الله أحد الله الصمد
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 24/9/1431 هـ
تعريف:

الله احد الله الصمد

 

تفريغ نصي الفاضل رياض العطية

قال تعالى في كتابة الكريم (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)).

حديثنا بعون الله حول صفات الله وأسمائه الواردة في صورة التوحيد أو سورة الأخلاص أو سورة المعرفة كما ورد تسميتها بذلك السورة المباركة جاءت بسياق التعريف والتوصيف والنسبة بعدما سأل كفار قريش رسول الله ص أن أنسب لنا ربك من يكون وما هي صفاته نحن عندنا آلهة إذا أردنا تعريفها لأحدهم ندعوه لرؤيتها وهي موجودة على الكعبة فصف لنا ربك وأنسب لنا معبودك حتى نعرف ما تقول فأمهلهم بعد ثلاثة أيام كما في الرواية ونزلت السورة بعد ذلك (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)). وكان فيها نسبة الله عز وجل وصفاته بأسمه المقدس وصفاته الذاتية وبعض صفات الفعل وبعض الصفات الجمالية وبعض صفاته الجلالية بل يمكن القول إنها تنتهي في معانيها لجمع كل الصفات الإلهية ربما يكون لما أحتوت عليه من المعاني جعلت تعدل ثلث القران كما ورد في روايات الفريقان من السنة والشيعة نقلوا عن رسول الله ص أن سورة التوحيد تعدل ثلث القران وإن أختلفت النصوص بعضها فيها مثلا سلمان الفارسي المحمدي عندما كان جالس مع رسول الله ص فقال إيكم يقرأ ثلث القران في ليلته فقال أنا يا رسول الله فتعجب بعض الحاضرين بأن ماذا يدعي هذا العجمي ونحن نراه في كثير من الأحيان ينام مبكرا وينفل معنا في أمور مختلفة فمتى يكفيه الوقت يقرا القران كله فلما سأل الرسول ص كيف ذلك قال سمعتك تقول إن قل هو الله أحد تعدل ثلث القران فأنا أقرئها ثلاث مرات وبالتالي أقرأ القران بتمامه أو يكون لي ثواب ذلك كله فمن جملة ما وجه به معنى ثلث القران ما تحتوي عليه من المعاني وكذلك قالوا هناك رويات عن أهل البيت عليه السلام بهذا المضمون أن الأصول الأساسية لأعتقاد الإنسان ثلاثة أصول معرفة الله عز وجل وما يرتبط بذلك من توحيدة وذكر أسمائه وصفاته وهذه موجودة في القران منها الشيئ الكثير والأمر الثاني معرفة النبوة والأنبياء وقصص الأنبياء وقصص أقوامهم وفي طليعتهم رسول ص والأصل الثالث ما يرتبط بالمعاد هذه أصول الدين الأساسية بالنسبة للمسلمين والقران الكريم جاء في معظمه يبين لهذه الأمور وما يرتبط بها وحيث إن هذه الأيات المباركة من سورة التوحيد تحتوي على النسبة التامة لله عز وجل والصفة الكاملة مع التأمل لله عز وجل وكأنها تكفلت ببيان ثلث ما جاء به القران الكريم ، الله سبحانه وتعالى بناء على الرويات تكفل بثواب من يقرأها لاسيما التمعن بعانيها أن يجعل ثوابه ثواب من قرأ ثلث القران ، فإذا هذه السورة المباركة لها هذا الموقع في الثواب والأجر وفي المعنى أيضا إذ نلاحظ لها معاني كثيرة نحن نقتصر على شيء من شرح الألفاظ بمقدار ما يتسع له المقام والزمان

تبدأ السورة المباركة ب(قل) ، أحد المفسرين له فدلكه لطيفة في المقارنه بين هذه السورة وسورة الكوثر التي لم تبدأ ب(قل) وهي ملاحظة لاباس بها يقول في سورة إنا أعطيناك الكوثر نحن لا نجد إنه بدأ ب(قل) وذلك لجهة إن الله سبحانه كان في صدد الدفاع عن نبيه الأكرم ص بعدما قال العاص ابن وائل إن محمد لا عقب له فهو أبتر فإذا مات إنقطع أمره وماتت دعوته وينتهي كل شي بموته فالله سبحانه كان في مقام الذب عن النبي والدفاع عنه ومقام الذب والدفاع يتطلب يقول الأمر بشكل مباشر إنا أعطيناك الكوثر فصلي لربك وأنحر إنا شانئك هو الأبتر .. بينما في سورة التوحيد العكس هو الموجود وذلك إن النبي ص كان في مقام الرد على الكفار الجاهليين عندما أستفهموا مستجهلين الله سبحانه فهنا مقام الدفاع من النبي وأن يبلغ ويبين صفات الله عز وجل وأن ينشر مدحته على الناس فهنا مقام أن يأمر الله نبيه بأن قل هكذا بين هذا التبين بلغ هذا الأمر لأنك في مقام الدفاع والإنتصار لله عز وجل فهناك الله في مقام الإنتصار للنبي ما يحتاج إلى قل هنا النبي في مقام الإنتصار لله عز وجل يحتاج إلى قل بين بلغ إلى الله عز وجل وهي ملاحظة لابئس بها كما ذكرها هذا المفسر

أولا تبدأ السورة المباركة ب(قل) ثم تقول هو (هو) يقولون إشارة لغيب الغيوب الله سبحانه وتعالى تارة أنت تشير وتقول هذا إلهي هنا لا يمكن أن تشير إلى الله لانه غيب مطلق لا يمس ولا يحس ولا تحيط به الأبصار ولا يستحضره الإنسان ولا يدرك كنهه هو كل الغيب هو غيب الغيب هو سر مستسر في السر فناسب أن يشار إليه ب هو لا يقول قل هذا الله أحد (هذا ) كأنما تشير إلى شيء حاضر ومحسوس وشيء تدركه بحواسك التي هي حواس المخلوق والله لا تدركه الأبصار ولا يحاط به ولا يعرف على حقيقته فناسب أن يشار إليه بضمير الغيبه والغياب ، الله نحن تحدثنا عن لفظ الجلالة عند حديثنا عن الإسم الأعظم وقلنا حينها إن بعض العلماء يعتقدون أن يكون هذا الإسم المقدس هو الإسم الأعظم لله عز وجل لأنه ورد في كثير من الروايات التي تشير إن في هذه الجملة مثلا ما قيل إن في آية الكرسي فيها االإسم الأعظم أو إن آخر سورة الحشر فيها الإسم الأعظم أو قول يامن هو لا إله إلا الله فيها الإسم الأعظم العنصر المشترك بين هذه الرويات هو لفظ الجلالة والإسم المقدس لله عز وجل وذكرنا حينها بعض الصفات الخاصة والميزات الموجودة في هذا الإسم الشريف

قل هو الله أحد ( أحد) إسم من أسماء الذات صفة من صفات الذات الإلاهية وتختلف عن صمد بأن صمد فعل وبينا في وقت سابق الفرق بين صفات الذات والفعل (أحد) من حيث المعنى الإجمالي تساوي معنى الواحد ولكن هناك فروق مهمة بين الواحد والأحد الواحد بالذات في الاعداد لابد أن يتصور معه اثنان وثلاثة وعليه يكون الحساب وهذا الأمر بالنسبة لله عز وجل غير معقول أصلا فإذا تصورت الواحد بمعنى أن يكون له ثاني وثلاث ورابع هذا لا يكون الله سبحانه الواحد مثل ما تقرأ في دعاء الجوشن اللهم إني أسالك بإسمك يا واحد يا أحد نحن نلاحظ في كثير من الأحيان تأتي كلمة واحد مضاف إليها الأحد حتى لا يتصور الإنسان إن معنى الواحد ما هو موجود في الحساب عندنا الواحد هنا الأحد هنا الذي ليس له ثاني ولا يتصور معه أخر ويرتبون على هذه إن بعض الأستعمالات تستعمل فيها واحد لا يكون صحيحا وتستعمل فيها أحد يكتمل المعنى مثلا أنت تقول أنا ما يغلبني واحد من الممكن أن يغلبك أثنان وثلاث واربعة ولكن عندما تقول لا يغلبني أحد حينها أنت تنفي غلبة أي أحد لك وهنا يبين الفرق بينهم الله سبحانه عندما نصف بانه الواحد كما يقول أمير المؤمنين عندما سأل في حرب الجمل فقال له إذا تقصد الواحد ما هو في الأعداد الذي بعده اثنان وثلاثة فهو لا يصح بحق الله عز وجل لانه الاحد الذي لا شريك الله ولا ضده له ولا ند له ولا قرين له كذلك ايضا من الفروق بين الأحد والواحد إن الواحد لا ينافي التركيب والأجزاء بينما الأحد ينافي التركيب والأجزاء يعني إنت الآن تقول عندي سيارة واحدة هذه السيارة واحدة صحيح لكنها مركبة من عشرة آلف جزء صغير وكبير كلها جمعت بنظام معين فصارت شيء واحد إنت نفسك ذاتك واحدة ولكنك في الواقع مجموع من أجزاء أوردة وشرايين ورجل ويد كلها جمعت بنظام معين ونفخ فيها الروح فصارت واحدة لكن لما تتأمل في حقيقتها هناك تركيب تقول أنا الواحد مركب من أجزاء من يد ورجل وأنف وامور اخرى الأحد لا يوجد تركيب ينفي التركيب عندما تقول الله الأحد يعني أنه لا يقبل التركيب ولا الأجزاء لا الاجزاء الخارجية ولا الذهنيه يعني بعض الاشياء ليس لها وجودات خارجية متكاثرة وأجزاء ظاهرية كثيرة ولكن قد العقل يجزئها فالأحد لا يمكن تجزأته بينما الواحد بهذا المعنى يمكن تجزأته وبالتالي آلهة ثانيه لا يوجد نظرا لانه أحد

صمد قيل فيه أكثر من معنى لكن أوثق ما جاء فيه وأحق بالإعتبار ما جاء عن الإمام أبي جعفر الثاني محمد الجواد ع في الكافي حيث قال الصمد هو السيد المصمود إليه في الحوائج كلها مثلما تقول السند يعني يستند إليه الناس في آرائه مثلا أو قوته أو عطائه صمد يعني يلغي الناس حاجاتهم إليه يصمدون في أمورهم إليه وهو المتكفل في حاجاتهم هو الملي في حاجاتهم كلها وهم محتاجون اليه وهو لا يحتاج إلى أحد منهم الله الصمد يعني من تقدم له حاجات الخلائق وهذا ليس خاص بالإنسان المسلم يعني انت تصور واحد في وطن معين في ضيق في شدة كما يقول الإمام الصادق ع لأحدهم هل ركبت البحر قال بلا هل انكسرت بك السفينه قال بلا قال هل تعلق قلبك حينها حيث لا سفينة تغنيك ولا احد ينجيك بشيء قال بلا قال فذلك الله عز وجل إنت قد لا تعلم ما هو ولا كيف هو ولكن يتعلق قلبك بقدرة قادر بجهة من الجهات التي تنجيك مما انت فيصمد الخلائق إليه ويقضي حاجاتهم والحقيقة لو إن انسان تأمل في هذا المعنى قليلا هو من مظاهر عظمة الله عز وجل يعني انت تصور لو أن واحد مهما كبر في إحاطته إلا الله إذا مئة نفر يأتون على بابه يدقون عليه الباب ليقضي حوائجهم هذا يطفر من حياته ولا يستطيع أن يدبر الأمر بينما ملايين البشر يرفعون حاجاتهم إلى الله بالمئات والمليارات وتصور عدد الحوائج التي ترفع لله منذ بعثت الرسول ص وقبلها ( يامن لا تغلطه الأصوات يامن لا تشتبهه عليه اصوات الداعين يامن لا يبرمه إلحاح الملحين )كل القضايا ترتفع لله سبحانه وهو ايضا يستجيب إلى الناس ونقول لك كيف يستجيب جاء رجل إلى الأمام الباقر ع وكأنما أراد الإمام ع يعطي إلى هذا الإنسان أمل فقال له يا فلان أرأيت لو قلت لك قولا أكنت تثق به قال سيدي إذا لم أثق بقولك وأنت حجة الله على خلقه فبقول من أثق قال فكن بقول الله عز وجل أوثق من قولي قال وما معنى ذلك قال الإمام ع قال الله عز وجل ( والله يعدكم مغفرة منه ورحمة ) فلابد أن تثق بقوله وهو وعدك المغفرة والرحمة وقال إدعوني أستجب لكم وقال إني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني نسال الله تعالى أن يتقبل منا ومن المؤمنين وأن يستجيب لنا ولجميع المؤمنين دعواتهم إنه على كل شي قدير

فالله تعالى هو من يصمد إليه بالحوائج وتقدم الحوائج إليه هو لأنه كذلك الكل يحتاج إليه وهو لا يحتاج إلى أحد ولأنه لا يحتاج لأحد فهو لم يلد ولم يولد كيف ؟! الإنسان الذي يولد بل كل ما يولد ومن يولد محتاجا .. محتاج لوالده على الأقل يحتاج لوالده كي يلده ويحتاج لوالدته لكي تهتم به لا يوجد مولود إلا وهو بحاجه لوالديه على الأقل في جهة الإجاد لكي يكون موجودا هذا المولود لابد أن يكون هناك والد وقد قلنا إن الله هو الغني الذي لا يحتاج إلى أحد ويحتاج كل شي إليه يا ايها الناس انتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد فهو لم يولد لانه لو كان مولودا لكان محتاجا بل لكان مشاركا في الملك يعني اذا والد الله فرضا ولده فلابد ان يكون له يد عليه لابد ان يكون له شراكه معه لذلك نقرأ الحمدلله الذي لم يتخذ ولدا ولا والدا ليش لانه يشاركه فيما أمر ويرفده فيما صنع بالتالي الوالد الذي يصنع الاله له نسبة شراكة واذا كان لله ولد فيكون موروثا كما يقول الامام الكاظم عليه السلام الله أحد صمدا لم يلد فيكون موروثا ولم يولد فيكون مشاركا في ملكه اضافه إلى هذي لم يلد ولم يولد وهي من صفات الله عز وجل فيها نفي لما قاله ثلاثه من الفئات ما قاله كفار قريش أصطفى البنات على البنين، الله يقولون اتخذ من الملائكه اناث على اساس انهم بنات الله جل وتنزه عن ذلك وقال المسيحيون المسيح ابن الله وقال اليهود عزير ابن الله ينافسون قول الذين كفروا من العرب الذين قالوا ان الله جعل من الملائكة اناث واتخذهم بنات له هذا كذب وهذا غير صحيح فهو ردا ايضا في الوقت الذي يشير في القران الكريم إلى غنى الله عز وجل عن الوالد والولد لأن الولد لماذا يتخذه الإنسان عادة يتخذ لنفعه وحاجة الوالد إليه إما حاجة نفسيه او ماديه يعينه ويساعده والله هو الغني عن العالمين لأن الكفو أقل درجاته أن يكون مستقلا بذاته وحاجاته والمثال العرفي لذلك أفترض الولد قال أنا أصبحت رجلا ومستقل كالرجال نقول له أنت على الأقل تدبر خراجك وحاجاتك الماديه البسيطة كأن المكافأة يساوي في العرف الإستقلال وعدم الحاجة وأما أن كان عالة على الغير فلا يكون مستقلا وكفوا هل يستطيع أحد أن يدعي انه مستقل في حاجاته عن الله لا يستطيع هذا الهواء الذي يتنفسه والماء الذي يشربه والشمس التي تشرق عليه وغيرها ، هذا من الخلق لعلك تقول هناك كفوا لعله في مكان آخر في عالم آخر إله آخر يجيب هذا الكلام سيدنا أمير المؤمنين ع في وصيته لأبنه الحسن ع حيث يقول وأعلم بني إنه لو كان لربك شريك لأتتك رسله ورأيت آثاره وأياته يعني لو كان هناك غير الله شريك أو ند هذا له على الأقل أثرين أثر تشريعي وأثر تكويني الأثر التشريعي أن يرسل رسل لكي يخبر عنه كما ارسل الله عز وجل نبينا المصطفى محمد ص فإين رسل ذلك الإله المزعوم وأين أنبيائه لا توجد هناك أثر تشريعي له أو أثر تكويني بمعنى أن يخلق خلق أخر أن يخلق شمسا أن يخلق كونا وغير ذلك وهذا لا نجد من خالق إلا الله ، حيث لم يوجد لا هذا ولا ذاك فليس له كفوا أحد

هذه السورة المباركة كما ذكرنا تشير إلى معاني كثيرة منها أن يرفع الإنسان حاجاته إلى الله عز وجل لا إلى غير ولا لسواه لان الله هو الملي به وهو المتكفل بها حتى لو لم تقضى لا لان الله بخيل عن قضائه او عاجز عن فعل ما اراد الانسان وانما لحكمة تقتضي هذا ولعل الذي ابطأ عني هو خير لي لعلمك بعاقبة الأمور

مرات العرض: 3422
المدة: 00:48:17
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2579) حجم الملف: 13.8 MB
تشغيل:

الله الحي
هل يمكن توحيد بداية الصيام ؟