الفرق المسيحية والموقف الاسلامي منها
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 14/9/1437 هـ
تعريف:

14- الفرق المسيحية والموقف الإسلامي منها


كتابة الأخ الفاضل علي جعفر الجمريّ

تصحيح الأخ الفاضل سعيد ارهين


 " قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ  فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ " 64آل عمران الآيات المباركة تتحدث عن كلمة السواء التي يمكن الاتفاق عليها بين المسلمين وبين أهل الكتاب فتقول " قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ "  .

هناك نقاط مشتركة بين أتباع الديانات السماوية الذين يرجعون إلى الكتب الثلاثة ، فينبغي أن يكون هذا منشأ لتوافق اجتماعي وتعاون على جملة من الأمور التي يتفق عليها هؤلاء ؛ وهذه دعوة بالفعل الآن ينبغي أن تكونَ محط الأنظار عند أرباب الديانات .
ومن القضايا المشتركة التي يمكن أن تشكل أرضيةً للتعاون بين قادة وأتباع الديانات

قضية الإلحاد

حالة الإلحاد  ( اللا إيمان أواللا دين) بمختلف أشكاله لا تشكل نسبة كبيرةً على مستوى البشرية ، ولكن هذا المقدار أيضًا لو تعاون أرباب الديانات في مواجهته ؛ بإيضاح الحقائق ونشر الإيمان الصحيح ؛ لتراجعت هذه النسبة التي قدرت من قبل بعض الإحصائيات بـ 16 بالمئة من سكان العالم  - مع أن بعضهم يشكك في هذا الرقم - ولكن بأي نسبة كان لا ريب أنّ مواجهة الإلحاد والدعوة إلى الإيمان بالله عز وجل هو من الأمور المشتركة التي تهم الإنسان المسلم وتهم الإنسان اليهودي وتهم الإنسان المسيحي فهي نقطة مشتركة .

الموضوع الأخلاقي على مستوى البشر

قضية التهتك الأخلاقي وقضية وإنهيار العلاقات العائلية والأسرية تُعدُّ من القضايا المقلقة لكل ذي فطرةٍ سليمة ؛ ناهيك عمّن كان له انتماءٌ إلى دينٍ سماوي .
لذا فإنّ الدعوة إلى الإلتزام الأخلاقي هو مما يحرص عليه المسلم واليهودي والمسيحي في ديانته ، كل بحسب توجيهه  ؛ فتشترك الديانات الثلاث  في ضرورة صيانة العائلة والأسرة والحرص على عدم التفتت الاجتماعي .
العلاقات الصحيحة المؤطّرة بالدين تؤدي إلى  تقليل الحالات الجنسية خارج إطار العلاقة الزوجية .و هذا من الأمور التي ينبغي أن تكون مهمة لدى أرباب هذه الديانات ولدى أتباعها ومن الممكن أن تشكل محور تعاونٍ بين هؤلاء .

المخدرات وما يدخل في حكمها مما يرتبط بتغييب العقل وتحطيم البناء الداخلي للإنسان ؛ هذا من الأمور المشتركة . فالتوجيه ناحية الابتعاد عن مثل هذه المواد الضارة مقبولٌ من كلّ أحدٍ مهما كان انتماؤه الديني
 ؛ لأن هذه من القضايا المهمة التي يبنغي المتفَق عليها عند ذوي الفطرة السليمة ناهيك عن المنتمين لأديانٍ سماويةٍ من أجلّ غاياتها حفظ الإنسان في عقله ونفسه وماله وكرامته  .

 صناعة السّلم الأهلي والوقوف ضد مسببات الحروب

صنع السلم الأهلي في المجتمعات الخليطة وتجنّب التحريض ضد المختلف فكريًا أو دينيًا أو ... ؛ تُجمع عليها الديانات السماوية ؛ فينبغي ألا تكون الأقليات مضطهدة نتيجة التحريض الديني أو خلافه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملحوظات قبل البحث :

- القول بأنّ أتباع الأديان السماوية يحاربون الإلحاد ، ويدعون الناس إلى الإيمان ؛ لا ينافي أنّ في  تفصيل اعتقاد أهل الكتاب بوحدانية الله– بعد تحريف كتبهم – خللٌ كبير .
- الدعوة للاتفاق على المشتركات بين أتباع الديانات ؛ لا تعني أنْ يؤمن كلُّ طرفٍ بدين الطرف الآخر .
- النقاش العلمي الهادف والمعتمِد على الدليل بين أتباع الديانات المختلفة ؛ لا يتعارض مع الدعوة للاتفاق على المشتركات .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعداد المسيحيين في العالم على اختلاف طوائفهم – حسب إحصاءاتهم – ملياران ونصف المليار . وهذه الإحصاءات لا يمكننا الوثوق بها ؛ لأنها في الغالب تتأثر باتجاه وميول ونظرة من يُصدرها ؛ خاصة إذا كان ممن يربط – واهمًا - الحقَّ بكثرة الأتباع . وعلى كلّ حال ... الفِرق المسيحية كثيرةٌ جدًا  ، وليس كما قد يُتصور من أن المسيحيين تيارٌ واحدٌ منسجمٌ ومتآلف .بل  كما هو الحال في الحالة الإسلامية واليهودية من وجود عدد كبير من الفِرق والطوائف .
وأبرز الفِرق والكنائس المسيحية ثلاث :-

•الفرقة الأولى هم :- "الكاثوليك"

•والفرقة الثالثة هم :- "البروتستانت"

•والفرقة الثالثة هم :- "الأرثوذكس"كل فرقة من الفرق الثلاث الرئيسة المشار إليها ؛ لها تفرعات وكنائس متعددة وطرق مختلفة وآراء كثيرة ولكن تبقى هذه الفرق المسيحية الثلاث هي الرئيسة في العالم .

الكاثوليك
 
يُقدّرون – حسب إحصاءاتهم - بمليار ومئتي مليون. وتعدُّ  الكاثوليكية الاتجاه التقليدي الكلاسيكي في المسيحية . ويعتبرون أنفسهم الممثلين الحقيقيين للمسيحية.
لديهم قيادةٌ مركزيةٌ للعالم المسحيي معروفة في الفاتيكان ( مركز القيادة الدينية للمسيحيين  وبخاصةٍ الكاثوليك  ، تقع في قلب العاصمة الإيطالية روما  ، وتتمتع بحكم ذاتي لضمان استقلال قراراتها الدينية عن التأثير الحكومي الإيطالي ، ولها جميع مقوّمات الدولة ، وتضم التراث المسيحي من مخطوطات وأصول الكتب القديمة وفيها مراكز تعلّم دينية  )  .
العقائد التي يؤمن بها المسيحيون من التثليث ، والتوسّط أو الشفاعة ومختلف قضايا الإنجيل وما جاء فيه ؛ منبع وجودها عند  الاتجاه المسيحي الكاثوليكي .
وينفرد الكاثوليك عن بقية الطوائف المسيحية باعتقاداتٍ معينة من قبيل : قضية الفداء والخطيئة والغفران ، واعتقاد العصمة للبابا عندما يكون على كرسي الكاتدرائية ؛فهو معصومٌ مسدّد من روح القدس لأنه خليفة بولس الرسول ، والذي هو خليفة المسيح ؛ فلابد من أنْ يكون معصومًا في قراراته وسائر كلامه .

البروتستانت

المعنى اللغوي لبروتستانت هو محتجٌ ومعارض .

النشأة : نشأت في القرن السادس عشرالميلادي  ؛ قبل خمسة قرون من الزمان . كانت الكاثوليكية بمثابة الوريث الوحيد لتراث المسيحية . وعندما آمن الرومان بها بعد القرن الأول ؛ احتضنتها الدولة الرومانية وحمتها ونشرتها ودافعت عنها . وُجد راهبٌ ألماني كاثوليكي هو ( مارتن لوثر ) ، وزار بعد ترقيه في درجات الرهبنة مركزَ المسيحية ( الفاتيكان ) ؛ حاملاً في ذهنة صورةً مثالية عن الوضع الديني والأخلاقي لرجال الدين ولسائر القضايا المتصلة بالشأن الديني المسيحي ؛ لكنه سرعان ما اكتشف صورةً مغايرة لما كان مستقرًا في ذهنه ؛ فأعلن احتجاجه وتمرّده على جملةٍ من القضايا منها :

1- صكوك الغفران : وهي أن يلزم على المذنب الاعتراف أمام الكاهن بذنوبه كي يتحصّل على الغفران من قِبل الكاهن ! . وذلك بالطبع لقاء مبلغٍ مالي يتكلفه المعترف / المذنب .
وكان المستفيد ماليًا ووجاهيًّـا من هذا المسلك الرهبانُ أنفسهم والطبقة السياسية . 
فبدأتْ من هنا ثورته الفكرية ومعارضته للكنيسة الكاثوليكية ؛ إذ اعتبر صكوك الغفران مجرّد هرطقةٍ وخروجٍ عن تعاليم ودين المسيح الصحيح .

2-عصمة البابا : طرح تساؤلاتٍ عدة في هذا المجال . متى تأتّتْ للبابا العصمة بعد أن كان غير معصوم ؟ ماهي علاماتُ عصمة البابا ؟ ما هو الأصل والخبر المقدّس الذي استقيتْ منه عصمة البابا ؟

3- القداسة : يطوب فلانٌ بمناسبة خدماته للكنيسة ، أو باعتبار علوِّ إيمانه ، أو تأثر الناس به ؛ فيعلن أنه قديس من القديسين . أعلن مارتن لوثر معارضته لخلع القداسة من قِبل الكنيسةِ على أيّ أحدٍ ؛ وذلك باعتبار أنّ الإنسان ذو العمل الصالح سيكونُ مقرّبًا من الله دون حاجته لإعلان الكنيسة أوغيرها .

4- حرمان الرهبان من الزواج : وهذا مستمرٌّإلى الآن في الكنيسة الكاثوليكية .  ولِـما يؤدي إليه من كبتٍ جنسيٍّ ؛ تعدّدت حالات الاعتداء الجنسي على القاصرين داخل الكنائس  فباتت مشكلةً حقيقة طفتْ إلى السطح وسبّبت حرجًا  لبابا الفتيكان نفسه ؛ مما اضطره للإعلان عن محاكمة عددٍ من الرهبان الذين تورطوا في قضايا جنسية .
كان (مارتن لوثر ) قد تساءل عن أصل التحريم ؛ خاصةً وأنّ أنبياء الله تعالى كانت لديهم الزوجات والأولاد ؛ ومنهم نبيُّ الله موسى – ع- و الذي يُعدّ أساس اليهودية والمسيحية ؛ فلماذا نحن الرهبان تلامذة أولئك الأنبياء لا نتزوج ؟!
 5- اللغة المستعملة في أداء الصلوات : كانت لغة الصلوات والدعاء في السابق مقتصرةً على اللغة اللاتينية . وبالتالي يحدث أن يقرأ المسيحي غير الناطق باللاتينية الصلاةَ – ربما – دون أنْ يفهم معاني المفردات .من هنا طالب مارتنت لوثر أن تكون لغة الصلاة غير محدّدة ، بل يُتاحُ لكلّ مسيحيٍّ أن يؤدي صلاته بلغته .

احتجاجات (مارتن لوثر) كان لها صدىً واجتمع حوله المؤيدون بالتدريج . وكانت نقطة البداية هي موطنه ألمانيا . أمّا مؤيدوه فتفاوتت بواعث التأييد لديهم بين الإيمان بضرورة إصلاح الخلل وبين التأييد لمصلحةٍ شخصية (كأن يكون مثلاً المؤيِّد راهبًا أوراهبةً ويرغب في الزواج ) وبين مصلحةٍ سياسية أوقومية ؛ باعتبار الألمان رأوا في هذه الحركة الاحتجاجية فرصةً ليبنوا لهم ثقلاً قوميًّا ودينيّـًا  .
كانت ردتْ فعل الكنيسة الكاثوليكية في حينه ضد حركة الاحتجاج البروستانتية قويةً ؛ تمثّلتْ في إصدار قرارًا بحرمان ( مارتن لوثر ) عن تمثيلها بأيّ صفةٍ دينية واعتبرته مهرطقًا خارجًا عن المسيحية .
أيّـاً يكن الأمر  ... فقد نمتْ الكنيسة البروستانتية ، وصار لها آراء ميّزتها باتجاهٍ وثقافةٍ معينة بدأت تعم ّمناطقَ واسعةٍ  من أوروبا  - وبحسب إحصائياتهم – بلغ اليومَ عدد البروتستانت قريبًا من ثمانِ مئةِ مليون شخص في الكرة الأرضية .

الأرثوذكس
فئةٌ قليلةُ العدد على مستوى العالم . ثِقلها الأكبر الآن في روسيا ؛ فهي مدعومة بشكلٍ قويٍّ من قبل الحكم الروسي ، ولها تأثير ودورٌ مهم  . ولا بدّ أنْ يكون  لهذا الدعم- إلى جانب البُعد الديني - بُعدٌ سياسيٌّ يهدف إلى مقابلة الاستفادة  في الغرب من الكنيستين الكاثوليكية والبروستانتية .

وأتباع الكنيسة الأرثوذكسية يرفضون المنهج البروستانتي ، ويُقصون العقل عند قراءتهم للنصوص الدينية ، بل إنّ فهمهم للنصوص يجب أن يكون من خلال أرباب الكنيسة الذين يجب أنْ يُطاعوا ويُوافقوا على فهمهم دون مناقشةٍ أو تبصّر .

إشكالٌ مهم :
كثيرًا ما يتمّ إظهار الدين المسيحي بأنّه دينُ المحبة والسلام والتسامح . وفي المقابل يتمّ إظهار الدين الإسلامي – من قِبل بعض المسيحيين المبشرين بدينهم – على أنّه دين البطش والاعتداء والتشدّد . وربما مرّ هذا الإشكال على بعض أبنائنا المسلمين ممن يذهبون للدراسة في الخارج . ولدفع الإشكال نقول :

أولاً :إنّ الأديان السماوية كلها تدعو في الأصل إلى المحبة والسلام والتسامح  مع جميع البشر المسالمين سواء كانوا ضمن بوتقةِ دينٍ واحد أو كانوا منتمين لأديانٍ شتّى  ؛ ويجب على الأتباع الحقيقين  لهذه الأديان تمثّل تلك التعاليم في واقعهم  وسلوكهم .
المشكلة تكمن في أدعياء الإتباع ؛ الذين يكون انتماؤهم لدينهم صوريّـًا لا يتمثّل – ذلك الانتماء -  في التزامهم بتعليمات وأحكام وتوجيهات ذلك الدين .
فلا ذنب للأديان ؛ إنما اللوم والذنبُ على من قتل وشرّد وفتك باسم الدين كذبًا وافتراءً وعدوانًا . وكلّ اعتداءٍ وإرهابٍ مرفوضٌ ومدانٌ بغض النظر عن الانتماء الديني للمعتدي  .

ثانيًا : النصوص الموجودة في المسيحية والتي تدعو للتسامح وتظهّر لأبنائنا المغتربين ؛ يقابلها نصوصٌ إسلامية كثيرةٌ تدعو إلى السّلم والصفح والمسامحة  .
فديننا يدعو إلى التعاون بين أتباع الديانات في المشتركات ، يقول الله تعالى : ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ...  ) آل عمران .
ويقول – جلّ شأنه - : (َلتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ۖ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82) وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَىٰ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ  ) المائدة .
وفي الآية الكريمة مدحٌ للنصارى أو للرهبان منهم ؛ لكنه مدحٌ مشروط بعدم الاستكبار على عباد الله . وبانتفاء العلة ( التواضع ) ينتفي المعلول ( المدح كونهم أقرب في مودتهم للمؤمنين ) .

ثالثًا : تاريخُ المسيحيين تاريخٌ بعيدٌ كلّ البعد عن السلام والمحبة والتسامح ؛ سواءٌ في العلاقات البينية لكنائسهم  أو في علاقاتهم بأتباع الديانات الأخرى  . ومن ذلك :

الحروب الصليبية التي سعّروها مستهدفين العالم الإسلامي :
بدأتْ حوالي سنة ألف وخمسٍ وتسعين للميلاد على شكلِ معارك منفصلةٍ زمنًا لكنها متحدةٌ في الباعث والغاية .  هي عبارة عن سبعِ حملاتٍ عسكريةٍ ضخمةٍ ، والفاصلُ بين الحملةِ وأختها مدةٌ تصل إلى أربعين سنة . وحصدتْ الأرواح وخرّبت الزروع وهدمت البلدان في أبشعِ صورةٍ للتوحّش وفقدان  أدنى مقوّمات الإنسانية .
  - الحروب المسيحية البينية : الفتك المتبادل بين الكاثوليك والبروتستانت تبعًا لنفوذ وقوةِ طائفةٍ على الطائفة الأخرى .

•ففي سنة 1526م يعني بعد ظهور بذرة البروتستانت بحوالي عشرين سنة تقريباً ؛ تعاظم نفوذهم في ألمانيا وصاروا فئة قوية فقام عشرون ألفًا من الجنود الألمان يعينهم الأسبان البروتستانت وهجموا على روما مركز المسيحية  وقصدوا الفاتيكان ودمروا المكان تدميرًا .
قتلوا الرهبان ، وأحرقوا الكتب وطمسوا الروسومات الدينية الكاثوليكية . وبلغ عدد القتلى ما يقارب خمسين ألفَ مسيحيٍّ . 

•في فرنسا حيث الأكثرية لصالح الكاثوليك قاموا بالانتقام عبر حملاتٍ استهدفتْ البروتستانت استمرّت أربعين سنةً ؛ أدّت إلى قتل وتشريد وتهجير أكثر البروتستانت من فرنسا . 

• حرب الثلاثين سنة : انطلقتْ شرارتها الأولى في ألمانيا لسبب منع البروتستانت لموكبٍ دينيٍّ كاثوليكي من المرور في احتفالٍ بعيدٍ من أعيادهم .
بعدها تحزّبتْ البلدان الأوروبية كلٌ إلى الكنيسة التي يتبعها ؛ فألمانيا  فتكتْ بالكاثوليك من مواطنيها ، وفرنسا بالمقابل فتكتْ بالبروتستانت من مواطنيها، وهكذا في بقية الدول الأوربية ؛ الطائفة الأقوى أو ذاتُ السند الرسمي الحكومي تفتك بالأخرى الضعيفة . وهذه الحرب أصدقُ دليلٍ على التعصّب والميل نحو التوحّش ؛ بحيث يقتلُ المسيحي مسيحيّـًا مثله يلتقي معه في أسس الديانة المسيحية – بحسب معتقدهم - من تثليث ، وعقيدة الصلب وخلافه .

نخلصُ إلى أنّ الإرهاب والتعصّب والتوحّش لا دينَ له ؛ يحدث وحدث في الحالة الإسلامية ؛ وهو لسبب ابتعاد سالكو هذا المسلك عن تعاليم الإسلام السمحة ؛ فالخلل في أدعياء الإتّباع لا في الإسلام نفسه .
وحدث في الحالة المسيحية لذاتِ السبب ؛ فتعاليم الدين المسيحي تدعو – كما هو الحال عند جميع الأديان السماوية – للسّلم ، لكنّ أتباعها لم يجنحوا للسلّم كما رأينا .
بعد عدة قرونٍ من الحروب المسيحية المسيحية الطاحنة ؛ استرحوا إلى التفاهم والتعايش على أسس المواطنة واحترام القانون وحرية كل إنسان في عبادته  ولذلك انتظمت شؤونهم .

الموقف من المسيحية :
- طهارة المسيحي : الرأي المشهور هو الحكم بطهارة أهل الكتاب ؛ والمسيحيون بالطبع من أهل الكتاب .
- الزواج : يعني زواج المسلم من كتابية ( يهودية / نصرانية ) وعكس ذلك غير جائز بإجماع علماء الإمامية ، بل بإجماع المسلمين عدا من شذّ في ذلك .
 على خلافٍ بين علماء الإمامية بين أنّ جواز زواج المسلم من كتابية محصورٌ بالزواج المنقطع أم يتعداه إلى الدائم أيضًا .
-حليةُ طعامهم : عند مدرسة الخلفاء تشمل الحلية جميع أنواع الطعام المباح في الأصل بما في ذلك لحم الحيوان حلال اللحم وإن كان المباشر لعملية الذبح مسيحي .
في مدرسة أهل البيت طعام المسيحيين حلالٌ سوى ما توصّل إليه بالذبح ؛ ذللك لوجود اشتراطات في عملية الذبح تتمثّل في أن يكون الذابح مسلما وأن يسمّي على الذبيحة وأن يستقبل بها القبلة وأن يفري الأوداج الأربعة  . وهنإ  إمّا كل الشروط ليستْ موجودة في ذبح المسيحي أو بعض هذه الشروط غير موجودة والنتيجة عدم تذكية هذه الذبيحة .

هذا فيما يرتبط بأمور التعامل والتعاون معهم والتعاشر والناظم لكل هذا المشتركاتُ ، ومن المشتركات :
- في العقائد : التوحيد والدعوة إلى الله  .
- في الحياة الاجتماعية : الدعوة إلى الأخلاق وصيانة الأسرة  .
- صيانة العقل الإنساني : منع المخدرات والخمور وما شابه ذلك .
 هذه أمور مشتركة وإذا الإنسان أبرز الأمور التي يتفق فيها مع غيره تكون حجته أقوى أيضًا  .

مرات العرض: 3408
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2576) حجم الملف: 5412.68 KB
تشغيل:

المسيح عيسى بن مريم : حياته وعصره
صحف النبي ابراهيم وشريعته