1/ وعترتي أهل بيتي: فقه الحديث
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 2/9/1443 هـ
تعريف:

1/ وعترتي أهل بيتي : فقه الحديث

كتابة الفاضلة أم جواد

روي عن سيدنا ومولانا رسول الله "ص" بأسانيد كثيرة أنه قال:

(إني تارك فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا من بعدي أبدا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ألا إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما)

صدق سيدنا ومولانا سيد الأنبياء محمد.

نحمد الله أن بلغنا شهره الكريم ونحن في خير وعافية ونسأله أن يتم نعمته علينا بتوفيقنا لصيامه وقيامه وتلاوة كتابه، وأن يرزقنا قبول العمل والفوز بالجنة والعتق من النار، لنا ولآبائنا وأرحامنا وجميع المؤمنين والمؤمنات إنه على كل شيء قدير.

ونبدأ في هذه الليلة المباركة من أول لياليه، في الحديث عن عترة النبي المصطفى "ص"، بعد أن تحدثنا في سنوات مضت عن سنة النبي وعن أسرته وعن أصحابه وما يتصل به "ص"

هذه السنة بحول الله سيكون حديثنا عن عترة النبي المعصومين تحديدا، وسينصب الكلام فيه فيما يرتبط بقضية الإمامة والأئمة المعصومين "ع".

قد يقول قائل بأنه ما الداعي لطرق مثل هذه المواضيع، فإنها مواضيع تاريخية لا يترتب عليها أثر عملي في هذا الزمان، ومن الأفضل أن ينشغل الإنسان كما يقول هؤلاء بالقضايا المعاصرة والبحوث العلمية التي تنتج الحضارة والتقدم العلمي وأمثال ذلك، فلماذا نترك هذا ونذهب لمواضيع تاريخية ليس فيها منفعة واضحة.

الجواب على ذلك، جواب متعدد، أول الأجوبة أن هذا الموضوع ليس موضوعا تاريخيا بل موضوع حاضر بل مستقبلي، نظرا لأن الحديث في ظلال العترة يعني الحديث عن المرجعية الدينية للمسلمين، من أين يأخذ الانسان المسلم أحكامه الشرعية وفقهه الديني، غدا يريد أن يصلي فكيف يصلي، غدا يريد أن يصوم فماذا يجتنب، يريد أن يذهب للحج فكيف يؤدي منسكه، هذه قضية معاصرة متجددة من أين نأخذ أحكامنا الشرعية كيف نعبد ربنا بأي طريقة نتقرب لله عز وجل، بل في مرحلة أعلى ماهي الاعتقادات التي ينبغي أن نؤمن بها ومن هو الله الذي نعبده ونتوجه إليه، هل هوذ لك الاله الذي له عين ويد وبطن وساق ووجه و غير ذلك، وأنه كآدم مخلوق من أعضاء كما يذهب إليه بعض المسلمين، بماذا نؤمن بالنسبة لرسول "ص" هل نؤمن برسول يخطئ تارة ويصيب أخرى، ويعتدي على غيره بغير مبرر، ويقوم بأعمال غير مناسبة، أو أننا نعتقد بذلك الرسول الذي صوره لنا وعرفه لنا عترة النبي "ص"

ماهي المرجعية الدينية التي يرجع لها المسلمين، هذا موضوع ليس من أهم المواضيع، بل هو أهم المواضيع.

المرجعية الدينية التي حددها حديث الثقلين وربط عدم الضلال بها، يعني بغيرها أو بغير أحد جزئيها يحدث الضلال، ربط النبي المصطفى  محمد "ص"عدم الضلال بهذين، بهذه المرجعية الدينية المكونة من شقين وثقلين وعنصرين الكتاب والعترة النبوية، فليس الموضوع موضوع تاريخي بل هو موضوع حاضر بل مستقبلي أيضا.

كل المسلمين يريدون المسير لرضوان الله وجنة الله، فكيف يسيرون وأي سبيل يسلكون، ماهي الطريق التي يسيرون عليها، هذا عينه حديث الثقلين وعترة النبي أحد الثقلين، فالموضوع إذن موضوع حاضر فعلي بل هو مستقبلي.

إن ما نلاحظه من الانحرافات، وسنأتي على ذكرها في بعض الليالي، انحراف الأمة فكريا ثقافيا سياسيا، تخلفها اقتصاديا وعمرانيا، إنما كان لجملة أسباب في طليعتها كان أنهم اعتمدوا مرجعية غير المرجعية التي جعلها رسول الله "ص"، فالموضوع إذن موضوع حاضر بل هو مستقبلي.

تنزلنا وسلمنا لنفترض أن هذا موضوع تاريخي أيضا، نقول أن المواضيع التاريخية على قسمين، لو تنزلنا وقلنا أن البحث في موضوع عترة النبي هو موضوع تاريخي، نقول أن المواضيع التاريخية على قسمين، قسم من المواضيع التاريخية تبقى في ضمن إطارها التاريخي، ولا تؤثر على الحاضر والمستقبل، لو عرفنا أن موقع غزوة حنين في هذه البقعة أو في تلك البقعة هذا لايؤثر على حاضرنا، لو عرفنا أن عدد المسلمين في هذه المعركة كان ألفا أو ألفا ومائة لايؤثر هذا كثيرا على حاضرنا بدرجات كبيرة، هذه من المواضيع التاريخية المجردة، وهناك بعض القضايا التاريخية التي تتصل بالحاضر، وتؤثر فيه، ومن ذلك لو فرضنا أن موضوع عترة النبي موضوع تاريخي، فإنه من تلك المواضيع التاريخية التي ترتبط بالحاضر وبالمستقبل أيضا.

إذن حديثنا في هذا الاتجاه، ولقد أحسن المرحوم مرجع الطائفة في زمانه، السيد حسين البروجردي كما نقل عنه تلميذه الشيخ محمد تقي القمي رحمه الله عليهما، السيد البروجردي كانت مرجعيته قبل مرجعية السيد الخوئي رحمة الله عليهما وشيئا ما قبيل مرجعية السيد الحكيم رحمة الله على الجميع، وفي إيران له مرجعية عامة، تحدثنا في هذا المسجد في بعض السنوات، عن علماء الشيعة أو عن بعضهم، وكان من جملتهم السيد البروجردي وبينا جوانب من حياته وآثاره.

مما ينقل عنه على لسان تلامذته ومنهم الشيخ محمد تقي القمي أنه كان يقول: إذا يراد الآن أن يكون هناك نقاش بين المسلمين، فلا ينبغي أن يكون النقاش مثلا في أن خلافة فلان صحيحة أو غير صحيحة، هذا ليس له أثر كبير على واقعنا، صاحب الأثر الكبير هو حديث الثقلين، ينبغي التركيز عليه لأنه إذا ثبت في أصله وفي معناه، فإن معنى ذلك أن المسلمين تتحدد مرجعيتهم الدينية بنحو صحيح يقوم على أساس الاستهداء بالكتاب وبعترة النبي محمد "ص".

فهو في هذا البحث يرى أنه إذا لازم يصير نقاش أساسي ينبغي أن يناقش في هذا الموضوع، في هذا الحديث، ليس من الحكمة أن تناقش أحدا في مسائل فرعية، أن صلاة المسافر قصرا عزيمة أم رخصة، هذا بحث متأخر جدا، ينبغي أن تثبت في الأساس المرجعية الدينية الصحيحة للمسلمين ماهي، فإذا ثبت أن المرجعية الدينية للمسلمين هي القرآن وعترة النبي، فإن كل ما بعدها يترتب عليها، وإذا ما ثبت هذا لا ينفع أن تثبت باقي الأمور، لذلك سوف نتعرض لشيء من الإشارة إلى هذا الحديث الشريف، وإلى بعض ما يرتبط به.

هذا الحديث المعروف بحديث الثقلين فيه ميزات متعددة، إحدى ميزاته أنه يعد من الحديث المتواتر، نظرا لكثرة أسانيده ولأنه قد تلقته الأمة بالقبول إلا من بعض المشاغبات التي سوف نشير إليها في نهاية حديثنا.

هذا الحديث رواه في الطبقة الأولى أي مباشرة عن النبي "ص" نحو من ثلاثين صحابي وصحابية، ثلاثون صحابيا وصحابية قد رووا هذا الحديث عن رسول الله "ص" وهذا يحقق درجة عالية من درجات الحديث المتواتر، أكثر الأحاديث الواردة سواء من طرق الإمامية أو من مدرسة الخلفاء يطلق عليها أحاديث الأحاد يعني يرويها شخص عن النبي أو عن الإمام ثم يرويها عنه شخص آخر وهكذا، فيسمونها أحاديث الآحاد، لكن هناك قسم قليل من الأحاديث في كل طبقة يرويها أشخاص متعددون كثيرون، وهذا له ميزة بل ميزات يبحثها علماء الحديث في كتبهم.

حديث الثقلين حين يكون أول طبقة من طبقاته يرويها ثلاثون شخصا، وقالوا أن التواتر فيه يكفي أن يرويه عشرة، فإذا رواه ثلاثون يعني ثلاثة أضعاف هذا العدد المطلوب، ثم بعد ذلك كل طبقة....

 " يعني هذه الثلاثون لو أن كل واحد رواه إلى اثنين سيصير عندك ستين شخصا، من الستين لو روى كل واحد منهم إلى مثله أو إلى اثنين أو إلى أكثر من ذلك، يتضاعف العدد ويكثر"

ولذلك وجدنا أن هذا الحديث حديث مشهور ومعروف، حتى لقد نقله في كتب مدرسة الخلفاء حوالي مائتي شخص في كتبهم المختلفة، وأشار بعضهم إلى تصحيحه واعتباره، وبعضهم من المتعصبين مذهبيا، مثل الذهبي في التلخيص يرويه ويشير إلى أنه صحيح، صاحب الصواعق المحرقة، صاحب فتح الباري أيضا، وغيرهم من أصحاب الكتب الكثيرة، مائتي مؤلف في كتبهم المتعددة ذكروا هذا الحديث، بعضهم أشاروا إلى اعتباره وإلى صحته، والبعض الاخر نقله هكذا، فهذه ميزة من الميزات.

ميزة أخرى أن مناسباته مناسبات متعددة حتى في زمان رسول الله "ص"، وهذا قد يفسر ما رأينا من بعض الاختلاف في كلمات نقلت في الحديث الشريف، مثلا: حديث الثقلين برواية زيد بن أرقم وهو من أصحاب رسول الله "ص"  وتحدثنا عن سيرته وحياته في كتابنا (أصحاب النبي محمد "ص" ) وأشرنا إلى هذا المعنى فيه.

زيد بن أرقم ينقل الحديث على أنه وقع وحصل في يوم غدير خم، بينما جابر بن عبدالله الأنصاري ينقل الحديث بصيغة أخرى في يوم عرفة وبكيفيات مختلفة، هذا ليس تناقض وتخالف، وإنما النبي المصطفى "ص" ذكر هذا الحديث في مواضع متعددة وبمناسبات مختلفة، وهذه هي طبيعة من يهتم بالأمور، لاحظ نفسك لو عندك شغلة مهمة توصي ابنك بها في داخل البيت، وإذا طلعت من الممكن تتصل به تذكره، وفي جماعة تذكره، ومنفردا تذكره، وقد لا تتفق كلماتك مائة بالمائة ولكن أصل المطلب أنت تقوله لابنك أو لأمثاله لأنك مهتم به.

حديث زيد بن أرقم ينقله الحاكم بن عبدالله النيشابوري، صاحب كتاب "المستدرك على الصحيحين"، نقلنا غير مرة ونذكر والحمد لله الحاضرون والسامعون عارفون بذلك، ولكن نذكر به، قلنا أن الحاكم النيشابوري لما تصفح كتابي الصحيحين صحيح البخاري وصحيح مسلم، ومسلم أيضا نيشابوري، رأى أن هناك أحاديث كثيرة تركها البخاري ومسلم ولم ينقلاها في كتابيهما مع أنها صحيحة بمقاييسهما لأسباب لا تخفى على المتأمل، فجاء هو واستدرك عليهما، قال لهما: ترى هذا الحديث الفلاني صحيح على منهجكم ولم تكتباه في كتابيكما، وكذلك الحديث الفلاني أيضا على منهجك ومقاييسك أنت يا مسلم أو أنت يا محمد بن إسماعيل البخاري، على منهجك هذا صحيح وكان ينبغي أن تنقله في كتابك، فاستدرك عليهما، ويلاحظ الانسان أن كثيرا من هذه الأحاديث التي استدركها هي في فضائل آل محمد "ص".

حتى لقد اتهمه بعض مخالفيه بالتشيع، قالوا هذا الحاكم النيشابوري مو من عندنا بل شيعي، فإذا شيعي خلاص بعد يسقط في الامتحان.

فالحاكم جاء واستدرك وعمل كتاب مطبوع في بعض الطبعات في أربع مجلدات باسم " المستدرك على الصحيحين" من جملتها أورد هذا الحديث بسنده إلى زيد بن أرقم، وهو صحيح بتصحيح أئمة الحديث والرجال عند مدرسة الخلفاء، نص هذا أنا أٌقرأه لكم:

 (أنه لما رجع رسول الله "ص" من حجة الوداع ونزل غدير خم، أمر بدوحات فقممن "كنس ذلك المكان" فقال: كأني دعيت فأجبت

 "وقد صدق رسول الله من 18 ذي الحجة إلى 28 صفر، شهران وعشرون يوما، أقل من ثمانين يوم هذه كانت مدة بقاء النبي "ص"

وإني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله وعترتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، ثم قال: إن الله عز وجل مولاي وأنا مولى كل مؤمن، ثم أخذ بيد علي "ع" فقال: من كنت مولاه فهذا وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه)

هذا في المستدرك، نحن نلاحظ مكانه الغدير وزمانه بعد حجة الوداع أي 18 ذو الحجة، ومعروف مكانه غدير خم، بعض المؤمنين الذاهبين للحج والعمرة يذهبون لغدير خم ومكانه معروف والإشارة إليه واضحة.

في سنن الترمذي والحديث صحيح كما صححوه، حتى مثل الذهبي ومن المعاصرين الألباني، وهما من المتعصبين مذهبيا ومع ذلك تم تصحيح هذا الحديث، وقالوا هذا حديث صحيح.

في سنن الترمذي:

 (عن جابر بن عبدالله الأنصاري، قال: رأيت رسول الله "ص" في حجته يوم عرفة، 

" ذاك الحديث كان في يوم الغدير والمكان في الغدير، وهنا في اليوم التاسع من ذي الحجة والمكان عرفات، هناك يستحب لأمير الحج أن يخطب، فالرسول كان يخطب "

وهو على ناقته القصواء " حتى يصل صوته لأبعد مدى ممكن" فسمعته يقول: أيها الناس إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي)

هذا حديث، وحديث ثالث ترويه أم سلمة هكذا بدون مشخصات:

( أن النبي "ص" قال: إني تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما.... إلى أخر الحديث)

أيضا كان هناك مناسبات كان النبي وكان علي وكان الحسنان وكان أئمة الهدى "ع" يسألون عن تفاصيل هذا الحديث، أنه منهم المقصودون بعترتي في قول رسول الله في حديث الثقلين، فكان هؤلاء يفسرون، وسيأتي الحديث فيه.

فإذن أول ميزات هذا الحديث، أنه من الأحاديث المتواترة، ليس من حديث الآحاد، ويكفيك أنه رواه في طبقته الأولى ثلاثون صحابيا وصحابية، ولمن أراد التفصيل يكفيه أن يرجع لموسوعة الغدير للمرحوم العلامة الأميني رضوان الله عليه، من ميزاته أيضا أنه في مناسبات متعددة زمانا ومكانا وكيفية مما ينفي قضية الاتحاد ويؤيد أن النبي "ص" أخبر عن هذا الحديث وعن هذا المضمون وعن هذا المعنى، في موارد متعددة وأزمنة مختلفة ومناسبات متكثرة.

هذا أمر ثان، الأمر الثالث أن مضمونه مع اختلاف الكلمات مضمون واحد، مرجعيتكم الدينية التي تركتها فيكم اثنان وليس " حسبكم كتاب الله " تارك فيكم شيئين ثقلين أمرين مرجعيتين، فلا يحق لأحد بعد ذلك أن يقول: مرجعيتنا الدينية القران.

وهذا ليس موضوعا تاريخيا، بل إلى اليوم من يقول مثلا أننا نريد الحكم الفلاني من القران الكريم، نقول له أنت بقصد أو بدون قصد تكذب رسول الله، لأن النبي يقول: مرجعيتكم الدينية القران والعترة، فإذا اقتصرت على القران فأنت تخالف رسول الله ، قد تكون غير عالم ولكن هذا لا يعفيك من المسائلة، ليس حسبنا كتاب الله وإنما كتاب الله مع العترة، فهذا أيضا من الأمور المهمة في هذا الحديث الشريف.

هذا الحديث معناه أيضا معنى واضح، من معانيه والبحث فيه طويل، أن النبي بإطلاقه القول "ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا" كأنه يريد أن يقول: وإن تمسكتم بأي شيء غيرهما ستضلوا، أي شيء غير هذين إذا تمسكتم به سيحصل الضلال، طريق الاستقامة والهداية الوحيد لكم أيها المسلمون هو في التمسك بالكتاب وبالعترة.

مثل هذا المعنى لا يذعن له الكثير من الناس، لاسيما أتباع الخط الأموي، فإن التقصير في شأن العترة وعدم الاتباع لها محقق للضلال، فماذا يصنعون، صارت هنا محاولات، محاولة منهم أن هذا الحديث ضعيف، بعض هؤلاء قالوا أن حديث " وعترتي" حديث ضعيف، وقد كفانا مؤونة الرد عليهم من لا يتهم بالتشيع وهو الذهبي.

 الذهبي قال: (هؤلاء الذين يضعفون حديث الثقلين، لم يتتبعوا "بعبارة أخرى لا يفتهمون وليس عندهم علم"، ولو نظروا في الأسانيد المتعددة لرأوها صريحة بصحة هذا الحديث)

فإذا كان هكذا لا يحتاج لأحد أن يطيل العمل معهم.

فهذا طريق قالوا الحديث غير صحيح وضعيف وكان هذا من إنكار الشمس في رابعة النهار حتى أن رد عليهم مثل الذهبي وهو غير محسوب على الشيعة بل هو متعصب ضد الشيعة .

صارت محاولة أخرى وهذه مشت أكثر، قالوا هناك حديث آخر وهو ما رواه أنس " كتاب الله وسنتي" موجود في صحيح البخاري وصحيح مسلم.

نقول: أولا هذا الحديث يما يشبه الإجماع عند العلماء فيهم يرجع لرجل يقال له ابن أبي أويس وهو عندهم بين من قائل أنه كذوب وبين من قائل أنه وضاع، وعلى هذا المعدل. هذا أولا

ثانيا: "سنتي" أنتم مرة تقولون أن النبي أمر بأن تمحى سنته وأن تلغى وأن لا تسجل، وعمد بعض الخلفاء إلى محو ما كان مكتوبا من سنة النبي "ص" وتقولون أن النبي نهى عن كتابة سنته، فكيف يقول سنتي، إذن هي موجودة وبين أيديكم، ومن جهة أخرى تقولون أن النبي منع أن تكتب سنته ورفض ان يقيد عنه وجاء الخلفاء فيما بعد وأتلفوا ما كان موجودا، ومنع أصحاب رسول الله من التحديث ونقل حديث رسول الله، ونقلنا هذا مفصلا في السنة الماضية عند حديثنا عن سنة رسول الله، فإما هذا غلط وإما ذاك غلط، إما أن النبي لم ينه عن كتابة سنته، وأن كل العمل الذي صار على مدى تسعين سنة من الخلافة الرسمية في منع سنة رسول الله كان سياسة باطلة، وإما أن يكون هذا صحيح، لو هذا صحيح لو ذلك صحيح، أما من جهة تقولون ان النبي قال وسنتي، ومن جهة قال لا تسجلوا سنتي، أحرج عليكم أن لا تكتبوا عني شيئا من كتب عني شيئا فليمحه، كيف مخلف فيكم هذا والحال أنه ينهى عن الكتابة، فهذا أيضا مما يشير إلى أن هذا الحديث هو حديث مفتعل.

صارت طريقة ثالثة تغيير في الألفاظ، أو في المعاني، قالوا نعم أن النبي قال: إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله ، :ثم قال أذكركم الله في أهل بيتي "هذولا مساكين يحتاجوا لعناية ورعاية منكم" تغير اللفظ فتغير المعنى بين أن يكون قرآن متبع وعترة تقتدى ويهتدى بها، إلى أن يصير  "أذكركم الله " كما توصي بأحد يتيم وأحد فقير واحد صغير يحتاج لرعاية .

وهذا أيضا حاولوا يمشوه فكيف ترك فيهم ثقلين إذن؟ وأين محل "لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض" بينما سيتفرق غيرهم عن أحكام القران و أين  "ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا" وأمثال ذلك.

صارت محاولة بعد ذلك في تأويل كلمة العترة " كتاب الله وعترتي"

من هم عترتي، قالوا: زوجاتي، وقالوا: أمتي، فإذا عترتي زوجاتي فأولا لم نر واحدة من زجات الرسول قالت أنا من عترة رسول الله 

بل عندنا وعندهم في قضية الكساء، وهو ثابت في الفريقين، أن أم سلمة وهي فضلى نساء رسول الله بعد خديجة، وفي المرتبة العالية أرادت أن تدخل معهم فقال لها: يا أم سلمة لا وإنك إلى خير، ثم رفع يده وأشار إليهم بما ضمهم الكساء وقال: اللهم إن هؤلاء هم أهل بيتي وعترتي وخاصتي وحامتي، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا"

ما رأينا أي زوجة من زوجات رسول الله قالت أنا من عترة رسول الله، بل ما رأينا مثل معاوية يقول أنا: أخو عترة النبي باعتبار زوجة النبي أم حبيبة ستكون عترة النبي وأهل بيت النبي، فأين تذهب هذه عن مثل معاوية الذي قال: أنا خال المؤمنين باعتبار أنه  أخ زوجة الرسول وأم المؤمنين فهو يكون خالهم، أين ذهبت عنه، يا أيها الناس أنا أخ عترة النبي وأخ أهل البيت، والحال أنه لم يحصل هذا.

فكل هذه المحاولات من أجل يغير اللفظ أو يغير المعنى، في هذا الحديث الشريف الذي أهم شيء فيه أنه برنامج ديني نبوي وضعه الرسول لهذه الأمة إلى يوم القيامة، إلى أن يحصل الحوض وتقوم القيامة، وأن هذا الطريق الثنائي من القران والعترة هو طريق الهداية والنجاة لهذه الأمة.

فكانت هناك كل هذه المحاولات الكثيرة لتنحية هذه العترة عن المواقع التي رتبهم الله فيهما كما ورد في الزيارة " ولعن الله أمة قتلتكم ولعن الله أمة ظلمتكم وأزالتكم عن مراتبكم التي رتبكم الله فيها" بينما هم بتنصيب النبي قادة الأمة وأئمة البشر والمقدمون في كل باب وإذا بهم يعزلون عن مناصبهم وعن قيادتهم وعن إمامتهم وعن فتواهم وعن درسهم وعن كلامهم، وليت بقى الأمر في هذا الحدود، لكن عدا عليهم الخط الأموي المعادي لهم حتى أخلى منهم جديد الأرض قتلا وتشريدا وسجنا وإيذاء.

رحم الله ذلك الشاعر الذي قال:

كأن رسول الله قال لقومه   خذوا ثأركم من عترتي وتشددوا

 


مرات العرض: 3434
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (0) حجم الملف: 49989.71 KB
تشغيل:

29 العيد في سنة النبي صلى الله عليه وآله
حاجة الأمة للعترة والأئمة 3