"الحج مناسك ومقاصد " 4
تفريغ نصي الاخت الفاضلة فاطمة
قال الله العظيم في كتابه الكريم " ۞ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ ۖ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ۚ وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ " . أمنا بالله صدق الله العلي العظيم امرأة أفردها زوجها ومعها طفلا صغيرا رضيع وتوكل على الله خارجا من مكة وأوكلها إلى ربها وأودعها عند بارئها الذي لا تضيع ودائعه ونفذ الماء عند تلك المرأة "هاجر " التي كانت تنظر إلى وجه طفلها وقد بدء عليه أثار العطش لم تستطع أن تستقر فانطلقت من جوار الكعبة واعتلت جبلا وهو جبل الصفا وتطلعت يمينا وشمالا فلم تجد شيئا من الماء أو ما يشير إليه فانحدرت إلى الوادي بالاتجاه الأخر على مسافة تقترب من ثلاثة مائة متر إلى أن وجدت تله هي المروة وصعدت إليها والتفت يمينا وشمالا لم تجد أثر للماء عادت مرة أخرى إلى الصفا فبحثت فلم تجد واستمرت هكذا سبع مرات لكي تجد بعد الشوط السابع أن أبنها الرضيع قد فحص الماء برجليه فنبعث الماء من بين قدميه انبعثت زمزم في هذه القضية كثير من العبر منها :ما يشر إلى أن من توكل على الله أحسبه الله وكفاه ومنها أن التوكل لا يعني الانتظار السلبي وإنما يعني الحركة باتجاه مصدر الرزق ربما لو كان غير هاجر زوجة نبينا إبراهيم عليه السلام من النساء في ذلك المكان للطمت رأسها و خمشت وجها وأعلت صوتها بالبكاء ولمات ذلك الطفل بينما هذه المرأة عرفت أنه لا بد من السعي لكي تحصل على النتيجة وكان بالفعل أن سعت واستجاب الله لسعيها فأخرج الماء بصورة غيبية هذا المعنى بدء يتكرر في كل حج يحج الناس فيه يتذكرون هذه القضية والمهم أن يتذكروا أبعادها في حياتهم ودروسها في واقعهم وأنه لا شيء يحدث ما لم يسعى الإنسان بمجرد الكلام أو مجرد الدعاء أو مجرد التمنيات لا تتحقق النتائج الدعاء مطلوب والتمني مرغوبا ولكن المؤثر الأساس هو أن يسعى الإنسان فإذا رأى الله سعي هذا الإنسان أقبل إليه برزقه وبنتيجة عمله هذا ما يعلمنا إياه قضية السعي على الكبير والصغير والشيخ الهم والمرأة العجوز والرئيس المعظم والشاب المراهق كل هؤلاء لابد أن يسعوا بين الصفا والمروة وكل هؤلاء أيضا ينبغي أن يعرفوا لابد أن يسعوا في حياتهم لتحقيق أهدافهم من مناسك الحج السعي بين الصفا والمروة والذي نراه مرتين مرة في عمرة التمتع وأخرى في أعمال مكة بعد أن يعقد الانسان أحرام الحج وينتهي إلى اليوم العاشر بعد أن يقوم الإنسان بهذه الإعمال وبعد أن يقصر ينتهي عمله في عمرة التمتع لكي يبدأ بعد أياما بأحرام هو الإحرام الأعظم والأكبر وهو أحرام الحج كأن عمرة التمتع هي مقدمة يتهيأ فيها الإنسان لاستقبال العمل الأكبر وهو الإحرام للحج وإعمال الحج حيث يحرم الإنسان من مكة ولكن ليخرج بعيدا أخر شيئا في المناسك من حيث المكان والجغرافيا هو أول شيئا في المناسك من حيث الإحكام والأعمال بعد أن يحرم الإنسان من مكة يخرج بعيدا بعيدا إلى عرفات هناك خارج المنطقة هناك خارج الحرم حيث أنه لكي يدخل الحرم لابد له من عرفات لابد له من اعتراف لابد له من معرفة أن يعترف في ذلك المكان لله عز وجل بذنبه أن يعرف عظمة ربه عندما يعرف نفسه و يعترف بذنبه ويعرف ربه وتتجلى أمام عينه عظمت ربه هنا قد يكون قد أصبح مهيئا للازدلاف والاقتراب لله عز وجل ولذلك فأن يوم التاسع من بعد الظهر هو موسم عظيم للمعرفة موسم عظيم للاعتراف وأعظم وأحسن شيئا يقوم به الحجاج التابعون لمدرسة أهل البيت أنهم يقرؤون دعاء الإمام الحسين عليه السلام في عرفه حيث أن هذا الدعاء يعرف الإنسان نفسه يعرف الإنسان حجمه يعرف الإنسان واقعه فإذا عرف ذلك أعترف بأنه مذنب يقول أنا الذي أخطئت أنا الذي أسئت أنا الذي أجترئت أنا الذي اعتديت أنا الذي تعديت أنا الذي أسقطني من عينك فما باليت ها هو الإنسان بعد أن عرف نفسه أعترف بذنبه فإذا أعترف بذنبه وعرف ربه بأن يقول وأنت يا الهي أنت الذي خلقتني أنت الذي ربيتني أنت الذي رزقتني أنت الذي أعطيتني هذا الدعاء الرائع العظيم في يوم عرفه يستفيد من الزمان ويستفيد من المكان لكي يخلق لدى الإنسان معرفة بنفسه واعتراف بذنبه ومعرفة بربه حتى يتهيئا بمجموع ذلك إلى الازدلاف إلى الاقتراب إلى إن يصل إلى داخل حرم الله عز وجل فينطلق من عرفات بعد معرفة بعد اعترافه بعد تجلي عظمة ربه له يزدلف إلى مزدلفة لكي يبقى فيها هناك شيئا من الزمان يدشن فيه دخوله إلى حرم الله عز وجل دخوله إلى هذا المكان كان في خارج الحرم إما بعد أن عرفه نفسه واعترف بذنبه وعرف ربه ها هو يدخل إلى مزدلفة هاهو يدخل إلى داخل الحرم الإلهي هاهو يقترب من عظمت الله ورحمة الله عز وجل فإذا جاء إلى مزدلفة هناك لا يحتاج إلى الاعتراف وإنما يذكر الله كثيرا في مزدلفة المطلوب من الإنسان أن يذكر الله كثير فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ أذكروا الله الذي أنعم عليكم و وفقكم وأوصلكم أغناكم صحح مسيركم إلى هذا المكان ها هو الإنسان قد دخل إلى حرم الله عز وجل ليبقى شيئا من الزمان هناك فإذا طلعت الشمس وقد أعد سلاح المواجهة ليلا في مزدلفة أخذ الحصيات والجمرات من مزدلفة انتقاها بعناية جمعها بقصد توجهها إلى أنه في يوم غدا سوف يرمي بهذا السلاح بهذه الحصيات شيطانه الداخلي أولا ثم الشيطان الخارجية إبليس ينبغي أن يستحضر الإنسان أنه في معركة في يوم غد ويوم عيده يوم العاشر من ذي الحجة هو ذلك اليوم الذي يكون على خط المواجهة مع الشيطان عيد الإنسان هو عندما لا يعصي الله عز وجل عيد الإنسان هو عندما يرجم شيطانه بسلاحه وبقوته وبحصياته فإذا رمى في اليوم العاشر هذه الحصيات وخرج من تلك المواجهة بانتصاره على الشيطان واستحضر في نفسه أن يقاوم الشيطان ولا يستجيب له ويرميه بالأحجار ويبعده عن نفسه أصبح هذا الإنسان مهيئا للاحتفال ومن ذلك الاحتفال أنه يذبح ذبيحة وأن يحلق رأسه وآن أذن يكون قد أنهى هذا الأمر الإحرام وما يترتب عليه انتهى في ذلك الوقت في مرحلة الأولى عندما أنتصر على الشيطان وأيضا فانه ذبح احتفالا وأراق دما لكي يطعم منه المتحاجون عندئذ أصبح في حالة متحررة من تروك الإحرام في أكثرها لكي يخرج بعد ذلك إلى مكة المكرمة طائفا طائعا شاكرا لله عز وجل على أن وفقه إلى هذا العمل والى هذا المنسك وبعد ذلك يصلي صلاة الطواف ويسعى بين الصفا والمروة وهكذا يكمل الحج بأن يطوف طواف النساء بعد ذلك لكي يستحل كل ما كان قد حرم عليه هذا الإنسان ينبغي عليه أن يلتفت الحاج إلى أبعاد المناسك وان يكرسها في نفسه حتى وأن انتهى زمن المنسك إلا أن فعل المنسك وأثر المنسك والحالة الجديدة التي حصلت في نفسه تبقى مستمرة حتى وأن انتهى زمان الحج نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لأداء المناسك وأن يوفقنا لأدراك أبعادها وتكريس أثارها في أنفسنا أنه على كل شي ء قدير وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين
|