صوم عاشوراء بين مدرسة أهل البيت ومدرسة الخلفاء
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 12/1/1432 هـ
تعريف:

صوم عاشوراء بين مدرسة أهل البيت ومدرسة الخلفاء


تفريغ نصي الفاضل السيد أمجد الشاخوري

يتساءل الكثير من المؤمنين عن قضية صوم يوم عاشوراء وما هو الموقف منه بحسب مدرسة أهل البيت سلام الله عليهم ، خصوصا مع وجود دعوات كثيرة من قبل مدرسة الخلافة تتحدث عن استحباب صيامه وأنه كفارة سنة كاملة وما إلى ذلك من الأحاديث التي تنقل، فهل أن المدرسة الإمامية ترى استحباب صوم يوم عاشوراء؟ أو ترى حرمته؟ أو ترى كراهته؟ 

 نحن لدينا هنا حديث في هذا الاتجاه ثم نتعرض أيضا إلى ما يعتمد عليه أصحاب المدرسة الأخرى ونناقشه مناقشة إجمالية. 

في البداية رأي مدرسة أهل البيت عليهم السلام في صوم يوم عاشوراء بحسب الرأي المشهور بين فقهائنا الإماميين المعاصرين، الرأي في صوم عاشوراء أنه مرجوح -غير راجح-. تحت هذا العنوان توجد عناوين، بعض الفقهاء من المعاصرين يقولون أن الأحوط وجوبا ألا يصوم الإنسان يوم عاشوراء. احتياط وجوبي بترك الصيام في يوم عاشوراء هذا ذهب إليه بعض الأعلام المعاصرين.

هناك من يقول أنه مكروه، مرجوح بمعنى أن صومه مكروه والمكروه يعني أن تركه يثاب عليه الإنسان وفعله لا يعاقب عليه. 

والرأي الثالث ملازم وهو أن ترك الصوم مستحب، ترك صوم يوم عاشوراء مستحب. 

هذي ثلاثة آراء تنتهي إلى أنّ هذا الصيام لا رجحان فيه هو مرجوح يعني إذا تخلي كفة ميزان هو في الطرف اللي ما له رجحان، إما عن سبيل ما يشبه الالزام كالاحتياط الوجوبي، أو على سبيل الكراهة أنه مكروه والمكروه تركه يثاب عليه الإنسان ولكن فعله لا يعاقب عليه. 

هذا طبعا اذا كله كان الصيام مجردا عن التشبه ببني أمية والفرح لما أصاب الحسين، وأما إذا صار تشبه ببني أمية أو فرح لما أصاب الحسين فهو حرام عند جميع العلماء عندنا. الكلام اذا مافي تشبه عنده صوم يريد يصوم في يوم عاشوراء؛ الأفضل أن يترك صيام هذا اليوم، تركه هو الأولى والأرجح.

 و اذا أراد أن يواسي الحسين عليه السلام وأهل البيت بعضهم يقول لك بالتالي الإمام الحسين خلال هذا النهار من الصباح إلى أن اُستشهد، اهل البيت، الأصحاب كانوا جياع وعطاشى في يوم الشهادة فأنا أحب أن أواسيهم. تجي الرواية عن الإمام عليه السلام :( صمه من غير تبييت) يعني أمسك عن الأكل والشرب لكن لا بنية الصيام المبيتة. تدرون أن الفرق بين الإمساك وبين الصيام يكمن في أمرين.

الصيام لابد فيه من النية، ماكو صيام بدون نية لو فرضنا مثلا النية القربية أنه أنا أسوي هذا قربة إلى الله تعالى ، غداً أصوم قربة إلى الله تعالى.

أما لو مثلا واحد أمسك عن الطعام لأن غدا عنده تحليل، تحليل الدم قالوا له لازم تجي وانت جائع مثلا اثنتي عشر ساعة، ثمان ساعات أكثر أقل هذا ما يعتبر صيام هذا إمساك. لماذا؟ لعدم وجود نية الصيام فيه ولعدم وجودة نية القربى إلى الله. هذا فرق. 

 والفرق الثاني أن الإمساك يمكن أن يكون كل النهار ويمكن أن يكون بعض النهار؛ بينما الصيام لا يكون إلا بتمام النهار. ما عدنا مثلا صوم إلى الساعة أربع ونص باقي نص ساعة مثلا عن الأذان، ماكو عندنا صيام هالشكل غير مشروع هذا، ما واحد يقول أنا صمت ثلاثة أرباع اليوم لا ماكو إما تصومه كله وإلا لا يحسب شيئا. 

ولذلك مما يتفرع على مثل هذه القضية أن المرأة مثلا إذا طرقتها الدورة الشهرية قبل عشر دقائق من غروب الشمس، من الصبح هي صايمة بنية أيضا مبيتتنها من الليل وضايقة الجوع الله يساعدها إلى أن الآن باقي عشر دقائق عن غروب الشمس ذاك الوقت نزلت عليها الدورة راح صومها خلاص. إن كان واجب إنتهى ما يحسب قضاء لو كانت تقضي مثلا شهر رمضان وإن كان مستحب ما يعتبر هذا صيام. هسة قضية الثواب إن شاء الله الله يثيبها، الله كريم ولكن هذا لا يعد صياما. 

فماكو عندنا صيام لبعض اليوم، ثلاثة أرباع اليوم، نص اليوم ولهذا هذا النوع من المواساة في يوم عاشوراء يقولك انت امسك عن الطعام والشراب إلى ما بعد الظهر بعض الرويات تقول إلى العصر بعضها تقول إلى بعد الزوال مواساة منك للحسين عليه السلام. 

 فإذاً خلاصة رأي الإمامية أن صوم يوم عاشوراء إذا كان على سبيل التشبه ببني أمية أو الفرح لما الحسين ؛ هذا حرام. إذا كان من غير تشبه ببني أمية، من غير فرح واحد يريد يصوم هذا اليوم بعنوان مثلا أن يواسي الصوم طول النهار مع النية مرجوح مكروه بل الأحوط وجوبا تركه على رأي بعض فقهائنا. ولكن إذا أراد أن يفوز بثواب المواساة فليمسك عن الطعام والشراب واللذائذ من الفجر إلى ما بعد الظهر، بعد ذلك ليأكل أو ليشرب لكن لا يأكل ويشرب هاي المأكولات اللي فيها حالة من الرفاهية، طيب افترض حلويات واسكريمات ومادري كذا و كيك والى آخره وإنما يأكل شيء بسيط حتى يكون في حالة من الحزن. هذا رأي الإمامية كما ذكرنا. 

 وأما رأي المدرسة الأخرى فإنهم يقولون باستحباب صيام يوم عاشوراء من الليل يبيت الصيام وأن يصوم النهار كاملا وفيه كما يقولون ثواب وأجر وأنه اليوم الذي أُنقذ فيه موسى من فرعون وما شابه ذلك. 

خلينا احنا نقف قليل أمام بعض أدلتهم لمناقشتها، هناك عدة روايات تنتهي إلى مضمونين: 

 المضمون الأول: ما روو عن النبي صلى الله عليه واله أو عن بعض أصحابه أن صوم يوم عاشوراء كانت قريش في الجاهلية تصومه، وكان رسول الله أيضا يصومه في ذلك الوقت فلما نزل فرض صوم رمضان قال من شاء فليفعل ومن شاء فليترك. عناصر هذا الحديث ماهي ؟ أن صوم عاشوراء كان موجود في الجاهلية وأن القرشيين كانوا يصومونه، والنبي أيضا في ذاك الوقت قبل البعثة أيضا كان يصومه لكن بعد ما بعث ونزل صوم شهر رمضان تُرك صوم عاشوراء فاللي يبغى يصومه يصومه واللي ما يبغى بكيفه؛ هذا الحديث الأول اللي ينقلوه. 

 المضمون الثاني: الحديث الثاني يقولون أن النبي صلى الله عليه واله لما هاجر من مكة إلى المدينة قَدِمَ المدينة فرأى اليهود يصومون صائمين اليهود فقال ما هذا ليش صايمين؟ فقالو له هذا يوم عيد صالح لأن نجّى فيه موسى من فرعون وكان يوم عاشوراء فإحنا نصومه تبعا لهذا؛ لأن الله نجّى فيه موسى بن عمران، فقال نحن أولى بموسى منكم فصامه النبي. هذا الحديث الثاني. 

طبعا بعض الأحاديث الأخرى فيها زيادة وفيها نقيصة بس مرجعها إلى واحد من هالحديثين.

هذا الحديث الثاني عناصر الموضوع فيه أنّ النبي ما كان يدري عن صوم عاشوراء قبل ذلك، النبي ما كان يعرف اليوم الذي أنجى الله فيه موسى من فرعون، ما كان يصومه في الجاهلية، ما كان يعرفه أيضا؛ لما ذهب إلى المدينة شاف اليهود فاليهود علموا النبي أمر صيام يوم عاشوراء والنبي على أثر ذلك قال إحنا أيضا نصوم يوم عاشوراء ونشارككم في هذا بل إحنا أولى منكم في الصيام لأن إحنا علاقتنا ويا النبي موسى أكثر. هذان الحديثان اللي هي مرجع الرويات المختلفة إلى هذين الحديثين. 

 لو أردنا أن نقف فد وقفة بسيطة سوف نجد أن اسم عاشوراء كلمة عاشوراء بحسب قواميس اللغة العربية القديمة يقولون راجعوا ابن دريد -وهو حجة في هذا الباب في اللغة-، يقول عاشوراء إسم إسلامي ما كان معروف عند العرب في الجاهلية وإنما بعد الإسلام صار هذا الاسم - اسم عاشوراء- وهو العاشر من محرم. زين اذا كان هكذا فالحديث اللي يقول أن النبي صام في أيام ما قبل البعثة وقريش كانت تصومه قبل أيام الجاهلية هذا الكلام يتعارض مع هذا الكلام عن حجة في اللغة. 

 الأمر الآخر أنه لم يعهد أن قريش كانت تصوم صوما عباديا! بل لم يعهد منهم تأثرهم بعبادات اليهود، لأن هذا بحسب الفرض هذا عبادة يهودية كما ذكروا فلم يؤثر عنهم أنهم كانوا متأثرين بهذه العبادات اليهودية بالعكس كفار قريش كان بالنسبة إليهم العبادة تجارة واللهو ( وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية) وتصفيق وما شابه ذلك. طيب هم اختاروا الأصنام لأن مافيها تكاليف ملاحظ شلون؟ 

لما تجي إلى الحديث الآخر أيضا في بعض الملاحظات. اول ملاحظة أنه يخالف الحديث السابق هذا يقول النبي كان يدري عن عاشوراء قبل البعثة وقبل الهجرة وصامه وقريش تعرفه، هذا الحديث الآخر يقوله النبي ما كان يدري إلى أن وصل إلى المدينة وشاف اليهود صايمين فقال لهم ماهذا؟ هذا شنو؟ فاليهود علمو النبي هذا الأمر، علموه أصل العبادة ومناسبة العبادة أيضا. 

وهذا يفتح فد باب من التعجب! النبي صلى الله عليه واله كان يتعمد مخالفة اليهود نظرا لأنهم أشد الناس عداوة للذين آمنوا كما صرح القرآن الكريم:( لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود) وكان يحرص على ألا يتأثر بهم المسلمون وألا يأخذو منهم أي شيء وألا يشاركوهم أصلا في منسك عبادي بل حتى في مظهر من المظاهر الشخصية وهذا له سبب اذا صارلنا فرصة ان شاء الله نتحدث عنه بالتفصيل، أنه بالرغم من توجيهات النبي إلى الانفصال عن اليهود وترك ما كان عندهم والاستقلال والاستغناء عنهم، مع ذلك سربوا أفكارهم إسرائيليات في القرآن والعقائد وغير ذلك اللي شيء رهيب هذا مع تحذير النبي ومع انفصاله عنهم وكراهيته لأعمالهم وعباداتهم، فشلون ما نهى عنهم؟ شلون اذا ما نهى عنهم ويش يصير؟ كان يصير وجه الإسلام كما اراده اليهود. وهذا قلت يحتاج له بحث مفصل حتى نحجيلك وين منافذ الثقافة اليهودية في عقائد المسلمين، في تفسير القرآن، في غير ذلك من الممارسات هذا يحتاج له بحث مفصل.

لكن النبي صلى الله عليه واله كان حريصا على أن لا يتفق المسلمون مع اليهود وأن يخالفوهم فبدأ بأمور العبادة الكبرى في قضية القبلة. القبلة كان المسلمون يصلون فترة من الزمان إلى جهة بيت المقدس وكان اليهود يستغلون هذا في الإفتخار على المسلمين احنا الاصل وانتون الفرع، احنا اللي قدام وانتو اللي تتبعونا، نبينا يتبعه نبيكم لأنه جعل بيت المقدس محلنا هذا وهذا مكان رسالتنا، فنبيكم مضطر أن يجي ويتعبد ويسجد إلى جهة أماكننا ومحل أنبيائنا وبالتالي إحنا الأصل وانتو الفرع، انتو لازم تتبعونا أيها المسلمون!. 

فالنبي صلى الله عليه واله كان منزعجا جدا من هذا الأمر وبدأ يُصرّف طرفه في السماء إلى أن خاطبه الله سبحانه وتعالى وقال :( قد نرى تقلب وجهك في الساجدين فلنولينك قبلة ترضاها فولِّ وجهك شطر المسجد الحرام) خلاص إنتهت، القبلة هذي صوب بيت المقدس لا أحد يتوجه إليها، لا يجوز لأحد في الصلاة أن يتوجه إلى بيت المقدس. اليهود ما بلعوها أيضا قالو شنو هذا؟  شنو هالدين مالكم؟ اذا كانت القبلة إلى بيت المقدس شنو معنى تتوجهوا إلى الكعبة ؟ اذا كان القبلة هي الكعبة شنو حكم صلواتكم الماضية إلى بيت المقدس؟ باطلة؟ طيب فإذاً دينكم دين مو عدل. 

لذلك رد عليهم القرآن الكريم وقال:( سيقول السفهاء ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها) الله يقول ليهم انا المقرر وين يتوجهوا الناس( أينما تولو فثم وجه الله ) ( قل لله المشرق والمغرب) حسب أوامر الله مرة يوجهه هالصوب نقول سمعا وطاعة ذاك الصوب؟ سمعا وطاعة. احنا ما عندنا قيمة إلى هالمكان أو هالمكان إلا إذا أعطى الله له قيمة، الله قال توجهو هالصوب قلنا على العين والراس. تركوه روحو توجهو ذاك الصوب أهلا وسهلا إحنا نعبد الله لا نعبد لا هالحجر ولا ذاك الحجر. 

فهذا كان من الإشارات إلى أن النبي صلى الله عليه واله لا يريد للمسلمين أن يتأثرو باليهود ولا أن يكونوا معهم حتى في جهة القبلة، حتى بهالمقدار ولو هذا عبادته شكل وذاك عبادته شكل. ما نريد اليهود حتى ولو كان شنو؟ في جهة الإتجاه، من هذا الأمر الكبير إلى أصغر الأمور مثل الهيئة الشخصية غيرو الشيب ولا تشبهو باليهود. طبعا هذا كان في زمان النبي صلى الله عليه واله، اليهود في ذلك الزمان كانوا يطلقون لحالهم كثة ويخلوها كلها هالشكل ما يصبغونها تصير بيضاء فالنبي صلى الله عليه واله حتى بهالمقدار قال للمسلمين لا تتشبهو باليهود، اذا ذولاك يخلوا لحاهم بيضاء انتو اصبغوا ، طبعا هذا كان في البداية بعدين صار الامر طبيعي. 

سئل الإمام أمير المؤمنين عليه السلام أنه كان في زمان رسول الله أن لازم تغيروا الشيب تصبغونه الآن شلون؟  فقال :( قد كان ذاك والإسلام قلُّ - يعني اعداده قليلة- أما الآن فقد اتسع نطاقه وألقى بجرانه) صار الإسلام متوسط وله دولة وله أتباع كثيرون فامرؤ وما اختاره تريد تصبغ اصبغ، تريد تخليه خليه، تريد ابيض ابيض، تريد اسود اسود مافي مشكلة. 

بس كان النبي صلى الله عليه واله في بدايات الدعوة لا يريد الاتفاق مع اليهود حتى بهالمقدار اللي واحد شنو؟  يخلي لحيته بيضاء لأنه يفكرون عدد اليهود كثير ! لا تشابه. الى حد هم ينقلون في كتب مدرسة الخلافة يعني بعض الأشياء هسة هذا ما وجدته أنا في كتبنا ولكن موجود في كتبهم أن النبي صلى الله عليه واله قال لهم خالفوا اليهود صلوا بنعالكم، يعني هذولا اليهود يصلو بلى نعال انتو صلوا بالنعال عناد اليهم ومخالفة ليهم !. 

طيب من قضية القبلة والعبادة المهمة إلى قضية تغيير الشيب إلى الصلاة بهذه الكيفية، المهم ألا يأخذ المسلمون من اليهود شيئا حتى التوراة وهي كتاب الله عز وجل اللي النبي صلى الله عليه واله يكرمها ويحترمها، ذكروا أنه زنى رجل بامرأة في جهة اليهود فقالو خلنا نروح نسأل هذا النبي الجديد لعله يعطينا تخفيف وكان عندهم حكم الرجم للمحصن مثلما موجود في الإسلام، نروح له فغيروه، هم غيروه إلى الجلد بدل الرجم من جملة التحريفات اللي خلوها في التوراة غيروا ذلك إلى أنه ماكو رجم بعد وإنما كله جلد. طيب فقالو نروح إلى هذا النبي لعله يقول لينا بنفس كلامنا اللي نبغاه فنقول فلان قال لينا، فذهبوا فقال اتوني بالتوراة (وكيف يحكمونك وعندهم التوراة) فراحوا جابوا ليه التوراة، التوراة مكتوبة بالعبرية اتصوروا أن النبي أيضا ما يدري عن هالموضوع، زيادة في الاحتياط هذا الحَبْر مالهم خلى ايده على مكان آية الرجم، طيب فلما جيء للنبي بها النبي رفعها على وسادة لا تكون على الأرض، النبي مو ضد التوراة اللي نزلت من الله عز وجل؛ ضد هذه الممارسات الفاسدة والباطلة من اليهود، فرفعها ثم رفع يد هذا الحبر عن آية الرجم قال اقرأ هذه آية الرجم عندكم، لا تغيرون أحكام الله.

 مع ذلك لما جاء أحد أصحابه إليه وقال له يا رسول الله إنا نجد في التوراة أشياء، مواعظ، حكم، كلمات طيبة أفتأءن لنا أن نقرأها ونحفظها؟ قال لا لا آذن؛ لو كان موسى بن عمران حيا ما وسعه إلا اتباعي، لو كان النبي موسى الآن موجود لازم يسمع كلامي ما يقدر يشتغل بالتوراة مالته يصير مأموم، أنا الإمام وهو المأموم، أنا القائد وهو المقود. انت تروح في وجود النبي والقرآن وأحاديثه تجيب له كتاب بجنب القرآن؟ لا، إمام بجنب النبي؟ كلا، نبي بجنب النبي؟ كلا. هذا لو كان موجود النبي موسى كان لازم يتبعني ويسمع كلامي.

 الشاهد اللي أريد اقولك هنا ما هو؟ أن النبي صلى الله عليه واله كان حريصا على أن لا يتأثر المسلمون لا في القضايا الكبيرة كالقبلة ولا في القضايا الأخلاقية والوعظية كالتوراة ولا كالهيأة الشخصية كاللحية وما شابه ذلك، أن لا يتأثروا باليهود لازم يمتازو عنهم، ينفصلوا عنهم. زين يأذن ليهم إن تصير عباداتهم مثل عبادات اليهود ! وهو يروح يقلد اليهود في أمر عبادي مثل قضية الصيام يقول مادام انتو تصومون هاليوم أنا أيضا راح أصوم أشارككم في ذلك لأن احنا علاقتنا بموسى أوثق !. أترى النبي الذي يرفض باب الأخلاقيات أن ياخذوه من اليهود وباب الأحوال الشخصية من اليهود، يقبل منهم عباداتهم كالصيام وما شابه ذلك؟! هذا أبدا غير معقول، غير متصور. طيب هذا أمر ثاني. 

 أمر ثالث لما تجي إلى الحديث يقول لمّا قدم النبي المدينة رأى اليهود صائمين. نجي نسأل متى قدم النبي المدينة ؟ 

إجماع المسلمين سنة وشيعة على أنّ النبي صلى الله عليه واله وصل إلى المدينة من مكة في شهر ربيع الأول في الثامن من شهر ربيع الأول؛ هذا مافيه كلام أصلا !. 

وصل في شهر ربيع الأول لم يصل في محرم ولا صفر ولا رمضان وإنما وصل في شهر ربيع الأول. زين اذا وصل في شهر ربيع الأول شافهم صايمين المفروض هذا صوم يوم عاشوراء قد انتهى قبل شهرين شلون شافهم صايمين ذلك اليوم !. 

كلام أنه وصل في شهر ربيع الأول في الثامن هذا متفق عليه مافي مجال للمناقشة فيه أصلا، فكيف رآهم صائمين يوم عاشوراء يعني العاشر من محرم ! شنو رجع قري؟ ما يمكن هذا قبل شهرين مر العاشر من محرم أو انتظر إلى سنة أخرى لا ! الحديث يقول لمّا قدم رآهم. طيب مافي سنة كاملة، زين إذاً من وين جاء هذا الكلام؟ 

جواب على ذلك: اليهود عندهم صوم يسمى صوم الكيبور، الكيبور كأنما تعريبه راح يصير الكفارة. الكيبور أساسا هناك مشاكلة ومشابهة بين اللغات التي تنبعث من شجرة واحدة يعني مثلا اللغة الألمانية واللغة الإنجليزية شجرة واحدة كثير من التشابه بينهما، اللغة العربية والعبرية والفارسية وربما الأوردية أيضا شجرة واحد في كثير من التشابه في هذه الكلمات. طيب لذلك انت تلاحظ بعض الكلمات العبرية إليها أصول عربية وبالعكس.

اليهود عندهم كلمة العاشر عندنا أو عشرة تساوي (عَيْسِير). إحنا عندنا عشرة هم يقولون عيسير. و كيبور، صوم الكيبور الكبير مثل ما عندنا تقول صوم الكفارة، عندهم عبادة تسمى صوم الكيبور ويبدأ من غروب الشمس اليوم مثلا إلى باجر غروب الشمس يعني يوم بليلة.   طيب أربعة وعشرين ساعة يبدأ من غروب الشمس اليوم اللي قبل إلى غروب الشمس اليوم اللي بعد ويتخلله ليلة بكاملها ونهار اليوم الثاني هذا يسمونه صوم الكيبور، متى يصومونه؟ يصومونه في العاشر من تشرين؛ عيسير تشرين. تشرين اللي هو أول شهور السنة الشمسية عندهم. أساسا الاختلاف بيننا وبينهم إنّ احنا نعتمد التقويم الهجري القمري في الشهور وهم يعتمدون الأشهر اللي نسميها أشهر رومية اللي هي تشرين وما تشرين. طيب اللي هي يعبّر عنها الأشهر الرومية، العاشر من تشرين اللي هو أول السنة، عاشر من تشرين عندهم يوم الصيام؛ عيسير تشرين كما يقولون، فهذا يوم العاشر عندهم او العاشور.

هذا تشرين مرة يصادف محرم، مرة يصادف ربيع، مرة يصادف ذي القعدة،  مرة يصادف رمضان لأن تدرون ماكو توافق دائم بين الأشهر الشمسية والأشهر القمرية تختلف وتتغير، ويش جيّب عاشر تشرين إلى عاشر محرم؟ النبي لما وصل، وصل في ثمانية ربيع قول عشرة ربيع حتى. عشرة ربيع وين عشرة تشرين وين وعاشر محرم وين !. 

هنا يتبين الأثر الأموي في سحب قضية عقدية يهودية إلى الساحة الإسلامية وهذا مما صنعه بنو أمية ومن آثار النفوذ الإسرائيلي اليهودي إلى ثقافة المسلمين. عاشور اذا هالتسمية صارت في العهد الإسلامي المقصود بها عاشر محرم.

الصوم اللي صامه اليهود إنما كان في عشرة تشرين وعشرة تشرين مو ثابت متغير طيب ويش جيبه إلى العاشر من محرم ! هنا يتمازج التأثير الأموي واليهودي ذولا كأنما بنو أمية تسلفوا هذا الأمر من اليهود حتى يحولو العاشر من محرم إلى يوم فرح وسرور وشكر لله وأعياد وزينة والصيام شكرا لله يسوونه، وكأنما عقدوا نوع من الصلة فرعون الحسين والعياذ بالله وموسى بن عمران يعني يزيد !. طيب وهذا مع الأسف امتد في بعض الفئات سمعتم قبل فترة من الزمان إحدى الفئات في دولة عربية سوت احتفال يوم عاشوراء باعتبار أن يوم عاشوراء يوم فرح وسرور ولازم يوزعون الحلويات وما شابه ذلك!. يوم فرح وسرور فيه مغفرة الذنوب، في الفرح قائم، فيه العيد مستمر، فيه الصوم شكرا لله وهذا في أماكن معينة من العالم الإسلامي اللي تأثرت بالمد الأموي سابقا، الذين اهتدوا إلى منهج أهل البيت متأخرا يذكرون يقولون عندنا ممارسات تشير إلى حالة احتفالية في أيام العاشر من محرم، توسعة على العيال، لبس الجديد ما ادري كذا وهذي من آثار أموية سابقة، فهم دعموها بالجهة الدينة هكذا وبالجهة الاجتماعية في ذلك العمل. 

 فإذاً حقيقة الأمر أن هناك فد محذور أولا أنّ النبي قد تعلم من اليهود عبادتهم وأدخلها إلى عالم المسلمين مع أن النبي كان ديدنه على أن يفصل المسلمين عن التأثير اليهودي على مستوى القبلة، على مستوى قراءة التوراة، على مستوى الصلاة بهذه الكيفية، على مستوى الهيأة الشخصية في تغيير الشيب؛ فكيف سمح النبي اللي هذا شأنه من التحذير والفصل كم سمح بنفوذ عبادة يُقلِّد فيها النبي اليهود في مثل هذا اليوم ! شلون هذا صار ! 

أضف إلى ذلك أنّ الواقع التاريخي يدحض أن يكون النبي قد وصل في يوم عاشوراء أو قبل عاشوراء حتى شاف اليهود يصومون ذلك اليوم و اقتدى بهم أو تأثر بهم وإنما في وقت آخر. يعني حتى لو قبلنا الرواية هذي، هذا اليوم لا ينطبق على يوم عاشوراء لكن قد تجد قسم من الناس هكذا يعني يلجأ إلى أن يستعيد الحالة الأموية في زماننا هذا، بالله عليك أكو واحد يعني يقدّر و يحترم ويكرم ذكرى بني أمية وعنده مقدار من الضمير أو احترام القيم!.

مرات العرض: 5721
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (4463) حجم الملف: 19170.73 KB
تشغيل:

الدوافع الحقيقية لجريمة قتل الحسين ع
المناسبات الدينية وتنمية المجتمع