طرق معرفة الامام المعصوم 18
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 19/9/1443 هـ
تعريف:

18-  طرق معرفة الامام المعصوم.

كتابة مؤمنة فاضلة تسألكم الدعاء

جاء في الخبر المعتبر الذي نقله شيخنا ....الكافي عن عبد الله بن جندب عن الإمام الكاظم عليه السلام أن قال (تقول في سجدة الشكر ، اللهم إني أشهدك واشهد جميع ملائكتك وأنبيائك ورسلك أنك الله ربي و أن محمد صلى الله عليه وآله نبيي وأن عليا والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي و جعفر بن محمد و موسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي و علي بن محمد و الحسن بن علي والخلف المهدي عجل الله فرجه أئمتي اللهم إني رضيت بهم أئمة فارضني لهم يارب العالمين- صدق سيدنا ومولانا أبو الحسن موسى بن جعفر الكاظم صلوات الله عليه و سلامه عليه 

حديثنا بإذن الله تعالى وضمن سلسلة عترة النبي المعصومين عليهم السلام ، يتناول طرق تعريف الإمام المعصوم والتعرف عليه، 

كما أن واجب الأتباع و المكلفين التعرف على النبي و على الإمام ،كذلك يجب تعريف النبي والإمام وتزويده بما يلزم ليكون لديه الحجة على اتصاله بالله عز وجل . النبي لابد أن يخرج إلى الناس و يقول إني رسول الله إليكم جميعا و أني أدعوكم إلى عبادة الله وأنا رسول الله. هذا تعريف من جهته و من جهة الناس لا يستطيعون أن يصموا آذانهم ويشيحوا بوجوهه ويقولوا لم نسمع ولم نتعرف ، مسئوليتهم أن يفتشوا وأن يبحثوا عن الحجة الإلهية فهناك لزوم ووجوب على الإنسان المكلف أن يبحث عن حجة الله عليه عن قيادته إلى الله عز جل وهناك وجوب و لزوم من جهة النبي والإمام والحجة عموما بأن يبين نفسه وأن يظهر حاله وأن يدعوا الناس إلى منهاجه لذلك كانت الأنبياء لا يجلسون في منازلهم وإنما يخرج للناس و يدعوهم ويكلمهم إذا كان هناك حاجة للإعجاز يبرز معجزته و هكذا .وبالنسبة للمعصومين بعد النبي نفس الأمر لابد من التعريف بأنفسهم ليمكن للإنسان المؤمن الوصول إليهم. ولذلك    وجدنا فيما يرتبط بالمعصومين من أهل البيت عترة النبي و أوصيائه والأئمة تم تعريفهم بطرق متعددة و كثيرة بحيث لا يكون هناك حجة للمتخلف عنهم وتكون الحجة لهم على من سواهم في هذا الجانب. فهناك طرق متعددة في هذا الباب (باب التعرف على المعصوم وتعريف المعصوم) من تلك الطرق : النص عليهم ، نص وتنصيص على أن هؤلاء هم أئمة أهل البيت ، هم المعصومون ، هم الذين تجب طاعتهم وهو الطريق الأساسي وهذا ينقسم إلى شكلين : شكل نص عام على كل الأئمة ، و شكل خاص 

الإمام السابق ينص على الإمام اللاحق . 

من الأول وهو التنصيص و التصريح بأسمائهم و إماماتهم بشكل كامل يوجد لدينا روايات كثيرة جداً. من النبي المصطفى صلى الله عليه وآله إلى بقية الأئمة ( ذكرنا في ليلة مضت أن صاحب كتاب (كفاية الأثر) أورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بواسطة 27 من الصحابة روايات فيها نص في قسم منها على كل الأئمة المعصومين عليهم السلام . مثلاً ما ذكر في اللوح الذي كان لدى جابر بن عبد الله الأنصاري حيث يقول : دخلت على فاطمة الزهراء عليها السلام فوجدتُ عندها لوحاً أخضر مثل الزبرجد، فقلت لها ما هذا ؟فقالت :هذا لوح جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله فيه أسماء الهداة من ولدي (بعلي و أولاده الطاهرين)  فقال لها: هلا أريتيني إياه . فقالت : دونك .قال :فأخذته وبدأت أقرأ فيه أن الأئمة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله 

أولهم علي بن أبي طالب ثم ابنه الحسن ثم أخوه الحسين ثم ابنه علي بن الحسين وهكذا ساق الحديث إلى الإمام الحجة عجل الله فرجه و من هذا القبيل كثير. هذا نص على كل الائمة عليهم السلام ، بدءً من أيام الرسول وجدنا روايات عن النبي بعضها رواها أمير المؤمنين وبعضها جابر و بعضها سلمان بعضها عمار فيها ذكر لأسماء أهل البيت ومن الطبيعي أن يتعرفون على أسماء الائمة إلى آخرهم حين تنقل هذه الروايات مع أن بعض الرواة مثل جابر لم يبقى إلى زمن الإمام الصادق مثل ما هو مشهور إنما توفي في زمن الإمام الباقر عليه السلام ومع ذلك كان يعرف أئمة الهدى إلى الإمام الحجة .    

من ذلك ما نقلناه في ليلة مضت في رواية الخضر مع أمير المؤمنين عليه السلام . واللطيف أن هذه الرواية وهي بسند معتبر و صحيح ينقلها الإمام الجواد عليه السلام. الإمام الجواد في حدود سنة 204 أو 206 بعد شهادة أبيه الرضا عليه السلام هـ203 بينما الحادثة وقعت قبل سنة 40 هـ

(وأن أمير المؤمنين جالساً في رحبة الكوفة معه بعض أصحابه فجاء رجل لم يعرفوه وسأل بعض الأسئلة ثم قال إني أريد أن أعرض عليك ديني يا أبا الحسن فقال إني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وأنك ولي الله وبعدك الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين وهكذا ساق الحديث في أسماء الأئمة إلى الإمام الحجة عجل الله فرجه هؤلاء أئمتي. فقال ثبتك الله على ذلك.) و انصرف ذلك الرجال وأمر الإمام أحد أصحابه أن يتبعه حيث يذهب فعاد الرجل وقال ولم أره،  قال ذاك هو الخضر.

الخضر الذي علم موسى بعض الأمور بعمليه خاصة ذكرت في سورة الكهف أراد أن يعلم الحاضرين بهذه الطريقة أن الأئمة والقادة هم هؤلاء . فهذا نص في زمان اول الأئمة أمير المؤمنين عليه السلام لكن فيه تصريح بأسماء أئمة الهدى إلى زمان الإمام الحجة إلى 210 سنة أو أكثر . وهكذا كثير ومن ذلك ما ذكرناه في أول هذا المجلس وهو ما رواه الشيخ الكليني رضوان الله عليه بسنده المعتبر الصحيح إلى عبد الله بن جندب أحد خلص الإمام الصادق والكاظم، أنه سأل الإمام الكاظم ماذا أقول في سجدة الشكر وهي السجدة المستحبة بعد كل صلاة استحباباً مؤكداً لا تتركوها ،وقد ورد في شأنها أن الله سبحانه وتعالى إذا سجد عبده سجدة الشكر بعد الصلاة باهى الله به ملائكته يعني فاخر(انظروا لعبدي الصالح)  ملائكته وفقته لطاعته فأطاعاني وشكرني على ذلك. هناك قسم يعتبر الصلاة مجرد ورد يصلي كيفما كان وينتهي منها بأسرع ما يكون وهناك قسم بعد الصلاة يعقب بتسبيح الزهراء، يدعوا الله بعد ذلم الوقت ثم بعد ذلك يسجد لله شكرا على أن وفقه الله ، وهناك قسم نسأل الله أن يهديهم في مجتمعنا لا يواظب على الصلاة ، صلاة ربك طريق مفتوح بينك وبين الله حتى يفتح عليك البركات والرحمة والتوفيق في الدنيا فضلا عن الآخرة ، يتركها ويستخف بها ز يامن وفقك الله لإن تكون مديما ومواظبا عليها فعلا هذه نعمة تستحق شكر الله عزوجل، اعرف قدر النعمة التي أكرمك الله بها واعرف أنك محبوب عند الله عندما أصبحت محطا لهذه الرحمة لاسيما في أول وقتها - تستحق الشكر.

أدنى شيء أن يسجد الإنسان شكرا وهي أدنى درجة ، درجة أعلى منها أن يكرر شكره لله 

(شكرا لله )بمقدار ما يستطيع ، درجة أعلى من ذلك  بعض الأذكار مثل : سجدت لك ياربي خاشعا خاضعاً طائعاً ذالا ذليلاً حقيراً فقيرا سجد لك وجدي و عظمي و لحمي و شعري وبشري وعصبي وقصبي وعظامي وجميع جوارحي ما ينبغي السجود والركوع إلا لك ياكريم شكرا لك ياكريم شكراً لك ياكريم) هذه درجة متقدمة. 

ومنها ما هو متقدم بدرجة وهي ما يشير إليها الإمام الكاظم عليه السلام (اللهم إني اُشهدك -سجل يارب وهذا ما نقوله عند الطواف حول الكعبة و ترفع يدك بالتحية وتقول أمانتي أديتها ، ميثاقي تعهدته فاشهد لي بالموافاة يوم القيامة وهذه بصمة لك في الحجر الأسود يوم القيامة تظهر لك كل هذه الأعمال الصالحة حيث أنك أمنتها في مكان تستلمه يوم القيامة- في أماكن أخرى تقول للإمام اللهم إني أستودعك شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فاشهد لي يوم القيامة- والإمام شاهدٌ وشهيد – الإنسان العادي إذا استأمن على شيء واستشهد عليه وهو أمين يودي شهادته فكيف إذا كان إماما من الأئمة هنا أنت مرتبة أكثر.

اللهم إني أشهدك واشهد جميع ملائكتك وأنبيائك ورسلك أنك أنت الله ربي و أن محمد صلى الله عليه وآله نبيي – هذه شهادة أشهدها حتى يوم القيامة بل قبل ذلك في القبر عندما أسئل - وأن علياً والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي و جعفر بن محمد و موسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي و علي بن محمد و الحسن بن علي والخلف المهدي عجل الله فرجه أئمتي )  فهذه اللطيف مربوطة بأمر عبادي يتكرر على الأقل ثلاث مرات يومياً وبالإمكان تكون أكثر وتستشهد عليها ربك وأنبيائه ورسله و من أحسن وأكثر ضماناً عندما تؤمن شهادتك عن الله تعالى . فهذه في نفس الوقت التي هي أمر عبادي ومرتبط بالصلاة هي فيه إشارة إلى عرض عقائدك وهو نص من الإمام المعصوم على أئمة أهل البيت عليهم السلام . عبد الله بن جندب لا يذكر أنه أدرك الإمام الرضا فقط بقي إلى أيام الإمام الكاظم لكنه أخبره بالأئمة للإمام الحجة عجل الله فرجه الشريف. فهذه من النصوص والتعريفات التي تذكر أسماء الأئمة بأجمعهم وهي كثيرة جداً.

 قسم آخر الإمام السابق ينص على الإمام اللاحق وهذا كثير جدا في كتاب الكافي قسم الأصول في باب النص على الأئمة النص على أمير المؤمنين النص على الحسن النص على الحسين المعصوم السابق ينص على المعصوم اللاحق ، رسول الله صلى الله عليه و آله يقول( من كنت مولاه فهذا علي مولاه) 

( أنت مني بمنزلة هارون من موسى) (لحمك لحمي دمك دمي سلمك سلمي حربك حربي أنت خليفتي ووصيي ووارثي تقضي ديني وتنجز عداتي ) إلى غير ذلك نتناوله لاحقا ان شاء الله .هذا نص من معصوم سابق وهو النبي على معصوم لاحق وهو أمير المؤمنين . وأمير المؤمنين أيضا ينص على من بعده ذكر في الرواية أنه لما حضرت أمير المؤمنين عليه السلام الوفاة دعا ابنه الحسن فسلمه كتبه وسلاحه وهذا ما نسميه مواريث الإمامة وهي مما لا يورث لبقية الأولاد لإن ما كان في سبيل الإمامة فللإمام بعده وما كان مالاً شخصياً فيُقسم بين الأولاد جميعاً مثلما فعل النبي عندما اعطى الكتب والسلاح لأمير المؤمنين مع أن الوارث فاطمة الزهراء لكن ما كان في سبيل الإمامة يختلف. مثال على ذلك : الأموال الشرعية التي تُعطى لوكيل المرجع لا يمكن أن يرثها أبناء هذا الوكيل في حال الوفاة انما تنتقل لمرجع آخر يكون له نفس الولاية التي كانت لهذا المرجع حيث أنه في حياته لا يستطيع التصرف كما يشاء في حياته إلا ضمن محددات معينة فكيف يورثها لغيره .ما كان في سبيل الإمامة ينتقل من أمير المؤمنين إلى الحسن ، سائر أبناء و بنات الإمام لاحق لهم فيهم كمحمد بن الحنفية وغيره . ونفسه سينتقل من الإمام الحسن إلى الإمام الحسين عليه السلام حيث قال أمير المؤمنين لابنه الحسن  : (عندما حضرت جدك الوفاة أعطاني هذا وأمرني أن أدفعه إليك وآمرك أن تدفعه إلى أخيك الحسين عندما تحضرك الوفاة ) وهكذا تنتقل هذه المواريث وهي كثير قد نذكرها لاحقاً. 

 قد يكون النص على الإمام اللاحق صريحاً مثل ابني فلان هو الإمام من بعدي، عندما يُسئل الإمام من أصحابه إذا حضرتك الوفاة لمن الأمر فيقول إلى ابني فلان- من يأتي بعده مباشرة. وهذا تكرر من زمن الإمام زين العابدين عندما أخبر عن ابنه الباقر والباقر عن ابنه الصادق والصادق   و عن ابنه الكاظم هكذا وهذا نص خاص من إمام سابق على إمام لاحق. أيضا قد يكون هناك إشارات وعبارات وطرق متنوعة غير هذه الغرض منها كلها هو أن تتعدد أشكال التعريف للمعصوم التالي مثلاً: أن يوصي إليه بوصايا فيقول وصيتي لفلان ، وهذا ما يُعتبر عند أهل العقائد والكلام إشارة إليه بالإمامة بل أكثر من هذا إذا كان هناك من هو عارف بأمور العقائد قد يستوحي من الكلام مالا يستوحيه غيره . 

مثال : علي بن يقطين وهشام بن الحكم من خُلّص أصحاب الإمام الكاظم ، الفرق بينهما أن هشام بن عبد الحكم كان عقلية جبارة في العقائد وعلم الكلام و الاحتجاجات والمناظرات من أيام الإمام الصادق إلى أن توفي. علي بن يقطين من كان له دورا بارزا في زمن الامام الكاظم وكان يعمل بمثابة وزير في بلاط هارون العباسي أراد عدة مرات أن يستقيل  لكن الإمام الكاظم رفض وكان يقول له:( إن لله بأبواب السلطان من نور الله قلبه بالبرهان ) (كفارة العمل عند السلطان الإحسان إلى الإخوان) تعمل في خدمة الناس و تقضي حوائجهم وتخفف حدة العداء تدفع عنهم البلاء المحتمل هذا أفضل موقع تخدم فيه. علي بن يقطين كان يضيق صدره مما يحدث في القصر من تجاوزات وحرمات تنتهك لكن رد الإمام كان ( لآذن لك ثم لا آذن لك) أكثر من هذا  عليك أن تتوضأ على طريقة هارون وهو ما كان يستشكل على قلب علي بن يقطين لكنه أمر الإمام وهو الواجب عليه . كم مؤمن ستنقذ وكم من بلاء ستدفع عنهم حتى لو كان كلمة واحدة. مثل ما قال مؤمن آل فرعون في بلاط فرعون (أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله) لكن هذه الكلمة في ذاك المكان تساوي الكثير. في زمن الإمام الهادي عليه السلام وقد عزم المعتصم على أن يقتل الإمام فأقسم أحد الجالسين بالإيمان المغلظة بأن الإمام الهادي ليس له في السياسة والمعارضة وسل السيف في وجهك بخلاف غيره من العلويين ممن ثاروا ضدك لكن علي الهادي مهتم بالعلوم والثقافة وتفسير القرآن والأحكام حتى برد غيظه وأقلع عن عزمه على قتل الإمام عليه السلام . بهذه الكلمات برد غيض ذلك الحاكم الجائر. لذلك لا ينبغي أن نصدر الأحكام على من يعمل عند السلطان لأنه قد يكون يخدم أبناء المجتمع ويدفع البلاء عن الناس و يخفف من غضب السلطان على المؤمنين هذا يقوم بدور مهم وهذا ماكان علي بن يقطين يقوم به.

 علي بن يقطين بقدر ماكان في الأمر السياسي بارع لكنه في أمور العقائد والقضايا النظرية والبراهين لم يكن بمقدار هشام بن الحكم ، (يَنقُل علي بن يقطين أنه كنا في بغداد في مجلس وقد حضره هشام بن الحكم وحضره غيره فدخل أبو الحسن موسى بن جعفر ثم جاء بعده علي وكان صغير السن فأشار إليه الإمام الكاظم وقال: هذا سيد ولدي وقد نحلته كنيتي.) ولإن هشام بن الحكم كان متبحر في العقائد طلب منه إعادة ماقال ثم قال هشام: والله نص عليه بالإمامة. وهذا هو نصه : لأنه قال (وهذا سيد ولدي) لا يمكن أن يكون غير سيد أولاده إماما عليهم، وهذا نحوٌ من أنحاء الوصية بالإمامة.

 (وقد نحلته كنيتي ) أقمته مقامي جعلت كنيتي عليه وبالتالي صيرته في مكاني . كنيته أبو الحسن وهي كنية الإمام الكاظم مع أن الإمام الرضا لم يكن له ولد غير الإمام الجواد . في موضع يقول طاعته طاعتي وهكذا ، هذه أشكال مختلفة على الإشارة للإمام.

أحيانا يحول الإمام بعض الأسئلة عليه كما كان يفعل الإمام علي مع الإمام المجتبى عليه السلام، أحيانا الإشارة على أنه كامل لا نقص فيه لان الامامة لا تتحمل نقصا ولا عيباً. 

لذلك جماعة الواقفية لم يعترفوا بالإمام الرضا  وهذا من ضمن التشكيك فيه لإن الإمام لم يرزق بأولاد حتى عمر 42 سنة. الإمام الرضا أنجب ابنه الإمام الجواد وهو أول مولود لديه بعد 22 سنة من الزواج. لذلك لابد أن نتأسى بإمامنا ولا يأخذنا الجزع واليأس في حال التأخر في انجاب الأولاد. الإمام الذي هو أقرب الخلق إلى الله عزوجل لكنه نوع من أنواع الامتحان حتى يقتدى به وحتى لا يغلو الإنسان في أئمة أهل البيت وإنما عطائهم العظيم بعد إرادة الله عزوجل. وهو الإمام الذي كان يقول بثقة : (لا تمر الليالي والأيام حتى يرزقني الله ولدا يكون الإمام من بعدي وهو الذي لا يولد مولود أعظم بركة على شيعتنا وفي رواية في الإسلام ) لإنه يكشف الشبهات وأكاذيب للواقفية . لكنهم بقوا على غيهم ولم يتراجعوا حتى بعد ولادة الإمام الجواد .

لذلك وجب أن يكون الإمام كاملا ليس فيه نقص أو منفر لذلك عبد الله الأفطح ابن الإمام الصادق مع أنه أكبر أبناء الإمام سنا إلا أنه كان أفطح إما ضخام أو مقوستين. وهذا تشوه وعيب خلقي لكن شرط الإمام والنبي أن لا يكون فيه منفر لذلك ماورد في بعض كتب مدرسة الخلفاء أن نبي الله أيوب تقرح جسده وكان يخرج القيح من جسده من كل مكان هذا كلام غير مقبول لان الله سبحانه وتعالى لا يبتلي نبياً أو إماما بشيء من شأنه أن ينفر الناس منه . ما كان نقصاً أو عيباً لا يبتلى به إمام أو نبي ، كمثل أن يكون للنبي أو الإمام علم خاص لا يمتلكه غيره . فإذا تكاملت هذه الشروط فهي إشارة وتعريف بالإمام. 

هناك اشكال يثيره بعضهم ونجيب عنه برواية : بعضهم قال إذا كانت قضية الإمامة بهذا الوضوح منصوص عليها من زمن الرسول وأمير المؤمنين والحسنين والأئمة السابقين فلماذا وجدنا بعض أصحاب الأئمة لديهم توقف وشك في ذلك ؟ الجواب أولاً هؤلاء في مقابل عشرات الآلاف من الأصحاب الخلص لا يمكن أن يكون دليل . ثانياً قسم من هؤلاء الذين شككوا على مثال الواقفية كانت لهم دوافع مصلحية ومادية حيث أن الأموال التي كانت لديهم باعتبارهم وكلاء لابد أن يسلموها للإمام الرضا لذلك كانوا يرفضوا الاعتراف بالإمام الرضا . وهناك قسم آخر لاحظ الظروف المحيطة ، في رواية أن زرارة بن أعين الشيباني وهو من حملة علم الإمام الباقر والصادق وبقي إلى زمان شهادة الإمام الصادق مع ذلك أرسل ابنه عبيد الله إلى المدينة حتى يتقصى الأمر وهذه أخذها بعض المخالفين وأحيانا بعض الغافلين والمشككين من الشيعة .كيف بزرارة وهو من الخلص أن يشكك بالمعصوم أولا لو فرضنا أن هذه الرواية صحيحة ولم يمكن تفسيرها يكون جهل في زرارة ، هو عالم كبير لكنه ليس معصوم فليكن هذا من أخطاءه حتى لو ثبت على أنه غير ثابت وإنما وجهها الإمام عليه السلام توجيها آخر هو الصحيح : يقول ( سأل أحدهم الإمام الرضا ، إبراهيم الهمداني ، قلت للإمام الرضا يابن رسول الله أخبرني عن زرارة ، هل كان يعرف حق أبيك موسى بن جعفر؟ فقال الإمام :نعم ، قلت فلم بعث ابنه عبد الله ليتعرف الخبر إلى من أوصى الصادق ؟ فقال الإمام عليه السلام : إن زرارة كان يعرف أمر ابي ونص أبيه عليه وإنما بعث ابنه ليتعرف من أبي هل يجوز له أن يعرف التقية في اظهار أمره ونص أبيه عليه أو لا) الإمام الكاظم جاء في ظرف حرج جدا فالمنصور العباسي أرسل إلى واليه على المدينة بعد اغتيال الإمام الصادق بالسم أن انظر من أوصى جعفر بن محمد واقتله وانه لما أبطأ عنه ابنه طُلب في اظهار قوله في أبي فلم يحب أن يقدم ذلك دون أمره) والإمام الصادق أوصى إلى خمسة : المنصور العباسي و عبد الله الأفطح وموسى بن جعفر وزوجته ووالي المدينة ، وهذه الوصية الظاهرية وبذلك لم يعرف المنصور من يقتل . لذلك كان موقف زرارة من  أرسال ابنه حيث أن الظرف الصعب للإعلان عن الإمام موسى الكاظم هل يعلنه أو الظرف يحتاج إلى تهدأ وبالتدريج وبعد مدة من الزمان هل يرفع التقية ويعلن ويصرح مهما كانت النتائج أو يظل على التقية والاعلان التدريجي وفي دوائر محدودة .

فرفع المصحف وقال اللهم إن امامي من أثبت هذا المصحف امامه من ولد جعفر بن محمد .( وأولي الأمر منكم ) وقد ذكر رسول الله وعين من هؤلاء أولوا الأمر الذين ذكرنا حديثه فيما سبق .

أحد العلامات كذلك أن يتولى الإمام التالي تجهيز الإمام السابق هذا ليس شرط وهو مالا يخل بالإمامة إنما علامة من العلامات . مع أن كل الأئمة نعتقد أنه تم تجهيزهم  من قبل الأئمة اللاحقين لهم ولو بطريقة غيبية لكن لو فرضنا أن لسبب ما لم يحصل لا يرتبط بإمامة الشخص. أما القضية الغيبية فنحن نعتقد بها وهذا ماأشار إليه الإمام الرضا عندما احتجت عليه الواقفة في أمر الانجاب انه لم يكن في بغداد عندما استشهد والده في السجن وأنت في المدينة فمتى غسلته وجهزته ؟ فقال الإمام عليه السلام : (إن الذي مكن علي بن الحسين وهو محبوس في الكوفة أن يأتي كربلاء ويلي تجهيز أبيه مكنني أن آتي وأنا غير محبوس من المدينة إلى بغداد حتى وليت أمر والدي .) وهذا الأمر الغيبي حصل مع جميع الأئمة عليهم السلام.

 

 

مرات العرض: 3526
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (0) حجم الملف: 60651.08 KB
تشغيل:

لماذا لم ينص القرآن على أسماء الأئمة المعصومين 17
ليلة التذكير بجدية الإيمان 19