من صفات الإمام في مذهب أهل البيت: العلم 5
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 6/9/1443 هـ
تعريف:

من صفات الإمام في مذهب أهل البيت: العلم

كتابة الفاضل الخطيب الحسيني فتحي العبد الله

روي ان سيدنا ومولانا ابي عبد الله جعفر (ع ) " والله إني لأعلم كتاب الله من أوله إلى آخره كأنه في كفي (3) فيه خبر السماء وخبر الأرض، وخبر ما كان، وخبر ما هو كائن، قال الله عز وجل: " فيه تبيان كل شيء " 

حديثنا بإذن الله تعالى يتناول موضوع صفات الامام في مدرسه اهل البيت عليهم السلام ونتناول في هذه الليلة جانب العلم من صفات الائمة عليهم السلام 

صفات الامام وخصائصه عند اهل البيت عليهم السلام كثيره جدا ولا يمكن لنا ان نتعرض اليها بالكامل وذلك لعدم قدرتنا على ذلك ، لان  المتكلم غير قادر على ان يتكلم في كل صفات الامام وامكاناته وخصائصه بالإضافة الى ان المقام ووضع المجلس ضيق الوقت لا يستوعب ذلك ولكن بالمقدار الذي يتناسب مع سعتنا اي المتكلم ويتناسب مع زمان هذا المجلس نتحدث ان شاء الله بمقدار لا يخلو من الفائدة يعود الله تعالى 


في ليلة مضت ذكرنا عدد من الصفات والخصائص التي يختص بها الائمه في منظار اهل البيت عليهم السلام في هذه الليلة ستكون فاتحه للحديث عن ثلاثة خصائص ( العلم  و العصمة والولاية )  وسيكون حديثا او لا حول جانب العلم عند الامام عليه السلام سواء كان ذلك الامام علي (عليه السلام ) او الصادق او الرضا او العسكري او قائم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف فانهم مشتركون في مثل هذا الكلام الذي سوف نأتي عليه ان شاء الله، و سوف اقدم بعض المقدمات للدخول الى الحديث .

المقدمة الأولى: الانسجام في المدرسة الإمامية

ان هناك انسجاما في المنظومة العقدية عند مذهب اهل البيت عليهم السلام بينما لا نجد هذا الانسجام موجودا في بقيه المدارس الفكرية والإسلامية ، فدعنا نأتي بمثال :

وجوب طاعة الامام في المدرستين :

فيما يرتبط بنا للفريق مدرسة اهل البيت و مدرسة الخلفاء ، وهو القول  في وجوب طاعة الامام وحرمة مخالفته في كلا الطرفين ذكرنا في ليلة مضت ان الامام الذي هو بمقاييس مدرسه الخلفاء ايضا يقولون بوجوب طاعته ويحرم مخالفته ولا يجوز الخروج وعليه ولا يتغير حتى لو ارتكب ذنبا بل يجب الطاعة وعدم المفارقة والالتزام بما يقول .

فهذا الامام في مدرسه الخلفاء يجب وطاعته ويحرم مخالفه وربما استدل وحتى بالآية المباركة ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ)   فهذا الامام في مدرسه الخلفاء في زمان بني امية او في زمان بني العباس أو في ازمنة أخرى فلا يشترط ان يكون اعلم الناس بلا يشترطون ايضا ان يكون فقيهاً  فماذا لو طلبنا منه حكما شرعيا وألزمنا به ، ثم كان هذا الحكم خاطئ كما حصل بالفعل في تحريم متعة الحج مثلا ، وتحريم متعة النساء او في قضية الميراث والعول فيها قضايا الحضانة او بعض الأمور كمثل الاتمام في السفر في بعض الموارد كما هو في السفر من مكة الى عرفات وغيرها.  بالمناسبة جمع المرحوم السيد عبد الحسين شرف الدين في كتابه النص والاجتهاد حوالي خمسين مورداً من الموارد التي خالفت فيها الفتوى الرسمية للسلطان الحاكم والخليفة المتولي لسنة رسول الله الكتاب رسول الله خمسون مورد وما كان يريد يستوعب كل فترات المخالفة لكن قصد بذلك في  الفترة الاولى وهي ما يقارب اربعون سنه. اذا كان يريد ان واصل المشوار الى الاخير فلابد ان يعد بالمئات . فمثل هذا الامر من جهة هذا الحكم مخالف للكتاب الذي قال الحاكم هذا الامام على وفق مدرسة الخلفاء مخالف للسنه

هل تطيع او لا تطيع اذا لا تطيع نقضت قوله تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ  ) وانه يجب على الناس طاعة الامام وعدم مخالفته ، أو انك  تقول لا نطيعه الا  في المعروف في الحق ،  وعلى هذا الفرض  هذا الامام الذي من المفترض ان يعرفك بالحق هو الذي  يدلك على الطريق ، فهذا هو الامام ثم أنك تريد ان تحول الى مأموم . والمأموم يعني تجعله تابعاً لك لا انت تابع له .  فاذا كان الإمام لا يعلم والمأمون يعلم تحول المأموم الى إمام والإمام مأموم وهذا هو التناقض .

واذا اطعته على أي حال ، فماذا تصنع اذا كانت طاعته معصية لله ، ماذا تطعه في بعض  فما تصنع في قوله تعالى (  واطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم) فهذا من الاخطاء الفادحة لان فيه تغيير فكم و كم في التاريخ و في كتب الفقه على وجه الخصوص من الفريقين ، فهذا امير المؤمنين عليه السلام في اكثر من مره رأى جماعه يذهبون بإمراه ليرجموها تبين الحكم غلط فأخرجها امير المؤمنين عليه السلام الحاكم الامام الفعلي بعدم علمه حكم عليها الرجم. 

فأمير المؤمنين في اللحظات الاخيرة غير الحكم ، فالأمر اكثر من مجرد مرة ،  هذا أصبح مشهوراً في كتب الفريقين ، فإمام يقتل من لا يستحق القتل ويورث من لا يستحق الميراث أو يحرم من يستحق والميراث ويتم في السفر في موضع القصر وقصر في موضع الحضر فهذا يسوق كل المسلمين بهذا الاتجاه  يعني ذلك ان امه الاسلام كلها مأمورة باتباع الحاكم على الرغم منانه قد يخطئ وقد يجهل ويقتل خصوصا اذا لم يشترط ان يكون الاعلم بين الناس كما هو عند مدرسه الخلفاء ،فمعنى ذلك انه سيسوق الامه كلها بمئات الملايين من البشر لكي تكون عبادتهم ومعاملاتهم خطا هل فعلا خلق الله الخلق بهذه الطريقة؟ 

فطريق الجنة قد يخطئ به هذا الحاكم والامام والسلطان! وطريق النار قد يخطئ به هذا الحاكم والامام والسلطان ، فهل ان الله يريد من شريعته  ويريد من عباده هذا الامر فعندما قال ( واطيعوا اولي الامر منكم ) ايضا حتى لو يأخذوكم الى  نار جهنم ، فمستحيل ان يكون الامر هكذا.  فإما ان تقول ( اطيعوا الله واطيعوا الرسول ) صادقه او تقول لها في بعض الاحيان دون غيرها  فهذا يعني ان علينا أن نسال الله تعالى ان هذا الامر الذي تامر به صحيح ام خطأ ، ليكون بذلك  عقد المؤتمرات ونحضر القضاة والعلماء من مختلف الفئات ونفكر هذا الذي قرره الحاكم والامام صحيح كلام  غير صحيح. فهذه النظرية لا تجد فيها انسجاما ، 

بينما في  مدرسة اهل البيت عليهم السلام عندما يقول لك اطلع الامام لا نتخلّف عن ذلك  قيد انملة ، فلا تتقدم عليه ولا تتأخر ، تسأل ربك  يا رب العالمين هل يمكن ان يخطئ فيأتيك الجواب الإمام لا يمكن أن لا يخطئ لأنه محيط بعلم الكتاب وما فوق الكتاب كما سياتي بعد ذلك . فالإمام هو اعلم الناس ، فالإمام الصادق يقول ( والله إني لأعلم كتاب الله من أوله إلى آخره كأنه في كفي ) فأين يحدث  الخطأ من جهة علميه او العملية فمن الجهة العملية لا يمكن لان امامك معصوم لا يمكن ان يرتكب ذنبا لا بالعمد ولا بالخطأ ولا بالسهو ولا بالنسيان لذلك انت تطعه مطلقا في كل احواله وأوامره فلا تتقدم عليه ولا تتأخر ، فلا يوجد احتمال ولا واحد في المليار من الخطأ ، اذا خطأ علمي فلا يوجد لأنه اعلم الناس بالكتاب ومحيط بالشريعة برمتها من أولها الى اخرها فلا يمكن ان يتصور في خطأ علمي ،لأنك تسير امام بيضاء واضحة كالشمس اللائحة في العلم وفي قمة العصمة في جهة العمل , لذلك ( أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ) على القاعدة ، فالفارق بين هذا وذاك هو ان الطاعة للأمير ولكنها قد تسلكك الى نار جهنم او قد يخطأ في الاحكام الشرعية وينزل عليك بدع ، فقد لا يكون متعمداً لكنه لا يعلم بالأحكام الشرعية ولا يحيط بعلم الكتاب ، فهناك طاعة الامر لا تنسجم مع امر انه ليس شرطان ان يكون اعلم الناس او ان يكون معصوماً فذلك الوقت لا يشترط ان يدخلك نار جهنم عوض الجنة ،،


المقدمة الثانية :  تعظيم العلم البشري وتهوين العلم الإلهي 

عندما تتحدث عن علم الفيزياء والكمياء تجده ينبهر من هذا العلم ، أحد المؤمنين كتب سؤالاً حول مناقشته مع احدهم عن علم الامام الصادق عليه السلام بأن علمه  لزمانه وليس لهذا الزمان ، فقد  لا يعلم الامام الصادق بالكمبيوتر بشكل جيد ، فتم تعظيم العلم البشري مع انه ليس شيئا عظيم ، وتم تهوين العلم الإلهي مع انه عظيم جداً ، فلماذا العلم البشري ليس بعظيم ، هو ليس كذلك ليس استخفافاً به او تقليل من شأنه لكن لان العلم البشري من أي نوع كان يستطيع كل إنسان بمقدار من الجهد ان يصل اليه ، فالكمبيوتر يمكن ان يبدع فيه شخص عمره ستة سنوات بعد اخذ دورة مكثفة فيه ، فلتحول عالم زمانه ، بل بعد فترة من الزمن يتحول من المبدعين ، فمايكروسوفت وامثالها من الشركات الكبرى تستفيد من الهواة في اكتشاف ثغرات وتوسعة برامج بحيث انهم اصبحوا افضل من الموظفين في هذه الشركات لان مآخذ هذا العلم معروفة فتأخذ معلومات قد تفوق الأستاذ في  فيزياء واحياء و فلك وعلم طبقات الأرض فكل هذه العلوم. مآخذها يسيره و سهله ولذلك تتعلم في الجامعات اي واحد تخرج من الثانوية اذا كان معدل معقوله ذهنه نظيف جدا يستطيع ان يتخصص في ام مجال  مما يعني ان  بإمكان الانسان في هذه العلوم ان يتوصل اليها الشيء الذي اعظم من ذلك هو ما لا طريق له ولا مدخل الا بحبل من الله كما عبر عن ذلك الامام زين العباديين (  بعد أن وصلت حبله بحبلك)  فالعلم العظيم هو العلم الذي لا طريق له الا الله ، فهذا العلم الذي لا يستطيع احد ان يصل إليه ، فعلوم الغيب هي علوم لا يمكن للبشر لو بذلوا كل أموال الدنيا ان يصلوا اليها ، فهذا العلم العظيم ، فعلم ما يكون او ما يحدث هو العلم الذي لا مدخل له ولا طريق الى معرفته الا عن طريق الله وهو عند آل محمد .

المقدمة الثالثة :  قياس الامام حسب مفهومنا 

من جملة الأشياء التي جعلتنا نستغرب بعض العلوم لدى أهل البيت عليهم السلام ان بعضنا فصل للإمام على مقاسه هو ، فالخطيب يدرك مثلا من الامام  انه ثائر ومصلح اجتماعي ، فالثائر والمصلح يريد ان يغير أوضاع المجتمعات ولكن علم الغيب ليس له ربط به ، فعلمه بما كان وما يكون وما هو كائن الى يوم القائم او تعليم منطق الطير ، لا يرتبط بذلك فالثائر لا يحتاج الى كل ذلك فهذا زيد ابن زين العابدين ثائر لم يحتج الى كل ذلك وغيره كذلك كأبناء الامام الحسن الذين يمتلكون بعض المسائل الفقهية والعلمية وارادوا ان يصلحوا في المجتمع 

فعندما يأتي الخطيب ليلبس الامام الملابس التي انا فصلتها ونسجتها وخطيتها على مقاسي الشخصي وعلى مقاس الآخرين ، قمت بتضييع المقاس الحقيقي للإمام عليه السلام ، فهمت انه على أساس الثورة ومصلح او انه مفسر للقرآن ، لهذا صحيح لكن ليس كل الصورة بل هو بعض الصورة ، للأسف الشديد يقيس بالإمام بغيره فيقول كيف للإمام ان يعلم الغيب كيف له ان يحيط بالعلوم المختلفة في هذه الدنيا المترامية الأطراف ، السبب في ذلك لأنك فصلت للإمام ثوب على مقاسك انت لا مقاسه هو ،،، 

مصادر علوم اهل البيت عليهم السلام 

هذه العلوم التي عند اهل البيت ليست من جهدهم ، بل هي وراثة من رسول الله (ص) ففارق بين العلوم الكسبية  تدرس في المحافل العلمية كالجامعات وغيرها 

بل هذه العلوم مصدرها من عند الله تعالى كما قال في ذلك الامام الكاظم  (ع) "  والله إني ما أخبرك إلا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن جبرئيل عن الله عز وجل " فلا تتصور ان يكون هناك احتمالات في العلوم او اشتباهات فكلام الامام كما تقرأ القرآن ، اما في السعة فحديث الامام الصادق عليه السلام يقول ( والله إني لأعلم كتاب الله من أوله إلى آخره كأنه في كفي)  حتى نقرب الصورة بشكل اكبر ، تصور كم كتب في تفسير القرآن الكريم ، من زمان نزوله الى يومنا هذه من آلاف المجلدات من مختلف المفسرين  وعلماء اللغة وقصص القرآن الكريم والفقهاء الذي بحثوا في آيات الاحكام والمتكلمين في أبواب التوحيد والنبوة والقيامة وعدل الله والجزاء والحساب وغيرها ،، كل هذه الكتب وهي عشرات الآلاف من الكتب التي كتبت في تفسير القرآن من زمان رسول الله الى يومنا هذا 1443 سنة من الزمان فكل كتاب كتب في تفسير القرآن بكل اللغات المختلفة ، فكلها تجد أئمة الهدى يعتبرونه قطرة في بحر علمهم ، مع ان في بعض هذه الكتب ظنون واخطاء ولكن علمهم هو السلسبيل الصافي  كما ورد ( خذها من عين صافية )

علم الصادق عليه السلام كعلمنا بالعد الرياضي

فيسأل احدهم يسأل الامام الصادق عليه السلام كيف تجيب عن المسائل بسرعة من دون تفكر فاشر اليه الامام بأصابعه ليقول له كم هذه فقال الرجل خمسة ، قال لم تسرعت بالإجابة ، قال لأني اراها رؤيا العين قال الامام كذلك الحال مع علومنا نحن نعلم بها ونحيط بها كما انت تحيط بعدد الأصابع الخمسة .

الامام الصادق عليه السلام يكمل عن علمه فيقول ( فيه خبر السماء وخبر الأرض، وخبر ما كان، وخبر ما هو كائن، قال الله عز وجل: " فيه تبيان كل شيء  )  فخبر السماء لا يوجد احد من الفقهاء غير المعصومين عليهم السلام يستطيع ان يقول سلوني عن خبر السماء ، فلا يوجد احد لا في السابق ولا اللاحق ، فلا احد يعلم عن عمل الملائكة الآن وما يجري في السماء  ،، لكن خبر السماء هذا  كله عنده اهل البيت عليهم السلام بالإضافة الى خبر الأرض ، فخبر الأرض هل معناه ما يحدث في الكرة الأرضية من أمور وقضايا وشؤون البعض الآخر يقول انه ليس هناك حاجة للإمام الى ان يعلم ماذا يجري في أمريكا او المكان الفلاني ، فمادام ليس له حاجة لا يملكه ، بل نقول لو ان الامام شاء لعلم ، سواء اتحت الأرض او فوقها ،، 

فلو اجتمع الناس جميعاً ان يصلوا الى هذا الامر لن يستطيعوا ولكن من لديه حبل من الله يستطيع ان يعلم كل ذلك وهو إتمام لحجته على البشر ، لان سأل بعض المسائل ثم لم يجب في ذلك فإن حجيته تسقط بين الناس ،،

فتجد الامام عنده خبر ( ما كان ) فكل تاريخ البشر بما فيهم ما نزل على الأنبياء ومواريث الرسل الذي ورد ان رسول الله ورثه منهم واورثه الى اهل البيت عليهم السلام  

اما خبر ما هو كائن ، فلعل بعض الناس يكون الامر مستصعب عليه حيث يستكثر هذا الامر على الامام عليه السلام فيرى ان هذا الرجل بهذه الشكل والهندام والطول والعرض الذي انا لست أقول منه يحيط بكل شيء للأسف استعظمنا ليس بعظيم فيأتي ذلك يقول علم ما كان علم ليس بالمستحيل يستطيع الانسان ان يقرأ التاريخ ويتعلمه من خلال الدراسة فالموسوعات ،،، لكن العلم الحقيقي هو الذي لا طريق له الا الله ..

البعض يستكثر علوم الذرة والفضاء فهناك من يحيطون بهذا العلم ويبرعون فيه وهم من اتباع اهل البيت عليهم السلام فقد تعلموا بالطرق الاعتيادية حتى برعوا فيها ، فما بالك بالإمام الذي يعلم ما كان وما يكون فهو علم الله اودعه هذه الصدور ، حيث اودعه هذه الاذن الواعية ،، 

حكمة علم اهل البيت : ان هذا العلم هو من اجل الناس جميعاً حتى نعلم امام الحق من غير امام الحق حتى يوصلنا الى رضوان الله ، فالذي عنه علم ما يكون ، فيأتي اليه الامام ليقول له في كتاب الله ( ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء ) فهذا العلم موجود في الكتاب ، فما هو التبيان لكل شيء فهل القرآن الكريم فيه كل شيء بما في ذلك ما يحدث في أوكرانيا مثلا او الساحة الفلانية ؟ فكيف يكون تبيانا لكل شيء ، فهل هذا بحث خاص لان هناك بحث حول الكتاب ، هل يعني بذلك القرآن الكتاب ام هو علم الله المكنون الذي هو جزء منه القرآن الكريم وهو بحث مفصل ،،، البعض يذهب الى ان الكتاب هو القرآن الكريم اذا جاء مثل ( ذلك الكتاب لاريب فيه ) والبعض الآخر يقول لا  ( وكل شيء احصيناه في امام مبين ) (  في كتاب مبين ) فهذا يبين هذا الكتاب شيء اعظم واكبر من أي شيء آخر ،، لان في القرآن الكريم تقول الآية ( قال الذي عنده علم من الكتاب ) هل يعني بذلك القرآن الكريم ام انه شيء آخر ، بل هو رما يكون كتاب آخر ليكون القرآن جزء منه 

على كلا التقديرين اذا كان معنى الكتاب هو القرآن الذي فيه تبيان كل شيء ثم يعتمد على المستخرج والمستكشف والمستنبط مثل النفط الذي تحت القدمين لآلاف السنوات ثم لا يأتي اليك احد يستخرجه ، كذلك الحال مع من يستخرج من الآيات التي تقرأها في كل وقت يستخرجه من جديد لك ، فالذي يعرف القرآن من خوطب به فيعلم بظاهره وباطنه وبتامه وكلامه واطرافه ، وهذا المقدار من المعرفة 

انظر الى قوله تعالى ( بسم الله الرحمن الرحيم ) تجد الكل يقرأها لكن من يستطيع ان يفهما بالفهم الحقيقي 

ان هذا العلم الحقيقي الذي منحه الله الى خاصته ،،

فهذا الحديث بعض اقسام علم اهل البيت عليهم السلام ، ومنها الآية الأخرى وهي ترجمة قضية آصف بن برخيا ( قَالَ عِفْرِيتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ ۖ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ) فهذه الرمشة العين التي يستطيع من خلالها ان يأتي بعرش من اليمن الى بلاد الشام، فهذا الشيء تعجز عنه افضل التكنلوجيا في أيامنا هذه ، فيما يبدو ان القضية ليست اعجازية بل فيه جانب علمي حيث ( قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ ) يعني كأنك تقول بان رجل استطاع ان يبني مسجداً من دون عمده ، فهذا يعني انه رجل استخدم علمه في الهندسة لخرج لنا هذا المسجد بهذه الصورة 

فعنده علم من الكتاب استطاع ان يصنع ذلك ،، ففي ذلك مدخليه في الكتاب ،، فالذي عنده علم من الكتاب فما بالك بعلم الكتاب ،،، اعطيك مثال على ذلك ،، واذا أحببت ان تتعمق في ذلك يمكنك ان ترجع الى كتاب العلامة محمدي ريشهري حيث توفي قبل شهر تقريبا حيث عنده جملة في كتب موضوعيه في فهرست الكتاب وهو صاحب كتاب ميزان الحكمة متنوع فيه تربوي ثقافي عقائدي واجتماعي وهو منى الكتب الجميلة حيث يتضمن احاديث اهل البيت ومن مدرسة الخلفاء وعليها علامات الصحة ،، له في هذا الكتاب جعله في كتاب ( اهل البيت في الكتاب والسنة ) فمن جملة ما أورد من احاديث حديث عن ابي سعيد الخدري حيث ورد ذكره في كتاب ( أصحاب النبي ) حيث تكلمنا عنه ، فلديه احاديث وروايات ترتبط بأحقية اهل البيت عليهم السلام منه هذا الحديث  أبو سعيد الخدري: سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن قول الله جل شأنه: * (قال الذي عنده علم من الكتاب) * (3) قال: ذاك وصي أخي سليمان بن داود، فقلت له: يا رسول الله، فقول الله عز وجل: * (قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب) * قال: ذاك أخي علي بن أبي طالب 

التفسير الرسمي يقولون ان الذي عنده علم الكتاب هم احبار اليهود ، فلربما يكذبون ،، 

يأتيك الجواب من رسول الله لابي سعيد الخدي ان ذلك اخي علي ابن ابي طالب

وحديث الذي سأل الامام الصادق عليه السلام عن الذي عنده علم من الكتاب فقال ذلك آصف ابن برخيا ثم وضع يده على صدره لقول وعندنا علم الكتاب كله   

اصف كان وصيا  والائمة سادة الوصيين ،،

تأويل القرآن 

فتجد الفقهاء والمتكلمون والفلاسفة انك لا تجد احد يدعي عنده تأويل القرآن ، تجده يؤل على وجل ا انه تجده يفسر ويوضح آياته لكن التأويل ليس عندهم الا نادر وفي بعض الآيات لكنه يتقون في ذلك ، لكن عند أهل البيت عندهم التأويل قال لي جعفر بن محمد عليه السلام ان الله علم نبيه التنزيل والتأويل قال فعلم رسول الله صلى الله عليه وآله قال وعلمنا والله ثم قال ما صنعتم من شيء أو حلفتم عليه من يمين فأنتم منه في سفه © 

فتجد الذي عنده تأويل القرآن فهو يستطيع ان يعلم ما يجري من خلال القرآن الكريم 


علمهم باللغات 

هذا الشيء من الأمور البسيط في تقديرنا ، لكن البعض يستنكر على الامام ان يكون عالماّ بمختلف اللغات في هذه الدنيا  ويعلم بالأمور التكنلوجية الحديثة من حساب آلي ومن أجهزة ذكية ، وغيرها

الا يعلم انهم كما قال تعالى ( علمنا منطق الطير ) فاللغات تحتاج الى طريق ، فمن قرر تعلم تلك اللغة يستطيع خلال فترة معينة ان تتعلمها من خلال معلم فهي ليس له تلك الأهمية ، لكن قسم يتعجبون ، صحيح الامر صعب اذا كان من دون معلم ، لكن ماذا عن من عنده علم مرتبط بحبل من الله تعالى 

انقل لكم حادثة عن الامام الرضا عليه السلام حيث تولى الامامة وهارون العباسي على قيد الحياة بعد ان قتل الامام الكاظم عليه السلام صارت حادثة ان قسم من الناس منتفعون ومصلحيون فقالوا ان الامام الكاظم لم يمت وبذلك يكون الامام الرضا ليس بإمام ، فزار الامام احد شيعته من الكوفة وقال له عن مشكلة الناس فقال لهم انه بعد ثلاثة أيام سآتي اليهم ومن لديه اسأله أرد عليه خلال هذه الفترة ، فقيل له قبل ان نسمع من الامام ، فهلموا فسألوا. قالوا: فإنا نختبرك قبل كل شيء بالألسن واللغات، فهذا رومي وهذا هندي وهذا فارسي وهذا تركي فأحضرناهم.قال: فليتكلموا بما احبوا، اجب كل واحد منهم بلسانه إن شاء الله تعالى.فسأله كل واحد منهم مسألة بلسانه ولغته، وأجابهم عما سألوا بألسنتهم ولغاتهم، فتحير الناس وتعجبوا، واقروا جميعاً بأنه افصح منهم بلغاتهم 

فأي دراسة درسها واي معهد درسها وهذه ليست الواحدة ، نحن نرى ان هذا امر بسيط يمكن اين تعلمه الامام ،، والاهم من ذلك انه علم منطق الطير وهي الحيوانات العجماوات فالأمام يعلم به ،،

علمهم بالمستقبل بالغيب 

وهو ( الواقع بما هو كائن ) او بما سيحصل قد يسأل ان المتنبئين ايضاً يعلمون بالمغيبات كمثل المتنبئة البلغارية التي تنبأت بكورونا مثلا  .

أولا ان هؤلاء لا يقولون بالقطعية حتى نفسه لا يقول فهو يقول حسب الحسابات والمعادلات واحياناً تحدث أمور غائمة ويعطيك بالاحتمالية ،،

والذي يحدث منها عادة يقل بأل خمسة بالمئة من التنبؤات حدثت وقاعاً كمثل مستر داموس الذي  يتحدثون عنه يحاولون التقاط ما تنبأ له فلم يصلوا الى الاحداث التي قالها 

بينما العلم الحقيقي الذي يقول ( غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ ۗ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ ۚ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ )  فهذا من العلم الغيبي الحقيقي في القرآن الكريم ، فالأئمة عليهم السلام عندهم هذا النوع ، وهذا العلم هو تعليم من الله تعالى وهذه من ميزاتهم فكلما زادوا علماً زادوا طاعة عند الله تعالى ، فهذا العلم ليس منه بل من رسول الله والعلم ليس من الرسول بل من الله ،،

فهذا ليس من جهدي انما هي اوعية مستحقة لمثل هذا العلم الإلهي ،، وهو شرف وعظمة غير طبيعية ، فالنسبة للائمة يصنعون ذلك وهو من مراتبهم بحيث يعلمون ما يجري عليه ويمضي الى كربلاء لكي تشرب السوف والدماء من بدنه  ، لتجري مقادير الله عز وجل ،،،فلا يستخدم العلم الخاص والإلهي في أغراض خاصه ، فتجدهم يكتمون علومهم عن الاخرين ليحصل على الفائدة الأكبر له في الدرجة الأولى ومن ثم الغير ،، 

واذا كان فيه شيء مصيبة بأن يكون في بلاده تكون مشكلة بعد خمسة أيام تجده يهرب ، بينا الامام يعلم بما سيصير اليه الا انه مسلم لأمر الله ،، لذلك ائتمنوا على هذا العلم ، فلو كانوا مثلنا لما اعلمهم بذلك ...فتجد الحسين يقول ( نصبر على بلائه ويوفينا أجور الصابرين ) فيقول الحسين عليه السلام ( وكأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء ) وليس فقط الحسين بل حتى زينب ليلة الحادي والعشرين عندما فقدوا الامل من بقاء امير المؤمنين في ليلة وفاته حيث اخذ يوصيهم بوصاياه الأخيرة حيث التفت الى زينب حديث حدثتنه ام ايمن هلا حدثتني إياه 

  الكافي - الشيخ الكليني - ج ١ - الصفحة ٢٢٩

  سورة النساء آية 59

  الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف - السيد ابن طاووس - الصفحة ٤٧٢

  الصحيفة السجادية (ابطحي) - الإمام زين العابدين (ع) - الصفحة ٣٢٢

  الكافي - الشيخ الكليني - ج ١ - الصفحة ٢٢٩

  أهل البيت في الكتاب والسنة - محمد الريشهري - الصفحة ١٨٥

  الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ١٢ - الصفحة ٧٤

  بصائر الدرجات - محمد بن الحسن الصفار - الصفحة ٣١٥

  مسند الإمام الرضا (ع) - الشيخ عزيز الله عطاردي - ج ٢ - الصفحة ٩٧


مرات العرض: 3422
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (0) حجم الملف: 57497.64 KB
تشغيل:

الإمام عند أهل البيت وفي مدرسة الخلفاء 4
مصادر العلم عند أهل البيت 6