الموسم الحسيني روح في جسد الأمة
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 1/1/1447 هـ
تعريف:

الموسم الحسيني روح في جسد الأمة

كتابة الفاضلة زهراء محمد

قال الإمام أبو عبدالله جعفر ابن محمد الصادق عليه السلام للفضيل ابن يسار: (تجلسون وتتحدثون؟ قال: بلى ،قال: إني لأحب تلك المجالس أحيوا أمرنا رحم الله من أحيا أمرنا). انطلاقا من هذا الحديث المشهور بين الإمامية والذي فيه حث من قِبل الإمام عليه السلام على عقد المجالس والمآتم على مصيبة الإمام الحسين عليه السلام يتمحور بحث هذا الموضوع حول (منافع الموسم الحسيني وكيف أنه يُشبه الروح التي تسري في بدن الأمة). *مظاهر الموسم الحُسيني... 1/أي ناظر لا تخطأ عينه في التفريق بين ليلة قد مضت ولم يبدأ بعد المحرم وبين الليلة الأولى التي قد تغير فيها المظهر العام في المجتمعات التابعة لمذهب أهل البيت عليهم السلام فترى التغيير على مختلف المستويات سواء كان هذا التغيير في مأتم أو مسجد أو حتى على المستوى الشخصي للأفراد فترى الجميع قد اتشح بلباس السواد وهذا حدث لا يفسره إلا قدوم الموسم الحسيني كإعلان للحداد والحزن على مصيبة الإمام الحسين عليه السلام. *لباس السواد تحت عنوان اعلان الحداد والحزن على مصيبة الإمام الحسين(تفصيل فقهي) إن لبس السواد في روايات أهل البيت عليهم السلام من غير عنوان الحزن على الإمام الحسين عليه السلام مكروه وبشكل خاص في أوقات الصلاة مما جعل العلماء والفقهاء يعالجون هذه المسألة على النحو التالي: روايات لبس السواد إنما هي ناظرة إلى غير شعار الحسين عليه السلام فهي بشكل خاص ناظرة إلى ما كان عليه الحكم العباسي من اتخاذ السواد شعاراً لهم حتى سُموا بـ (المسّودة) وقد ذُكر أن الإمام الرضا عليه السلام حينما عينه المؤمون وليً للعهد خلع عليه حُلة سوداء تعبيرا ككونه جزء من دولة بني العباس حيث كانت هذه الدولة غير عادلة لذلك ذُموا بالكناية وفي بعض روايات أهل البيت عليهم السلام أن أحد الأئمة دعا بممطر فأُتي له بأسود فقال: إنِ لا ألبسه وإنِ أعلم أنه لباس أهل النار وفي ذلك إشارة إلى بني العباس وحالة التقية التي يرتديها الإمام عليه السلام. *وأما القسم الآخر من الفقهاء يأخذ الأمر على كراهته الظاهرية ويستثني من ذلك ما كان تحت عنوان الحزن على الإمام الحسين عليه السلام وذلك لما جاء من الروايات التي تذكر أن بني هاشم ونسائهن قد لبسوا السواد بعد الحسين عليه السلام وكان ذلك بمرأى ومنظر الإمام زين العابدين عليه السلام وكُن يُصلين في تلك الملابس، فلا محذور ولا كراهة في لبس السواد تحت عنوان الحداد والحزن على مصيبة الإمام الحسين عليه السلام . إجمالاً لذلك فقد أفتى العلماء المعاصرين فضلاً عن القدامى بين من قال باستحباب لبس السواد حزناً على الامام الحسين عليه السلام حتى وإن كان في وقت الصلاة والبعض الآخر رأى أن الإنسان يُثاب على ذلك. 2/ ومن مظاهر الموسم الحسيني حالة البذل والعطاء التي تظهر جليه وواضحة على جميع المؤمنين فيتم توزيع الطعام والشراب تبركاً تارة وللإشباع تارة أخرى ولو أراد إنسان أن يُحصي ما يُقدم من طعام سواء كان ذلك لمن هو محتاج إليه كالفقير أو من ليس له حاجة فيه بل يأخذه تبركاً لعسر عليه ذلك على مستوى منطقة صغيرة فكيف على مستوى العالم الإسلامي. *المنافع التي تتحقق من الموسم الحسيني على مستوى الطائفة التابعة لأهل البيت عليهم السلام وعلى مستوى كافة المسلمين: 1/ من المنافع المهمة التي تتحقق في الموسم الحسيني هي اعلان هوية التابعين لأهل البيت عليهم السلام وشيعتهم وبطريقة سلمية وحضارية جداً فلا تنازع ولا تقاتل وتناحر بل اثبات وجود هذه الفئة في عالم المسلمين والتي تشكل نسبة ليست بقليلة . في حين أن اعلان الهوية في العالم تارة يكون بشكل صدامي وهجومي وعدائي على الآخرين وتارة يكون بشكل سلمي ومنسجم وهذه ليست مشكلة الشيعة فقط بل في العالم أجمع فهناك أقليات عرقية، لغوية،دينية،مذهبية. ففي منطقة ما على المستوى الديني قد يوجد في منطقة ما في العالم أكثرية مسلمة وأقليات مسيحية أو يهودية وعلى العكس من ذلك قد تكون الأقلية مسلمة والأكثرية مسيحية ، أما على مستوى المذاهب فقد يكون في منطقة واحدة أكثرية كاثوليك وأقلية بروتستانت أو أرثذوكس وأيضاً قد يكون في منطقة ما في العالم الإسلامي أكثرية شيعية وأقلية غير شيعية أو العكس من ذلك. وأيضاً هناك اختلاف وتنوع على مستوى اللغة فهناك العرب والأمازيغ أو العرب والأكراد في منطقة واحدة. الكيفية التي يُعلن بها الشيعة عن هويتهم...* يُعلن شيعة أهل البيت عليهم السلام عن هويتهم بطريقة سلمية وحضارية فلا يأخذون حق أحد على العكس من ذلك فهم يدعون غيرهم من كافة الطوائف إلى المشاركة ولا يعتدون على حق أحد بل يُعبر عن حزنه وألمه على مصاب الحسين عليه السلام بالبكاء واللطم على صدره وهذا ليس فيه ضرر على أحد وبهذه الطريقة يكون اعلان الهوية المذهبية لشيعة أهل البيت عليهم السلام. ولو توجه قادة الرأي في العالم لهذه الطريقة السلمية لدعوا الآخرين أن يسلكوها لتكون بديل حضاري عن التناحر والصراعات. 2/من المنافع المهمة أيضاً والتي تُلحظ في الموسم الحسيني أن طاقات الشباب وحماسهم يكون موجه في قناة سليمة وهادفة وصالحة وهي خدمة الإمام الحسين عليه السلام في مأتمه، أو يقوم أحد أبناء هذه الفئة بالدور الإعلامي لتغطية ونشر قيم وأهداف الإمام الحسين عليه السلام لكافة أطياف المجتمع أو يكون حضورهم حضور المتأثر الباكي على مصاب الإمام الحسين عليه السلام، فالمجالس الحسينة تحتاج حضور إلى مثل هذه الطاقة ما لا يقل عن 5 إلى 6 في المجالس الصغيرة فضلاً عن المجالس الكبيرة والتي يصل العدد فيها إلى 300 كادر من شريحة الشباب، فهذه الطاقة والحماس تكون محفوظة عن العبث و اللهو والنزاعات والمشاكل والتوجهات الغير سليمة كالعداوات بين الفرق الرياضية أو الأحزاب السياسية أو المشاكل الاجتماعية. *المنفعة الاجتماعية من الموسم الحسيني: التواصل الاجتماعي حدث واضح بين المؤمنين في مآتم الإمام الحسين عليه السلام في زمن أصبح نظام الحياة هو التفاصل الاجتماعي بدل التواصل الاجتماعي ولربما يصل بالبعض ألا يرى جاره، أو عمته، أو خاله، أو أحد أرحامه قرابة العام الواحد فيأتي موسم الحسين عليه السلام ليجمع الفرقة ويزرع الألفة والمحبة بين المؤمنين فمأتم الإمام الحسين عليه السلام مفتوح للجميع لا يحتاج إلى أخذ موعد ولا استئذان، بل هذا المأتم يؤكد على توطيد العلاقات بين المؤمنين بعضهم البعض. الثراء العلمي الديني والثقافي: يقدم موسم الإمام الحسين عليه السلام ساعات كثيرة من العلم والمعرفة خلال عشرة أيام فقط في مختلف المجالات على فرضية أن اتباع أهل البيت عليهم السلام يشكلون نصف مليار بناء على أن المسلمين يقتربون من المليارين على قول البعض والبعض الآخر قال مليار و 800 وبعضهم أكثر ، فيكون الناتج ربع هؤلاء تقريبا حوالي النصف مليار هم من أتباع أهل البيت عليهم السلام . لو فرضنا أن 30% من هؤلاء (وهي تمثل أقل النسب) يمثلون الحضور في مأتم الإمام الحسين عليه السلام معنى ذلك أن هناك حوالي من 150-160 مليون انسان من شيعة أهل البيت عليهم السلام هم من حضّار هذه المجالس على مستوى العالم الإسلامي فإذا كانت المجالس تُعقد لمدة 10 ليالِ فهذا يعني مليار ونصف من ساعات العلم والمعرفة والثقافة حول معرفة الله عزّ وجلّ وتفسير القرآن الكريم وفي ذكر التاريخ والسيرة والعقائد وكذلك في بيان المشكلات الاجتماعية والمواعظ والحكمة الحسنة وهذا لا يمكن أن يتحقق خلال هذه المدة القصيرة لا سابقاً ولا حاضراً ولن يتحقق لأنه من خصائص آل محمد عليهم السلام. المنافع الخارجية لموسم الحسين عليه السلام: موسم الإمام الحسين عليه السلام يوفر سبل الهداية وطريق الرشاد ليس فقط لأتباع أهل البيت بل يمتد أثر هذه المجالس إلى من هم من خارج المذهب حيث الرواية تقول: ( إن الحسين مصباح هدى وسفينة نجاة) فمتى تعرف الناس على الحسين عليه السلام اهتدوا بضوء مصباحه وأفضل فرصة للتعريف به هو هذا الموسم نظراً لأن كثير من الناس تلتفت إلى التغيير الحاصل (من بكاء وعزاء وسواد) في محيط اتباع أهل البيت عليهم السلام ولأن الوكالات الخبرية تغطي هذا الحدث فيحدث التساؤل في أنفس الناس عن ما حدث للحسين عليه السلام ، فالتعريف به في هذا الموسم هو فرصه نافعة لمن أراد الهداية والنور ولمن أراد أن يروي عطشه وينقذ روحه ويتخلص من ضلاله فالطريق الأقرب إلى ذلك الامام الحسين عليه السلام وبذلك يكون الموسم الحسيني أشبه بالروح التي تبعث في الأمة لكي يتحرك هذا الجسد. *فمن المهم جداً الاعتناء بهذا الموسم والعمل فيه بأفضل ما يمكن كماً وكيفاً وعدم الاستهانة حتى بالكلمة التي من الممكن أن تؤدي إلى التخفيف من المساهمة لا تقل الطعام كثير وقد يُلقى هنا وهناك بل قُل أصل الإطعام ممتاز ولكن يحتاج إلى إدارة فمن المهم التركيز أيضاً على أسلوب طرح الملاحظة فالبعض من الناس يترك اللوحة البيضاء الكبيرة ويُركز على النقطة السوداء وهذا مما لا يحمد عقباه فمن الممكن أن يُحاسب الإنسان على كلمة قالها كان أثرها سيئاً ومُحبطاً، فلا بد للإنسان أن يجعل الدعم والتشجيع والمساهمة والثناء أداة فعّاله في لسانه، فهذه المآتم والمواسم ينطبق عليها قول الإمام الصادق عليه السلام( إني لأحب هذه المجالس). فما يُحبه الله ورسوله وأولياءه وحججه لا بد من تحسينه ورفعه قدر الإمكان لأن الإمام يقول: ( أحيوا أمرنا رحم الله من أحيا أمرنا) فبهذا الإحياء حيي المذهب وحييت الفضيلة واستمر التشيع وكذلك بدعم المؤمنين والتمسك به بقي هذا الإحياء وبالتشجيع عليه يستمر.
مرات العرض: 5720
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (0) حجم الملف: 26441.96 KB
تشغيل:

 بالحسبن ينتشر منهج الحق