ممهدات كارثة سنة 61 هـ
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 1/1/1431 هـ
تعريف:


ممهدات كارثة سنة 61 هجرية


تفريغ نصي الفاضل محمود المطر
قال سيدنا و مولانا ابي عبدالله الحسين سلام الله عليه: قال جدي رسول الله صلي الله عليه و اله ((من رأى منكم سلطاناً جائراً مستحلاً لحرم الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسُنة رسول الله صلى الله عليه وآله ، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغيّر عليه بفعل ولا قول كان حقاً على الله أن يدخله مدخله، ألا وإن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطلوا الحدود، واستأثروا بالفي‏ء، وأحلّوا حرام الله وحرموا حلاله، وأنا أحق من غير))

حديثنا هو بعنوان (مقدمات كارثة سنة 60 للهجرة). سوف يكون لنا اطلالة تاريخية بنظرة تنحو منحى التحليل حتى نعرف كيف وصل امر المسلمين في سنة ستين الى الحد الذي اثار الامام الحسين عليه السلام مغيرا و مبدلا. و من المهم ان يرجع الانسان الى تفاصيل البدايات حتى يعرف كيف انتهى الامر الى تلك النتائج الخطيرة الى الحد التي قال فيها الامام الحسين عليه السلام ( و على الامة السلام اذا بليت بوال مثل يزيد). اضف الى ذلك معرفة هذه التفاصيل تنير طريق الانسان في التقييم حتى لا يتورط انسان بما قاله بعضهم من ان بيعة يزيد بيعة شرعية, و ما قاله اخرون أن مروان بن الحكم و ابنه عبد الملك لم يكونا من اهل البغي و العطالة و انما كانو مستقيمي الطريقة و قد استدل بهم "فلان" في كتبه الفقهية. عندما نتعرف على هذه التفاصيل سوف نرى أن هذا العمل الذي تم – في سنة ستين – يشابهه كثير من الاعمال التي تتم في ازمنتنا هذه من قبل السياسيين الذين يقومون بأعمال ثم تتحول الى سنة, يقومون بخطوات ثم تتحول الى تشريع, و هذا ما ابتليت به الامة في سابق زمانها. كيف عهد بالأمر الى يزيد بن معاوية, و ما هي الخطوات التي اتخذها ابوه معاوية بن ابي سفيان؟

لنبدأ من سنة 49 هجرية, 10 او 11 سنة سبقت موت معاوية بن ابي سفيان. ما الذي كان يخطط. كيف كان يخطط حتى تنتقل الامة من امة رسول الله محمد الى امة بني امية؟ التي يستخلف فيها يزيد – الذي يقول فيه الحسن البصري .. فضلا عن الحسين عليه السلام – يزيد سكير خمير لا يعرف سوى الضرب بالطنابير و المعازف. هذا يصعد منبر رسول الله و يتسلم اعلى موقع في هذه الامة. يبدأ هذا الخليفة الأموي معاوية – و نحن هنا لا نريد أن نتجنى ولكن نبين حقائق التاريخ المغيب كما وقع – و نقول هذا وقع .. و هذه هي النتيجة التي احتلب فيها المسلمون ملئ القعد دما عبيطا, كما قالت الزهراء عليها السلام. أول خطوة فكر فيها معاوية هي كيف يسلم ولاية العهد لابنه يزيد, بطبيعة الحال يوجد هنالك منافسون على مستوى كل الامة لا يقاس بهم هذا الرجل أبدا. هناك الحسن بن علي, هناك الحسين بن علي, هناك في درجات اقل عبدالله بن عباس, هناك حتى على رأي القوم سعد بن ابي وقاص, هناك عبدالرحمن بن ابي بكر, هناك عبدالله بن الزبير – سواء في الأفق الشيعي الذي يرى أن أئمة البيت هم أفضل البشر أم في الأفق الاخر الذي يرى في هؤلاء صحابة أو من كبار ابناء الصحابة و هم على كل حال أفضل من يزيد بما لا يقاس, فيبدأ بتصفية هؤلاء المنافسين اغتيالا, حتى تخلو الساحة... فدس الى أبي محمد الحسن بن علي المجتى عليه السلام السم بعد اغراء زوجته جعدة بنت الأشعث بتعاون أبيها الأشعث بن قيس, فسم الامام الحسن في سنة 50 للهجرة و انتقل الى رحاب ربه شهيدا مسموما. في الأفق الآخر, بعض المؤرخين مثل صاحب مقاتل الطالبيين و غيره يقول دس معاوية بن ابي سفيان الى سعد بن ابي وقاص الزهري سما فمات على اثر ذلك. سعد بن ابي وقاص لا يتنمي لاتجاه اهل البيت و لكنه امتنع عن شتم امير المؤمنين سلام الله عليه و لم يطاوع معاوية في ذلك و قال "كيف اسب من لو لم يكن له الا واحدة لمنعني ذلك عن سبه ... منها انه زوج ابنة رسول الله محمد".  فبالرغم من عدم انتمائه لخط ولاية أهل البيت, الا أنه كان منافسا, فالناس يقارنون بين سعد الذي كان عمره انذاك قريب 80 سنة و بين يزيد بن معاوية الذي كان قريب ال30 و كان متهتكا فاسقا شاهر الفسق ... لابد ان الدفة لن تكون في مصلحة يزيد بن معاوية. فمات سعد بن ابي وقاص .. او دس له السم كما قال صاحب مقاتل الطالبيين و يقول غيره في سنوات معاوية بن ابي سفيان مات كثير من الناس بالسم! عبدالرحمن بن ابي بكر صارت محاولة من قبل معاوية لتشويه سمعته انه مخرف و انه نزل فيه القرآن (و الذي قال لوالديه اف لكما), ثم بعد ذلك مات ايضا عبدالرحمن و بموته ايضا ذهب منافس أخر. بعده جاء الى عبدالرحمن بن خالد بن الوليد – سبحان الله هؤلاء السياسيون او الحكام لا يفهمون "واحد وياي الان فلازم احفظ اله .. اذا ممكن يوقف قدام مخططي ازيله!" هذا عبدالرحمن بن خالد بن الوليد كان مناصر لمعاوية, في صفين كان معه, بخلاف اخيه المهاجر بن خالد بن الوليد من أفضل أأولياء امير المؤمنين. لما استمزج معاوية رأي بعض الشاميين, قال لهم اني كبرت سني, معاوية توفي و هو عمره تقريبا 82 سنة, قال لهم انا كبرت سني و رق عظمي و أريد أن أولي عليكم شخصا بعدي فما رأيكم؟ من ترون صالحا لها؟ فقالوا لا نرى احدا افضل لها من عبدالرحمن بن خالد ... فأسرها في نفسه, حتى اتى وقت – كما يقول غير واحد من المؤرخين, مرض عبدالرحمن بن خالد فأرسل معاوية طبيبه الخاص, كناية على الرعاية و الاعتناء الزائد, فسقاه شربة ما قام منها. بقت اذا الساحة مع عدد من المنافسين المحتملين. جاء الى من هم داخل الاسرة الاموية, مثل زياد بن ابيه – "اخو" معاوية .. لانه استلحقه, و هذا يقول فيه الحسن البصري: (أربع خصال لمعاوية لو لم تكن الا واحدة  لكانت موبقة له: 
1- احذه الأمر من غير مشورة و فيهم بقايا الصحابة و نور الفضيلة
2- استخلافه لابنه بعده سكيرا خميرا يلبس الحرير و يضرب الطنابير
3- ادعاؤه زيادا و قد قال رسول الله الولد للفراش و للعاهر الحجر
4- قتله حجرا و أصحاب حجر فيا ويلا له من حجر و يا ولا له من حجر و اصحاب حجر)
فهذا صار زياد اللي كان مجهول الأب, أو ابن ابيه ابن عبيد الثقفي ... صار ضمن عمليه سياسية معينة زياد بن ابي سفيان. هذا ممكن أن يطالب بولاية العهد ما دام أخو الخليفة و عنده سلطة و كان والي الكوفى و البصرة فترة من الزمان, فأرسل اليه من يقنعه بذلك. زياد توقف بالأمر قليلا, لكن لم يطل الامر به كثيرا... ففي سنة 53 هجرية مات و ذهب الى ربه بآثامه.

بقي عنده من سعيد بن العاص و مروان بن الحكم و سعيد بن عثمان بن عفان, هؤلاء ايضا أمويون و يطالبون بنصيبهم من "الكعكة", القضية لا قضية خلافة ولا نص ولا ان الله نص على أئمة ولا بشورى المسلمين ولا بأي شيء! ما دام في العائلة نحن ايضا جزء من العائلة, وين ميراثنا؟ هذا سعيد بن عثمان كان يأمر عبيده بأن ينشدوا: والله لا ينالها يزيد – حتى ينال رأسه الحديد – ان الأمير بعدنا سعيد. ذهب سعيد الى معاوية و قال له سمعت انك تريد ان تستخلف يزيد و قد علمت أن ابي خير من ابيه, و امي خير من أمه, و انا خير منه! فرد عليه معاوية: اما ابوك فأفضل من ابيه, و امك خير من أمه فلعمري قرشية خير من كلبية, و اما قولك انك خير منه .. فلا, ولكن نكرمك. فخرج غاضبا. فأرسل له رسالة, أن لك خراسان. فرجع الى معاوية, و قال له يا أمير المؤمنين "انته فصل و نحن نلبس" حسب التعبير. و انشد قصيدة فيها مدح و ثناء في معاوية. اذا اشتراه بخراسان.

اما مروان بن الحكم و سعيد بن العاص, فخلق بينهم الكراهية, فمرة يولي هذا و يأمره بأن يهدم دار الاخر, و مرة اخرى يعكس القضية, فيعزل الأول و ينصب الثاني و يأمره بأن يصادر امواله. حتى لا يستطيعوا ان يتفقوا. هكذا تتم صياغة الخلافة في بلاد المسلمين, و تتحول بعدها الى خلافة شرعية و بيعة ملزمة! و يصبح أميرا للمؤمنين و يصبح عمله من الاعمال التي يحتج بها بعض الفقهاء مع شديد الاسف. أكثر من هذا – عندما يقرأ الانسان التاريخ يجد اي جنايات صارت بحق الأمة و يجد اي سمو قام به أهل البيت عليهم السلام من أجل ان يحفظوا دين الله و رسالة النبي صلى الله عليه و اله و مصالح الأمة. يقولون المغيرة بن شعبة كان والي الكوفة, كبر سنة صار عمرة 70 سنة. هو الرجل كما يذكرون غير مستقيم, حتى ذكروا انا الخليفة الثاني درأ عنه الحد حيث شهد عليه ثلاثة من المسلمين على فعل شائن قام به, و تردد الثالث في الشهادة. و بالتالي من المفترض ان تصبح هذه شبهة ... لا ينبغي ان يؤم الناس. لكن بقي و ضلت الكوفة طعمة له فترة بعد اخرى, الى ان اتى معاوية. صار عمر المغيرة 70 سنة, و كان ضعيفا. فعلم ان معاوية يريد ان يعزله و يولي أخر اقوى منه. فقال لاصحابه, ان لم اكسبكم ولاية الكوفة فما انا أبو موسى. فسافر الى الشام. أول ما ذهب لقي يزيد بن معاوية. فقال له انت تعلم انه قد مضى صحابة النبي كلهم, ولم يبق منهم أحد, و انما بقي ابناؤهم, و انت اعلمهم بالسنة و افضلهم رأيا بالسياسة, ولا أدري لم لا يعهد اليك امير المؤمنين بولاية العهد؟ و ما أدري اي سنة هو أعلم بها يزيد؟! عندما تكلم معاوية في المدينة اواخر ايامه و قال و هذا يزيد من قد علمتموه ... و هو عارف .. و كذا و كذا ... قال الحسين دع عنك يزيد و ما ادعى لنفسه! و اتركه مع الطيور المطيرة و المعازف. لذا سأل المغيرة يزيد .. لم لا يدفع اليك بالأمر؟ فقال و ترى ذلك يكون؟ قال له ولم لا يكون؟ فقام يزيد و دخل على ابيه والقى اليه مقالة المغيرة. فاستدعى المغيرة, فسأله انت قلت هذا ليزيد؟ قال بلى. قال له انت جاد؟ قال نعم! ولم لا؟ انت لديك الشام و انت تتولاها .. و عندك مصران .. انا اكفيك الكوفة و زياد يكفيك البصرة. فقال أن كنت نرى ان ذلك يكون فابق عليها. فرجع الى اصحابه و قال لهم الم اقل لكم؟ فجاء الى عشرة من شيوخ العشائر الموالية لبني امية, ابلغهم بنفس الأمر, و اعطى كل واحد هدية 3000 دينار – "خرجية الطريق" حسب التعبير. و ارسلهم مع ابنه موسى الى معاوية, بعد عدة اشهر وصلوا الى معاوية وقالو له: الله يحاسبك اذا ما تخلي على الأمة والي, ذاك النبي اللي ما لازم يستخلف أحد. أفرض الان جائك الأجل و الأمة من غير والي من بعدك ماذا تقول لربك؟ قال لهم من نولي؟ قالوا له يزيد .. ليس لها سوى يزيد. قال نعم الرأي ما اشرتم به. معاوية ذكي, التفت الى موسى بن المغيرة, قال له بكم اشترى ابوك هؤلاء؟ قال له بثلاثين الف. قال كل هؤلاء بثلاثين ألف؟ قال بلى. قال لقد هان عليهم دينهم.

هكذا مهد الأمر في جهات المنافسين ... اما اغتيالا .. اما رشوة بالمال .. و اما ضربا البعض بالبعض الاخر كما حصل لبعض بني امية الطامعين بولاية العهد. باقي فقط الحسين عليه السلام.  شيعته .. بل جميع المسلمين تتوجه اليه – لا يعدلون به احدا. خصوصا ان معاوية مقيد بالصلح ايضا. بأنه اذا قضى الحسن .. الولاية للحسين من بعده, هذا من بنود الصلح موجود. فاذا موقع الامام الحسين الشعبي موقع قوي. موقعه القانوني ايضا موقع قوي. ماذا يصنع؟ فهناك ايضا اخرون يطمعون بالخلافة, كأمثال عبدالله بن الزبير. عبدالله بن عباس ايضا ينظر اليه باعتباره شخصية علمية, صحيح لا يقاس بالحسين عليه السلام, و لكن عندما يقارن مع يزيد لا يمكن لأحد ان يلجأ الى تفضيل يزيد عليه. فجاء معاوية في أخر ايامه قيل في سنة 57 هجرية, يعني قبل 3 سنوات من موته الى المدينة و استدعى الحسين و عبدالله بن الزبير و عبدالله بن عباس و عبدالله بن عمر. و قال لهم انا لي نية ان أولي يزيد و أنتم تعلمون من يزيد, فقال الحسين يزيد معروف ما يحتاج انته توصفه, يزيد مو مكانه هذا المكان. فقال له اسمع, انا غدا في المسجد سألقي هذا الكلام و سأقيم على كل واحد منكم سيافا كم الشام, فاذا احدكم تكلم مؤيدا أو مخالفا يضرب عنقه! فتم ذلك .. اتى بوم الغد و القى كلمته .. و عين فيها يزيدا بعده, و انه الخليفة, و ينصح للأمة, و قد أوصاه بأن يتحنن على الأنصار, بأن يفعل فيهم كذا وكذا. و قد أوكل سيافا بكل واحد من المذكورين كما توعد. هنا قد يسأل السائل لماذا لم يقم الحسين و قال كلمته و قتل في المسجد و انتهى الأمر؟  الامام الحسين كان يخطط لمعركته -بارشاد الله و بأمر رسول الله- في غير هذا المكان, لا يكون دمه مهدورا بهذه الطريقة. فبالفعل صار هذا الوضع.. في الشام ايضا قام يزيد بن المقنع و قال؟: ايها الناس امير المؤمنين هذا -يعني معاوية-, فان قضى فهذا – و اشار الى يزيد, و من أبى فهذا و اشار الى سيفه.
بهذه الطريقة مهدت البيعة ليزيد بن معاوية بن ابي سفيان. لو عرضت مثل هذه البيعة على اي انسان من المسلمين, يستطيع ان يقول انها بيعة شرعية؟ لو عرضت على قانوني من غير المسلمين, نقول له هناك خلافة و امرة تمت بهذه الطريقة, هل ترى هذه من الناحية القانونية ملزمة و ينبغي الأخذ بها؟ لا ريب ان لا احد من المسلمين يرضاها اذا توجه الى خلفياتها و ممهداتها, و لا احد ايضا من العارفين بالانظمة و القوانين يمكن أن يقبل مثل هذا الامر.
ا
فهكذا في النصف من رجب سنة 60 للهجرة مات معاوية و انتقلت السلطة لابنه يزيد, هذا الرجل الذي يقول فيه الحسين عليه السلام: ويزيد فاسق، فاجر شارب الخمر، قاتل النفس المحترمة معلن بالفسق والفجور، مثلي لا يبايع مثله. هذا يصير لازم خيرة المسلمين يأتون و يبايعونه, لازم يصلون وراه, حتى ذاك الزاهد العابد المتقي المؤمن لازم يصف في الجماعة ورا هذا الرجل المتجاهر بالفسق! الاموال لازم تصير بين يديه. الولايات لازم تصدر عنه. هل هو مؤهل لكل هذا؟! لذلك الحسين سلام الله عليه عندما رأى ان الوضع هكذا و دعي الى البيعة, قال بضرس قاطع ((و مثلي لا يبايع مثله)), اي أحد مثلي على منهجي على طريقتي على ما اسلك فيه ايضا لا يمكن ان يبايع أو ان يسلك ما سلك فيه يزيد.

فما رأى السبط للدين الحنيف شفاً *** الا اذا دمه في كربلاء سفكا

الأبواب كلها سدت! رحم الله السيد حيدر الحلي
لم ادر اين رجال المسلمين مضوا *** و كيف صار يزيد فيهم ملكا
الشارب الخمر من لؤم بعنصره *** و من خساسة طبع يعصر الودكا
لان جرت لفظة التوحيد في فمه *** فسيفه بسوى الاسلام ما فتكا

و بالفعل هكذا كان! ثلاث سنوات مشؤومة... أول سنة فيها قتل فيها ذرية رسول الله ... و السنة الثانية اباح بها مدينة رسول الله لجيشه حتى يقول المؤرخون العذارى انتهكت اعراضهن, اكثر من الف مولود بعد تلك السنة لا يعرف له اب. .. و السنة الثالثة رمى الكعبة بالمنجنيق.

لما رأى الحسين صلوات الله و سلامه عليه كل ذلك, خرج منتفضا, و قال قبل توجهه الى العراق: «الحمد لله وما شاء الله ولا قوة الا بالله، وصلى الله على رسوله، أيها الناس، خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف، وخير لي مصرع أنا لاقيه، كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء، فيملأن مني أكراشاً جوفاً وأجربة سغباً، ولا محيص عن يوم خط بالقلم، رضا الله رضانا أهل البيت، نصبر على بلائه، ويوفينا أجور الصابرين، لن تشذ عن رسول الله لحمته، وهي مجموعة له في حظيرة القدس، تقر بهم عينه، وينجز بهم وعده، من كان باذلاً فينا مهجته، وموطناً على لقاء الله نفسه، فليرحل معنا فإنني راحل مصبحاً إن شاء الله» و خرج الحسين عليه السلام لكي يسطر تلك الملحمة الرائعة الحسينية التي بقيت الى يومنا هذا تنادي بأعلى صوتها (يا لثارات الحسين)!

مرات العرض: 3393
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2581) حجم الملف: 19879.99 KB
تشغيل:

مواقف الصحابة من نهضة الحسين
المنبر الحسيني نظرة في النشأة والتطور