شارب الخمر كعابد الوثن
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 26/9/1433 هـ
تعريف:

 

شارب الخمر كعابد وثن

 

تفريغ نصي الفاضلة أم سيد علي الفلفل

صياغة الفاضل عبد العزيز العباد

المقدمة:

  

بسم الله الرحمن الرحيم

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ۝ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ۝)[1]. صدق الله العلي العظيم

 

سوف نتحدث – إن شاء الله تعالى – في محاضرتنا هذه عن أحد الكبائر وهو شرب الخمر أعاذنا الله وإياكم والمؤمنين من كبائر الذنوب وصغائرها وعن مراحل تحريمه والعقوبات التي تنتظر شاربها والآثار المترتبة على شارب الخمر وعن تشبيهه بعابد الوثن كما ورد في الروايات.

    تتفق كلمة المسلمين جميعاً على تحريم شرب الخمر، وعلى أنه جناية ومعصية كبيرة بالرغم من أننا لا نجد في القران الكريم توعداً بدخول النار على خصوص من شرب الخمر بشكل واضح وصريح، فالآيات التي تناولت تحريم الخمر على ما هو المشهور عند المفسرين وكذلك عند قسم كبير من الفقهاء يقولون أن تحريم الخمر مر بمراحل متعددة ولم يأتي تحريمه دفعياً.

   المرحلة الأولى لتحريم الخمر

   ففي البداية نهى القران الكريم الإنسان أن يكون ثملاً سكراناً في حال الصلاة، حيث فقال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ )[2] وفُسر هنا بسكر الخمر، وإن كان هناك تفسير آخر لهذا المعنى يتناسب مع النظرية الأخرى التي تفسر (وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ ) بمعنى سكر النوم أي لا تأتي الصلاة وأنت نصف نائم بحيث لا تفقه ما تقول ولا تسيطر على حاستك الإدراكية، إلا أن المشهور حملوها على سكر الخمر واعتبروا هذه الآية المباركة مرحلة من مراحل تشريع حرمة الخمر.

المرحلة الثانية لتحريم الخمر

   جاءت مرحلة أخرى بناء على هذه النظرية وقالت بأن الآية المباركة أطلقت أمر الإثم على الخمر حتى في غير الصلاة كما في قول الله عز وجل (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ۖ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا )[3]، فالخمر والميسر فيهما إثم وإثمٌ ليس عادي بل إثمٌ عظيم وكبير، مع وجود بعض المنافع المادية للميسر كمن يكسب المقامرة من القمار وربما تكون منفعة مادية لمن يتاجر بها وهكذا على الاقل في زعم الفاعل والشارب وأي إنسان عندما يقال له هناك منفعة في هذا العمل فيعني ذلك منفعة مادية أو منفعة بدنية إلا أنه في نفس الوقت يوجد فيه إثمٌ عظيم وكبير في فعل هذا الأمر، فالعاقل ينبغي أن يرتدع عن ممارسة ذلك الفعل الآثم وإن كان فيه بعض المنافع.

المرحلة الثانية لتحريم الخمر

   في هذه المرحلة ما جاء في سورة المائدة من خلال الآيتان اللتان تلوناهما (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ... ) مع ملاحظة أن سورة المائدة بالنسبة الى القرآن على ما هو معروف عند العلماء والمفسرين هي بمثابة التوقيع النهائي للأحكام ، ولذلك كانت آيات سورة المائدة بما تحويه من أحكام مشرعة فيها أحكام نهائية قادرة على نسخ ما قبلها ايضاً، فقد ورد ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)[4]

   فعلى سبيل المثال في هذه السورة ذكرت بعض الاحكام كالعقود وكيفية والوضوء وغيرها فكأنما سورة المائدة هي التوقيع النهائي على الأحكام التي سبقتها.

   في هذه المرحلة جاءت في سورة المائدة لتقول أن الخمر والميسر والأنصاب والازلام كلها رجس من عمل الشيطان فاجتنبوها، فيعني أن هناك ثلاث حيثيات في هذه الآية المباركة والتي تقتضي التحريم:

أولاً : من حيث أنه رجس وينبغي أن يجتنب الإنسان الرجس.

ثانيا : أنه من عمل الشيطان وعلى الإنسان المؤمن أن لا يكرر عمل الشيطان وأن لا يقلده.

ثالثاً : أنه نهائي وجازم فاجتنبوه لعلكم تفلحون، فربط الفلاح باجتناب هذه الأمور.

 الآثار المترتبة على شرب الخمر

   بعد ذلك بينت الآية المباركة الأخرى بعض آثار شرب الخمر (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ)[5] فيحدث من خلال ذلك فتن اجتماعية كالشحناء والعداوات في ما بين الناس كما أن الشيطان من خلال هذا العمل يصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة، لأن الإنسان عندما يسكر ويستغرق في ذلك الجانب فلا يمكنه أن يذكر الله تعالى لا ذكراً لفظياً ولا استحضاراً قلبياً، كما أنه ايضاً لا يذكر الصلاة.

   فهذه هي ثلاث مراحل على رأي المشهور عند المفسرين والفقهاء في تحريم الخمر.

 نظرية أخرى لا ترى تدريجية تحريم الخمر

   هناك نظرية أخرى ذهب اليها بعض المحققين حيث قالوا أن هذا الأمر المشهور عند الناس من تدريجية تحريم الخمر ليس صحيحا، إن تحريم الخمر كان في مرحلة مكة، والتدريجية التي تتحدثون عنها كان في مرحلة المدينة.

 كيف يكون شرب الخمر من كبائر الذنوب وليس هناك توعداً من الله تعالى لشاربه بالنار؟

                                                   

   في هذه الآيات المباركات نحن لا نجد مثلا توعد من الله بالنار، لا نجد في الآيات صراحة في لعن شارب الخمر، فكيف إذن أصبح شرب الخمر من الكبائر؟! وهذا متفق عليه بين المسلمين من أن الكبائر من الذنوب لها مقاييس، من مقاييسها وجود اللعن في القران الكريم، أو التوعد بالعذاب وما شابه ذلك.

   الجواب:

   يُعد شرب الخمر من الكبائر من جهات متعددة: إحدى هذه الجهات، السنة الشريفة للنبي المصطفى محمد صلى الله عليه وآله، حيث قرر النبي صلى الله عليه وآله وسلم حد لشارب الخمر وهو عبارة عن ثمانين جلدة سواء كان الشارب رجل أو امرأة لا يختلف في هذا الحال، يجلد ثمانين جلدة في المرة الأولى، فإن عاد وشرب مرة أخرى جلد ثمانين أخرى، في المرة الثالثة يجلد ثمانين، في الرابعة يقتل، لأن عندنا قاعدة أن قسم من الحدود متى ما جرت على إنسان ثلاث مرات ولم تردعه ولم يتُب منها ينتهي الأمر به الى القتل وهذا ما ينطبق على شارب الخمر .

   فإقامة الحد ثلاث مرات وعدم ارتداعه عن هذا الفعل في هذه المرات سيكون مصيره القتل في المرة الرابعة، كما أن وجود حد شرعي دنيوي يقيمه الحاكم الشرعي هذا ايضاً من علامات كون الفعل كبيرة من الكبائر.

    فعندما تحدثنا عن موضوع الزنا وقلنا إن من علامات كون الزنا كبيرة من الكبائر بسبب وجود حداً شرعياً مقرراً في هذه الدنيا، وهذا المقياس من المقاييس كون العمل كبيرة من الكبائر.

شارب الخمر كعابد وثن

   هذا الفعل يعتبر بلا شك من كبائر الذنوب، أكثر من هذا، الروايات الواردة عن المعصومين عليهم السلام وفي طليعتهم رسول الله صلى الله عليه وآله لسانها لسان أن شرب الخمر من الأمور الكبيرة كقوله صلى الله عليه واله : ( شارب الخمر كعابد وثن).

   شرب الخمر عمل من أعمال الجوارح أي يوصف بحرام أو حلال، عبادة الوثن أمر من أمور الجوانح ترتقي الى مستوى الأصول أي أن هذا عابد الوثن كافر من الكفار ليس أنه عمل عملاً محرماً وإنما خرج من الإيمان الى الكفر.

   فعندما شبّه النبي صلى الله عليه وآله شارب الخمر كعابد الوثن و نقل المسألة من حدود الحلال والحرام الى الإيمان والكفر، علمنا من ذلك شدة التغليظ على هذه العمل الذي يرتقي به كونه كبيرة من أعظم الكبائر أو في الحديث الآخر إذا شرب المرء الخمر غضب الله عليه وإذا سكر خرج من الإيمان.

   بمجرد شرب الخمر وعلمه أن هذا خمر وعلمه أن الخمر حرام فلو لم يعلم أن هذا خمر لم يترتب عليه هذا الأثر أو حتى لو علم أنه خمر ولم يعلم أنه حرام لا يعاقب، فإذا سكر خرج من الإيمان لأن تمر عليه ساعة كما في حديث آخر ( لا يعرف المرء فيها ربه ) ولا يذكر الله سبحانه وتعالى، فالشاهد أن وجود حد شرعي مقرر على من شرب الخمر يجعل هذا الفعل كبيرة من الكبائر لأن من مقاييس الكبيرة أنها تستوجب حد دنيوي.

 إقامة الحدود لا يعتد فيها بمكانة الشخص

   أقام أمير المؤمنين عليه السلام الحد على النجاشي الشاعر بالرغم من أنه كان بمثابة محطة فضائية في ذلك الوقت لأمير المؤمنين عليه السلام، وكان شعره قوي جداً وكان بجانب أمير المؤمنين عليه السلام وفي صفين له قصائد حماسية قوية ضد معاوية وجيش الشام وله مدح وثناء على أمير المؤمنين عليه السلام، ولكن خلال نهار شهر رمضان مر عليه رجل من أصدقاءه المتهتكين يسمى أبو سمال الأسدي وقال له: يا نجاشي ما رأيك في الية غنم وأكارع طبخت بالنار من الليل إلى الصباح، فقال له: ويحك نحن في شهر رمضان، قال له: دعك عن هذا، قال: فما عندك غير ذلك؟ فقال له: عندي شراب كالورس أصفر إذا سرى في أعضائك أنشطك حتى جعل الفدم خطيبا بليغاً، ثم أكل معه وشربا من ذلك الشراب المعتق الأصفر، وثملا فبدأت خطابتهم وشعرهم ورأى جيران أبو سمال الوضع، فرفعوا الأمر الى أمير المؤمنين عليه السلام وأخبروه عن أن هنا سكارى فجاء الإمام عليه السلام أبو سمال الأسدي المعتاد على هذا الوضع، فبمجرد أن رأى الإمام أفاق وهرب، ولكن النجاشي لم يستطع أن يتحرك فأخذوه وقبضوا عليه وانتظروه الى أن أفاق ولما أفاق من سكرته فقال له أمير المؤمنين عليه السلام أنت أذنبت وسوف أقيم عليك الحد، فأقيم الحد عليه بثمانين جلدة، ثم قال: ايضاً عشرين، فالتفت النجاشي وقال للإمام: ما هذه العلاوة يا أمير المؤمنين، فقال له: هذا لجرأتك على شهر الله في نهار الصيام، وهذا ليس له حد معين وإنما أمره في يد الحاكم ويقال له تعزير، ولما أقبل الليل ذهب النجاشي الى معاوية.

   فالإمام عليه السلام مع كون هذا الرجل بمثابة آلة إعلامية وذا قصائد قوية ومؤثرة، ولكن تعدى حد من حدود الله عز وجل فأقيم عليه حكم الله سبحانه وتعالى، فلا يوجد تساهل خصوصاً مع شخص ثبت عليه بالشهود شرب الخمر.

 ذهاب شناعة شرب الخمر في عصرنا الحاضر

    الآن نلاحظ أن أمر شرب الخمر ذهبت شناعته بالكامل بحيث أصبح من الطبيعي أن يشاهد الشخص في كل فيلم عشرات المشاهد عن شرب الخمر وبالتدريج تحول الخمر الى معصية عادية ذهبت شناعتها وقبحها، والبعض حتى من المسلمين أصبح من الطبيعي أن يتحدث عن شرب الخمر وكأنه أمر عادي هو لا يرى نفسه وكأنه عمل كبيرة من الكبائر، وربما حتى بعض المستمعين لا ينظرون على انه عمل جريمة كبيرة، ولا كأنه عمل عملاً تمر به ساعة لا يعرف فيها ربه.

   وفي بعض بلاد المسلمين تبيح الخمر بيع وشراء، لذا نرى قسم من هؤلاء الخاطئين يذهبون لمثل هذه الأماكن، أحد الأخوة ينقل هذه القصة يقول: ذهب جماعة إلى بلد مجاور يكثر فيها الخمر وبينما كانوا يمشون في الطريق رأوا أحدهم يمشي وهو سكران فجاء لهم وسألهم من أين أنتم؟ فقالوا له: نحن من القطيف، فبدأ يطلب نقوداً، فقالوا له لا نملك، فرفضوا أن يعطوه فقال لهم أنتم روافض وستدخلون النار وأنتم كفار، فقالوا له: أنت سر باتزان واستقامة ثم بعد ذلك قسم الجنة والنار.

فمثل هذه الأمور إذا أتيحت في المجتمع سيؤدي إلى ذهاب أهل الخطيئة إليه وكذلك الضعفاء في الايمان يذهبون وبعض الشباب الذين فقط يريدون أن يجربوا .

   فينبغي أن تجفف منابع المعصية في بلاد المسلمين حتى نصبح أعوان لنداء الإيمان في نفس الإنسان ولا نصبح أنصار لنداء الشيطان، اذا جففنا منابع المعصية وقضينا عليها وجعلنا إمكانية المعصية ليست سهلة التناول، بالتأكيد إرادة الإنسان هي الأهم في كل شيء ولكن هناك فرق بين أن تتوفر هذه الأمور على باب داره أو أن يسافر هذا يقلل إمكانية ممارسة المعصية.

 لُعِن في الخمر ثمانية أصناف:

     نلاحظ الدين فيما يرتبط بقضية الخمر أولا أن جعل حد وثانيا في موضوع الخمر رأينا شيء لم نره في أي معصية أخرى لعن في الخمر ثمانية أصناف في بعض الروايات وتسعة أصناف في بعض الروايات وعشر في بعض الروايات.

إن الله لعن الخمر وشاربها وساقيها وغارسها وعاصرها وبائعها وشاريها وحاملها والمحمولة إليه. كل هؤلاء ملعونين عند الله سبحانه وتعالى، فأي أحد متصل بحلقة من هذه الحلقات فهو ملعون.

    لو أن إنسان لديه ناقلة وطلب منه شخص نقل شحنة خمر من مكان إلى آخر في مقابل مبلغ مادي فلا يجوز له أن ينقلها ولو نقلها أصبح مرتكباً للحرام، فلا يتملك هذا المال أي أن هذه الأموال ليست له ولا تدخل في ملكه.

   هذا ليس لدينا حتى في الميتة فمثلاً لو أن أحداً طلب منه نقل دجاج مجمد من بلد إلى بلد آخر يستطيع ذلك ويأخذ المال عليه بخلاف الخمر.

   بعض الطلاب في الخارج يتطلب منهم العمل لأن أمواله لا تكفيه فيعمل في مطعم مثلاً ويُطلب منه غسل أكواب الخمر، فهذا العمل لا يجوز لأن فيه نوع من إعداد لشخص آخر حتى وإن كان الشخص الأخر غير مسلم فهنا لا يتملك المال الذي يعطى له، فلو كان أحدهم يعمل في تصنيف المأكولات والمشروبات في إحدى الأسواق الكبيرة فعليه أن يصنف المأكولات جميعها ماعدا الخمر فلا يجوز لمسه فإذا فعل هذا فيكون فعله حرام ولا يتملك المال الذي يعطى إليه.

   وأكثر من هذا لا يجوز له الجلوس على مائدة يشرب فيها الخمر ولا يتجاور جغرافياً معها، بل يجب على الإنسان المسلم أن لا يكون وسيلة أو أداة يمكن من خلالها أن يسهل بنحو من الأنحاء عملية شرب الخمر.

   فمثلا في الطائرات لو جلس بجانبي شخصاً يشرب الخمر على طاولته هنا لا مشكلة لأنها لا تعد طاولة من الناحية العرفية وهكذا.

 من زوج ابنته شارب خمر فكأنما قادها إلى النار

       لا يجوز للأب المسلم أن يزوج ابنته لشارب خمر فإن من زوج ابنته لشارب الخمر فقد قطع رحمها، فهذه جناية في حق ابنته إذ سلمها زوجة لشارب خمر، وبالفعل هناك حالات هكذا وحقيقة هذه ألم إلى بعض النساء.

   أحد المؤمنين يقول: إن أحدهم خطب أختي وتزوجها وكان يظهر بأنه إنسان عادي ولكن تبين فيما بعد أنه من الذين يعاقرون الخمر والآن هي تكرهه من داخل وجدانها وتقول كيف أنا فمي الذي يجري عليه ذكر الله تعالى وكلمات أهل البيت عليهم السلام وأدعية الصحيفة السجادية ثم أجعله على فم يجري فيه الخمر صباحا ومساء، لا أستطيع أن أتكيف مع هذا الأمر، كيف يمكنني أن أستقيم مع شخص كهذا؟!

   فهي من جهة تخشى على الأولاد من أن يتأثروا بوالدهم كما تخشى على الأسرة من عواقب الطلاق، ومن جهة أخرى هي تعيش في حياة الجحيم ولا تستطعم الحياة معه.

   فهؤلاء النساء اللاتي وقعن في مثل هذه الأمور يحتجن إلى رعاية مضاعفة وكبيرة، فالمحاولات التي تبذل لنصح ذلك الطرف في أن يرجع عن غيه وان يستقيم في مسلكه الصحيح مجهدة وغير نافعة فهذه حقيقة مؤلمة بالنسبة لمثل هؤلاء النساء.

   فالكثير من الناس في هذه الدنيا يحتاجون إلى وعي وتعقل وإدراك وبصيرة وهي هكذا يصعب نيلها فكيف إذا كان الشخص ثملاً وسكراناً؟!

   والآخرة لا تنال إلا بطاعة الله تعالى وتقواه، فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يهدي ضال المسلمين وأن يبصر منحرفهم وأن يرسل رحمة من عنده حتى تتوجه هذه الحكومات الاسلامية والتي ترفع شعار الإسلام أن تمنع حدوث مثل هذه الأمور وتقيد مثل هذه الأشياء وحتى لا تصبح بلادنا حانة من الحانات الكبيرة.

نحن نتعاطف مع النساء اللاتي يعانين من مثل هذه المشاكل وندعوا الله تعالى لهن بمزيد من الصبر والفرج ويعينهن على ما أبتلين به هن، وأن لا يجاورن رجل كيزيد بن معاوية شارب الخمر، وأنا لا أستبعد أن قسم من القرارات المهمة التي أثرت على مصير المسلمين اتخذت ضمن حالة ثمل وسكر، ألم يقل يزيد بن معاوية :

دع المساجد للعبـــــــاد تسكنها            ومل على دكة الخمار واسقينا

ما قال ربك ويل للذي شــــــربوا         بل قــــــال ربك ويـــــل للمصليــــن

ومن يقول مثل هذا ليس في وعيه أبداً، أو يقول فيما موجود في ديوانه الشعري:

اسقني شربة تروي مشاشي عظامي    ثم مل وأسقـــــــــي مثلها بني زياد

صاحب الســــــر والأمـــــانة عنــــــــدي     ولتســـــديد مغنـــــــــمي وجهــادي

أنا لا استبعد أن يزيد عندما أرسلت إليه السبايا كان في حالة من حالات عدم الوعي وعدم التعقل لأن مثل هذا الحاكم لبلد إسلامي يؤتى إليه بسبايا آل رسول لله صلى الله عليه واله فيأتي برأس الحسين بين يديه ويظل يقرعه بخيزرانة حتى كسر أسنانه هل هذا فعل شخص في عقله أو في وعيه؟! أم أنه شخص تحت تأثير هذه الحالات التي لا تنتهي إلا بفقدان العقل أو فقدان الإيمان. 

 

[1] ) سورة المائدة آية 90-91

[2] ) سورة النساء آية 43

[3] ) سورة البقرة آية 219

[4] ) سورة المائدة آية 3

[5] ) سورة المائدة 91

مرات العرض: 3448
المدة: 00:52:27
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2573) حجم الملف: 18 MB
تشغيل:

اللواط شذوذ أو مثلية
لماذا ينتحرون .. خلاصة الأسباب والعلاجات