هكذا غيبت القضية الحسينية تشويه المصادر3
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 3/1/1442 هـ
تعريف:

هكذا غُيبَت القضية الحسينية : تشويه المصادر

كتابة الفاضلة أم سيد رضا

روي عن سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ( مكتوب على ساق العرش أن الحسين مصباح هدىً وسفينة نجاة )، صدق سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

حديثنا بعنوان: كيف غُيِبَت النهضة الحسينية من ذاكرة المسلمين؟ 

كيف غُيِبت النهضة الحسينية من خلال تشويه مصادر الواقعة؟

كيف غُيِبَت النهضة من خلال تشويه الأفكار التي ترتبط بنهضة الحسين؟

كيف غُيِبَت نهضة الحسين ومأساته من خلال تغيير يوم المناسبة؟

أصل الموضوع في أننا نبحث في قضية الحسين ونهضته وأخباره ومأساته هو الوضع الطبيعي الذي لا بد أن يُبحث في أيام عاشوراء وفي أيام الحسين عليه السلام، فمن الواضح أنه حصل نشاطٌ وعملٌ وجهدٌ مما بعد نهضة الحسين وشهادته وإلى أيامنا المعاصرة يهدف إلى تغييب نهضة الحسين عن ذهنية المسلمين، ومع عظمة النهضة وفداحة المأساة التي من المفترض أن تكون حاضرة في ذاكرة المسلمين ومناسبة دائمة عند جميع المسلمين، لكن على أثر هذا العمل ذي الثلاث شعب الذي حصل من قِبَل من نسميهم بالخط الأموي أصبحت هذه النهضة العظيمة وتلك المأساة الجسيمة لا تُحيا في الغالب بالشكل المطلوب إلا من قِبَل أتباع أهل البيت، وهذا يعني أن ربع المسلمين تقريباً هم الذين يحتفون بهذه المناسبة ويحيون آثارها ويتذكرون أخبارها، فربع المسلمين يعتبر شيء جداً قليل لأن عظمة الشخصية لهذا الرجل كونه ابن بنت رسول الله وسيد شباب أهل الجنة وعظمة الدور الذي قام به من أنه أحيا الإسلام، ولعظمة المأساة وشناعتها بكل المقاييس، لكن نجد أن الإحياء لهذه المناسبة وتذكرها في الغالب يقتصر على هذا المقدار من شيعة أهل البيت وهذا أمر غير طبيعي أبداً، فلو أردنا أن نقايس الأمر بما هو موجود لدى المسيحيين مثلاً نجد أن عندهم مناسبة وهي ولادة السيد المسيح وفيها كل الدنيا عند المسيحية تحتفل بهذه المناسبة، من الصغير والكبير والغني والفقير والدول والشعوب بل الآن أصبح المسلمون يحتفون برأس السنة الميلادية وما ينسب إلى ولادة السيد المسيح، أي أن العالم المسيحي كله وقسم غير قليل من العالم المسلم يحتفي بذكرى مولد عيسى بن مريم، بينما الحسين بن فاطمة بن رسول الله في أمر كالذي حدث له  في ثورته ونهضته والمأساة التي جرت عليه وعلى أصحابه وأهله نجد أن الأمر مقتصر على أتباع أهل البيت عليهم السلام، لا ننكر بأن هناك بعض الفئات المسلمة تتعاطف مع الحسين عليه السلام لكنها لا تحتفي بهذه المناسبة الإحتفاء اللائق بها، ونجد أن هذا الأمر لم يأتي عبثاً أو اعتباطاً بل جاء من وراء حركة وعمل، بل ووصل الأمر إلى أن بعض علماء المسلمين يمنع من ذكر المقتل كما هو الحال في أبي حامد الغزالي من علماء مدرسة الخلفاء البارزين والمشهورين ومن أعيانها يقول: ( لا ينبغي للواعظ أن يذكر مقتل الحسين ولا ما جرى بين الصحابة فإن ذلك يوغر النفوس )، وسوف يكون هناك حديث حول هذا الرجل وماذا كان يقول عن النهضة الحسينية.

إذاً فإن هذه النهضة على عظمتها من حيث جلالة شخص الحسين وعظمة أهدافها ونتائجها وعظمة جانب المأساة فيها لم تلق الإهتمام الكافي من عامة المسلمين وإنما أقتصر ذلك في الغالب على شيعة أهل البيت عليهم السلام ولا ننفي ذلك بالكلية وإنما نقول بأن النسبة بسيطة جداً فكيفية الإحياء وكيفية التذكر هي كيفية بسيطة وهذا لم يأتي اعتباطاً وإنما جاء عبر عملٍ قام به الخط الأموي في التاريخ، فالخط الأموي ليس بالضرورة فقط في أيام خلافة بني أمية بل الآن في هذا الزمان يوجد خط أموي، وقد يكون أكثر تطرفاً مما كان في زمان بني أمية.

حدث هذا الأمر في ثلاث مراحل أو اتجاهات:

أولاً: حصل تشويه للمصادر التي نقلت الحادثة، فلو أن حادثة الحسين وقضاياه نقلت كما وقعت في التاريخ ودونها المسلمون وأصبحت هذه الكتب شائعة ودرست كحلقة من حلقات التاريخ الإسلامي لتغير الأمر، لكن المصادر التي هي أقرب للحقيقة أُتِلَفت، والمصادر التي هي أبعد عن الحقيقة أُعتُمِدَت واعتبروها هي المصادر الأصلية.

الموضوع به مباحث تخصصية لا نذهب وراءها وإنما نحاول فقط الإستشهاد، فمن أقدم وأوثق المقاتل التي دونت قضية الحسين عليه السلام هو مقتل أبي مخنف لوط الأزدي، ومعنى مخنف: خنف وهو ميلان مقوسة، فأبي مخنف كان به ميلان في أنفه وقد ينتج ذلك بأن تكون مخارج الكلام غير واضحة عنده، فهذا الرجل توفي في عام 50 للهجرة أي بعد شهادة الإمام الصادق عليه السلام بحوالي عشر سنوات، لذلك يعد من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام ومن معاصريه وكان متبحراً في التاريخ وثقةً ضابطاَ عنده ستون كتاباً حول قضايا التاريخ الإسلامي كواقعة كربلاء وواقعة صفين وواقعة الجمل وواقعة النهروان وبعض غزوات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعُدَّ أنه شيخ أخباريي أهل الكوفة أي شيخ المؤرخين ولديه كتاب حول مقتل الحسين وواقعة كربلاء، وهذا الكتاب يتمتع بميزات علمية متفوقة على سائر المقاتل لأنه نقل عن شهود عيان في كل منطقة، فقضية مسلم ينقلها عن أشخاص كوفيين عاصروا تلك المرحلة، وكذلك ما حدث في كربلاء فإنه ينقله عمن شهد معركة كربلاء من طف الحسين ومن طرف معسكر بني أمية، فهذا الكتاب وغيره من الكتب فُقِدوا من المكتبات و يقولون (وفقد مقتل أبي مخنف من المكتبات).

لماذا هذا الكتاب الذي ينقل أخبار وثيقة ودقيقة فُقِدَ دون غيره؟

الجواب هو: بالتتبع تبين أن هناك مجموعة من الكتب كان فيها أمور لم تكن السلطات ترضى عنها فبدأت بجمعها وإتلافها فعندما يأتي الجيل الآخر لا يجد هذا الكتاب لاسيما في تلك الأزمنة لم تكن هناك نسخ كثيرة من الكتب كما هو الآن فقد كانت كتب خطية من أراد نسخها يقوم بكتابتها، فأُتلِف ذلك الكتاب وبقي منه شيء وهو ما نقله المؤرخ محمد بن جرير الطبري وهو مفسر كبير من مدرسة الخلفاء وصاحب مذهب ويعتبر نفسه ليس أقل من أحمد بن حنبل ولا من الشافعي ولا من أبي حنيفة وكلامه في محله فلديه من تاريخ الرسل والملوك شيء كبير جداً ولديه من التفسير والفقه شيء كبير جداً وهو من غير الإمامية لكنه كان يُنصِف، ولذلك اتهم بالتشيع، فمثلاً هناك أحاديث عن فضل أمير المؤمنين عليه السلام كان ينظر لها بحسب أسانيدها فمتى صُحَّت فإنه يوردها وهو ليس شيعياً وقد توفي في عام 310 للهجرة، ويفترض أنه عاصر زمان الإمام الهادي عليه السلام وزمان الإمام العسكري وزمان الإمام المهدي ولم يكن قائلاً بإمامتهم ولا من تلاميذهم، لكن كان عنده إنصاف ولأجل هذا الإنصاف كان المتعصبون يهاجمونه ويرجمونه بالأحجار على باب بيته إلى حد أنه أغلق الباب عليه لا يخرج من داره أبداً إلى أن توفي ولم يدفن إلا ليلاً خوفاً من أن تهاجمه هذه الفرق المتعصبة وهذا مكتوب في تاريخه، هذا الرجل عثر على نسخة من مقتل أبي مخنف ونقل منها حوالي سبعين رواية حول كربلاء وما جرى فيها وهو ليست كل ذلك المقتل بل جزء منه، لكن هذا المقدار أعطى شيئاً واضحاً عن سيرة الحسين عليه السلام ممن عاصروا تلك الفترة وبنقل مؤرخين ثقات، وهذا الكتاب كان موجوداً  واسمه تاريخ الطبري وينقل فيه قضايا من عام 60 للهجرة إلى شهادة الإمام الحسين عليه السلام إلى مرحلة الكوفة ينقل روايات عن أبي مخنف، فجاء الخط الأموي وذهب وراء كتاب آخر ألفه رجل يسمى محمد بن سعد البغدادي وهو معروف بإبن سعد صاحب الطبقات وتوفي عام 230 للهجرة ويسمى كاتب الواقدي، هذا الرجل أمره عجيب غريب والسبب في ذلك أنه عندما جاء إلى قضية كربلاء ومر على قضية الإمام الحسين عليه السلام (سيرته وحياته ومقتله)، وقام بتجميع بعض الأشياء واستبعاد الأحاديث والروايات التي يراها قاسية وغير ذلك، فهو لم يعتمد على رواة شهدوا الحادثة ، فعلى سبيل المثال لو قام شخص وتحدث عن حدث وقع في أمريكا وليس لديه شاهد عيان ينقل له هذا الخبر فهل سيكون نقله دقيقاً؟، لاسيما في تلك الفترة التي كانت في زمان العباسيين وهذا الرجل مرتبط بالعباسيين أيضاً لأن أجداده من موليين العباسيين كما يقال، فمن الطبيعي في ذلك الوقت كزمان المتوكل وما قبل زمانه أي بدءاً من الحقبة الصعبة (هارون الرشيد وما بعده )، من الطبيعي أن لا يكتب أشياء فيها إنصاف لأهل البيت عليهم السلام لأن التوجه العام للعباسيين كان توجهاً سيئاً.

جاء هذا الرجل وقام بنقل الأخبار بلا شهود عيان وبلا مصادر وبعض الأخبار لا أصلها ومُسَّلم بأنها كذب وغير صحيحة لكنه دوَّنها، ومنها: 

1 – من الذي دفن الحسين عليه السلام؟ فالرأي المعروف عندنا أن الإمام دفن بعد ثلاثة أيام من مقتله وقد دفنه الإمام السجاد وبين قول أن بني أسد هم الذين دفنوه، لكن هذا الرجل وهو محمد بن سعد البغدادي جاء بقول آخر وهو أن الإمام الحسين بعد مقتله جاء غلام زهير بن القيم ودفن زهير وبعدها دفن الحسين وأنزله في حفرته.

هذا الكلام لم يقل به أحد صلاً وحتى بنو أمية لم يقولوه أيضاً، فهذا الكلام يس له مصدر ولا صحة.

2 – يتحدث عن أنه بعدما قُتِل الإمام الحسين عليه السلام جاء رجل إلى علي بن الحسين السجاد فأخذه عنده وأسره وأخفاه حتى إذا ذهبوا إلى الكوفة ظلوا يبحثون عن الإمام السجاد عليه السلام ومن يأتي به سيحصل على جائزة فقام الرجل الذي أسره عنده وأخفاه في منزله قام تسليمه إلى ابن زياد وأعطاه مقابل ذلك ثلاث مئة درهم.

فهذه تعتبر قباحة وشناعة إلى ما لا نهاية  لأنه يريد أن يبين لنا قيمة البشارة في العثور على الإمام السجاد، وأيضاً لو تمعنا أين كان الإمام السجاد طول هذه المدة ومن الذي كان يدير الركب بعد الإمام الحسين عليه السلام وكيف ارتحلوا.

3 – يتحدث عن أن مروان بن الحكم جاء إلى الإمام السجاد وقال له بأن الحسين طلب منه أربعة آلاف دينار ولم يكن يملك هذا المبلغ ليعطيه الإمام الحسين في ذلك الوقت، والآن توفر عنده هذا المبلغ وطلب من الإمام السجاد أن يأخذه، فقبل الإمام السجاد ذلك وأخذ المبلغ.

هذا ذب صريح وخصوصاً أن مروان كان في غاية العداء للإمام الحسين عليه السلام، وهو الذي قال للوليد بن عتبه: ( إن فاتك الرجل لن تلقى إلا غباره أوثقه كتافاً فإن بايع وإلا فاقطع عنقه)، وكذلك الإمام الحسين عليه السلام يقول له: ( يا ابن الزرقاء، أنت تقتلني أم هو؟، كذبت ولؤمت )، فكيف يأتي الحسين عليه السلام ويطلب منه أربعة آلاف دينار، وغير ذلك أن مروان لم يكن معروفاً لا بالجود ولا بالغنى حتى يطلب منه الإمام الحسين ذلك.

4 – يتحدث عن أن أبا جعفر الباقر كان يصلي خلف بني أمية دائماً وبدون تقية أيضاً، فهذا عين الكذب وأمثال ذلك عنده كثير.

إن هذا الكاتب صاحب الطبقات هو الذي جُعِل بعدما استبعد مقتل أبي مخنف الذي كان معتمد على شهود عيان كعقبة بن سمعان مولى الرباب أي خادم الرباب زوجة الإمام الحسين عليه السلام الذي كان موجوداً في المعركة ونقل أخبارها بدقة، فقد أبعد كتابه وأتلف لصالح محمد بن سعد البغدادي الذي تلقفه الخط الأموي في التاريخ.

جاء علي بن عساكر الدمشقي ولديه كتاب مفصل اسمه تاريخ دمشق وهو مطبوع وموجود الآن، وفيه أشياء أكثر من التي جاء بها محمد بن سعد البغدادي ومنها:

1-     يقول أن الحسن والحسين لهما كل عام زيارة إلى دمشق لملاقاة معاوية حتى يستعطونه ويرفدهم بالمال.

مع أنه لم ينقل في مصدر معتبر بأن الإمام الحسن أو الإمام الحسين عليه السلام ذهبا إلى دمشق ولو لمرة واحدة.

2-    يقول أن الحسين شارك في الجيش الذي أعده معاوية وجعل يزيد عليه قائداً لفتح القسطنطينية (اسطنبول حالياً).

مع أن أصل القضية غير ثابت أصلاً.

فهذا الرجل أصبح المصدر الثاني بعد طبقات بن سعد، فقد أفرغ في كتابه الكثير من الروايات الباطلة المصطنعة والمختلقة وهذا الذي شاع وانتشر، فاعتمد هذان الكتابان على أنهما المصدر الأساس للقضية الحسينية، وعندما جاء ابن تيمية وأراد أن يكتب عن الحسين اعتمد على هذه الكتب، وكذلك تلميذ ابن تيمية وهو ابن كثير الدمشقي صاحب كتاب البداية والنهاية اعتمد أيضاً على هذين الكتابين وزاد فيهما من عنده أشياء وأيضاً عندما يأتي إلى خطب الإمام الحسين عليه السلام فإنه لا يذكرها، والمعروف بأن الإمام الحسين عليه السلام أكثر من الخطب والأحاديث ليعرف الناس بأهدافه وقضاياه، لكن ابن كثير لا يدونها، فلو كان عبيد الله بن زيان أو مروان بن الحكم أو يزيد قد أدلوا بكلمة واحدة لقام بتسجيلها وتدوينها، فمن الطبيعي أن من ينقل من هؤلاء الأشخاص ولا ينقل من فم الحسين الطاهر أو من شهود العيان الذين شهدوا المعركة وشهدوا مخيم الحسين ومعسكر ابن سعد، من الطبيعي أنه لا ينقل الحقائق.

كان لدى هؤلاء الأشخاص اهتمام كبير بنقل ما يسموه نصائح ولوم الصحابة للحسين عليه السلام، ومن محتواه بأن ابن عمر قال له كذا وكذا وعبد الله بن مطيع العدوي وهو ليس صحابياً أصلاً يذكرون بأنه قام بنصح الحسين ولكن الحسين لم يطيعهم، وهكذا من الأقوال التي يذكرونها وكأن الحسين عليه أن يطيع مثل هؤلاء الأشخاص، بل هو سيدهم إذا كانوا من أهل الجنة وهو إمام قام أو قعد، لكن نرى تركيزهم على هذا الأمر ونقلهم إياه ولاسيما في بداية حركته صلوات الله عليه، ابتداءً من خرجه من المدينة، فهم يذكرون أن مروان بن الحكم قال له وهو يماشيه: (يا أبا عبد الله أني أنصحك بأمر فيه صلاح دينك ودنياك وأني أعيذك بالله أن تكون من شق عصا الطاعة وفارق الجماعة)، فهل يعقل أن مروان بن الحكم الذي يسمى عند رسول الله وأصحابه بالوزغ ابن الوزغ الذي طرده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو ووالده، هل يعقل أن يكون ناصحاً متكلماً ويشير على الحسين بما فيه صلاح دنياه وأخره؟، لكن الحسين عليه السلام كان واضح البصيرة والموقف فخرج من المدينة المنورة متجهاً إلى مكة المكرمة في السابع والعشرين من رجب على المشهور ووصل إلى مكة المكرمة يوم الخامس من شهر شعبان وهناك اختلاف بين مقل وبين مكثر وسيكون هناك حديث في توضيح قضية المسافات التي تقطعها القوافل ولماذا لا نستبعد ونصدق الخبر القائل بأنهم خرجوا من الكوفة إلى الشام ورجعوا خلال أربعين يوم، فهذا ضمن حساب المسافات وما تقطعه النياق والقوافل في ذلك الزمان جداً طبيعي وعلى القاعدة.

فمن خروج الإمام الحسين عليه السلام من المدينة أحرم بعمرة مفردة وقد كان الميقات موجوداً وهو أبيار علي فأحرم الحسين عليه السلام ومن معه بعمرة مفردة لكي يدخلوا إلى مكة لأنه لا يجوز لأحد أن يدخل مكة إلا محرماً، وقام الحسين ومن معه بالقيام بأعمال العمرة ثم أحلوا بعد ذلك، لهذا لا حاجة للقول ولا صحة لما يقال بأن الحسين كان محرماً لحج التمتع ثم حل من إحرامه فهذا لا يؤيده التاريخ ولا تقره الروايات المعتبرة الواردة عن الإمام الصادق عليه السلام.

بعد أن أدى الحسين عليه السلام نسكه انتقل إلى بيت عبد الله بن عباس مؤقتاً إلى أن يتدبر أمره، فجاءت الناس إليه وسألوه ماذا يريد ولماذا خرج، فبدأ الحسين عليه السلام بتوضيح أهداف خروجه ونهضته، وقد كان والي مكة في ذلك الوقت هو عمر بن سعيد بن العاص الأشدق الأموي وهو رجل شرس فاتك لذلك ولاه يزيد على مكة والمدينة وتقدم إليه بأن يقتل الحسين ولو كان متعلقاً بأستار الكعبة.

الوليد بن عتبة بن أبي سفيان في المدينة كان يريد الراحة من دم الحسين عليه السلام حتى كان مروان يقول له بأن يقتل الحسين لأن، فقال له الوليد بن عتبة: ( والله إن امرأ يأتي يوم القيامة بدم الحسين بن علي لخفيف الميزان والله )، فلم يستطع أن يقتل الحسين، لكن عمر بن العاص الأشدق يستطيع أن يفعل ذلك لأنه رجل شرس فاتك وله مواقف أخرى في مثل هذه الأمور ولذلك تقدم له يزيد بأن يقتل الحسين عليه السلام، وعلى أثر ذلك فإن الإمام الحسين عليه السلام بعدما بلغ من تبليغ رسالته والإخبار عنها عزم على أن يخرج من مكة المكرمة وهناك روايات مختلفة بأنه خرج في اليوم الثالث من ذي الحجة أو اليوم الخامس أو اليوم الثامن، فأكثر المؤرخين وما كان يؤيده من أهل البيت بأنه عزم عن الخروج وأعلن عن ذلك في اليوم الثامن من شهر ذي الحجة.

أعلن الإمام الحسين عليه السلام على الخروج من مكة في مرحلتين، فالمرحلة الأولى جعل أهله وأنصاره يتجهزوا للخروج، والمرحلة الثانية أعلن ذلك أمام الحجيج عند الكعبة المشرفة وعادة في ذلك اليوم يخرج الناس بإتجاه منى ثم بإتجاه عرفات، فخطب عليهم تلك الخطبة المعروفة قبل خروجهم والتي قال فيها: ( أيها الناس خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف، كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء فيملأن مني أكراشاً جوفا، أجربة سغبا لا محيص عن يوم خط بالقلم، رضا الله رضانا أهل البيت نصبر على بلائه فيفينا أجور الصابرين )




مرات العرض: 5722
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (4463) حجم الملف: 56097.88 KB
تشغيل:

رؤية جامعة في الابتلاء والوباء 2
الأفكار المشبوهة وتغييب القضية الحسينية 4