صورة المرأة بين القرآن والمجتمع
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 18/1/1433 هـ
تعريف:

صورة المرأة بين القرآن والمجتمع


تفریغ نصي الفاضلة رؤى العوامي
قال الله العظيم في كتابه الكريم
بسم الله الرحمن الرحيم : { فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ۚ فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ ۖ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } سورة القصص (25) .. آمنا بالله، صدق الله العلي العظيم
————-
القرآن الكريم يقدم عددا من النماذج والأمثلة للبشر لكي يقتدي بها البشر و يحذوا حذوها، أكثر من نموذج في الرجال قدم من الأنبياء، من المرسلين، من الأوصياء وأشار الى جهات تميزهم و حيث أن المجتمع الأنساني كما يشتمل على الرجل يشتمل على المرأة فقد قدم أيضًا عددًا من النماذج  النسائية التي وصلت الى درجات عالية يمكن للمرأة المسلمة أن تقتدي بها.
قدم نموذج آسيا بنت مزاحم، زوجة فرعون على أساس أن المرأة ممكن أن تتغلب على المال وعلى السلطان وعلى زخارف الحياة وأن تتمسك بإيمانها حتى لو خسرت كل شيء { وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } سورة التحريم(11)

إمرأة كانت ملكة، المرأة الأولى في المجتمع الفرعوني اللي الفرعون فيه كان يعتبر الإله { أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ } فهذه زوجة الإله، فلتتمتع بكل ماكان في مملكة مصر التي كان يقول عنها فرعون {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي}
كل شيء تحتي، أموال، رفاه، ذهب، حرير إلى غير ذلك من الأمور وهذه أول ما يمكن أن ياخذها ويُنعم عليه بها هو زوجة الملك، زوجة هذا الذي يدعي أنه إله
قسم من الناس الآن رجال أو نساء تأشره له بـ ٥٠٠ ريال يبيع لك دينه وأوله وآخره، هؤلاء الذين جاؤوا الى قتال الحسين عليه السلام
تدري شقد كان الفرق في عطاءهم .. ١٠٠ درهم بس  قد قال ابن زياد في خطابه لهم : وقد أمرني يزيد أن أزيد في عطاءكم ١٠٠ درهم ، بس ١٠٠ درهم فطلعوا هالشكل فهذا يبيع دينه على أساس ١٠٠ درهم أو ذاك على أساس أن يملأ ركابه فضةً أو ذهبا كما قال تولى ابن يزيد الاصبحي وفي هذه الأزمنة أنت تلاحظ أيضًا إنسان يتجنى على آخرين، يسب، يلعن، يتهجم غير ذلك من أجل أن يأخذ آخر الشهر فد راتب لو تشيل عنه هالراتب هذا مايسوي هالأشياء، فهو يبيع دينه وضميره من أجل مبلغ من المال ٤٠٠٠ أو ٥٠٠٠ ريال أكثر أقل هذه امرأة تُقدم للذين آمنو عمومًا
امرأة كانت تحت يدها السلطان والمال والرفاه والشخصية والأمر والنهي ولكنها عندما عرفت الحق وتوجهت الى الإيمان بالله تعالى أقام لها فرعون ذلك العذاب الشديد، هددت بالاوتاد، عذِّبت، حرمت من كل شيء لكن عندها كلمة واحدة : { رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ }.
إذا أخسر هذا القصر مهما يكن لن يصل إلى شيء من قصور الجنة وبعدين مرة يكون القصر عند فرعون مرة يكون القصر عندك يعني عند الله سبحانه وتعالى، فرق بين الجهتين في الانتساب عظيمة جدًا والنعيم وإلى غير ذلك إلى أن رحلت إلى ربها راضية مرضية بعد أن هُددت بأوتاد العذاب وقضت نحبها على هذا الأساس، هذا المثل الأول الذي يضربه القرآن الكريم في آخر سورة التحريم {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا}، مو فقط للمؤمنات وإنما لعموم الناس ولكن حيث أن المرأة عادةً تحب التزين، تحب التنعم، تحب  التفاخر فقدم لها هذا النموذج، أنه هذا النموذج كان بيدها كل شيء ولكنها تركته لإيمانها بالله عزّ وجل، هذا النموذج الأول .

النموذج الثاني الذي يقدمه القرآن الكريم هو نموذج مريم ابنة عمران عليها السلام، مريم التي اصطفاها وطهرها واصطفاها على نساء العالمين إلى زمانها وابتلاها في نفس الوقت أن تكون والدة لواحدٍ من أعاظم أنبياء الله عزّ وجل، هذه المرأة قاومت خطوط الانحراف وتمسكت بالفضيلة في مجتمع بني إسرائيل ذاك الوقت وقت اللي مريم ابنة عمران جاءت وراحت إلى المعبد، لما نذرتها أمها
{ إذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي }، كان عندهم في بني إسرائيل مايشبه اللي عندنا الوقف، وقف الإنسان على خدمة المعبد هذا موجود كان عندهم، إحنا عندنا هذا مايصير لأن الإنسان أنما يوقف أو ينذر فيما يملك أما أنت تنذر ولد مثلًا إلى فلان ( نذرت ولدي ليكون خادمًا للمسجد الفلاني ) مايصير هذا، ليش ؟ لأن يشترط أن يكون الشيء المنذور تحت ملكك، تنذر أن تعمل أنت هذا عملك ملك لك، تنذر أن تعطي من مالك هذا مالك ملك لك أما تنذر أن واحد ثاني يعطي فلوس ماينعقد هذا النذر مو صحيح، تنذر أن فلان يسوي هالعمل مايصير هذا لأنه ليس تحت ملكك. نعم في الأزمنة القديمة بالنسبة إلى العبيد كان يمكن للإنسان مادام العبد في ذاك الزمان يعامل معاملة الأملاك يمكن أن ينذره مثلا إلى شيءٍ من الأشياء، في ذلك الزمان أيام بني إسرائيل كان الأمر موجودًا أن بإمكان الوالدين أن ينذرا أو أن يوقفا الولد الى المعبد خدمة وعناية ويصير بعد شغله منذ بلوغه إلى أن يرحل من هذه الدنيا مثل يكون مشغول بخدمة هذا المعبد فلما وضعتها أنثى { قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى }
والأنثى بالتالي لم يكن من جاري عادتهم على أن تكون في المعبد لا سيما و أنها كأنثى في بعض الفترات في كل شهر فد مقدار من الشهر هي على غير طهارة .مبتلاة بالدورة الشهرية و بالتالي لا تستطيع أن تبقى في المعبد و أن تكون في داخله احترام له وعدم هتك له
وهذا عندنا أيضا في التشريع الإسلامي، لايجوز للمرأة إذا طرقتها الدورة أو النفساء إذا كانت نفساء تبقى وتمكث في المسجد {فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَىٰ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ ۖ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (36) فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ۖ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا ۖ }
وصارت بالفعل أنه هذه في المعبد تكون باستمرار فيه وبلغت من العبادة و الارتقاء والاتصال بالله عز وجل إلى درجة أنه جرت الكرامات في حقها وهي لا تجري إلا لأولياء الله الخاصين إلى الدرجة التي نبيُّ الله زكريا وهو نبي من أنبياء الله وكفيل لها { كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا ۖ } هو ماكان يصير له بس هي كان يصير لها لأن الله سبحانه وتعالى إنما يُجري الكرامات والمعاجز لحكمة مو هالشكل اعتباطًا
 {قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ۖ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} لاحظوا القرآن الكريم هنا يقول { هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ ۖ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ۖ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ } لما زكريا شاف هذه المرأة حظيت بكرامة الله سبحانه وتعالى إلى هالمقدار تجدد ثوبه إلى الولد وإلى الذرية فطلب من الله سبحانه وتعالى وآن إذن الله أعطاه مطلوبه
الشاهد يأتي القرآن الكريم بنموذج مريم على أنها إمرأة استطاعت من خلال تقواها وعفتها في الوقت الذي كان فيه الزنا في بني اسرائيل فاشيًا في تلك الفترة، ذاك الوقت كأن أمر الزنا والانحراف الاخلاقي والعلاقات غير المشروعة بين الرجال والنساء في تلك الفترة كان شيئًا كثيرًا ولذلك هم أول ما شافوا عندها ولد فورًا اتهموها بهذا العمل اللي عادة متعارف عندهم هناك لكنها كانت قد تحلت بالعفاف والفضيلة وتوجهت إلى الله سبحانه وتعالى وكانت عاكفةً في معبدها ووصلت الى درجة أن أكرمها الله سبحانه وتعالى بجريان الكرامات على يدها ولذلك في موضع آخر يتحدث عنها {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا} يعني كانت عفيفةً، كانت ملتزمةً، كانت تقيةً في ذلك المجتمع الذي كان في أسوأ الدرجات في الحالة الأخلاقية، الإنسان إذا كان في مجتمع محافظ، متدين وهو صار أيضًا متديّن هذا له الثواب لكن الثواب الأعظم أنما يكون للإنسان إذا كان في مجتمع وفي بيئة غير ملتزمة،
واحد يروح إلى الغرب وهناك يكون ملتزم، يروح إلى الابتعاث على سبيل المثال أو تذهب إلى الابتعاث وهناك تزداد التزامًا وتشعر بقيمتها وقيمة حجابها وقيمة ديانتها وقيمة عبادتها هذي عاد منزلتها أعظم من تلك التي تكون محافظةً وملتزمةً في قريتها وفي بلدتها، ليش ؟
لأن التحديات هناك أكبر وأعظم لذلك القرآن الكريم أشاد بهذه المرأة وبهذا الذكر وبهذه المنزلة .

المثال الثالث : ماذكره القرآن الكريم عن ابنتي شُعيب، شعيب نبي من أنبياء الله العظام ووصل إليه موسى في القصة المعروفة كلكم بحمد الله من قرّاء القرآن الكريم و القرآن الكريم في سورة القصص وفي غيرها من السور تعرض إلى لقاء نبي الله موسى مع شعيب بعد ما تآمر عليه أتباع فرعون وخرج موسى خائفًا يترقب إلى أن وصل إلى ماء مدين، هناك بعد وجد أمةً من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان يعني يحاولون أن يحافظون على الأغنام وتتنحيان جانبًا { وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ ۖ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا } - ليش انتوا هكذا على جهة على قتر - { قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ الرِّعَاءُ ۖ } - هذولا شباب وكبار و أقوياء وما يخلون لنا مجال فإحنا ننتظر لما يخلصوا كلهم بعدين نجي نسقي، شوف نحصل ماء مانحصل ماء – فهناك أخذته الشهامة وجاء { فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24) فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ } جاء وسقى لهما وهذولا بسرعة راحوا مادام عندهم الآن واحد يعينهم فلما رجعت البنتان إلى والدهما النبي شعيب تعجّب – اليوم راجعين بسرعة – قالتا بلى وقصتا عليه قصة ذلك الشاب الذي جاء وأعانهما طبعًا هنا لازم الواحد يتوقف يشوف شهامة نبي الله موسى وعفته أيضًا، أحيانًا قد تجد فد شاب لما يشوف فتاة متورطة في موضوع معين يبدأ يتصور أن هذه خوش صيدة، خوش فريسة وخليني اساومها على أن أنال منها، تحتاج إلى فلوس ؟ إذًا خليني أحقق رغباتي ونزواتي .. تحتاج إلى مساعدة ؟ خليني استغل هالحاجة عندها لكي اصل إلى ما أريد وما اصبو !
هذا خلاف الشهامة، هذا خلاف أن يكون انسان عنده نوازع خير .. نبي الله موسى { فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ } يعني أنا ماعندي شيء، حسب الرواية عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ما كان يطلب من ربه شيئًا إلا الخبز بس يأكل لأنه جوعان، ماعنده شيء.
بس شوف الإنسان الذي يكون بهذه الطريقة ماذا يعوضه الله سبحانه وتعالى، جاء جائعًا، خائفًا، طريدًا ليس له مأوى، عازمًا ورجع على أثر عمل الخير هذا وعلى أثر توجهه إلى الله رجع شبعانًا، ريّانًا، له المال وله زوجة وله مأوى وآمن أيضًا .. هذا يتبين إلى الانسان أنه ينبغي أن يتعامل مع الله سبحانه وتعالى لا سواه.
فذهبت المرأة كما هي القصة المعروفة وأخبرت أباها قالت له أحنا سرعنا لأن هناك شاب هكذا عمل ثم قال لها اذهبي واخبريه حتى يأتي فذهبت إليه { قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا} تعال تفضّل، الرواية تقول أن نبي الله موسى قال لها نحن قوم لا ننظر في أعجاز النساء يعني نحاول أن لا نهتك امرأةً، نحافظ على كرامتها، على عفتها ونحن أيضًا لا نتتبع هذا الأمر فإن شئتِ أنا أصير قدام وأنتِ ارشديني مثلًا قولي الآن إلى اليمين، إلى الشمال حتى نصل . فلما وصلت وهناك تحدث نبي الله موسى مع نبي الله شعيب وأخبره وقصّ عليه القصص نبي الله شعيب وكان كبير السن ومعمرًا ومن الأنبياء اللي عندهم معارف كثيرة جدًا، يقال أن نبي الله موسى في خلال بقاءه ١٠ سنوات مع شعيب كانت تلميذًا لشعيب، يعلمه خلال ١٠ سنوات اللي استأجره فيها فبعد ذلك قالت له {  قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ۖ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ }، قال لها قوي معلوم لأنه واحد زين يقدر يحرك صخرة كبيرة هذا واضح القوة، أمين من أين عرفتي ؟
فقالت له لأنه كان في الطريق يقول لي أنا ما أمشي خلفك، أنا أمشي قدام حتى لا أرى شكلك وكذا وأنا أمشي قدام وأنتِ وجّهيني
هذا اشعرني بأنه عنده أمانة، عنده عفة لا يسترق النظر لا يهوي صاحبه أو صاحبته فأفنى على كلامها وهي اُعجبت المرأة هذه زوجته وبالفعل هي التي صارت زوجته في التالي، هنا أنت تلاحظ أن هاتين امرأتين بنتي نبي كانتا تعملانِ وتذهبانِ إلى الرعي وتذهبان إلى السقي مع الاحتفاظ بكل ما هو مطلوب من المرأة من العفاف والرعاية والصيانة.
نحن عندما نلاحظ في مقابل هذه النماذج التي يقدمها القرآن الكريم، أحيانًا نلاحظ في مجتمعنا بعض الصور غير الصحيحة و غير المناسبة بالنسبة إلى المرأة، من ذلك مثلًا أن بعض المجتمعات تربي المرأة العاجزة، غير القادرة على شيء ولذلك تشوف مثلا كل شيء معتمد على الرجل يعني في بعض العوائل في بعض الأماكن إذا الرجل غاب يعني اختّل نظام البيت أولًا وآخرًا، ليش؟ لأن هذه ماتدبر حالها في أي شيء.
عوّدت على العجز، عوّدت على أن لا تتحمل مسؤولية ما تتعب نفسها ما تجهد نفسها، دائمًا هي كأنما في موضع اللي ماتقدر ماتستطيع .. أكثركم بحمد الله أو كلكم ذهب إلى الحج رزقكم الله وإيانا حجّ بيته الحرام في عامنا هذا وفي كل عام، لاحظوا مثلًا بعض نساءنا هناك و لاحظوا نساء بقية أهل الدنيا، شوف امرأة من الهند عمرها ٧٠ سنة محدودبة الظهر كلها إذا توزنها هي وثيابها ماتصير لك ٥٠ كيلو ومع ذلك تأتي بالمناسك كلها من طوافٍ وسعيٍ ورميٍ وغير ذلك وتمشي مسافات طويلة، تعال شوف عندنا المرأة في بعض الأماكن وبعض الحملات ،، شابّة عمرها ٢٥ سنة في أوج شبابها في أوج قوتها بس توصل يا ناس حريم حريم حريم حريم طوارئ كأنه، على ماذا ؟ بالتالي هذه حالها حال بقية نساء الدنيا لازم تطوف، تروح إلى قضية الرمي أول مايتحدثون تعال نوّب ماتقدر مرتنا ترمي، في الليل نساء ماشاء الله يرمون بالآلاف شمعنى هذه ماتستطيع؟ أول مايجي يقولك لازم تستنيب وهذه ماتقدر، يابى هذه عمرها ٢٥ سنة إذا الآن ماتقدر بتقدر لما يصير عمرها ٦٠ سنة و ٧٠ سنة؟
هذه تربية العجز في الواقع وهذه جزء منها على المجتمع وجزء منها على النساء اللاتي قبلن بهذا الجانب، يابى امرأة تتحمل مسؤوليتها تكون قادرة الآن أحنا في هالأيام مو في أجواء العقيلة زينب صلوات الله وسلامه عليها، تصور لو أن زينب كانت مثل قدرة بعض نساءنا وش كانت تسوي خلال هالفترة هذي يعني إدارة أطفال، ركوب جمال، سفر، جوع، تعب، ضرب، غربة، عدم وجود أحد، تبليغ كل هذا يجتمع لو ماكان عندها قوة بأس وشدّة وقوة شخصية ماكانت تستطيع أن تصنع شيء من هذا القبيل.
فنحن نلاحظ أن هذا الأمر ليس من الأمور الصحيحة لازم النساء يتحملون المسؤولية الرجل غاب، الرجل ما موجود، الرجل كذا هي لازم تنهض بعد ببيتها وبأولادها وبأسرتها،
بعض النساء ابنها يصير في مشكلة بعد خلاص لازم تتودع منه لأن ما تقدر تدبر حالها هذه تربية العجز تربية غير صحيحة أبدًا و لا توافق المنهج الإسلامي في التربية، لازم نربي المرأة على أن تكون قادرة، على أن تكون متحملة، على أن تكون كذا ... امرأة ضعيفة في كربلاء تأخذ عمود من أعمدة الخيمة وتطلع للقتال تقول " أنا عجوزٌ سيدي ضعيفة ذاويةٌ خاويةٌ نحيفة، أضربكم بضربة عنيفة دون بني فاطمة الشريفة " .. امرأة عجوز كبيرة السن هذه حالها مثل حال مثلًا نساءنا اللي الرمي بالنسبة إليها تفلت حجرة من مسافة مترين وماتقدر وماتستطيع وماتتمكن كيف تقدر باجر تعمل هكذا ؟ فهذه من الأمور الغير مستحسنة، ينبغي طبعًا ضمن اطار العفاف، ضمن اطار الحجاب، ضمن اطار الالتزام بس لازم تكون أيضًا المرأة قوية شديدة التحمل حتى تقدر تشيل الأسرة، حتى تقدر تشيل نصف الثقل على الزوج أما إذا صارت عاجزة في كل شيء، غير قادرة على شيء لا يمكن أن يعاد إليها بمسؤولية .
من الأمور التي أيضًا يلاحظها الإنسان في التربية الخاطئة لنساءنا في المجتمع هو حالة التبعية الدائمة، ماهية الاستقلال في
أي شيء
أحنا طبعًا قد يكون في مجتمعنا في الدائرة الشيعية أقل لما تطلع إلى الدائرة الأخرى غير الشيعية هذه لا تستطيع أن تسافر لأن حرام عندهم السفر حتى  إلى الحج من دون محرم حرام، بينما عندنا نحن في الفقه إذا كانت تأمن على نفسها كما هو الحال في مثل هذه الأزمنة يعني امرأة تطلع مع حملة نسائية أو فيها قسم نسائي ومرشدات نساء وغير ذلك، آمنة على نفسها والطريق طريق صحيح ما تحتاج منها إلى محرم، من الناحية الشرعية لا يلزم إذا موجود زين وهو أفضل لا يُلقي بمسؤوليتها على غيره ولكن كحكم شرعي مو واجب عندنا غيرنا لا يقوللك إذا ما وياها محرم لا يجوز لها السفر ويسقط عنها الحج هذا على رأي بعض المذاهب الأخرى عندنا هذا غير موجود ، قضايا مثل أنه تستطيع في القضايا المالية والمعاملات في الفقه الإسلامي لا يوجد هناك أي مانع من أن تكون المرأة مجرية لمعاملاتها متملكة لرأس مالها ولا تحتاج الى احد ، بل لا يستطيع احد ان يأخذ هذا الدور منها زوجها مثلًا يقول لا الحساب لازم يكون بإسمي مايجوز لها من دون رضاها مايستطيع ذلك وهكذا بالنسبة الى معاملاتها هي تجري معاملاتها هي تبيع وهي تشتري بينما قد نجد في بعض الآفاق ان حالة التبعية وانها لا تتمكن الا بواسطة رجل كأنما هذا شبه قانون وهو لا اصل له في الشرع ، احنا لما نلاحظ القرآن الكريم يعرض الينا هذه النماذج ، نماذج يبرزها على اساس انها تحملت مسؤوليات عظيمة وكبيرة وفي بعض التفاصيل غريبة عندما يتحدث عنها القرآن الكريم مثلًا انت تصور انه لو ان بنتًا جائت الى والدها وقالت له انه مثلًا ترى هذا اللي يبيع في البقالة خوش رجال .. وش يقول ليها ابوها ؟ يستنكر من هذا الامر مايقبل منها هذا الكلام ، لكن نبي من انبياء الله عز وجل وهو شعيب لما جائت بنته وقالت له ترى هذا اللي خدمنا رجل قوي ورجل امين ، استأجره يا ابتي يعني سويه وياه اتفاقية حتى يبقى معنا في بيتنا ، استقبل منها هذا الكلام وقال ليها كيف عرفتي وتناقش وياها وبالفعل بالنتيجة هم صار الى ما رأت ، " قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَىٰ أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ ۖ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ ۖ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ ۚ " بالنتيجة تعامل وياه استأجره وخلاه جزء من البيت وايضًا زوجه هذه البنت اللتي قالت " إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ " فأحيانًا الامرأة تقوم بدورٍ لا يقوم به بعض الرجال هذا مثال عندنا في السيرة الحسينية ، طوعة هذه المرأة الصالحة طوعة كانت امَة لآل الاشعث قال الاشعث اجمالًا اسرة سيئة في علاقتها مع اهل البيت عليهم السلام ، ابوهم الاشعث ابن قيس شارك في قتل امير المؤمنين عليه السلام ، يعني تنقل في قضية المقتل كلام عنه انه لما رأى ابن ملجم في الفجر قال له يا ابن ملجم ادرك حاجتك قبل ان يفضحك الصبح ، و بنته جعده امرها ويا الامام الحسن معروف وهو نفسه ايضًا كان شريكًا في ترغيبها في هذا الامر ، قيس ابن الاشعث كان على رأس الحملة اللتي واجهت مسلم ابن عقيل ، محمد ابن الاشعث هو احد قتلة الحسين عليه السلام في كربلاء ، احد القادة اللي شاركوا في كربلاء فـ أسرة هي من القبيل ، امرأة أمَة جارية في هذا البيت لولا انها التفتت الى نفسها وتوجهت الى دينها وقامت بهذا الدور كانت تصير مثل عشرات الاماء اللي يطويهم التاريخ بلا ذكر وربما بذكر اللعن لكن هي اخرجت نفسها من هذا الافق ، تزوجت برجل ذاك ايضًا مات في وقت من الاوقات وخلفت منه ولد هذا بلال المشؤوم الذي كان من جواسيس ابن زياد، يقول لها الآن بين مثل آسيا بنت مزاحم اللي الدنيا كلها ترفضها من أجل الدين وبين هذا اللي عشان فد جائزة مختصرة يشي بمسلم بن عقيل أو ذاك الآخر معقِل أيضًا عشان مبلغ من المال ليخبر عن مسلم بن عقيل لاحظ شلون هذه امرأة وذاك رجل أيهما في ميزان العدل والإنصاف أفضل،
لاريب أن هذه المرأة والشاهد على ذلك أحنا اليوم الآن بعد ١٤٠٠ سنة أقل من ذلك بقليل نذكرها بالخير والرحمة وتُذكر في أي مجلس، يعني ما من محرم يمر على شيعة أهل البيت إلا وتذكر عشرات الآلاف من المرات بالرحمة وبالثناء وبالذكر الجميل وشوف ذكر ابنها ذاك اللعين و شوف ذكر سيدها قيس بن الاشعث وشوف ذكر مولاها محمد بن الاشعث فرق كبير بين هؤلاء، لما جاء مسلم بن عقيل إلى الكوفة واُفرد من اصحابه قامت هذه المرأة بما لم يقم به الرجال، الأبواب اُغلق أمام مسلم بن عقيل بعد ما جاء ابن زياد، ابن زياد سوى مجموعة من الأعمال؛ اولًا اعتقل كبار قادة الشيعة في الكوفة، اللي ماطلعوا الى كربلاء كلهم وضعهم في السجن : المسيب بن نجمة الفزاري، المختار ابن عبيد الثقفي، آخرون استدرج هاني بن عروة إلى السجن وبعدين قتله أيضًا وهكذا سيطر على الوضع بهالطريقة بقية الأبواب ماكانت تُفتح أمام مسلم بن عقيل تحوطًا وتخوفًا هو ماكان يريد أن يقحم نفسه في مكان بغير إرادة صاحبه ولم يكن قد أعد لنفسه بيتًا توه جاي ماصار له شهرين من الزمان منذ أن قدم إلى الكوفة ولذلك بقي بأبي وأمي وحيدوا فريدًا بعد فرض العشاء وظل يتنقل في أزقة الكوفة لا يعرف إلى أين يذهب، البوابات الرئيسية للكوفة أيضًا مغلقة وعليها العساكر ، أبواب دور الناس أيضًا مغلقة وقد بلغ به التعب مبلغه إلى أن وصل إلى باب طوعة وجلس على باب دارها قليلًا، هذه المرأة كانت تخرج بين فترة وأخرى تنتظر ولدها يرجع أو لا، أم بالتالي تخشى على ولدها وإذا بها ترى رجلًا جالسًا على باب دارها التفت اليه قالت عبدالله ما جلوسك على باب داري ماذا تريد ؟
قال لها أمة الله هل في شيء من الماء ؟ أنا عطشان
قالت له الماء لا يُمنع ذهبت إلى داخل الدار أخدت قدحًا من الماء جاءت به إليه شرب منه قليلًا ثم ردّه إليها وجلس على جلسته تلك ....

 

مرات العرض: 5721
المدة: 00:46:03
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (4463) حجم الملف: 15.8 MB
تشغيل:

خطاب العقيلة زينب
في بيتنا عاملة