5- ماذا حققت المرجعية الشيعية (1)
كتابة الفاضلة أمجاد حسن
قال الله العظيم في كتابه الكريم، بسم الله الرحمن الرحيم: (وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون). آمنا بالله.. صدق الله العلي العظيم. حديثنا في هذه الليلة يتناول بإذن الله إجابة عن سؤالي، ماذا حققت المرجعية الدينية الشيعية في تاريخ التشيع؟
قد ذكرنا في ليلة مضت على سبيل الاختصار الشديد جدا. السامية، وسطورا عن بعض مرجعيات الطائفة العليا والكبرى. ونحن على يقين أننا لم نستوعب ذكر هذه المرجعيات، حتى على سبيل الاسم. فإن ما لم نذكره من المرجعيات، بل المرجعيات العليا. هو أكثر بكثير مما ذكرناه وأشرنا إليه. لكن طبيعة وبيئة الحديث ومراعاة الاختصار تقتضي الذي ذكرناه.
ملاحظة قبل أن نبدأ في حديثنا في الإجابة على السؤال: عندما نتحدث عن ما حققته المرجعية الدينية، نتحدث عن النظام. لا نتحدث بالضرورة عن الشخص المعين، حتى لا يجي فد إنسان يقول أوه، هذا المرجع، أنت ما ذكرته ومرجعنا أنت ما صرحت إليه، هو ما أشرت إليه وأمثال ذلك. هنا الحديث ليس في إطار ذكر الأشخاص وإنما في إطار التعظيم، البرنامج تعظيم النظام. هذا النظام، سواء كان في القرن الثالث الهجري أو في القرن السابع الهجري، أو في القرن الرابع عشر الهجري، أو بعد قرنين وثلاثة من الزمان. هذا النظام نظام ولاد لكفاءات استثنائية إذا حظ حصل لها ظرف معين، تتعامل معه بما يقتضي. فقد تجد مرجعية دينية يقتضي منها الظرف المحيط الدخول المباشر والصريح والواضح في الموضوع السياسي، فتدخل فيه وتعطي الموقف المناسب. وقد يقتضي من مرجعية أخرى عليا في نفس الزمان، أو في غير ذلك الزمان أن تعتزل الموضوع السياسي لما هو أولى منه وأعظم وأكثر تأثيرا، فتدخل في ذلك الموضوع الآخر، وتعتزل هذا الجانب السياسي، وتبدع فيه، وتخدم الإسلام والمذهب خدمة عظيمة. فإحنا عندما نتحدث عن المرجعية الدينية الشيعية، لا نتحدث عن المرجع الشيعي، وإن كان هذا النظام لا بد أنه يحتاج إلى شخص مؤهل كفوء كما وصفه الحديث المعروف عن الإمام العسكري عليه السلام: "وأما من كان من الفقهاء..." إلى آخر الحديث الذي ذكرناه في ليلة مضت، فنحن إذا نتحدث عن ما حققته المرجعية الدينية كنظام وكطريق إدارة، أشار إليه وبلغ عنه أئمة الهدى صلوات الله وسلامه عليهم. نعم، هذا النظام ما يبقى عائم في الفضاء والهواء، وإنما لا بد أن يتمثل في شخص يجمع هذه الصفات يكون هو الأفضل في جمعه للصفات المطلوبة، وآنئذ تتحقق هذه الإنجازات وأمثالها على يده.
سوف نتحدث هذه الليلة أولا عن ما يرتبط بتحقيق المرجعية الدينية للحفاظ على الشريعة المحمدية في نسختها العلوية. وهي منهج أهل البيت عليهم السلام، وتحديدا ما يرتبط بفقه جعفر بن محمد الصادق صلوات الله وسلامه عليه، أو لغرض أو لهدف، ولعله هو الأكبر والأهم: أن المرجعية الدينية الشيعية حافظت على الشريعة، العقيدة والشريعة، إللي هي عموم الإسلام ضمن النسخة الصحيحة العلوية. وهذا أمر فيما نعتقد أنه تهون دونه سائر الأمور. قد ذكرنا في أول الليالي -كما يتذكر الأخوة الفضلاء- أن غرض الإنسان وهدف وجوده في هذه الحياة: هو عبادة الله عز وجل، عبادة الله هي محققة لغاية خلق البشرية، (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون).
الطريق إلى عبادة الله لم يترك سدى وعبثا، ولا اقتراحا، الله ما قال أنا خلقتك مو اعبدوني كيفما شئتم، وإنما شق طريقا محددا واضحا وصراطا مستقيما معينا، يوصل هذا الإنسان إلى ذلك الهدف، وهو عبادة الله، ومن ثم ثوابه وجزاؤه. جعلكم الله وإيانا أهل جزائه وثوابه بالجنة إن شاء الله. هذا الطريق إله محددات، إله شروط، إله كيفيات، ما قال صلِّ كيفما شئت، وصم بأي طريقة أردت، وحج بأي كيفية اجتهدت، وإنما عين هذا الطريق. وهذا الطريق خلفه لنا رسول الله صلى الله عليه وآله ثم أئمة الهدى صلوات الله وسلامه عليهم. وجاءت المرجعية الدينية والفقهاء الحافظون لدين الله والصائنون لأنفسهم والمخالفون لهواهم؛ لكي يحددوا بشكل واضح تفاصيل هذا الأمر، وهو ما نصطلح عليه الآن بالأحكام الشرعية، الرسالة العملية يفترض أنها البرنامج الذي يريده الله عز وجل ويريده رسول الله، ويريده أئمة الهدى، لكي يصل الإنسان من خلال السير على وفق هذه الرسالة العملية في عباداتها ومعاملاتها، حتى يصل الى صفة كونه عابدا لله عز وجل على النهج الذي أراده، طيب.
هذا يحتاج إلى جهد كبير، يحتاج إلى اجتهاد، يحتاج إليه إلى استنباط، يحتاج إليه إلى بحث واستفراغ الوسع. ليست القضية قضية عادية، ولذلك إحنا ننظر بنظر غير عادي لمن يستهزئ بمثل هذه الأمور، هي صايرة بعض الكلمات الآن، أحيانا حتى من بعض المثقفين، بل من أهل العلم أنه شنو؟ علماؤنا منشغلين بأحكام الحيض والنفاس والطهارة والنجاسة.. نعم ينبغي أن ينشغلوا بذلك. لو لم ينشغلوا بذلك، لكتموا العلم وخانوا أماناتهم. تتصور أن قضية ما يسمونه مسائل الحيض والنفاس، والطهارة والنجاسة، ويقوله الواحد بلسان الاستهزاء.. لا يابه، وهذا الدين لازم انت تستهزئ برسول الله، لأنه جاء بهذه الاحاديث وتستهزئ بجعفر ابن محمد، لانه اصرفي مئات الاحاديث على ذكر أحكام النجاسة والطهارة والحيض والنفاس، والجنابة، والغسل، والوضوء شغله، وهذا الإمام الصادق عليه السلام. فترة الإمامة من أطول الفترات. أربعة وثلاثين سنة كلها شغلها وهو في هذا الموضوع الذي أنت أيها البعيد طبعا أنا لا أخاطب السامعين هم أرقى من هذا المستوى هذا الذي يقول كذا وكذا، هو هذا الشغل الإمام الصادق. هو اللي جاب الأحاديث والروايات والأخبار وقبله الإمام الباقر وقبله الإمام السجاد، وبعدهم الكاظم والرضا، وهو أكثر تفصيلا من أبيه الكاظم في هذه الأمور، طيب هم هذول اللي جابوها. لعلمهم بأهمية هذا الموضوع. بعض الناس يجي يقول تعالوا تحدثوا إلينا في الموضوع السياسي الكذائي، ليش علمائنا مشغولين بقضايا النجاسة والطهارة والحيض والنفاس؟ زين؟ هذا هو شغل الأئمة عليهم السلام، وهاي أحاديثهم، لا، راحوا العلماء استوردوا أحاديث منا ولا مناك، وإنما جاء صاحب الوسائل وجمع كتاب الوسائل ثلاثين مجلد كل هي ترتبط بالعبادات والمعاملات والبرنامج العملي، لكي يكون الإنسان المسلم عابدا الله عز وجل فيحقق هدف وجود حياته. زين هذا الشغل الأئمة كلهم، هذا الفقيه وهذا المرجع إنما يعمل في هذا الأمر. لذلك. هذا التسخيف اللي أحيانا يصير. كما قلت، حتى أحيانا من بعض أهل العلم تسخيف هذا الأمر، هذا في حقيقة أمره تسخيف لكلام الإمام. إذا كنت لا تدري فتلك مصيبة. وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم. هذا الفقيه اللي اليوم يحقق هاي الرواية وتلك الرواية مو جايبها من جيبه، هذه جاء بها المحدثون بالروايات والأسانيد المعتبرة عن الأئمة، هذا ملزم بأن يبحث فيها وأن يناقشها وأن لا يصدق تماما ويقلد من كان من قبله، لازم هو أيضا يجتهد فيها رجالا دراية فقها. غير ذلك، لغة حتى، طيب.
فهذا اللي يخلي مراجع التقليد عندنا، ما شاء الله، شيخ الطائفة الطوسي رضوان الله تعالى عليه ذكرنا في ذات ليلة أن عنده أنواع من الفقه، عنده المبسوط في الفقه، فقه تفريعي مفصل قريب من عشرين مجلد في بعض الطبعات، بين قوسين احنا نقول في بعض الطبعات لأن تختلف طبعة بلا تحقيق، تختلف عن الطبعة مع التحقيق، هذه أكبر تلك أصغر، لكن هذا الحجم العلمي لهذه الدورة. فقه مقارن، فقه الخلاف يتعرض فيه إلى مو فقه المذاهب الخمسة إلى مذاهب ما إلها الآن أتباع، ولكن من الناحية العلمية إلها دور: فقه الليث، وفقه الأوزاعي، وفقه فلان، وفقه فلان، طيب، ويحققها ويناقشها، ويثبت مذهب أهل البيت عليهم السلام، ورسالة عملية النهاية في مجرد الفتاوى والأحكام وغيرها. العلامة الحلي أيضا على نفس المنهاج. فد شيء حول مختلف الشيعة، مختلف فيه شيعة أهل البيت، آراء، فقهاء الإمامية في كل مسألة، بحيث لو أن فقيه أراد أن يتعرف على آراء فقهاء أهل البيت من زمان شيخ الطائفة إلى زمان العلامة الحلي. قريب من ثلاث مائة سنة يقدر يروح إلى كتاب مختلف الشيعة، ويعرف آراء. فقهاء أهل البيت عليهم السلام. وفقه مقارن عنده كتاب قواعد الأحكام في الاستدلال على المسائل الفقهية، وغير ذلك، جامع المقاصد قريب من ثلاثين مجلد، شيخ علي عبد العالي الكركي رضوان الله تعالى عليه، الجواهر قريب من خمسة وأربعين مجلد، جواهر الكلام.. وهكذا وعلى هذا المعدل زين، هذه فيما يرتبط بالفقه، ولا يزال، هذا أنا أحيانا أطلع برا حتى بعض الأفكار البائسة التي تبث هنا وهناك، ايش يقول لك: شنو واحد يريد يقول في موضوعي الوضوء والغسل والصلاة وكذا، نعم ممكن إنسان ما عنده قدرة علمية، ما يقدر يقول شيء جديد. لكن الفارق بين كل عالم وعالم ودورة فقهية ودورة فقهية أخرى. أهل الفن، أهل المعرفة، يعرفون الفرق، الساعة قد لا يكون فرق مئة في المئة، ولكن هناك فروق كثيرة مباني فقهية تتغير كثيرة، وين مباني الفقهية اللي كانت في زمان شيخ الطائفة الطوسي وبين المباني الفقهية اللي موجودة في زماننا هذا. فهذا أن يجي إنسان ويقول شنو تريد بعد أكثر من هذا؟ تبحث في هذا الموضوع، في الوضوء والغسل والصلاة، هذا هو شغل العالم. بعض الاجتهاد، ما دام مفتوحا، وما دام النص الشرعي يتحمل البحث، أنا الفقيه، لست أنا المتكلم، لا، لسان حال ذاك الفقيه المجتهد يقول لك: أنا ليش أقلد؟ ولو أستاذي هو فلان؟ لماذا أقلده؟ ما دام عندي آلة الفقاهة والقدرة على ذلك؟ طيب. فأئمة الهدى عليهم السلام هم اللي أعطوا هذه الروايات والأحاديث والفقهاء، والعلماء جاؤوا وفصلوها وجرحوها، لذلك تجد المكتبة الشيعية غنية جدا بالكتب الاستدلالية في مسائل الأحكام الشرعية، والمسائل الشرعية ما تنتهي. أجيب لك مثال في القديم، وأجيب لك مثال في الحاضرالآن بعد ما أنت تصلي على محمد وآل محمد. اللهم صل على محمد وآل محمد.
زرارة ابن أعين الشيباني، محدث وفقيه من تلامذة الباقر، وتلامذة الصادق عليهم عليهم السلام، يقول للإمام الصادق. وقد أراد الانصراف عنه، قال: "سيدي يا أبا عبد الله، منذ أربعين سنة أنا أسألك في الحج، وأنت تجيبني". أربعين سنة صار لي أسألك وأنت تجاوب شنو؟ هاي ما تخلص؟ فقال له: "يا زرارة بيت أحج الله إليه عباده قبل آدم بألفي عام، تريد أن تنتهي مسائله في أربعين سنة". هذا البيت قبل آدم كان موجود، إبراهيم لما إجا رفع القواعد، كان البيت موجود، هدم بقية القواعد، هذا إجا رفع القواعد، وإلا كان موجود قبل ذلك. طيب.
من الذي أحج إليهم بناء على نظرية إن قبل آدم كم هذا ألف آدم، وقبل عالمكم هذا ألف عالم، واضح. لا تتصور إنه أنتم أيها البشر، هم كل شيء، لا عمي. أنت وجزء من هذه السلسلة في الخلق. آخر الأوادم إنت ولعله مو آخر الأوادم، والله العالم يمكن بعدنا يجون جماعة. بس أكو عندنا روايات وفيها الصحيح، وهي التي لا يستطيع غيرنا أن يستشكل علينا، كما يستشكلون على المسيحيين في إنه كيف تقولوا خلق الخلق البشرية سبعة آلاف سنة والحال أن البحوث الأركيولوجية وما أدري الآثارية تشير إلى وجود ملايين ومئات الألوف من السنوات قبل هذا الآدم، الذي قبل سبعة آلاف سنة إذا قبلنا هذه النظرية أنك قبل آدم، كم هذا الألف آدم؟ وقبل عالمكم الف عالم، وقلة فيها روايات صحيحة في هذا الباب. ما في مشكلة. أو، إذا لا، قد يكون أحج الله الملائكة حول ذلك البيت، ويقول له أنا منذ أربعين سنة أسألك مع انه زرارة عاصر الإمام الصادق عليه السلام ستة وثلاثين سنة فيما قيل فإما بناء على التقريب حيث جرت عادة العرب عندما يكون شيء أكثر من ثلاثين مثلا بمقدار يصير ستة وثلاثين بعد ما يجي يحددها ستة وثلاثين سنة و أربعة أشهر، و ثلاثة أيام، و أربع ساعات فيقول أربعين سنة طيب. فهذه إذا كان في مسائل الحاج، فكيف بسائر المسائل؟
سألت أخانا العلامة الشيخ ضياء الدين ابن المرجع الديني، الشيخ محمد أمين زين الدين رحمه الله، تعتبر رسالته العملية في هالأزمنة هذه أوسع الرسائل العملية، كلمة التقوى، أنه كم مسألة في هذا؟ فكلف أحدا بأن يحصي ذلك؟ طلعت تسعة آلاف ومئتين وكذا وأربعين يعني قريب عشرة آلاف مسألة من مسائل الفقه. المرحوم السيد الأخوي عنده صراط النجاة، ما جمعه أحد طلاب العلم في الاستفتاءات والأجوبة عشرة مجلدات معدل كل مجلد فيه قريب ألف ألف، وشيء من المسائل يعني عشرة آلاف مسألة هذه التي أحصيت ومن مرجعية هكذا زين، وليست كل ما استفتي الآن المواقع الالكترونية للمرجعية الدينية، لو تحصي فيها شقد من المسائل يعسر عليك الحصر والعد، وهذه حاجات حقيقية أيها الأخوة. إحنا اللي نعتب على بعض مثلا أهل الثقافة وأهل العلم هو هذا الاستخفاف بالمسألة الشرعية، يابا، المسألة الشرعية هي حكم الله عز وجل. المسألة الشرعية هي الطريق للإنسان لتحقيق هدف خلقته في أنه عابد لله. ماكو شيء يسواها، يقول العالم قاعد يسوي ما أدري آيفون أربعطاش وإحنا بعد ما نحكي فيه. الما أدري مسائل الحيض والنفاس وما شابه، طيب ذاك أهم يسوي شغلة لأمر دنيوي، أقصى غاية انه يريحك في هذه الدنيا، لكن هذا الأمر، هذا الشيء لا ينقذك اذا كان اتجاهك خاطئ يوم القيامة. لا يدخلك الجنة، لا يحقق هدف خلقتك من العبودية لله عز وجل، لا أريد أن أستخف بهذه الإنجازات البشرية، هي إنجازات مقدرة. ولكن غايتها هو تحسين حياتك في هذه الدنيا. هذا غرض جيد لا بأس به، ذاك الأمر. الغرض ماله لتحقيق هدف وجودك في هذه الحياة، أن تكون عابدا لله أو غير عابد، ان تكون ناجيا يوم القيامة، أو غير ناج، فلماذا يستخف بها؟ فأولا مما حققته المرجعية إنت لما تشوف هذا، تجي في مثل هذه الأيام تشوف ما يقابل المرجعية الدينية، مثلا في الحالة المسيحية، بعض الكنائس، بعض الكنائس الرسمية الكبرى في هذا العالم اليوم، تجيز ماذا؟ تجيز هالاتجاهات الشاذة وغير المتوافقة لا مع الفطرة ولا مع الدين الأصلي الذي يتدينون به، ولا مع الأخلاق؟ طيب هو هذا فتوى الذي تصنعه الكنيسة الفلانية، هي فتوى بس هالفتوى وراها جريان مجتمع كامل في الخطأ، انحراف تام، مو في جيل، وإنما في أجيال متتالية! وراء هذه الفتوى يصير أن المجتمع الغربي من قبل أربعمية سنة أو نحو ذلك، ترك الدين وترك الكنيسة، وترك هذه الأمور. أنت عندك مرجعية دينية حتى في كيف تغسل يدك لأجل أن تتوضأ؟ تقول لك هذا طريق صحيح، وذاك طريق غير صحيح. فهذا واحد من الأمور، فيما يرتبط بالأحكام، الجهة الأخرى، ما يرتبط بالعقائد والتحديات الفكرية. ديننا الإسلامي، مذهبنا، مذهب أهل البيت، يتعرض كأي نظرية من النظريات. كأي منهج من المناهج إلى هجمات فكرية، وإلى تلبيسة، وإلى تلبيسات من قبلها عاي يدرون، يدرون الأعداء أن أنت يجي تمنع إنسان بالقوة عن مذهبه وعن دينه، ما يصير، شنو اللي يصير؟ اللي يصير انذب إلى الشبهة. إذا ذبيت إلى الشبهة، يمكن الحاضرون أمامي حفظهم الله والسامعون، يعون ويعرفون القضايا، ولكن قد يكون ابني وحفيدي لا يجد جوابا على ذلك، وبالتالي سينحرف طواعية عن الدين، ما يحتاج أحد يجبرها عليه. ما يحتاج يضغطون عليه حتى يترك الإسلام، ومذهب أهل البيت لا هو بنفسه بعد، يفيق، يأخذ الشبهة، يعتقدها ما دام ما عنده جواب، وفي الطرف الآخر أيضا قد ينشرها. زين، هذا معنى، ذلك تفريغ المذهب من داخل، هيكل ظاهري كبير ومهم، لكن في الداخل الشبهات تنخر فيه. من الذي يتصدى لمثل هذه الأمور؟ المفروض أنه الحوزة العلمية، المفروض أنه أهل المعرفة الدينية، وفي طليعتها المرجعيات الدينية، ولذلك بعض علمائنا من المرجعيات والذين كانوا في هذا المستوى أصلا تركوا الموضوع، الفقه المعتاد، راحوا وراء تلك الأمور، مثال على ذلك المرحوم الشيخ محمد جواد البلاغي، أستاذ مثل السيد الخوئي وأستاذ السيد الحكيم، وهل الجيل هذا كان من الممكن أن تصل إليه المرجعية وهو أهل لها وفي محلها؟ مفسر قدير للقرآن الكريم، فقيه من الفقهاء. طيب، لكن رأى أن الحملة التبشيرية على البلاد الإسلامية القادمة متعاونة مع الاستعمار الفرنسي والبريطاني. هذه تحتاج إلى مواجهة فكرية، ذولا جايين يبثون شبهات حول سيرة وحياة سيد الأنبياء محمد وحول دين الإسلام إثارات، ودعوة إلى أنه الديانة المسيحية هي ديانة المحبة والسلام، وإلى غير ذلك. ومن الممكن أن تؤثر هذه الدعوات، فتفرغ هذا العالم الجليل رضوان الله تعالى عليه لدراسة اللغة اللاتينية القديمة واللغة العبرية القديمة بالإضافة إلى دراسة كتب العهدين القديم والجديد التوراة والإنجيل دراسة مستوعبة حتى ليكاد يحفظ تلك الأسفار. زين؟ وبدأ يكتب وبدأ يناقش، وإذا سمع أحد عنده تلبيسات، وشبه يروح يناقشه. فانزاحت إلى حد كبير أعمال التبشير التي كانت بحماية البريطانيين في العراق وفي أطراف بلاد الإسلام. ألَّف كتب كثيرة، منها الرحلة المدرسية، منها الهدى إلى دين المصطفى، منها كتب محاورات طيب. وكان، كما قلت، يحفظ هذه الأسفار بلغتها القديمة، بحيث لا يستطيع أولئك الأحبار، وأولئك الرهبان مجاراته في هذا الأمر. زين، إحنا لو ما عندنا هالشكل توجه، ما عندنا هالشكل أفراد بهذا المستوى، طيب ومن هم تحت؟ هم ترى الحالة العلمية الدينية في بلادنا الشيعية، ما هي منح دولة، ما عندنا مثلا وزارة الشؤون الإسلامية وتحت ايدها جيش من المشايخ وأئمة الجماعة والكتاب والمؤلفون. وما شابه.. كل أعمال وزارات الإرشاد والأوقاف والشؤون الإسلامية، هذا جزء مما تقوم به المرجعية الدينية في قضية التبليغ. رد الشبهات، نشر العلم، ما شابه ذلك. ما يرتبط بالشبهات حول الشيوعية التي جاءت في وقت من الأوقات، بالإضافة إلى قضية الفتاوى، كما فعلها السيد الحكيم رضوان الله تعالى عليه، وتابعه بعد ذلك من كان في عصره من العلماء والمراجع، وحرم هذه الاتجاهات الباطلة. بالإضافة إلى ذلك تمت دراسة هذه العقائد، هذه الأفكار، هذه النظريات، وتم هدمها والتغلب عليها، زين، هذا إذا ما كانت هناك محاولة لحفظ الشريعة والعقيدة من قبل المرجعية الدينية بهذا المستوى، من الممكن، هذا الإنسان المثقف يجي في الموضوع الاقتصادي يقول نعم، الرأسمالية هي الخلاص. وأحد الكتاب في وقته من أصل ياباني، تجنس أمريكيا، وكتب كتابا يعتبر فيه أن التاريخ بعد خلص انتهى، والعالم كله باتجاه الرأسمالية، باعتبار أن العقل البشري اختار هذا النظام كأفضل نظام يمكن أن يدير حياة الإنسان الاقتصادية. زين قد يأتي شخص مثقف ويقرأ مثل هذا، وعنده من أفكار هذا الكتاب ما قد يقنع هذا المثقف، أو هذا الشاب، أو مثلي وأمثالي، يحتاج إلى أن يأتي واحد ويرد على ذلك، ويؤلف كتاب اقتصادنا مثل السيد الشهيد رحمة الله عليه. زين؟ أو النحل للشيوعية، والماركسية، وغير ذلك من الأفكار، نظرية التطور في تاريخ البشر. إيه في فرعها المكذب للرسالات؟ طيب وأنه هذا الكلام اللي خلق الإنسان من آدم وما شابه ذلك، هذه نظرية لا يعضدها العلم، وإنما يعضد نظرية وقرى، يحتاج الى من يبرز إلى الميدان مسلحا بكفاءة عالية من المعرفة حتى يرد مثل هذه الشبهات، من الذي يستطيع؟ المفروض الحوزة العلمية. المفروض المرجعية الدينية، وقد فعلوا ذلك، والآن ما عندنا فرصة لكي نستعرض الكتب الكثيرة في هذا الجانب، ما يرتبط بالخلاف المذهبي، كما أنه عندنا مشكلة مع الخارج، أكو عندنا مشكلة في الداخل الإسلامي. هناك قسم من الناس ما يألفون طريقة، نحن بما عندنا وأنت بما عندك راض، والرأي مختلف، إن تروح ورا علي بن أبي طالب، كم واحنا نروح وراء زيد وعامر مالنا طيب. نحن ما يقبلون بهذا، يابا، خلونا على راحتنا. لا يريد يجي يعتقد أنك في نار جهنم إلا ويريد يطلعك من أداء يابا. أنا مرتاح في هذه النار، علي هي جنة ، إن كان هناك نار. ولكنها هي الجنة، وهو قسيم الجنة والنار، لا هذا يجي يقول لك لا، أنت خطأ فيه كذا، وأنت مخالف للسنة فيه كذا، وأنت كذا
وأنت مشرك، وأنت تعبد القبور وأنت وأنت إلى آخره زين، يحتاج هذا إلى من يبرز إلى الميدان ليرد الشبهات؛ لأنه قد يكون أنت الذي تسمعني. الحمد لله إنسان واعي، قارئ، سامع، مفكر، لكن كما قلت الجيل اللي بعدك من الممكن أن يتأثر. يحتاج هنا إلى أن تبرز المرجعية الدينية. تأسس المؤسسات، وهذا سيكون حديث بعدها. وتنتج الكتاب والخطاب والرأي والرد حتى تحفظ إيمانه المؤمنين، فأول شيء نعتقد هو اهم شيء نعتقده، بحيث لو لم تفعل المرجعية الدينية إلا هذا لكان شيئا عظيما وكبيرا هو حفظ العقيدة وحفظ الشريعة في نفوس المؤمنين. إبقاء هذا الطريق النبوي العلوي الصادقي الإمامي الاثني عشري، طريق العبادة، ممهد إلى أن يصل الإنسان إلى جنة الله عز وجل.. إبقاؤه على طول الخط مفتوح، إبقاؤه على طول الخط مبرهن مستدل لا يوجد فيه خلل ولا زلل. كذلك ما يرتبط بالعقيدة ودفع الشبهات عنها على مستوى الأديان. وعلى مستوى ما بعد الأديان، يعني على مستوى الإيمان في مقابل غير المؤمنين بدين أصلا، وعلى مستوى الأديان في مقابل مثل اليهود والنصارى، وعلى مستوى المذاهب في مقابل مثل سائر المذاهب التي تشكك في مذهب أهل البيت عليهم السلام، فهذا من الأمور الأساسية التي حققتها المرجعية الدينية، ولا تزال كذلك، ونسأل الله أن يوفق مراجع دين وعلماء الإسلام للاستمرار في هذا المنهاج، حتى يوصلوا المؤمنين إلى حيث أراد الله عز وجل.
أمر ثان صيانة إيمان المؤمنين. الإنسان عن نفسه مسؤول أن يصون إيمانه، ومسؤول بدرجة أخرى عن أهله: (قو أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة) لكن خارج هذا الإطار ربما يقول لك الإنسان أنه أنا أقصى ما أستطيع أن أصنعه هو أمر، هو إرشاد للجاهل، إن كان جاهلا أو أمر بمعروف إن كان غير جاهل، أكثر من هذا مو مطلوب مني؟ هل مطلوب مني أن أنفق أموالي؟ حتى العائلة الفلانية مثلا؟ تصير طيبة وتصير كذا؟ ليس واجبا علي شيء؟ حسن طيب مستحب: "حب لأخيك ما تحب لنفسك"، ولكن واجب على من إذا يحمي إيمان المجتمع والناس عموما. إذا أنا ما علي هذا الواجب، وأنت هم ما عليك هذا الواجب إلا هو على نحو الاستحباب والعمل الأخلاقي. أكرمنا الله سبحانه وتعالى. حينما قال: (وما بكم من نعمة فمن الله) أنعم الله علينا حقيقة في هذا بالنسبة الى المذهب الإمامي، أنعم الله على الامامية بشيء لم يتوفق إليه غيرنا، نحن ندعو الله أن يهتدي الآخرون إلى هذا المنهاج. لكن إلى الآن، لا تجد هذا، لا تجد مرجعية دينية بالمواصفات التي تحملها المرجعية الدينية الشيعية في أي مكان في الدنيا. لا الآن ولا سابقا، إلى زمان رسول الله صلى الله عليه وآله، وهذا مو شغلنا إحنا. ولا جهدنا إحنا، وإنما هي نعمة الله عز وجل، أنعم الله علينا عندما اهتدينا إلى طريق أهل البيت.
عندما تذهب إلى زيارة الحسين، رزقكم الله وإيانا ذلك، إذن الدخول لاحظوا في فد ملاحظة. عندما تريد أن تدخل، تقول: (الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله)، (لقد جاءت رسل ربنا بالحق). هذا معناه: يارب ترى هذا مو جهدي أنا؟ ولا شغلي ولم أتاه على علم عندي، وإنما هي هدايتك يارب نعمتك يارب توفيقك يارب. وما توفيقي إلا بالله. فالله سبحانه وتعالى أكرمنا وأنعم علينا وتفضل علينا من غير استحقاق منا، ولا حق لنا عليه أن هدانا إلى هذا الطريق، هذا المنهج، المرجعية الدينية، التي من واجبها أن تحفظ إيمان المؤمنين في كل مكان. ولذلك، تؤسس المؤسسات وتنشئ المراكز وتساعد على المواقع الدينية وتبعث الوكلاء، وتنشر الكتاب، وتتصل وتعقب، وما شابه ذلك. نعم، الحمد لله، هناك من المؤمنين الصالحين المنفقين جزاهم الله خير الجزاء اللي أيضا يصرفون جزء من أموالهم في هذه الأمور أساسية لك مؤسسة بأمواله الشخصية، ويعتبرها الصدقة الجارية، وهي نعمة الصدقة، ويؤسس مسجدا، وكذلك ويؤسس مركزا، وكذلك جزاهم الله خير الجزاء، لكن، كان إنشاء هذه المراكز بعث الوكلاء والمبلغين التواصل مع المواضع الإسلامية المختلفة في داخل البلاد الإسلامية وفي خارجها. هو عمل تقوم به المرجعية الدينية بنحو قليل بنحو كثير في هذا المكان، زايد في ذاك المكان غير زايد في هذا المركز مئة في المئة في ذاك المركز خمسين في المئة لكن أصل حمل هذا الهم وهذه المسؤولية نحن نجدها موجودة في مرجعيتنا الدينية أعلى الله كلمتها. قلت كنظام ها، ما أقول لك فلان شخص زيد عمر له المرجعية الدينية، كان نظام تقوم بهذا الأمر وتحافظ بذلك على إيمان المؤمنين هنا وهناك، ولهذا أيضا تصرف على الحوزات العلمية و تنشئها، وتحافظ عليها، وتضحي من أجلها. بعض العلماء يهددون بالقتل، ولكن لا يتخلون عن الحوزة العلمية، ليش؟ لأنه يرى أن وظيفته هي حماية الحوزة وإبقاء هذه الحوزة العلمية، لأنه أنت تتصور لو لم تكن حوزة. لو لم تكن حوزة علمية، قلنا يعني الشيعة اختاروا من زمن مبكر أن يحيدوا عن الأنظمة الباطلة، وألا يدخلوا تحت غطائها، وبالتالي تلك الأنظمة كانت تعاديهم، فمن الذي يحمي مدارسهم؟ تدريسهم؟ طلابهم؟ علمائهم؟ في فئتهم الدينية، أئمة جماعتهم غير ذلك؟ اضطلعت بهذا الأمر، المرجعية الدينية الشيعية في كل مكان، ساعدها في ذلك ما يرتبط بالإنفاقات الشرعية التي نسميها بالحقوق الشرعية، حيث أنه يجب على كل مؤمن أن يدفع خمس ماله من مكاسبه الزائدة على نفقات مؤونته في كل سنة، على نفسه، وعلى عياله، وعلى هداياه، وعلى زياراته، وعلى ما يتناسب مع مستواه الاجتماعي، فإذا زاد عن ذلك شيء أخرج خمس ذلك الزائد، ودفعه إلى المرجعية لتعيد صرفه فيما يرتبط بمثل هذه الأمورعامة، المنفعة في نشر الدين، وتبليغ الإسلام. هناك. أمران آخران نتحدث عنهما إن شاء الله. في ليلة أخرى، قسم منها يرتبط بحفظ الكيان الشيعي، وقسم آخر يرتبط بحفظ استقلال الأمة الاسلامية في أعمال سياسية مهمة قامت بها المرجعيات الدينية في أوقات مختلفة. نترك هذا الحديث إلى وقت آخر، ونبقي حديثنا في هذا الاتجاه مجموع هذه الذي ذكرناها من حفظ العقيدة والأحكام من تأسيس المراكز والمؤسسات لحفظ الإيمان في نفوس المؤمنين في داخل البلاد المسلمة وفي خارجها، وكذلك ما يرتبط بتأسيس المراكز والحوزات العلمية التي تحافظ على تراث أهل البيت وهدايتهم للناس. هذا كله ينتهي إلى حفظ الدين، وهو الغرض الأقصى الذي جاء من أجله رسول الله صلى الله عليه وآله.