عمار بن ياسر كتلة الايمان تتحرك
صياغة الأخ الفاضل عبد العزيز العباد
ورد عن رسول الله (ص) أنه قال : (عمار ملأ ايمانًا من قرنه إلى قدمه واختلط الإيمان بلحمه ودمه )
من هو عمار بن ياسر ؟
عمار بن ياسر بن عامر بن مالك بن كنانة بن قيس بن الحصين بن الوذيم من بني ثعلبة بن مازن بن عامر، وأمه سمية بنت مناطح كانت أمه لأبي حذيفة بن المغيرة المخزومي، تزوجها ياسر فولدت له عمار وهو مذحجي قيسي قحطاني أبو اليقظان، و هو احد أكابر صحابة رسول الله (صلى الله عليه واله) ومن أصحاب أمير المؤمنين (غليه السلام) كما أنه يُعد من ذوي الرأي وهو أحد السابقين الى الإسلام اسلم هو وأبواه فكانوا ممن يعذبون في سبيل الله تعالى.
فهو من تلك الأسرة التي قدمت أول شهداء في الاسلام وتحملت تكاليف الانتماء اليه ودفعت تلك التكاليف الباهظة من حياة الأب والأم (ياسر وسمية ) فقضيا في تعذيب القرشين ولم يتغيرا ولم يتراجعا عن الايمان بالله والاعتقاد برسوله.
كيف أسلم عمار؟
يظهر من كتّاب السيرة أنه عندما جاء عمار إلى دار الارقم بن ابي الارقم وهي محل سري وخاص لتجمع المسلمين مع رسول الله (صلى الله عليه واله) ، صادف عند مجيئه الدار صهيب بن سنان الرومي، فسأل كل منهما الاخر عن سبب قدومه إلى هذا المكان.
فسأل صهيب عماراً عن ذلك، فأجابه عمار: بأنه جاء ليسمع من محمد(صلى الله عليه واله) ويرى ماذا يقول؟
فقال صهيب بأنه جاء لذات السبب أيضاً.
فدخلا معاً واستمعا من رسول الله (صلى الله عليه واله) فآمنا به وبرسالته، فخرج عمار إلى أسرته (ياسر وسميه) وأبلغهما بدعوة النبي (ص) فأعلنا اسلامهما برسالة رسول الله (صلى الله عليه واله) ، فجن جنون بني مخزوم، فهؤلاء كانوا بمثابة العببد بالنسبة للقبيلة المخزومية حيث كانت تتنافس على الرئاسة مع سائر القبائل في قريش، وكان إيمان أحد أفراد هذه القبيلة أو غلمانها يُعد نقطة ضعف لها، فتحتج القبائل الاخرى عليها بالقول: كيف لكم أن تديروا مجتمعاً وتصبحوا رؤساء فيه وأنتم لا تستطيعون السيطرة على قبيلتكم ولا على غلمانكم؟!
فكان إيمان شخص سواء كان منتسب لقبائل أو متحالف معها يُعد نقطة ضعف لهذه القبيلة ولكي تثبت هذه القبيلة أنها جديرة بالثقة، لا بد لها من أن تصب ألوان العذاب على من يُؤْمِن برسول الله (صلى الله عليه واله) من ابناءها أو حلفاءها أو غلمانها أو عبيدها.
لهذا صبت بنو مخزوم جام غضبها على أسرة عمار بعدما عرفت بإسلامهم، فأذاقوهم صنوف العذاب فكانوا يلبسونهم أدرع الحديد ويخرجونهم في حر الظهيرة ويلقوا بهم على الرمضاء فتصهرهم حرارة الشمس إضافة إلى تعريضهم للجلد، فنالوا من العذاب ما نالوا، إلى أن مر عليهم رسول الله (صلى الله عليه واله) فتأثر لحالهم وقال لهم :( صبرا يا آل ياسر، فإن موعدكم الجنة)، وقال لهم أيضا (صبرا يا آل ياسر، اللهم اغفر لآل ياسر، وقد فعلت)
فلم يلبث عمار – والد ياسر – أن مات حتى التعذيب،أما والدته ( سمية ) فكانت أكثر مقاومة حيث لم تمت تحت التعذيب فأزعجت هؤلاء القرشيين بأنها لم تتكلم بكلمة واحدة ضد رسول الله (صلى الله عليه واله) وكان بعض زعماء قريش يمرون بها ومنهم ابو جهل فيهددونها كي تقول كلمة واحدة فقط تشتم فيها محمداً أو تذكر الهتهم بخير، فلم تفعل ذلك حتى استشاط أبا جهل غضباً فأخذ حربة وطعنها في قلبها فذهبت شهيدة إلى ربها.
أما عمار فبلغ منه الألم مبلغه وكان وقت ذاك في قرابة الأربعين عاماً فهو والنبي اتراب-في سن واحدة - فأعطاهم ما يرمون من لسانه ما لا يقبله بقلبه وذكر آلهتهم بخير.
فجاء عمار في الْيَوْمَ الثاني إلى رسول الله (صلى الله عليه واله) باكيًا وهو في شدة الاسى والحزن وقال: يا رسول الله ما تركوني إلا بعد أن ذكرت آلهتهم بخير ، وجاء بعض الناس المُزايدين ويقولون كيف لعمار أن يذكر الأصنام بخير ؟ لقد كفر عمار فوصل الخبر لرسول الله (صلى الله عليه واله) فقال : (عمار ملأ ايمانًا من قرنه إلى قدمه واختلط الإيمان بلحمه ودمه)
إسلام عمار وبداية أهم التشريعات الدينية
هذه الحادثة كانت بداية تشريع ديني يعتبر من التشريعات الدينية المهمة للمؤمنين وهو تشريع التقية والتي يقول عنها الإمام الصادق (عليه السلام): (التقية ديني ودين آبائي،ولا دين لمن لا تقية له) .
وهؤلاء الذين يعيبون على مذهب أهل البيت (عليه السلام) هم الذين ابتلوا بها أخيرًا، ففي الوقت الذي كانوا فيه حاكمين ولا تَسلُطَ عليهم عارضوا التقية واعتبروها نفاق، فعندما دارت الأزمنة وصار هناك خلاف مع حكوماتهم، أصبحوا يتقلبون في كلماتهم ومواقفهم ويكتمون آراءهم.
وأوضح شاهد على ذلك ما حدث أيام الحجاج الثقفي والمأمون والمتوكل.
مكانة عمار لدى النبي(صلى الله عليه واله)
كانت حفاوة النبي (صلى الله عليه واله) بعمار لا حدود لها ، فإذا اقبل على النبي (صلى الله عليه واله) قال له النبي (صلى الله عليه واله): مرحبًا بالطيب المطيب،وأبناء الطيبين ونسل تلك الاسرة المضحية والفدائية لرسول الله (ص).
وشهد عمار مع النبي (صلى الله عليه واله) مشاهده كلها، فكان النبي (صلى الله عليه واله) يلاحظه ويبدي علاقته به ويشير إلى محبته وكان النبي (صلى الله عليه واله) يكرر تقتلك الفئة الباغية ويح عمار ويح عمار،آخر شرابه ضياح من لبن وتقتله الفئة الباغية..
وكان عمار عند بناء المسجد يحمل لبنتين ورسول الله (صلى الله عليه واله) وكذلك الحمزة، فرَآه أحد اصحاب النبي (صلى الله عليه واله) من أهل الثراء والأسماء الكبيرة فجاء لابساً ثوباً ابيضاً ناصع البياض فأنشد عمار و هو يبتسم:
لا يستوي من يعمر المساجدا يدأب فيها قائما وقاعدا ومن يرى عن التراب حائدا
فانفعل هذا الشخص وقال: سأتعرض لانفك بهذا العصا
فقال رسول الله (صلى الله عليه واله) : من يعادي عمارا يعاده الله.
مشاركة عمار في قتال مسيلمة الكذاب أيام الخليفة الأول:
لما توفي النبي (صلى الله عليه واله) كان عمار قد بلغ ٦٢ سنة وكان من جملة النفر الذين اعترضوا على الخليفة الاول ولكنه لم يمنعه من أن المشاركة في قتال مسيلمة الكذاب الذي ادعى النبوة، أما بقية الحروب ولا سيما الحروب الخاطئة مثل ما اشيع عن حرب الردة مع مالك بن نويرة -رجل من خيرة صحابة رسول الله (صلى الله عليه واله) - وقد ورد عن النبي (صلى الله عليه واله) فيه: من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا الرجل ، فلم يشترك فيها عمار ولا أحداً من أصحاب أمير المؤمنين(عليه السلام) ، كما أن ممن لديهم تحفظ مع أهل البيت (عليهم السلام) عندما رأوا ما صنع خالد بن الوليد في قضية مالك بن نويرة أقسموا أن لا يكونوا في جيش يكون أميره خالد بن الوليد.
أما قضية المعركة مع مسيلمة الكذاب فهي معركة واضحة المعالم ففيها هناك دعوة للنبوة واضحة من قبل مسيلمة وكانت تهدد بنحو من الأنحاء الوجود الإسلامي فالمسلمون جميعا مخاطبين للحفاظ على الكيان الإسلامي فشارك فيها عمار فقال بعضهم كما جاء بأسد الغابة: رأيت عمار يقاتل وينادي بالناس وقد قطعت احدى أذنيه في تلك المعركة. فالرجل لم يمنعه الموقف المبدئي تجاه الخليفة الاول وهو موقف وقفه أمير المؤمنين عليه السلام.
عمار اصبح والي على الكوفة ايّام الخليفة الثاني ، لماذا؟
هذا يحتاج إلى بحث ولكن أختصره هناك بعض الباحثين يقول أن الخليفة رأى أن أكثر الناس أمانة وتدين هم من يكونون مع علي (عليه السلام) أمثال عمار بن ياسر الذين ضحوا وعملوا في سبيل الله ولم ينتظروا جزاءً ولا شكورا فمبدأهم الأمانة والإخلاص والتدين، لذلك قام بتوليتهم باعتبار أنهم الأفضل ويستشهدون بقول الخليفة نفسه: إنما وليت عماراً لتحقق قول الله عز وجل فيه (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ) وهذا الرأي يتوافق مع التاريخ الرسمي والنظرة الإيجابية لعمل الخلفاء وغالبًا ما يتبنى هذا الرأي اتباع مدرسة الخلفاء.
القول الآخر يذهب إليه باحثون آخرون فيقولون: أن الخليفة عمل موازنة سياسية فلم يكن يريد أن يعين من طيف واحد بل من أطياف مختلفة وتوجهات متباينة فأعطى بني أمية الشام وأعطى بعض اتباع أمير المؤمنين (عليه السلام) مثل سلمان الفارسي المدائن وعمار الكوفة وما شابه ذلك، فالقضية في نظر هؤلاء ضمن إرادة سياسية وبالتالي أي خليفة وحاكم عندما يريد أن ينجح في إدارته وحكمه يعين من كل الاتجاهات.
عمار في زمن الخليفة الثالث
في زمن الخليفة عثمان كان الوضع متأزماً وقد أشرنا في حدثينا عن أبي ذَر الغفّاري أنه في ذلك الزمان أصبح الوضع متشجنًا بين مؤسسة الخلفاء وبين أكثر المسلمين وعلى خصوص الصحابة الذين كانوا ينقمون على الخليفة بسبب مُحاباته لأقربائه بالذات الذين لم يكن لهم لا عير ولا في نفير، فآثر .عبدالله بن سعد بن ابي السرح - أخو عثمان من الرضاعة- وعبد الله هذا عندما أسلم في بداية الأمر كان من كتبة الوحي باعتبار أن الكتبة كانوا قليلين ، فهذا الرجل لم يكن أميناً على الكتابة وكان يغير فيها وأقر هو بذلك، حيث كان يقول : كانت الآية تنزل وفيها (أن الله غفور رحيم) فاكتب (أن الله شكور عليم ) وفيها غير ذلك فأبدلها .
ثم ارتدَّ بعد ذلك ورجع إلى مكة. فأهدر النبي (صلى الله عليه وآله) دمه وقال هو مهدور الدم.
فلما فتحت مكة جاء به عثمان وادخله على رسول الله باعتبار القرابة. النبي (صلى الله عليه وآله ) كان ينتظر احد المؤمنين أن يقوم ويقتله باعتبار أن دمه كان مهدوراً فلم يقم احد بذلك فخرج عثمان ومعه عبدالله فسأل رسول الله صلى الله عليه وآله المؤمنين لما لم تقتلوه؟ فأجابوه : لم تشر بذلك
ويكون ايّام الخليفة الثالث مقرب ويوليه على مصر ويعطيه إياه مزرعة افعل بها ما تريد.
اضافة إلى جملة أمور جعلت الناس تنقم من هذه الأوضاع ولاسيما الصحابة المخلصين، فاجتمعوا جماعة منهم عمار بن ياسر والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله وسلمان الفارسي وكتبوا اعتراضاتهم على الخليفة فأخذها إليه عمار.
فسأله عثمان من كتب هذا؟ فأخبره بأسمائهم، فسأله : لما أنت متجرأ عليّ من بينهم.
فقال: كنت انصحهم لك. فقال له: أنت يا بن سمية-عند العرب قبل مقاييس الاسلام التسمية باسم الأم فيه فضاضة لجهتين:
الجهة الاولى : أن الحالة العربية تأنف من ذكر اسماء النساء والأمهات في مجالس الرجال.
والجهة الثانية: وهي الأكثر أنك ابن فلانة معنى ذلك أنك لا تنسب لأبيك.
فقال له عمار:أنا ابن سمية وابن ياسر.
وقيل أنه كان بينهما أخذ ورد ففي تلك الفترة ( في نفس الحادثة أو بعدها ) جاء نعي أبي ذَر الغفاري.
فقال بعض الحاضرين: رحمه الله، قال عمار: بشكل أقوى إن الله يرحمه من كل انفسنا وأعماق قلوبنا
قال الخليفة : أتظن أني ندمت على تسييره والله لألحقنك به ، فذكر ابا ذَر وبدأ يشتمه ثم أمر غلمانه أن يمسكوا بعمار وكان عمره آنذاك ٨٦ سنة ورموه أرضًا وقام الخليفة وداس على بطنه وظل يضربه إلى ان أصيب بالفتق، والأنكى من ذلك امر بترحيله للربذة ونبذه خارج المدينة.
وجاء فيما بعد بني مخزوم وأمير المؤمنين(عليه السلام) فتحدث اليه وقال: أكلما تحدث معك احد في شأن سيّرته خارج المدينة. فصار هناك شيء من النقمة على هذا الحادث .
عمار في زمن الإمام علي(عليه السلام)
وجاءت أيام أمير المؤمنين (عليه السلام) ليتنفس عمار الصعداء بعد هذا المسير المتعب والمنهك لما يقارب الـ 25 عاماً من زمن وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله:) إلى ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)، فهش لها عمار وبش واستبشر، ورأى أن الحق وصل لأصحابه ورجعت الخلافة إلى حيث ينبغي أن تكون. فشارك مع أمير المؤمنين (عليه السلام) بحماسة الشباب وهو في التسعين من العمر. فتألق عمار في هذه الفترة، وله أشعار تعبر عن انشراح صدره وخاطره في وصول الخلافة لأمير المؤمنين (عليه السلام) بعدما تأخرت كل هذه الفترة الزمنية الطويلة.
فشارك في حرب الجمل مشاركة فعالة ومهمة كما شارك في صفين ، وكان يقول: أن هذه الراية قاتلته ثلاث مرات يقصد راية معاوية وهذا الرابعة وليست هذه بأدون من تلك-بمعنى قاتلته في بدر وأحد والأحزاب والآن مع أمير المؤمنين (عليه السلام) هذا المعركة ليست أقل من تلك المعارك، فهي نفس المعركة ونفس الجبهة ونفس الجنود وكان في هذه المعركة عنوان للحق، لانه كما كان في حياته مقياس للحق مع أمير المؤمنين (عليه السلام) كانت شهادته عنوان ومقياس للحق كما قال عمار : قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله: آخر شرابك من الدنيا ضياح من لبن وتقتلك الفئة الباغية
فلما استشهد عمار وقتله أبو العادية من جنود معاوية،تذكر من كان في صفوف معاوية هذا الحديث.
فبعد استشهاد عمار وهو يناهز الـ ٩٤ عاماً تحيّد قسم من جيش بني أمية عن المعركة بسبب استشهاد عمار، فكانت هناك مشكلة في هذا الجيش إلى أن وصل الأمر بعبد الله بن عمر بن العاص وهو يعد في مدرسة الخلفاء من المحدثين المكثرين والمهمين، وكان من كتّاب الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد روى هذا الحديث وسمعه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله:) فجاء إلى والده عمرو بن العاص فقال: يا أبي ماذا نصنع بحديث تقتلك الفئة الباغية، هذا عمار قد قتل.
فرأى عمرو بن العاص أنها قضية فذهب لمعاوية،فجاء معاوية ووبخ عبدالله بن عمر توبيخ ،فقال له :أنت تروي الحديث ولا تزال ترحض في بولك.
نحن قتلنا عمار؟ لا لم نقتله،إنما قتله من اخرجه يعني (علي بن أبي طالب)
انفرجت المسألة عند عمرو بن العاص وبث في الناس: أيها الناس إنما مَن قتل عمار بن ياسر من أخرجه من بيته، فتبسم أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال: على هذا يكون الذي قتل حمزة بن عبد المطلب رسول الله (صلى الله عليه وآله).
مع الأسف هذا الكلام الذي قاله معاوية بن أبي سفيان بأن الذي قتله هو من اخرجه من بيته. يتكرر على مسامعنا حتى هذا اليوم، فلا زال هناك قسم من الناس يقول بأن الذي قتل الحسين (عليه السلام) هم شيعته لأنهم هم الذين دعوه للخروج .
على أية حال، الإمام علي (عليه السلام) بعد استشهاد عمار بن ياسر كان يرثيه وكان يتعجل الموت بعد شهادة هؤلاء وكان يبكي علانية .
و كان يقف على منبر الكوفة بعد صفين فيتذكر إخوانه فيبكي ويقول:
...أين إخواني الذين ركبوا الطريق، ومضوا على الحق، أين عمار وأين ابن التيهان، وأين ذو الشهادتين، وأين نظراؤهم من إخوانهم الذين تعاقدوا على المنية وأبرد برؤوسهم إلى الفجرة. ثم ضرب (عليه السلام) بيده على لحيته الشريفة الكريمة، فأطال البكاء، ثم قال: أوه على إخواني الذين قرأوا القرآن فأحكموه، وتدّبروا الفرض فأقاموه، أحيوا السنّة، وأماتوا البدعة، دعوا للجهاد فأجابوا، ووثقوا بالقائد فاتبعوه
وبالتالي فَقَدَ الامام علي مرافقا وأخا إيمانيا طول هذا المدة من بدايات ايمان عمار وإسلامه في بداية البعثة حتى شهادته في صفين ما يقارب الـ٤٤ سنة ، هذه رفقة عزيزة على أمير المؤمنين (عليه السلام) ثبت فيها عمار على النهج والاستقامة فحق له أن يحزن عليه ويرثيه ويبكيه. |