سنة النبي في اللغة والاصطلاح 1
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 1/9/1442 هـ
تعريف:

1/سنة النبي صلى الله عليه وآله في اللغة والإصطلاح

كتابة الفاضلة أم سيد رضا

قال سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وآله: (من رغب عن سنتي فليس مني).

نتحدث في هذا الشهر المبارك بإذن الله تعالى عما يرتبط بسنة نبينا المصطفى محمد صلى الله عليه وآله، وكنا في سنوات مضت قد تناولنا بعض ما يرتبط بالنبي، ففي سنة تحدثنا عن بعض أصحابه، وفي أخرى تحدثنا عن أعلام من أسرته، وفي سنوات سابقة تحدثنا عن سيرته صلوات الله عليه، وفي هذه السنة نسأل الله أن يوفقنا للحديث عن سنة رسول الله صلى الله عليه وآله، وسنة رسول الله هي سلم الوصول إلى رضوان الله تعالى من جهة وإلى السعادة والفلاح الدنيوي من جهة أخرى.

معنى سنة في اللغة العربية: الطريقة، سواء كانت طريقة محمودة أو غير محمودة يقال عنها سنة، فقد ورد في الحديث: (من سنَّ سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل عليها، ومن سنَّ سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل عليها)، فالسنة بذاتها ممكن أن توصف بالحسن وممكن أن توصف بالقبح والسوء، لأن أصل معنى السنة هي الطريقة والمسيرة.

معنى سنة في الإصطلاح: عند العلماء لها معنانٍ متعددة، فالمعنى الأول للسنة: تعني المستحب في مقابل الواجب، كأن تقول مثلاً صلاة الظهر واجبة ولكن غسل يوم الجمعة سنة أي مستحب، وعندما يعبِّر الفقهاء يتحدثون عن واجبات الصلاة وسنن الصلاة، واجبات الوضوء وسنن الوضوء، فأول معنى من المعاني هو أن السنة تعني المستحب في مقابل الواجب.

المعنى الثاني للسنة: هو ما يقابل البدعة، فهناك بعض الأعمال عندما تنسب إلى الدين يكون لها دليل وارد إما من القرآن الكريم وإما من أقوال رسول الله صلى الله عليه وآله، فيقال أنها سنة ليست مبتدعة ككثير من المستحبات والأغسال الواردة من الشريعة، ولكن إذا نسب إلى الدين شيء ليس منه وقيل أنه من الدين، يقال حينها أن هذا بدعة، فعندنا في الإمامية أن صلاة النوافل جماعة هي بدعة وليست سنة فلم تثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله ولم تأتي في القرآن الكريم ولهذا يقال لها بدعة، وتارةً أيضاً يريد أن الإنسان أن يعمل أعمال من عند نفسه فإذا نسبها إلى الدين فتصبح ابتداع، كأن يقول أحدهم مثلاً أنه يريد أن يصلي ثلاث ركعات استحباباً، فيقال له أنه إذا نسب ذلك للدين فهذا ابتداع لأنه لم يأتِ به خبر ولم يؤيده دليل، ومن ذلك جعلت الصلوات جماعة بدعة مع أنها نافلة وإن وصفت على لسان بعضهم بأنها بدعة حسنة ولكنها بدعة، فإذاً في مقابل السنة البدعة بمعنى أنه ما لم يأتِ عليه دليل شرعي فهذا من البدعة وفي مقابله ما جاء الدليل عليه فهو سنة.

المعنى الثالث للسنة: هو ما ثبت من الأحكام بإخبار نبينا المصطفى محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فإننا نعلم مثلاً أن بعض الواجبات العبادية وبعض الشروط في الواجبات ورد ذكرها في القرآن الكريم، وهناك بعض الواجبات أو تفصيلها إنما وردت على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله، ففي الحج مثلاً نجد أن أصل الطواف وارد عندنا في الآيات المباركة: ((وليطوفوا بالبيت العتيق))، لكن كيفيات وواجبات الطواف والسعي لم تأتِ في القرآن الكريم وإنما جاءت على لسان وفعل رسول الله صلى الله عليه وآله، مثل أن يكون سبعة أشواط وأن تكون الكعبة على يسار الإنسان الطائف وأن يكون هناك وضوء في الصلاة فكل هذه الأمور من العدد والكيفية وشرط الطهارة لم تأتِ في القرآن الكريم وإنما جاءت في حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

ما جاء في القرآن الكريم يطلق عليه فريضة، وما جاء في كلام رسول الله وإن كان واجباً كوجوب الطواف سبعة أشواط ووجوب الطهارة قبل الطواف، ولكن هذه إنما جاءت بإبلاغ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فتسمى سنة لأنها جاءت من خلال السنة لا من خلال القرآن الكريم.

مثال آخر وهي الصلاة، فقد ورد وجوبها في القرآن الكريم وأيضً ورد أصل قراءة القرآن في الصلاة كما في قوله تعالى: ((فاقرؤوا ما تيسر منه))، ورد أصل موضوع الركوع: ((واركعوا مع الراكعين))، ورد أصل القيام: ((وقوموا لله قانتين))، ولكن تفاصيل هذه الواجبات كوجوب قراءة سورة الفاتحة في الصلاة فإن هذا ما ثبت إلا من خلال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما جاء في الحديث: (لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب) فتبين هنا أن فاتحة الكتاب واجبة في كل صلاة، وأيضاً التشهد والتسليم فهي واجبات ولكنها لم تأتِ بالقرآن الكريم وإنما جاءت بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إذاً فإن الشيء الذي جاء بالقرآن الكريم في العبادات يطلق عليه فريضة، والشيء الذي جاء وجوبه وبيانه من خلال كلام رسول الله صلى الله عليه وآله أو فعله فهذا يقال له سنة أي أنه ثبت بالسنة ويترتب عليه آثار فقهية أيضاً، فما ثبت بالكتاب ويسمى الفريضة فإن تركت سهواً أو عمداً أو جهلاً فإنه لا يُقبَل، كالصلاة بدون طهارة، حتى لو كانت ناسياً أو جاهلاً فإنها لا تصح ويجب إعادتها لأن هذا التشريع إنما جاء بالكتاب في قوله تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق))، لكن التسليم والتشهد والفاتحة والأذكار مثلاً حيث أنها إنما ثبتت بالسنة أي بكلام رسول الله صلى الله عليه وآله، فو أنها نُسِيَت لا تبطل الصلاة، إذاً فإن أحد الفروق بين ما سمي بالفريضة وبين ما سمي بالسنة هو أن ما ثبت بالقرآن لا مجال فيه للمراجعة لو أصبح به خلل، ولكن ما ثبت بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله إن لم يأتِ به من غير عمد كالنسيان أو الغفلة فهنا من الممكن أن يصحح عمله، وهذا ينطبق على الكثير الكثير من تفاصيل العبادات، لأن أكثر تفاصيل العبادات إنما أخبر عنها نبينا المصطفى محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

المعنى الرابع للسنة: هو أن سنة رسول الله صلى الله عليه وآله هي ما صدر عنه من قول أو فعل أو تقرير، فالقول هو أوامر النبي ونواهيه كما جاء في حديث عنه صلى الله عليه وآله وسلم يروي معناه الفريقان: (ما من شيء يقربكم من الجنة إلا وقد أمرتكم به) مروي عندنا في الكافي ومروي عندهم أيضاً في مصادر الخلفاء، فأقوال رسول الله صلى الله عليه وآله منها ما هو واجب ومنها ما هو مستحب ومنها ما هو حرام ومنها ما هو مكروه، وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وآله عن تفاصيلها في العبادات والمحرمات والأخلاق والنوافل والأنظمة والتشريعات والمعاملات، فهذه كلها جزء من سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وهي أقوال النبي والتي سوف تنعرض إليها بشكل عام خلال هذه الليالي.

القسم الآخر هو أفعال رسول الله صلى الله عليه وآله، فنفس فعل رسول الله هو سنة من السنن، فإن فعل رسول الله لشيء يدل قطعاً بأنه ليس بحرام لأن رسول الله لا يمكن أن يفعل شيئاً محرماً، فيتردد أمره بين أن يكون مباحاً أو مستحباً أو واجباً، فإذا كان الرسول صلى الله عليه وآله في صدد التعليم للتشريع وبيان الأحكام فهنا نلغي موضوع المباح كما قال صلوات الله عليه: (خذوا عنِّي مناسككم) أي أن هذه أحكام شرعية إما أن تكون مستحبة وإما أن تكون واجبة، وقوله أيضاً: (صلوا كما رأيتموني أصلي) فهي ضمن هذا الإطار فبعض الأفعال في صلاته تكون واجبة وبعضها مستحبة والفقيه فيما بعد ذلك يجتهد لكي يميز هذا الفعل من أنه واجب أو أنه مستحب.

قسم آخر أيضاً هو تقرير رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أي صمته وسكوته على شيء يقضي على أن هذا الشيء فعله ليس بحرام، كما لو أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأى شخصاً يعمل عملاً من الأعمال كأن يصلي بكيفية خاصة أو يطوف بكيفية خاصة وأمام عين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن النبي لم يغير عليه ولم ينهه عن فعله أو لم يصحح له عمله فهنا يتبين أن هذا الفعل وهذا العمل هو عمل مشروع وجائز ليس ممنوعاً، إذاً فإن سنة رسول الله صلى الله عليه وآله هي قول النبي وهي فعله وتقريره.

هل أن النبي صلى الله عليه وآله تحدث عن سنته وقال أن هذه هي سنتي؟

الجواب هو: نعم، فهناك الكثير من الروايات والأحاديث عن النبي أعطت عناوين عامة عن سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لأنه قال: (من رغب عن سنتي فليس مني)، وقد تحدث عليه الصلاة والسلام عن سنته ضمن عناوين رئيسية وتحدث أيضاً في أحاديث تفصيلية، نتحدث هذه الليلة إلى بعض العناوين الرئيسية التي تتصف بها سنة رسول الله صلى الله عليه وآله.

أول ما نلاحظه في سنة رسول الله صلى الله عليه وآله هو ما يرتبط بالأمر العقائدي، فالسنة ليست فقط بها مستحب وواجب بل دائرتها أوسع من ذلك، ولذك عندنا حديث رواه الشيخ الصدوق محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي أعلى الله مقامه، المتوفى سنة381 للهجرة وقد ذكرنا سيرته في سنوات مضت، فهو محدث من المحدثين العظام  وله أحد الكتب الأربعة التي يعتمد عليها الإمامية وهو كتاب (فقيه من لا يحضره الفقيه) وله فوق ذلك أيضاً ما يقارب سبعين عنوناً من الكتب الأساسية في الثقافة الدينية الإمامية منها (كمال الدين وتمام النعمة) في العقائد، وكتاب (الخصال) في الأخلاقيات وهو من الكتب المهمة جداً، ولديه أيضاً من الكتب التي ترتبط بالأعمال الأخروية والثواب والعقاب (ثواب الأعمال وعقاب الأعمال)، وعنده كتاب (الأمالي) ومعنى الأمالي هو أن يجلس الشيخ أو العالم ويملي على من يستمع إليه وأولئك يسجلون، وفي هذا الكتاب (الأمالي) يقول الشيخ الصدوق هذه الرواية: (من دان بديني وسلك منهاجي واتبع سنتي فليدن بتفضيل الأئمة من أهل بيتي على جميع أمتي، فإن مثلهم في الأمة مثل باب حطة) فمن جملة سنة رسول الله واتباع سنته هو أن يتعبد الإنسان بأن أهل بيت رسول الله هم أفضل من جميع الأمة، فهم مثل باب حطة كما جاء في قوله تعالى: ((وادخلوا الباب سجداً وقولوا حطة نعفر لكم خطاياكم))، أي أنهم يدخلون هذا الباب ويقولون حطة بمعنى حُطَّ ذنوبنا يا رب وأنزلها من أعناقنا وأكتافنا ولذلك سمي باب حطة، فبعض الذين كانوا في هذا وأمروا بهذا الأمر استهزأوا بذلك وقالوا حنطة خير من حطة، فلم يُغفَر لهم لأنهم عصوا أمر نبيهم الذي كان طريقاً إلى رضوان الله عز وجل، فأيضاً هنا من استهزأ بموقع أهل البيت النبوي في هذه الدنيا ولم يقبل ولايتهم وإمامتهم وقربهم من الله عز وجل فهو كمن استهزأ بحطة، إذاً فالذي يتمسك بهم ويأخذ قولهم ويفضلهم على غيرهم فهذا يستحق المغفرة والتوبة.

بل أكثر من هذا أنه ذُكر في سنة رسول الله صلى الله عليه وآله أن علي عليه السلام هو الذي يقاتل على سنتي، ففي حديث طويل جاء فيه: (أنت تقاتل على سنتي)، أي أنه إذا كان الآخرون يقاتلون من أجل مصالحهم ومنافعهم الشخصية وحكوماتهم فإنك يا علي تقاتل من أجل سنتي، فهذا ما يرتبط بقسم من وصف هذه السنة بأنها تمتد لتشمل الموضوع العقدي.

الصفة الثانية من هذه السنة هي أنها سنة التوازن، بمعنى أنه لا يغلب في هذه السنة جانب على جانب، كأن يقول شخص أنه فقط يريد أن يصوم النهار ويقوم الليل ولا يريد شيئاً من هذه الدنيا، أو أن يقول أنه يريد أن يترك النساء أو أن تترك امرأة الزواج لتتفرغ لقراءة القرآن والعبادات والأذكار، فهؤلاء نقول لهم بأن هذه ليست سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد ورد في مصادر الفريقين (مدرسة الخلفاء ومدرسة أهل البيت) بألفاظ مختلفة وردت حادثة أو أكثر بعبارات مختلفة وبجوهر ومعنى واحد، فبعضها تقول (بأن هناك امرأة جاءت إلى احدى زوجات رسول الله صلى الله عليه وآله فرأتها متعطلة متبذلة فتعجبت منها، ولما سألتها زوجة النبي قالت لها: لِمَ أصنع وزوجي صائم النهار وقائم الليل)، وبعض الروايات الأخرى تقول (بأن ثلاثة من المسلمين تعاقدوا فيما بينهم فقال أحدهم: أما أنا فأصوم الدهر، وقال الثاني: أما أنا فأقول الليل ولا أنام في الليل أبداً، وقال الثالث: أما أنا فأعتزل النساء ولا أمارس شهوتي الجنسية، فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دعا بالناس للصلاة جامعة، فلما اجتمعوا قال لهم: أما إني لأَعبَدَكُم لله وأَخشَاكم لله وإني أصوم وأفطر وإني أصلي وأرقد وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني).

هنالك من يرغب في الشيء وهنالك من يرغب عنه، فعندما نقول في الزيارة: (اللهم إني قد تعرضت لزيارة أوليائك رغبة في ثوابك ورجاء مغفرتك) فهنا رغب في، فلما تصبح رغب عن فسينقلب المعنى بالكامل ويصبح انصرف عن ذلك الشيء أي مستخفَّاً بذلك الشيء ومخطئاً له، وأيضاً ليس كل انصراف أو ترك يسمى رغبة عن الشيء، فمثلاً لو أن إنسان لم يصلي صلاة الليل فهذا ترك سنة من سنن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولكنه ليس راغباً عنها، ولكن البعض قد يترك صلاة الليل ويقول بأنها لا فائدة منها ولا قيمة فهنا يقال (رغب عنها) أي تركها مع توهينها وعدم إعطائها قيمتها، ولذلك فمن رغب عن سنة رسول الله فليس من رسول الله ورسول الله بريء منه، إذاً فإن هذه السنة هي سنة التوازن، والذي يترك السنة راغباً عنها فهو مبتدع. 

جاءت امرأة إلى أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام وقالت له أني امرأة متبتلة، فقال لها: وما التبتل عندك؟، قالت: إني أترك الزواج، فقال لها الإمام الصادق: اعزبي، فلو كان فيه من الفضل لفعلته فاطمة بنت محمد فإنه لا يسبقها أحد بفضل) أي أنه لو كان التبتل وترك الزواج والعزوف عنه والإنشغال فقط بالدعاء والمناجاة والقرآن لو كان في هذا فضل لكانت فاطمة أولى به والحال أنها لم تفعل ذلك، بل تزوجت وأنجبت وأنشأت تلك الأسرة التي خدمت الأمة، إذا فإن الصفة الثانية لهذه السنة هي التوازن.

أيضاً من صفات سنة رسول الله صلى الله عليه وآله هي أنها واجبة الإتباع، وسيأتي ان شاء الله حديث بأنه كيف تم تعطيل سنة النبي قديماً وحديثاً وبأي مبررات، فقد قُدِّمت مبررات خاطئة بحيث حُيَّدت سنة النبي ثم عُطِّلت بعد ذلك من العمل، سنتحدث ان شاء الله بشكل مفصل عنها.

إذاً فإن سنة النبي واجبة الإتباع، كما جاء في حديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله في مصادر شيعة أهل البيت يقول: (ما وجدتم في كتاب الله فالعمل به لازم لا عذر لكم في تركه، وما كانت فيه سنة مني فلا عذر لكم في ترك سنتي) أي أن القيمة التشريعية لكلام رسول الله وفعله وسنته الثابتة عنه تساوي القيمة التشريعية للقرآن الكريم، وهذه ليست لفترة معينة بل ما كان من سنة رسول الله صلى الله عليه وآله هو متجاوزٌ للزمان، فهناك بعض الأشياء واضح منها بأنها قضية في واقعة كقضاء بين شخصين أو تدبير لأمر معين من الزمان فقد تحدث عنها العلماء وذكروا كيفياتها وقرائنها، ولكن إذا كانت كما هو الأصل في سنن رسول الله وأوامره ونواهيه فإنها عامة وشاملة وعابرة للأزمان، لذلك في الحديث عنه صلوات الله وسلامه عليه كما ورد عن أبي جعفر الباقر عليه السلام أنه قال: (قال رسول الله: أيها الناس حلالي حلال إلى يوم القيامة وحرامي حرام إلى يوم القيامة، ألا وقد بينهما الله عز وجل في الكتاب وبينتهما لكم في سنتي وسيرتي) والجميل هنا بأن هذا من الأحاديث التي يُفتَرَض أنه حجة حتى على أتباع مدرسة الخلفاء لأن عندهم أن الباقر من الممكن أن يروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأنه لقي جابر بن عبد الله الأنصاري، فطريقه إلى النبي عندهم طريق وسند متصل.

لذلك يجب العمل بسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بحيث من لم يعمل بها كان مستحقاً لعقوبة والمؤاخذة في الدنيا قبل الآخرة، ولهذا وجدنا حتى الإمام الحسين عليه السلام وهو خير من يمثل سنة جده رسول الله فقد كان يحتج على الجيش الأموي ويقول لهم: (بم تقاتلونني؟ أعلى سنة بدلتها أم على شريعة غيرتها أم بمال لكم استهلكته أم بقتيل لكم قتلته؟)، ويعني بان الذي يغير سنة رسول الله وشريعته فإنه مستحق للمؤاخذة والعقوبة، وحاشى أبي عبد الله الحسين عليه السلام أن يفعل ذلك وإنما قال: (إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي) أي أريد أن أسير بسيرة جدي وأبي فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، فالإمام عليه السلام يحتج عليهم بأنه لم يغير سنة ولم يبدل شريعة، وفي هذا تعريض لبني أمية بأنهم هم الذين غيروا شرائع الدين وبدلوا سنة رسول الله صلى الله عليه وآله عندما أجابوه: بل نقاتلك بغضاً منا لأبيك وما فعل بأشياخنا يوم بدر وأحد وحنين.


مرات العرض: 3414
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (0) حجم الملف: 48999.98 KB
تشغيل:

مع الامامية في آرائهم وأفكارهم
كيف تحدث القرآن عن سنة النبي 2