حديثنا بإذن الله تعالى يكون بعنوان المرجعية الدينية الشيعية مره أخرى
ونقصد بذلك اننا قد تحدثنا في بعض السنوات الماضية عن موضوع المرجعية الدينية الشيعية وبيَّنَّا جانباً من الجهاتِ المعادية للمرجعية الدينية الشيعية وأساليبهم في محاربتها، و على أثر ذلك ايضاً وفق الله وتم كتابة كتاب لمن اراد المطالعة والتفصيل ايضا بعنوان المرجعية الدينية الشيعية يتحدثُ عن لزوم الحاجه إلى التقليدِ وإلى المرجعيةِ وما الذي حققته مرجعيه الشيعة خلال القرون الماضية بعد زمان الغيبة وتاريخ الرجوع والتقليد والاعداء وأساليبهم وغير ذلك من المواضيع التي ترتبط بهذا الامر، نحن في هذه الليلة نتحدث عن لزوم الرجوع إلى المرجعية الدينية والالتزامِ بفتاواها لكي يصوغ الانسان عباداته ومعاملاته على اساس الحكم الشرعي الصحيح والسليم يَحْدُونا إلى ذلك بالإضافة إلى ما سبق أن ذكرناه هو أن هناك جهات لا تزال تحارب المرجعية الدينية الشيعية وتشيعُ عنها وتتهجم عليها وتحاول ان تقنع الناس الغير الواعين بعدم الحاجه إلى ذلك وترمي هذه المرجعية بشتى أنواع وصنوف التُّهم ولا غرابةَ في ذلك فان الصغار عاده في عبثهم انما يرمون الاشجار المثمرة دون الاشجار قليلة الثمر ، فقسم من الصغار عندما لا يكونون مؤدبين يأتون إلى شجرة مليئة بالثمر فيرمونها بالحجارة حتى تتساقط ثمارها وهكذا فان هناك فئات من ابناء الأمه بل ومن أبناء الشيعة يقومون بما يقوم به هؤلاء الصغار من رمي المرجعية المثمرة والنافعة. اضافه إلى ذلك الاعتقاد الموجود بان الجهات المعادية للأمة وللطائفة لابد ان تستمر كما كانت قد بدأت لابد ان تستمر في تشويه سمعة المرجعية الدينية لان هذه الجهات المستعمرة والمرتبطة بالمستعمر تريد اضعاف الأمة فتُركِّز على النقاط التي تعتمد عليها الأمة وتتكئ عليها فمثلاً عندنا الامامية هو مرتكز المرجعية الدّينية فمن الطبيعي لإضعاف هذه الطائفة ان تقوم الجهات المستعمرة المعادية بالتهجم على هذا العمود الاساس لذلك نعيد الحديث مرة اخرى في هذا الاتجاه . فنقول اصل موضوع الرجوع والمرجعية إلى من هو عارف بالدين هو نزوع فطري عند البشر وهذا ليس خاص بالمسلمين ولا خاص بالشيعة فكل انسان في داخله نداء فطري يدعوه للبحث عن خالقه و يدعوه لالتزام بأوامره , الله سبحانه وتعالى غَرَس في نفوس البشر فطره تهديهم إلى وجود الخالق وإلى الارتباط به ولذلك يحتج عليهم، ان من لم يلتفت و من لم يعمل خالف نداء الفطرة ولو تركهم بدون فطره لم يكن هناك شيء يحدو الانسان إلى ان يفتش عن خالق وعن رب وعن إله . فهناك نزوع فطري في داخل نفس كل انسان في البداية يبحث عن الخالق ولذلك قال بعض الباحثين في الآثار والعهدة عليهم :اننا فيما بحثنا في الاثار و في الحضارات المختلفة و في ادوار الانسان المتعددة، و في كل مكان ُوجِدَ فيه انسان وَجَدْنا انه لابد ان يكون هناك مكان يرتبط بالله . بينما سائر الامور ليست ضرورية لكن لابد من وجود معبد يتعبد فيه البشر لخالقهم
قد يكون هذا خاطئ أو صحيح ، على نهج الانبياء أو على غير نهج الانبياء المهم هناك مكان للبشر الذين يعيشون في تلك المنطقة ، في شرق الارض أو غربها أو شمالها أو جنوبها بحسب الاحافير لابد ان يكون هناك شيء يرتبط بالعبادة للخالق على هذا الاساس كانت مهمه الانبياء انهم يستفيدون من هذا النزوع الفطري عند البشر ويقدمون للإنسان الهداية ، انت يا من تفتش عن خالق يا من تفتش عن مدبر يا من تفتش عن إله هذا هو الطريق، طريق عبر الكتب السماوية وعبر الانبياء الذين يأتون من قبل الله عز وجل. فأصل البحث الطريق الموصل إلى الله عز وجل هو فطره انسانيه في كل البشر قد يخطئ البعض هذا الطريق وقد يصيب ، لذلك عندما تقرا القران كثير من هؤلاء اذا قيل لهم لماذا تتبعون ابائكم ؟ لماذا لا تتبعوا الانبياء ؟ ولماذا انتم ضالين ؟ قالوا : بل نتبع ما وجدنا عليه ابائنا . القران لا ينكر عليهم اصل الاتباع وانما ينكر عليهم ان يتبعوا اشخاصا لا يعقلون ولا يهتدون ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۗ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ﴾ البقرة:170 . اصل الاتباع امر عادي فالإنسان يبحث عن طريق لله عز وجل فيعتقد في هذا الشخص انه طريق موصل ، المولى سبحانه يقول له : هذا والدك على ضلال بالنسبة إلى الاقدمين ، هذا الطريق ليس صحيح . انت اتبع من يعقل و يعلم و يهد ﴿...أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ يونس: 35 في مكان اخر يقول ﴿ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ النحل:43 ،اصل الاتباع مطلوب وهو فطري ولكن يحتاج ان تتبع من يهديك إلى الصراط المستقيم فهذا اول شيء البحث عن طريق موصل إلى الله عز وجل في عبادته هو نزوع فطري عند البشر جميعاً قد يسلك الانسان الطريق الصحيح الموصل وقد يسلك طريقا خاطئاً، طريق الانبياء طريق موصل طريق الرسل طريق موصل طريق الاوصياء طريق موصل طريق العلماء العارفين بالله طريق موصل اضف إلى ذلك ان بناء العقلاء غير الموضوع الايماني والديني والفطري بناء العقلاء في كل ادوار حياتهم وتاريخهم ووجودهم هو انهم يرجعون إلى المتخصص في كل فن ويأخذون بكلامه فمثلاً لو كنت تريد ان تبني لك بيتاً فإن كنت من اهل الهندسة والمعرفة فانك تبنيه على ذوقك لكن اذا لم تكن كذلك عليك التوجه إلى مهندس ليرسم لك الخريطة ويعرف احجام الاعمدة و أين تكون الجدران وأين يكون التسليح وكيف يكون وهكذا.
ولو ان انسانا خالف هذا الامر فانه يعاتب من قِبَل العقلاء لأنه ترك المهندسين الذين أنفقوا عمرهم على الدراسة والتطبيق العملي لهذا الامر واتبع امر نفسه وهو ليس مختص.
وهكذا الحال في الطب فالان المستشفيات في كل الدنيا قائمه على اساس هذه القاعدة العقلائية فما من بلد إلا وفيه أنواع المستشفيات باختلاف مستوياتها ، فلماذا لم يعالج كل شخص نفسه بنفسه وانتهى الامر؟ لأن لو ان انسانا فعل ذلك لكان مخالفا للحكمة ومخالفا لطريق العقلاء . أمر الدين ايضاً هكذا بل هو اعظم لان عدم العلاج في المستشفى مثلا ممكن ان يجعل المرض يتفاقم ، فقط بهذا المقدار لكن اذا يخطئ الانسان طريق عباده الله عز وجل من غير ان يكون معذورا في ذلك فإن نتيجته العذاب و الخسران المبين فهنا القضية تكون اعظم فلو فرضنا ان احدهم أصيب بالانفلونزا وجرب ادويه ليعالج نفسه هنا ممكن ان يتسامح معه ولكن اذا كان يعاني من جلطه قلبيه او سكته دماغيه وقال انا سأجرب ادويتي التي انتخبها فانه يُعاتب اكثر مما يُعاتب عندما يصاب بالأنفلونزا فكيف اذا كان الامر امر الدين ومصير الانسان الابدي والخلود في الجنة او في النار حتما هنا يكون الامر اصعب واصعب بكثير . اذاً هناك امر لا بد من المصير اليه وهو عباده الله عز وجل واداء حقه كمنعم علينا واتباع اوامره كعبيد له وهو الخالق ، امامنا عدة طرق
الطريق الاول هو طريق الاجتهاد : أي ان الانسان هو نفسه يكون مجتهد ، واحد يقول انا لست اقل من غيري اروح ادرس اتبحر في العلوم .
فمثلا يدرس ويصبح طبيب مثل غيره من الأطباء ثم يعالج نفسه بعد ذلك، او يصبح مجتهداً مثلما أصبح غيره فقيه مجتهد ثم يتبع اراء نفسه واحكامه الفقيه. هذا طريق لا باس به ولا مانع منه فيجوز للإنسان مثلما انه يجوز له ان يدرس الطب ويعالج نفسه بنفسه بناء على معرفته الطبية كذلك يجوز له ان يدرس علم الدين والفقه بما يرتبط به من علوم ويصبح فقيه حينها يحق له ان لا يقلد أحد فهو بنفسه مجتهد ويستنبط الأحكام. هذا يجوز لا مانع منه
لكن المشكلة هذا الطريق: ان الانسان بحسب نوعه لا يستطيع ذلك. الان لنفترض أنك تعمل في وظيفة، فهل تستطيع في نفس الوقت ان تدرس الهندسة والطب وغير ذلك من الامور وانت تعمل؟؟ غالب الناس ليسوا كذلك. في نفس الوقت الذي يكون فيه الانسان مسؤول عن اسرة ويذهب للعمل ليكسب معاشه من الصباح إلى وقت قريب من المغرب وعنده مسؤوليه تجاه اهله هذا لا يستطيع ان يتفرغ لكي يكون مجتهدا على مرتبه الفقاهة وان يستنبط الاحكام لنفسه. الأشخاص الذين يفرغون أنفسهم للدراسة هذا الامر نجد ان القليل منهم من يحصل على هذه الدرجة. ففي الحوزات العلمية يتواجد عشرات الالاف من طلاب العلم لكن الذين يصلون الى درجه الاجتهاد والفقاهة عددهم قليل بالرغم من ان الدراسة هي شغلهم الشاغل ليلاً ونهاراً. لذا لا يمكن ان نكلف عامه الناس (العامل في البناء والمدرس و الطبيب و الإداري – ان يدرسوا ويصلون الى الاجتهاد بنفسهم وان يستنبطون احكامهم بأنفسهم، هذا امر غير ممكن مع انه جائز .
الطريق الثاني هو طريق الاحتياط: طريق الاحتياط يعني ان احد الأشخاص يأتي ويقول لماذا انا اتبع زيد او عمر سأرى بنفسي الأمور كلها واحتاط فيها، فمثلا لو قطع مسافه واراد الصلاة فانه يرى اراء الفقهاء ثم يحتاط , فيستعرض اراء الفقهاء الذين يختلفون في هذه المسألة فبعضهم يقول اذا رجع لوطنه في نفس اليوم عليه ان يقصر واذا بات في نفس الليلة ورجع في اليوم ثاني يتم صلاته ، فاذا الامر دار بين الاتمام وبين القصر . في هذه الحالة فان من يريد الاحتياط عليه ان يصلي مرة قصر ومرة تمام، وهكذا صلاة يوم الجمعة فلو رجعنا للفقهاء لمعرفة هل صلاه الجمعة واجبه على نحو التعيين وغيرها لا يكفي عنها او لا هي على نحو التخيير! في هذه الحالة فان من يريد الاحتياط عليه ان يصلي الاثنتين من باب الاحتياط. وهذا ايضا طريق جائز لكن المشكلة هي كالتالي:
اولاً يحتاج الانسان ان يكون عارف بكل موارد الاحتياط وهذا يعني انه لابد ان يدرس كل مسالة. مثلا تسبيحات الصلاة في الركعة الثالثة والرابعة هل يكفي فيها واحده ام انه يلزم تكرار التسبيح ثلاث مرات!! هذه مساله يحتاج ان الانسان يعرف اراء الفقهاء فيها ومن يريد ان يحتاط يأتي بثلاث تسبيحات
وهكذا نكون رجعنا من جديد إلى نفس المشكلة وهي ان الانسان الذي يريد ان يحتاط عليه ان يفرغ نفسه لمعرفه موارد الاحتياط وهذا امر غير متيسر إلى اكثر الناس، إضافة الى ان بعض موارد الاحتياط غير ممكنه أصلا، يعني مثلا هناك راي عند بعض الامامية ان صلاه الجمعة في زمان الغيبة حرام اصلا أي انه لا يمكن ان تحتاط في هذا الامر فهذا الفقيه يقول انه حرام وذاك يقول واجب عيني وثالث يقول واجب تخييري ، فلو صليتها ستكون عند الفقيه الأول ارتكبت محرما وخالفت الشريعة . اذن بعض موارد الاحتياط اصلا غير ممكنه غير متيسره مع انه جائز الا انه غير متيسر لا من الناحية النظرية - بمعنى ان كثير من الناس لا يعرفون اين موارد الاحتياط - ولا من الناحية العملية لإنه سيشغل الانسان فهو يكرر الصلوات لكي يجمع بين القصر والتمام ويجمع بين الواجب التعييني والتخيير وامثال ذلك من الامور وهذا في كل صلاة أي انه لن تخلص القضية فهذا طريق ايضا غير متيسر للأكثر مع انه جائز.
الطريق الثالث : الطريق الثالث يريد الشخص بنفسه ان يتبع مباشرة الائمة عن طريق ما وصلنا من الاحاديث فيقول : لماذا اتبع آية الله العظمى فلان وفلان بدلاً من اتباع ايه الله الكبرى علي بن ابي طالب ؟ فيستفتي جعفر الصادق عليه السلام مثلا و يرى في عقله انه بدلا من ان يسمع كلام فلان و فلان وهي اشياء محتمله للخطأ فانه يذهب على المنبع والمصدر مباشره ويبحث من داخل الكتب، و في هذه الايام يوجد ترويج إلى هذا الكلام من قبل جماعه و واضح ان هؤلاء يفكرون بفصل المؤمن عن المرجعية فيقول للمؤمن اذهب للمنبع الاصلي بشكل مباشر وعندها سوف يسألونه كيف الطريقة ؟! هنا هو سيصبح المرجع لهم سيوجههم ويقول لهم راجعوا الكتاب الفلاني و راجع الحديث الفلاني واقول له الحكم بحسب كلام الامام الصادق كذا فهو في الواقع بالنسبة إلى قسم ممن في هذه الازمنة يطرحون التخلي عن المرجعية الدّينية الشيعية واحالة الناس على موضوع الكتب والروايات مباشرة هو يستبطن مشروعاً انه اجعلوني انا المرجع لكم وليس أولئك المراجع، من يرجع إلى الرسالة العملية يقولون له: تعال ارجع إلى احاديث اهل البيت . احاديث اهل البيت عددها كبير كتاب وسائل الشيعة وحده يحتوي على حوالي خمسه وثلاثون الف رواية، كيف سيسبح هذا الانسان في هذا البحر !!، و ماذا سيصنع بها!! كيف سيستخرج الحكم!!
الامر الثاني الذي يقول هذا الكلام لا سيما بالنسبة إلى عامة الناس الذين لديهم مشاغل كثيرة في الحياه ومسؤوليات الاسرة وقضايا العمل وغير ذلك مما يجعله لا يتفرغ لحفظ مسالة شرعية، فاذا قلنا في المسجد كم من المؤمنين يحفظ مائة مساله من الرسالة العملية !؟ فانه من النادر جدا نرى هكذا اشخاص ، هذا ليس لتقصير فيهم حاشا ولكن لان ظروف الحياه أصبحت صعبه و لا تمكّن الانسان من ذلك ، اذن اذا كانت خمسين مسالة لا نتمكن من جمعها في اذهاننا فكيف يريدون الجميع يرجعون الى الكتب التي تحتوي على خمسة وثلاثين الف رواية بأنفسهم ، أحيانا هذه الرواية تعارض تلك الرواية في بعض الجهات ،هذه الرواية صحيحه السند و تلك الرواية عليلة السند ، هذه تشرح تلك ، بعض الاحيان العلماء يقولون ان رواية في كتاب الطهارة تجد شرحها في اخر كتاب الديات مثلا , هل يعقل ان اتصفح الخمسة والثلاثين الف رواية حتى اطلع بحكم واحد؟! هذا غير عقلاني. هذه الفكرة التي يدعو اليها قسم من الناس في هذه الأزمنة هي فكرة غير صحيحة. نحن طبعا عندنا مدرسه اخرى مدرسه نظيفة ومدرسه تاريخيه في الاستنباط الفقهي فيها فطاحل وعلماء كبار و مدرسه المحدثين منهم نفسه صاحب الوسائل منهم صاحب الحدائق الشيخ يوسف البحراني وغير هؤلاء وعلماؤنا يعتمدون على كتبهم هؤلاء نحن لا نتحدث عنهم، نحن نتحدث عن النَّابتة الجديدة التي يقودها مجموعه من المغامرين الذين يريدون استبدال المرجعية وتحويل توجه الناس إلى انفسهم ،وهم كما تعلمون انكشفوا فالحمد لله ان بعض هؤلاء خرجوا على الاعلام وتكلموا وتحدثوا حتى انكشفوا فلا ادب ولا تورع ولا علم إلى اخره . انت مثلاً لا تقبل تصلي خلفهم ركعتين جماعة فكيف تسلمه قيادتك وتسلمه فتواك وتسلمه طريقك!! ابداً. قسم من هؤلاء يقولون الرجوع والمرجعية الدّينية هي طارئه في عالم التشيع فيقولون لك انه من زمان الشيخ المفيد صارت حركة المرجعية يعني سنه 413 هجريه و توفي شيخ المفيد فصارت في زمانه او قبلها بقليل المرجعية الدينية، بعضهم يقولوا ان المرجعية الدينية كانت في زمان الشيخ الانصاري رضوان الله تعالى عليه شيخ الانصاري متوفى 1261 هجرية. وكلا الامرين خاطئ نحن نلاحظ ان تاريخ ارجاع الائمه شيعتهم إلى فقهائهم من سنه 95 هجريه حتى هذا التصنيف اللي عند قسم من الناس يقول في زمان الائمه ما كانت مرجعيه وما كانت تقليد وانما صارت بعد زمان الغيبة حتى هذا تصنيف غير صحيح ،على راي المحققين بدأ ارجاع الائمه شيعتهم إلى فقهاء اهل البيت المتميزين قبل سنه 95 هجريه يعني في زمان بداية زمان الامام الباقر عليه السلام احنا نلاحظ في زمان الامام الباقر يقول لأبان ابن تغلب البكري -وهو واحد من الفقهاء العظام من تلامذته وايضا أدرك الامام الصادق عليه السلام - اجلس في في مسجد رسول الله محمد الل صل على محمد في المدينة وافتي شيعتي اعطيهم الفتاوى اخبرهم عن الاحكام فاني احب ان يرى في شيعتي مثلك – أي لست انت فقط احب ان تصبح بل اريد الاخرين يصبحوا مثلك عارف بالدين ،فقيه بالأحكام ،متصدي نحن نعطيه الاصول كما ورد في روايات :"علينا القاء الاصول وعليكم التفريع" خطاب إلى هؤلاء الفقهاء إلى هؤلاء الرواة المجتهدين المتميزين فاني احب ان يُرى في شيعتي مثلك أي انت افتي الناس قل لهم ، بل هذا كان ابان ابن تغلب مفتي على مستوى الامه يقول للإمام الصادق عليه السلام يأتيني الرجل فاعرف انه منكم يعني من الشيعة فافتيه بمحض الحق ويأتيني الرجل من غيركم فأقول له قال فلان كذا وقال فلان كذا وقال فلان كذا وقال جعفر بن محمد كذا فأضع قولكم في ضمن قولهم لان هذا الشخص جاء ولا ينتظر مني قول الامام الصادق بل ينتظر قول شخص اخر من الفقهاء لكني انا اخبرهم بآراء الفقهاء واضع قولكم بينهم فقال له الامام ممضيا عمله : افعل ذلك فاني افعل ذلك لو عرض علي مثل هذا الامر اي سوف اتصرف نفس تصرفك .
ومما يدلنا على ان المرجعية الدينية كانت منذ موجودة من زمان الائمة سلام الله عليهم انه يوجد رسالة عملية في زمان الامام الرضا عليه السلام وهو قد استشهد سنه 203 هجرية. المرحوم المرجع الديني سيد محمد سعيد الحكيم رضوان الله تعالى عليه يقول انه كان ليونس بن عبد الرحمن - وهو ايضا من الفقهاء الكبار في زمان الامام الرضا عليه السلام - كتاب اسمه يوم وليله وهذا الكتاب يشتمل على الاحكام التي يحتاجها الانسان في الأربعة والعشرين ساعة لصلاته ووضوؤه وغسله وغير ذلك وهو يعد بمثابه رساله عمليه ، فكما انت عندك الان كتاب مختصر الاحكام يفيدك لترجع اليه كذلك كان الشيعة في زمان يونس ابن عبد الرحمن عندهم رساله عمليه في زمان الامام الرضا عليه السلام فهذا التقليد في ذاك الوقت ، أَرْجَعَ الامام الرضا اصحابه وشيعته إلى هذا الرجل، وكثير من الموارد عبد الله ابن ابي يعفور واحد من خلص اصحاب الامام الصادق عليه السلام وهو من المُسَلِمِيْن لأمره، يقول للإمام : سيدي لو قسمت لي تفاحة وقلت نصفها حرام ونصفها حلال لأكلت هذا النصف وتركت ذاك النصف نظير لما نقرأ في الزيارة" مُسَلِّم لأمركم عامل بقولكم" مع انه انت قد تستغرب كيف يكون نص التفاحة حلال ونصها حرام، هو يريد ان يقول انا مسلم غايه التسليم لو حصل هذا الفرض كنت اطاوع فيقول لعبد الله بن ابي يعفور للإمام الصادق عليه السلام انه يأتيني الرجل من الشيعة وليس عندي كل ما يسالني عنه انا عندي مقدار من المعارف الدّينية فقط ، فلا اقدر على الإفتاء في كل الامور فماذا اصنع قال عليك بمحمد ابن مسلم الثقفي فانه قد سمع من ابي يعني الباقر عليه السلام عنده وجيها هذا رجل كان بالغ مراحل عالية من الفقاهة والمعرفة الدّينية اما انت تساله او تحوله عليه هذا عنده تلك الدرجات العالية، فاذا ما يشيعه البعض من ان قضيه الارجاع جاءت متأخرة ويريد يقول لك هذه بدعه وما شابه ذلك فهذا ليس صح ،هؤلاء لم يقرأوا التاريخ بشكل صحيح ولو اردنا ان نستعرض مثل هذه الأمثلة لفعلنا ولكن سيطول بنا المقام والآن لا وقت لدينا
الطريق الاخير وهو الذي اشرنا اليه في هذه الاثناء هو طريق التقليد للعالم الفقيه الورع التقي البالغ درجه الاجتهاد والفقاهة وهذا هو الذي عليه الطائفة الامامية منذ الأزمنة القديمة وإلى ايامنا هذه ، فمثلما انا ارجع إلى طبيب القلب والتزم بأوامره شيئا فشيئا وبشكل دقيق لكونه عارف وخبير وعالم متخصص كذلك ارجع إلى هذا العالم الفقيه المتخصص في امور الدين وفي الروايات وانفق سحابه عمره على تشييد المباني والآراء والافكار ويستطيع ان يقول هذا ما يستفاد من الروايات ومن آيات القران الكريم ان الحكم في هذا الامر هو كذا وكذا وهذه هي الطريقة التي سار عليها كل من لم يبلغ درجه الاجتهاد مهما بلغت فضيلته العلمية، مهما كان عارفا فاضلاً مطلعا على احكام الدين ،مطلعا على العقائد الاسلامية عارفا بكل هذه الامور ،لكن ما دام ليس بالغاً درجه التخصص بمعنى الفقاهة والاجتهاد المقر له في ذلك فانه يبقى مقلداً والتقليد بالمعنى الشرعي ليس عيب بالعكس هو طريق فيه نجاه للإنسان لو سئلنا يوم القيامة كيف عملتم هذا العمل لماذا صليتم بهذا النحو ولماذا صمتم بهذه الطريقة نقول: يا رب انت قلت لنا في كتابك( فاسالوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون ) و اهل الذكر اولاً محمد وآل محمد ثم الفقهاء الذين امرنا بالرجوع اليهم في التوقيع المشهور عن الامام صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه :"واما الحوادث الواقعة فرجعوا فيها إلى رواه حديثنا فانهم حجتي عليكم وانا حجه الله " الرواه ليس معناه ان الشخص منهم مسجل يقوم بالحفظ فقط بل الراوي معناه انه شخص يعرف المعنى للرواية ويستطيع ان يجمع بين هذه الرواية وتلك الرواية اذا حصل اختلاف وتعارض ظاهري بين هذا الحديث وذاك
الحديث يكون عنده طريق ومعرفه لحل ذلك التعارض لان كلام الائمة نور واحد ولا يخالف بعضه بعضا، بينما انا وامثالي اذا فتحنا كتب الروايات ووجدنا هذه الرواية تقول نعم و تلك الرواية نقول كيف يكون هذا ؟؟ يوجد تعارض . الفقيه يستطيع ان يحل المسالة وغيره قد لا يستطيع ذلك
نسأل الله سبحانه وتعالى ان يديم علينا ظلال المرجعية الدّينية الشيعية حمايه للطائفة وصيانه لطريقنا إلى الله عز وجل وان يجعلنا من خير المتبعين لهؤلاء العلماء الربانيين انه على كل شيء قدير ببركه محمد وال محمد اللهم صل على محمد و آل محمد