الشعائر إعلان هوية وإعلام دعوة ..
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 2/1/1434 هـ
تعريف: حاجة المجتمعات والأديان إلى ما يحفظ هويتها ، ويجمع المنتمين لها ، ويعلن عنها وعن امتيازها عن الغير .. في مثل دين الاسلام رأينا أن : نمط العبادات ( صلاة ، وصوم ، وحج ) وأزمنتها ، وأذكارها ( أذان ، وقرآن ، وأذكار ..) ، بل حتى الهيئة الشخصية الخارجية للمسلم والمسلمة ، تميز المسلم عن غيره ، وتعلن بوضوح عن عقيدته . وعلى صعيد المذاهب الاسلامية نجد التشيع هو أقدر المذاهب على الاعلان عن نفسه وهويته ، وتميز أتباعه .. فبالاضافة إلى التميز في العقائد ، ( كالايمان بالامامة ، والمهدي ..) هناك تميز من خلال الشعائر والدعاء ، والمناسبات الزمانية ، والمكانية .. ـ في كل المناطق الشيعية : تجدهم يتكلمون بلغة دعاء كميل ليلة الجمعة ( هنديهم وعجميهم وتركيهم وعربيهم ) ، وبدعاء الحسين في أيام الحج .ودعاء التوسل ليالي الأربعاء ، والمناجاة السجادية .. ويفتتحون يومهم بدعاء الصباح لأمير المؤمنين عليه السلام ، ودعاء الافتتاح والجوشن وأبي حمزة في شهر رمضان . ـ وتفاعلهم مع الزمان ومناسباته ، والتاريخ وذكرياته : فهذا الغدير وولاية علي عليه السلام فيه ، وهذا ربيع وميلاد المصطفى فيه ، وتلك جمادى وولادة الزهراء ، وشعبان الذي شع فيه مولد صاحب الزمان وبان فضله .. فهم في كل مناطقهم يمر عليهم الزمان ليعمق ولاء ، أو يضيف معرفة ! والأمر تراكمي يعني قد لا يحصل الأثر كله في ليلة واحدة ، أو سنة واحدة وإنما هو تراكم للأثر القليل .. ـ ومن أعظم ما يكرس الهوية الشيعية عاشوراء ، وما يجري فيه من شعائر .. وسنتناول هنا قصائد المواكب والعزاء بشيء من الملاحظة . القصائد والأدب الحسيني : نشيد ولائي موحد الوظيفة الأصلية للقصائد والردات :ـ تعميق الحالة العاطفية ( حزن أو فرح وتفاعل ) ـ إيجاد رابط انتماء بين القائمين بهذه المراسيم ، وهذا يشبه دور النشيد الوطني في العالم .. أو أناشيد الجيوش ! يشكل شعارا وراية ! يشعر فيه الواحد أنه ضمن المجموع الكبير . ـ قد تحتوي على مضامين عقدية ، أو تاريخية ، أو سلوكية فتكون منفذا من منافذ المعرفة الدينية .. وهي في درجات متفاوتة من حيث المستوى الفني والمضموني ، فقد رأى السيد الحميري ابا عثمان المكفوف المنشد ، فقال له : أنت القائل : ما بال بيتكم يخرب سقفه وثيابكم من أرذل الأثواب ؟ قال نعم ، قال ما هكذا يكون الشعر ولكن قل : أقسم بالله وآلائه والمرء عما قال مسؤول أن عليا بن أبي طالب على الهدى والبر مجبول ذاك الذي سلم في ليلة عليه ميكال وجبريل .. فقال نعم أنت السيد ونحن الأذناب .. ونفس السيد الحميري عندما انشد العبدي : وبالذي دان يوم النهروان به وشاركت كفه كفي بصفينا .. قال له العبدي : أخطأت لو شاركت كفك بكفه ، كنت مثله ، لكن قل : وتابعت كفه كفي بصفينا .. فأنت تابع لا شريك ! من المشاكل التي تعتريها ، ولا سيما حين البث الفضائي : 1/ أنها وسيلة إعلام ، والوسيلة الاعلامية لها محددات ! ما هو مناسب في الحسينية قد لا يناسب القناة الفضائية ، وما يناسب المحلة قد لا يناسب الساحة المفتوحة .. 2/ تحولها إلى وسيلة تثقيف عند البعض فتراه يستشهد بما قاله الرادود الفلاني ، أو يسأل عن كيفيته مع أن الرادود ليس سوى منشد لقصيدة شاعر ، وقد تحتوي القصيدة على شيء كثير من الأسى والنظم القوي ولكن ليس بالضرورة أن تكون منبع معرفة ! وفي الشعر قد لا يلتزم الشاعر بالمعايير الدقيقة للمواضيع العقدية .. 3/ قد يتم التوسع في هذه القصائد بحيث تخرج عن الغرض الذي وضعت لها ، مثل امتزاجها بالموسيقى بالنحو الذي لا يجيزه العلماء ..( التفريق بين الموسيقى الهادئة ، وبين ما يناسب مجالس اللهو ) ، وفي بعض الحالات قد يصل الأمر إلى حد يكون الاستماع إلى هذه ـ لا سيما تلك التي تنشد في بعض المواليد ـ من مصاديق الهتك للمعصوم ولذكره واسمه الشريف . دعوة إلى قراءة القصائد القوية المؤثرة :عينية السيد الحميري ( لأم عمرو باللوى مربع طامسة أعلامه بلقع ) وشافية الحمداني ، وهمزية الشريف الرضي ( كربلاء لا زلت كربا ) وميمية الفرزدق ، وبائية الكميت ( طربت وما شوقا إلى البيض أطرب ولا لعبا مني وذو الشيب يلعب ) ، مدارس دعبل ، صاحبية الصاحب بن عباد ( قالت فمن صاحب الدين الحنيف أجب فقلت أحمد خير السادة الرسل ) ، وهائية الأزري ( لمن الشمس في قباب قباها شف جسم الدجى بروح ضياها ) ورائية السيد رضا الهندي ( أمفلج ثغرك ..) بل قصائد أخر من غير أهل المذهب : مثل عينية بن أبي الحديد ( يا برق إن جئت الغري فقل له أتراك تعلم من بأرضك مودع ) ، غديرية بولس سلامة ( لا تقل شيعة هواة علي إن في كل منصف شعيا ..) ) ، وعينية عبد الباقي العمري ( أنت العلي الذي فوق العلى رفعا ) ، وإلى أن تحتفظ الردات والقصائد بالطور المناسب لشأن المعصوم ، والمناسبة ، وأن تخلو من مشاكلة الألحان التي يتعاطاها أهل الفساد ..
مرات العرض: 3395
المدة: 00:58:30
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2580) حجم الملف: 20 MB
تشغيل:

المنبر الحسيني نظرة في النشأة والتطور
تاريخ الشيعة الخوجة دور المرجعية وفاعلية الجمهور