شرح دعاء الافتتاح 17
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 29/10/1435 هـ
تعريف:

شرح دعاء الافتتاح 17 

كتابة الفاضلة معصومة الخضراوي

تصحيح وتدقيق الفاضل عبد العزيز العباد

      الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين

 مما جاء في دعاء الافتتاح: 

     (اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، وَأَمِينِكَ وَصَفِيِّكَ، وَحَبِيبِكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَحافِظِ سِرِّكَ وَمُبَلِّغِ رِسالاتِكِ، أَفْضَلَ وَأَحْسَنَ وَأَجْمَلَ وَأَكْمَلَ وَأَزْكى وَأَنْمى وَأَطْيَبَ وَأَطْهَرَ وَأَسْنى وَأَكْثَرَ ما صَلَّيْتَ وَبارَكْتَ وَتَرَحَّمْتَ وَتَحَنَّنْتَ وَسَلَّمْتَ عَلى أَحَدٍ مِنْ عِبادِكَ وَأَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ وَصَفْوَتِكَ وَأَهْلِ الكَرامَةِ عَلَيْكَ مِنْ خَلْقِكَ)

     هذه الفقرة فاتحة للبدء في الصلاة على النبي وآل النبي صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، أساسًا مسالة الصلاة على محمد وآل محمد هي من الأذكار التي تقترن بعبادة الإنسان، ويجب أن تنبعث من عقائده وهي من الأمور التي تسالم عليها جميع المسلمين إلا من شذّ منهم. ومنهم من شذّ في لزومها ووجوبها في الجملة. 

     فالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله في التشهد في الصلاة المفروضة والمستحبة عند الإمامية مما يجب فعله وهي ايضًا كذلك عند كثيرًا من أهل السنة وجمهور المسلمين، ويعتمدون في ذلك على حديثٍ روي عنه أنه من لم يصلي عليّ وعلى أهل بيتي فلا صلاة له، وهي التي أخذها الإمام الشافعي وحولها في الشعر المنسوب إليه:

                  كفاكم من عظيم الشأن أنكم        من لم يصل عليكم لا صلاة له

     لماذا أختص الله سبحانه وتعالى أمة الإسلام بلزوم أن تكون علاقتها مع النبي وأهل البيت هي هذه العلاقة (علاقة الصلاة) ؟

    لقد مرّ على هذه الأمة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله عشرات الألوف، ومن التابعين مئات الألوف، فلماذا خصص الله سبحانه وتعالى النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته بهذا الذكر؟ 

    وكما هو معلوم أن الأمة تؤمن  بجميع الأنبياء (  ‏لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ) . فلماذا الله تعالى مثلاً لم يوجب الصلاة على نبي الله ابراهيم وهو جد رسول الله صلى الله عليه وآله؟ 

    لماذا لم يوجب الصلاة على آدم وهو أول البشر و أبو البشر؟ 

    لماذا لم يوجبها على نوح وعلى موسى وعلى عيسى؟

    فقط وفقط أوجبها إن تكون الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وآله وعلى أهل بيته في طبقة الأنبياء .

كيفية الصلاة على النبي؟

    ورد في تفسير الآية المباركة) : إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)   أن  المسلمين جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسألوه: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ نصلي لله في جهة القبلة ونصلي على جنازة الميت وتلك معروفة لكن كيف نصلي عليك؟! 

    فقال لهم: ( قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ) إلى آخر هذا الذكر الشريف، فصارت الصلاة على النبي وعلى أهل البيت بنص رسول الله من دون إضافات.

   ربما يأتي المتأخرون ويقولون نحن نصلي على رسول الله وعلى آله وعلى أصحابه وعلى التابعين لهم وعلى من تبع هداهم إلى يوم الدين، هذا لا بأس به ولكنه غير وارد.

   الوارد هو النبي وأهل البيت. فلو عممها الإنسان لا يكون ممنوعًا من ذلك، لكن الذي ورد بنص رسول الله صلى الله عليه وآله في مثل تفسير الآية المباركة وفي قوله لا تصلوا عليّ الصلاة البتراء تصلوا عليّ وتتركون أهل بيتي، بل قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد.. لماذا؟

 لماذا أمرت الأمة – كل الأمة - بالصلاة على النبي وآله؟ 

    إننا نعتقد أن الله سبحانه وتعالى وبعده النبي صلى الله عليه وآله أرادوا أن يضعوا للأمة مقياس حين تضيع المسافات وتختلط إذا أدعى كلٌّ وصلاً بـ (ليلى)، إذا أدعى كلٌّ أنه يمثل الإسلام الحقيقي، أنه لديه ما كان عند رسول الله صلى الله عليه وآله، وأختلط على الناس هذا المعنى فترى المنافق يقول أنا الإسلام وترى المعادي لرسول الله صلى الله عليه وآله ايضًا يقول انا الإسلام، وترى الذي يقتل علي بن أبي طالب عليه السلام ايضًا يقول انا الإسلام، هنا يأتي المقياس لكي يقول أين الاسلام؟ 

   مَن الذي نصلي عليه؟ مَن الذي نذكره في صلاتنا؟ مَن الذين نتوجه إليه فَنُقرنه برسول الله ( اللهم صل على محمد وآل محمد ) نقرنهما معًا، لو جاء أحد وأضاف ما أضاف هنا تعود المسألة إلى الخلق، فلا يعود المقياس واضحًا تعود المسافات غير بينة.

   وُضِع هذا الذكر وجُعل هذا الذكر وأُكِّد عليه بدءاً من أمر الله تعالى بالصلاة على النبي ومرورًا بتفسير النبي صلى الله عليه وآله لهذه الصلاة وكيفيتها وهي أنها ذكرٌ وليست أفعال، وطلبٌ من الله تعالى اعلاء مرتبة النبي وأهل بيته عليهم السلام ، وانها كما يصلي الإنسان على النبي يصلي ايضًا على آله وعلى أبنائه صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، وهم الذين يمثلون خطه ويسيرون كامتداد لنهجه حتى لقد قال قائلهم من الأئمة المعصومين: خذوا هذا من فم رسول الله صلى الله عليه وآله، وقالوا حديثي حديث أبي وحديث أبي حديث جدي وحديث جدي حديث رسول الله.

    أختص الله سبحانه وتعالى هذه الصفوة بهذه الميزة. لكي تكون علامة فارقة حين تختلط العلامات، ولكي تكون منارًا حين تعترك الظلمات، ولكي تكون علمًا يحدد المسيرة حين تتباعد المسافات.

   إضافة إلى ذلك لكي يُوجد في الناس القبول النفسي لما يأمرون به ولما ينهون عنه ، أنت عندما تكون علاقتك مع عالم علاقة حسنة عندما تقدس ذلك العالم عندما تنسجم معه عندما تحبه عندما تصلي عليه عندما تثني عليه وتذكره بالخير يكون هذا أدعى لقبولك أوامره ونواهيه، بينما إذا لم تكن هذه العلاقة موجودة ربما تردد الإنسان في قبول تلك الأوامر لاسيما الصعبة منها.

     يراد هنا من خلال تكريس الصلاة على النبي وآله النبي كذكرٍ بين المسلمين أن يوفر ذلك القبول عند المسلمين بأئمة المسلمين برسول الله وبأهل البيت، حتى لو أمروهم أأتمروا بأوامرهم ولو نهوهم انتهوا. عندما تصلي على النبي وتثني على أهل البيت وتعتقد أنك تحصل بذلك على الثواب العظيم كما ورد في الروايات أن ( أثقل ما يوضع في الميزان الصلاة على محمد وآل محمد ) نظرًا لما تحققه تلك الصلاة من شعور بالانتماء ومن إيجاد علامة ومعْلم من سلوك الطريق الحقيقي والصحيح.

أهمية الصلاة على النبي:

     دور الصلاة على النبي وآل النبي ليس فقط امرًا لفظيًا وإنما هو إيجاد نماذج إظهار علائم للدين، فتبيين تلك المعالم والنماذج والقنوات مهم جدًا، وطريقه هو أن يكثر الإنسان من الصلاة على النبي، ليس معقولًا أن تكثر الصلاة على النبي وآل النبي ثم لا تتبع فقه أهل البيت وليس معقولًا أن تصلي على أهل البيت بعد نبيهم صلوات الله عليه وعليهم ثم تسلك في العقائد مسلكًا لا ينسجم مع مسلكهم، يراد تثبيت هذا المعنى حتى تكون مدرسة للأمة شاملة وحاوية على جميع ما تحتاجه. تتحقق هذه المدرسة بأشخاصها ورموزها وتتكرس في الأمة.

 هذا ما تدعونا إليه فكرة الصلاة على محمد وآل محمد نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من أوليائهم وأحبائهم وأتباعهم وأن يحشرنا معهم أنه على كل شيءٍ قدير وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين. 



مرات العرض: 3392
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2583) حجم الملف: 15088.91 KB
تشغيل:

شرح دعاء الافتتاح 15
شرح دعاء الافتتاح 18