عاشوراء وساعة القرار
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 10/1/1435 هـ
تعريف:

عاشوراء وساعة القرار

 
قال تعالى : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ)
هذه الاجتماعات الكبرى التي تحتشد في هذه الليلة في كل مكان كما ينبغي لها ان تأخذ نصيبها من جانب العواطف والمشاعر من جانب المصيبة ينبغي ايضا ان تلتفت الى جانب الدروس المستفادة من النهضة الحسينية
والوقت وان ضاق إلا ان الأخوة المؤمنين و الأخوات المؤمنات يكتفي الواحد منهم ومنهن
ان يأخذ بعنوان لكي يفهم ما وراءه من ابعاد كثيرة
الآية المباركة تقول (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ)
الأزمنة و الأمكنة و الأشياء كلها خلق الله وملك لله تعالى وبالتالي يفترض من الناحية التكوينية ان لا يختلف  يوم الاربعاء عن يوم الخميس في انتسابه لله عز وجل ولكن مع ذلك القران الكريم افترض ان هناك ايام معينة ينبغي التركيز عليها والتذكير بها و الاشارة إليها اثناء انهاض الناس والخروج بهم من عالم الظلمات الى عالم النور.
 ولا ريب ان الايام التي تتجلى فيها
قدرة الله  للناس وعظمته ورحمته  تختص بميزة تُميزها عن سائر الايام فمثلا ً:
اليوم الذي بعث فيه نبينا المصطفى محمد صلى الله عليه واله تجلت فيه رحمة الله تعالى للبشر وكان مبدأ للانتقال بين زمنين وحالين ووقتين هذا اليوم من الايام التي يمكن الإشارة إليها انها من ايام الله سبحانه والتي عندما يتذكرها الانسان يتذكر ما حصل وما انعم الله سبحانه وتعالى على البشر ببعثه نبيه اليهم في هذا اليوم. وعندنا الامامية كذلك مثل يوم الغدير الذي يعد ايضا من تلك الايام التي أُكمل فيها الدين وتمت فيها النعمة لما حصل من حادثة تاريخية يفترض انها سوف تؤثر على الامة تأثير كبير هذا اليوم الذي عد حسب مصادرنا من اهم الاعياد الاسلامية يشار اليه ايضا انه من ايام الله
يوم عاشوراء ايضا من تلك الايام لما يمثله من ذكرى تمثلت فيه الشهادة والشهامة والبطولة والفداء في افضل صورها خلال يوم تقريبا من النهار تحسبه وكأنه تاريخ كبير ومتصل لحجم ما حصل فيه من القيم و المبادئ
وهذا الامر يدعونا لاستحضار هذا اليوم واستحضار عطائه وتذكر هذا اليوم وتذكر ما حصل فيه امر مهم لنا الان . لماذا ؟
لأنه لو فكر الانسان فيه بدقة  ستكون ساعة من ساعات التحول التي يحدد فيها هل هو من هذا الصف ام من هذا الصف  هل هو في صف الظالم ام في صف المظلوم
ولا يحتاج الامر الى ان يعود الى زمان السيوف او الرماح لان معركة الظلم قائمة وحاضرة في تفاصيل المسائل الاجتماعية قائمة وحاضرة
مثلا
في ذلك الرجل الذي يعلق زوجته فترة طويلة من الزمان يبتزها المال بالضغط عليها وتعليقها وتعويقها لاريب انه يمارس الظلم  فإذا لُعن الظالم في زيارة الامام الحسين ينبغي ان يكون هذا الشخص مشمولاً باللعن
قد يلعن الزائر نفسه لأنه يمارس ظلم كالذي مارسته جنود بني امية ولكن في زمان اخر وفي صعيد اخر وتجاه مؤمن 
والظلم شيء واحد لا يختلف فظلم هذا الانسان لزوجته في تعليقها وتعويقها كظلم اولئك في قتلهم لسيد شباب اهل الجنة في ان الظلم شيء قبيح ومنكر ولا ينبغي القيام به .
لتكن هذه الليلة ليكن يوم غد ساعة من ساعات التحول لهذا الانسان حتى يكون هذا اليوم بالنسبة اليه يوم من ايام الله تعالى من الممكن ان ساعة واحدة تمحوا ماضيا من الجريمة من الممكن ان ساعة واحدة تفتح للإنسان باب من ابواب النور
الحر الرياحي قطع ماضيه بتمامه 40 سنة من الزمان او أزيد من ذلك قطعها في ساعة تحول في لحظة تفكير الى جنب الحسين عليه السلام ولذلك انتقل من الظلمات الى النور من الظلم الى العدل من ذاك المعسكر الشرس الخاطئ الى هذا المعسكر المؤمن الحنون
هل يريد الانسان هذا الانتقال ام لا يريد؟
اذا اراد الانتقال صار  هذا اليوم من ايام الله بالنسبة فإذا تحول في هذا اليوم من معصية الى طاعة ومن الظلم الى العدل ومن التجاوز الى الإنصاف فسيكون بالنسبة الى هذا الانسان هو يوم من اعظم ايام الله عز وجل
ذلك الشاب او تلك الشابة اللذين كانا على علاقة غير مشروعة كانا في الخطيئة يرتطمان بالنسبة لهما هذه الليلة  ويوم غد  يوم من ايام الله لو حصل التحول من المعصية الى الطاعة ومن الانفلات الى الالتزام سيكون هذا اليوم بداية حياة جديدة
وهكذا لو فكر كل انسان فينا بهذه الطريقة ان يتحول ان يستفيد من هذه الروح العظيمة التي تظلل اجواء المؤمنين روح الحسين عليه السلام وروح كربلاء لكي ينتقل ويتبدل كم سيكون بالنسبة له هذا اليوم وهذه الليلة يوماً وليلةً مباركة
ذلك التاجر الذي همه ان يرفع الاسعار وهو يعلم ان في الناس من الشباب من ينفق جل عمره لا يستطيع ان يستظل بسقف على رأسه ومع ذلك فأن هذا الانسان من غير مبرر و لا حساب لا يفتىء ان يرفع السعر ويتجاوز الحد ,  ينبغي ان يفكر ان الحسين عليه السلام كان رحيما بأعدائه عليه السلام وسقاهم الماء عندما وصل جيش الحر ابن يزيد الرياحي وقد كادوا ان يتلفون من الظمأ والعطش
هذا التاجر يحق له ان يكون قاسي على اتباع ابي عبدالله الحسين على المؤمنين الحسينيين لكي يراكم ارصدته  وامواله في البنك ولا يهتم
ولا يهمه ان يمتلك زيد مسكناً او لا , او ان تجد العائلة الفلانية رزقها ام لا.
 هل ينسجم ذلك الحنان الحسيني على اعدائه مع هذه القسوة المادية على المؤمنين الحسينيين في هذا الزمان ليفكر هذا التاجر انه بدلا ان يطبخ الطعام ويعطي صحنا هنا وهناك وهو عمل مأجور عليه ان شاء الله
لكن ذلك العمل الذي يجسد العطف والشفقة والحنان والرحمة على الناس في ان يحافظ الا يجعل الناس اذلاء من اجل المال ولا يجعل الناس في حالة فقر دائم
لأنه هو يريد ان يزيد الاسعار ليفكر في هذه الليلة ان تكون ليلة من ليالي الله عز وجل يوم من ايام الله عز وجل ينقل الناس فيها من الفقر الى الغني ومن القسوة الى الرحمة
ليفكر عالم الدين والخطيب في مثل هذه الليلة وفي مثل يوم غداً
ايها العالم ايها الخطيب كنت تحل المشاكل فإذا بك تصير مشكلة او جزء من المشكلة فيسلب المجتمع الاستقرار والصفاء و تنشحن النفوس هذا على ذاك وذاك على هذا
اليس من الاولى ان يتحول هذا العالم هذا الخطيب من حالة الشحن بالقسوة و العداء الى حالة التثقيف بالرحمة والتواصل والاخلاق الحسنة وهكذا على كل الطبقات ليكن بالنسبة لنا هذا الليل هذا المساء نقطة تحول  من الظلمات الى النور وان تكون ايام لله هذه التي صرع فيها الامام الحسين عليه السلام ساعة قطيعة بين ماض سيء فيه العنف والظلم والقسوة والمشاكل و الإحتراب الى مستقبل قادم وايام اخر لا يكون فيها الا العدل والرحمة وما يليق بالإنسان المؤمن
ايام الله دورها انها تبعث في الانسان التفكير في تلك القيم العالية الالهية قيم الرحمة والعدالة الانصاف محاربة الظلم كيف لي ان ابكي على الحسين عليه السلام المظلوم وانا تحت يدي امرأة مظلومة كيف لي ان العن الظالمين وانا احد مصاديقهم في هذا الزمان كيف لي ان العن الاخرين "فتباً لكم يا عبيد الأمة وشذاذ الاحزاب وعصبة الاثم" وانا احمل الاثم بين جوانحي ينبغي للإنسان في مثل هذه الليلة في مثل يوم غد ان يصنع بينه وبين ماضيه السيء بين مشكلته واعتدائه قطيعة وان يتحرك باتجاه انتقال وتحول الى الامام
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا )
ماذا يصنع ؟
(أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ)

مرات العرض: 3404
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2571) حجم الملف: 16843.64 KB
تشغيل:

نتائج النهضة الحسينية - 1
نتائج النهضة الحسينية - 2