أسماء الله وتجلياتها في التشريع
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 9/9/1431 هـ
تعريف:

أسماء الله وتجلياتها في التشريع

 

تفريغ نصي الفاضل زهير أبو محمد

قال الله تعالى :( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58) صدق الله العلي العظيم.

نتناول تجلي أسماء الله عز وجل في تشريعاته واحكامه ضمن الحديث عن صفات الله العليا واسمائه الحسنى.

     المقدمة لذلك : الكون وعالم المخلوقات مظهر لاسماء الله وصفاته،فنحن نلاحظ اصغر شيء في عالم التكوين نراه شاهدا على ان الله على كل شيء قدير.

فعنما نرفع بصرنا وننظر في اضخم شيء واكبر شيء لنجد الحقيقة ان الله على كل شيء قدير. نجد ابداع الخالق في خلق السموات كما نجده في أعماق البحار وفي كل شيء بقوله تعالى( ثم ارجع البصر كرتين ينقلب اليك البصر خاسيئا وهو حسير) لاتجد فطورا او لاتجد تخلفا او لاتجد خللا.

   الحديث الان سيكون في تجلي أسماء الله عز وجل في احكامه وتشريعاته :

فمثلما ان الكون مجلى لأسماء الله الحسنى كذلك التشريع أيضا مظهر من مظاهر الله وصفاته عز وجل.فعندما نلقي بالكتاب الذي بين أيدينا والذي وصف من قبل الله عز وجل (هذا بيان للناس وهدا وموعظة للمتقين) نجده انه يحتوي على مجموعة كبيرة من التشريعات والاحكام والقيم التي تنظم حياة الانسان.

ويوجد هنا ملاحظة:

ان القران الكريم لايحتوي على كثير من التفاصيل بمقدار مايحتوي على المبادئ. فمثلا عندما نأتي الى العبادات كالصلاة ،فهذا اللفظ تكرر ما يقرب من تسعين مرة ولكننا لانجد تفاصيل للصلاة كعدد الركعات وماذا نفعل عند الشك؟وهل الزياده مبطلة او غير مبطلة؟ او ان النقصان بها مخل او غير مخل؟ وماهو ركن فيها وما هو غير ركن؟ هذه لايتحدث عنها القران الكريم وانما أوكلت للسنة وبعد ذلك لاجتهاد الفقهاء والعلماء.

وكذلك الحج المفصل في احكامه قد لاتجد في القران الكريم قضايا تتصل بتفاصيل الحج والمناسك الا خمس او ست آيات هي التي تتحدث عن التفاصيل.بينما القران الكريم يحتوي على المبادئ العامه على القيم وهذا من حكمة الله عز وجل.

فالقانون الذي يتعرض الى تفاصيل جزئيه يكون غير قابل للاستمرار من الأزمنة المختلفة والحالات المتغيره. فمثلا: لو قلنا ان على الرجل نفقة المرأة ان يكسوها ويطعمها فبذلك الزمان يكسوها بثوب من الكتان واخر من صوف ،فهذا الثوب لايقبل بهذا الزمان المرأة الشابة التي تريد الكسوة.فلذلك لم يعين ذلك كقانون بين الزوجين ولكن عين كقانون عام بقوله تعالى(وعاشروهن بالمعروف) أي عاشروهن بالمعروف في ذلك الزمان له تطبيقات خاصة وبهذا الزمان له له تطبيقات مختلفه وبعد خمسمائة سنة أيضا لها تطبيقات أخرى.

ولم يقل الله عزوجل بيعوا واشتروا عن طريق مبادلة السلعة بالسلعة والذي كان رائجا بزمان نزول الوحي وهي كانت الطريقة الرائجه مبادلة السلع بالسلع وهذا يصبح بيعا.

فلو كان مثل هذا التشريع موجودا لما اصبح اليوم بأمكان الانسان القيام بالتجارة الالكترونية،لانه ليس بها مبادلة سلعة بسلعة حاضره وانما نمط آخر من التجارة.لذلك جاء بدلا منها في قوله تعالى(ياايها الذين آمنوا اوفوا بالعقود) وفي آية أخرى (الا ان تكون تجارة عن تراض منكم لاتأكلوا اموالكم بينكم بالباطل) وهذه القيم العامه وهذه المبادئ العامه يمكن استخراج عشرات او مئات المعاملات والمسائل التي ترتبط بالمبادلات المالية من خلال هذا المبدأ العام.

بينما لو دخل القران الكريم في تفاصيل المسائل لكانت خاصة بزمانها وبأشخاصها وبمكانها أحيانا. اذا فالقران الكريم من حكمة الله سبحانه وتعالى التي افرغها في كتابه انه جعل هذه التشريعات والاحام جعلها عامة قابلة للانطباق في كل زمان ومكان . من هنا نلاحظ ان القران الكريم جعل كل حكم من الاحكام غالبا جعل صفة من الصفات الإلهية واسما من الأسماء الإلهية يشير الى حكمة هذا التشريع . ويمر علينا في سورة النساء والمائدة والبقرة وفي السور الاتية بعض آيات الاحكام مذيلة باسم الله عز وجل ،مثل الاية السابقة(ان الله يأمركم بأن تؤدوا الامانات...سميعا بصيرا). فيأتي هنا سؤال :لماذا قال الله عزوجل(إن الله كان سميعا بصيرا)؟

لماذا لم يقل إن الله قويا عزيزا او إن الله كان غفورا رحيما ؟ فكل هذه أسماء الله سبحانه وتعالى،فلماذا جيئ بهذا اللفظ تحديدا (إن الله كان سميعا بصيرا) دون غيره؟ يوجد هناك ارتباط بما ان الاية فيها حكم شرعي تأمل قليلا لتجد انه يوجد قطعا علاقة بين هذا الاسم الإلهي والحكم الشرعي بالاية. الامانات العهد الشهادات كل شيء يدخل في ذمة الانسان بسبب من الأسباب هذه تكون أحيانا محلا للخيانة. فأحدهم يؤتمن على شيء فيطمع فيه فيخون امانته ،كوديعة مالية او شهادة اوؤتمن عليها لايشهد فيها او عهدة بقية معه لايؤديها لصاحبها ،ثم عندما يطالب ينتحل عذرا من الاعذار لهذا تقول الاية(إن الله كان سميعا بصير) فلا تنطلي عليه سبحانه وتعالى الأسباب التي اقنعت بها من ااتمنك بضياع الامانه او تلفها فهناك من يسمع ويبصر وبكل شيء عليم.

أحيانا تجد شخصا لايؤتمن على شيء فيخون الأمانة ويوجد أي عذر من الاعذار. يقال:انه كان تاجرا كان يريد ان يسافر وعنده مقدار من الحديد فأتمن تاجر اخر عليه كان جارا له على ان لا يسرق او يتلف فقال له جاره التاجر لا مانع سأحافظ عليه. سافر التاجر مطمئن وبعد عدة أيام جاء تاجر اخر ليشتري الحديد فطمع التاجر المستأمن بمبلغ وبعاه إياه وقبض الثمن واكله. وبعد أيام رجع التاجر صاحب الحديد وسأل جاره التاجر اين الحديد؟ قال له عظم الله اجرك فيه!  قال خيرا ما حدث؟ قال:جئت يوما فرأيت الفئران قد اكلت الحديد كله. قال:غريب هذا الامر ان تأكل الفئران الحديد فهي تاكل الجبن. قال: التاجر المؤتمن هذا الذي حدث.

فأحتسب التاجر امره الى الله عز وجل. ودارت الأيام واراد التاجر الذي اكل المال يريد ان يسافر فقال لصاحب الحديد. فقال:لصاحب الحديد اريد ان اسافر وأريد ان ائتمنك على عيالي فهم صغار ان احتاجو شيئا اعطهم وانا عند رجوعي من السفر اعطيك. قال:تاجر الحديد لا مشكلة وهو كذلك سأله متى ترجع من سفرك قال بعد شهرين من الان . وقبل رجوع التاجر الخائن بيومين اخذ تاجر الحديد ابن التاجر المسافر لمكان بعيد وحبسه هناك . فعلا رجع التاجر الخائن من سفره وجاء لتاجر الحديد يسأله اين عيالي ؟ قال:موجودين واذا بأبنه غير موجود.

سأله اين ابني؟  قال: عظم الله اجرك فيه قال: ما فعلت به هل قتلته ؟ قال له: كلا ولكن بينما انا بسوق اذا بصقر يأتي لابنك وينقض عليه بمخالبه وياخذه بعيدا للفضاء ولا نعرف ما خبره الان. قال:التاجر الخائن ما هذا الكلام الذي لا يصدق كيف بصقر يخطف ولدا وزنه يفوق 75 كجم ؟ ماسمعنا بذلك ولا يمكن تصديقه. قال: تاجر الحديد البلد الذي فئرانه تاكل الحديد صقوره تخطف الثيران والأولاد،فأنت تريد عذرا على خيانة الأمانة فهذا عذري.    هنا القران الكريم يشير (ان الله يأمركم ان تؤدوا الامانات الى أهلها)لأنك عندما تؤتمن وتخون الأمانة بأعذار غير صحيحة لتتكتم على ذلك وتستغل جهل الامنين فإن الله كان  سميعا بصيرا.  فالله يسمع بأتفاقية التاجر الذي باع الحديد ويرى كيف اكل المال ويبصر به فيأتي بالاية القران الكريم بالسميع والبصير حتى يحذر من المخالفة فلا يناسب ان يأتي هنا بغفور رحيم او حليما او كريم.

من تجلي السميع والبصير عند الله عز وجل انه بالنسبة للتشريعات التي بها خفر الذمة والتي بها خيانة عهده اذا كان من الممكن ان يأتي بها احدهم يقول له الله سبحانه وتعالى انتبه (ان الله كان سميعا بصيرا). فلو اتينا الى القضاء مثلا: هناك قاضي يأتي له شخص من اهله او اهل مذهبه او من دينه او من اهل بلده فيقلب الحق على الطرف الثاني باطلا ولا يعدم وسيلة بموجب المادة كذا والمادة كذا ليغير نمط القضية ويقلبها على ذلك الطرف فيحاول ان يتحاشى الغرامة كما يقول المثل (لا نريد العنب فقط اعطونا سلتنا ). فأصبح ليس فاقدا  حقه بل ومطالبا بغرامة وعقوبة.

نعم هناك قسم من الناس مظلومين هكذا حالهم اصبح يرجو ان لايطلب منه غرامة او انا لا يسجن بعد ان ظاع حقه بعد ان قلب القاضي الحق باطلا،هنا يأتي ان يقول للقاضي احكم بالعدل (ان الله كان سميعا بصيرا ). فعندما تقلب القضية وتستغفل صاحب الحق فان الله بصير بهذا الامر خبير وعليم بما تصنع ويسمع ما تقول  وفي مكان اخر تجد ان هناك تشريع يحتاج الى جهة اخره يحتاج الى ردع والى قوة فتأتي الصفة من صفات الله عز وجل بها إشارة الى العزة بقوله تعالى (والسارق والسارقة فأقطعوا ايديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم).

بعزته يقيم الحد على هذا السارق وبحكمته فالسارق قد تشوه فقد يده او ذاك القاتل فالمقتول واحد قد قتل ويقتل أيضا شخص اخر . هنا يحتاج الى حكيم يعرف ان الردع في المجتمع ضروري للحفاظ على امنه فلو لم يكن هناك حالة ردع لايمكن ان يكون هناك امان اجتماعي.    فالسرقات التي تنتشر الان لو كان بالفعل شي يردع السارق ماكنت ترى هذه المشاكل وهذه القضايا فتتطور من السرقة الخفية من مراقبة المنازل بمراقبة اصاحبها عند خروجهم الى السرقة العلنية تحت تهديد السلاح الى النهب في الشارع كل هذا لانه ليس هناك مشرع او منفذ حكيم لكي يفهم ان العقوبة التي تنفذ في حق هذا المجرم وان افقدته يده الا انها تحمي المجتمع حياته.

وبعدها لايصبح الانسان مهددا. من سرق تحت تهديد السلاح يقتل كما يقول العلماء وليس فقطع تقطع يده . ومن كابر امرأة واغتصبها تحت تهديد السلاح يقتل ،فالعقوبات المخفضة ليس لها اعتبارا عندما يكون تحت تهديد السلاح وليس لها معنى كقطع اليد وغيره. ( اقطعوا ايديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله) فالله سبحانه وتعالى وضع مجموعة حدود وتركك تعيش فيها. ان الله قد وضع لكل شيء حد وجعل لمن تعدى ذلك الحد حد اذا تعديت وتخطيت. فيسرق هذا الانسان من حرز وليس مضطرا وليس بزمان مخمصة وجوع ومبلغ يتجاوز المقدار الشرعي في السرقة تقطع يده بناء على الحكم الشرعي. ولوهذا نفذ لما وجدت السجون في بلاد المسلمين تستظيف يوميا أشخاصا حتى يأكلوا ويشربوا وفوق ذلك يصرف لهم مبلغا شهريا؟ فيقول انا اجلس بفندق يوميتي كذا واكل واشرب وكأني بفندق خمس نجوم ومعي أصحاب وجماعة احكي معهم. فبعد ان كان ناشئا بالسرقة اصبح متمرسا في الجريمة ،فهنا يحتاج الى عزيز بعزته ينفذ هذه الاحكام والى حكيم يفهم قال: قال الرجل ارجع الى القران الكريم فوجدوا ان الاية (ان الله عزي حكيم ) ولي غفور رحيم. قال الاصمعي للرجل من اين عرفة ولاتحفظ الاية؟

قال الرجل الاية في سياق قطع اليد وتقول جزاء ونكال وعذاب واقتصاص فلا ينسجم معها ( غفور رحيم) فلا بد من صفات بينت منها العزة والقوة والحكمة. فعزيز حكيم ينسجم مع وضع القانون بهذه الطريقة وينسجم مع عزة الله عز وجل في الاخذ على يد المجرم ، وغفور رحيم ليس هذه مكانها اذا اضطر الانسان الى تخطي القانون كقوله تعالى ( انما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما اهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن الله غفور رحيم). فالميتة حرام ، فهي كل ما لم يذبح على الوجه الشرعي بدون ذكر اسم الله متعمدااو ذبح ولم تفرى اوداجه الأربعة او ذبح على يد غير مسلم وهنام بعض العلماء يفرقون بين الميتة وغير المذكى. كالدجاج الذي يأتي من الخارج مرتبا لكنه لم يذبح على الطريقة الشرعية ،فبعض العلماء يقولون ان هذا غير مذكى وليس ميته ،هذا مايذهب اليه السيد الخوئي قدس سره.

الخنزير وما اهل لغير الله . ماذبح للاصنام والاوثان فهذا لايجوز اكله محرم ، ولو كان انسانا مسافرا وقطعت به السبل ولم يجد الا خنزيرا ان يدبحه او ان دابته ماتت فلا مانع ان اضطر غير باغ ولاعاد على الحاكم الشرعي مثل الخوارج فلو اضطر وا للاكل غير الشرعي يبقى حراما عليهم .اوعاد كقطاع الطرق ان لم يجدوا شيئا يأكلوه غير لحم الميته او خنزير او ما شابه فهذا لايجوز له لانه متعد وقاطع للطريق يقولون ان عليه ان يأكل به بمقتضى حفظ النفسلكنه حرام عليه أيضا ويعاقب عليه.

فهنا محل قوله تعالى(ان الله غفور رحيم)يأكل اضطرار غير متعد وليس من البغاة اقتحم المحرم من اختيار وتعمد هذا لااثم عليه(ان الله غفور رحيم). فنلاحظ هنا ان العلاقة بين المغفرة والرحمة من جهة وبين لا اثم عليه وكونه مضطرا وليس من هذه الأصناف. أسماء الله عزوجل اذا جاءت في نهايات الايات المباركات الت تتحدث عن الاحكام الشرعية فيها إشارة اما الى جهة تشريع الحكم او الى ان الله رقيب لانه ، وهذا من ميزات التشريع أيضا.ليس فقط يستخدم القانون لتوجيه الناس الى العمل فالان افترض الدول والأنظمة الحكومات تقول اليك ان تلتزم بالقانون اذا لم تعاقب بكد وكدا ،فعندها رادع وهو رادع خارجي (خوف العقوبه).بالنسبة الى التشريع الإسلامي

وفي اية أخرى قوله تعالى(واذا طلقتم النساء فبلغن اجلهن ). فقد يأتي شخص يتظاهر بالاتصال بزوجته ويلاطفها بالكلام او ان يدفع النفقة امام الجميع وانه مستعد ،اعلموا بأن الله بكل شيء عليم. فلو استطاع ان يقنع الناس والقاضي بذلك فليعلم بأن الله بكل شيء عليم، يعلم خلجات الانفس وذات الصدور وبالتالي هو مطلع عليه.

فهنا نلاحظ ان الاسم المبارك لله عزوجل لايستخدم العزة والرأفة والرحمة وانما لجهة ان الله مطلع على هذه الممارسة التي ظاهرها غير باطنها وهذا اللفظ عليم موجود بكل شيء به احتمال الخفاء موجود كالجهاد مثلا بقوله تعالى( جاهدوا في سبيل الله بأموالكم وانفسكم واعلموا بأن الله بكل شيء عليم).

لماذا اعلمو بأن الله بكل شيء عليم؟

أحيانا الانسان في اثناء عمله الجهادي عطائه المالي قد يوسوس له الشيطان ، يقول له ان تجاهد في جيش الإسلام والرتب لذاك الجنرال والترقيات لذاك النقيب والفريق وانت تحتضن التراب وتصلى الصعوبات والمشاكل،اترك هذه القضية هكذا ولاتجاهد ولاتعمل. وهنا يفقد الانسان عزيمته في الجهاد ، فأنت أيها الانسان تتبرع في سبيل الله من يعرف عنك بعطائك ونفقتك من يدري عنك ؟

يقول عزوجل( جاهدوا في سبيل الله ...ان الله بكل شيء عليم ) فالله الذي بكل شيء عليم يقول بالحديث القدسي:عبدي عملك الصالح انت تخفيه وعليه اظهاره) انت تخفيه مبالغة بحسن النية وصفائها لكني انا اظهره فلا احد يستطيع إخفاء مالله يريد ان يظهره.

لان امامنا سيدة من سيدات الجهاد والانفاق في سبيل الله "خديجة ابنت خويلد" سلام الله عليها. وبحسب قراءتي واطلاعي ولم اجد ان السيده خديجة تحدثت عن نفسها الا في موضع واحد ،وذلك بعد زواجه بالنبي صلى الله عليه واله وسلم. جاءت مع ورقة ابن نوفل الى فناء الكعبة ، كان ورقة قريبا لها وكبير العائلة بذلك الوقت جاءت معه بوقت يجتمع فيه كبار قريش وقالت لورقة اتلو ما انا أقوله لك حتى يستمع الناس جميعهم.

قالت خديجة سلام الله عليها: انا خديجة ابنت خويلد واني اشهد جميع من حظر ان جميع ما املكه من مال او عقار او عبد او ابل او شاة فهو لزوجي محمد صلى الله عليه واله.

هذا المقدار الذي تحدثت فيه عن نفسها ثم تصرف رسول الله صلى الله عليه واله في ذلك المال بما اعز به الإسلام ( انفاق عتق تجهيز) وغير ذلك ،كل ذلك كان من مال خديجة عليها السلام.

هي لم تتكلم عن نفسها بغير ذلك لكن وكل الله لسان صدق يتكلم عنها بحيث لو هي ارادت ان تتكلم مائة مرة اكثر منه ماكان يؤثر بمقدار اثره ذلك كان لسان النبي محمد صلى الله عليه واله. فمنذ ان توفيت سلام الله عليها لم يفتأ لم يزل يذكرها في كل مشهد : آمنت بي حيث كفر بي الناس وصدقتني حين كذب بي الناس وواستني بنفسها حين حرمني الناس ورزقت الولد منها وحرمت من غيرها.  واذا يسمع صوت يشبه صوت خديجة وهو صوت هاله اختها اذا به يقوم احتراما لصوت يشبه صوت خديجة عليها السلام. عبدي عملك الصالح انت تخفيه فلم تقل كم أعطيت ولا قالت يارسول الله جهز بكذا وكدا ولم تقل انت انفقت وعملت، لكن الله يظهره ويعليه وهذا الحال لاي انسان يعمل فلو كانت كامرات منصوبه على ارض كربلاء اربع وعشرين ساعة لما كانت تنقل مانقل على الالسنة لنا ماحفظه الله سبحانه وتعالى .فهل تستطيع الكامرات الاطلاع على النيات؟

لكن الله يكلع على النيات ،هل تسجل الكامرات خلجات النفس؟ لاتستطيع ذلك لكن الله سبحانه وتعالى يستطيع يسجل خلجات النفس وسر السر والكلمة المبهمة حتى ينقلها عباده لمن بعدهم. من الذي كان يعرف لماذا رمى ابوالفضل العباس عليه السلام الماء على الماء بعد ان وصل الى داخل المشرعة؟   لو ان هناك مراسلا يسجل فلن يستطيع ان يسجل لماذا؟

لو ان كاميرة ترصد هذا المشهد لاتفهم لماذا؟ لكن الله سبحانه وتعالى الذي أراد ان يظهر العمل الصالح للإنسان كما اظهر عمل بيت النبوة بقوله تعالى ( انما نطعمكم لوجه الله لانريد منكم جزاء ولاشكورا) اظهر هذا الموقف بتقسيراته على لسان اهل البيت عليهم السلام ،فأبوالفضل عليه السلام يغترف غرفة من الماء لكي يشرب وهنا يمر بخاطره صراخ الصبية من الأطفال والنساء والايتام فيرمي الماء على الماء ولايشرب . فمرحى للاثار ومرحى لهذه النفس العالية كانت همة أبو الفضل ان يملئ القربة وان يوصلها الى المخيم ولذلك بعض المحققين في السيرة يقولون :

ان طريقة قتال العباس عليه السلام عندما جاء للمعركة تختلف عن طريقته عندما حمل القربة .

مرات العرض: 3420
المدة: 00:51:22
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2571) حجم الملف: 17.6 MB
تشغيل:

البسملة وبعض تطبيقاتها الفقهية
شخصية النبي في أحاديث المدرستين