قال الله العظيم في كتابه الكريم, بسم الله الرحمن الرحيم (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوْا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ )), آمَنَّا بِاللَّهِ, صَدَقَ اللَّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ.
حديثنا ينطلق من هذه الآية المباركة بعنوان مسئولية الوالدين في عصر الذكاء الاصطناعي تجاه أبنائهم, ونقدم لذلك مقدمة لتبين الوضع الذي نعيش فيه في هذا الزمان. يرى الباحثون أن نقطة التحول عند البشرية كانت في اختراع وابتكار العجلة والتي حصلت في وادي الرافدين أرض العراق قبل حوالي خمس آلاف وخمسمائة سنة ميلادية, سنة ثلاث آلاف وخمسمائة قبل الميلاد. اكتشف الإنسان وابتكر العجلة ومنه تحولت حياة الإنسان إلى مراحل متقدمة قبل ما كان لم يكن الإنسان يعرف هذه العجلة الدائرية التي في وسطها محور تدور عليه. الآن يقول الباحثون ما من حركة صناعية إلا وهي تمر عبر هذه العجلة, إما حركة هكذا أو حركة هكذا. أخذ من وسائل النقل لو تصورت سيارة بلا عجلة بلا شيء دائري, فإنما عندك موتور ما عندك دواليب, لا يوجد قطار ولا طائرة ولا أدوات صناعية ولا توربينات مولدة للكهرباء, ولا كل هذه تعتمد على أن يكون هناك عجلة. يعني شيء دائري في وسطه مركز. مصعد ما يصير إلا أن يتحرك بهذه الطريقة ويصعد وينزل. سيارة ما تتحرك إلا بأن تكون هناك عجلة تتحرك بهذه الصورة, وهكذا. فيعتبرون ابتكار الإنسان للعجلة وهذا كان في هذه المنطقة في وادي الرافدين بلاد العراق, هم الذين اكتشفوا هذا الأمر وابتكروه وبدأ منذ ذلك الحين تطوير الآلات والأدوات وما شابه ذلك. ولا يزال إلى يومنا هذا, اتصور أي حركة صناعية ما حركة الإنسان نفسه أو الحيوان لا حركة صناعية لا بد أن تمر بعجلة إما بهذه الصورة أو بهذه الصورة. بعد ما تخلص المجلس روح وأفحص, بس هذا ما يقرره العلماء والباحثون استمر الإنسان في هكذا طورت حياته تغيرت نحو الرفاهية نحو استغلال موارد الطبيعة وما شابه ذلك. التحول الثاني اللي قد يوازيه من حيث الأهمية يتحدثون عن ظهور الإنترنت. ظهور الإنترنت اللي كانت موجودة من سنة 1965 في دوائر مغلقة حربية وخبراء صارت في حدود سنة 1995 متاحة لعامة الناس ومن ذاك الوقت أيضا حصل تحول كبير جدا في حياة البشر. هسه تحول زين أو مو زين ما علينا الآن, وإنما حصل تحول كبير في حيات البشرية. زاد الأمر اكتشاف وابتكار الهواتف الذكية اللي قبل سنة 2000 مع أنه كان هناك عدة محاولات إلا أنه في حوالي سنة 1997 أو بعدها أصبح أمر الهواتف الذكية متاح لعامة الناس. وتزاوج تأثير الإنترنت مع الهواتف الذكية لكي يؤثر في عامة الناس, يعني مثلا اختراع العجلة وابتكار العجلة ما يخصني أنا بشكل مباشر بقدر ما يخص المكتشفين والمبتكرين وصناع الآلات وما شابه ذلك, لكن هذا الانترنت زاد الهواتف الذكية أثره أكبر لأنه أصبح من الممكن أن يؤثر على كل واحد في الكون. كل إنسان يمتلك هاتف ذكي ويتصل بالانترنت هو قابل لأن يتأثر بما يحصل وما يجري يعني ما يقدر إنسان يقول أنا ما علي, ذاك هناك يقدر يقول في الابتكار الأول يقدر يقول لكن هذا ما يقدر يقول, هذا الامر صار تأثيره على البشر تأثير كبير وتحسب التربويون والعلماء والواعون من الأسر إلى الآثار التي يمكن أن يخلفها هذا الامر, تزاوج الانترنت مع الهواتف الذكية ووصول الإنسان إلى هذه الهواتف بأسعار هينه ويسيرة أصبح مؤثرا تأثيرا كبيرا على العالم في أخلاقياته وفي أفكاره وفي أموره المختلفة. صعب جدا مهمة التربويين. في السابق التربوي سواء كان الوالد أو كان المعلم أو كان العالم الديني والواعظ أو غير هؤلاء, كان بإمكانهم أن يتواصلوا مع الناس كل في محيطه وأن يوصلوا إليهم الأفكار السليمة والتربية الصحيحة من دون مؤثرات خارجية ضاغطة كبيرة وممكن في نفس البلد أكو هناك شخص منحرف أو أفكاره باطلة أو غير ذلك لكن هؤلاء في الغالب كان يمكن عزلهم عن هؤلاء الناس يعني من الممكن أن يقول الوالد لإبنه لا تذهب إلى فلان أو الجهة الفلانية أو الاجتماع الفلاني لأنه منحرف مثلا. التحدي الجديد اللي صار لم يكن بإمكان الوالد والتربوي والمعلم وغيرهم أن يحجز هؤلاء من أبناء وبنات عن تأثير ما يجري في عالم الانترنت, مادام سلمهم هذا الجهاز المسمى بالهاتف الذكي هذا الأمر صعّب كما قلنا مهمة هؤلاء التربويين وجعل أعمالهم في كثير من الأحيان تواجه سيلا جارفا مخالفا لها فكأنما هم يبنون وهناك عشرات يهدمون وهم يصبحون في أول الصباح بالهداية والإرشاد وسائر النهار يتولى غيرهم مهمة الهدم والإفساد. ماذا نصنع مع هذا الأمر؟ هذا أمر مفروض على الجميع ولا يمكن أن يعيش الإنسان خارج إطاره. لا شك ولا ريب مثل ما هذا عقد مهمة التربويين أتاح وسائل أخرى جديدة أيضا لهم وإمكانيات لم تكن في السابق موجودة, يعني مو كل أمر سلبي وإنما أيضا فيه جانب إيجابي وهو أنه زود الأب زود الوالدين زود التربويين زود المعلمين بإمكانيات جديدة ووسائل جديدة. ماذا نصنع في مثل هذا الأمر؟
القرآن الكريم يحدد لنا خطوات عامة وأفكار أساسية كخريطة لحياة الإنسان يقول للإنسان, يا أيها الإنسان يا أيها الأب يا أيتها الأم, أنت مو شغلك فقط مع نفسك وإنما قو أنفسكم وأهليكم أيضا, قو جمع من الوقاية , أنت تقول إلى واحد قِ نفسك من المرض يعني توقَّ من المرض بأمر هذا الحرف الواحد, قِ يعني توقّ. فإذا جمعت يا أيها الذين آمنوا تصير قو أنفسكم وأهليكم نارا الوقاية من النار, إنما تكون باتقاء الأسباب المؤدية إليها, وإلا إذا وصل الإنسان إليها خلاص انتهى. أنت لازم توق نفسك قبل ما أنت توصل إلى النار وقبل ما النار توصل إليك, وهكذا الحال بالنسبة إلى وقايتك لأهلك من ابن وبنت وأهل وغير ذلك. للأسف الشديد ترافق هذا التحدي الكبير اللي قاعد يصير بالنسبة لنا مع أمور منها أن قسماً من العوائل في المجتمعات ترى أنه من الضروري لازم واحد يكون عنده من الأبناء أو بنات يكون عنده هذه الأجهزة, أجهزة الهاتف الذكية نادر أن تجد إنسانا مثلا عند أولاد بنات أو بنين وليس عندهم هذه الهواتف إما باعتبار أن تلك الهواتف العادية انتهى أمرها, أو باعتبار أن الوضع الاجتماعي هكذا يفرض بحيث إذا هذا ما يسوي وما يشتري وما يعطي هذا يعني يصير عجبة الديرة حسب التعبير! ويشعر أبناؤه وبناته بالنقيصة والهضيمة. فصار عند كل واحد أحيانا تشوف قد واحد عمره ثمان سنوات, سبع سنوات, أكثر أقل, بنت أو ابن, وعنده هذا الهاتف. ومعنى ذلك أن هذا أنت تفتح باب واسع جداً على عالم لا تستطيع السيطرة عليه. الحقيقة أن قسماً منا لا يدرك هذا الأمر. في السابق لنفترض إذا كان واحد يريد يخلي أشخاص ينحرفون, بس يجيب إلى مثلا مجلة إباحية لنفترض فيها خمسين صفحة, أكثر أقل, مناظر خليعة يثير فيه الجانب الشهوي. الآن أنا الأب أسوي أسوأ من هذا بمائة مرة, لأنه أنا أفتح عليه كل هذه الأبواب. صحيح في بعض الدول ولله الحمد يوجد هناك رقابة على الإنترنت على هذه المواقع الإباحية وأمثالها, منها في بلدنا الحمد لله هذا الأمر موجود, لكن المشكلة أنه هذه أيضا هي قابلة للكسر والنفاذ. يعني هذه أهل الشر والفساد صنعوا طرقاً مختلفة للتغلب عليها ولتجاوز هذا الحجب ولتجاوز هذه السيطرة. فأنا أسلم إلى ابني أو إلى بنتي هذا الجهاز ينفتح على الجحيم, ينفتح على أفكار إلحادية, على أفكار في الإلحاد واللا أدرية, وقد يستمع إليها ابني أو بنتي أو أخي أو أختي من دون ما أن أكون مراقب الحالة وملتفت إله. فإذا به بعد مدة عقائده أصبحت فيها مشاكل عويصة. ينفتح على مواقع في غاية السوء من الناحية الأخلاقية, بل أكثر من هذا ينفتح على مواقع فيها إعدام للحياة بعض المواقع نعوذ بالله تستدرج الإنسان إلى أن خصوصا في أعمار معينة إلى أن ينتحر, يقتل نفسه. أنا أجي أسلم ابني هذه الأجهزة, وفي نفس الوقت شهد هذا الأمر وهذا للأسف الشديد شهد تراجعاً في اهتمام الأسرة والوالدين بالتربية. أحد المؤمنات كتبت لي أنه أنا متزوجة الآن 15 سنة وكنت أعمل في عمل معين مرتبط بدوام زوجي أيضاً مرتبط بدوام أمورنا المادية حسنة الحمد لله, بس أنا الآن عندي أبناء منهم واحد عمره 15 سنة أشعر أنه أنا غريبة عنه وهو غريب عني, ما أدري ماذا ينظر في هذه التليفونات دائماً هو في حالة منفردة منعزلة, وعادة مثل هؤلاء إذا أنت تجي تقول ليش تطالع؟, بسرعة يغير الصفحة.. يتكتم قدر الإمكان, فأنا الآن أشعر أن عندي عدد من الأبناء أنا غريبة عنهم وهم غرباء عني. نظراً لأنه أنا مشغولة بهذه الوظائف الموجودة ووالدهم أيضاً كذلك. وهم بعد المدرسة يجون ينصرف إلى مثل هذه ,بعد أمور الدراسة وكذا, ينصرف إلى مثل هذه المواقع واللي ما ندري ما هي وماذا تحمل وماذا تصنع. طيب المشكلة اللي تقولها تقول زين إلى هنانه, شنو تقول, أنا قلت إلى زوجي بأنه أنا في الواقع بعد خلاص أخاف أن أخسر أبنائي وبناتي على أثر أنه إحنا مشغولين عنهم وإحنا الحمد لله أمورنا مستورة وإذا إنته تبقى فقط تروح العمل أمورنا ماشية, الغريب تقول أنه زوجي رفض هذا رفضاً تاماً. فتقول هل يجوز لي أن أخالفه في مثل هذا الأمر وأطلع من العمل وأتفرغ إلى أبنائي وبناتي وأربيهم وأشوف أوضاعهم الدينية والأخلاقية؟ لولا يا عبد الله يا أخي الإيمان والإسلام, أقسم أنت تريد تسوي ما هو؟ تحصل فلوس وزوجتك تحصل فلوس حتى ماذا؟ حتى هم يأكلوا زين ويشربوا زين ويلبسوا زين وأيضا يترفهوا. الرفاه العالي هذا لا سمح الله ولا قدر لأن تشبعته وبنيت جسمه وكسوته من أفضل القماش طلع فتنة إليك, طلع منحرف عن دينك وعن مذهبك, طلع إنسان فاسد, طلع لا سمح الله عنده مشاكل. إن من أزواجكم وأبنائكم وأولادكم عدو, القرآن الكريم يقول, عدوا لكم فاحذروه, فعلا يصير الإنسان بهذا الطريق عدو, صار هم الواحد في قسم من الناس الرجل وأحيانا المرأة بدل ما نتوجه إلى تربية هذا الإبن والبنت ونقدم الجانب الأخلاقي والديني والتربوي على كل شيء, صار أنا مسؤولية لازم أروح أكدله, وزوجتي أيضا لازم تكد إليه, ونحطم أجسامنا علشانه. أما قضية التوجيه تربية أخلاق إيمان وهذا هم ما ينتهي عند قسم من الناس إلى أن يتخرج من الجامعة, وإحنا لا نزال نصرف عليه بعدين هم نفكر أنه كيف نبني إله بيت, أو ما أدري شقة أو غير ذلك. وزين وين التربية خلال هذه المدة, وين التهذيب, وين المراقبة, وين الملاحظة, وين المسجد اللي أوديه وياي, وين المجلس اللي أصطحبه معي, وين القدوة الصالحة اللي أخليه يرافقه؟ في قسم من الحالات, نحن نرى أن هناك انشغالاً شبه تام من في قسم من الحالات عن جوانب التربية والتهذيب والإرشاد, وأننا نربي أبناء في أبدانهم, ونخلي مستوياتهم الدراسية عالية, لكن دينهم مو مشكلة! هل أنا أحرص على ابني مثل ما أوديه إلى مدرسة خاصة بذاك المقدار أصرف عليه, هل أحرص عليه أن أخذه إلى المسجد وهو مجاني؟ أخذه إلى الموكب وهو لا يكلفني شيئا؟ في قسم من الناس ذاك الصرف يصرف وحلو وبارد بينما هنانا في الجوانب الدينية لا تجد شيئاً من هذا القبيل. أحاسب إذا نقصت درجته محاسبة شديدة, ليش ما جاب الأول. لكن هل حاسبته أنه انت صار لك اسبوع ما رايح المسجد؟ صار لك سنة ما قاري كتاب ديني؟ صار لك كذا من الزمان ما عدلت أخلاقياتك ؟ كلامك مو زين؟ حديثك مو تمام؟ احترامك إلى والديك غير جيد؟ علاقتك .. معاشرتك مع الناس غير حسنة؟ هل أنا سويت هذا الأمر؟؟ هذه صورة للأسف موجودة, وإن لم تكن الصورة هي الصورة الكاملة, لا, الحمد لله هناك نساء ورجال يرون أن استثمارهم الأساس هو في أبنائهم لا في سوق الأسهم ولا في الوظيفة. ذاك بمقدار, ولا تنس نصيبك من الدنيا, يسويه لكن استثمارها الحقيقي وابتغي فيما آتاك الله, ماذا؟, الدار الآخرة. ابنك ربيه بشكل ينفع للدار الآخرة. بشكل يمكن أن يكون شفيع إليك. بشكل يمكن أن يكون إذا رؤي يحمد لك تربيته ويثنى عليك في ارشاده ويترحم عليك بعد موتك إذا نظر إليه.
عندنا نماذج كثيرة من التاريخ, والدة الشريفين الرضي والمرتضى. الشريف الرضي جامع كتاب نهج البلاغة لأمير المؤمنين عليه السلام. أنصح من لم يرجع إلى هذا الكتاب أن يرجع إليه ولو في بعض الأحيان, كنز من الكنوز المخفية, كلام أمير المؤمنين. أمير المؤمنين عليه السلام في خطابته وحكمه وبلاغته وإلى آخره هذا موجود بيدنا. ولدها الشريف الرضي الأكبر وولدها الآخر الشريف المرتضى كان زعيم الطائفة في زمانه بلا منازع. لعل عنده في تأليفاته أكثر من مئة كتاب وكلها كتب قيمة ومهمة جداً, إله أثر مهم في تاريخ شيعة أهل البيت, تحدثنا عنه في شهر رمضان. هذه الأم اسمها سيدة فاطمة بنت الناصر الأطروش من أحفاد الامام زين العابدين عليه السلام. والده أيضا موجود كان نقيب الطالبيين في زمانه. هذه المرأة مع أن والد الشريفين كان عالماً وكان رئيساً ووجهاً إلا أنها عرفت مسؤوليتها تجاه ابنائها وهي السبب الأساس قبل أبيهم في أنهم نموا بهذه الطريقة. من ابنائها صغار, الشريف المرتضى والشريف الرضي, جاءت بهما إلى الشيخ المفيد محمد بن النعمان العكبر البغدادي, متوفى هذا الشيخ الجليل سنة 415 هجرية, فلما كانوا صغار أبناء سبع سنوات ونحو ذلك, جاءت بهما إلى الشيخ المفيد حتى يعلمهم ويدرسهم ويدربهم ويحسن أخلاقهم. فقال الشيخ المفيد سبحان الله, قال لأني البارحة رأيت رؤية في المنام على نفس هذه الأية, وفي نفس هذا المسجد كأن سيدتنا فاطمة الزهراء بنت النبي محمد قد جاءت لي على نفس هيئتك, وبيدها ولدان صغيران. فقالت لي يا شيخ هذا الحسن وهذا الحسين درسهما وعلمهما الدين والأحكام. فأنا كليش يعني ضرب في دماغي أنا منو حتى أدرس الحسن والحسين؟ وأنا تراب رجليهما. فهذا تأويل تلك الرؤية أنه أنت جبت هذين السيدين العزيزين على أساس أدرسهم. وبالفعل تولى أمرهما من ذلك الوقت فنبغا أيما نبوغ . وهي وراهم إذا يوم ما راحوا الدرس تعاتبهم تسألهم وش درست؟ وش أخدت؟ وش كذا وش كذا ؟ حتى أنها لما ماتت رثاها ابنها الشريف الرضي, والشريف الرضي يعد من أعظم شعراء العربية, هذا لما يدرسون في الأدب بعد ما يجيبون سالفة هذا شيعي أو ما شيعي, وإنما يقولون من أعظم شعراء العربية شريف الرضي, رثاها بقصيدة طويلة مطلعها:
ابكيك لو نقع الغليل بكائي وأقول لو ذهب المقال بدائي
ويسرد فيها ثم يقول ...
لو كان مثلك كل أم من برة غني البنون بها عن الآباء
لو أكو أم مثلك عند الناس ما يحتاجون بعد هؤلاء إلى آباء في التربية والتوجيه والعناية وما شابه ذلك, يحتاج أن تكون هذه الأم قدوة لنا. لو تعارض معي أنا الأم بين تربية أبنائي وبين أروح الشغل حتى أحصل لي ,3000 4000 ,5000 ريال , لازم أقدم استثماري في أبنائي على استثماري في هذه الريالات. للأسف البعض مو بس هذا تروح الشغل ثمان ساعات وتاخذهم عمل إضافي فوق ذلك, وتيجي بعد هي تحتاج واحد ما أدري يعتني بها. فكيف تستطيع أن تعتني بأبنائها؟
كما قلت الحمد لله هناك صور ناصعة وجيدة من الأمهات حتى في من يعملن أيضاً, لا يتصور الإنسان أن بمجرد أن تعمل المرأة يعني فقدت رسالتها, لا أكو هناك من تستطيع, إما لاهتمامها الأكبر ورؤيتها الثاقبة, أو لأن طبيعة عملها لا تأخذها بالكامل, أو لأنها تعتقد أن تربية أبنائها هو الاستثمار الأفضل, وهو كذلك لا شك ولا ريب. أننا لسنا مسؤولين عن شيء تجاه أبنائنا كما نحن مسؤولون عن أخلاقهم ودينهم وما يرتبط بعقائدهم. ما رح نسأل في يوم القيامة أنه لماذا مثلا ما أكلتهم هالأكلة, وما رفهتهم ذاك الترفيه, لكن سنسأل كيف وقيناهم من النار أو لم نقهم؟ هل وجهناهم إلى الحق أو لم نوجههم؟ هل أمرناهم بالصلاة أو لم نأمرهم؟ هل حركناهم في اتجاه الخير أو لم نحركهم؟ ذلك أننا مسؤولون, كلكم راع وكل راع مسؤول عن رعيته. وأولئك رعيتنا أبناؤنا رعايانا, سنسأل عنهم.
مثال آخر يذكر في هذا الباب, هسه حديث كله عن صوب الأمهات ولكن هو يشمل الآباء, والدة الشيخ الأنصاري شيخ مرتضى الأنصاري رضوان الله تعالى عليه, مجدد الفكر الأصولي في المدرسة الإمامية, واليوم كتب الشيخ الأنصاري لا يكون طالب علم فاضلاً ومتقدماً ما لم يدرس هذه الكتب ويتعمق فيها. عنده كتابه في الفقه المكاسب أو المتاجر من أكبرها بالإضافة إلى كتب فقهية كثيرة أخرى, لكن هذا أشهرها. وعنده في الغسول الرسائل أو فرائد الغسول كلاهما إلى الآن لا يزالان يدرسان في الحوزات العلمية الشيعية في كل العالم. هذا الشيخ في وقته بعد زمان شيخ صاحب الجواهر, أصبحت المرجعية الدينية العامة بيده وأشار إليه صاحب الجواهر في حادثة من النوادر. عادة المراجع السابقون عندما يحين وفاتهم لا يشيرون إلى أن هذا المرجع بعده فيما يرتبط بالشيخ الانصاري والشيخ صاحب الجواهر , هذا لما وصلت إليه المرجعية جاءوا يخبرون والدته أنه ابنك غير أنه كان صاحب الدرس الأول والأكبر في النجف الأشراف الآن بعد سلمت له الحوزة العلمية ومفاتيحها, وأصبح مرجعها الأول, فقالت كان يجب أن يحدث هذا الشكل. كيف كان يجب أن يحدث هذا الشكل؟ يعني كأنها أبداً لم تفاجأ بالموضوع يجب أن يحدث هذا الشكل؟ كيف يجب أن يحدث هذا الشكل؟ قالت لو لم يكن كذلك لخانني إرضاعه. قالوا لها كيف؟ قالت لأنه أنا في أوقات الطهر استثني مثلاً أوقات الدورة الشهرية وإن كان عند بعض النساء في فترة الرضاعة لا يصير عندها دورة شهرية, يقول في هذه فترة الإرضاع لم أرضعه رضعة واحدة إلا وأنا على طهارة وعلى وضوء بناء على هذا السنتين, يعني أنا مرضع إله على طهارة على وضوء, وبالتالي هذا إله آثر من الآثار لا يذهب مجاناً هذا أين؟ واحدة ترضعه مثلاً والموسيقى تعزف على أعلى الأصوات أين؟ ... فكان يجب أن يحدث هذا الشكل. هذا شئ متعب ومزعج, اسألوا النساء أحياناً طفل يريد يرضع والأم توها نايمة فحلاوة النوم, لازم تقوم وتروح تتوضى مثل هذه والدة الشيخ النصاري, وتجي ترضعه يعني تضحي أكثر من هذا في الحر, في البرد, في الليل, في النهار, هذا يعني أنها تستثمر في ولدها إلى هذا المقدار كما استثمرت أم الشريفين فيهما. نحن نحتاج لأب والأم أن يكون استثمارهما الأساس في أولادهما فيما يرتبط بأمور الدين .. الأخلاق .. العقيدة, وهذا هو للإنسان مسؤول عنه, وهو الذي ينفعك إذا كبرت. هذا الولد الذي تتعب عليه فقط أن يأكل زين ويلبس زين وما شابه ذلك, ليس معلوم في كبركما, لكن إذا ربيتماه على الأخلاق وراقبتم حركاته وهديتماه إلى هذه الأمور, وجعلتم أن كل شيء يمكن أن يؤخر لصالح هذا الأمر .. صلاته وين إذا فاتت؟ حجابها وين؟ صومه، عبادته، التزامه، أخلاقه، غير ذلك هذا حتى رح ينفع والديه أيضا عندما يكبران يزيد من احترامهما ويبرهما وإلى غير ذلكز
في المقابل قد إنسان ما يعتني بهذا الأمر يصير مصداق من مصاديق الظلمة وأعوان الظلمة والمنحرفين اللي يرتكب الجرائم, مثل بلال بن أسيد الحضرمي بلال بن أسيد الحضرمي أمه طوعه جارية الأشعث بن قيس هذا هو اللي وشى ونم على مسلم بن عقيل رضوان الله تعالى عليه وسلام الله عليه وهو موجود في بيت أمه طوعه. من هذا أسيد الحضرمي والده؟ لا يذكر. هو من الكم المهمل، لا تكون أيها المؤمن من الكم المهمل خلي يصير لك أثر في أبنائك في بناتك في عوامل الخير ما تعرض إلى تربية حسنة وبالتالي راح وراء مشوار باطل. من كانت أمه جارية عندهم وهم آل الأشعث, محمد بن الأشعث، قيس بن الأشعث, هذولا كان منحرفين عن طريق أهل البيت عليهم السلام من بداياتهم، تبعاً لأبيهم. أيضاً أبوهم كان منحرفاً عن أمير المؤمنين عليه السلام صارت القضية كما تعلمون عندما جاء مسلم بن عقيل سلام الله عليه، رسولاً من الحسين إلى أهل الكوفة في أول الأمر, كان عند المختار الثقفي بناء على رواية أنه مكث في بيت المختار, ثم بعد ذلك لظروف معينة انتقل إلى بيت هاني بن عروة المرادي, باعتبار أنه زعيم مذحج ومراد. فأكو نوع من الحماية الاجتماعية بالإضافة إلى أنه هاني ومن كان معه قد آمنوا بدعوة الإمام الحسين عليه السلام.