بيوت الناس والأدب الاجتماعي
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 29/2/1439 هـ
تعريف:

بیوت الناس والأدب الاجتماعي


تفريغ نصي الفاضلة فاطمة الخويلدي

يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى  تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خيرٌ لكم لعلكم تذكرون

 هذه الآية المباركة توجيهٌ إلهيٌ فيما يرتبط بالأدب الإجتماعي والتعامل مع بيوت الآخرين الإستئناس هنا يفسر بأحد نحوين
النحو الأول الإستئناس هو عبارة عن تحري  أنس صاحب المنزل  بمجيئ هذا الزائر إليه  وبعبارة أخرة بناءاً على هذا المعنى من أراد أن يدخل بيت أحدٍ  فإن عليه أن يفكر هل أن صاحب البيت يرحب بمجيئي  يأنس  بي يرتاح إلى حضوري  أو أنه يتضايق أو أنه لا يرحب أو أن مثلاً عدم الترحيب  عدم الإستئناس  من قبل صاحب البيت إما لوجود علاقة سيئة بيني وبينه  فهو لا يريد ولا يحب أن آتي إلى منزله أو لا  قد لا يكون الأمر بهذا النحو ولكن إما لأن الوقت غير مناسبٍ أو  حال الشخص الآن غير مساعد فهو يرحب لو كان في أوقاتٍ أخرى  ولكن لنفترض أنا من أهل السهر نصف الليل طلع في رأسي أني أزور فلان الذي  هو من أهل نوم الساعة عشرة ونص  هذا وإن كنت صديقاً له  وبيني وبينه علاقة حسنة لكن هذا الوقت بالنسبة له وقتٌ مزعج لا يأنس  بي في هذا الوقت لو كنت آتي له في وقتٍ آخر  كان يتلاقني بالأحضان فتوجه عدد من المفسرين  بقول أن الإستئناس هنا أن يتحرى الزائر والذاهب إلى منزل  أخيه من المؤمنين أن يتحرى إستئناس ذلك الطرف بمجيئه  إذا لم يكن يرحب لم يكن يرغب لم يكن يرتاح فلا ينبغي  لهذا الإنسان أن يكلف ذلك الطرف فوق طاقته  وحتى تستأنسوا بمعنى أن يكون  قبول عند صاحب البيت بمجيئكم له   وليس  في وقت سيئ وليس في حال غير حسن وهذا  فيه تعليم جميل لا سيما في هذه الأزمنة   الكثير من الناس في هذه الأزمنة نظام حياته لا يسمح إنك  في أي وقت تدق الباب وتدخل عليه  هو منظم حياته  بشكل معين عمله  يمتد إلى وقت وقت إستراحته معين وهو يتقبل في وقتٍ خاص  لا أستطيع ان أذهب له في أي وقت لأن لدي حاجة فأنا أذهب له وقت  ما أشاء وكما قالوا
 صاحب  الحاجة أعمى  إلا عن حاجته
يقول لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا 
تجدون منهم أنساً إستقبالاً قبولاً  رغبةً في أنكم لو ذهبتم إليهم تخاطبه هاتفياً  هل عندك فرصة الآن  آتي لك أو الوقت المناسب لك ما هو حتى يستعد لهذا الأمر

قسم آخر من المفسرين قالوا حتى  تستأنسوا  يعني حتى تستأذنوا  ليس الجهة النفسية وأنه هل هو راغبٌ أو غير راغب  مرتاح ام غير مرتاح يقبل مجيئي او لا يقبل وإنما  إستئذان من أجل ترتيب قضية   الدخول على هذا المنزل ولا افاجئه مرة واحدة يراني على باب الدار مرة واحد يراني  على رأسه واقف لا
فليستئذن  الإنسان فإن أجيب بالإذن كما ورد عندنا  الإستئذان ثلاث مرات يطرق الباب ويخبر عن نفسه  فإن رد عليه وإلا كررها فإن رد عليه  وإلا إنصرف  ولا يبقى يدق الجرس أو يطرق الباب  إلى أن يلعب بأعصاب صاحب البيت فالرأي  الثاني ليس جهة نفسية وإنما جهة تنظيمية ترتيبية
 حتى تستأنسوا  يعني حتى تستأذنوا عليهم   بعد هذا وتسلموا على أهلها يعني تلقوا التحية عليهم ذلكم خيرٌ لكم
لاحظ أن القرآن الكريم هنا يقول هذا خيرٌ لك أنت وللناس نفسك أنت الذي  سوف تستئذن  نفسك أنت الذي سوف تستأنس وتفتش عن رغبته هذا خيرٌ لك لماذا خيرٌ لك؟ لأنه إذا صار نظام وقانون إجتماعي  بهذا الشكل سوف ينفعك وينفع غيرك مثل ما أنت لا ترغب في زيارة أحد نصف الليل أو الفجر   أو وقت إنشغالك وقت راحتك مع أهلك وقت إنفرادك مع عائلتك مثل ما أنت لا ترغب في ذلك غيرك أيضاً   لا يرغب بهذا فإذا حصل  نظام إجتماعي لك وعليك كما ينتفع به الآخرون أنت أيضاً تنتفع به وهذه ميزة القوانين  الإجتماعية والتي ينبغي أن يكون باعثاُ على إحترامها الآن القوانين التي توضع  إشارة المرور صحيح تعطلك الآن دقيقة واحدة ولكن تنفعك في دفع الضرر عنك  وفي وقت آخر أيضا  الآخرون لا يأخذون الطريق عليك وإنما يقفوا حيث توقفهم  الإشارة القصاص مثل ما يمنعك عن الإعتداء  يمنع غيرك عن الإعتداء عليك  وهذه فائدة القوانين الإجتماعية ولذلك ترى الحديث 
 ولكم  في القصاص  حياة يا أولي الألباب ذلكم خيرٌ لكم لعلكم تذكرون

تتفكرون في مثل هذه القوانين  وهذه الأنظمة  وإنها وإن حجبتك لبعض الوقت إلا إنها نافعة  لك أنت أنا أريد أن أذهب لهذا الرجل الآن لدي حاجة عنده وأعرف بيتهم خلاص بسم الله الرحمن الرحيم
لا يقول لك إستأنس  إستأذن تأمل  لأنه يوم آخر أنت ممكن تتورط مع رجلٌ آخر أنت مريض تعبان منهك  يأتي لك واحد بنفس الطريقة ويبقى يدق عليك إلى أن يخرجك من قعر بيتك   إذا لاحظت الفئات الإجتماعية مثل هذه القوانين كلها إنتفعت وكلها إستفادت  هذا من جملة القوانين التي ترتبط بإمور بيوت الآخرين  يفتح لنا هذا باب حول موضوع البيت .

البيت بالنسبة للإنسان نفسه بيت الإنسان  نفسه بيت الآخرين البيت المادي البيت المعنوي كل هذه ترتبط بهذه اللفظة لفظة بات يبيت بيت علماء اللغة يقولون بات ويبيت هي عبارة عن  الإنشغال ليلاً بعملٍ أو سكنى النهار  ما يصير أن يقال بات يصنع كذا لازم  يكون في الليل في القرآن الكريم عندنا
يقول
والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً 

  يبيتون يعني هذا شغلهم في الليل لو أن إنسان سجد وقام في أثناء النهار لا يقال  بات يقال ضل ساجداً وقائماً وقاعداً لكن إذا  صار في الليل يقال بات وقد ورد ذاك في قضية أصحاب الحسين  عليه السلام  في ليلة العاشر وبات أصحاب الحسين ليلة العاشر  وهم ما بين قائمٌ وراكعٌ وساجدٌ يعني تلك الليلة وليس بالضرورة يكون العمل جيد أحياناً  يكون عمل سيئ المهم يحصل في الليل كما ورد في القرآن
يبيتون  مالا يرضى من القول
جماعة من المسلمين المنافقين كانوا   في الليل يعقدون إجتماعات  ويتآمرون على رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى دولته هؤلاء  يبيتون  على مالا يرضى من القول حتى من يطلع الصباح يبدأون بتنفيذه هذا أصل  اللفظة وورد في قضية المبيت حق المرأة في المبيت   إن الإنسان المتزوج إذا كان له أكثر من زوجة فللزوجة  حق المبيت معها  على إختلافٍ بين الفقهاء الرأي المشهور إذا كان عنده  أكثر من زوجة بمعنى زوجتين يبيت مع هذه ليلة ومع تلك أخرى  إذا ثلاث بهذا الترتيب  يبيت يعني في الليل ليس لها شغل  في النهار معه يعني لا تستطيع الزوجة  أن تقول له مثلاً ما دام الليلة ليلتي  إذن تقول له من الفجر إلى المغرب  أنت عندي لا ليس هكذا وإنما   فقط المبيت يعني النوم ليلاً عند تلك الزوجة والمبيت لا يعني الممارسة الجنسية  أيضاً  وإنما ليكون في المنزل  فربما تكون الزوجة معزورة شرعاً وقد يكون هو معزوراً عرفاً لكن يجب عليه أن يعدل بين زوجاته بحيث يكون  في بيتها في الليل  فهذا أصل  اللفظة  والإشتقاق من بات يبيت  منه أخذ عنوان البيت .البيت إذا لم يلحق بأي شيئ في النصوص الإسلامية  إشارة إلى بيت الله الحرام
إذا لم يلحق بشيئ مثل بيت فلان البيت الكذائي البيت الكبير وغير ذلك  إذا لم يلحق بشيئ وقيل البيت فالمقصود منه الكعبة المشرفة  وما حولها من المسجد

وإذ بوأنا لإبراهيم مكان  البيت من دون أن يقول شيئاً خلفه هذا البيت هو إشارة إلى بيت الله الحرام وإذ جعلنا البيت  مثابة للناس وأمناً

 أيضاً نفس الشيئ فإذا أطلقت كلمة مثل البيت في القرآن الكريم فإنها تشير إلى بيت الله الحرام  وأما إذا لم يكن في هذا الصدد فهو عبارة  عن مكانٍ يبيت فيه  الكائن  الحي  ليس شرطاً أن يكون إنساناً  الكائن الحي الذي يحتاج إلى  مكانٍ يبيت فيه هذا يسمى بيت فقد يكون لحشرة  مثل النحل فأوحى ربك للنحل أن أتخذي  من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون

فجعل  هذه الخلية السداسية بالنسبة لها تعتبر بيت بهذا المقدار التي تبات فيه وتأوي إليه   أو العنكبوت وإن أوهن البيوت  لبيت العنكبوت أيضاً مع أن ظاهره  هو عبارة عن خيوط مرسومة بشكل معين ولكن هذا يعتبر  بالنسبة   لها  بيتها الذي تبيت فيه  وهكذا بالنسبة إلى سائر الحشرات والحيوانات  بالنسبة للإنسان أيضاً بيتٌ له هو ذلك الذي يحتضنه ويبيت فيه يقول القرآن الكريم مخاطباً أزواج نبينا محمد صلى الله عليه وآله
وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى

البيوت التي أعدها لكن رسول الله صلى الله عليه وآله وهي عبارة عن  حجر يعني حجرة مع شيئٌ من الملاحق  الخاصة بها لا إنه بيت طويل عريض كلهن في  بيتٍ واحد ولكن لكل زوجة كان قسمٌ تختص به   هذا البيت المادي الذي يتحدث عنه القرآن الكريم والذي هو معروف  عند بني البشر أيضاً هناك غير هذا البيت وهو البيت المعنوي بمعنى الأسرة التي ينتمي إليها الإنسان  وتحضنه يقولون هذا من بيت فلان من بيت النبوة  من بيت الشخصية الفلانية من بيت الخلافة من بيت فلان   هذا ليس بيت  بمعنى الجدران والغرف  وقد ورد في القرآن الكريم في بيوتٍ أذن الله  ترفع ويذكر فيها إسمه 

ليس المقصود منها هذه البيوت  الجبسية أو الأسمنتية أذن أن ترفع لا  يعني  يتعلى الجدار ماله وإنما المقصود  ذلك البيت المعنوي الأسرة العائلة الشجرة التي يلمها  نسبٌ واحد  وضعٌ إجتماعيٌ أو دينيٌ واحد وقد سأل بعض المسلمين رسول الله صلى  الله عليه وآله  في بيوتِ إذن الله ان ترفع ويذكر فيها إسمه

قال هل بيت  فاطمة وعلي منها قال بلى هو من أعلاها تلك البيوت التي تستحق الإحترام والتكريم  وفيها يذكر إسم الله عزوجل  فيها يذكر القرآن  الكريم في بيوتٍ إذن الله أن ترفع ويذكر فيها إسمه هذه فيها رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع وإنما هم مشغولين بأمر ربهم  سبحانه وتعالى فهذا البيت بالمعنى المعنوي وليس المادي وقد ورد في  الحديث عن مولانا الإمام الكاظم عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله   إن إصطفى من البشر أربعة بيوت ثم قرأ الآية المباركة
 إن الله إصطفى آدم ونوحاً  وآل إبراهيم  وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض  والله سميعٌ عليم بطبيعة الحال فإن  آل محمد صلى الله عليه وآله هم من آل إبراهيم الذين إصطفاهم الله سبحانه وتعالى وجعل فيهم النبوة وجعل فيهم  الرسالة بل خاتمية الرسلات بالإضافة إلى أنه جعل فيهما الإمامة بعد الرسالة  فهذه البيوت بيوت معنوية قد يكون البيت بيت الشخص نفسه وهذا يحتاج له آداب وطرق وأحكام  خاصة وقد يكون بيت الآخرين بالنسبة إلى البيت  الذي يرتبط بالإنسان نفسه هذا فيه جملة من الأحكام ما بين واجبٌ ومستحبٌ نشير إلى بعضها بالمقدار الذي يتسع إليه الوقت أولاً من المستحب أن يتخذ الإنسان بيتاً  متناسباً مع حاجته وقدرته المادية لعلى قسم من الناس  يقول إنه نحن مأمورون أن نتخذ الدار الوسيعة فما دام الدار الوسيعة توسع قد ما أنت تستطيع هذا لابد له من تقيد بسائر الروايات  حتى  ننتهي إلى هذا المعنى أن المناسب للإنسان المستحب للإنسان أن يتخذ له بيتاً  متناسباً مع حاجته ومع قدرته المادية  وأن يتوسع فيه بهذا المقدار فلو أن إنساناً أتى وقال أنا أريد الدار الواسعة لأنه مستحب   هذه الدار الواسعة أكثر من حاجتك يعمل فيها ثلاثة مجالس أربعة مجالس وهو يمكن تمر  ثلاث سنوات لا يأتيه ضيف واحد هذا يكون من مصاديق الإسراف  أتي أحد المسلمين إلى حاكم من الحكام في الزمن الأول  فطلب منه سبعة آلاف خشبة  والتي نسميها بالكندلة  أي المربوعة كما يسمونها  الآن سبعة آلاف فقال له ماذا تصنع بها فقال أريد أن أبني بيتاً في البصرة  سبعة آلاف أنت تصور سبعة آلاف خشبة من هذا النوع   فقال له ذلك الحاكم  متظارفاً تريد أن تبني بيتك في البصرة أو تبني البصرة في بيتك  هذا المقدار من الخشب ليس لبناء بيت شخصي وإنما لبناء ملعب   ماذا تصنع  به  الإنسان من المناسب أن يظهر نعمة الله سبحانه وتعالى  عليه وأول ما يظهر ذلك في بيته في إنفاقه على عياله وأهله في طعامه وشرابه في ملبسه وملبس عياله  وأهله هيئته  وفي إنفقاته  على الأمور الدينية 
   وأما بنعمة ربك فحدث  هذا وأكد من المجالات فيها ولكن هذا أيضاً مؤطر بإطار ليس مفتوحاً للأخير  تبني لك بيت أعرف أولاً حاجتك فيه ثم قدرتك عليه حاجتك  فيه بيت واسع مناسب ترتاح فيه تسترخي يعينك على طاعة ربك يجد فيه أبناؤك وأهلك  متسعاً من المساحة لا يعيشون الضنك والضيق فيه    لكن أنت إذا ذهبت خلف هذا الموضوع بلا حساب واصبحت المقايس بآلاف الأمتار ذاك الوقت  أي راحة أنت تشعر فيه قسم من الناس لا يدركون هذا المعنى يوصل إلى نصف البيت فيعجز عن إكماله  لأنه لم يلاحظ لا حاجته ولا قدرته  فبنى شيئاً أضعاف حاجته     وأمراً لا يستطيع له مع ماله الموجود ولا حتى بالإقتراض  فتراه بدل أن يكون بيته مصدر راحته وإستقراره تراه  ثلاثين سنه وهو يركض  بلا توقف من أجل أن يسدد هذه الديون طيب أنت ضيعت زهرة عمرك بلا إسترخاء بلا راحة    فقط كنت تركض من أجل أن تسدد الديون  هذا هل هو عملٌ عاقلٌ هل هو فعلٌ حكيمٌ  لهذا الإنسان أو أنه لا يأتي ويقدر حاجته تارة أنا والله إنسان إجتماعيٌ عندي معارف كثيرة  تأي إلي لو إتخذت مجلساً  واسعاً مناسباً هذا طبيعي مرة أكون أنا إنسان لا  طبيعتي الشخصية ليس خلق على الناس  ولا وضعي الإجتماعي معد لهذا الأمر أحيانا لا يدخل في منزلي  بالسنة أي شخص فماذا يعني أنه أنا لازم اتوسع في المجالس و  في تزينها وما شابه ذلك هذا أنت  تبني ولا تلاحظ حاجتك أنا إنسان في النصف الثاني من العمر  وليس لدي عيال  الأولاد  كبروا وتزوجوا البنات كبرن وتزوجن   خلاص فقط يوم الجمعة يأتون  لزيارتنا أنا أجي وأعمل  لي حسب التعبير فندق من الغرف في هذا البيت لماذا؟ هذا لم يلاحظ حاجته  وسيضطر إلى أن يقضي  وقتاً من عمره في تسديد ديونه هذا أغلب الناس
 نعم  فيه قسم من الناس وهم القلة لديهم وفرة مالية لا يعيشون مثل هذه الحالة ولكنهم قليلون  ولا يقاس عليهم ضمن هذا الإطار إطار الحاجة من جهة والقدرة   من جهة أخرى يستحب للإنسان أن يتخذ داراً واسعةً مناسبةً  وألا  يكون أسيراً   لأفكارٍ سيئة  وغير  صحيحة في التضيق على نفسه وعياله
أتى رجلاً للإمام الصادق عليه السلام يشتكي له مشكلة يقول له أنا  عندي عيال في البيت والبيت حقنا يضيق بنا لا نستطيع أن نتحرك فيه متعب ومزعج  لأنه في وسط البلد فقال له  الإمام  فلما أنت جالسٌ فيه إذا أنت تملك أمولاً إذهب   واشتري لك  داراً أخرى بيت آخر تلبي حاجتك  وغرضك وعندك وفرة مالية في هذا قال لأن والدي اخذه فقال له إذا كان والدك  على خطأ في هذا الأمر  أنت تتبعه  والدك إما لم يكن لديه نقود  فأتخذ هذا البيت أو  كان في زمانه هذا البيت مناسباً وجيداً أو  أنه لم يكن يحتاج إما ليس لديه نقود أو  هذا البيت في ذاك الزمان   قبل أربعين خمسين سنة يعتبر من البيوت المناسبة أو لم يكن بحاجة  ليس لديه عيال  كثر أنت تقول  تعيش فيه الضيق والأولاد يتضايقون منه  مالذي يجعلك تبقى فيه هذه مسألة أن والدي اتخذه وريحة والدي فيه   وريحة الوالدة وما شابه ذلك حتى  تضيق على نفسك وتضيق على أهلك وعيالك هذه فكرة لا تتمتع بمصداقيةٍ أبداً ولكن كما قلنا  كله في ضمن إطار الحاجة والقدرة يستحب للإنسان أن يتخذ  الدار الواسعة ضمن هذين الإطارين
الأمر الآخر إذا إتخذ  هذه الدار يستحب للإنسان أن يجعلها متنزل الملائكة وذلك بما  ورد من أن قراءة القرآن الكريم  والصلاة في المنزل تجعل هذا المنزل يكثر خيره ويقل شره كما ورد في  الحديث عن نبينا محمد صلى الله عليه وآله  لا شك ولا ريب إن وجود قراءة القرآن في هذه البيوت  مؤثرةٌ جداً  من الذي يستمع إلى القرآن ماذا يجتذب القرآن كيف يؤثر القرآن بلا  شك في هذا البيت يصنع روحاً خاصة فيؤثر على الأولاد يؤثر على البنين  والبنات يؤثر على الزوجة بل أحيانا يؤثر على الجيران  أنا إلى الآن لا أزال أتذكر المرحوم حجي صالح السني رحمة الله عليه إلى الآن  صوت قراءته للقرآن كأنها الساعة مع أنه مر على  مثل هذا الأمر أكثر من خمسين سنة   كان يقرأ القرآن في السطح ليالي الصيف وكان الهدوء  يعم  المكان لأنه لم يكن هناك مكيفات ولا غيره الليل والفجر ولا ريب إنه كان يؤثر على غيره بذلك المقدار قلت إنه شخص ليس في داخل  البيت وإنما من جيرانهم  ولكن مع ذلك كان يصلنا صوته بالقرآن الكريم وأتذكر إلى الآن طريقة قراءته  وصوته مع مرور  خمسين سنة أو اكثر  أنا وأنت أيضاً إذا قرأنا القرآن في بيوتنا يكثر خير هذا المنزل   ويقل شره وهكذا الحال في حديثٍ عن النبي فيما يرتبط بالصلاة غير أوقات صلاة الجماعة  والتي بلا شك فضيلتها فضيلة عظيمة مقارنة بالصلاة  في البيت لكن أنت تصلي مثلاً صلاة الليل إن شاء الله في هذا المنزل  تصلي الصلوات المستحبة  أو مثلاً صلاة الفجر قد لا يتيسر لك الذهاب للمسجد لصلاة الجماعةً    في الحديث عندنا صلوا في منازلكم ولا تجعلوها مقابر  وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني   هذا أمرٌ معنوي وروحي هناك جوانب أخرى مثل ما ورد في الروايات حول  التنظيف وهي كثيرة  نذكر منها واحداً وهي أن النبي صلى الله عليه وآله قال
لا تتركوا  مناديل الغمر في بيوتكم وأخرجوها أو إغسلوها مناديل الغمر هي عبارة عن  ماذا في الغالب في السابق كانوا يتعاملون مع اللحوم والشحوم  وما شابه ذلك وكانوا يستخدمون هذه الأقمشة فهذه تتلوث عادة بالدسومة والشحم وما شابه ذلك   النبي صلى الله عليه وآله يقول هذه مناديل الغمر  لا تدعوها داخل البيت وإنما أخرجوها إما تخرجوها إلى الفناء أو تغسلوها  فإنها موضع الخبيث   نحن نعتقد أن النبي صلى الله عليه وآله  أراد أن يقرب مفاهيم صحية بمقدار ما كان يفهمه الناس في ذلك الوقت  لو كان يقول لهم مثلاً إن  هذه المناديل  الوسخة سوف يكون فيها مكروبات  أو ما أدري كذا وهذه سوف تسبب كذا وكذا من الأشياء لا يوجد من يفهم هذا الكلام  ولكن أن يقول فيها الخبيث الخبيث أمرٌ   مستنكرٌ ومستهجنٌ  وينبغي الإبتعاد عنه ماذا  يعني هذا قد لا يعرف ذلك ولكن يقول هذا شيئٌ ينبغي الإبتعاد عنه أو أحياناً يقول  هنا موضع الشيطان  نفس الكلام النبي صلى الله عليه وآله لكي يعرف الناس الأمر الطبي  والصحي والأضرار المترتبة على مثل هذه الوساخات إذا يعبر  لهم بالتعبيرات المعاصرة الآن في العلم لا يعرف هؤلائك  فلا تحصل الفائدة من الإبتعاد  لذلك كان يعبر عنها بالتعابير التي تنتهي إلى نتيجة الإبتعاد عنها و تفي بفائدة إنه نظفوا هذه الأوعية نظفوا هذه الأقمشة لا تدعوها في داخل البيوت إما  أتخرجها خارج الفناء وإما أن تغسلها لم يكن أمر الغسل متوفر في تلك الأزمنة  بالنحو الذي هو الآن في هذه الأزمنة فأيضاً فيما يرتبط بأمر التنظيف وهذا أمرٌ واسعٌ  فيه كلام حول قضية الزبائل وما شابه ذلك إنه يكره  أن تبات في داخل المنزل وهذا من الناحية الصحية أسبابه وكذا معروفة  وواضحة لأكثر الناس وهذا أيضاً فيما يذكر في قضية المنزل الشخصي.

 يذكر  في قضية المنزل أيضاً إنه يستحب للإنسان أن يدع لمن يدخل بيته  ربي ربي أغفر لي  ولوالدي  ولمن دخل بيتي مؤمناً وللمؤمنين والمومنات

لاحظوا هنا تم  تخصيص  الوالدين مع إنهما قد يكونا من المؤمنين  ثم تم التخصيص من دخل بيتي من المؤمنين مع أنهم قد يكونوا من عموم المؤمنين سواءاً دخلوا أو لم يدخلوا هو يدعو لهم  ربي أغفر لي ولوالدي وللمؤمنين  والمؤمنات
 وهذا يشمل من أتى بيتي ومن لم يأتي لكن كأنما دخول البيت  يصنع عنواناً يستدعي إنه أنا أدع لهذا الإنسان كأنما مجيئه إلى بيتي  زيارته لي قيامه بهذا العمل حملني جميلاً ومعروفاً وأنا أرد هذا الجميل وهذا المعروف  بأن أدع الله سبحانه وتعالى أن يغفر له كما أتى في القرآن الكريم هذا أيضاً  من ضمن ما أتى في المنزل الشخصي للإنسان   إذا تركنا هذا وذهبنا لبيوت الآخرين تعظم المسألة في الحقوق في بيتك أنت تستطيع أن تتصرف بأي شكل من الأشكال  بأي  نحوٌ تدخل في اي وقت تأكل في أي شيئ  ولكن عندما يكون الأمر بالنسبة لبيوت الآخرين  لا .. تأتي الآية وتقول
لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى  تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خيرٌ لكم لعلكم تذكرون

 أن تعرف هذا البيت هو  مأمن ذلك الطرف  وقد أعطي من الناحية الشرعية  حصانةً دونها كثير من الحصانات ولو إستوعب المسلمون حصانة بيت الإنسان لوجدت الكثير من الجرائم والمشاكل  تتراجع لاحظ عندما فتح رسول الله صلى الله عليه وآله مكة المكرمة   الآن أمامه مجتمع هذا المجتمع تآمر عليه طرده من مكة ليس فقط طرده من مكة  لحقه إلى المكان الآخر وعمل له حروب دائمة  حرب خلف حرب معركة خلف معركة هو الآن خرج من عندكم  هارب منكم دعوه في داخل مكة  تآمروا عليه لقتله هرب منهم ذهب إلى المدينة متخفياً  لم يتركوه ذهبوا  خلفه  فحصلت هناك حروب بدر أحد الخندق  وصارت كذا وكذا وتآمروا عليه مؤامرات مختلفة  الآن هؤلاء مغلوبين الآن هؤلاء يحتاجوا مجازاة هنا النبي صلى الله عليه وآله أعلن شعاره  العام بعدما قال أحد الأنصار  من المدينة اليوم يوم الملحة أعطى الراية بيد أمير المؤمنين   وقال إذهب وغير هذا فذهب وقال اليوم يوم المرحمة نحن أتينا للرحمة أتينا  للرفق أتينا للهداية ولم نأتي لكي نقتل  وهذا يرد على ما يزعمه بعض ما يقولون من أن  النبي صلى الله عليه  وآله كان يقول أتيناكم  للذبح هذا لم ينقل لا عن الله ولا عن رسوله وإنما الذي أتى به
إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً  ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه  وسراجاً منيراً وبشر المؤمنين بان لهم من الله فضلاً كبيراً
ولم يقل أتيتكم ذباحاً  وسلاخاً فرفع هذا الشعار  الناس ما زالت خائفة لأن فيهم من قتل ومن ضرب  ومن طعن ومن سرق  حورب بالتالي  فأعلن النبي صلى الله عليه وآله جملة أمور منها  من أتى إلى الكعبة فهو آمن ومن أغلق عليه باب داره فهو آمن  انتهى البيت يعتبر منطقة أمان كل واحد في داخل بيته هو آمنٌ على نفسه وعياله  وما يملك لا احد له حق أن يذهب ويخرجه  من بيتهم ويحاسبه على ما فعل من قتل وغيره  كلا
ما دام قد أغلق عليه باب بيته خلاص إنتهى الأمر فهذا يعطيه حصانة وحماية نعم لو إرتكب أمراً مما فيه تدارك  مثل أمر المحكمة والقضاء وما شابه ذلك لو طبق هذا الأمر في بلاد المسلمين بحيث لو فئة تأتي وتسيطر على مكاناً آخر على بلد أعدائها  على قرية من قرى مخالفيها إذا كان يعلم من أغلق عليه باب بيته فهو آمن لا تراق آنئذٍ الدماء ولا تهدم الدور والعمارات كما  رأينا في هذه الأزمنة  فجعل هذا البيت أماناً   وسياجاً    لهذا الإنسان  ومن الناحية القانونية تعلمون الآن على المستوى الدولي والمحلي يوجد قاعدة حتى عندنا  في النظام القضائي موجودة للمنازل حرمتها فلا يجوز إقتحامها ولا يجوز تفتيشها   وإذا لزم ذلك فلابد من أمرٍ قضائيٌ تصدره المحكمة وليس لأي شخص أن يعمل هذا من نفسه بدون إذن السلطات المختصة   لأن عنده سلطة وقوة ليس له الحق بأن يأخذه من بيته  له حصانة هذا البيت وإذا كان فيه هناك مشكلة يحتاج إلى أمر قضائيٌ هذا على مستوى العالم موجود وعلى المستوى المحلي والإسلامي أيضاً فهذا  أول
 شيئ بالنسبة إلى بيوت الآخرين فهي مصانة  عن التهديد عن الإقتحام هذا واحد
الأمر الآخر ما ذكرته الآية المباركة  وحتى لو لم يكن هناك حالة صراع ومشاكل وقضاية فإنه  لابد من الإستيناس  إن الإنسان إذا أراد أن يزور أحد أن يعتقد  بأن ذلك الطرف راغبٌ  وليس رافضاً  لمثل هذه  الزيارة    وينبغي أن يعرف الإنسان إنه عندما يمارس بعض ما يمارسه الناس  أن يأتي في أي وقت وأن يطرق الباب إلى أن يعجز وأن يصر إلى أن يخرج   صاحب البيت هذه فيها مخالفات شرعية وهذا فيه نوع من الإيذاء للطرف الآخر  طيب
 أنت عندما تقوم بهذا بعتبار عندك حاجة وعندك قضية ولا تفهم شيئ غير هذا أنت تؤذي ذلك الطرف تؤذي مؤمناً بإلحاحك وإصرارك  وأنه لا يأنس بك وأنك لا تستأذن في  أمر أنت تريد أن تجره جر القرآن يقول
 حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خيرٌ لكم إن لعلكم تذكرون

وهذا  من الكبير إلى الصغير مارسه نبينا محمد صلى الله عليه وآله   ذات يوم أراد النبي صلى الله عليه وآله أن يزور سعد إبن عبادة  الأنصاري أحد زعماء المدينة من الأنصار  وكان له دور مهم في تأيد النبي صلى الله عليه وآله وإن كان عنده عثرة عندما رشح نفسه للخلافة  بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله هذا الأمر الذي جعل إبنه  قيس إبن سعد وهو من خلص  أصحاب أمير المؤمنين  عليه السلام   والإمام الحسن عليه السلام هذا الموقف جعله يزعل من والده  كيف أنت تطرح هذا مجرد إنك تطرح إسمك وعلي إبن أبي طالب موجود هذه كارسة حاول والده أن يعتذر
 كأنما أنا  مثلاً قلت إسمي  في مقابل هؤلاء الذين تقدموا ولم يكونوا على حق  وأرادوا أن يجروها للمهاجرين    وليس من صوب أهل البيت عليهم السلام  قال له لا يفيد هذا مجرد
 أن تدع إسمك أمام إسم علي إبن أبي طالب   إذا أنت تريد أجعل إسم علي إبن أبي طالب عليه السلام  وليس إسمك  فكان لدي ولده منه موقف شديد سعد إبن عبادة الوالد  ناصر النبي نصرة جيدة  وكان كبير القوم في المدينة والنبي أراد أن يزوره ذهب إلى المدينة وكان من عادة النبي صلى الله عليه وآله أنه يطرق الباب  ثم يسلم فإن ردوا فبها وإذا لم يفعلوا ذلك يطرق مرةً أخرة  ويسلم فإن ردوا إنتهى الموضوع   وإلا يطرق الثالثة ويسلم وينصرف  لا يوجد أحد أو إذا فيه أحد يعني هم لا يريدوا أن يستقبلوه وإنتهى الأمر   فعمل هذا العمل بالنسبة إلى سعد إبن عبادة طرق الباب  وسلم وقال أنا رسول الله صلى الله عليه وآله  سعد إبن عبادة كان داخل الدار ويسمع  ولم يرد أعادها مرة ثانية طرق الباب سلم عرف عن نفسه  ولم يرد أيضاً  المرة الثالثة طرق الباب وسلم وإنصرف  سعد رأى أن النبي  تحرك فخرج له بسرعة يا رسول الله أنا موجود في الدار  فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله  فلما لم تجبني أنت موجود  داخل الدار غير تقول شيئ  فقال سعد أحببت أن  أستزيد من صوتك يا رسول الله  أنا كنت مستمتع بسلامك وكلامك وكنت أحب  أن يملأ أذني سلامك علي   فقلت دعني أطولها  فتبسم رسول الله صلى الله عليه وآله   فعاد معه إلى منزله إلى هذا الحد كان الرسول مقيد مع أنه زعيم  والكل يتشرف  بأنه يصل إليه رسول الله صلى الله عليه وآله في منزله لكن القانون
 ذلكم  خيرٌ لكم كلكم لعلكم  تذكرون حتى النبي أيضاً يطبقه على نفسه ليس فقط على سعد إبن  عباد  ذكر أنه حتى في  بيت فاطمة وأمير المؤمنين عليهما السلام في بعض الأخبار إنه مدة ستة أشهر يأتي ويطرق الباب  أولاً يذكرهم بالصلاة ويصلي  عليهم باعتبارهم أهل البيت
إنما يريد الله  أن يذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً وإذا أراد شيئاً أن يزورهم ويطرق الباب وينادي يا فاطمة   أنا رسول الله أأدخل فإن أجابت دخل وألا إنصرف رسول الله صلى الله عليه وآله  في أكثر الأحيان فاطمة تكون داخل فتقول له يا رسول الله البيت بيتك وأنا إبنتك فلما تستأذن  لماذا تستأذن أنت والدي  والبيت محسوب من بيوتك وأنت محرم على الجميع لا يوجد بيننا غريب فلما لا تدخل  قال لها هكذا أدبني ربي تأديب بهذا الشكل وحتى  الناس يأخذون هذا الأدب من رسول الله

مرات العرض: 3379
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2566) حجم الملف: 35868.02 KB
تشغيل:

كيف تعيش الحياة الطيبة
هذه خطوات الشيطان