زيارة الناحية المقدسة: مدخل ومقدمات |
كتابة الفاضلة أم سيد رضا |
جاء في زيارة الناحية المقدسة: (فَلَئِنْ أَخَّرَتْنِي الدُّهُورُ، وَعَاقَنِي عَنْ نَصْرِكَ الْمَقْدُورُ، وَلَمْ أَكُنْ لِمَنْ حَارَبَكَ مُحَارِباً، وَلِمَنْ نَصَبَ لَكَ الْعَدَاوَةَ مُنَاصِباً، فَلَأَنْدُبَنَّكَ صَبَاحاً وَمَسَاءً، وَلَأَبْكِيَنَّ عَلَيْكَ بَدَلَ الدُّمُوعِ دَماً، حَسْرَةً عَلَيْكَ وَتَأَسُّفاً عَلَى مَا دَهَاكَ وَتَلَهُّفاً).
حديثنا يتناول زيارة الناحية المقدسة وهي زيارة الإمام الحسين عليه السلام، ونتحدث هذه الليلة عن بعض المقدمات والمدخل إلى هذه الزيارة المباركة، فأول ما يلفت النظر فيها هو اسمها (زيارة الناحية المقدسة)، فالناحية هنا في هذا العنوان هو الحجة المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، لفظ الناحية جاء بديلاً عن الإسم الخاص بالإمام عليه السلام باعتبار أنه كان هناك نهي عن ذكر اسم الإمام في زمان ما بعد الإمام العسكري بل في حياة الإمام العسكري عليه السلام، فقد كان الشيعة منهيين بأن يذكروا الإسم المقدس (محمد بن الحسن) ونرى روايات على هذا النهي من زمان الإمام الصادق عليه السلام وكذلك روايات عن الإمام الرضا وعن الإمام الهادي عليهم السلام، فقبل ولادة الإمام المهدي بعقود من الزمان كان هناك نهي عن ذكر الإسم وذلك مبالغة في الإخفاء.
مولانا الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف أحيط بمجموعة أمور من شأنها أن تخفي على الأعداء شخصه، وقته، زمانه وصفاته، فمن البداية لم يبن على أمه الحمل أصلاً باعتبار ان البيت كان مراقباً، ولعلك تقول بأن هذا الأمر غريب ولكنه ليس بغريب فسبحان الله أنا كنت في لندن مع أحد المشايخ وهو على قيد الحياة فقال لي بأن زوجته كانت في طرف سن اليأس وتعرضت أيضاً إلى بعض المصاعب وكان أمر الحمل شبه مستحيل باعتبار أنها كانت على أبواب اليأس من جهة وبسبب تلك المشاكل الصحية من جهة أخرى، كما انهما لديهما أبناء وبنات متزوجات أيضاً، فيقول بأنه في أحد الأيام كان عنده قراءة في العراق فذهب إلى كربلاء واتصلت به زوجته وقالت له بأن الطبيبة تقول لها بأنها حامل وعمر الحمل سبعة أشهر، ولك تشعر بأي أعراض الحمل أبداً مع العلم بأنها أنجبت قبل ذلك.
فيقول بأننا كنا نسمع عن حمل أم موسى بموسى لم يظهر عليها، وحمل أم المهدي بالمهدي لم يعلم به أحد، وكنا نتقبل هذا الأمر من جانب ديني وتعبدي إلى أن رأيت هذا الأمر بنفسي مع زوجتي.
إذاً فإن أم الإمام المهدي لم يظهر عليها أثر الحمل وهذا نوع من أنواع الإخفاء، كما أن الإسم لا يذكر حتى لا يكون علامة على وجوده ومعرفته، وأيضاً لا يراه كل الناس فقد كان أشخاص محدودين ممن يؤتمنوا على ذلك.
طبعاً ذكر الإسم من الممكن أن يتصور البعض بأن المنع عن ذكره يكون طول الزمان لأن بعض الروايات ظاهرها هكذا ولكن علماؤنا ببركة روايات أخرى حملوها على فترة زمان طفولته صلوات الله عليه وزمان الغيبة الصغرى واما بعد ذلك فلا مانع من ذكر الإسم.
إذاً فكيف كان يخرج كتاباً أو توقيعاً او إجابة على مسألة ما في فترة طفولته وفي فترة الغيبة الصغرى إذا كان ذكر اسمه ممنوع؟
يقولون بأنه خرج من الناحية كذا وكذا، ولا يقولون بأنه خرج من المهدي أو خرج من محمد بن الحسن، كما أن الإمام العسكري عليه السلام أيضاً كان يعبر عنه بالناحية.
إذاً نسبة إلى الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف سميت هذه الزيارة بالناحية، كما أن صفة المقدسة ليست للزيارة بل للناحية وتعني الإمام المقدس المفترض الطاعة صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف.
الزيارات التي تعرف بالناحية هي اثنتان:
أحداهما ذكر فيها أسماء شهداء كربلاء وأسماء قتلتهم، تبدأ بالسلام على علي الأكبر (السلام عليك يا اول قتيل من خير سليل من إبراهيم الخليل) ثم تمشي الزيارة وتلعن مرة بن منقذ العبدي حيث أنه كان قاتله، وأشرنا إلى ذلك في الليلة الماضية من أن هذه الزيارة وهي زيارة الناحية الخاصة بشهداء كربلاء معتمد عليها في ذكر أصحاب الحسين وأنصاره بالإضافة إلى قتلتهم.
الزيارة الأخرة وهي الأكثر شهرة عند الناس ويستحب قراءتها في كل وقت، ولكن ورد ذكرها في أنه يزار بها الحسين عليه السلام في يوم عاشوراء والتي تبدأ بالسلام على آدم صفوة الله من خليقته، ثم يبدأ بالسلام على الأنبياء والمرسلين إلى أن يصل إلى سيد الأنبياء محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وهذه الزيارة هي التي سيكون حديثنا عنها.
هذه الزيارة لها أهمية من جهات متعددة:
1- أنها إذا كانت صادرة عن المعصوم كما سيأتي تحقيق ذلك فيما بعد فإنها تعتبر مقتلاً لحسين مفصلاً لا نجده في أي زيارة أخرى، بل أكثر من ذلك فإنها تعتبر تأريخ للنهضة الحسينية على صاحبها آلاف التحية والسلام منذ خروجه من المدينة المنورة إلى ما بعد ذلك عندما خرج الحسين عليه السلام تصف المقتل وصف مفصل (أَنْتَ مُقَدَّمٌ فِي الْهَبَوَاتِ، وَمُحْتَمِلٌ لِلْأَذِيَّاتِ، وَقَدْ عَجِبَتْ مِنْ صَبْرِكَ مَلَائِكَةُ السَّمَاوَاتِ) وهكذا تشرح تفاصيل المعركة بمقدار معين ثم تشرح لحظة المقتل الشريف (حَتَّى نَكَسُوكَ عَنْ جَوَادِكَ، فَهَوَيْتَ إِلَى الْأَرْضِ جَرِيحاً، تَطَؤُكَ الْخُيُولُ بِحَوَافِرِهَا، وَتَعْلُوكَ الطُّغَاةُ بِبَوَاتِرِهَا).
2- تركز على قضايا جداً مهمة وتفصيلية، مثلاً بالنسبة إلى من قتل الحسين عليه السلام واحتز رأسه فهناك من يذهب إلى أنه سنان بن أنس وهناك من يذهب إلى أنه خولَّة بن يزيد الأصبحي وهناك من يذهب إلى أنه الشمر بن ذي الجوشن الضبابي، فهذه الزيارة توضح بأنه الشمر (وَالشِّمْرُ جَالِسٌ عَلَى صَدْرِكَ، مُولِغٌ سَيْفَهُ عَلَى نَحْرِكَ، قَابِضٌ عَلَى شَيْبَتِكَ بِيَدِهِ، ذَابِحٌ لَكَ بِمُهَنَّدِهِ)، فإذا تمت نسبة هذه الزيارة إلى المهدي عجل الله تعالى فرجه كما هو المختار عند الكثير من العلماء فستكون الحد الفاصل في اختلاف المؤرخون وأصحاب المقاتل لأن المقاتل جزء منها معتمد على بعض من كان في جيش الأمويين كحميد بن مسلم الأزدي، وبعضها معتمد على بعض الموالي والغلمان في جهة معسكر الحسين عليه السلام وبعضها معتمد على غيرهم وبعضها نقل من الأئمة عليه السلام، فهذه الزيارة في تفصيل للقضايا وشرح لمختلف المسائل فيمكن الرجوع إليها والنظر فيها ومقايسة سائر النصوص بنصها.
هل خرجت النساء بعد مقتل الحسين عليه السلام وبعد مجيء الجواد؟
هذه الزيارة تقول نعم (فَلَمَّا رَأَيْنَ النِّسَاءُ جَوَادَكَ مَخْزِيّاً، وَنَظَرْنَ سَرْجَكَ عَلَيْهِ مَلْوِيّاً، بَرَزْنَ مِنَ الْخُدُورِ، نَاشِرَاتِ الشُّعُورِ عَلَى الْخُدُودِ، لَاطِمَاتِ الْوُجُوهِ).
3 – من أهميتها أيضاً أنها لا ينتهي أمرها في حدود مقتل الحسين بل ما بعده كقضية السبي، فعادة المقاتل تكتفي بنقل مقتل الأصحاب ثم مقتل الهاشميين ثم مقتل الحسين عليه السلام وينتهي الأمر، لكن هذه الزيارة تصف ما جرى بعد ذلك حيث أنهم صُفدوا في الحديد يساقون سوق العبيد.
هناك سؤال يطرحه البعض وهو إذا كان شمر بن ذي الجوشن لعنة الله عليه كان يذبح الحسين عليه السلام والحسين كان يقول كذا وكذا، فمن الذي نقل لنا هذا الكلام؟
وكذلك عندما جلس الإمام الحسين عليه السلام عند أبي الفضل العباس وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، من الذي نقل لنا هذه الكلمات؟
قلنا ونقول أن ما ورد من الأخبار الواصفة للمقتل عن الإمام زين العابدين مثلاً وعن الباقر وما ورد في الزيارات ومنها هذه الزيارة يشرح لنا هذه اللحظات التفصيلية إلى الحد الذي يقول هذا التفصيل بأن الحسين عليه السلام كان يقبض يمينه ويبسطها في أثناء المقتل، أو عندما يقول ويعني الفرس: وبالظليمة منادياً، والتي شرحها الإمام الباقر عليه السلام فيما بعد أيضاً عندما قال: (كان يصهل ويقول في صهيله الظليمة الظليمة من أمةٍ قتلت ابن بنت نبيها عطشاناً)، فالعنوان موجود في الزيارة والتفصيل موجود في كلام الإمام الباقر عليه السلام واحياناً تفصيل التفصيل موجود في الزيارة.
لذلك هذه الزيارة تمتلك أهمية خاصة في هذه المعاني المتعددة.
البعض اعترض على ما في الزيارة من بعض الفقرات وبعض الكلمات وقال إنه إذا كانت هذه الكلمات والفقرات موجودة في زيارة الناحية فنحن نستنتج من ذلك بأن هذه الزيارة لا يصح نسبتها إلى الإمام المعصوم، لأن فيها عبارات مثل السلام على من دفنه أهل القرى، بينما نحن نعلم بما ورد في الروايات بأن الذي دفن الإمام الحسين عليه السلام هو ابنه السجاد وليس أهل القرى المجاورة لكربلاء، فإذا كانت هذه الزيارة تقول كذلك فهي تعارض الروايات التي تقول بأن السجاد عليه السلام هو الذي دفن الحسين عليه السلام.
أيضاً البعض يقول بأن هذه الزيارة فيها فقرة (بَرَزْنَ مِنَ الْخُدُورِ، نَاشِرَاتِ الشُّعُورِ عَلَى الْخُدُودِ، لَاطِمَاتِ الْوُجُوهِ، سَافِرَاتٍ وَبِالْعَوِيلِ دَاعِيَاتٍ، وَبَعْدَ الْعِزِّ مُذَلَّلَاتٍ) فكيف أن بنات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينشرون شعورهن ويخرجون من الميدان ويصلون إلى الحسين وهن سافرات الوجوه؟ وأمثال ذلك من العبارات والأسئلة التي لا يفترض ان تكون صحيحة، فإذا كانت ليست صحيحة فإن الإمام ليس هو من قال هذه الزيارة.
أجاب العلماء عن هذه الإشكالات والأسئلة بعدة أجوبة، فبعض الأجوبة تخصصية أشير إليها إشارة عابرة، وبعضها متاحة للجميع.
أولاً: الجواب التخصصي الذي قاله العلماء: يقولون بأنهم إذا رأوا رواية ثابتة عن معصوم فيها عدة فقرات وعدة جمل وإحدى هذه الجمل غير صحيح أو مخالف للعقل ومخالف للنصوص الأخرى، فهل نقول بأن ما دامت هذه الجملة فكرتها غير صحيحة ومخالفة للعقل فهل نرد كل هذه الرواية؟
يقول العلماء المحققون هنا بأن الصحيح هو أن نقبل ما لا يخالفه العقل ولا الشرع ولا النص الديني ونستبعد الجملة غير الصحيحة، فنبعض في قبولها، بناءً على ذلك لو فرضنا بأن ما ذكر في هذه الزيارة مخالف للروايات، فناشرات الشعور مخالف لما نعهده من بنات رسول الله فإننا نستبعد هذا السطر أو هذه الفقرة من الرواية لا أن نرد كل الرواية.
ثانياً: هذه الكلمات لها توجيهات ولها تفسيرات، فما دام يمكن ان تفسر وتوجه فليس لديها مشكلة، مثلاً عندما يقول الإمام: السلام على من دفنه أهل القرى، فإنه لم يقل (ولم يدفنه الإمام السجاد) وبالفعل فإن أهل القرى المحيطة لا سيما بنو أسد كانوا قد اشتركوا في دفن تلك الأجساد وأعانوا الإمام السجاد عليه السلام في ذلك وجاؤوا له بالبارية فيما يرتبط بالإمام الحسين عليه السلام، إذاً لو قال النص بأن الذي دفنه هم أهل القرى فهذا ليس شيئاً كاذباً، فهم دفنوه والإمام السجاد هو الذي باشر الدفن لخصوص الإمام الحسين عليه السلام ولكن بمعونة أهل القرى، وأما بالنسبة إلى الأنصار فهم قد دفنوا أكثرهم.
كذلك فقرة ناشرات الشعور فلها أكثر من توجيه:
أولاً: من يقول بأنه بهذه الحالة ذهبوا إلى المعركة؟ ليس هناك دليل يقول ذلك ولا حتى الرواية تقول ذلك أيضاً، بل تقول بأنه حدثت أعمال متعددة، فالعمل الأول ناشرات الشعور والعمل الثاني كاشفات الوجوه والعمل الثالث لاطمات الخدود والعمل الرابع ذهبن إلى الجسد، ولكن هل ذهبن إلى الجسد بتلك الصورة التي تقدمت؟ لا يوجد دليل على ذلك لا سيما مع النظر إلى ما كان عليه مخيم الحسين عليه السلام، فمخيم الحسين عليه السلام كان بشكل أن مخيم النساء وما يرتبط بهن في الوسط وحوله دائرة أو نصف دائرة من الخيام لأهل البيت والأنصار، ولو تخيلنا أن هذه النصف دائرة أمام العدو ومن الخلف جعل الإمام الحسين عليه السلام خندقاً وضع فيه الحطب وأشعل فيه النار حتى لا تقتحم خيول الأعداء الخيم من الخلف، ولذلك ابن حوزة لعنة الله عليه قال تعجلت بالنار يا حسين، فقال الحسين عليه السلام: من هذا؟ فقال: ابن حوزة، فقال الحسين عليه السلام: اللهم حزه إلى النار، وبالفعل نفر به فرسه وألقاه في ذلك الخندق الملتهب.
إذاً فإن النساء خرجت من خيامهن ضمن إطار المخيم الذي هو أشبه بنصف دائرة من الخيم المتشابكة تصد نظر الأعداء لهن، وغاية ما تقوله هذه الزيارة بأن النساء خرجن ناشرات الشعور سافرات الوجوه فقد يكون ذلك داخل المخيم وبين الخيمات التي كانت تسترهن.
إذاً فإن ما أثير من إشكالات على هذه الزيارة بأنها تشتمل على بعض الفقرات التي لا يمكن قبلوها قد تم الجواب عليه بهذا.
هل هذه الرواية معتبر بها أو لا؟
الرأي المشهور عند علماؤنا هو نعم فهي مروية عن الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، وقد رواها الشيخ المفيد رضوان الله تعالى عليه وهو متوفى سنة 413 هـ، وهو مفخرة شيعة آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهو أستاذ شيخ الطائفة الطوسي واستاذ الشريفين المرتضى والرضي، وهو المؤسس لكثير من العلوم الدينية فقد كان أمره عجيباً في الجلالة والعظمة، ذكر في كتابه (المزار) بقوله: وهناك رواية أخرى في زيارته عليه السلام، فالمتعارف في كلمات الشيخ المفيد عندما يقول وهناك رواية أخرى فيعني أن هذا وصل إليه بطريق مروي وليس تأليف أحد، لأن بعض الذين لم يقبلوا كونها كلام الإمام المهدي قالوا بأنها من تأليف الشريف المرتضى.
الشريف المرتضى هو تلميذ الشيخ المفيد وتوفي بعده، والشيخ المفيد قال في كتبه بأن هناك رواية أخرى في زيارته أي زيارة الإمام الحسين عليه السلام، فكيف يدعى بأن الشريف المرتضى الذي أتى بعده وكان بين وفاتيهما مدة من سنة 413هـ إلى سنة 436هـ، وقد ذكره الشيخ المفيد في كتابه مبكراً.
أيضاً ابن المشهدي وهو أحد علماؤنا الكبار توفي قبل سنة 600هـ وعنده كتاب اسمه (المزار)، فعادةً الزيارات يفرد لها كتاب يسمى بالمزار كمزار البحار للعلامة المجلسي ومزار ابن المشهدي وغيرها، يكون فقط حول الزيارات وأحاديثها وثوابها ونصوصها.
ابن المشهدي قبل سنة 600هـ ذكر بشكل أصرح وأوضح: ومما خرج من الناحية إلى أحد الأبواب أي أحد السفراء، وأيضاً قال في بداية كتابه بأنه يورد من الزيارات الكاملات ما وصلهم من الثقات إلى الأئمة السادات، أي ان ما يذكره هو زيارات متقنة نقلها له الثقات إلى الأئمة عليهم السلام، ولذلك نسبها كثير من العلماء الفقهاء والمحققين مباشرة إلى الإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف.
وهؤلاء العلماء أعاظم كالشيخ محمد حسين كاشف الغطاء رضوان الله تعالى عليه تلميذ صاحب العروة الشيخ اليزدي وأمثاله، والبعض منهم مراجع كالسيد محمد الميلاني رحمة الله عليه الذي كان من زملاء السيد الخوئي ومن تلامذة المحقق النائيني والأصفهاني وكانت مرجعيته في مشهد كان عندما يذكر في كتابه: (قادتنا كيف نعرفهم) يذكر صراحةً نسبة هذه الزيارة إلى الإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف.
وأما المحققون الذين كتبوا في قضية الحسين فكثير كالسيد المقرم رجمة الله عليه والشيخ باقر الشريف القرشي رحمة الله عليه وأمثال هؤلاء الذين ذهبوا إلى رضوان الله وعفوه.
بناءً على ذلك يختار العلماء المعاصرون بأن هذه الزيارة تصح نسبتها إلى الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف ويستندون إليها وبالتالي لا تفقد أي شيء من أهميتها.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لزيارة الحسين عليه السلام بها وبغيرها من الزيارات وأن يرزقنا قراءتها عند قبر الحسين سلام الله عليه، هذا الإمام العظيم الذي خرج من وطن جده بل خرج من حرم الله وبيته الآمن من أجل أن يحقق نصرة الإسلام وبقاء الدين.
خرج الحسين من المدينة خائفاً كخروج موسى خائفاً يتكتم
فالإمام الحسين عليه السلام لم يكن خائفاً على نفسه فهو يعرف بأنه يفدي نفسه في طريق الله ولكن كما قال امير المؤمنين: أوجس موسى في نفسه خيفة، فهناك فرق بين أوجس في نفسه أو أوجس على نفسه، فأوجس في نفسه أي خاف في نفسه على شيء آخر، فيقول إمامنا عليه السلام: خاف من غلبة الجهال ومن دول الضلال، وكذلك الحسين عليه السلام خرج خائفاً بهذ