دور أئمة أهل البيت في حفظ وحدة الأمة 14
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 16/9/1443 هـ
تعريف:

دور أئمة أهل البيت في حفظ وحدة الامة  

كتابة الفاضلة تراتيل

من كلام لسيدنا ومولانا امير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه قال : ان الله قد بعث نبيه محمد بشيرا و نذيرا فلما مضى عليه السلام تنازع المسلمون الامر من بعده فوالله ما كان يلقى في روعي و لا يخطر ببالي أن العرب تزعج هذا الأمر من بعده صلى الله عليه وآله عن أهل بيته، ولا أنهم منحوه عني من بعده، فما راعني إلا انثيال الناس على فلان (1) يبايعونه، فأمسكت يدي (2) حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الاسلام يدعون إلى محق دين محمد صلى الله عليه وآله، فخشيت إن لم أنصر الاسلام وأهله أن أرى فيه ثلما (3) أو هدما تكون المصيبة به علي أعظم من فوت ولايتكم التي إنما هي متاع أيام قلائل يزول منها ما كان كما يزول السراب، أو كما يتقشع السحاب، فنهضت في تلك الأحداث حتى زاح الباطل وزهق، واطمأن الدين وتنهنه " صدق سيدنا ومولانا امير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه " 1  

حديثنا باذن الله تعالى في ضمن سلسلة عترة النبي المعصومين يتناول هذه الليلة دور الائمة عليهم السلام في حفظ وحدة الامة وكيانها يستهدف هذا الحديث بيان الخطوات التي قام بها أئمة الهدى صلوات الله وسلامه عليهم من اجل بقاء هذه الامة ككيان انشأه رسول الله و الا تنهار  و  تتشرذم وتنتهي

 كمقدمة ينبغي ان نشير الى ان الدور  ليس مربوط بالمنصب السياسي فقد يكون انسان له منصب سياسي مهم لكن لا دور له في الامة – لا دور له في حفظها و تطويرها وتنميتها ككثير ممن تولى امر الامة الإسلامية فاشبع بطنه واشبع شهواته ولذاته وانجب الأولاد وسير الجيوش وما شابه ذلك ولكن عندما تريد ان تعرف ماذا صنع ذلك الشخص للامة قد لا تجد شيء بالرغم من انه الخليفة والحاكم , وقد تجد شخصا اخر ليس له ذلك المنصب السياسي ولا الزعامة ولكن تأثيره في بعض مساحات الامة تأثير كبير بغض النظر عن نوع التأثير إيجابي او سلبي 

مثلا : اثر بعض المحدثين كالبخاري في مدرسة الخلفاء , صاحب كتاب البخاري ما هو تأثيره في اتباع مدرسة الخلفاء ؟ تأثيره اكبر  بكثير ممن حكموا الامة مع انه لم يتولى منصب في حكم الدولة ولكن تأثيره جعل عدد كبير من اتباع مدرسة الخلفاء يتأثرون بأفكار  كتاب الصحيح البخاري بما ورد فيه من روايات , نحن هنا لا نتحدث عن صحته سلبا او إيجابا فلقد ذكرناه مسبقا عند الحديث عن احاديث النبي وتدوينيها و  الملاحظات التي ذكرت في المدرستين هذا ذكرناه قبل سنتين , الان ليس حديثنا في هذا الاتجاه فحديثنا في ان تأثير هذا الرجل على مدرسة الخلفاء وعلى اتباع هذه المدرسة الى اليوم تأثير كبير من حوالي سنة 250 هجرية الى الان أي اكثر من 1200 سنة ,وهذا الحال في صحيح مسلم النيسابوري مع انهما ليسا حاكمين ولا عسكريين

وفي الطرف الاخر تأثير شيخ الطائفة الطوسي في الامامية بكتبه بتفسيره وفقهه و كتبه او تأثير الحلي او الشيخ المفيد فان تأثير هؤلاء في مدرسة الامام هو تأثير كبير الى يومنا هذا مع انهم ليسوا حكاما سياسيون ولا خلفاء ولا زعماء عسكريين , هذا فقط لبيان بانه لا يوجد ارتباط بالضرورة بان ان يكون الشخص زعيما سياسيا وبين ان يكون له اثر مهم في الامة 

المستعين العباسي الزعيم العباسي ما هو  تأثيره في الامة ؟ لا شيء , مثل الصفر , وكذلك المعتزل العباسي , وفي الامويين متعددين امثالهم ان لم يكن فيهم اثر سلبي في تراجع الامة فليس لهم اثر إيجابي لكنها أسماء موجوده 

اذن لا يوجد هناك ارتباط بين ان يكون هناك شخص حاكم وبين ان يكون له تأثير كبير في الامه , قد يكون حاكما ولكنه غير ذا اثر في الامه وقد يكون محكوما لكنه له اثر كبير في نهضة الامة , لذا لا يتبادر الى ذهنك كيف ان الائمة لهم اثر  و هم ليسوا خلفاء وليسوا حكام ؟ وكيف اثروا في الامة ؟

كل الائمة باستثناء امير المؤمنين لم يكونوا حاكمين بالفعل لكن كان لديهم حسب ما نعتقد وتهدف اليه هذه المحاضرة نعتقد كان لهم الدور الأكبر في حفظ كيان الامة ووحدتها 

لو نظرنا الى ماذا صنع امير المؤمنين بعد وفاة النبي فان الخطة والمنهج الذي سار عليه امير المؤمنين كان هو  المنهج الوحيد الذي يبقى الإسلام و يتم مسيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله , تصور الخريطة هكذا بان النبي انتقل الى ربه فحصلت نزاعات داخلية في جسد الامة فالخط القرشي شمّر عن ساعده لأجل استلام الخلافة و الحكومة باي شكل يكون , الهاشميون وقسم من الأنصار وقسم من المهاجرين كانوا يرون ان من الطبيعي ان تنساق الامامة والخلافة لعلي بن ابي طالب حسب ما ورد بشكل متكرر من احاديث النبي بخصوص تنصيب علي عليه السلام وقسم ثالث من المهاجرين والانصار قالوا بانهم هم من كان عليهم العبء الأكبر فهم من خاضوا المعارك واوو  و نصروا وانفقوا وقاتلوا اذن لابد ان يكون الامر لهم او ان يكونوا فيه شركاء , هذا داخل المجتمع المسلم . 

وقد كان هناك من لم يعمر الايمان قلوبهم وكانوا ينتظرون هذه الفرصة فالمجتمع فيه نزاع وتعدد في الاهواء و الآراء و التوجهات و الشخصيات و المصالح , وكانوا ينتظرون الفرصة , ممثل مثل هذا الامر كان أبو سفيان وبالتالي الرجل يرى ان القضية في واقعها هي سيطرة على الحكم فيرى ان بنو هاشم اخذوا الحكم عشر سنوات واكتفوا بواسطة رسول الله فلابد الان ان ترجع الى بنو امية , في الطرف الاخر الرومان لم ينسوا هزيمتهم في تبوك وهم ينتظرون متى تحين الفرصة حتى يغزوا جزير ة العرب ويسيطروا على مكة 

الفرس أيضا كانوا يرون انه بالأمس كان هؤلاء عبيد لهم يحكمونهم بواسطة ولاتهم على المدائن وعلى هجر فيأتيهم بالخير ات منها والان بها مؤامرة داخلية , كان بإمكان الامام  امير المؤمنين عليه السلام  ومن معه ان يقول ان الحق حقي وانا لي ان ادافع عن حقي وما يحصل ليحصل فانا ممثل رسول الله صلى الله عليه واله وباي ثمن لا بد ان احصل هذه الخلافة لاسيما وان الذين جاؤوا مكانه لم يكونوا بكفاءته , الامام يشرح هذا فيقول :"  الله ارسل لليهود بشيرا ونذيرا فلما قبض رسول الله تنازع المسلمون على الخلافة من بعده " فانا-بلسان حال امير المؤمنين- لم أتصور ان هذه الجماعة لديهم هذا الحد من التنمر على موقعي باعتبار ان القضية واضحة فالنصوص متكررة وصريحة فيفترض ان جميع هؤلاء لا يخالفون امر  رسول الله فانا لم  يخطر ببالي ولا بروعي ان يحصل هكذا فما راعني الا انثيال الناس -فقد عدلوا بالإمامة الى غيره – هنا انا كنت الاحظ الامر وصرت لا اقبل البيعة واقاوم حتى اذا رجعت الناس وهم يدعون لمحق دين محمد" فالقضية اكبر من خلافة ورئاسة لان اصل الامة سينهدم والدين سيتبخر , " فخشيت ان لم انصر الإسلام وأهله " أي اذا لم اترك حقي مع انه حقي الكامل ولم اكن أتصور انه يتجرأ احد على سلبه ولكني خشيت ان يثلم في الإسلام ثلمه لا يسلم منها الإسلام فهي اعظم عليّ من ولايتكم وامرتكم فنهضت في تلك الاحداث الى ما ينتهي الى مقابلة ولا معركة 

فعرض عليه أبا سفيان , قال له : " يا أبا الحسن  ما بال هذا الامر في اقل حي في قريش واذله  "  بحيث بحسب الترتيب الطبقى ان قبيلة تيم لا يهتم لها أبا سفيان الذي يرى انه من بني امية اشراف قريش وهؤلاء ليسوا في هذا المستوى 

" قم يا أبا الحسن وان شئت ملئتها لك خيلا و  رجالا, أبا سفيان تعاقد في غزوة الخندق مع غطفان ومع غيرها من العرب مقابل أموال فحشدوا له الفين شخص فقضية المرتزقة موجوده من ذلك الزمان , فقال له امير المؤمنين : يا أبا سفيان مذ عرفتك تكيد للإسلام وأهله فطرده ولم يسمع كلامة , فالإمام عليه السلام قضيته حفظ الامة في ذلك الوقت , نفس الكلام بنفس الحروف بنفس الترتيب فعله الامام الحسن المجتبى عليه السلام فقد كان الخيار ينتهي الى ان كما كان في زمن امير المؤمنين فقد كان معاوية حاضر, " انك انت يا علي خذ ا لعراق والحجاز وانا اخذ الشام و فلسطين والأردن والغوطة وزيت الزيتون , لكن امير المؤمنين لم يكن يرضى بهذا التقسيم للامة , أيضا في زمن ابنه الامام الحسن عليه السلام فقد كان معاوية مستعدا ان يمضي في قضية الحرب الى الأخير  ليقسم الامة وهذا فعلا حاصل فأهل الشام منفصلون عن اهل العراق وكذلك الثقافة من العراق الى الشام ولا  للعكس و لا العلاقات موجوده , ترسيم الوضع السياسي فمعاوية يريد الشام ويريد ان يترك القسم الثاني الذي هو الحجاز والعراق الى الامام الحسن لكن الامام الحسن كان مستعد ان يترك الخلافة الظاهرية لأجعل إبقاء كيان الامة واحد تتواصل افراده , ليصل احاديث اهل العراق واهل الحجاز الى الشام , وهذا الامر شديد " فصبرت وفي العين قدا وفي القلب شجا أرى تراثي نهبا" فهو يرى ان من تولى الحكم ليس فيه حتى الربع من كفاءة امير المؤمنين عليه السلام . مثلة كمثل من يأخذ سيارتك الجديدة بلا وجه حق ثم يقودها  ويصدم بها كل جدار هذا يزيد الألم 

امير المؤمنين والامام الحسن لم يصطدموا مع من اخذ الخلافة منهما لكي لا  تنقسم الامة ونستثني الامام الحسين عليه السلام وموقفه حين اصطدم خوفا على الدين الذي هو اعظم من الامة واشرف حيث قال : " وعلى الإسلام السلام اذا ولى وال مثل يزيد" فاذا جاء هذا واصبح والي فانه ليس فقط الامة تنتهي بل الإسلام بنفسه ينتهي لهذا وقف الامام الحسين في وجه ذاك الحاكم 

واما بعد ذلك فان أئمة اهل البيت مع علمهم بأحقيتهم من خلفاء الوقت الا انهم لم يعرضوا هذه الامة الى تمزق ومواجهه مع ان بعض الخلفاء كانوا يستفزون أئمة اهل البيت لابتداع المواجهة , تصور لو ان الامام الصادق استجاب لاستفزازات المنصور  الذي يستدعيه كثيرا يتوعده و يهدده بقتله وحر ق نخيله و  مصادرة أمواله وغير ذلك 

بعض العلويين لم يتحملوا كل هذه الأمور فاعلنوا الثورة سواء في العصر الاموي وكذلك في العصر العباسي , فهذا معناه انك يا منصور غير مؤهل وغير منتخب من الشعب و غير منصوص عليك من الله سبحانه  أي لا  من طرف الله ولا من طرف خلق الله انت ليس لديك الصلاحية والأهلية ومع ذلك انت يا منصور تهدد وتتوعد لذا اعلن العلوين من أبناء الحسن ومن أبناء الحسين  ثورتهم, فهذا زيد ابن الحسين قد ثار  وأبناء الحسن محمد بن عبدالله بن الحسن المثني و اخوه ابرأهيم واخوه ادريس , اقرأ كتاب مقاتل الطالبيين لابي الفرج الاصفهاني وانت سترى كم من الثورات حصلت 

بعض العلويين دعوا الائمة للنهضة معهم لكن الائمة لم يكونوا يقبلون , لماذا ؟ الامام في ذلك الوقت نفس الصورة الان , المسلمين نصفهم يتبعونهم اما عددا او منهجا وفي الطرف الاخر النصف الاخر اما عددا او منهجا يعني في تلك الوقت هناك مدرستان تتقاسمان الساحة الإسلامية في بعض الأوقات كان يتناصف المسلمين هاذان الاتجاهان واحيانا ثلثان الى ثلت , المهم انه كان اتباع الائمة وازنين عددا ويشكلون شيء في الامة , ماذا لو دخل الامام في مواجهات و  واجه باتباعه كلهم واوجب عليهم المواجه لاتباع المدرسة الأخرى فانه ستسيل من الدماء انهار 

نحن في هذه الفترة رأينا بعض هذا عندما سار المرجعية الدينية في العراق اعلى الله كلمتها في قضية الحركات الطائفية التي كانت تريد باي طريقة من الطرق ان تصنع خلافا بين مدرسة الخلفاء ومدرسة اهل البيت عليهم السلام 

فكانوا يفجرون ويقتلون وكذا و كذا من اجل ان تقول المرجعية الدينية واجهوهم واقتلوهم ومن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم , هذا الموقف كانوا يتوقعوهم ولكن هذه المرجعية استهدت بما تقوله قادتها حيث قالت: ان اهل السنة ليسوا الا إخواننا بل  هم انفسنا , صحيح نختلف معهم في بعض المباني الفكرية والعقائدية و الفقهية لكن نحن جسد واحد , هل ترى جسدا تلكم يمناه يسراه ويسراه يمناه !؟ لا يمكن هذا ابدا ولو صنع ما صنع لا يجوز الانسياق في هذا الامر , 

لو استجاب الائمة عليهم السلام لحماس البعض من شيعة اهل البيت و استفزازات الحكام – فالمنصور مثلا يرى نفسه حاكما و بيده الجيش الرسمي للدولة بيده الفقهاء وبيده العلماء وبيده كل الدولة – وهكذا تكون مذابح وهي تتكرر في كل زمن , ولكن كان موقف اهل البيت موقفا صارما حفاظا على الامة وحفاظا على الدين مع انهم يرون ان أبناء الائمة محقين في ثورتهم لما كان ينتابهم من الظلم والعدوان الا انهم كانوا لا يأمرون شيعتهم فضلا عن انهم هم من يكونون في المواجهة فهذا واحد من الأمور نحن نراه في إدارة أئمة اهل اليت عليهم السلام للصراع الذي كان بدأ من زمان الامام عليه السلام الى زمان الامام الحجة عجل الله تعالى فرجة الشريف 

امر اخر وجدنا ان أئمة اهل البيت عليهم السلام لم يجعلوا الاختلاف في المسائل الفقهية والعقائدية وغيرها سببا للمواجهة مع الخلفاء وغيرهم ,من الواضح ان الائمة يختلفون في الكثير من مبنياتهم مع المدرسة الأخرى 

اول عنوان الإسلام من هو المسلم , هذه لحد الان مشاكلها موجوده فنلاحظ ان بعض المتشددين يعتبرون من يزور  هو زائر للقبور فيحكم عليه انه مشرك , أيضا من يتوسل يعتبره يتوسل لغير الله وهكذا فهو مشرك والمشرك دمه حلال لذلك يفجر نه , وكم خدع من الاغمار والصغار في العلم بهذه الطريقة والأسلوب 

بعضهم يشتم رموزنا او ائمتنا اذن هذا يعني انهم يكذبون القرآن الذي مدح هؤلاء اذن هذا يعني انه مكذب للقران وهذا يعني انه غير مسلم اذن هو حلال الدم ويستحق في نظرهم القتل و لو قتل في شهر رمضان سيكون القربى اكثر 

هذا المنهج الفاسد والباطل لم يثقفوا الائمة اتباعهم به , الكثير من الاحاديث والروايات عن الائمة عليهم السلام المتواترة والمتضافرة التي تجعل الإسلام ما عليه الناس – الإسلام الذي يحق دمه وماله وعرضه ويوجب حقوقه هذا هو الإسلام – فالإسلام ليس لغز  و ليس في بطون الكتب ولا مقيد للناس 

الامام الصادق عليه السلام يقول : " الإسلام هو الظاهر الذي عليه الناس" فاذا كان ظاهر الانسان انه يصلي فهو مسلم وان كان ظاهره يصوم اهلا وسهلا هو مسلم وكذلك من يقوم بالحج ومن يقوم بذلك فهو مسلم محترم الدم والنفس والمال وأصبحت له حقوق المسلمين وعليه ما على المسلمين فهو قد نطق بشهادة ان لا اله الا الله محمد رسول الله وإقامة الصلاة وايتاء الزكاة وحج بيت الله الحرام 

اما من يقول قولا اخر كأولئك الذي يقولوا بان من لا يؤمن بالإمامة فهو  كافر  هذا غير صحيح ,  هذا كله كلام لا ينفع , فهذا امام الائمة واستاذ الأساتذة الامام الصادق عليه السلام هو يثقف اتباعه بثقافة ان الإسلام هو الظاهر الذي عليه الناس 

وكذلك هناك من يقول ان من لا يقيم هذه العبادات فهو ليس مسلم ,, وبعضهم  يرى بعدم دلالة إقامة الصلاة على اسلام الانسان  فاذا قال ذلك الإنسان يا علي حكموا عليه بالشرك حتى لو كان يصلي  , و هذا غير صحيح 

هذا تثقيفهم لجماعتهم و هذا تثقيف امامنا الصادق لنا بان  المسلم على الظاهر . ذاك توجيه وهذا توجيه . أئمة الهدى ثقفوا اتباعهم والاحاديث في هذا لا تعد ولا تحصى 

لاحظ في مدرسة الخلفاء على اثر التشدد الذي يحصل  فانه فيما بينهم حصل التكفير والقتل على قضايا فكرية لا أهمية لها كقضية فتنه (خلق القرآن ) من سنة 218 هجرية بزمن المأمون العباسي الى سنة 250 هجري بعد المتوكل العباسي بثلاث سنوات , حوالي 25 سنة ذاقت الامة الإسلامية في فرعها في مدرسة الخلفاء الامريين من السجن والتعذيب و القتل و الإهانة 

جاء المأمون وهو متأثر بالمعتزلة وهم يقولون ان القرآن مخلوق لأنه جاء فيه ﴿ ما يأتيهم من ذكر من الله محدث ﴾الأنبياء:2 اذن هو مخلوق وان جبرائيل عندما جاء به من السماء قال يا رسول الله :  ﴿ اقرأ باسم ربك الذي خلق ﴾العلق:1  , اذن هو ذكر مخلوق حادث ليس ازلي 

الاشاعرة بالذات اهل الحديث الحنابلة قالوا : لا , القران ليس هذه الالفاظ حقيقتها,  القران هو علم الله من صفاته وصفاته ازلية فالقرآن ازلي قديم كالله سبحانه وتعالى 

أئمة اهل البيت نصحوا اتباعهم وقالوا لا تخوضوا في هذا الامر فلا فائدة منه علمية ولا عملية , لا هذا فهم ما يريد ان يقوله ذاك ولا ذاك فهم ما يريد ان يقوله هذا والمعركة على شيء وهمي في حقيقة الامر فلا تؤيدوا هذا ولا تؤيدوا ذلك يكفي ان تقولوا ان القران كلام الله ولا تزيدوا على ذلك 

طبعا هذا يحتاج الى بحث مفصل في مادة العقائد لنعرف من اين جاءت هذه الفكرة عند المعتزلة و عند الاشاعرة  وهل لها أصول ام لا الان لسنا في صدده 

الطرف الاخر فيما بينهم تناقشوا وحصل ما حصل فهذا المأمون جمع الفقهاء و العلماء ليرى من يقول ان القران مخلوق فهو ناجح له الكرامة وهو مرضي عنه وله جائزة , اما من يقول بانه ازلي قديم فانه يفصل عن مكانه و يعذب بل قتل بعض الفقهاء لعدم اقرارهم بلسانهم و قام بعض الفقهاء باستعمال التقية قالوا : "قولنا ما يقول اميرنا المأمون ", هذه التقية التي يعيبونها على شيعة اهل البيت عليه السلام 

بعد ان جاء المتوكل أي بعد عشرين سنة قام بجمع هؤلاء العلماء مجددا ليتم فرزهم بين من يقول ان القران  مخلوق فيكرموه وبين من يقول بان القران غير مخلو ق فيلاقي العقاب  يضرب و يسجن و يقتل حتى قتل جماعة منهم في زمن المتوكل العباسي 

أئمة اهل البيت عليهم السلام مع اختلافهم مع المدرسة الأخرى لم يتصادموا معهم بل جاءوا بأمر اخر وهو التقية , التقية انما شرعت من اجل حفظ كيان الإسلام و الامة لذلك الامام الصادق يقول: التقية ديني ودين آبائي " , ولا دين لمن لا تقية له " لان فيه نتيجة امره فمن لا تقية عنده سيختلف مع كل من يخالفه في الراي وستجر الامر الى معارك فتصور  انك في بلد من البلدان التي يحكم فيه اتباع مدرسة الخلفاء هؤلاء لا يسمحون للشعب بان يمارسوا عبادتهم و عقائدهم كما يراه الشعب فهو يريدك ان تكون مثله 

طريق التقية هو الطريق الأمثل ما تراه مقربا الى الله ,  طريقا يوصل اليه وارى ان هذا هو الصحيح لا غير لكن طالما ان ذاك الطرف يهددني في مالي وفي عرضي وفي دمي فانا اجامله وانا مثاب على ذلك لذلك نرى ان بعض أئمة المعتزلة في زمان المتوكل اظهروا التقية فالقول ما قاله امير المؤمنين وكذلك الحنابلة قام بالتقية ففي التقية يجعل الانسان داخل القلب العقيدة الحقيقية ولكن على لسانه يظهر شيء اخر  , البعض من الجهلة ممن ليس عالم وليس متعلم -يقول بان التقية هي نفاق والحقيقة انها  عكس النفاق تماما 

النفاق هو من لا يؤمن بالله ولا برسوله في قلبه ثم يظهر للناس انه مؤمن , اما التقيه فهي كما صنع عمار قلبه مطمئن بالايمان ولكن امام الكفار فانه يقول الامر للات وللعزى ولمناة فهذا من طرف لسانه فلا يعتقده و لا يعقد عليه قلبه 

(الا من اكره وقلبه مطمئن بالإيمان) , البعض يرى ان التقية مباحة في بلد الكفار فقط , لكن هذا غير صحيح فبعض بلدان الكفار يعطيك الحرية في دينك اكثر مما يعطيك إياه دولة مسلمة . 

التقية شرعت لأجل الحفاظ على نفس الانسان بشكل عام ومن اجل الحفاظ على وحدة المجتمع المسلم 

في مدرسة الخلفاء يوجد خطان ومنهجان مختلفان في كثير من الأمور  هم الاشاعرة والمعتزلة 

وكذلك بين الاشاعرة وبين اهل الحديث اختلاف  وكذلك بين اهل الحديث انفسهم يوجد اختلاف وكذلك بين الاحناف انفسهم اختلاف حتى انهم كفروا ابن حنبل واخرجوه من الملة هذا وضع ليس صحيح في الامة هل الدين فعلا يأمر بهذا ؟ هل بهذه الطريقة ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)  البقرة :185 هل يتحقق في هذا المورد 

التقية تماما على خلاف النفاق ,نعم في موارد معينة لا ينبغي التقية مثلا اذا توقف اعلاء الدين امام الموقف هذا الامام الحسين لم يمارس التقية لان الدين سينتهي حتى لو جرى ما جرى 

وقفت العقيلة زينب ضمن هذا الاطار في وجه الطاغية ( أمِنَ العدل يا ابن الطلقاء! تخديرُك حرائرَك وإماءَك، وسوْقك بناتِ رسول الله (صلى الله عليه وآله) سبايا. قد هتكتَ سُتورَهنَّ، وأبديتَ وُجوهَهنَّ، تحْدو بهن الأعداءُ من بلدٍ إلى بلدٍ)

........................

1) 999 نهج البلاغة – خطب الامام علي (ع) – ج3 – ص 119







مرات العرض: 3422
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (0) حجم الملف: 59714.34 KB
تشغيل:

الحديث الجامع في صفات الأئمة 13
عترة النبي المصطفى في كلام الحسن المجتبى 15