الزوجة في المنزل :إعادة الاعتبار
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 5/1/1436 هـ
تعريف:

 

الزوجة في المنزل وإعادة الاعتبار

كتابة الفاضلة سلمى بوخمسين

روي عن سيدنا ومولانا جعفر ابن محمد صلوات الله وسلامه عليه انه قال ان رسول الله صلى الله عليه واله انه قال (ايما امرأة رفعت من بيت زوجها شيئا من موضعا الى موضع تريد به صلاحا نظر الله عز وجل اليها ومن نظر الله اليه لم يعذبه وقالت ام سلمة يا رسول الله ذهب الرجال بكل خير فأي شيء بقي للنساء ؟ قال صل الله عليه واله بلى اذا حملت المرأة كانت بمنزلة الصائم القائم المجاهد بنفسه وماله في سبيل الله فاذا وضعت كان لها من الاجر مالا تدري ما هو لعظمه فاذا ارضعت كان لها بكل مصه كعدل عتق محرر من ولد إسماعيل فاذا فرغت من رضاعه ضرب ملك على جنبها وقال استئنفي العمل فقد غفر لك ) صدق سيدنا ومولانا جعفر ابن محمد وصدق نبينا صلى الله عليه واله وسلم  .

حديثنا بإذن الله يكون بعنوان الزوجة في المنزل وإعادة الاعتبار يستهدف هذا الحديث توضيح الأهمية الكبيرة التي يتمتع بها دور المرأة في بيت زوجها وان هذا الدور سواء قسناه بمقاييس الاعمال الدنيوية الاقتصادية او قسناه بمقياس الاجر الاخروي والمنزلة الدينية فان هذا الدور بكلا المقياسين يتمتع بمكانه عالية.

 في البداية لابد ان نقدم مقدمة لكي نوضح نقطة مهمة وهي ان شيوع التعليم وانتشاره في البلاد المسلمة وانتشاره بين الجنسين الرجال والنساء ادى الى تكون طبقة عريضة من النساء المتعلمات اللاتي وصلن الى مواضع متقدمة جدا وكان من الطبيعي ان تسلك هذه النساء المتعلمات في قسم كبير منهن طريق العمل الاقتصادي خارج المنزل وهذا كان اما لأجل ترميم الوضع الاقتصادي للمرأة او لأسرتها او بالنظر الى حاجة اجتماعية ملحة لا يستطيع ان يقوم بها الا النساء ولا يستحسن فيها الا النساء فاصبح لدينا شريحة كبيرة عاملة من النساء حقق الكثير منهن جمعا بين مقتضيات الشرع في الالتزام بالحجاب الإسلامي وبين التفوق العلمي والبعض منهن اصبحن يشار اليهن بالبنان على المستوى الإقليمي والدولي في بعض الحالات هذا بالنسبة الى التعليم وبالنسبة الى العملي أيضا كما قلنا أدى خروج المرأة الى العمل الى تحسين الوضع الاقتصادي لها ولأسرتها وليس مستنكرا أحيانا ان تصل الحاجة الى الدرجة الملحة كما ورد في  القرآن الكريم في قصة ابنتي نبي الله شعيب مع نبي الله موسى عليهم السلام فانه حينما ورد ماء مدين ووجد امة من الناس يسقون ووجد من ضمنهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يسقي الرعاع وابونا شيخ كبير . 

إذا هناك حاجة اقتصادية ذات ضرورة نظرا لكون العائل لهذه العائلة رجل غير متمكن وكونه رجل كبير قال بعض المفسرين انه كان ضعيفا او كفيف البصر.

أحيانا يكون هذا العمل من اجل خدمة اجتماعية حتى لو لم تكن المرأة محتاجة ماديا ولكن المجتمع يحتاج الى ان تقوم المرأة بهذا العمل بالذات. 

فنحن نرى ان خروج المرأة للعمل مع حفاظها على التزاماتها الأخلاقية والدينية شيء حسن ولا نريد أيضا ان نعقد مقارنة بين عمل المرأة خارج منزلها أفضل ام بقاءها في المنزل فهذا ليس هدف حديثنا وانما نقول ان هذه الشريحة من النساء العاملات لهن احترام واعتبار بالنسبة للخدمة التي يؤدينها لأسرتهن ومجتمعهن. 

حديثنا عن شريحة الزوجات المتواجدات في المنزل اللاتي لا يعملن خارجه ،ترافق مع ظاهرة خروج المرأة للعمل خارج منزلها تهوين مكانة المرأة والزوجة غير العاملة التي يقتصر دورها داخل المنزل، وقد يصل الحال الى خجل المرأة غير العاملة من وضع كونها فقط ربة منزل وزوجة وأم امام قريناتها العاملات وبالخصوص حينما تكون خريجة جامعية مثلهن ولكنها لم توفق للعمل اما  بسبب عدم حصولها على وظيفة تناسب دراستها او بسبب الوضع الاجتماعي والاسري والسبب الأخير كثيرا ما يؤدي لحدوث مشاكل اسرية وبالخصوص مع الزوج.

أصبحت ثقافة المجتمع تحصر دور ربة البيت على المرأة غير المتعلمة او التي لم تتمكن من اكمال دراستها الجامعية اما المرأة المتعلمة والمستكملة لدراستها فلا بد ان تعمل خارج المنزل.

اذا اردنا ان نتحدث عن دور المرأة في بيت زوجها بمقياس الاعمال الاعتيادية فان عملها ليس اقل من دور المرأة العاملة حتى بمقاييس الاقتصاد والاعمال العادية، وكثير من الأحيان المرأة تكون عاملة خارج المنزل وفي نفس الوقت تدير منزلها او لها دور كبير في ذلك فهذه تجمع بين وظيفتين فتكون موظفة ومدبرة منزل وزوجة وام وهذه تجمع الحسنيين.

ماهي مقاييس الاعمال؟

    اما يقاس العمل باجره واهميته بمناسيب الخطر التي توجد في بيئته فكلما زادت خطورة البيئة التي يعمل فيها الانسان فان أجرته تزداد فيكون الخطر فعلي واحتمال حصوله وارد في أي لحظة، او خطر محتمل الوقوع في المستقبل، ويسمى هذا في نظام الرواتب بدل خطر.

وهذا وارد في عمل المرأة داخل منزلها وكما يقول المختصون في تحديد أنواع المخاطر في العمل ،ان المرأة تتعرض لمجموعة من الاخطار داخل منزلها أولها اخطار، مثلا المواد الكيمائية الموجودة في مواد التنظيف والمبيدات وغيرها فهذه اما لها اثر ضار سريع يظهر اثناء استخدامها او تظهر اثاره مع مرور الزمن وكثرة الاستخدام تسبب امراض مزمنة وبعضها خطيرة على صحتها ،كما ان هناك اخطار استخدام الأجهزة الكهربائية والتعرض للصدمات في حال تلف الجهاز او تعرضها للحريق والاختناق بالغاز واستخدامها للأدوات الحادة تعرضها لخطر الجروح وغيره من الاخطار الواردة في داخل المنزل اثناء قيام المرأة بأعمالها المنزلية فنسبة الخطر خلال اربعين او خمسين عاما نسبة عالية جدا .

فهذه البيئة ليست سهلة فمن يعمل في مكتب مكيف مريح لا يتعرض للخطر كما تتعرض له ربة المنزل يوميا طوال حياتها، فوضعها يحتاج الى تقدير واحترام واهتمام.

    البيئة التي تعمل فيها المرأة غير مقيدة بزمان او مكان كالوظائف الأخرى من اجازات ووقت دوام محدد ومكان ونوعيه محددة، اما المرأة في منزلها فلا يوجد لها وقت محدد اونوع عمل معين ولا مكان ثابت فهي منذ ان تستيقظ الى ان تنام وهي في عمل مستمر وان تفاوت في أيام عن أخرى وامرأة عن غيرها، فحسب ظروف الاسرة التي تنتمي لها هذا الام والزوجة يكون عملها ونوعيته كثيرا او قليل.

    تتعين القيمة الاقتصادية في أي عمل حسب نوع الوظيفة فبائع الذهب يختلف مدخوله عن بائع الخضرة او عامل نظافة، اما بالنسبة للمرأة وعملها داخل منزلها في جميع المنازل يفترض ان يكون كما قاله رسول الله صل الله عليه واله (المرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها) يعني انها هي القائدة والمدبرة والمحافظة على كيان اسرتها وقد قضى النبي بين علي وفاطمة ان ما بين الباب الى داخل الدار لفاطمة وما كان من الباب الى خارج الدار لعلي ابن ابي طالب.

النتائج والثمار التي يفترض ان تتحقق من قيامها بهذا الدور

 أولا/ ان تقوم بصيانة الكيان الاسري الذي يحتاج الى رعاية يومية بشكل دائم على مدار الساعة ثانيا/ ان هذا الجيل التي تقوم برعايته لا يكون جيل يشتكي الحرمان مشوه الاحاسيس او جيل مجرم نقدمه للمجتمع ليعيث فساد فيه.

فاذا المرأة استطاعت ان تقدم للمجتمع جيل يرتقي به ويبنيه على أسس صحيحة في كل مجالات الحياة، فعملها هذا يضاهي أي عمل يقوم به الاخرين فمهما بنيت الدول وشيدت وجملت شوارعها ولكن سكانها مجموعة بشر غير اسوياء فلا يوجد لديهم اهداف سامية بل أرواح جوفاء واخلاق سائبة واجساد تعيش للمتعة بلا مبادئ ولا ضوابط فما الفائدة في جمال هذه المدن وتنسيقها وترتيبها.

لا يوجد أي عمل يضاهي عمل الام فبناء العمران أسهل بكثير من بناء الانسان.

وهذا هو عمل الأنبياء (يعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم).

فاذا حسبنا ما تقوم به الزوجة والام بيئة الخطر وعملها غير محدد بزمن او نوع كما انها تتعامل مع شخصيات ونفسيات مختلفة فأعمار ابناءها وشخصياتهم متباينة وهي تتعامل مع الجميع كل حسب حاجته.

هذا بالنسبة الى الجانب الدنيوي والمادي اما الجانب الديني والالهي فهذا نراه في حديث منقول عن أسماء بنت يزيد ابن السكن الانصارية وتلقب بخطيبة النساء وراوية للاحاديث وكانت لديها ثقافة دينية وهي صحابية ممن كانوا في زمن رسول الله ومما يذكر من احوالها انها كانت مع فاطمة الزهراء ليلة زفافها على علي ابن ابي طالب عليهما السلام ، وقيل ان السيدة خديجة سلام الله عليها حينما حضرتها الوفاة حزنت فسؤلت عن السبب فقالت ان الفتاة ليلة زفافها تحتاج الى امرأة قريبة منها وانا لن أكون موجودة وممن تعهدن لها بانهن سيكونون مع فاطمة كانت أسماء بنت يزيد البعض يتصور ان من كانت مع فاطمة هي أسماء بنت عميس وهذا غير صحيح فأسماء كانت زوجة جعفر ثم تزوجت من أبو بكر ثم علي ابن ابي طالب وانجبت منهم جميعا ثلاث أولاد وهم عبد الله ابن جعفر زوج زينب ومحمد ابن ابي بكر وعون بن علي فهم اخوة من الام وابائهم مختلفون وهذه تعطينا درس للنساء انها يحق لهن الزواج بعد وفاة ازواجهن ،فأسماء لم تكن مع فاطمة الزهراء ليلة زفافها فهي كانت مع زوجها جعفر ابن ابي طالب في الحبشة .

اسماء بنت يزيد جاءت لرسول الله صل الله عليه واله وقالت له (يا رسول الله بابي انت وامي ونفسي لك الفداء ما من امرأة كانت في شرق ولا غرب سمعت بمخرجي هذا الا وهي على مثل رأيي ان الله بعثك للرجال وللنساء كافة فأمنا بك وانا معشر النساء محصورات مقصورات مخدرات قواعد بيوتكم وحاملات اولادكم وانكم معشر الرجال فضلتم علينا بالجمع والجماعات وفضلتم علينا بشهود الجنائز وعيادة المرضى وفضلتم علينا بالحج بعد حج واعظم من ذلك الجهاد في سبيل الله وان الرجل منكم اذا خرج لحج او عمرة او جهاد جلسنا في بيوتكم نحفظ اموالكم نربي اولادكم نغزل ثيابكم فهل نشارككم فيما اعطاكم الله من الخير والاجر فالتفت النبي صل الله عليه واله بجملته لأصحابه وقال هل تعلمون امرأة احسن سؤال عن أمور دينها من هذه فقالوا يا رسول الله ما ظننا ان امرأة تسأل سؤالها  فقال النبي صل الله عليه والله يا أسماء افهمي عني واخبري من وراءك من النساء ان حسن تبعل المرأة لزوجها وطلبها لمرضاته واتباعها لرغباته يعدل ذلك كله ) .

ولدينا النبي صل الله عليه واله يقول في المقابل (ان الرجل ليؤجر في رفع اللقمة لفم امرأته وإذا سقى الرجل امرأته اجر ولا يخدم الرجل عياله الا صديق او شهيد او رجل يريد الله به خير الدنيا والاخرة)

وفي حديث اخر (جلوس المرء عند عياله أحب الى الله تعالى من اعتكاف في مسجدي هذا)

فالمرأة في بيت زوجها سواء بالمنظور الاقتصادي او الديني مقام هذه الاعمال  ودورها له منزلة كبيرة لهذا هي مسؤولة للغاية ان تتقن عملها داخل منزلها ومع عيالها فالإتقان أيضا يحتاج الى معرفة وثقافة ودراسة لمعرفة أفضل أساليب تربية الأبناء وطريقة إدارة المنزل.

فمن تتقن عملها في منزلها وتحسن تربية ابناءها بمساعدة زوجها ستخرج جيل سليم مؤمن أكثر اجر ممن تتخبط بلا معرفة وعلم في تربية ابناءها فتنشئ جيل مشوش مريض سلوكيا واخلاقيا.












                            



مرات العرض: 5720
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (4463) حجم الملف: 21298.23 KB
تشغيل:

تاريخ التشيع في أفغانستان
لماذا تستقطب الاتجاهات المتطرفة الناس ؟