الامام عليه عليه السلام والناكثون
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 19/9/1430 هـ
تعريف:

*الإمام علي عليه السلام والناكثون*

تفريغ نصي الفاضلة زهراء الحجاج

تدقيق الفاضلة فاطمة


بسم الله الرحمن الرحيم.

قال أمير المؤمنين سلام الله عليه: *(فما راعني إلا والناس كعُرف الضبعِ أليّ ينثالون عليّ من كل جانب حتى لقد وُطِئ الحسنان وشُق عطفاي‎، مجتمعين حولي كربيضة الغنم فلما نهضتُ بالأمر نكَثت طائفةٌ ومرقَت أخرى، وقسطَ آخرون كأنهم لم يسمعوا الله سبحانه يقول (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساد والعاقبة للمتقين) بلى واللهِ لقد سمعوها ووعوها ولكنهم حليت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها)* ١ صدق مولانا أمير المؤمنين - سلام الله عليه-، تعبتر الخطبة  الشقشقية لأمير المؤمنين -عليه السلام- من أهم الوثائق التاريخية التي تحلل ماوقع بعد وفاة رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وحتى أواخر أيام أمير المومنين -عليه السلام- فقد خطب هذه الخطبة  بعد قضية النهروان، والخوارج من آخر الأحداث التي واجهها أمير المؤمنين -عليه السلام- لذا فهي على مقدار من الأهمية لأنها توثق الحدث من جهة، وتعطي رأياً وتحليلاً من شاهد عيان يخصه الحدث و هو أمير المؤمنين -عليه السلام- 

هذا المقطع من خطبة الأمير-عليه السلام- الذي افتتحنا به الحديث، يؤرخ لبداية خلافته وقضية الناكثين، وهو أول من أطلق عليهم هذا اللقب.

 *معارضة*

الناكثون، القاسطون، 

 والمارقون هم ثلاث طوائف عارضت أمير المؤمنين في مدة خلافته الظاهرية، والمارقون تسمية سبق أن ذكرها رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- والإمام أمير المؤمنين-عليه السلام-  هنا يتحدث عن هذه المرحلة ويصّرح أن البيعة التي حصلت له إنما هي بيعة جماهيرية عامة، بلغ التزاحم فيها حداً شبهه من حيث الكثرة بعرف الضبع، وهو تشبيه معروف عندهم  فالضبع حيوان كثير الشعر، و عُرفه متلبّد ومتراص، واجتماع الناس على بيعته بهذا المستوى أيضا، فكانوا ينجالون عليه إلى الحد الذي وُطيء الحسنان -عليهما السلام- حيث ديسا بالأقدام، وحتى شُق طرفي ثوبي الإمام -عليه السلام- لكثرة شد يداه لمبايعته وكلٌ يشد من جهته. 

هكذا كانت بيعة الخلافة الظاهرية للإمام عليه السلام، وقد رد الإمام -عليه السلام- عليهم أول الأمر بقوله (إنا مستقبلون أمراً له وجوه وأنا لكم وزيراً خيرٌ لكم مني أميراً)٢

*بين الإمامة و الخلافة*

وهنا ينبغي التفريق بين أمرين قضية الإمام الإلهية وقضية الخلافة الظاهرية، حيث أن الإمامة الإلهية لا ارتباط لها  ببيعة الناس، ولا تخضع لتجمعهم، ولا تتأثر بقبولهم ولا برفضهم، فعليٌ -عليه السلام- إمامٌ بتنصيب الله -جلّ وعلا- وتبليغ النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- و هذه الإمامة الإلهية تصبح فعلية بمجرد وفاة الرسول الأكرم وانتقاله للرفيق الأعلى، سواء بايعه أحدٌ أو لم يبايع، فالبيعة  لا تُغير في أمر إمامة الإمام علي -عليه السلام- فهي إمامة إلهية.

وأما الخلافة الظاهرية فهي ترتبط بأمر بيعة الناس، لذلك الخلافة الظاهرية لم تنعقد لأمير المؤمنين أيام الخليفة الأول والثاني والثالث، رغم أنه إمام إلهي، لكنه ليس خليفة بالخلافة الظاهرية، لأن من شروطها للتصرف قبول الناس وبيعتهم إياه، وإلزام أنفسهم لأوامره، وهذا لم يحصل إلا في زمانه -عليه السلام-، والإمام -عليه السلام- بقوله (أنا لكم وزير خيرٌ لكم مني أمير) يقصد الخلافة الظاهرية ولا يقصد الإمامة  الإلهية.  

فهو يخبرهم أنكم الآن تلزمون أنفسكم بالبيعة لي، لكن لاحقا لا تستطيعون أن تطبقوا الأوامر والتوجيهات، والبرنامج الذي أعددته لكم، لذا صارت البيعة بعد تردد من قِبل الإمام -عليه السلام- ، ثم أعطاهم فرصة يوم حتى يحّكموا أمرهم،  وفي اليوم الثاني جاءوه بإصرار أكثر، وبعدد أكبر، فاستجاب الإمام لرغبتهم، وأصبح خليفةً ظاهريًا للمسلمين، إضافة لكونه إمامًا إلهيا.

 *لم يبايعوا*

منذ أن نصّب الرسول الأكرم الإمام علي -عليه السلام- مولى للمسلمين في عيد الغدير، توقف قسمٌ من المسلمين عن بيعته من أمثال عبدالله ابن عمر، مسلمة ابن مخلد الأنصاري، النعمان ابن بشير، معاوية ابن إبي سفيان، سعد ابن أبي وقاص، وصهيب بن سنان، وقد بلغ عددهم قرابة الخمسة عشر شخص، والإمام أمير المؤمنين -عليه السلام- لم يكلم أحدًا منهم، ولم يُجبر أحدًا منهم  على مبايعته، و شتان بين موفقهم منه -عليه السلام- بعد وفاة رسول الله حين توقف عن البيعة، فحدث ماحدث من الهجوم، والتهديد بإحراق بيته وقتله وكل ذلك بسبب توقفه عن المبايعة، وبين موقفه هنا حيث لم يكلم أحدًا من الذين توقفوا عن بيعتهم، وتركهم لحال سبيلهم، بل قسّم لهم في العطاء كما قسّم لغيرهم،  وكذلك عفى عن الذين  توقفوا عن بيعته أو ترددوا فيها.

 *لماذا نعيد سيرة أمير المؤمنين؟*

نحتاج أن نعيد سيرة الأمير -عليه السلام- في كل وقت لأنه أملٌ وطموحٌ وتعطشٌ من البشر أن يعيدوا مبادئه وقيمه وتعاليمه، وليس هذا طموح شيعته ومحبيه فقط بل هو أمل البشرية جمعاء، فهي تحتاج لسيرة تضيئ وموقف يهدي، فهو ليس حدثا تاريخيا مرّ قبل ١٤٠٠ عام وانتهى، إنما هو أمل وطموح وتطلع بني البشر في العدالة والإنصاف.

 *خطوات نحو الإنصاف:*

عمل الإمام أمير المؤمنين -عليه السلام- على الإنصاف والتسوية عبر عدة خطوات كان أولها التسوية الاقتصادية فكان أول قرار أصدره بعد تسلمه الخلافة أن قال وهو يشير إلى بيت مال المسلمين (إنما هذا المال مال الله وأنتم عباد الله وأنا عازم على التسوية بينكم وهذا المال ليس مالي فلو كان المال مالي لساويته بينكم كيف والمال مال الله) حيث كانت السياسة قبله قائمة على العطاء على أساس المفاضلة بين الناس لقرابتهم من  النبي الأكرم أو أسبقيتهم في الإسلام، فزوجات النبي في الدرجة الأولى ولهم مائة درهم، ثم الصحابة العرب البدريون ولهم سبعون درهما، يعقبهم الصحابة العرب القرشيون ولهم ستون درهما، وأما الموالي من أمثال صهيب وسلمان وبلال فلهم أربعين درهما فقط.

لكن الإمام علي -عليه السلام- حين استلم زمام الأمور أبطل التصنيف على أساس التفضيل فلا أصل له في كتاب الله فساوى بين الجميع في العطاء.

 *قِطع مردودة:*

ثم عمد الإمام -عليه السلام- إلى قطع الأراضي التي وزعها الخلفاء على قراباتهم -كنوع من المحاباة- فاسترجعها منهم وقال (ألا وإن كل قطيعة اقتطعها الخلفاء  قبل في غير حق فهي مردودة إلى بيت المال والحق لا يبطله شيء ولو وجدته تُزوج به ومُلك به الإماء) كما فعل الخليفة الثالث في خمس أموال قارة إفريقيا، وهي ثروة عظيمة ترد إلى خزينة المسلمين، وبدل أن تنفق على فقرائهم وأيتامهم ومساكينهم تعطى لمروان ابن الحكم دون وجه حق فقط لأنه من أقرباء الخليفة.

 *والي ليس أهلاً للولاية*

وفي خطوة ثالثة للإصلاح قام الإمام -عليه السلام- بعزل الولاة الذين ليسو أهلا للولاية، ومنهم يُعلى ابن منبه الذي كان واليًا على اليمن، وحين ثبت للإمام -عليه السلام- أنه ليس أمينًا قام بعزله، وحين وصله نبأ عزله وعلم أن أهل الجمل اجتمعوا في مكة، جمع مافي بيت المال من سلاح وإبل ووزعه على أهل الجمل القادمين لقتال علي -عليه السلام-، وكذلك عزل الإمام -عليه السلام- والي البصرة عبد الله ابن عمر ابن كريز وكان من أقارب الخليفة الثالث، فحمل ما استطاع حمله من الذهب والفضة وفعل ما فعل والي اليمن، وعزل أيضًا عبدالله ابن سعد من أبي سرح في مصر، وأبا موسى الأشعري والي الكوفة وغيرهم، ثم عيّن ولاة آخرين ممن يرتضي صفاتهم وأخلاقهم.

 *اعتراض على العدالة*

جاء المتضررون من هذه الخطوات للإمام -عليه السلام-، وفي مقدمتهم طلحة والزبير ليطالبوا بحقوقهم المزعومة، فقالوا له: لنا قرابة من نبي الله وسابقة وجهاد، إنك أعطيتنا بالسوية. 

فقال علي: هذا كتاب الله فانظروا ما لكم من حق فخذوه.

قالا: فسابقتنا؟!

قال: أنتما أسبق مني بسابقتي؟!

قالوا: لا.

قالا: قرابتنا بالنبي «صلى الله عليه وآله».

قال: [أهي] أقرب من قرابتي؟!

قالوا: لا.

قالوا: فجهادنا.

قال: أعظم من جهادي؟!

قالوا: لا.

قال: فوالله ما أنا في هذا المال وأجيري هذا إلا بمنزلة سواء.

وكان خمسة دراهم فقط. 

 *رسالة من الشام* 

كان معاوية قد أرسل رسالة  إلى الزبير وطلحة كان عنوانها: لأمير المؤمنين الزبير ابن العوام وطلحة ابن عبيد الله من معاوية بن أبي سفيان (لم يقدم اسمه عليهم) أما بعد فقد طوعتُ لكما الشام، قد استوسق كما يستوسق الجلب (وهي الإبل والماعز الذين يجعلهم الراعي في صف واحد) على أن يكون الزبير أمير المؤمنين ومن بعده طلحة أميراً للمؤمنين، فالشام ليست لكما ولكن تداركا الكوفة والبصرة لا يسبقنكما إليها علي ابن أبي طالب، فجعل ابن الزبير الفكرة في رأسه وذهب مع طلحة للإمام علي -عليه السلام-، وقالا له: أفتأذن لنا في العمرة؟!

قال: ما العمرة تريدان، وإني لأعلم أمركم وشأنكم، فاذهبا حيث شئتما. فلما وليا قال: ﴿فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ﴾ 

 ومع ذلك أذن لهما وتركهما، حتى يبين لهما أن حكم الإسلام ليس فيه عقوبة على ذنبٍ لم يُقترف بعد، فلم يعاقب الزبير وطلحة قبل أن يقترفا ذنباً. 

 *طرف ثالث*

كان الطرف الثالث زوجة رسول الله أم المؤمنين عائشة، و كانت في مكة تعتمر، وقد خرجت من المدينة والحدث يشتد ضد الخليفة الثالث، وقد كانت لا ترضى بسيرته وسلوكه، فلما التقت الرسل سألتهم مالذي جرى؟ 

 قالوا: قُتل عثمان. 

فقالت: وجازت الأمور إلى خير المجاز، (وقد كانت تتوقع أن الخليفة الزبير أو طلحة) 

فقالوا: بلى والله فقد وَلوها أبا الحسن علي ابن أبي طالب. فقالت: ردوني إلى مكة وبقيت هناك. 

 *الحوأب*

   خرج طلحة والزبير من المدينة، والتقيا بزوجة رسول الله واجتمع الثلاثة وجمعوا لهم عددا من الناس واتجهوا إلى البصرة، وفي طريقهم وصلوا إلى بئر ماء يسمى بئر الحوأب فنبحت الكلاب، وهنا تذكرت زوجة النبي حديث النبي الأكرم عنهم حيث قال لزوجاته (أيًا  منكنّ صاحبة الجبل الأربب تنبحها كلاب الحوأب) وحذّر من هذا المثبر، فسألتهم ما اسم هذا المكان؟ 

 قالوا: الحوأب وهذا هو ماء الحوأب. 

قالت: ردوني، لقد ذكرت حديثاً عن رسول الله. 

فارتبك قادة التمرد وبالذات عبدالله ابن الزبير، ولم يدري ما يصنع، لكنه قرر أن يأتي لها بخمسين رجلاً يشهدون أن هذا ليس ماء الحوأب وأنهم لا يعرفون ماءاً بهذا الاسم، فكانت هذه أكبر شهادة زور في تاريخ الإسلام، حيث أن نتيجتها هذه الحرب المدمرة للطرفين.

وبعد ذلك أشاع ابن الزبير أن علي ابن أبي طالب -عليه السلام- في الأثر، فالنجاة النجاة، و يجب علينا أن نترك هذا المكان سريعاً، ونذهب إلى منطقة أخرى حتى لا تثار مشكلة جديدة وبالفعل استمروا في المسير إلى أن  وصلوا البصرة، فكان أول ماقام به أن فاجأوا والي الإمام علي -عليه السلام- سهل ابن حنيف وكان من أصحاب رسول الله وأصحاب امير المؤمنين - عليهما السلام-، وقد كان كبير السن فأخدوه وكتفوه ثم نتفوا كل شعرة في وجهه، و قالوا له اذهب إلى صاحبك علي ابن طالب، فخرج والتقى بأمير المؤمنين -عليه السلام- في الطريق، فلما رآه أمير المؤمنين تبسم و قال له: ياسهل ذهبت عنا شيخًا كبيرًا، ورجعت إلينا شاباً أمرداً. 

وبعدها جيّشوا الجيوش  لقتال أمير المؤمنين -عليه السلام-، من جهة أخرى تجهز الإمام علي-عليه السلام-  و استدعى من الكوفة انصارًا وتحرك بهم باتجاه البصرة.

 *لا يطلب حربًا*

لم يكن أمير المؤمنين -عليه السلام- طالب حرب، لذا أرسل لزوجة الرسول الأكرم -صلى الله عليه وآله- عبدالله ابن عباس وعمار ابن ياسر، حيث قام ابن عباس بمناقشتها في كل المسائل، فقالت له: لا أحد يقوم بحجج ابن أبي طالب. 

فقال لها ابن عباس: هذه حجج المخلوق فكيف بحجج الخالق.

و لما توافق الجيشان استدعى الإمام علي الزبير وقال له: كنا نعدك من بني عبد المطلب إلى أن نشأ ابنك هذا عبدالله، و قال له: يازبير عرفتني في المدينة وأنكرتني بالعراق، ألا أذكرك بشيء؟ 

 قال: بلى. 

قال له: أتذكر كنت واقفاً مع النبي فجئتُ أنا فتبسمتُ لرسول الله فقلت أنت لا يدعُ علي ابن أبي طالب زهوهُ، 

 فقال لك النبي إن عليا ليس بمزهٍ ولتقاتِلنه وأنت له ظالم فهل تذكر ذلك قال نعم فسكت.

 *قاتل ابن صفية*

يُقال أن الزبير اعتزل ناحية، ولكن أحد المقاتلين وهو عبدالله بن جرموز ذهب إليه وقتله، وإذا صحَ هذا الحديث (بشّر قاتل ابن صفية بالنار) فهو إشارة إلى أن القاتل هذا سيُقتل في صف الخوارج ضد أمير المؤمنين -عليه السلام-.

وأما مروان ابن الحكم الذي كان يعلم  أن علي ابن أبي طالب -عليه السلام- لا علاقة له بدم عثمان، فهو ليس من قتلته ولا من الذين حموا قتلته، بل على العكس تماما  إذا سمع أحدهم يقول نحن ذاهبون لقتل قتلة عثمان، كان يقول لهم هاهم بينكم، لذلك حين رأى مروانُ طلحةَ يحرك في الجيش وهو غافل قال والله لا يفوتني ثار عثمان اليوم، لأن مروان من أقارب عثمان، فجعل سهماً في كبد قوسه ورمى به طلحةَ فقتله في الحال، و اشتدت المعركة و اشتبك الجيش والتحم، و كانت النتيجة أن غُلب أهل الجمل مع كثرة تفانيهم، لكن مادام الجمل موجوداً فما زال الرمز قائماً، فقال أمير المؤمنين -عليه السلام- ويحكم عرقبوا الجمل فعرقبوه فسقط. 

 *حفظ حرمة رسول الله الأكرم*

أمر الإمام علي -عليه السلام- محمد ابن أبي بكر ومعه عدد من أصحاب رسول الله-صلى الله عليه وآله-، أن خدوا هودج زوجة النبي ونَحوهُ ناحية حتى لا يصل إليها خطر ولا ضرر ولا فزع ولا رعب حتى تُحفظ بذلك حرمة رسول الله -صلى الله عليه وآله-، ثم أرسلها إلى بيت عبدالله بن خلف الخزاعي فباتت فيه أياماً ثم أرسلها إلى المدينة بالعزة والكرامة، و معها نساء قد اعتمرن العمائم وتلثمنّ (شرطة نسائية) ولما علمت زوجة النبي بذلك في بعض الطريق حمدت لعلي -عليه السلام- هذا الفعل فهذا ليس فعل إنسان ممتقن وحاقد، بل يريد أن يحفظ كرامة هذا الإنسان حتى لو كان مخطئا في حقه، حتى وإن جيّش الجيوش لمحاربته،  لكن تبقى لها حرمتها الأولى باعتبارها زوجة الرسول الأكرم عليه أفضل الصلاة والسلام. 

 *إنسانية محارب*

لقد سنّ الإمام علي - عليه السلام- عدة قوانين في الحرب، منها ألا يُتّبع مُدبر، ولا يُجهز على جريح، ومن أغلق بابه فهو آمن، ومن ألقى سلاحه فهو آمن، ولا سلب ولا نهب. 

وبعد نهاية المعركة دخل  الإمام علي -عليه السلام- داخل البصرة بعد أن ألقى المقاتلون أسلحتهم، وقام فيهم خطيباً وقال:(ياأهل البصرة دخلت بلدتكم بثوبي هذا وراحلتي هذه فإن خرجت بغير لك فأنا خائنٌ لله ورسوله) انظروا إلى هذه القيم والمناقب والشهامة والقيادة التي تجعل الإنسان يتعطش  لشخصية أمير المؤمنين -عليه السلام- مع تقادم الأزمنة ومع مرور القرون والسنوات،  إلا أننا نجد في غير هذا النموذج روح الانتقام والعصبية والعنف على كل من يختلف معه.

ثم رجع أمير المؤمنين عليه -السلام- ونزل الكوفة و اتخدها عاصمة له، وانتقل رَحل علي وعائلته إليها، وبقي فيها يحتضنهم بعطفه وتحتضنه بولائها له من قِبل أصحابهم المخلصين، إلى أن صارت فتنة الخوارج وحُرمت الكوفة من صوت علي ابن أبي طالب -عليه السلام-فإنا لله وإنا إليه راجعون.


مرات العرض: 3494
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2549) حجم الملف: 98690.17 KB
تشغيل:

وصاية الامام علي كفاءات متميزة وأحاديث نبوية
الامام علي عليه السلام والقاسطون