هكذا تحدث المعصومون عن الامام المهدي
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 11/8/1438 هـ
تعريف:

هكذا تحدث المعصومون عن الامام المهدي عجل الله فرجه
كتابة الأخ الفاضل عيسى الربيح
من دعاء الإمام السجّاد (ع) :
(( أللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ شَجَرَةِ النُّبُوَّةِ، ومَوْضِعِ الرِّسَالَةِ ومُخْتَلَفِ المَلائِكَةِ، وَمَعْدِنِ العِلْمِ، وأهْلِ بَيْتِ الوَحْيِ )) .
إن الأحاديث التي ذُكرت في شأن الإمام المهدي(عج) هي من الكثرة ، بحيث تتجاوز التواتر بكل معانيه - لفظاً في بعضها ، ومعنى في القسم الأكبر منها - وإجمالاً من ناحية ثالثة.
وقد ذكر بعض الباحثين عدداً من الروايات ولم يستوعبها كاملة ، وممن ذكر قسماً منها : المرجع الديني الشيخ لطف الله الصافي في كتابه (منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر) . حيث ذكر فيه (١٣٠٠) حديثاً في الإمام الحجة (عج) من مصادر مدرسة الخلقاء ومصادر شيعة أهل البيت (ع) ، بينما ذكر العلامة المحقق نجم الدين العسكري في كتابه حول المهدي (عج) قرابة (٤٠٠) حديث من كتاب مدرسة الخلفاء .
إن هذا المجموع من الأحاديث يبين أموراً مهمة في قضية الإمام المهدي (عج) :
١- أن عقيدة المهدي ليست عقيدة مقتصرة على الشيعة الإمامية أو عموم الشيعة ؛ إنما هي عقيدة إسلامية يؤمن كل المسلمين .
٢- إن هذه الروايات بلغت من التواتر والكثرة جداً يستحيل معه التواطؤ على الكذب ، فالروايات رواها الإمامي والسني والمدني والمكي والموفي والبغدادي والمعتزلي والأشعري وأهل الحديث ... وغيرهم من علماء القرن الاول والثاني والقرون المتأخرة .
يضاف إلى ذلك تعدد مضامين الأحاديث وتكثر معانيها ، فبعض هذه الروايات تتحدث عن نسب الإمام المهدي ، وبعضها الآخر تتحدث عن صفاته الشخصية ، وبعضها عن غيبته ، وبعضها عن أيام ظهوره ، وبعضها عن خريطة أيام الفتح ، وبعضها عن أعدائه ، وبعضها يتحدث عن أنصاره وأعوانه وصفاتهم وأعدادهم .
فهذا التنوع الكبير يعطي لهذه القضية تأكيداً تاماً في أنها ليست قضية عابرة أو جزئية .
ونحن لا نعلم قضية من قضايا الإسلام تم فيها هذا المقدار من الأحاديث والاهتمام ، ومن تناولها بمختلف أنحاء التناول .
ومما يزيد أهميتها أن هذه الأحاديث جاءت في المصادر الرئيسية والأساسية في مدرسة الخلفاء: كمسند أحمد وسنن أبي داوود وابن ماجه والترمذي والبخاري ومسلم والنسائي والبيهقي والطبراني والدار قطني ... وغيرهم ممن دوّن أحاديث المهدي .
ونود أن نشير إلى جوانب منها :
١- ما جاء في سنن أبي داوود وابن ماجة والمستدرك الحاكم من حديث صحيح عن أم المؤمنين سلمة (رض) عن النبي (ص) : (( المهدي من عترتي من ولد فاطمة )) .
وهذه الإشارة مهمة لكي يقطع النبي(ص) الطريق لمن ادعى المهدوية من غير ولد فاطمة ، ويقطع أيضاً ما ادعاه العباسيون في حديث وضعوه عن لسان النبي (ص) بأن المهدي من ولد عمه العباس . وفي ضوئه حاول أبو جعفر المنصور الذي كان اسمه عبد الله ، بتسمية ابنه محمد المهدي ، وينطلق على ما ورد في الروايات غير الصحيحة التي ذكرت بأن ( المهدي اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي) ليحدث تطابق مع ابن المنصور بكونه المهدي .
فالحديث النبوي السابق يقطع هذا الادعاء ، الذي تطابق في لقبه ؛ ولكن سيرته – أي ابن المنصور - وبداياته اختلفت ، بالإضافة إلى إثبات النص أنه لا يمكن أن يكون من المهديين الطاهرين .
٢- عن الإمام أمير المؤمنين (ع) عن النبي (ع) في مسند أحمد بن حنبل وسنن ابن ماجه في حديث حسن : (( المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة )) أي يدبر الله أمره ويرتبه في ليلة .
٣- حديث صحيح عن أبي سعيد الخدري (رض) عن النبي (ص) : (( المهدي أجلى الجبهة أقنى الأنف يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً )) .
فهذا بعض مما جاء في أحاديث مدرسة الخلفاء .
أما ما جاء في مصادر أهل البيت من روايات فكثير جداً ، نقتصر على :
١- روي عن النبي (ص) : (( لو لم يبقَ يوم من الدنيا إلا ساعة لطول تلك الساعة حتى يخرج رجل من ذريتي اسمه اسمي ، وكنيته كنيتي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلما وجوراً )) .
٢- في حديث عن أمير المؤمنين (ع) :
(( لِلْغَائِبِ مِنَّا غَيْبَةٌ أَمَدُهَا طَوِيلٌ، كَأَنِّي بِالشِّيعَةِ يَجُولُونَ جَوَلَانَ النِّعَمِ فِي غَيْبَتِهِ يَطْلُبُونَ الْمَرْعَى فَلَا يَجِدُونَهُ، أَلَا فَمَنْ ثَبَتَ مِنْهُمْ عَلَى دِينِهِ وَ لَمْ يَقْسُ قَلْبُهُ لِطُولِ أَمَدِ غَيْبَتِهِ فَهُوَ مَعِي فِي دَرَجَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ )) .
فلاحظ عبارة : يجولون جولات النعم في غيبته يطلبون المرعى فلا يجدونه ...
فهي كناية عن حالة من البحث عن الحقيقة التي هي متلازمة للإنسان أن يتعرف على قيادته وأن يبحث عنه .
والملاحظ في هذا الحديث أن فيه تأكيداً على أصل القضية المهدوية وأصل وجوده وغيبته الطويلة وموقف المؤمنين .
وهذا ما يؤكد ما يذهب إليه الإمامية من أن المهدي ولد لابنه الحسن العسكري ثم يغيب غيبة طويلة ولا يصدق على من يولد آخر الزمان ، كما يذهب إليه علماء مدرسة الخلفاء .
والغيبة الطويلة التي تترافق مع حيرة قسم من الناس هذه لا تنسجم مع النظرية التي يقدمها مدرسة أتباع الخلفاء عن أن الإمام المهدي يولد آخر الزمان من أهل البيت .
فهذا الحديث يتحدث عن غيبة أمدها طويل وعن حالة من التساؤل والتفتيش عن القيادة الربانية . وعن حالة الشيعة حينذاك، فقسم يقسو قلبه على أثر طول الغيبة وعلى أثر التشكيكات وعلى أثر البعد عن قيادته فيتخلى عن هذه القيادة وقسم آخر يثبت قلبه ويستمر على ذلك حتى يلقي ربه .
٣- في حديث أكثر تفصيلاً يتحدث الإمام الصادق عن أبيه الإمام الباقر (ع) : (( لقائم آل محمد غيبتان واحدة طويلة والأخرى قصيرة ))
وقد انقضت الغيبة الصغيرة في زمن السفراء الأربعة ونحن نعيش في الغيبة الطويلة .
فكيف يمكنه أن يعيش بيننا ؟
أم هو غائب فلا نراه ؟
ويشرحه ما رواه الكليني في الكافي بسند صحيح : عن علي بن ابراهيم، عن محمد بن الحسين، عن ابن أبي نجران ، عن فضالة بن أيّوب، عن سدير الصيرفي قال: «سمعتُ أبا عبدالله عليه السلام يقول : إن في صاحب هذا الامر شبهاً من يوسف عليه السلام ـ إلى أن قال ـ فما تنكر هذه الاُمّة أن يفعل الله جل وعز بحجته كما فعل بيوسف ، أنْ يمشي في اسواقهم ، ويطأ بسطهم حتى يأذن الله في ذلك كما أذن ليوسف ، قالوا : أَإِنك لأنت يوسف ؟ قال : أنا يوسف )) .
فالملاحظ أن في هذا الحديث يتحدث الإمام الصادق )المتوفى سنة 148 هجري ) ، أي قبل قرن تقريباً من ولادة الحجة ؛ ومع ذلك يهيء من ذلك الوقت ويعطي الثقافة اللازمة ممن سيكون في زمانه وبعد زمانه .
والمعروف أن النبي يوسف غاب عن أهله وبقي حياً بالرغم من المؤامرة عليه ، حيث أخفي في البئر ليكون فيه موته ، ولكن الله حفظه فيه ، فكذلك المهدي .
ويسلك الإمام الصادق بأسلوبه الاستنكاري : لماذا تستنكر الأمة هذا الشبه بين وصي خاتم الأنبياء وبين نبي الله يوسف ؟ . فيوسف أخوة ولم يعرفوه بشخصيته ، حيث خفي عنهم رغم تعاملهم معه .
حيث يستدل الإمام بذلك ويؤكد : لماذا تنكر هذه الأمة أن يكون أيضاً صاحب الأمر مع الناس ويجلس معهم ويتاجر معهم ويحضر معهم في الحج والمواسم  ، وربما يكون كتفه بكتفك ولكن لا تعرفه أنه هو .
فالإمام الصادق هو الذي بلور فكرة الغيبة العنوانية للإمام المهدي وأنه لم يكن اختفاءً جغرافياً .
نسأل الله أن يعجل فرجه وخروجه آمين.

مرات العرض: 3424
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2571) حجم الملف: 21542.34 KB
تشغيل:

أدوار اعتقال الامام الكاظم وسجنه
مناهج دراسة حياة المعصومين : شهادة الامام الجواد