مناقب الزهراء منهج ومعنى
كتابة الأخت الفاضلة ندى القروص
روى الحاكم في المستدرك عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في شأن فاطمة الزهراء عليها السلام فقال( أن جبرائيل عليه السلام أتاني بسفرجلة حين أسري بي الى السماء فأكلتها فلما واقعت خديجة تحولتالى ماء في صلبي وتخلقت منها فاطمة فكنت إذا اشتقت إلى رائحة الجنة قبلت أبنتي فاطمة). ونقل حديث أخر عن رسول الله صلى عليه وآله وسلم فيما يرويه ميناء مولى عبد الرحمن بن عوف أنه قال(أيها الناس خدوا مني الأحاديث قبل أن تشاب الأباطيل ). قال: النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ( : أنا الشجرة وفاطمة فرعها وعلي لقاحها والحسن والحسين ثمرتها وشيعتنا ورقها وأصل الشجرة في جنة عدن وسائر ذلك في الجنة ) . وقال في حديث أخر أنه أذا كان يوم القيامة ناد مناد عن الله عز وجل ( يا أهل المحشر غضوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة بنت محمد ).
هذه الأحاديث تصنف ضمن أحاديث المناقب والفضائل وهي تحتاج إلى توضيح وشرح وإلى بيان منهج.
١/ ماهي أهمية هذه الأحاديث؟ نعتقد أن أحاديث المناقب في مدرسة أهل البيت عليهم السلام لها أهمية كبيرة من جهة أنها تعتبر علامات وأشارات إلى قضايا عقائدية مهمةبعبارة أخرى أحاديث المناقب ليست مدحا لشخص، أنما النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم لا يقوم بهذا العمل لكي يبين منقبة لواحد من أهلبيته عليهم السلام وأنماغرضه من ذلك أن يبين جملة من القضايا العقائدية ، مثلا قضية الأمامة فأنه يأتي ويتحدث تارة عن الأئمة أنهم من قريش وأنهم أثنى عشر وأنهم من أهل بيته هذه القضايا ليست مجرد مدح أو ثناء، وتارة تعالج قضية مهمة وهي قضية الخلافة والأمامة بعد وفاةرسول الله صلى عليه وآله وسلم وتعين الناس في مسيرتهم بعد النبي وتضعهم في الطريق الصحيح كأشارة المرور التى بدونها تتيه وتضيع في الطريق . نحن نحتاج إلى علامات إرشادية في الحياة على مدى الزمان لأنه كلما بعد الزمان بعدنا عن الحضور مع الله جل جلاله وبعدنا عن رسوله وعن مصادره الأصيلة لذلك نحتاج إلى علامات إرشادية تعين في الطريق وتعين الدرب الصحيح .
الغاية من أحاديث المناقب والفضائل هي : أنها تعين المنهج ، تعين الطريق ، تعطي للأنسان لمئات السنين خريطة الوصول إلى الجنة .
لذلك حرص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على أن يتكلم في حديث المناقب بشكل مفصل إلى الحد الذي قال فيه إمام أهل السنة أحمد بن حنبل الذي يعتبر المؤسس الأول لمذهب أهل السنة من الناحية الفقهية يقول في بعض ما نقل عنه :( أجتمع لعلي بن أبي طالب من الفضائل والمناقببالأحاديث الصحيحة والمعتبرة مالم يجتمع لأحد من الصحابة ). أي من كثرتها تجاوزت كل صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذا بحسب رواياتهم وهم الطرف الآخر والمدرسة الأخر . ولو فرضنا هذا الحديث ألغي أو غيب أو حرف فلن تستطيع الأمة أن تتطلع عليه مع ذلك يكون هناك مقدار من الأحاديث الخلقية التي تهتدي بواستطها إلى خريطة الطريق التى توصله إلى الجنة .
إذن فأن أحاديث المناقب هي : أحاديث ذات مضامين عقائدية تعين قضايا مهمة أهمها مسئلة الأمامة التى هي الخط الأساس والصراط المستقيم ، أيضا قضية العصمة هي التى ترتبط با أمر الطاعة أي أن الأنسان إذا عرف ان هذا الشخص معصوم فأنه يتبعه وهو مطمئن باتمام والكمال إلى أنه يطيع الله سبحانه وتعالى طبقا لما جاء في القرآن الكريم قوله تعالى " مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ۖ ". كذلك بالنسبة لسائر المعصومين تجري فيهم هذه القاعدة وتبين عدد من المضامين العقائدية التى يحتاج إليها الناس في حياتهم. الذين جاءوا فيما بعد عملوا مناقب مزيفة حيث نشطة حركة وضع الحديث بعد أيام من وفاة أمير المؤمنين عليه السلام في بداية العهد الأموي الذي كان يحكمهم حينها معاوية بن أبي سفيان ، الذين أتوا من بعده ووضعوا الأحاديث لم يلتفتوا ألى هذه القضية التى فيها مخالفات كثيرةودعوة إلى إتجاهات متعارضة ومختلفة كما جرى مع بعض أصحاب رسول الله الذين أصبحوا يخطؤن ويحاربون ويقتلون بعضهم كل واحد فيهم يدعوا الى اتجاه مختلف. هذه أشارات وعلامات متناقضه ومختلفة لا يمكن أن تكون هذه الروايات في المناقب صادرة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أما الروايات الصحيحة الأصيلة لا سيما التى تبين وتعين لناس المنهج وطريق الهدى فهي لا تتناقض ولا تتخالف أبدا ، لذلك كان بحث أمر روايات المناقبوالأحاديث أمر مهم فهي ليست قضية دينية أو هامشية أنما تعين مسائل أصيلة.
* مناقب الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام : أن هذه الأحاديث وردت في كتاب المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري وهو محدث وحفاظ وعلماء أهل السنة حيث قال : (عندنا أهل السنة كتابين رئيسين صحيح البخاري ومسلم ) صحيح البخاري لمحمد بن أسماعيل البخاري ، والكتاب الأخر لمسلم ابن الحجاج القشيري السمرقندي. يعتبر هذان الكتابين في مدرسة الخلفاء هم المصدرين الأساسيين لكل قضايا العقيدة والتشريع ولما جاء الحاكم النيسابوري رأى أن عددا كبيرا جدا من الأحاديث الصحيحة عندهم لم ينقلها أو يخرجها مسلم أو بخاري في كتابيهما وهي التى تتوفر فيها كل المقاييس لذلك عمل كتاب من أربعة أجزاء مثل كتابي البخاري ومسلم ووضع الأحاديث الصحيحة التى لم يذكراها مثل ما ورد عن مناقب أمير المؤمنين عليه السلام ومناقب فاطمة الزهراء عليها السلام والحسن والحسين وما ورد من أحاديث في حق أهل البيت عليهم السلام.
ومن الأحاديث الكثيرة التى ذكرها منها :
الحديث الأول/ حديث تخلق فاطمة الزهراء عليها السلام في بدنها من طعام الجنة ، والحديث نقل عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وذكر هذا الحديث في مصادر الشيعة كثيرا وروايات وأسانيد معتبرة ، وهذا الحديث موجود في مدرسة الخلفاء في المستدرك ومضمونه أن النبي عندما عرج به إلى السماءفي قضية الأسراء أتاه جبرائيل عليه السلام بسفرجلة بعض الروايات تقول تفاحة وهذا لا يضر بالحديث نظرا لأن هذه الفاكهة متشابهة من حيث الشكل ، فأكل منها رسول الله وتخلقت نظفت فاطمة الزهراء عندما نزل رسول الله الى الدنيا قارب زوجته خديجة فخلقت فاطمة الزهراء من مصدرطعام الجنة وكان النبي يقول اذا أشتقت الى رائحة الجنة شممت أبنتي فاطمة كأن هذا البدن بقي محتفظ باخصائصه التى خلق بها من الجنة .
الحديث الثاني / وهو حديث مشهور في مدرسة أهل البيت عليهم السلام وهو أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال ( انا الشجرة وفاطمة فرعها وعلي لقاحها والحسن والحسين ثمرتها وشيعتنا ورقها واصل الشجرة في جنة عدن وسائر ذلك في سائر الجنة). والحاكم النيسابوري يقول أن هذا المتن شاد لكن رواة الحديث صدق أصحاب صدق وموثوقون.
الحديث الثالث / يرتبط با عالم الأخرة أن فاطمة عليها السلام أذا جاءت إلى الجنة ناد مناد عن الله عز وجل (يا أهل المحشر غضوا أبصاركم حتى تجوز حبيبتي وأبنةحبيبي فاطمة )سلام الله عليها .
هناك عدة أمور وملاحظات مهمة في قضية منهج التعامل مع روايات المناقب وهي : - أن منهج البحث في المناقب هو منهج نقلي أي كل علم من العلوم يحتاج ألى منهج مثل العقائد تحتاج إلى منهج عقلي للوصول إلى الله عز وجل فلا يكفي أن نؤمن بالله لأن النبي أو الأمام يقول لك أن الله موجود لذلك تتوجه إلى أن تقول أن هذا الكون لا يمكن أن يكون من غير صانعومدبر فتوجهت إلى أن هناك إله وخالقا ومنظما في أصل الأعتقاد بالله وباأسمائه وصفاته عز وجل، فبعض المناهج الأجتماعية تحتاج إلى أستقراء وأستبيان كما يقوم بها العلماء الاجتماعيون. - يجب الرجوع إلى الروايات من مصادرها الأصلية ونرى من نقلها من الروات ونراجع كلام علماء الرجال وماقالوا . - اذا كانت الرواية صحيحة نعتقد بها ألا اذا خالفها شيئ عقليا وبرهانيا لذلك لا يصح الأستبعاد لمجرد الأختلاف في العقيدة أو ما يقال من البعض أن عند أهل البيت غلو أو مبالغة في شيئ، بل ينبغي على كل أنسان معرفة منهج روايات المناقب ومعرفة مصادرها الأصيلة ورواتها.
نرى بعض علماء أهل السنة ردوا على من رفضوا بعض الروايات منطلق من حالة مخالفة عقائدية مثل أبن تيميه الذي يعد المؤسس في الأتجاه السلفي في الأمة وهو لديه وجهة نظر وموقف مختلف حول الأمام علي عليه السلام في كتابه (منهاج السنة) وهو ردا على كتاب العلامة الحلي رضوان الله عليه في كتابه (نهج الكرامة ) وقد كان ابن تيمية معاصرا للحلي حينها وقد ألتقى معه في الحج وبدأيتباحثان ورأى ابن تيمية أن هذا الرجل الذي أمامه رجلا عالما لديه الخبرة في كل المجالات والبحوث التى طرحت كاللغة العربية والتاريخ والأصول والفقه والحديث والمناقشةو المحاضرة ، فتعجب منه وقال له من أنت فرد عليه وقال أنا الذي تسميه ابن النجس لأنه كان يرد عليهبهذا اللقب ولقبه في الأصل هو ابن المطهر (الحسن ابن يوسف ابن المطهر الحلي ). فأذن أبن تيمية لم يحترمه في الكتابة والمحاضرة فأصبح يكذبه في الأحاديث الواردة في حق أمير المؤمنين علي عليه السلام وينفيها من غير بحث كحديث الطير المشوي الذي قال فيه أن هذا حديث مكذوب لم ينقله أحد من أهل العلم أصلا ، بعض علمائنا ردوا عليه مثل ميرحامد حسين الهنديالنقوي رضوان الله عليه أتاه بسبعين طريق من علماء أهل السنة الذين رووا هذا الحديث ، أيضا نفى حديث المؤخاة. في المستدرك للحاكم النيسابوري ( سيدات أهل الجنة أربع أفضلهن فاطمة بنت محمد ). أن شخصية فاطمة أقرب شخصية من النساء إلى الله تعالى . فالعترةالطاهرة مصباح هداية للمسلمين وتعظيم لشأنهم حيث أصبح بستطاعة الناس أن يصلوا إلى هذا الطريق ومعرفة مافيه .
أذن يجب الأنتماء والولاء وتربية الأبناء على هذا الطريق لأننا لا نجد أحد أقرب ألى الله تعالى منهم .
|