(15)أسئلة جريئة في مسألة الطلاق
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 21/9/1437 هـ
تعريف:

أسئلة جريئة في مسألة الطلاق

كتابة الاخت الفاضلة امجاد عبد العال

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أبي القاسم المصطفى محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين المعصومين المكرمين

لا يزال حديثنا يتتابع فيما يرتبط بالعلاقات الزوجية، وقد وصلنا إلى الجهة الأخرى من العلاقة، وهي: ما إذا تعثرت إمكانية الاستمرار في الحياة الزوجية، وحصل الفراق أو الطلاق. وقد تحدثنا في حديث سابق، عن أنه: هل يوجد هناك طلاق جيد أو ما عبر عنه القرآن الكريم: (فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ).

هناك عدد من الأسئلة التي سوف نختتم بها الحديث في هذا الموضوع. وينبغي الإجابة عليها؛ لأنها تتردد أحيانا في ذهن قسم من الناس.

السؤال الأول: هل أن هناك تأثيرا لما يسمى بالأعمال، من السحر والكتابة وما شابه ذلك، مما يؤدي إلى طلاق فلان لزوجته فلانة؟ هل يحصل أن يكون زوجان منسجمين في حياة هانئة سعيدة، فيحصل لهما مثلا عمل من الأعمال أو ما يقال ذلك، فتفسد علاقتهما فجأة، وتنتهي حياتهما الزوجية إلى الطلاق؟ هل يحصل هذا أو لا؟

هذا أحد الأسئلة التي تخطر ببال قسم من الناس. ونحن قد تعرضنا في وقت سابق إلى موضوع ما يسمى: بسحر التحبيب أو جلب الزوج أو استمالة قلبه أو ما شابه ذلك. الآن لا نريد أن نعيد كامل المطلب، لكننا نشير إلى بعض الجهات.

الجهة الأولى: أنه لا ريب أن هناك نشرا لهذه الفكرة بشكل واسع جدا من مختلف الفئات. وهذا الذي يجعل من حبتها قبة، ويجعل من الواحد ألفا. هناك عوامل متعددة تتظافر لكي تنشر هذه الفكرة، حتى وإن لم تكن حقيقية. من الذي ينشر هذه الفكرة؟ أولا: المدعون لعقد السحر وللتحبيب وللتفريق، لماذا؟ لأن الأمر وراءه مصلحة مادية. يأتي شخص يعرض على زوج، أو على زوجة: هل تريد أن تجعل شريكك الزوجي لا يلتفت إلى غيرك ويتعلق بك تعلقا أعمى؟ الحل: لدي أنا، لكن كل شيء بقيمته. اجعل يدك على مبلغ كذا ريال، وأنا أصنع لك - مثلا - عملا من الأعمال، أكتب لك شيئا، أعقد لك سحرا، أعمل لك عملا، يجعل هذه المرأة لا تفكر في غيرك ولا تقبل أن يتزوجها أحد سواك. أو بالعكس - وهو أكثر في النساء - أترك هذا الرجل لا يرى أحدا إلا شخصك، لكن هذا بقيمته.

من المستفيد هنا؟ هو صاحب القريحة، كما يقولون. فمن المهم عنده أن ينشر هذا من باب التسويق. قد يكون كذبا ما يقوله، وهراء ولا أساس له، ولكن لتسويق عمله وشغله، هو يبدأ الحديث بهذه الطريقة. الضحية أيضا في كثير من الأحيان، يكون عامل تسويق ونشر لهذه الأفكار. أنا مثلا طلقت زوجتي. قد يكون لسوء خلقي، لعدم قدرتي على معالجة المشكلة، لأسباب أخر. ولكن لأنني لا أريد أن أحمل نفسي هذه المسألة، ماذا أقول؟ أقول: عُمِل لنا سحر. يعني: أنا لست مقصرا.

صعب على الإنسان، لا سيما الرجل - وقد تحدثنا في هذا الموضوع في أوائل هذه الحلقات – وقلنا: أن الرجل بالذات يحب أن يكون دائما شاعرا بالقوة والاستقلال، وأنه لا يعتمد على أحد. ولذا من الصعب عليه أن يأتي الآن ليقول: أنا فشلت في إدارة هذه الأسرة، فشلت في التعامل مع هذه الزوجة، لم أستطع أن أدير أمري. من هو السبب؟ إما أن يقول: الزوجة هي السبب. فإذا عُلِم أن الزوجة كانت امرأة صالحة، يقال: عُمِل لنا سحر. يذب القضية على جانب غيبي، لا يمكن التحقق منه. بدل أن يقول، مثلا: كان لا بد أن أغير أخلاقي، وطريقتي، وأسلوبي، وأن أقرأ، وأتثقف ...

أيها الأحبة، أيها الأخوة، كثير من الناس يتصور أن الإدارة الزوجية سهلة، هي من أصعب الإدارات. من أصعب الإدارات: الحياة الزوجية. الآن بو أن أحدا يُراد أن يوظَّف - مثلا - في إدارة الموارد البشرية، يقولون له: لا بد أن تكون درست هذا التخصص، أربع سنوات أو ما يشبه ذلك، لديك - على الأقل – بكالوريوس. ويأتي، يتزوج وهو أميٌّ لا يعرف ألفباء الحياة الزوجية. مع أن هذه – الحياة الزوجية وإدارتها – أصعب من إدارة قسم الموارد البشرية في الإدارة الفلانية. هناك يُطلب منه شهادة ودراسة وقراءة وامتحان، هنا لا يطلب منه شيء أصلا. ربما - أقول لك: ربما – يكون في بعض الأحيان أميا في قضية العلاقة الزوجية، يعرف أنه رجل وتلك امرأة، وكيف يأتيها، وكيف ينامان معا. أما غير هذا، لم يقرأ، لم يتثقف، لم يتعرف، لم يدرس، لم يتدرب. فإذا كان كذلك، بدل أن يعترف ويقول: أنا أقدمت على هذه الخطوة وأنا أميٌّ في هذا الجانب، وأنا عنيف المزاج، وأنا أخلاقي غير طبيعية، يقول: عُمِل لي سحر.

الضحية يبدأ ينشر هذه الفكرة. أو المرأة - الزوجة - نفس الكلام: "يابا ليش تطلقتوا؟"، "ما ندري، كل شي كان، ما قصرت"، تأتي تتحدث معها، لو حصلت لكم فرصة تطلعون على المشاكل، تجدون هذا يقول: "والله ما قصرت في حقها ولا بمقدار ذرة"، وتلك تقول: "ما قصرت في حقه ولا ذرة"، "كل شي اللي يريده"، أجل كيف وقع هذا الطلاق؟!

فحتى لا يحمِّل هذا الشخص نفسه المسؤولية، يلقي بها على جهة لا يمكن التحقق منها، ولا يمكن أن تعرف: "يابا عُمِل لنا سحر"، "مين اللي عمل ليكم سحر؟"، "وين هذا السحر؟"، "كيف أثر فيكم؟"، يقول: "شفنا - مثلا - ما أدري شوية شعر تحت السرير"، "وشفنا بيضة ما أدري مكسورة فوق ما أدري وين"، وقديما كانوا يقولون شيئا آخر، الآن الحمد لله هذا ليس موجودا، كانوا يقولون: "شفنا مشمر"، مشمر: هذا الذي تلبسه النساء في البيت، "شفنا مشمر معقود"، أي: مربوط. فمادام هذا المشمر معقودا، ثم سحر. فلانة فكت المشمر، أبطل السحر. أي إذا انفك المشمر هذا وانحلت العقدة انتهى الموضوع، هذا في السابق كان كثيرا شائعا، الآن ليس موجودا. بالتالي الزمان يتقدم والوسائل تختلف. تصبح - مثلا - أنهم كتبوا اسم فلان وفلانة وجعلوهما كذا، وثم ضرب وزائد وجمع وفوق وتحت، ووضعوهما في فلان مكان، في قبر مثلا، بعضهم يأتي يقول لك: "مسويين لينا سحر مخلينه في قبر من القبور". هذا نوع من الإحالة على المجهول.

الإسلام، فإذن، هذه الضحية أيضا تأتي وتشيع هذا الأمر، بغض النظر هو صحيح أم لا. أنا وأنت ننشره أيضا. لماذا؟ لأن الإنسان متعلق بنقل الغرائب. الآن، لو جلست في جلسة، وقلت مثلا: اليوم طلعت الشمس صباحا. هذا لا يعتبر خبر، لماذا؟ لأنه شيء عادي، ليس خبرا هذا، لكن لما تقول: يوجد سحر كذا وكذا وعُمِل بالطريقة كذا. كلما ضخمته وفخمته وكبرته، انفتحت الأعين عليك وانشدت إليك. هذا خبر ينقل. وكلما زاد الخبر غرابة، صار نقله أكثر وأيسر. ويتوفر المبرر لنقله. هكذا يصبح عامة الناس أيضا يتناقلون هذه الأخبار.

صار المسوق الأصلي ينقل خبر، وهو غير صحيح. الضحية المفترضة تنقل الخبر، وهو صحيح. عامة الناس؛ بحثا عن الغرائب أيضا ينقلونه، وهو غير صحيح. نعم، في موارد - وهي أندر من النادر - ولا تقوم إلا على أساس توثق وحجة كاملة. أما إذا كل من فشل في شيء، بسرعة ذبه على سحر معمول له، فليس كذلك. فلانة تأخرت في الزواج، لماذا؟ معمول لها عمل. "لا يا بنت الحلال"، تأخر زواجك له ظروف اجتماعية وموضوعية، ولست وحدك فيه، هناك في بعض البلاد، 8 ملايين - كما قالوا - ممن تأخر بهن سن الزواج، من مجموع سكان بلغ 27 مليون! عدد هائل. أهؤلاء كلهم معمول لهم أسحار. هناك ظروف موضوعية.

فإذن، نحن نعتقد أن هذا التفكير هو إبعاد للقواعد الحقيقية. تريد محبة؟ المحبة لا تأتي بكتابة أو كذا، ولا تأتي بأعمال من هذا النوع، تأتي بشكل آخر: (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا). اعمل عملا صالحا، تخلق بأخلاق حسنة، كن آدميا، كوني آدمية، وسوف ترى أن الناس يحبون هذا الإنسان. الآن الناس المحبوبون في هذه الحياة هل عُمِل لمن يحبهم أسحار؟ كلا. إنما هو سحر العمل الصالح، سحر الإنجاز، سحر الإحسان.

قسم من الناس، يحاول زيادة أمواله، فيقال له: إذا تعمل الحرز الفلاني أو السحر الفلاني، تزداد أموالك. لا. الطريق الطبيعي الذي جعله الله سبحانه وتعالى هو أن يسعى الإنسان، أن يعمل، أن يجهد، أن يخطط، أن يفكر، فيحصل على المال. أما أن أريده وأنا في مكاني، ويُعمل لي سحر؛ حتى أحصل عليه، هذا لا يكون. فنحن نعتقد أن ما يشاع من قضايا الطلاق ونسبة ذلك إلى قضايا الأعمال، وما يرتبط بها، هذا أمر لا دليل عليه من الناحية العلمية. لا أحد يأتي ويقول: يعني أن السحر ليس موجودا، والقرآن يقول: (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ)؟ في محله، ذاك موجود. لكن هل ذاك، موجود هنا أو لا؟ هذا يحتاج إلى دليل. هناك كفر، لكن هذا الكفر موجود عند زيد؟ لا. هناك إيمان، هل هذا الإيمان موجود عند خديجة؟ لا بد من تحقيق. مجرد وجود إيمان وكفر وسحر وغير ذلك، مجرد وجود ذلك في الكون، لا يعني أنه موجود عندي، وفي بيتي، لا بد من إقامة البرهان. كيف تقول: إذا يوجد كفر في الدنيا، فإذن فلان كافر! لا يمكن أن تستدل بهذا الشكل. يوجد إيمان في الدنيا، إذن فلان مؤمن! لا يمكن أن تستدل بهذه الطريقة. كذلك يوجد سحر في الدنيا، إذن فلان مسحور، لا يمكن أن تستدل بهذه الطريقة. فإذن مثل هذه الأمور هي: إحالة على مجهول، وعلى غائب، وتحتاج إلى إثبات علمي، وهذا الإثبات غير متوفر في العادة. وإنما ينبغي أن ينظر الإنسان إلى وضعه، وطريقة إدارته، ويتشاور. على الأقل، يقول لغيره ممن هو ناصح: أنا هكذا، هل ترى أن طريقتي هذه، هي أحد الأسباب التي أدت إلى سوء العلاقة بيننا وانتهت بنا إلى الطلاق؟ أو لا، تعال افحص الأسباب القريبة، الأسباب الواقعية، الأسباب التي يمكن التحقق منها. هذا أحد الأسئلة، ولا نطيل في الحديث، فقط نشير إلى أن حكم السحر عندنا غير جائز، تعلمه غير جائز، أخذ المال عليه غير جائز، إعطاء المال له غير جائز. ولعل الإنسان يستنتج من هذا أن الإسلام يريد أن يعدم هذا الجانب، فلا يبقي له أثرا في المجتمع ولا جهة من الجهات التي تبقى من أمر السحر وما يرتبط به. لا تتعلمه. وإذا تعلمته، لا تتاجر فيه. وإذا لديك أمر لا تذهب خلفه. وعلى هذا المعدل. هذا أحد الأسئلة.

سؤال آخر، في موضوع: تدخل الآباء والأمهات، ما هي الحدود التي يستطيع الأب والأم أن يتدخلا في أمر الطلاق؟ وهذه من المشاكل التي بالفعل نواجهها. حالات يكون فيها الزوجان منسجمين، غير أن الأب؛ لسبب من الأسباب لا يريد هذا الزوج أو هذه الزوجة، أو العكس. فيبدأ يستخدم ضغطه ويتدخل إلى أن يفصم هذه العلقة.

حادثة، كُتِبت لي بالوتساب قبل أيام، الناقل يقول: أم البنت بدأت تتكلم مع ابنتها: أنه هذا الزوج لا يناسبنا، ماذا عندك مستمرة معه، هناك ألف غيره يحلمون بالزواج منك، ألف! وليس واحدا أو اثنين! ونحن أخطأنا عندما زوجناه إياك، فالآن يلزمك أن تسعين - وهذا من الأمور العجيبة - في التنكيد عليه حتى يطلقك. والناقل – إن صح نقله – يقول: أنها بدأت تخطط معها، مثلا: إذا طلبك للفراش، قولي: أنا متعبة، مريضة، في الدورة الشهرية، غير ذلك. هذا الجانب. إذا طلب منك خدمة معينة، تعاجزي عنها، بتعب، عدم قدرة، عدم تمكن، اجلب لي عاملة، وفلان وفلتان، وهكذا. الناقل يقول: إلى أن بلغ الأمر بالزوج أن يبلغها بعدم قدرته على مواصلة العيش معها، ودعاها لترتيب أمور الطلاق. عندئذ، أحد الأقارب ذهب إلى هذه الزوجة وقال لها: هل أنت جادة في أمر الطلاق؟ وأنه فعلا لو تطلقت، غدا ماذا ستصنعين؟ إذا أنت مرتاحة إلى الولد. قالت: أمي تقول هكذا، وأن أناس كثر يتمنوني، وأنه كذا، وهذا لا يستحق، ووضعه المادي فلان، ووضعه الاجتماعي فلتان، وعلى هذا المعدل. فعندما أدركت، تراجعت.

الآن، المشكلة، لا ذلك الزوج يقبلها ذلك القبول السابق، ولا هي قادرة على أن تبرهن له أنهها رجعت رجوعا حقيقيا إلى الزوجية. فخسرت من الطرفين على أثر تدخل أم غير واعية وغير فاهمة في هذا الجانب.

هنا ينبغي القول: أنه ليس من حق الأب ولا من حق الأم، من الناحية الشرعية، هذا الأمر. لا يجوز لهما. ولا يجب على البنت ولا على الابن أن يطيع أباه أو أن تطيع أباها أو أن يطيعا أمهما في قضية الطلاق. ليست دائرة الطاعة شاملة لمثل هذا المورد. الإنسان إذا رأى أن أباه يهدم حياته الزوجية، يعاشره بالتي أحسن. يرد عليه ردا حسنا وطيبا، يكلمه بكلام صالح، ولكن لا يجب عليه طاعته.

تقول له أمه: حليبي حرام عليك إذا لم تطلقها. فليقل لها: لا بأس، ويذهب يشتري حليبا مجففا مثلا. هذا الحليب لا قيمة له إذا كان سينهي حياة الطرفين الزوجيين المنسجمة. لا يجب على البنت ولا يجب على الولد أن يطيعا الأم في هذا المعنى. وكلام: حليبي حرام عليك، كلام فارغ، لا معنى له أصلا.

الصحيح هو أن يتدخل الأبوان في إصلاح ذات البين. لنفترض أن الابن جاء شاكيا إلى أمه أو أبيه، أن هذه لا تفعل كذا، ولا تعمل كذا، وهذه كذا وفيها وعليها، هنا الأب الحكيم أو الأم الحكيمة لا بد أن يخففوا هذا الاندفاع من الابن. يتحدثون له هكذا: أنه - كما تعلم - هي لا تزال صغيرة السن، تحتاج إلى تجربة، إلى تدريب، إلى صبر، لا بد أن تعلمها، وتصبر عليها. يأخذون ذاك الجانب، لا أن يشجعونه على أمر الطلاق.

والعكس أيضا كذلك. إذا جاءت البنت: هذا الزوج كذا يصنع، وكذا يعمل، ولديه مخالفات، ومشاكل، لا بد من الأب والأم أن يتحدثون في الاتجاه المخالف: أنه نعم. قسم من الشباب هكذا يحصل منهم، لكن آخر الأمر يتعقلون، ولا بد أن تصبرين على هذا الجانب.

ونتعاون في ذلك، نكلمهم بالتي هي أحسن، بالحكمة التي يصونان الحياة الزوجية، لا أنهما يصبان الزيت على نار انفعاله أو انفعالها، فضلا على أن يشجعا الزوجين على الانفصال والفراق. لذلك حتى التدخل، تدخل الآخرين، في القرآن الكريم، ماذا يقول؟ يقول: (إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا)، إذا فعلا كانت نيتهما الإصلاح، الأطراف التي تتدخل، نيتها الإصلاح، الله يجعل التوفيق في ذلك والبركة والخير. فهذا من الأمور التي ينبغي مراعاتها.

آخر سؤال، وننهي به الحديث، هو: هل أن زواج المختلفين مذهبيا سبب من أسباب الطلاق؟ وقد سئلنا عن هذا. والجواب: أنه من الناحية الشرعية، زواج المختلفين مذهبيا، لنفترض في ضمن الدائرة الإسلامية - طبعا الدائرة الدينية، أن يتزوج مسيحي امرأة مسلمة، عندنا – نحن الإمامية - غير جائز، عكس ذلك، أن يتزوج إمامي مسيحية أو مسلم مسيحية، ففيه تفصيل، المشهور: أن الزواج المؤقت بها جائز دون الزواج الدائم. هذا الرأي المشهور تقريبا. هناك بعض العلماء لم يفرق بين الزواج المنقطع والدائم في أنه يجوز في كلا الحالتين. لكن الرأي المشهور المعمول به عند الفقهاء: هو أنه يجوز انقطاعا لا دواما، مع بعض الشروط عند بعض العلماء. مثل: إذا كان متزوجا من امرأة مسلمة وأراد أن يتزوج من امرأة مسيحية فلا بد من استئذان المسلمة عند بعض العلماء. أما في المختلفين مذهبيا، سني وشيعية، أو شيعي وسنية، أو فيما بين هذه المذاهب، زواج الشيعي بغير الشيعية جائز، عكس ذلك: زواج السني بالشيعية جائز ما لم يكن ذلك الرجل محسوبا من أعداء أهل البيت.

هناك بعض الفرق، بعض الفئات، أو خصوص هذا الشخص، متظاهر بسب أهل البيت، ببغضهم، هذا لا يجوز الزواج منه. فيجوز إذن أن يتزوجا ما لم يكن من مبغضي أهل البيت، ويظهر ذلك البغض. وهناك قيد آخر ذكره بعض العلماء، وهو: أن لا يغريها بترك مذهبها لتكون من مخالفي أهل البيت (ع). أما في غير هذه الحالة، فيجوز عند العلماء. هذا من الناحية الشرعية.

هناك نقطة أخرى، وهي: هذا الزواج المختلف مذهبيا، من الناحية الاجتماعية والزوجية، نحن نعتقد أن الزواج لكي ينجح فلا بد أن تتوفر فيه أكثر العوامل المسببة للنجاح، فإذا كانت هذه العوامل موجودة هنا، مثل: الأخلاق الحسنة، العشرة الطيبة، أن يتركها على سبيل المثال على مذهبها، وعلى طريقتها وأمثال ذلك، فإن مثل هذه الأمور كقواعد مما تساعد على نجاح الحياة الزوجية، وأما لو كان خلاف ذلك بأن لم يكن على أخلاقية حسنة، أو كان في الموضوع الديني متعنتا، والمذهبي متعنتا، فإننا نعتقد بأن مثل هذا الأمر مما لا يساهم في استدامة وبقاء الحياة الزوجية. وتختلف الحالات باختلاف الأفراد. كما قلت من الناحية الشرعية ذاك حكمه. من الناحية الاجتماعية أيضا لا بد أن يلاحظ الإنسان: هل هذا الزواج مقبول في عائلتي أو غير مقبول؟ لأنني أنا لا أريد – أنا البنت الشيعية – لا أريد أن أنفصل عن والدي وأهلي ومجتمعي. قد في بعض المجتمعات ينظر إلى هذا نظرة سيئة، وفي المجتمعات الأخرى لا، ينظر إليه نظرة طبيعية. قد يكون خصوص عائلتي، يكون فيها الحدث حدثا مرفوضا جملة وتفصيلا. هنا لا بد أن يلاحظ الطرفان، بالإضافة إلى الجانب الشرعي والديني، الجانب الاجتماعي والأسري وإمكانيات الاستمرار. وبالتالي لا يمكن في هذا الجانب الثاني، أن نعطي قاعدة عامة. إذ تختلف المسألة باختلاف الأماكن. في العراق قد تكون الزيجات المختلطة كثيرة، بينما في أماكن أخرى ليست كذلك. في هذا العائلة الفلانية هذا الأمر مقبول، بينما العائلة الأخرى مرفوض تماما. فينبغي ملاحظة هذه الأمور، وكل حالة على حدا.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا ويوفق مجتمعنا للأخذ بسبل الخير والاستقرار في بناء الحياة الزوجية، إنه على كل شيء قدير. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.

مرات العرض: 3391
المدة: 00:36:13
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2561) حجم الملف: 33.1 MB
تشغيل:

11اخطاء زوجية تنتهي لمشاكل
17ماذا يعملان بعد الطلاق ؟