة الشفاء بهذه الحروف (ش_ ف _ ا _ء) نعم نحن نعبر عنه و نشير إليه بالاسم ، و سبق أن الأسماء دورها دور إشارة، ثم يقول إن الله تعالى جعل العلاقة بين العبد وبين ربه إذا دعاه ضمن حاله معينه واتصل به بشكل خاص وخاطبه، خاطبه بإلهيته ورحمانيته ، وانقطع عمن سواه واتصل به دون غيره ، الله أعطى وعدا لهذا الإنسان أنه يستجيب له ،(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ)"5"ما معنى أنت تقول الداعي ؟ كيف إذا دعاني ؟ الداعي الأول غير إذا دعاني الثاني ، الداعي الأول : هو الذي يقرأ الدعاء ، لكن دعاني الثاني ذاك الذي لا يتوقع أي شيء إلا من جهتي ، إلا من اتصاله بي ، انقطع عن كل شيء ماعدا الله سبحانه وتعالى ، الآية الأخرى (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ) "6"هنا مضطر إذا دعاه وهناك دعاني ،يجاب اذا دعاه ، يتبين أن القضية ليست فقط إجراء اللفظ على اللسان في هاذه المرحلة التي لازم فيها من الإجابة ، إنما هي حاله معنويه أكبر و أعظم من حالة قراءة الدعاء ، إذا انقطع الانسان عن كل شيء يقطعه عن غير الله ، ويتصل بالله اتصالا لا يرجو فيه إلا الله ، ولا يخشى إلا الله ، وأقبل على الله بكله ، هذا إذا استعمل اسم من الأسماء وفي وجهة خاصه، مثل يا شافي يتحقق شفاء المرض ، ليس الاسم فقط ، وإنما الاسم يضاف اليه تلك الحالة التي امتلكها هذا الإنسان ، وهي حاله الانقطاع إلى الله ، والاتصال به، قطع الأمل عمن سواه ،.

إذن أصبحت عندنا قضيه ذات شعبتين: الأولى : يكون عند الإنسان الداعي حالة روحية وإيمانيه عالية ، الثانية : أن يطلب من الله عز وجل باسم من أسمائه الحسنى ؟ إما بأسمائه الخاصة مثل الشفاء أو الغنى ، أو جهة عامة مثل لو دعا باسمه (يالله) بالله هناك يتحقق المطلوب و يستجاب لهذا الانسان دعائه ، وهناك يقول لو فرضا ما يملك الإنسان هذه الحالة من الانقطاع ، مثل هؤلاء الذين يزعمون أنهم عندهم الاسم الأعظم ، فلان مشعوذ فلان ساحر فلان مدعي يقول عندي الاسم الأعظم ، نقل له ليس صحيحا لماذا ؟ لأن الاسم الأعظم ليس كلمه ، أو كلمات ، بل هي نيل تلك الحالة في النفس من الانقياد إلى الله والانقطاع والتقرب إليه ، إذا وصل إليها الإنسان ، ودعا ربه باسم من أسمائه استجاب له ، وهذا المشعوذ لا يملك هذه الحالة ، ما ورد في قصه بلعم بن باعوراء الآية التي تتحدث عن قصته (اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ۚ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ۚ)"7" القصة معروفة نشير اليها فقط للاستشهاد : بلعم بن باعوراء ورد ذكره في الروايات ، أنه كان رجلا من قوم موسى وكان عابدا زاهدا وعالما كبيرا، وأوتي القدرة على استجابة الدعاء ، فصار محل لاستجابة الدعوة ، والناس يقصدونه في الدعاء لهم لقضاء حوائجهم ، فمن يدعو له بالصحة يتحصل على الشفاء، ومن أراد الغنى حصل على الغنى ، وهكذا عنده هذه القدرة ، بعد أن بعث نبي الله موسى على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام ، الناس توجهت إلى موسى وتركته ، فهو أقصى ما يكون عابد وزاهد ، لما جاء النبي موسى أخذه الحسد ، مما يأتي عادة المتشاركين في الوظيفة الواحدة ، فمثلا لو تاجر أتى تاجر آخر جنبه ذاك لا يتركه يشتغل عليه إذا ما هذب نفسه وأخلاقه ، تراه يتحدث عنه بالكلام السيئ ، نحو هذا يغش الناس ، ويتلاعب بهم ، ويرفع في الأسعار، وهكذا لوكان جنبه معلم لا شغل له فيه ، نعم معلم مع معلم أيضا يتحدث عنه أنه لا يشرح جيدا ومن هذا الحديث ، لذا لا يسمع كلام أهل الصنعة في بعضهم البعض بكلام سلبي ، بل نقول له الله يغفرلك ولي وإليه ، إذا يمدح نقول نعم نسمع ونشكره على ذكره أخيه بالخير، وهذا بلعم بن باعوراء أيضا مع موسى ، كان للناس قبلة ، ولما جاء نبي الله موسى الناس ذهبت الى نبي الله موسى و تركته فحسده ، قيل أنه دعا الله دعوه فتكسر لها ظهره ، (آتيناه آياتنا فانسلخ منها...)بعض الروايات تقول حجب عنه الاسم الأعظم ، لا يعني أنه نسي الكلمات ،وإنما نزل عن تلك الحالة المعنوية التي كان يستطيع بها أن يدعو الله فيستجاب دعاءه ، لما سقط لو يأتي بالاسم الذي كان يكرره بالأمس ويكرره مرة ومرات لا يفيد ، لأن الأثر ليس أثر اللفظة وإنما أثر الاتصال بالله عز وجل والانقطاع اليه ، الله يرى الانسان الداعي قد دعاه فعلا فيستجيب له دعاءه لذا لو يأتي باللفظ الذي كان يؤثر بالأمس لا يؤثر اليوم .

     لا تذهب بعيدا نحن نعتقد أن الاسم الأعظم موجود في القرآن الكريم ، والروايات الكثيرة التي قرآناها ومنها هذا الدعاء ( وإن فيه اسمك الأكبر) كم مره أنت ختمت القران كثير، ونحن دعونا الله باسمه الموجود في الكتاب ، دعوناه باسمه الأعظم الأكبر لماذا لم يتغير حالنا بالنحو المطلوب ؟ لأنه قلنا الاسم الأعظم ممكن ، لكن الحالة التي ينبغي أن ترافقه وهي المؤثرة غير موجوده ، فمتى وجدت يتحقق الأثر، إذا كان كما ذكر العلامة الطبطبائي أعلى الله مقامه مع شرح و تفصيل منا، فإذا جاءنا الساحر وقال عنده الاسم الأعظم لا نصدقه ، القضية ليست قضية لفظ أي شخص يحصل عليه من هنا وهناك ، وإنما هي حالة معنوية وحالة قرب من الله عز وجل ولا تتوفر لهذا الفاسق وذاك العاصي والمخالف.

بعد هذا الكلام والبيان نقول لا يمتنع أن نجمع بين القولين بنحو من الجمع وهو : أنه لا ريب أن لله عز وجل أسماء في تأثيرها أكثر من الأسماء الأخرى ، كما ورد في الروايات :(الله ) لفظ الجلالة ( بسم الله الرحمن الرحيم باسم الله خير الأسماء باسم الله الذي.....) ..(.(اللهم إني أسألك خير الأسماء ملء الأرض والسماء ) " 8"ورد مثل هذه الأدعية ، وما آلى إليه الإجماع أن لفظ الجلالة هو أشرف الأسماء وأجمع الأسماء ، وهو الذي تندرج تحته كل الأسماء الحسنى ، ومن خصائصه كما ورد أنه لا يطلق على غيره حتى على نحو المجاز، بينما بقيه الأسماء نقول هذا لطيف وهذا شريف وذاك رؤوف بنحو من الأنحاء يصح إطلاقها على غير الله ، لكن كلمه ( الله )لا يمكن بأي شكل من الأشكال إطلاقها إلا على الله ، سبحانه و تعالى (يامن لا يقال لغيره يا الله )" 9" هناك اذا بعض الأسماء تمت العناية بها و التوجه اليها لجامعيتها ، هذه اذا دعى الداعي بها بحالة معينه تلك التي تحدث عنها صاحب الميزان ممكن أن يترتب أثر على تلك الدعوة ، و بالتالي يتحقق نتيجة الاسم الأعظم ، في الروايات وردت عندنا كثير منها تشير الى بعض هذه الاذكار والأسماء ، أنت عليك توفر هذا الجانب ، جانب الانقطاع إلى الله ، والاستعانة الحقة ، وهي حقيقه ما موجودة عند الكثير منا وأتكلم عن نفسي على الأقل لأني عليم بحالي ، نحن إذا كان عندنا قضيه من القضايا أول ما نفكر فيه فلان من الأصدقاء يمكن أن يعينني في هذه المسألة ، لا نفكر في أن الله هو المعين(وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ )"10"هنا يذكر السيد هل أنت ترجو الاستعانة من الله أولا وآخرا وبالذات ، أم ترجو العون من صديق وولد وقريب وما شابه ذلك ، هنا يتبين أنه كما في قوله تعالى ( وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ )"11"أمثالنا لو كان أمامه شخص عمره 12 سنة ينظر إليه لا يعمل معصية أمام ذلك الشخص ، لكن إذا ذهب لغرفته يعمل المعصية والله رقيب عليه ، وهو أسرع الحاسبين و أول الناظرين ، لكن هذا جعل الله أهون الناظرين إليه ، أهون من ولد عمره 12 سنه ، يستحي من هذا الغلام و لا يستحي من الله ، يخشى هذا الغلام ، ولا يخشى الله عز وجل ، يراقب هذا وذاك ، يراقب الكاميرا التي لا تبصر وليس لها ظل وليس لها تدبر، لعله يراقب نظام كاميرات الشارع ويخفف السرعة ، لكنه بالنسبة إلى الله عز وجل لا يراقب ( مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا)"12"

لماذا نوقر الكاميرا ونوقر الطفل الصغير فلا أعصي الله أمامه بينما لا أوقر ربي ، و أستهين بنظره ،إذا الإنسان انتقل من حالة إلى حالة أخرى جعل الله أعظم الناظرين ، جعله محل الخشية والعبادة ،ومحل الاستعانة والاستغاثة ، ومحل الاستنصار ، ذلك الوقت لو دعى ربه استجاب له ( اللهم اني اسلك باسمك يالله يارحمن يارحيم ياكريم يامقيم ياعظيم )" 13"هذا يأتيه النصر ويستجاب دعاءه ، بالرغم من هذا وردت في النصوص والروايات عدد من الأسماء والأذكار الإلهية ، التي يترتب عليها أثر لو دعا الله بها وهو على هذه الحالة ،( وفي رواية اخرى عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «ان رجلاً قام اليه فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن بسم الله الرحمن الرحيم ما معناها، فقال: ان قولك (الله) أعظم اسم من أسماء الله عزّ وجلّ، وهو الاسم الذي لا ينبغي أن يسمّى به غير الله، ولم يتسمَّ به مخلوق ) وفي رواية أخرى عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم رجل في العشاء يقول _أي انه في وقت متأخر من الليل بعد صلاه العشاء_ .

أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سمع رجلا يقول ( اللهم إني أسألك بأنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد فقال لقد سألت الله بالاسم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب) حسب ما نقل صاحب البحار يقول ( فقال رسول الله صلى الله عليه واله لقد ذكر اسم الله الأعظم الذي يجاب داعيه اذا دعا به ) (اللهم اني اشهد انك انت الله الذي لا اله الا هو الاحد الصمد .....) هو ذكر الشهادة وذكر التهليل و سوره التوحيد، بحسب اسم الرواية ، انها رواية اسم الله الاعظم ، ورواية اخرى ترى أن آخر آيات سورة الحشر ( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ ۖ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ) "16"وهي من الآيات التي تذكر عادة للحفظ ، وتوجد روايات تذكر اسم الله الاعظم ، عن امير المؤمنين عليه السلام(اسم الله الأعظم اذا أردت تحصيله اذا اصبحت يومك فقل :((  بسم الله الرحمن الرحيم لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم مائة مرة كان أقرب إلى اسم الله الأعظم من سواد العين إلى بياضها، وإنه دخل فيها اسم الله الأعظم(  " 17"(قال أبو الحسن الرضا عليه السلام إن بسم الله الرحمن الرحيم أقرب إلى اسم الله الأعظم من سواد العين إلى بياضها )"18"

علنا نستطيع نجمع بأن اسم الله الأعظم هو ((الله) لفظ الجلالة) ، لأن كل هذه الكلمات متضمنة للفظ الجلالة ، (اللهم اني اشهد...) موجود ذكر الله في اخر سوره الحشر، وكذلك باقي الروايات ، لكن الذي نكرره نقول ينبغي أن يكون للإنسان حاله من الحالات ، وضع يجعله يتصل بالله وينقطع عمن سواه ، بالإضافة إلى ذكر اسم من أسماء الله الحسنى ، فإذا صار ذلك ترتبت عليه آثار كثيرة ، القصة المعروفة آصف بن برخيا وصي نبي الله سليمان على نبينا وعليه افضل الصلاة والسلام ، عندما أراد نقل عرش بلقيس ، ( قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) قَالَ عِفْرِيتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ ) ساعة أكثر أقل (ۖ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ )"19" أدخل علم الغيب هنا _ ما دام عند آصف بن برخيا حالة الانقطاع لامحالة مع الاسم ، مخاطبا الله بحيث يستجاب له في تلك الفترة ، رب سائل يسأل لماذا النبي لم يفعل ذلك ؟ الجواب: حتى يعرف الناس خليفته ووصيه من بعده ، بعض الأحيان أريد أن أبين منزلة انسان ،أحد من الشام عنده أسئلة ذهب لمعاوية لم يعرف الإجابة عليها ، فجاء إلى الكوفة يسال أمير المؤمنين عليه السلام عن تلك المسائل ، فأحال الإجابة إلى الحسن المجتبى صلوات الله عليهم ،لا عجز في الإمام ولا تراخي وإنما لبيان مقام الحسن و فضله ، وبالتالي العلم الموجود عند علي موجود أيضا عند الحسن المجتبى ، هذه إشارة من نبي الله سليمان على أساس ان الخليفة هذا لديه الاتصال الغيبي بالله عز وجل ولديه هذه المنزلة ، اذا امتلك الانسان هذه الحالة و هذه المنزلة بعد ما يصغي لاقتراحات ،دليل أن هذا العمل لا عبث فيه ، ومن يمتلك هذا الاسم الأعظم لا يستخدمه في نصر نفسه وراحة ذاته ، رسول الله صلى اله عليه وآله وسلم عنده الاسم الأعظم واتصاله بالله لا يحجب ،هل يستخدم هذا الاسم الأعظم في المشاكل التي تواجهه هو ؟ لسان حالنا نقول لرسول الله يا رسول الله : المؤمنون فروعنك في غزوة أحد وتركوك فأنت عندك مشكلة ، لماذا لا تستخدمه ؟ لا يستخدمه لذات نفسه أبدا، فلو استخدم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم و المعصومين هذه الإمكانيات لنزلوا من تلك المنزلة ، المفترض هم قدوات وأسوة لتحمل الصبر و البلاء والجهاد ،يجاهدوا في الله عز وجل حق جهاده ، ويتقوا الله حق تقاته ، فإذا هم عند أول مشكله يستخدموا هذه القدرات الاستثنائية ؟ لا هذا ليس معهودا منهم ، ( وإن لك في الجنة درجات لا تنالها إلا بالشهادة)"20"لابد أن تذهب ، وتقطع الفيافي ، والمسافات الطويلة ، وتتعرض للنكبات تلو النكبات ، وتواجه الصعاب ، و ترى الموت عيانا ، وتتجرع الغصص غصة بعد غصة ، حتى تكون عندك هذه المنزلة ، وإلا إذا كان الإمام يستخدم هذه القدرات في أن يكون مرتاحا مرفها ، لا يصيبه ضرر ولا مشكله ، ليس هذا عهد الله إليهم ، و وافقهم به بعد أن شرط عليهم الزهد في درجات هذه الدنيا الدنية وزخرفها وزبرجها ، فشرطوا لله ذلك ، هذا شرط نفذه الإمام الحسين عليه السلام ، ما وصل إلى كربلاء إلا بمعاناة شديدة ، وفي كربلاء ، وليس فقط معاناه الحسين في مقتله ، وهو أعظم مأساة ، فقد العزيز هو موت آخر للإنسان ، الإمام أمير المؤمنين عليه السلام قل ما يكون باكيا بين الناس ، باعتبار المؤمن حزنه في قلبه و بشره في وجهه ، بينه وبين ربه هو البكاء لكن أمام الناس قل ما يرى ذلك منه ، لكنه رؤي وقد بللت دموعه لحيته الكريمة ، حين بدأ يستنهض أصحابه ، وينادي : أين ابن التيهان وأين عمار وأين ذو الشهادتين وأين اخواني ، الذين درسوا القرآن فأحكموه ، وعملوا بالفرض فأقاموه ، بدأ ينعاهم و دموعه تسيل على لحيته الشريفة ، يا على كم فقدت ..و عندك جيش ضخم إلى جانبك من الأصحاب والأتباع والمؤمنين ؟ ومع ذلك تبكي هذا البكاء المر، وتسيل دموعك على لحيتك ما حال ذلك الوحيد الذي يرى كل أصحابه تتساقط على رمضاء كربلاء ويبقى وحيدا فريدا وإماماه واوحيداه واحسيناه ..إنا لله وإنا إليه راجعون ..والحمد لله رب العالمين.

مصادر الآيات والروايات :

1_تفسير العياشي ، عيون الرضا ،إعلام الهداية

2_سورة الأعلى

3_4-13-مفاتيح الجنان

5_سورة البقرة186

6_سورة النمل 62

7_سورة الأعراف 175، 176

8_الأولى لتفسير العياشي _ الثانية كتاب المستطرف لكل فن مستظرف

9_لم نحصل على مصدره

10_سورة الفاتحة

11_الأحزاب 37

12_سورة نوح13

14_توحيد الصدوق

15_توحيد الصدوق

16_سورة الحشر 23، 24

17_تفسير العياشي

18_عيون الرضا

19_سورة النمل

20 _الأمالي للشيخ عباس القمي

 

مرات العرض: 3433
المدة: 00:50:34
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2577) حجم الملف: 17.3 MB
تشغيل:

أسماء الله في دعاء الجوشن
أبو طالب : حماية الرسالة وستر الإيمان