جاء في الدعاء المروي عن المعصومين عليهم والسلام: (اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلوانتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليا، وحافظا وقائدا وناصرا ودليلا وعينا حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا أرحم الراحمين) حديثنا في هذه الليلة عن الارتباط بالإمام المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف وافتتحنا بهذا الدعاء الذي ذكره ثقة الإسلام الكليني في كتابه الكافي في أعمال ليلة النصف من شهر شعبان، وأيضا ذكر في ليلة القدر الثالث والعشرين من شهر رمضان كما ذكره أيضا شيخ الطائفة الطوسي رضوان الله تعالى عليه في كتابه تهذيب الأحكام. والرواية في نقل الكافي هكذا: عن محمد بن عيسى بإسناده عن الصالحين عليهم السلام تكرر ليلة الثالث والعشرين من شهر رمضان هذا الدعاء ساجدا وقائما وقاعدا، وعلى كل حال كيفما أمكنك، ومتى حضرك من زمانك من دهرك، تقول بعد تحميد الله تبارك وتعالى والصلاة على النبي محمد وآله ثم ذكر الدعاء اللهم كن لوليك الحجة ابن الحسن إلى آخر الدعاء ومثل ذلك أيضا ذكره شيخ الطائفة الطوسي.
عند العلماء عادة. إذا ذكرت رواية أو نص في أكثر من كتاب من الكتب الأربعة مثل الكافي والتهذيب، وهما أساسيان في هذه الكتب بالإضافة إلى من لا يحضره الفقيه، ينظر إلى ذلك النص الوارد في أكثر من كتاب من هذه الكتب بعين الإعتبار، ويعطيه ذلك نوع من الإطمئنان باعتبار أن هؤلاء العلماء الكبار قد اجتمعوا على رواية هذا النص ومع خبرتهم ومعرفتهم وتورعهم في نفس الوقت عن نقل الأحاديث التي لا تنسجم مع الإطار الديني العام يكتسب ذلك الحديث أو النص الوارد في هذه الكتب متعددا ومتكررا، عناية خاصة، واهتماما خاصا على أن الأدعية -كما هو مسلك كثير من العلماء- يجري القبول بها متى كان مضمونها مضمونا صحيحا وتاماً. حتى مع عدم اعتبار السند، يُنظر إلى فقراته ومضمونه، فإذا كان موافقا للأصول الإسلامية، أخذنا به، وعملنا عليه، وقرأناه، والتزمنا به فهذا أحد الأدعية التي اشتهرت عند شيعة أهل البيت عليهم السلام قديما، ولا تزال إلى يومنا هذا من أشهر الأدعية التي يدعى بها للإمام صاحب العصر والزمان، عجل الله تعالى فرجه، ويشكل هذا الدعاء أحد أوجه الإرتباط بهذا الإمام العظيم قبل أن نتحدث عن أشكال ووسائل وجهات الإرتباط بالإمام المهدي، لابد أن نفرق بين ثلاث مستويات:
- المستوى الأول: فكرة المخلص
هذه فكرة موجودة عند أكثر البشر، حتى غير المتدينين في أعماق وجدانهم وقلوبهم وعقولهم، فكرة أنه ليس من المعقول أن يستمر اتجاه البشر في الانحدار والفساد والانهيار إلى حد أن يقضي الإنسان على نفسه، غير ممكن أن تكون هكذا خطة الله سبحانه وتعالى، هذا الأمر غير ممكن أن البشرية تتجه إلى هذه النهايات المأساوية وليس من المعقول أن يخلق الكون لكي ينتهي إلى هذا المستوى. هذا عبث، فإذن لا بد أن يكون هناك مخلص منقذ منج يأتي في وقت من الأوقات، ويغير المسار البشري من الفساد إلى الصلاح، ومن الإنهيار إلى الإستقامة هذه فكرة المخلص موجودة والمنجي موجودة حتى عند غير أصحاب الديانات.
- مستوى ثانٍ: الإيمان بالمهدي كعنوان
وهو رجل في رأي أصحاب هذه الفكرة، وهم أكثرية المسلمين من مدرسة الخلفاء يقولون بأن هناك رجل من ذرية رسول الله يأتي في آخر الزمان ويصلح الأرض بعدما فسدت، ويملؤها صلاحا وعدلا، بعدما ملئت ظلما وجورا، وهناك أحاديث وروايات كثيرة في صحاحهم بهذا المعنى، هذا مستوى ثانٍ وهو مستوى الحديث عن المهدي بحسب رؤية مدرسة الخلفاء.
- المستوى الثالث: هو المهدي في روايات أهل البيت عليهم السلام، واعتقادات الشيعة الإمامية وهو الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت المسمى بمحمد ابن الحسن بن الإمام العسكري عليه السلام الذي ولد سنة 255 هجرية، وتولى الإمامة بعد شهادة أبيه الحسن العسكري منذ ذلك الزمان، وهو حي باق إلى الآن في هذه الدنيا وله أدوار وله أعمال تحدثنا عنها في بعض السنوات الماضية عن دور الإمام في زمن الغيبة الكبرى حيث يمكن للإنسان أن يطلع على هذا المعنى، هذا مستوى ثالث وهو الخاص بالإمامية الإثني عشرية، هناك إمام معصوم هو الثاني عشر الأئمة، ورابع عشر المعصومين، وهو مولود سنة 255 هجرية في النصف من شهر شعبان وهو حي، وقد تسلم الإمامة بعد شهادة أبيه الحسن العسكري عليه السلام، وهو مستمر في الحياة إلى يومنا هذا، كيف؟ هذا؟ ما هو الدليل عليه؟ أقام الشيعة مئات الأدلة والروايات والوجوه العقلية على إمكان ذلك، وعلى حدوثه، ويقدر الإنسان كما سنأتي على ذكره أن يرجع إلى بعضها، حديثنا هو في المستوى الثالث لا في المستوى الأول ولا في المستوى الثاني، العلاقة والارتباط بإمام معصوم له ولاية علينا، نعتقد بإمامته وهو الثاني عشر، وهو حي، وهو قائم، وقد تسلم الإمامة بعد شهادة أبيه حديثنا في هذا المستوى هذا الإمام من يعتقد بإمامته، أي واحد ما يؤمن بالإمام المهدي بهذا النحو الذي قلناه، هذا ليس إماميا، إثني عشريا كائنا من كان، لأن إنكار الإمام المهدي يساوي إنكارهم جميعا، أي واحد ينقص واحدا منهم ليس إماميا، أنت الآن تؤمن بالإمام أمير المؤمنين عليه السلام، بالإمام الحسين، عندك أيضاً مجموعة مرتكزات وثوابت لهذا الإرتباط، بالنسبة إلى الإمام المهدي عجل الله فرجه، أيضا عندك نفس هذه الأمور، وزيادة عليها لكن نحن نحاول أن ندمجها جميعا، ونختصرها.
أول نوع، ونحو من أنحاء العلاقة، والارتباط هو: المعرفة وزيادة المعرفة بالإمام أول درجة فيه أن تعرف المقدار الذي قلناه في في المقدمة امام ثاني عشر ولادته كانت كذا، هو حي موجود، كان مولودا ولا يزال حيا، وهذه أدنى الدرجات. لكنَّ الإنسان المؤمن ينبغي أن يزيد معارفه بإمام زمانه، هذا إمام زمانك الحي الحاضر، الناظر، نحن نقول هو غائب، لا، نحن الغائبون عنه وإلا هو حاضر، ناظر تأتي إليه أعمالنا بمقتضى الروايات الكثيرة، وتعرض عليه أعمالنا، فيسوؤه إن كان أتباعه فعلوا سيئاً كما يسره إن كانوا قد عملوا حسنا فأول شيء لازم للإنسان المؤمن أن يفكر في أمر المعرفة ولا يكتفي بالدرجة الدانية، وإنما يرتقي في مراحل المعرفة لماذا؟ لأنه بالمعرفة يصبح الإنسان أفضل من غيره. في الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام قال: بعضكم أكثر صلاةً من بعض وبعضكم أكثر صوما من بعض، وبعضكم أكثر حجاً من بعض، وبعضكم أكثر صدقة من بعض. أي هناك أعمال تتفاوتون فيها البعض يصلي، بالإضافة إلى الصلاة الواجبة النوافل وصلاة الليل، البعض الآخر بدل الحج يحج ١٠ حجات و20 حجة، وأكثر الصيام بدل الواجب فقط، يصوم في السنة أياما كثيرة، ينفق هنا وهناك. تكمل الرواية، من أفضل هؤلاء؟ قال وأفضلكم أفضلكم معرفة. الذي يكون عنده معرفة أرقى بالله عز وجل، يعرف الله أفضل من غيره، هذا هو الأفضل الذي يعرف النبي ومقاماته ومنازله وشؤونه، هذا أفضل، الذي يعرف الإمام هو أفضل، ولذلك أنت تدعو بهذا الدعاء المشهور والمعروف: (اللهم عرفني نفسك، فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك، اللهم عرفني نبيك فإنك إن لم تعرفني نبيك لم أعرف حجتك اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني) الذي لا يعرف إمام زمانه ولا يتبعه بالتالي هذا يضل عن الدين، فأولاً قضية المعرفة وليجهد المؤمنون لتجتهد المؤمنات في التعرف على سيرة الإمام صاحب العصر والزمان، عجل الله تعالى فرجه الشريف لأن هذه المعرفة بها يواجه الإنسان الشبهات الواردة من الخارج، بل من الداخل الآن، المشكلة هي ذات شقين، عندنا تشكيكات وشبهات تفد إلينا من خارج الدائرة الشيعية، وهذه فيها كثير من الكتب والردود والبراهين، وعندنا مشكلة من داخل الدائرة، هناك حركات تزعم ارتباطها بالإمام المهدي، وهي كاذبة، وهي مزورة، وهي مزيفة، إذا الإنسان ما يعرف إمامه الحقيقي يمكن يوقع في حبال هذا الشخص المزيف، وفي هذه الحركة المزورة والكاذبة لذلك فليصرف الإنسان المؤمن مقدار من وقته وجهده في معرفة إمامه. هناك مراكز مثل مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي يشرف عليه نخبة من العلماء الفضلاء تحت إرشاد المرجعية الدينية، إذا عندك سؤال، إذا عندك شيء، إذا عندك شبهة، إذا عندك محاولة مزيد معرفة هذا مكان موثوق. كتاب مفصل، مثل موسوعة الشهيد سيد محمد محمد صادق الصدر رحمه الله وهي أربعة مجلدات، موسوعة الإمام المهدي تتبع فيها وحلل فيها، فأفاد وأجاد رحمة الله عليه وهكذا، كتب كثيرة فنحتاج إلى أن نتعرف على هذه الكتب وأمثالها، ونأخذ المعلومات من مصادرها الموثوقة، هذا واحد من الأمور المهمة، وهو قضية التعرف على الإمام وزيادة المعرفة به وبشؤونه وقضاياه، لا ننسى أيضا العمل الضخم الذي قام به المرحوم العلامة الشيخ علي الكوراني رحمة الله عليه توفي حديثا عنده مجموعة أحاديث المهدي المعجم الموسع لأحاديث ترتبط بالإمام المهدي -لقَّاهُ الله، أي الكوران وجه أئمته عليهم السلام بما فعل من حسن الفعل والعمل، جزاه الله خيرا- وغير تلك كثيرة.
الأمر الثاني بعد زيادة المعرفة، التذكر الدائم للإمام قدر الإمكان، نحت عندنا ذكر الله سبحانه وتعالى على كل حال تحدثنا عنه في أول الليالي، بعنوان إما شاكرا أو كفورا، وبينا آثار ذكر الله عز وجل، لا سيما بالحمد، القاعدة أنك عندما تذكر جهة تتصل بالغيب تلك الجهة تذكرك أيضا حينما تذكر الله سبحانه وتعالى وهو القائل (اذكروني أذكركم). كذلك أئمة الهدى صلوات الله وسلامه عليهم، عندما تذكرهم بالسلام وبالقلب، أشهد أنك تسمع كلامي، وتشهد مقامي، وترد سلامي، وأنك حي عند ربك مرزوق، هذا فيمن هو شهيد، فكيف فيمن هو حي يرزق؟ إذا من باب أولى، و من الطبيعي أنك إذا حييت أحدا بتحية يردها عليك أو يرد أحسن منها، وإذا ذكرته أيضا ذكرك، فالتذكر للإمام عليه السلام مع ما فيه من الفوائد والمنافع في أخلاق الإنسان، وإيمان الإنسان، واستقامة طريقه، واحد من آثاره أنك تكون في ذاكرة الإمام عليه السلام، وفي ضمن دائرة اهتمامه ومن جملة التذكر للإمام عليه السلام الدعاء له كما ذكرنا قبل قليل، اللهم كن لوليك الحجة ابن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة، وفي كل ساعة، ولياً وحافظا وقائدا، وناصرا، ودليلا وعينا حتى تسكنه أرضك طوعا، وتمتعه فيها طويلا اذكر هذا الدعاء في صلاتك اذكر هذا في أول يومك، اذكر هذا بين فترة وأخرى حتى تقترب منه، لاحظوا أن امامنا العسكري عليه السلام، وهو والد الامام المهدي، يدعو له ويعلمنا بذلك، يقول في الرواية المروية عنه: (اللهم صل على محمد وآل محمد وأعزه من شر كل طاغ وباغ واحفظه من بين يديه ومن خلفه عن يمينه، وعن شماله وحرسه من أن يوصل إليه بسوء، واحفظه، واحفظ فيه رسولك، وأظهر به العدل، وأيده بالنصر) أنت تدعو إلى شخصٍ معنى ذلك أنه يهمك أمر تدع لوالدك لأنك يهمك أمره، تدعو لأخيك، تدعو للمؤمن لأن في ذلك بعض حقوقك عليه، كذلك تدعو لإمامك الذي به يملء الأرض، قسطا وعدلا تدعو لإمامك الذي بهداياته، تدخل إلى جنة الله الكبرى. من التذكر له أيضا تجديد العهد معه، عندنا دعاء العهد والذي ورد فيه أن من داوم عليه يحشر في أنصار الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، ولا سيما في الدعاء في الفجر: (اللهم إني أجدد له في صبيحة يومي هذا وما عشت من أيام حياتي عهدا وعقدا، وبيعة له في عنقي، لا أحول عنها، ولا أزول عنها أبدا) هذا مبايعة وتعاهد وتعاقد على الثبات على ولاية الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف ومن التذكر له أيضا احترام مقامه والاعتناء بشأنه عندنا ممارسة خاصة، وردت فيما فهمه المؤمنون من أئمة أهل البيت من إظهار الإحترام للإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف مثلا، الممارسة المعروفة أنه عندما يذكر اسمه بصفة القيام عادة، يقام إحتراما له عندما يذكر بأحد ألقابه، يضع المؤمنون أيديهم على رؤوسهم احتراما وتوقيرا وتكريما وقد نقل في بعض المصادر أن بعض المعصومين عليهم السلام قد فعلوا ذلك بعض المعصومين نقل في بعض الروايات عن الإمام الصادق، وفي بعضها الأخرى عن الإمام الرضا عليٍّ بن موسى عليهم السلام أنهما أظهرا الإحترام بهذه الإشارات وبهذه التعبيرات للإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف وفي رواية من الروايات يسأل الإمام عليه السلام هل ولد الإمام الحجة القائم؟ عجل الله فرجه فقال الإمام عليه السلام: لا ولو ولو أدركته لخدمته؟ بناءً على هذه الرواية هناك منزلة عظيمة جدا، ان الامام السابق على الامام الحجة يتمنى ان يدرك الامام الحجة المنتظر حتى يخدمه، وهذا فيه إشعار وإشارة واضحة إلى عظمة منزلة هذا الإمام العظيم، ماذا نفهم منها؟ نفهم منها كثرة التذكر، وبالتالي لزم أن نوقر ذكره، نحترم إسمه، نحترم محضره لأنه ناظر إلينا. فكيف تكون سيرتي وسيرتك ونحن تحت نظر هذا الإمام العظيم؟ سلام الله عليه ومن التذكر له التحرك للقائه؟ والتشوق لمقابلته، وهذه مراتب البعض من الناس يصل فيها إلى أعلى الدرجات، وقسم من الناس لا سمح الله، ولا قدر، ساهٍ ولا يلتفت، ولا تتحرك عواطفه، مفروض أن الإنسان يشعر نفسه بشوق للإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف يقرأ دعاء الندبة ويقول (هل إليك يا ابن أحمد سبيل فتلقى؟ هل يتصل يومنا منك بعدة فنحظى؟ متى ننتقع من عذب مائك فقد طال الصدى) هذه الإنسان لما يستشعرها في وجوده يتشوق للقاء الإمام. ما الفرق العظيم بين الحب الشهواني وبين هذا الحب الروحاني العالي في الأهداف؟ قصارى ذاك أن ينال شهوته وبغيته وأدنى ما يحصل عليه هذا الإنسان المشتاق (اللهم إن عبادك المشتاقون إلى معرفة وليك المذكر بك وبنبيك) هذا أدنى شيء يحصل عليه الإنسان القرب من الله سبحانه وتعالى، القرب من أولياء الله، ومن ذلك أيضا الزيارات زيارة آل ياسين وهي من الزيارات التي فيها تعابير كثيرة يستفيد الإنسان منها معرفة بهذا الإمام العظيم صلوات الله وسلامه عليه، وأخيرا معرفته، تذكره، تعلق به، تشوق إلي زيارة، دعاء له، ذكره، إظهار إحترامه، وأخيرا الاستعداد للقائه، ليس عندنا موعد وتوقيت متى يخرج الإمام ولا أحد يعلم بذلك وكل الذين وقتوا مواقيت انطبقت عليهم الكلمة المشهورة كذب الوقاتون لأن الأمر ليس عند أحد، وإنما هو عند الله سبحانه وتعالى، فالمفروض منا أن ندعو الله بتعجيل الفرج، فقد ورد (ادعوا بتعجيل الفرج، فإن في ذلك فرجكم) كلما تدعو أنت أيها المؤمن وفرت إمكانات الاستجابة، وبالتالي الله سبحانه وتعالى يتحنن على عباده، فيسهل فرج الإمام عليه السلام. الاستعداد للقائه بشكل دائم، باعتبار أننا لا ندري هذا من الصلاح في أمورنا. لو أن توقيت خروج الامام كان معين، افترض 2060 ميلادية، سننام على راحاتنا ونقول قبل هذا الموعد بخمس سنوات نشتغل على أنفسنا والظالمون أيضا ينامون مرتاحين أنه هذا الإمام الذي وعد به بعد وقت، الحكمة الإلهية تقضي أن يكون الأمر مستورا وغير معروف. من حكمة ذلك أن نكون نحن على استعداد دائم بالتمثل بكل الآداب والأخلاق الإسلامية وبإقامة الواجبات، التي تنظر إلى ما لا يحل لها يصير لها شرف أن تنظر إلى ذلك الوجود المقدس للإمام عليه السلام؟ هذا شرف ليس كل الناس يحصلون عليه يدي متعودة على الظلم والسرقة، وأمثال ذلك هل يناسب أن تكرم بالسلام عليه والمصافحة فيه ما يمكن؟ أذني التي تسمع النميمة والغيبة واللغو والغناء واللهو هل سيكون لها شرف أن تصيخ إلى نداءاته، وإلى تعليماته وإلى توجيهاته؟ قسم من الناس يقول لماذا لا نرى الإمام الحجةعجل الله وفرجه الشريف؟ لماذا لا نلتقي به في هذا الزمان؟ ماهو سر خصوصية الإمام الحجة تختلف عن سائر الأئمة؟ وهذا من وجوه الإفتراق، سائر الأئمة، أي واحد يراهم حتى أكبر طاغية في زمانهم يرى الإمام. الإمام الحجة في زمان الغيبة الكبرى، فيه خصوصية، أن لقاءه هذا يحتاج إلى منزلة، يحتاج إلى شأن، يحتاج إلى رفعة، أدناها أن يكون الإنسان طاهرا مطهرا مستجيبا لنداء الله عز وجل تاركا للمحرمات فاعلا للخيرات، وأنت إذا كنت الحمد لله موفر في نفسك هذا قد تتشرف بلقاء هذا الإمام العظيم سلام الله عليه. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعجل فرجه، وأن يسهل مخرجه نقول سيدي مولاي ضاقت القلوب، وصلت الأمور نهاياتها وصبر الناس يكاد ينفذ، إن لم يكن قد نفذ، نفذ عند بعضهم، ففلتوا أصلا، يعني راحوا وراء دعوات مزيفة، وقضايا نراها، والأخطار الموجودة فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يمن بنظرة رحمة على هذه الأمة، بل على هؤلاء البشر بأن ينقذهم ببركات قائم آل محمد، هذه الذرية الطاهرة هذه الذرية، صفوة هذه النخبة الذين انتجبهم ربنا سبحانه وتعالى من بين جميع البشر، من الأولين والآخرين، فجعل فيهم خاتم الأنبياء محمد وجعل فيهم خاتمة لأوصياء المهدي، عجل الله تعالى فرجه الشريف، وهم أيضا برهنوا للناس أن اختيار الله لهم كان في محله، وفي موضعه برهنوا عملياً ذلك وانظر حتى غير المعصوم فيهم، فالمعصوم مثل الحسين عليه السلام معروف حاله. انظر إلى القاسم إبن الحسن صغير السن كبير القدر عمره 12 سنة، يصنف عمر 12 سنة على عمر الأطفال لكن هؤلاء ذرية بعضها من بعض هذه ذرية انتخبها الله انتجبها الله، اصطفاها الله عز وجل وإذا بهم الصغير فيهم في وعي الكبير والحدث فيهم في إقدام الكاهل، هذا القاسم بن الحسن المجتبى، سلام الله عليهما في يوم العاشر، بل في ليلة العاشر، يسأل عمه الحسين عليه السلام، في ذروة النفس العالية، وقد أخبر الحسين وأصحابه وخيرهم بأن ينصرفوا فلما أجابوا بما أجابوا، أخبرهم عن مصارعهم لم يذكر القاسم وبعض بني هاشم في جملة من يقتل، فكأنما هذا صار مورد سؤال فسأل القاسم ابن الحسن قال عم أبا عبد الله وأنا في من يقتل؟ الحسين قال له كيف ترى الموت يا قاسم؟ قال فيك والله أحلى من العسل. الموت مر، الموت صعب، ولكن إذا كان من أجل هدف سام، ومن أجل قضية كبرى، فهو أحلى من العسل هذا مثال على وعي هذا الشاب على وعي هذا الرجل الكبير.