17ماذا يعملان بعد الطلاق ؟
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 21/9/1437 هـ
تعريف:

ماذا يعملان بعد الطلاق؟

كتابة الاخت الفاضلة أمجاد عبد العال

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أبي القاسم المصطفى محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين المعصومين المكرمين

الموضوع الذي نريد أن نتناوله في هذا اليوم، ضمن سلسلة: العلاقات الزوجية، هو تتمة لموضوع مهم، هو موضوع: الطلاق، وعنوانه: ماذا يعملان بعد الطلاق؟ ومع ازدياد هذه الظاهرة في مجتمعنا المحلي ومجتمعنا الخليجي، بل وفي دائرة أوسع، تصبح هذه القضية قضية حاضرة، ومشكلة تحتاج إلى اقتراحات لحلها، أو - على الأقل - للتخفيف من آثارها.

يحصل الطلاق - كما ذكرنا في أوقات ماضية - لأسباب متعددة: بعضها يكون له تبرير، والأكثر منها ليس له تبرير إلا عدم التحمل، وعدم التصبر، وعدم إدراك النتائج الخطيرة المترتبة على هذ المسألة. فيحصل هذا الأمر ويتطلقان. ماذا بعد ذلك؟ ما الذي ينبغي أن يعمل الزوج المطلِّق والزوجة المطلَّقة بعد أن مرا بهذا الأمر؟

هناك أمور أخلاقية واجتماعية، وأخرى شرعية وفقهية. من الأمور الأخلاقية والاجتماعية: أن الانتقام ممنوع في حالة الطلاق. وللأسف، يحصل أحيانا تطبيق لما ذكر الله بعض عباده الخاطئين في القرآن الكريم بقوله: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ)، الآن أنتم تفارقتم، هل ينبغي أن تقطع الأواصر الرحمية، بحيث يسعى كل طرف إلى الانتقام من الطرف الآخر؟ يسعى في تشويه سمعته؟ في الكيد له؟ في تخريب حياته فيما بعد ذلك؟ هذه قطيعة رحم، هذا فيه إفساد، هذا انتقام مذموم.

الموقف الأخلاقي هو أن يترك الإنسان هذه الحياة السابقة بسلام؛ لنفسه أولا؛ لأن الدخول في معركة - انتقامك منها، وانتقامها منك، - يشكل مرضا في داخل قلب المنتقم. يجعله أسيرا للحقد، أسيرا للنوازع الشريرة. هذا مرض، هذا تعب، هذا إرهاق للنفس. أنت تحتاج إلى السلام، إلى الاستقرار الداخلي. أنت مطلوب منك -كسياسة عامة - أن تلقي السلام. أن تقول: السلام عليكم. كيف بالنسبة إلى أهلكَ؟ وكيف بالنسبة إلى أهلكِ؟ ترفعين، وترفع راية الحرب. أنت تقول: السلام عليكم. والمفروض أن تكون هذه سيرة حياة، وطريقة معيشة. أنت تقول بلسانك السلام وأنت تعلن الانتقام، تعلن الحرب، لا يكون هذا.

ففي هذا الموضوع، لا ينبغي أن يلجأ الإنسان بعد انتهاء هذه الحياة الزوجية إلى هذا المعنى. نعم، الموقف الأخلاقي - فيما نقل عن بعضهم – موقف مقدر. حدثت مشكلة بين رجل وزوجته، وإلى الآن لم يتطلقا، وجماعة جاؤوا يسألون عنه، ماذا بها؟ ماذا فعلت بك؟ ماذا صنعت؟ أخبرنا. قال: كيف أخبركم وأتكلم على زوجتي أمامكم؟! ما الداعي إلى ذلك؟! زوجتي أقرب لي منكم، فكيف أتكلم عليها عندكم؟! كيف أتكلم على زوجتي لمن هو غريب عني؟ زوجتي أقرب من أختي في هذه الجهة. لماذا أتكلم عليها عندها؟! هذه زوجتي! إذا أحد تكلم عليها، أنا لا أقبل. فهل أقوم أنا بالتكلم عليها؟! رأوا أنها نعم الجواب.

تفاقمت المشاكل بينهما، طلقا بعضهما، انفصلا، كل واحد ذهب في طريقه. سئل مجددا: ها، ما هي المشاكل التي سببت طلاقك لزوجتك، ماذا فعلت بك"، فأجاب: الآن، هي امرأة غريبة، هل يعقل أن أتكلم على امرأة غريبة؟! هذا لا يصح. امرأة غريبة، لا تربطني بها رابطة الآن. والكلام فيها غيبة، فلماذا أتكلم عليها؟!

هذا الموقف موقف مقدر. ما دامت هي زوجتي، أنا لا أسمح لأحد أن يتكلم عليها، فكيف أتكلم عليها أنا! وإذا اغتربت عني وطُلقت مني، أصبحت امرأة غريبة، فهل رأيت شخصا عاقلا يتناول سيرة فلانة بنت الجيران ويتكلم فيها؟! هذه امرأة غريبة، مستورة، لماذا الكلام عنها؟!

كذلك هذه الآن. مع الطلاق، أصبحت غريبة عني، فلا يحق لي أن أتحدث عنها. هذا موقف نبيل، هذه رجولة في الإنسان، هذه شهامة في الشخص. أما أن تأتي وتهدم صورة زوجها في كل مكان، أو بالعكس. أو تأتي امرأة وتقيم احتفالا بالطلاق وتأخذ صورا للحفل وتوفر كعكا بهذه المناسبة، هذا إسفاف. هذا أمر فيه إسفاف أخلاقي.

أين العهود والمواثيق بينكما؟ أين اللحظات الجميلة التي كانت؟ أين: (وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا)؟ أين تلك الحالات التي ربما كانت هي مستعدة لأن تفديه بروحها، وهو مستعد لأن يفديها بروحه؟ هذه الطريقة من إعلان الفرح، والاحتفال غير الحقيقي بالطلاق، والبرامج والدعوات وإلى آخره – والتي، الحمد لله، ليست موجودة في مجتمعاتنا القريبة، ولكننا نلاحظها في بعض المجتمعات الأخر، ونسأل الله أن لا تصل إلينا -كلها إسفاف أخلاقي.

ربما يكون الزوج - مثلا - عنيدا، سيء الأخلاق. فإذا هي صنعت مثل هذا الأمر، تكون ارتكبت نفس العمل الأخلاقي السيء. هو أساء، وهي ردت عليه بإساءة. فما الفرق بينهما؟ الموقف الأخلاقي هو: أن تحترم هي هذه العشرة السابقة، وأن يحترم هو هذه العشرة السابقة. ولا ينتقم أحدهما من الآخر. هذه هي النقطة الأخلاقية الأولى.

نقطة أخلاقية أخرى، وهي غالبا موجهة للمرأة المطلقة، مفادها: ليس الطلاق نهاية الحياة. البعض من النساء تصاب بحالة نفسية، اكتئاب ما بعد الطلاق، تسود الدنيا في عينيها، تصاب بمشاكل، تصبح منفعلة، منطوية، مكتئبة، إلى غير ذلك من الإصابات النفسية. وهذا أمر ليس بصحيح.

الطلاق تجربة زوجية فاشلة. إما كان سببها الأكثر الزوج، أو سببها الأكثر الزوجة، أو مشترك بينهما. هذه تجربة فاشلة. لو أن الناس في كل تجربة فاشلة خاضوها أصيبوا بالاكتئاب وبالمشاكل النفسية، لوجدت المجانين ملء الشوارع، حسب التعبير. كم من الناس دخل في تجربة علمية وفشل فيها، في تجربة اقتصادية وفشل فيها، في إدارة مشروع وفشل فيه، في عمل اجتماعي وفشل فيه. هذه أيضا، أي التجربة الزوجية، تجربة من التجارب. نعم، هي المفترض أن تستمر، وتنجح، لكن لم يحدث ذلك. وهذا لا يعني نهاية الحياة. وهذا أمر ينبغي أن تفهمه المرأة جيدا، وأن يفهمه أهلها أيضا. فلا يتعاملون معها على أنها منتهية الصلاحية. ولا هي تتعامل مع نفسها على هذا الأساس. لا بد أن تتماسك، وتعتبر أن هذه تجربة غير موفقة، وتدرس أسباب الفشل بهدوء، لتفكر في لو أنها تحملت أكثر: هل كان بالإمكان استمرار هذه العلاقة الزوجية، أم لا؟ لو كانت أكثر وعيا ومعرفة بقضايا الزواج، هل كان من الممكن أن تستمر؟ تبدأ تدرس هذه التجربة. ولا سيما في فترة العدة.

أيها الأحباب، أيها الأخوة، الإسلام جعل فترة العدة طويلة نسبيا. فلم يقل – مثلا – أنها: 10 أيام، أو أسبوع من الزمان، أو لا، بمجرد أن طُلقت، مع السلامة. بل جعلها في الحد الأدنى: ثلاثة أشهر أو ثلاث حيضات. أما إذا كانت حاملا، فعدتها أبعد الأجلين. فلو فرضنا – مثلا - طلقت وهي حامل في الشهر الأول، هذه عدتها تنقضي بعد ثمانية أشهر، أي في الشهر التاسع. تطويل هذه المدة، من أجل ماذا؟ أحد الأسباب، من أجل أن يتأمل الزوجان في أمرهما، (لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا). هي تفكر: أن هذا البعد ما كان مناسبا، وأن القيمة التي طلبتها لأجل طلب، وأصرت عليه، ما كان مستحقا: دولاب، أو غرفة نوم، أو ما شابه، سفر أو حضر، ما كان يستحق هذا الأمر. وهو أيضا يفكر: أنه بالتالي، هذه المرأة التي كانت تقضي لي حوائجي، ما كان يناسب على أثر أنها تكلمت على أختي أو أمي، أو رفعت صوتها علي، أو ما شابه ذلك، أن أقوم بتطليقها. لا تستحق القضية كل هذا. تطويل فترة العدة له أسباب، من جملتها: أن يفكر الزوجان في عناصر الفشل التي دعت إلى الطلاق بينهما. وينبغي أن يفكرا جميعا، وهذا مهم جدا، وأشرت إليه فيما سبق، وأؤكد عليه الآن: أيها الأخ العزيز، يا من تريد الطلاق وعزمت عليه، لا تفكر بالطلاق ثلاثا أصلا، حتى لو أطمعك بعضهم، أنه بدل أن تدفع الآن نفقة ثلاثة شهور إذا طلقتها طلاقا رجعيا، 500 ريال لكل شهر، أي 1500 لثلاثة شهور، طلقها طلاقا بتيا بالثلاث، وتستريح من دفع هذه النفقة.

هذا غير أنه بخل، وغير أنه، لا أدري ماذا أسميه. أنت تأتي الآن وتبيع حياة زوجية من أجل 1500 ريال فقط! بإشارة فاسدة من شخص يصور لك أن الأمر هو في مصلحتك، والأمر ليس كذلك.

الآن، أنت إذا طلقتها طلاقا بالثلاث، لا يمكنك أن ترجع إليها. فلو أن بعد ذلك عنَّ لك أن ترجع، كأن تكون قد اشتقت إليها، أو اشتاقت هي إليك، تتورط، (فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ)، صعب على الإنسان هذا. وقد ورد النهي في مصادر الفريقين. يعني هم عندنا في الكافي هذي الرواية، وهم عند المدرسة الأخرى: أَنَّ رَسُولَ اللهِ مُحَمَّدًا (ص) لَعَنَ المُحَلِّلَ وَالمُحَلَّلَ لَهُ. الشخص الذي يطلق ثلاثا هذا محلَّلٌ له، والمحلِّلُ هو الذي يأتي ويتزوج المطلقة في هذه الفترة. وفي بعض الأحيان نفس هذا الذي يشير إلى المطلِّق: تعال وطلقها ثلاثا، يقول له فيما بعد: أنا أيضا حاضر أن أحللها لك، من جهة أموال، ومن أخرى لذة.

طبعا هذا اللعن محمول على ماذا؟ بعض فقهائنا حمله على صورة الاشتراط، أن يأتي يحللها له، بشرط أن يكون في يوم، أو يومين، أو ما شابه ذلك. وهذا فيه تفصيل فقهي، لا ندخل فيه الآن. الشاهد: أنه لعل نفسكَ تاقت إليها، أو لعل هي تاقت إليك، فأتت واعتذرت، وفكرت في أن تغير طريقتها وأسلوب تعاملها معك. فماذا تصنع الآن؟ إذا أنت طلقت الطلقة الواحدة، فكل ما ستخسر 1500 ريال، هذا إن أعددتها خسارة. لأنه - نحن قلنا فيما سبق - أن من الخلق الإسلامي أن يمتع الزوج المطلِّق مطلقته، فيعطيها مبلغا من المال حين الطلاق، مثل: إكرامية، هدية، أو غير ذلك، وقد كان بعض أئمتنا (ع)، إذا طلق امرأة يصنع هذا. وقد وردت في القرآن الكريم قضية تمتيع المرأة المطلقة بشيء من المال. ذاك يقوله الإسلام لك: ليس عليك النفقة فحسب، بل تكرم عليها أيضا بمبلغ من المال إضافيا، هل تأتي الآن وتحاسب على نفقة: 500 ريال أو 400 ريال؟!

فالإنصاف يقتضي أن الإنسان يسعى كيلا يطلق ثلاثا. هي: ثلاثة أشهر، إن رجعتما في هذه الفترة، ممتاز. إن لم ترجعا، تفارقتما. حالات كثيرة، بعد مرور ستة شهور، أو سنة، هو يجد - ولو لحال أولاده، وهي تجد - ولو لحال أولادها، من المناسب أن يرجعا. إذا طلق ثلاثا ستعترضه المشكلة السابقة. وأما إذا كان قد طلقها طلاقا واحدا فتستطيع الرجوع إليه بعقد جديد، وما في هذا من مشكلة.

وهنا، أنصح حتى المرأة المطلقة، مع أنه طرف الرجوع هو من جهة الزوج. أي الرجعة من حقه. له حق أن يرجع أو لا يرجع. بمعنى: لو أن المرأة – من الناحية الفقهية – قالت للزوج: رجعت إليك، وهو لم يقبل بذلك. لا يكون ما قالته رجوعا. لا بد أن يرجعها الزوج بنفسه، إما قولا، كأن يقول لها: "أرجعتك إلى نكاحي"، أو "رددتك إلي"، أو ما شابه ذلك، أو فعلا، كالأفعال الجنسية التي لا تحدث إلا بين الزوجين. فلو ما قال شيئا ولكن ذهب إليها وقاربها. يكون أرجعها. حتى لو قال لاحقا: لم أقصد وما كنت أريد. ما دام مارس معها هذا الفعل الجنسي الذي لا يحصل بالحلال إلا بين الزوجين، فهذا يعد رجوعا.

أقول: مع أن قضية الرجوع من جهة الرجل، إلا أنه يفضل للمرأة المطلقة، ولو لحال أولادها ومستقبلها أن تحاول الرجوع، وأن تضغط بهذا الاتجاه، وأن تقدم بعض الأمور التي تستعيد بها حياتها الزوجية.

أيضا، يفترض من المرأة المطلقة أن تستأنف حياتها العادية. وقع الطلاق، ومرت ثلاثة شهور، ولم يرجع الزوج، وذهب في سبيله، وربما تزوج، هي أيضا لتذهب في سبيلها وتستأنف حياتها العادية كامرأة عادية. فإذا هي من أهل الوظيفة والعمل، لتستمر في عملها ووظيفتها، فكل ما هنالك أنها خاضت تجربة غير ناجحة. وإذ لم تكن كذلك، ينبغي أن تساعد أهلها على تقبلها في داخل المنزل، من خلال أخذ جانب من المسؤولية في منزل والديها، فلا تبقى فيه بمثابة الثقل، أو بما يوحي أنها في فندق، تأكل، وتشرب، وتخرج ساعة تشاء. بل جيد أن تأخذ جانبا من جوانب المسؤولية فيه. أو إذا في أسرتها أخوة صغار، تراعيهم، تلاحظهم. وإذا هم أهل مدرسة تحاول أن تساعدهم. وأن تكون لأمها عضدا ويمينا. لا سيما أن هذه الحالات تحدث مع تقدم الأمهات في السن. وهذا التقدم عندهن، يخلق الحاجة إلى معين. فسواء كانت في عمل أو وظيفة ينبغي أن تستمر في هذا الأمر بشكل طبيعي، وحياة عادية، أو كانت في منزل أهلها، فترجع إلى هذا المنزل، وتقوم بنفس الأدوار.

لا أنسى أن أذكر بما اقترحناه - في حديث سابق - حول موضوع: إنشاء مركز اجتماعي رسمي من جهة، وأهلي من جهة أخرى. يقوم عليه المؤتمنون والمؤتمنات في الاهتمام بقضايا المنفصلين المطلِّقين والمنفصلات المطلَّقات، ومساعدة الجميع من الناحية النفسية وإبداء الاستشارات وتقديم المعونة إلى هؤلاء. هذه جهات اجتماعية وأخلاقية.

هناك جهات شرعية، أشير إليها إشارات عابرة. مع الطلاق - كما تعلمون - يجب الاعتداد. اعتداد المرأة: ثلاثة أشهر، أو ثلاث حيضات، في الحالات الطبيعية. ولا يجوز للمرأة أن تتزوج خلال هذه الفترة. وبعض الناس، من جهة عدم المعرفة بالحكم الشرعي، يقدمون على هذا الأمر، تحدث حالة ما، فتقول الزوجة: أنا منفصلة عن زوجي، وخطبني فلان، وتزوجنا. منذ متى منفصلة عن زوجك؟ تقول: من شهرين. من شهرين! يعني لم تخرجي من العدة. وإذا تزوجك في العدة وحصل دخول بينكما تكونين حرمت عليه نهائيا. لا يستطيع أن يتزوجك؛ لأنه دخل بذات بعل. المرأة المطلقة في أيام العدة الرجعية، هي زوجة. فلو دخل بها شخص آخر، ولو بعقد، تحرم عليه حرمة مؤبدة. فلكي لا يحصل مثل هذا الأمر، لا بد أن تلاحظ المرأة قضية عدتها وتعتد هذه الفترة المعينة.

قضية المهر، وما يلحقه من الهدايا، المعروف أن إذا حصل دخول بالمرأة ولو مرة واحدة، فإنها تستحق المهر بتمامه كاملا، سواء كان ذلك الدخول من الأمام أو من الخلف. فاستحقاق المهر لا يختلف - على الرأي المشهور بين علمائنا – باختلاف جهة الدخول، فتستحق المهر كله.

الهدايا أيضا، إذا كانت رحما، فتبقى عندها. وأما إذا لم تكن رحما – أي امرأة ليست من الأسرة، ليس بيني وبينها صلة رحمية – فإن كانت هذه الهدايا موجودة، ساعة مثلا، فيمكن للزوج أن يسترجعها إذا أراد، ولا يمكنها أن تقول له: لا، أنت أهديتني إياها. أما إذا لم تكن موجودة، كقنينة عطر، أهداها إليها، وبعد ذلك استعملتها، فالآن، لا يمكن أن يقول لها: أرجعي قيمتها. انتهى الأمر.

قضايا الأطفال والحضانة أيضا، حضانة الأطفال خلال سنتين الأوليين تكون للأم المطلقة، وهذا لا يعني أن أباهم لا يستطيع أن يراهم. لا. يجب على الأم أن تعطيه هذه الفرصة. وبعد هاتين السنتين، يخرجان منها، إلى حضانة الأب. ويمكن لهما أن يتفقا على غير هذا. فيمكن للزوج أن يقول: أنا أموري لا تسمح بأن آخذ أبناء صغارا، أعمارهم: سنتين، شهرين، ثلاثة شهور. فدعيهم عندك. إذا قبلت، لا مانع. ولو لفترة طويلة، لا مانع في هذه الجهة.

وهكذا الحال بالنسبة إلى رؤية الأطفال فيما بعد. حتى إن كبرا، للأم حق أن ترى أطفالها بالنحو المتعارف، وللأب أيضا نفس الحق. يعني: سواء كان الأطفال عند الأم أو عند الأب، لكل من الطرفين حق أن يرى أطفاله ويجلس معهم بنحو متعارف.

يبقى آخر شيء، موضوع الرغبة الجنسية. الزوج غالبا إذا طلق، طريقه واضح وسريع في أن يتزوج كما في العادة. أما المرأة المطلقة فهي التي تصبح عندها هذه المسألة، فليست هي من تتقدم للزواج في مجتمعاتنا، وإنما تُخطب وتُطلب. في هذه الحالة، المرأة طبيعية، كما الرجل له رغبة جنسية، هي أيضا لها رغبة جنسية.

وهناك طريق خاطئ وغير جائز شرعا، يسمى: بالعادة السرية أو الاستمناء. سواء كان من قبل الرجل أو من قبل المرأة. بل وهو في نهار شهر رمضان، مع الإمناء وإنزال المني مبطل للصوم. وفيه القضاء والكفارة. بمعنى: لنفترض أن زيدا من الناس رغب جنسيا في شيء، فعبث مستمنيا؛ قاصدا الإنزال، وأنزل. هذا إذا كان في نهار شهر رمضان، يكون هو فعل محرما، أبطل صومه، عليه القضاء، وعليه الكفارة، جمعا عند بعض العلماء. جمعا: بمعنى صوم 60 يوما، وإطعام 60 مسكينا، عند المشهور من العلماء في هذا الأمر.

وهكذا الحال بالنسبة للمرأة. لنفترض أنها من هذا النوع، فأرادت أن تستمني. فتكون أولا: ارتكبت حراما، وغير جائز، وإذا كان في نهار شهر رمضان، مع الإمناء - لأن المرأة تمني بهذا المعنى، وليس بالمعنى الطبي أو العلمي، وإنما بالمعنى الشرعي. تنزل بعد الإثارة الجنسية مقدارا كبيرا من السوائل، هذا حكمه: حكم المني من الناحية الشرعية على المشهور بين علمائنا – وآنئذ: يفسد صومها، ويجب عليها القضاء، وتجب عليها الكفارة.

الله سبحانه وتعالى الذي حرم هذا الطريق، فتح طرقا أخرى. فتح طريق الزواج الدائم، وطريق الزواج المنقطع؛ لكي لا يكون هناك حاجات غير مغاطاة. لا ينبغي أن تنصرف المرأة عن الزواج، بدعوى أنها كرهت الرجال، أو طابت نفسها أو ما شابه ذلك. بالتالي إذا هي امرأة طبيعية سيكون لها رغبة جنسية. والرغبة الجنسية طريقها المحلل هو الزواج.

وهكذا الحال في موضوع الزواج المنقطع، إذا توفرت ظروفه، ولم تكن هناك عقوبات عليه، ولم تكن هناك مشاكل تحدث من خلفه، فإن الله سبحانه وتعالى قد أحل هذا الطريق، كطريق مشروع؛ لقضاء بعض هذه الحاجات ولكي لا يلجأ الإنسان إلى الحرام.

نسأل الله سبحانه وتعالى، أن يعلمنا أحكام ديننا وأن يحسن طريقتنا في إدارة حياتنا وأن لا يبتلينا بالقيام بالمحرمات إنه على كل شيء قدير وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين.

مرات العرض: 3392
المدة: 00:33:45
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2561) حجم الملف: 30.9 MB
تشغيل:

(15)أسئلة جريئة في مسألة الطلاق
20ولاية الوالد على تزويج الأولاد