ماذا قدمت شخصيات الدين ؟ وفاة السيدة زينب
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 15/7/1440 هـ
تعريف:


ماذا قدمت شخصيات الدين للبشر ؟

حياة السيدة زينب عليها السلام

كتابة الاخت الفاضلة تراتيل

روي عن امامنا زين العابدين مخاطبا عمته زينب :( واما انت بحمد الله عالمه غير معلمه وفهمه غير مفهمة ) صدق مولانا زين العابدين عليه السلام

نعزي رسول الله و العترة الهادية بذكر وفاة عقيلة الطالبيين زينب عليها السلام , و نسأل الله الذي عرفنا إياها ان يجمعنا إياها في الجنان وان يرزقنا شفاعتها وشفاعة ابائها الكرام انه على كل شيء قدير

يتساءل البعض ما للذي قدمته الشخصيات المقدسة عند المسلمين للبشرية والإنسانية ! في مقابل ما قدمة المخترعون والمكتشفون وأصحاب الصناعات !

يقولون ان أصحاب الاختراع و الاكتشاف انهم قدموا أشياء ملموسة وواضحة للإنسان حسّنت حياته فمثلا قبل الكهرباء كانت حياة الناس صعبه ولكن بعد اختراع الكهرباء صارت حياة الناس افضل وكذلك قبل صناعة السيارة كانت حياة الناس صعبه ولكن بعد صناعتها أصبحت حياة الناس اسهل , فهذه الشخصيات العلمية المخترعة حسّنت حياة الانسان ففي المقابل ماذا قدمت الشخصيات التي يقدسها المسلمون من المعصومين او ممن هم دون المعصومين ؟؟

نبدأ بالإجابة على هذا السؤال كمقدمة للحديث عن بعض خصائص العقيلة زينب عليها السلام , في الجواب على ذلك نقول انه لاريب من ان هؤلاء المخترعين وفروا للإنسان أدوات واشياء سهّلت حياته ويسرت اموره بعد ان استفادوا من العقل الذي وهبه الله اليهم وبعد ان اطّلعوا على ما في الطبيعة من اسرار فقدموا للإنسان أمور تسهل حياته ولكن لو نظرنا الى كل ما قدمة الانسان المخترع في هذا الصعيد سوف نراه داخل في ضمن الاله المسهلة وفي ضمن تحسين وضعية البدن وتسهيل مستوى الحياة لكن هذه الاكتشافات وهؤلاء العلماء لم يستطيعوا إعطاء الاتجاه الصحيح في الحياة و الارتقاء بإنسانية الانسان

هذا المخترع الذي اكتشف الطاقة النووية مثلا اعطى للإنسان وسيلة عظيمة جدا وجبارة وشديده فهذه القوة والطاقة النووية ممكن تستخدم في الخير والشر فمن الممكن ان تبيد بها شعب كاملا كما حصل في هيروشيما و نازاكي و من الممكن ان تتسهل حياة الناس

المهم هنا الان ليس السلاح نفسه بل المهم هو من يوجه هذه الطاقة . فهذه الطاقة لو أصبحت في يد شخص سياسي قدر قد يحولها الى بلاء على البشرية ولو كانت بيد مغامر قد تكون كارثة على الانسان لذا تحتاج الى ان تكون بيد شخص اتجاهه اتجاه صحيح وقيمه قيم عالية على صراط مستقيم والا فلو وقعت في يد مارد من المردة و شيطان من الشياطين من الممكن ان ينتهي الانسان والانسانية – الانسان الان يعيش تحت ظل هذا الخوف - الان يمتلك البشر من الأسلحة ما يمكن ان يدمر الكرة الأرضية خمسين مرة بما فيها من شجر و حجر وبشر ومدر

هنا يتبين موقع القيم الدينية والقران ,فالقران يهدي للتي هي أقوم ويتبين محل الاقتداء وتوجيه النبي محمد وهدي امير المؤمنين و دروس العقيلة زينب فهؤلاء أرادوا ان يصنعوا الانسان ويرتقوا بادميتة و إنسانيته الى المستوى الأعلى حتى لو أصبحت بيده اعتى الأسلحة فلا يستخدمها الا في الطريق المناسب .بعض الأشخاص لو كان عندهم مال فان هذا المال نفسه من الممكن ان يحوله الى عمران ورعاية و عناية و عطاء وازدهار ولو كان عند شخص اخر لايمتلك التوجه الصحيح فانه يكون فساد و دمار وتدمير

قدوات الدين يعطونا الاتجاه في حين ان المكتشفين يعطونا الاله والاداة فقط فهم لا يصنعون الاتجاه فالطائرة قد تتجه بها في اتجاه مساعدة الناس كما في نقل مريض او انقاد غريق او إطفاء حريق وغيرها وقد تستعمل في قتل الناس بها

فالذي يحدد ويعيّن هو الاتجاه وليس الاله , والاتجاه يصنعه صاحب الدين كالنبي والامام و غيرهم من القدوات الدينية لذلك نحن نركز على احياء ذكريات هؤلاء العظماء لأننا نريد ان نصنع لنا اتجاه صحيح في حياتنا بحيث لو صارت عندنا أي اله او قوة او طاقة فأننا نوجهها الاتجاه السليم

فالهاتف الذكي ممكن ان يكون نعمة وقد يتحول الى نقمة عليك وعلى غيرك والذي يحدد ذلك هو اتجاه حاملة مما اخذه من شخصيات الدين و قيم الإسلام، لاسيما اذا تركزت وتجسمت هذه القيم في انسان فهذا ادعى ان يكون الانسان مقتديا بها

لماذا لم يأتي القران بدون انسان مطبق كالنبي والامام ؟

لان الانسان يحتاج الى قران ناطق متحرك يحتاج الى قيم مجسدة تمشي فارسل الله لينا قدوات حتى يقتدي الناس بهم , سيدتنا الحوراء زينب صلوات الله عليها هي من تلك النماذج التي بتطبيقها لقيم الإسلام صالحة لان تعطي اتجاه لنساء ورجال الامة فان نموذج المرأة المؤمنة هي نموذج للرجال كما هي نموذج للنساء

السيدة زينب على الرغم من حياتها القصيرة التي بلغت خمسة وخمسين سنه تقريبا أعربت بتلك الحياة عن جملة من الفضائل والخصائص الكثيرة لا نستطيع ان نتعرض لها بالتفاصيل بالكامل لذا سنتعرض لها بشكل مجمل

العقيلة زينب عليها السلام اسمها يحتمل فيه احد معنيين في اللغة العربية:

فالمعنى الأول : ان يكون اسم مركب يدمج فيصبح عَلَمَاً مثل بعلبك وبغداد ومعديكرب , فاصلها زين اب أي ما يزين به ابوه أي محل زينه وفخر لوالدها فبعد ان دمجت الكلمتان حذف ال فاصبح زينب وهي حرية بهذا اللقب فهي زينه لأباءها واخوتها

المعنى الثاني : قيل ان زينب هي نوع من النرجسيات الجميلة المظهر الطيبة الرائحة والعطر واخذت هذه واطلقت على النساء ومن جملة من اطلق عليها هي زينب وهي حرية بذلك في جمال صورتها و عطر رائحتها البدنية والمعنوية

حظيت زينب سلام الله عليها برؤية ستة من المعصومين وعاصرت خمسة منهم معاصرة واضحة فهي عاصرت جدها النبي الاكرم في حدود 4 سنوات وهي في هذا قد ادركت النبي , وعاصرت الفترة الطويلة لأبيها امير المؤمنين عليه السلام أي حوالي 33 سنه وأيضا عاصرت أمها فاطمة الزهراء وهي من راويات الخطبة الفدكية وهذا امر ملفت للانتباه فإنها احد اسانيد الخطبة الفدكية التي قالت الزهراء بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله ,عبدالله ابن عباس حبر الامة يقول حدثتنا عقيلتنا زينب , فاذا كان عمرها اربع سنوات عندما خطبت أمها الزهراء هذه الخطبة وحفظتها على طول هذا الخطبة ودقة معانيها فهذا امر يستوقف الانسان

عاصرت الامام ا لمجتبى والاحداث التي جرت في زمنه وكذلك عاصرت زمن اخيها الحسين و أكملت نهضته كما هو واضح للمؤمنين وأيضا عاصرت شطراً من امامة الامام زين العابدين حوالي سنه الى سنة و نصف على خلاف في تاريخ وفاتها هل هو سنه 62 او 63 هجري ,و أدركت الامام الباقر وهو صغير السن

العقيلة زينب يمكننا ان نتحدث عنها في جوانب متعددة ولكن سنشير لها من عدة صفات منها :

شجاعتها الذاتية و قوة نفسها :

الشجاعة تختلف عن القوة فالقوة تحتاج الى بدن وعضلات ولكن الشجاعة تحتاج الى قلب قوي لا يخاف. فقد تجد شخص قوي البدن ولكن قلبه خائف خائر وقد تجد شيخا كبيرا ضعيف البدن ولكن قلبه قلب اسد فالشجاعة ترتبط بالقلب . ولا فرق بين الرجل والمرأة في هذه الناحية فقد يكون رجلا خائف وقد تكون امرأه شجاعة.

زينب عليها السلام اثبتت الاحداث قوة قلبها ورباطة جأشها وقدرتها على مواجهة الاحداث بشكل منقطع النظير ففي كربلاء كانت امام طاغية زمانها عبيد الله بن زياد فقد قال بعض جلسائه في شراسته و فتكه :(لم نرى ابن زياد ينظر الى احد بكسرة عينه الا رحمته( في حين ان زينب تقول له:( ثكلتك امك يا ابن مرجانه انما يفتضح الفاسق ويكذب الفاجر وهو غيرنا ( فهو كان في ذروة قوته وهي في تلك الحالة من الضعف الظاهري حيث انها فقدت عترتها و قرومها وسادتها ومع ذلك هي شجاعة وهي بهذا الكلام معرضة له بفسقة وفجورة وفسقة وهذا يدل على شجاعة قلب غير طبيعية

وفي موقفها امام يزيد هي ابتدأت عندما رأت ذلك الرجل يضرب ثنايا الامام الحسين بعود الخيزران فانحدرت في تلك الخطبة العجيبة ( ثم كان عاقبة الذين اساوا السوء ان كذبوا بآيات الله) وهكذا اظننت يا يزيد اخذت علينا اقطار الأرض وافاق السماء فاصبحنا نساق كما تساق الاسارى ( في الوقت الذي كان القادة الكبار و العسكريون يخضعون له و يتماوتون امامة ولكن زينب بقوة قلبها تواجهه

أيضاً في حوارها مع ابن زياد قالت زينب (ع): ( اما والله لقد اجتثثت اصلى وقتلت فرعي و افنيت اهلي فان كان هذا يشفيك فلقد اشتفيت ) فقال ابن زياد ( اما والله لعمري انها لسَجّاعة -وقيل شُجَاعة - الاحداث تدل على انها شجاعة ولا غبار على ذلك

الاهتمام بالدين والعقيدة

يتصور قسم من الناس ان الاهتمام بالدين والعقيدة مربوط بالذكور والرجال اما النساء فليس من مسؤوليتهن ذلك , فلا ريب ان هناك موارد في الجهاد لا يصل النوبة فيها الى النساء , ولكن اذا وصلت الحاجة الى النساء قام الاثنين معاً , اما امر الدين فهو مطلوب من الجميع رجالاً ونساءً فاصل ان المرأة تهتم بالدين التزاما فهو امر مطلوب منها وواجب عليها ويجب ان تسبق الاخرين عليه بحيث صومها وصلاتها وحجها وزكاتها وحجابها وبالخصوص ما يرتبط بها على وجه الخصوص فالحجاب دعوة وإعلان للالتزام و اقناع للأخرين وشعار فلا نفهم معنى للنساء عندما يتساهلن فيه – قليل من الشعر والذراع يخرج – فهو على خلاف ما يرضى الله فالتبرج باي درجة من الدرجات هو دعوة الى عدم الالتزام فعندما تتحجب المرأة حجاب سليما شرعيا تكون به داعية للأخريات الى هذا النموذج ولكن عندما تتبرج المرأة وتصبح مبتذله متمكيجة تظهر بعض ما يحرم الله عليها اظهاره فهي دعوة مخالفه ومضادة للدين وان لم تكن تقصد , حجاب المرأه دعوة من غير لسان . الرجل لا يستطيع ذلك . الحجاب يعطي اعلان بان المرأة ملتزمة او ليست ملتزمة هذا اول شيء يعطيه الحجاب لذلك تتم محاربته في سائر الأماكن لذلك يجب الاهتمام بهذا الجانب الديني غاية الاهتمام

وقد كان اقسى تعذيب واضطهاد لسبايا الحسين هو حرمانهن من ان يتحجبن كما يريدون فقد سبيت ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله

و ان بدا الصبح دعت من اسى                         يا صبح لا اهلا ولا مرحبا                 

ابديت يا صبـــــح لنا أوجهـــــا                        لهـــــا جلال الله قد حجبا

زينب والتربية :

من الاهتمامات الدينية أيضا التي يجب على المرأة ان تلاحظها هو تربيه ابناءها و الحرص على توجيههم الديني. فالأم توقظ ابناءها صباحا وقد اختارت لهم افضل المدارس وهذا امر جيد ولكن ليكن قبل هذا الاهتمام بالجانب الديني للأبناء فمن المهم ان توجههم الى المسجد والى الحسينية والى الدورة الدينية والكتاب الإسلامي فقد كانت السيدة زينب عليها السلام لها مجلس في الكوفة أيام حياة ابيها تحضره النساء ويتعلمون منها الاحكام الشرعية وتفسير القران وتعليم الدين من اجل التضحية لأجله

و قد قدمت السيدة زينب ابنها عون في هذا الطريق واصبح شهيدا بين يدي اخيها الحسين عليه السلام وهناك قول يقول بان لها ابن اسمه محمد وهو من شهداء كربلاء أيضا ولكن بعض المحققين يرون بان محمد هو ابن زوجها عبدالله بن جعفر من زوجة أخرى وهي الخوصاء .وقد قدمت العقيلة زينب الكثير وتحملت المشاكل وسافرت مع الحسين تلك الرحلة المتعبة والمزعجة من اجل إيصال رسالة الحسين عليه السلام الى الشام ثم الى المدينة وكانت شريكته في الجهاد, بعد هذا التطواف رجعت الى المدينة المنورة وهناك رواية تقول ان والي المدينة بعد ان رأى زينب و تحلق الناس حولها وعرف حكايتها لحكاية كربلاء و توضيحها للناس حقيقة ما جرى خاف من استثارة زينب للناس فكتب والي المدينة الى يزيد ( ان زينب بنت علي امرأه عاقله لبيبه تحدث الناس بما جرى على اخوتها فان كان لك في المدينة حاجة فأخرجها منها ( ولذلك طُلِب من عبدالله بن جعفر ان يُخْرِج السيدة زينب من المدينة ولا يذهب بها الى مكة لنفس السبب و بالتالي يغيب وجهها لذلك صار طريقها الى بلدة الشام – بلدة راوية بأطراف دمشق – ثم بعد فتره وهي تتذكر ما جرى عليها وعلى اخوتها في كربلاء احذقت بها الامراض و ضعف هذا البدن عن حمل هذه الهموم

 

مرات العرض: 3412
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2568) حجم الملف: 56578.72 KB
تشغيل:

الاحتفاء بالمبعث والمعراج فائدة ومشروعية
الحج : 1 من لا يحجون ماذا يصنعون؟