عبد الله بن عباس حبر الامة ولسان علي
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
المكان: مسجد زين العابدين سيهات
التاريخ: 18/9/1436 هـ
تعريف:

 

عبد الله بن عباس حبر الأمة

 روى عبدالله بن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال : "علي مع القرآن والقرآن مع علي ، علي مع الحق والحق مع علي يدور معه حيثما دار" صدق سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وآله 

حديثنا يتناول بإذن الله تعالى بعض الجوانب من شخصية حبر الأمة ولسان أمير المؤمنين علي عليه السلام. عبد الله ابن عباس ابن عبد المطلب رضوان الله تعالى عليه الذي ولد بحدود سنة ثلاث للهجرة وتوفي في حدود سنة 68 للهجرة في الطائف وكان له آدوار مهمة تستوقف الناظر في التاريخ الإسلامي وهو من الشخصيات القليلة التي عليها اجماع من الطائفتين في جلالة الأمر وسعة العلم ، اتباع مدرسة الخلفاء يعظمون ابن عباس واتباع أهل البيت عليهم السلام ايضاً كذلك .

فلنتحدث قليلاً من البدايات على هذه الشخصية وإلى ان اصبح فيما بعد مايشبه الناطق الرسمي باسم أمير المؤمنين سلام الله عليه. في سنة 3هـ كما ذكرنا ولد عبد ابن عباس وبقي مع أبيه العباس ابن عبد المطلب الى سنة سبع هجرية في مكة المكرمة وبعد السنة السابعة ألتحق هو ووالده برسول الله صلى الله عليه وآله كما تحدثنا في سيرة العباس ابن عبد المطلب.

في المدينة وحيث اصبح من أبناء سبع سنين فصاعداً عرف في وقت مبكر قيمة الحديث عن رسول الله فتتبع أحاديث النبي ونظراً لأن احدى زوجات نبي الله كانت خالة له وهي ميمونة بنت الحارث حيث أنها أخت لبابة والدة عبد الله ابن عباس ، ميمونة اخت لبابة وميمونة في نفس الوقت زوجة النبي صلى الله عليه وآله فسهل هذا الأمر عليه كثرة الأختلاط والذهاب الى بيت رسول الله ولربما بات مع النبي صلى الله عليه وآله في بيت خالته في دار خالته ونقل كيفيات قيام رسول الله لصلاة الليل وماذا كان يصنع وكان أيضاً يخدم النبي في اثناء بقائه هناك في الأمورالتي جرت خدمة أمثال سنة فيها مثل تقريب الماء والاتيان بالأبريق لكي يغسل رسول الله يديه وماشابه ، فكان ان فاز من النبي بدعوة مباركة ـ كما قيل ـ ووجد أثرها في حياته كلها وهو ان النبي دعا له بقوله :" اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل " الفقاهة في الدين يعني أن يكون الانسان عارفاً معرفة عميقة في الفقه وعلمه التأويل بمعنى أن يطلع هذا الانسان على المعاني الما وراء حرفيه ،

تارة يعرف الانسان ظاهر اللفظ والمعنى الذي يراه كل ناطق باللغة العربية وأخرى يعرف التأويل وهذه منزلة مهمة في فهم القرآن الكريم هذه دعوة النبي لابن عباس. هو أيضاً ألتحق برسول الله صلى الله عليه وآله ويظهر أنه أوتي حافظة قوية وذكاءً جيداً ولذلك عندما رافق النبي في حجة الوداع التفت الى حركات النبي وأقواله وأفعاله فنقل عنه الفريقان كثير من الأحاديث في سنن الحج وأعماله ونفل عن النبي ايضاً حديث الغدير ليس مجرد رواية وانما عندما قال النبي من كنت مولاه فهذا علي مولاه وجاؤا يبايعون الامام قال لقد وجبت في اعناقهم يعني هذه بيعة مؤكدة وتامة وفي رقابهم تبين ان بالإضافة لحفظه الحديث كان يفهم معانيه ، سجل أيضاً ماحصل قرب وفاة رسول الله و أطلق عليها رزية الخميس حيث عرفت في التاريخ بهذه التسمية االتي سماها ابن عباس لأن حادثة اختلاف الصحابة على رسول الله وعدم سماعهم كلامه بأن يأتوا له بذوات وكتف هذه سجلها عبد الله ابن عباس إلى وقت متأخر وكان يتألم كثيراً ويقول الرزية كل الرزية يوم حالوا بين النبي وبين كتابة الكتاب وكان في يوم الخميس وعرفت برزية الخميس .

لما قربت الوفاة من رسول الله سجل ايضاً هذا الموقف وقال أن رسول الله صلى الله عليه وآله فاضت روحه الطاهره وان رأسه لفي حجر علي بن ابي طالب ، فما ذكره بعض المؤرخين عن أخدى زوجات رسول الله إن النبي مات ورأسه بين سَحَري ونحري يعني هذه المنطقة السحر هو قريب الرئة والنحر هذا يعارضه كلام ابن عباس الذي كان شاهداً الحدث وينقل أن ذلك كان في حجر أمير المؤمنين عليه السلام بعد أن أوصى اليه بوصاياه ، مع وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله سعى هو أن يجمع الحديث من أصحابه حتى نقل قال تعاقدت أنا وشاب من الأنصار على جمع حديث رسول الله قلت لأحدهم حديث النبي مهم فلنجمعه من الصحابة هؤلاء الكبار الذين رافقوا النبي مدة من الزمن ونأخذ من عندهم ، يقول كنت هو نذهب الى بيت صحابي وننتظره حتى يفيق من قيلولته يعني وقت الظهر ذاك نائم ونحن على الباب ننتظره والشمس تصهرنا والغبار يهب علينا ، ننتظر متى يفيق حتى يحدثنا حديث عن رسول الله فصاحبي بعد أيام مل من الموضوع وتعب وأنصرف عني وبقيت على هذا الأمر أذهب الى هؤلاء وانتظر متى يستيقظ من نومه واسأله أن يحدثني بما سمع من رسول الله ولذلك كثرت أحاديثه عن رسول الله مع أن الفترة التي عاصرها مع النبي فترة قصيرة وكان صغير السن ومع ذلك نقلوا عنه لاسيما في كتب أتباع مدرسة الخلفاء قريب من (1600) حديث أما مباشرة وأما بواسطة عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله.

في زمان الخليفة الأول نحن لا نجد حضوراً واضحاً لأبن عباس في الساحة السياسية ولعله كان مشغولاً بالأمر العلمي يتلقف من الصحابة ويتعلم على يد أمير المؤمنين عليه السلام الذي رأى أنه اعطي حافظة وذكاءً فحرص الأمام على ان يزوده بالعلم ، والكل يعرف ابن عباس هو تلميذ علي المقرب منه بالإضافة الى الى ذلك في تلك الفترة الذي كان قائماً بالدور السياسي ، بالإضافة الى أمير المؤمنين كان أباه العباس ابن عبد المطلب وقد ذكرنا في ترجمة حياته أنه كان يعاضد حق علي عليه السلام ويؤازر خلافته ويتحدث في هذا المجال كما ذكرنا شواهد على ذلك .

لما وصلنا الى أيام الخليفة الثاني سوف نجد الأمر يتغير هنا ابن عباس اصبح شابا  وقد أخذ من علوم الحديث شيء كثير من صحابة النبي ومن النبي قبل ذلك وأهم من الصحابة خصوص الإمام علي عليه السلام اخذ منه علماً كثيراً ولذلك فاق حتى كبار الصحابة في معارفه الدينية ونقل المؤرخين من الفريقين ان ذلك استلفت الخليفة الثاني الى ذكائه وبروزه واحاطته العلمية ، توجه إليه رأى أن هذا الشاب بمقاييس السن كان يحمل علماً كثيراً في نفس الفترة يقول بعض الباحثين وهذا قد نتطرق له بالتفصيل فيما بعد أن الخليفة الثاني بعد أن اطمأن أن الامام علي عليه السلام ليس في صدد عمل ضد الخلفاء ولا أن يدخل معركة معهم ولا أن يقوم بإنقلاب هذا جعل الخليفة الثاني يتصيد مواضع لاعطاء بني هاشم شيء من حقهم . صحيح فيما حصلت أعمال سيئة أبعد أمير المؤمنين عليه السلام عن الخلافة ، وتم هجوم على دار الزهراء عليها السلام

لكن كأنماكانت  هذه المرحلة التي تلت محاولة للتعويض عما سبق ببعض العطاء قبل هنا كما ذكر باحثون أنه أي الخليفة الثاني قرب عبد الله ابن عباس واختصه وجعله معه في ديوانه ، ربما كان لأسباب متعدده قسم يرى انه نوع من رد الاعتبار والإحسان الى بني هاشم بعد ان أضطهدوا وظلموا فيما سبق من قبل الخلفاء ، فهذا الآن احد بني هاشم وهومقرب الى علي بن ابي طالب يعطية مجال ودور ، بينما رأى باحثون اخرون الأمر أن يدخل في اطار سياسي بمعنى أنه قرب عبد الله ابن عباس لأن عبد الله كان مايشبه امين سر الامام ويعرف بالتالي مايفكر فيه الامام فإذا أتى به عنده ستستخبرالخلافة مالذي يفكر فيه علي بن ابي طالب، واذا الخليفة عنده مايريد توصيله الى الامام أفضل طريق هو تلميذه وهكذا ، هذا قسم من الباحثين يرى أن تقريب ابن عباس بالإضافة الى الجانب الأول الى هذا الجانب السياسي. فيما يرى قسم ثالث  ان المسألة مسألة علمية بحته ان الخليفة أعجب أعجاباً تاماً بأبن عباس - الخليفه نفسه لم يكن بمستوى عال من المعرفة العلمية بالقياس الى مثل أمير المؤمنين عليه السلام بل ولا بالقياس بغيره ممن يحسبون من العلماء فلما راى عبد الله ابن عباس وعنده جواب حاضر لكل مسألة ونازلة يحاول ان يستجلبه لاجابة الأسئلة وكان يشيد به ويقدمه على من حضر من الصحابة وفيهم - أي الصحابة – من هم في سن والد عبدالله في سن العباس بعضهم كان ولكن ليس عندهم ذلك العلم والمعرفة التي هي لدى عبد الله ابن عباس في نفس الوقت .

ويظهر أن أمير المؤمنين عليه السلام أنه لم يكن رافضاً لهذه العلاقة بين أبن عباس وبين خلافة عمر ابن الخطاب (لماذا؟). لأن ابن العباس قوي الحجة وكان صريحاً في مايرتبط بأمير المؤمنين ،لم يكن يجامل وما كان منهزم في حجته يقول كلامه بشكل صريح ولكن مؤدب من غير تشنج و مواجهة وينقل المؤرخون كثيرا من الحوادث بين الخليفة وبين ابن عباس. ننقل جزء منها .

يقول ان ابن عباس اني اماشي الخليفة عمر في سكة من سكك المدينة يدي بيده – يعني لهذا المستوى كانت العلاقة – فقال ياابن عباس أني لأظن صاحبك مظلوماً فقلت في نفسي لايسبقني بها فقلت له : فاردد اليه ظلامته ، اذا مظلوم أردد اليه ظلامته فمضى يهمهم فقال يابن عباس ما أظن القوم منعهم من صاحبك الا أنهم استصغروه – صغير السن – لما توفي النبي كان عمر أبو بكر قريب الستين سنة وعمر عمر خمسين سنة وعمر أمير المؤمنين عليه السلام ستة وثلاثين سنة فيقول له استصغروه – رأوه صغيراً – وهذا الذي عاقهم عن اختياره فقلت : والله مااستصغره الله ورسوله حيث أمره يأخذ براءة من ابي بكر لما صار القرار أن علي يأخذ سورة براءة من ابي بكر ويبلغها الى كفار قريش الا يطوف بالبيت عريان بعد هذا بأمر من النبي صلى الله عليه وآله وأن يقول براءة من الله ورسوله إلى من عاهدتم من المشركين ، ذلك الوقت كان عمر أمير المؤمنين عليه السلام هكذا والنبي لم يستصغره ، عندما قال رسول الله وقد أعطى لأبي بكر سورة براءة قال لايبلغ هذه السورة الا أنت أو رجل منك فأرسل علي عليه السلام وقال : خذ السورة وبلغها ، ذاك الوقت كان عمر الامام أصغر من الآن والنبي لم يستصغره انت تقول استصغروه كيف يكون فكان ، فكان في أجوبته واضح صريح ، نعم غير متشنج يأتي بالحجج ولذلك نعتقد أن الامام عليه السلام كان راضياً بالعلاقة واستمرارها بين ابن عباس وبين الخلافة.

وفي موقع أخر يقول له ابتدأ فقال له ابن الخطاب مافعل صاحبك ؟ فقلت له : يلعب مع أصحابه وأقرانه واقصد عبد الله ابن جعفر في مثل عمره ستة عشر سنة حوالي فقال : لا اعني ذاك أعني عظيمكم اهل البيت يعني الامام علي عليه السلام فقلت له : يمتح بالعزب بنخيلات دلو كبير الغرب - يشتغل هناك عنده نخل فقال لي : عليك دماء البدن ان كتمتنيها عليك كفارة نياق تذبحها اذا قلت لي الصراحة وهل بقي في نفسه من أمر الخلافة شيء؟ قلت : نعم بقي في نفسه من أمر الخلافة شيء. قال : وهل يرى نفسه احق بها من عداه ؟ قلت : بلى قال : اتدري مامنع قومكم من هذا؟ قلت : ماذاك ؟ قال : كرهوا أن تجتمع النبوة والخلافة في بيت واحد فتبجح على الناس بحجه ، يعني هي الان انتم بني هاشم عندكم نبوة وبعد النبوة والامامة عندكم من هو في مقامكم بعد يصير ، فرد عليه بشكل مفصل حاصله ان الله ذم قريش ذلك بأنهم كرهوا ماأنزل الله فاحبط أعمالهم . فتلاحظ في نفس الوقت أنه مقرب من الخلافة يستفتي فيها ، يجلس مع بقة الصحابة ولايعدوا الخليفة رأيه وهناك بعض يعتقد أن الخليفة ان هذا رأي علي بن ابي طالب وعلي أعلم الصحابة فلم يكن يأخذ برأي أحد من أصحاب رسول الله ويأخذ برأي عبد الله ابن عباس هذا كان في فترة الخلافة الثانية.

وفي فترة الخلافة الثالثة الخليفة الثالث في بداية الأمر شكى عبد الله الى والده العباس قال : ابنك يُحرض علي يتكلم ضدي ، يعين الثائرين علي ، ماالذي فعلته له، نحن وانتم أقرباء ومن بني عبد مناف والذين سبقوني لم تفعلوا لهم شيء الان تكونوا ضدي ونحن أقارب وانساب.

قال العباس : أنا لا أعلم من عبد الله أن يصنع هكذا ، وكان رأي الوالد في ولده أنه أنما يقول عن لسان أمير المؤمنين عليه السلام . يرأى هذه مخالفات عند الخليفة الثالث بمعنى أنه كان يقدم أمية ووآل ابي معيط ويتصرف في الأموال تصرفاً غير عادل وكان ينتقد على هذا الأمر إلى أن صارت أيام أمير المؤمنين عليه السلام ز

طبعاً البحث كما تعلمون عن هذه الشخصية لا يستوعبه حديث مختصرا ، أحد علمائنا كتب كتاب في 750 صفحة عن شخصيتة جزء أول عن سيرته جزء ثاني عن علومه التي كان محيطاً بها ، فكم يستطيع الخطيب  خلال مثلاً 40 دقيقة أو 50 دقيقة أن يتحدث، لذلك نحن نحاول أن نمر مروراً سريعاً على المسائل والمطالب أيام جاءت الخلافة إلى أمير المؤمنين (ع) هو كان في طليعة أنصار أمير المؤمنين بل مستشاريه وفيما بعد كبير المعارضين عن علي ابن أبي طالب ، أول ما صارت الخلافة عبد الله بن عباس خطب في الناس يشير فيهم إلى الإسراع إلى بيعة أمير المؤمنين (ع) والنهوض معه. الإمام عرض عليه طلب طلحة والزبير في أن يوليهما ، يولي طلحة البصرة ويولي الزبير الكوفة ، عرض هذا الأمر على ابن عباس من أبناء اثنين وثلاثين سنة ( ثلاثة وثلاثين سنة ) تقريباً وبالتالي هو ناضجً من الناحية العلمية ومن الناحية العقلية وعنده تجربة ، نحن نعتقد أن الإمام والنبي لا يحتاجون إلى رأي أحد ، فأنهم أكمل الخلق عقلاً ورأياً ولكن حتى يدربوا المسلمين ويعلموهم على قضية المشورة ، لأن مع النبي له هذا الحق والإمام علي له هذا الحق ، لو يتصرف ولم يعتني بأي أحد .أحد حكام المسلمين يقول أنا اقتدي بالنبي ويكون مستبداً ، أنا اقتدي بالإمام علي ولا يشاور أحد ولا يستمع لكلام أحد ، فالإمام مع عدم حاجته والنبي مع عدم حاجته لكونه أكمل الخلق عقلاً مع ذلك كان يعرض هذه الأمور على المقربين من ذوي الرأي والحجا ، فعرض على ابن عباس هذا الأمر قال له جاء طلحة يطلب البصرة والزبير يطلب الكوفة ؟

قال يا أمير المؤمنين البصرة والكوفة هما مصرا العراق ، العراق كله البصرة والكوفة ، فإذا الشام عند معاوية – إلى ذلك الوقت كانت بيد معاوية – وأخذ البصرة والكوفة طلحة والزبير أنت ما الذي يتبقى لك ؟ المدينة قد ما كان مختصر بسيط ، طيب ولا يقارن بهذه الأمصار الكبيرة لا فيها التعداد السكاني الموجود هناك ولا الثروات الطبيعية ، إليها منزلة ليست سوى مقام روحي أكثر مما هو شيء أخر وأني أخشى أن يستقويا بالمصرين عليك يا أمير المؤمنين – هؤلاء ستصبح لهم قوة وبعده الله العالم ماذا يصنعون –

قال : صدقت وكان علي (ع) لا يريد توليتهما أيضاً فخرجا وصارت قضية حرب الجمل ، فالإمام يشاوره ثم يرسله ضمن الوفد الذي أرسله إلى الكوفة لكي يعزلوا أبا موسى الأشعري ، أبو موسى الأشعري كان مخالفا للإمام (ع) وكان يعتقد أن حرب الجمل هي فتنة وليست حرباً عادلة ، ليس فيها حق وباطل كلها باطل مع باطل وبالتالي الإنسان لابد له أن لا يساهم فيها وكان يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وآله بما قال أنه ستكون بعدي فتنة القاعد فيها خيرٌ من القائم والنائم فيها خير من القاعد ، يا ناس لا تخرجوا ولا تعملوا شيء واذهبوا ناموا في بيوتكم هذا أحسن شيء ، أحسن من هذه الفتنة ، طبعا هو كان مولى من قبل الخليفة الثالث ، الإمام جاء وشاهد الولاة موجودين فأرسل إليهم من يعزله ، الإمام الحسن (ع) مالك الأشتر وأيضا كان ابن عباس وبعض أخر. خطب ابن عباس في الكوفة كما خطب الإمام الحسن (ع) واستحثوا الناس للخروج لنصرة أمير المؤمنين (ع) وقاتل أهل الجمل ، خرج بعدها مع أمير المؤمنين في حرب الجمل ،خرج من الكوفة وأمير المؤمنين (ع) خرج منم المدينة والتقيا في الطريق قبل الوصول إلى البصرة ، وهناك الإمام أوكل إليه أول مهمة وهي مهمة المفاوضة مع الزبير وقال له : يا بن عباس لا تلقى طلحة لا تتفاوض معه ، لا تتكلم معه فإنك أن تلقاه تجده كالثور عاقصاً قرنه – هذا التعبير موجود في نهج البلاغة – هذا صاحب معركة وصاحب عراك ...حسب التعبير وليس صاحب تفاوض ، ولكن التقي مع الزبير وتكلم معه وقل له : يقول لك ابن عمك علي عرفتني في الحجاز وأنكرتني في العراق ، فماذا عدا مما بدا ؟ أنت في الحجاز في المدينة كنت تراني أفضل الناس ، وكنت تستل سيفك على الخلافة الولي مدافعاً ومناصراً لي في ذلك الوقت ، الآن الناس كلها اجتمعت عليَ أنت أنكرتني وعارضتني وخرجت علي ، فماذا عدا مما بدا؟ ما الذي حصل ؟ يقول الشريف الرضي في شرح النهج : وهذا أول ما سمع من علي (ع) هذه الكلمة – ماذا عدا مما بدا- لم تسمع من قبل أمير المؤمنين (ع) يعني ما الذي حصل ما الذي تغير ماذا عدا مما بدا ؟

فسكت الزبير – لا يملك جوابا- ورجع وكان عزمه أن ينسحب لكن عبد الله أبنه ومن أتى معه قالوا له : أنت جبان  ارعبتك سيوف بني هاشم !!

 فأول مهمة أوكلها إليه مهمة المفاوضة مع الزبير في القتال أيضاً شارك ونقل إليه الخبر ، يقول ابن أبي الحديد المعتزل في شرح النهج : بعد هذه المحاورات وأمثالها قال له أمير المؤمنين : أنا أعرف بك حيث بعثتك . منذ عرفتك ،أعلم ماذا ستقول وكلامك مضبوط ، لن تنهزم في مواجهة ما يحتج عليك وتسكت ، لا عندك قدرة على المناظرة والاحتجاج قوية ، فكان بمثابة لسان الإمام (ع) والمفاوض للإمام (ع) ولهذا كان رأي الإمام أن يكون هو أحد الحكمين في صفين ، لما صارت صفين وصل الأمر إلى التحكيم الإمام كان رأيه ابن عباس ، أتوا هؤلاء أصحاب الجباه السود والعبَاد الذين لا وعي لهم ولا معرفة لهم ولا عقل لهم ، قالوا : لا ما يصير عمرو بن العاص مضري من عرب الشمال وابن عباس مضري أيضاً من عرب الشمال ، نحن أهل اليمن القبائل اليمنية أهل الجنوب والله لا يحكم فينا مضري ، إذا كان احدهما مضريا فليكن الآخر يمنيا ، من القبائل اليمنية ، يعني القبليات وصلت إلى ذاك المكان ..

وهكذ أصروا إلا أن يكون أبا موسى الأشعري . أبو موسى الأشعري من القبائل اليمنية ليس رأيه ايجابيا في الإمام علي ، وهددوا بالانشقاق وقتال علي (ع)

فقال الشاعر

لو كان للقوم رأي يعصمون به     لدى الخطوب رموكم بابن عباس

 لكن رموكم بأبن شيخ من ذوي يمن لم يدري ما ضرب أخماس بأسداس

. أتوا لكم بواحد لا يعرف قدامه ولا ورآه ولا يعرف الحيل ولا المناورات ولا المناظرات ، عمرو بن العاص لما أتى أبو موسى الأشعري فرك يديه جذلا وقال له : يا أبا موسى أنت صاحب رسول الله وكبير السن وقدمك وسابقتك تفضل بالحديث  ، قال له : لا أنت يا عمرو تكلم قال : أنا أتكلم أعوذ بالله – هذا خلاف الأدب ! كيف أتقدم على أحد في سن والدي وهو صاحب رسول الله .. فصعد أبو موسى وقال المشكلة هي في معاوية وفي علي بن أبي طالب نحن نخلعهم ،عمر يخلع معاوية وأنا أخلع علي بن أبي طالب ، بعدها نجعل الأمر شورى فأشهدوا يا معشر من حضر أني أخلع صاحبي علي بن أبي طالب كما اخلع هذا الخاتم من يدي – خلعه . صعد عمر بن العاص قال قد سمعتم ما قاله صاحب علي بن أبي طالب أنه يخلعه من الخلافة كما يخلع الخاتم وأني اثبت صاحبي في الخلافة كما أثبت هذا الخاتم في يدي . قال له : كيف تقول هذا الكلام – ليس في الاتفاق -؟ قال له: روح دور لك شغل ثاني –حسب التعبير-

في النهروان أرسله الإمام أمير المؤمنين (ع) للخوارج لكي يفاوضهم ! أربعة ألاف من الخوارج شاهرون سيوفهم لقتال علي لأنه كفر بتحكيمه في أمر الله عز وجل  ، ذهب لهم ابن عباس تكلم معهم ، ما هي مشكلتكم ؟ قالوا حكم في دين الله . قال لهم : من حكم يكون كافر ؟ قالوا : بلى قال : فما قولكم في الكتاب العزيز عندما يقول " فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا أصلاحاً يوفق الله بينهما " هذا حكم من الله منصوب ، سكتوا أحتج عليهم وهكذا إلى أن مال نصفهم إلى علي بن أبي طالب عليه السلام  ! عندما رأى رؤساء الخوارج ذلك خافوا على جنودهم ، فأمروا ببدء القتال وهجموا على جيش أمير المؤمنين (ع) حتى لا يتركوا مجالا للمفاوضات والاحتجاجات والمناظرات فكان هذا الرجل لسان الإمام علي (ع) في كل مواقعه وولاه الإمام (ع) ولاية البصرة بعد حرب الجمل ، صار هو الوالي على البصرة عن أمير المؤمنين (ع) وقد مدحه أحد خلص أصحاب الإمام صعصعه بن صوحان العبدلي من عبد القيس من أهالي هذه المنطقة البحرين الكبرى بما يشمل هذه المنطقة . طيب من خيرة أصحاب الإمام كان يلقب بالخطيب الشحشح يعني البليغ المتفوق . هذا يوصف ابن عباس بوصف عجيب وغريب في قدراته الآن – ليس لدينا وقت نتكلم في هذا الاتجاه – فأستمر مع أمير المؤمنين (ع) إلى أن استشهد الإمام (ع) بقى والياً للإمام الحسن على البصرة إلى أن صارت قضية الهدنة وتم الصلح وصارت الخلافة الظاهرية لمعاوية بطبيعة الحال معاوية لا يستطيع التحمل هذا في ولاية البصرة فأنسحب من ولاية البصرة إلى المدينة بل منعه معاوية من أن يحدث الأحاديث التي يحفظها في حق علي آل محمد ، وفي هذه الفترة ابن عباس- يعني في فترة معاوية – كُف بصره صار ضريراً لا يبصر وهذا أحد الأسباب التي منعته من الخروج إلى كربلاء لعل سنه في حدود 55 سنة أو قريباً منها ، قبل معركة كربلاء بخمس سنوات كُف بصره ولم يعد يرى الطريق ولهذا معاوية لما التقى به في أحدى سفراته إلى المدينة قال له : يا بن عباس ما بالكم يا بني هاشم تصابون في أبصاركم ؟ لأن هو ابن عباس أخر عمره كان كفيف البصر والده العباس أيضاً كان كفيف البصر في أخر عمره، جده عبد المطلب أيضاً أخر عمره كان كفيف البصر. فيقول لك معاوية ما بالكم تصابون في أبصاركم ؟

قال : بلي يا معاوية نحن نصاب في أبصارنا وأنتم بنو أمية تصابون في بصائركم – أنتم لا ترون الدرب ، درب الهداية ولا درب الحق ، أنتم هذا مضروب عندكم ، البصيرة مضروبة عندكم ، نحن أخر الأمر نعم نصاب في أبصارنا هذا ليس به بأس . أين من يكف بصره ومن تكف بصيرته .وقد قال شعراً

إن يأخذ الله من عيني نورهما        ففي لساني وقلبي منهما نور

قلبي زكي وعقلي ليس ذا دخل      وفي فمي صارم بالحق مأثور

 

مرات العرض: 3834
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2556) حجم الملف: 55455.15 KB
تشغيل:

عبد المطلب بن هاشم زعامة روحية وقيادة مدنية
حقوق الأسرة النبوية أهل الكساء