التحايل المالي داء المجتمعات
تفريغ نصي الفاضلة أم رضا الدبيسي
قال الله العظيم في محكم كتابه الكريم “ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ (84) وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (85) بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ “سورة هود
هذه الآيات المباركات من سورة هود، وسورة هود تتعرض الى حياة عدد من الانبياء وقد نقل ان النبي "ص " ذكر انه شيبته سورة هود نظرا لما فيها من قصص الانبياء وفيما بعد قول الله عز وجل " فاستقم كما امرت " فيها حديث عن قصة نبي الله نوح ،ابراهيم ، صالح، شعيب وهي من السور القلائل في القران الكريم التي سميت باسم نبي من الانبياء وهو هود الذي جاءت قصته في هذه السورة المباركة.
من جملة القصص التي تنقلها هذه السورة المباركة وليس الغرض منها بطبيعة الحال الترفيه ولا الحديث العام وانما المقصود منها تقديم تجارب الانبياء وتجارب المجتمعات قصة نبي الله شعيب ، شعيب مشهور بخصال كثيرة منها انه خطيب الانبياء ،عُرف النبي شعيب بانه خطيب متميز كما نُقل عن النبي صلى الله عليه واله وسلم "قال ذاك خطيب الانبياء" مما يعني ان لديه قدرة متميزة في البيان والحديث والبلاغة ،وايضاً اشتهر عنه في الروايات انه كان متعلقاً بحب الله عز وجل الى درجة غريبة بحيث كان يبكي بكاءً مراً الى ان تأثرت عيناه من اثر البكاء، وكان يقول عندما سئل من قبل الله عز وجل." انه مما بكائك ؟ان كان على الدنيا ابيحك اياها " اي اعطيك هذه الدنيا مثلما اعطيناها لسليمان" وان كان على الاخرة والجنة فقد ضمنتها لك ، فلما البكاء ؟فقال لربه: يا رب ما بكيت خوفا من النار ولا رغبة في الجنة ولا طمعاً في الدنيا وانما بكيت شوقاً اليك وحباً
"نجد احياناً ان الانسان اذا تعلق بشخص تعلقاً كبيراً جداً يشتاق اليه فيصل الى درجة البكاء ، كما هو حال العاشقين هذا ايضا كان له عشق ولكن عشقه كان لله عز وجل ولذلك قال له ربنا سبحانه وتعالى : " ان كان كذلك فلاخدمنك كليمي موسى ابن عمران يعني انت وصلت الى مرتبة يكون فيها كليمي موسى ابن عمران الذي هو نبي من اولي العزم خادم عندك وبالفعل هذا الذي حصل فيما بعد حيث استخدمه نبي الله شعيب مدة عشر سنوات في فترة كبر نبي الله شعيب وتعبه .
بُعث هذا النبي العظيم الى مدين ،وهي منطقه تعادل الان بحسب الجغرافيا بلد معان في الاردن والى جوارها البحر الميت الذي شهد قصة قوم لوط حيث خسف بهم في تلك المنطقة ،وهي منطقه بالفعل ميتة، نبي الله شعيب بُعث الى تلك المنطقة الى اهل ذلك البلد وكان بالإضافة الى دعوته هؤلاء الناس لعبادة الله سبحانه وتعالى كسائر الشرائع السماوية تركز على جهة من الجهات الاجتماعية للإصلاح
" اي عندنا رسالات السماء للبشر تقول اعبدوا الله اتقوه اطيعوني انا النبي ولكن في نفس الوقت تنظر الى اهم المشاكل الاخلاقية او الاجتماعية الموجودة في ذلك المجتمع فتعالجها معالجة دقيقة وتركز عليها بعض المجتمعات مثلا قوم لوط عندهم الشذوذ الجنسي ،يأتي نبي الله لوط لكي يحذرهم من هذا الفساد والبلاء .
قوم شعيب كان لديهم مشكلة: في التطفيف والظلم الاقتصادي بحسب التعبير لذلك جاء نبي الله شعيب قائلا “ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّه" “وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا " فهو من نفس البلدة من نفس القوم وهذا ذكاء وحكمة من الله سبحانه وتعالى ان يبعث في كل امه من اهلها ، لماذا لا يكون المبعوث اجنبيا؟ لان الاجنبي يكون محل شك وتردد من جهة الناس وايضا ليس بالضرورة ان يكون عارفا بعاداتهم وتقاليدهم وامورهم بينما اذا كان من نفس هؤلاء القوم فانه يعرفهم ويعرفونه ويعرف عاداتهم ويثقون به فهو لا يريد بهم شرا
لذلك عند الملاحظة فهذا المعنى موجود بالقران “ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْر" "
بالفعل كان في ذلك الوقت وضع هؤلاء الناس من حيث الزراعة وكثرة المياه ووفرتها من امطار وانهار فكانوا في رخاء اقتصادي، فجاء احد الجبابرة فكون له مجموعه من الناس من المقربين حيث بدأ ليحقق الارباح الذاتية له ولحاشيته يطفف في المكيال ويبخس الناس في التجارة اي اذا اراد ان يكيل لغيره نقص وادا اراد ان يشتري من غيره زاد هؤلاء كانوا بهذه الطريقة ،
فنبي الله شعيب عندما جاء حيث كان لأهل مدين تجارة مع فلسطين وبلاد الشام ومع مصر فقال لهم نبي الله شعيب : انتم بخير لا تحتاجون الى مثل هذا الامر وهذا التلاعب في الاقتصاد مع الاخرين ، لذلك “ َلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ " بالتالي اذا تأسس البناء على اعمدة صحيحة يستمر واذا تأسس على اساس رجراج ومرتج ومتذبذب لا يلبث ان ينهار ، " إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍٍ" سواء العذاب الالهي او حتى الدنيوي ، فاذا اكان الاقتصاد قائم على التلاعب على الغش والتحايل ينتهي الى كوارث كما نرى
"يا قومِ اوفي المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس اشيائهم ولا تعثوا في الارض مفسدين بقية الله خيرا لكم ان كنتم مؤمنين وما انا عليكم بحفيظ "
في الآية " بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُم " فيها اكثر من توجيه ،هو الشيء الذي يبقى بالله عز وجل الذي يبقيه الله سبحانه وتعالى مثل قولنا كنوز الله سبحانه وتعالى وهذه لها مصاديق كثيرة ، منها ماورد في روايات هل البيت عليهم السلام انها فسرت بالمهدي من ال محمد
ربما يأتي سائل ما لذي اتى بنبي الله شعيب منذ الاف السنين الى الامام المهدي الذي الى الان لم يظهر لا يزال عائش وحي ولم يعاصره نبي الله شعيب والجواب على ذلك امران : الامر الاول ، ان القران الكريم مبادئه العامة ساريه في الزمان كله ولا تتقيد بزمان دون اخر ،فهذا مبدا عام فلا تتصور ان الشيء الدي تناله بالمشاطرة وغير ذلك هو باق لك ،لا فهو ينفذ ولكن ما كان من جهة الله عز وجل هو خير باق ومستمر فالكنوز التي يعينها الله سبحانه هي باقيه ومستمرة واحد تطبيقاتها الامام الحجه عجل الله فرجه الشريف
بالإضافة الى ورود روايات معتبرة عن اهل البيت عليهم السلام بهذا المعنى ، فهذا يعتبر احد التطبيقات اي تأويل وليس تفسير ،ما هو الفرق بين التفسير والتأويل ، التفسير هو ان تعرف معنى الآية اللفظي مثلا ما هو العدل ؟ ما هو القسط ؟ومعناه في اللغة العربية ، اما التأويل فهو تطبيقات مثلا اللذين امنوا وعملوا الصالحات ، يأتي الحديث فيقول هم ال بيت الرسول صلى الله عليه واله هم شيعة علي ابن ابي طالب عليه السلام هم المؤمنون حقا هذا ليس تفسيرا وانما تأويل وتطبيق لذلك المعنى على هذا المصداق الخارجي .
كذلك نرى في اصل المعنى" بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ " اي مايكون مرتبط بالله سبحانه وتعالى خير لكم من هذه الاثمان والاموال والارباح التي تحصلون عليها على غير نهج الله عز وجل " وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ " ،" قالوا يا شعيب " عادة هذا الموضع من مواضع المشاكل بين الانبياء ، بين الائمة، بين الدعاة ، وبين مجتمعاتهم انه ما هو ربط العبادة بالمعاملة ، مثلا ما هو ربط الصلاة بالسوق ، الصوم شيء والمعاملة شيء اخر
وهذه المشكلة للأسف موجودة في كثير من المجتمعات ومنها مجتمع المسلمين المعاصر .
قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ "
ما ربط الصلاة بالأموال كيف تبيع كيف تشتري هل تطفف ام لا هل تزيد ام لا هذا شيء لا ربط له بالعبادة ، الدين شيء والتجارة شيء اخر السوق له معادلاته لابد ان تتلاعب وتغش وتخدع غير ذلك والا انت لست اهلا للتجارة اما ان كنت صادقا وديناً وتعمل بالحلال وتجتنب الحرام وتتردد في المشتبه فالأفضل لك ان تجلس بالمسجد لا يمكنك البيع والشراء في الاسواق ، وهذا معناه ما قاله اولئك القوم ما ربط صلاتك يا شعيب بأموالنا بينما ذكرنا ان الديانات والرسالات السماوية عندما تأتي تقول اعبدوا الله ولكن في نفس الوقت اتركوا التطفيف ، اوفوا الكيل والميزان ،أتأتون الذكران من العالمين كما في قضية لوط عليه السلام ،النبي محمد صلى عليه واله يأتي ويبين للناس شريعة كاملة واحكام كثيرة ويربطها الى حد ان تكون النظافة التي هي بالأمر الشخصي من الايمان يعني جزء الايمان ويكون الدين كله معاملة ويكون الدين النصيحة .
هذه المسألة من المسائل والمشاكل التي قد يرتطم فيها قسم من الناس وبالتالي يؤثر ذلك على دينهم وايمانهم على الرغم ان قسم من الناس يتصور ان القضية لا ترتبط بينما بينهم كمال الارتباط بالذات في القضايا المالية ، القضية المالية بالنسبة الى الناس في الواقع من التحديات التي يقاس فيها ايمان المرء حيث يمتحن فيها
لا يغرنك من المرء قميص رقعه و إزار فوق حد الساق منه رفعه
اره الدرهم تعرف دينه ام طمعه
اذا كان هذا المال يأتي من حرام انظر هل يتعفف عنه ام لا هل يلتزم ام لا .
مثلا نجد عندما حدثت كارثة السيول بأحد مناطق البلاد اصدرت الدولة قرار ان يعوض من تحل له كارثه بمبالغ مالية مثلا انهدم بيته او تعطلت مركبته او توفي احد من اهله فبحسب الاحصائيات الموجودة ان هناك اعداد كبيرة غيبوا اولادهم حتى يذهب ويكتب اسمه انه ذهب ضحيه في هذه السيول ويحصل على اثر ذلك على مبالغ من المال
هناك مساله من المسائل سُئل عنها احد مراجع الدين شبيهة بهذا الموضوع ، يسأل السائل فيقول حصل في منطقتنا حمى الوادي المتصدع فنفقت كثير من الاغنام والماشية واقدمت الجهات الحكومية على طلب افادات في انه من ذهب منه من الماشية والابقار حتى يُعوضوا ، فالسائل يقول انا ذهبت ولكن لم اخسر شي فانا موظف حكومي ولا املك ماشية فكتبت اني لدي عدد من الاغنام نفقت في هذا الموضوع ،ولا يوجد هناك تحقيق، فجاء لي بمبلغ كبير فتوجهت في احتمال ان يكون هذا المال ليس من حقي فذهبت لا ستفتي من المرجعية فجاء الرد والجواب انه لا يحل له شيء منه فهو كان يعتقد ان يعود له جزء من المال كما الحال في ارباح الودائع المالية من غير اشتراط انه يستطيع ان يستفيد من الارباح بشرط دفع قسم الى الفقراء بعضهم يقول الخمس والبعض الثلث والبعض الى النصف فهو يتصور ان وصول المال ليديه انه من حقه فيدفع جزء منه للفقراء ويصبح الباقي له فجاءه الرد انه يجب عليك ارجاع المال بكامله ان عرفت الدافع وان كانت جهة غير شخصية مثلا حكومية ان يرجعه اذا امن الضرر، الان في بعض الاماكن صنعوا صندوق براءة الذمة كما يطلقوا عليه فاذا امن الانسان الضرر وجب عليه ارجاعه فهو لا يستحله لأنه اخذه من غير مسوغ شرعي
فما ربط هذا بالدين ؟ هذا هو الدين الذي يحجزك عن الكذب لأجل ان تربح الاموال .
كذلك العلماء لا يجوزون اخذ الشهادات العلمية المزورة كأن يأتي فلان ويقول انا لا املك شهادة البكالوريوس او ماجستير فأذهب لتزوير هذه الشهادة واقدمها من اجل الحصول على العمل ومن ثم استلم راتب على انني حاصلا على هذه الشهادة ، فالعلماء لا يجوزوا هذا المال لأنه اُخذ بالكذب ومن غير استحقاق ، هنا يتضح ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ،فلا ينبغي للإنسان ان يفكر كما فكر به قوم شعيب ، فكيف للصلاة ان تأمرك في كيفية تصرفك في اموالك ؟؟ما ربط الدين بالمال؟؟ نعم فهو مرتبط كل الارتباط ، لذلك فان تدين الانسان لا يقاس بصلاة النوافل او بملازمته مسك مسبحته ولا بقراءته القران وان كان كل هذا خيرا له فهذه الامور مطلوبة منه وهذا يزيد من درجاته ولكن ليس هذا المقياس بل عندما يطبق هذا الانسان احكام الدين كلها على حياته ، فمثلا مع اهله ، هل يظلمهم ام لا؟؟ فهذا احدى المقاييس هل يسلب مال زوجته بطريقة او اخرى ام لا ؟؟يظلمها او يضغط عليها حتى يحصل منها على راتبها ام لا تهدد بهكذا وهكذا ؟؟؟ فأين دينه هنا ؟؟ فلان من الناس يأتي ويتوظف في اي وظيفة من الوظائف ثم بعد ذلك لا يفي بالعقد
قال تعالى "يا ايها اللذين آمنوا اوفوا بالعقود "هذه الآية هي اول اية من آيات سورة المائدة وهي محور بحوث العلماء في كل المعاملات .
انت ايها الانسان امضيت على عقدا مع هذه الجهة على ان تعمل بهذه الكيفية ثم بعدها تذهب ساعة للتوقيع ثم بعدها تترك العمل فهذا خلاف العقد وبهذا فانت تستلم مالا غير مبرر وقد يكون من احد مصاديق اكل المال بالباطل ، فهو اعطى لك هذا المال بناء على العمل فان لم تكن تعمل فهذا اكل بغير حق ، كذلك عندما تنتقص بعض الايام وتتغيب بدون عذر مقبول فعليه نفس الحكم
انت ترى ان الدين يقاس عند الانسان في مثل هذه القضايا وامثالها ، فاذا كان على حالة من الالتزام في معاملاته ،و وفاء بالعقد الذي يجريه ،ولا يختلف الحال بين ان يكون في البلد او في الخارج
فيجيب العلماء على اسالة البعض ، فلان يقول انا اسافر للخارج الى اوروبا مثلا وهي بلد غير مسلمة هل يجوز لي هناك ان اخذ جزء من المال باعتبار انهم كفارا ام لا ؟؟ وهل يجوز لي ان اخذ الراتب كاملا مع تغيبي بعض الايام بعذر غير مقبول ؟؟ فالجواب لا ، لأنه خلاف مقتضى العقد الذي وقعته معهم
كذلك الحال بالنسبة للدول المسلمة نجد نفس الحكم ، فلا يأتي ويقول الدولة الفلانية دولة لا تتبع مذهب ائمة اهل البيت عليهم السلام بينما في الطرف الاخر الناس التابعون للمذهب مظلومون وكذا و كذا فدعني اخذ نيابة عن هؤلاء فهذا ليس مبررا بالأصل ، احدهم قال ايام كنت عمل كذا وكذا واخذت بعض الاشياء من نفس المكان فماذا اصنع فقلت له ان كان لا يتسامح في مثلها فلا يجوز ذلك ، فبدأ يحاول اقناعي بقوله السانا مظلومون ولنا نصيب في هذه البلاد ووو ؟؟ نعم قد يكون هذا صحيحا ولكن من الذي سلطك على هذه الاشياء واخذها من مكانها؟؟ فهذا يحتاج اما توكيل من الناس هؤلاء المظلومون كما تقول او المأخوذ حقهم وكلوك في هذا الامر؟ او انه فرزت الاشياء لكل شخص مظلوم شيء معين فانت تأتي وتأخذه فهذا لا يحق لك فباي مسوغ ومبرر؟
" “وَ يَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ " بينك وبين جهة ما عقد معين لابد ان يكون هناك وفاء به ، المواد المستخدمة في قوله “أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ " ليس فقط السنجة تكون هكذا فانت اشتغلت مع جهة معينه واخذت مقاولة في بناء مسجد بهذا القدر لابد ان تكون هذه مبينه وواضحة ولا بد ان يوفى بها والا يعد هذا الانسان سارقا، لو فرضنا كان الاتفاق على رخام من نوعه معينه والسعر لكل متر بملغ معين فتذهب وتشتري رخام سعره اقل من السعر المتفق عليه فانت تصبح مديون بالنسبة التي انقصتها من المبلغ ومديون لهذه الجهة التي اتفقت معها ولا يفيد كون العمل انتهى ،
ان رضي صاحب العمل بعد علمه بذلك انه يستحق ذلك الفارق كان بها واذا لم يقبل فان ذلك الانسان يظل مديوناً ومطالبا
" وَ يَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (85) بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ "
هذه المواجهة بين نبي الله شعيب وبين اباطرة المال والاقتصاد في مجتمع مدين "معان بالأردن " انتهى هذا الامر الى الصدام وبدأوا يتحدونه ويهددونه " لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ" اي لا تشاقوني وتعادوني و تواجهونِ وتتورطون في مثل هذه الامور فالنتيجة انهم لم يسمعوا له وهو ايضا بدا يعضهم وينصحهم الى ان قال بالنهاية انه لا ينفع معكم النصح والوعظ فانعزل عنهم وقال لهم انتم مهددون بعذاب محيط وبالفعل من الامم السابقة التي عُذبت قوم شعيب
" عذاب يوم الظلة" اصبح عندهم جفاف وتلك البركة تراجعت ، الماء شح وقل تغير الجو اصبح شديد الحرارة جدا بعد ذلك بعث الله سبحانه وتعالى موجة هواء حار جدا و ساخن جدا وبعث هناك سحابة اللذين خرجوا مع نبي الله شعيب نجو اما من خالفوه بقوا في عتوهم وكفرهم وعصيانهم على اثر قلة الماء وشدة حرارة الجو حيث كانوا يعتقدون وجود تلك السحابة المظللة في تلك المنطقة ان يكون هناك براد وممكن ان ينزل المطر فنذهب الى هناك، فذهبوا واخذتهم الصاعقة وانتهوا ومضو الى ربهم عاصين مذنبين
واصل بعد ذلك نبي الله شعيب وجاء اليه نبي الله موسى كما ذكرنا حيث ان الله عز وجل على اثر كون نبي الله شعيبا كان محبا عاشقا لله سبحانه وصل الى درجة ان الله سبحانه قال له ما دمت كذلك فلأخدمنك كليمي موسى ابن عمران . فاذا كانت للإنسان محبة لا بد ان يوجهها في المكان الصحيح نحن نقرأ في الدعاء " اللهم اني اسالك حبك وحب من يحبك وحب كل عمل يوصلني الى قربك " نبي الله شعيب كان عنده الدرجة العالية من المحبة وكان لنبينا محمد صلى الله عليه واله تلك الدرجة العالية من المحبة ولأمير المؤمنين علي ابن ابي طالب عليه السلام كما هو مفاد الحديث المشهور بحديث الطير، النبي محمد "ص" كان لقبه حبيب الله سبحانه وتعالى كما لموسى ابن عمران لقب كليم الله وروح الله لعيسى ابن مريم
ايضا كانت هذه المحبة لله عز وجل عند علي عليه السلام ، واذا نظرنا الى هؤلاء المعصومين في طريقة حديثهم مع الله سبحانه يتبين لنا شحنة الحب العظيم الذي كان يملكه هؤلاء في جهة الله سبحانه وتعالى وهذا الحب متبادل فاذا احب النبي ربه فان الله يحبه واذا احب علي ربه فان الله يحبه ،في حديث الطير المعروف ان النبي صلى الله عليه واله اُهدي اليه طير مشوي وكان المشهور في ذلك الوقت طير الدراج او القطا قد يكون هكذا ، فدعا النبي ربه أئتني بأحب خلقك اليك اي بعد النبي "ص "
انس ابن مالك كان يقول كنت اتمنى لو احد من قومي الانصار جاء في هذه اللحظة لارتفعت هامات الأنصار بعد ذلك ، من يوصف بانه احب خلق الله اليه بعد النبي "ص" فهذا يصنع للأنصار فخر لا يعادله فخر فيقول في هذه الاثناء جاء علي ابن ابي طالب واستدان بالدخل فصرفته وقلت له النبي مشغول حيث كنت اطمع ان واحدا اخر يأتي من اصحابنا الانصار ايضا جاء مرة اخرى الامام علي عليه السلام حيث ان الامام مؤدب بآداب الله وآداب الإسلام لا يقتحم دارا الا بإذن صاحبها او الموكل بها في المرة الثالثة رسول الله صلى الله صلى الله عليه واله فبالتأكيد مادام النبي ناداه لن يقف انس ويمنعه من الدخول حيث ان صاحب الدار بنفسه قد اذن له قفال : هلم يا علي فدخل الى دار رسول الله والنبي عاتب انس على ذلك لما فعلت ما فعلت ؟؟ قال رجوت ان يكون واحدا من قومي الانصار حتى نفتخر بها على من سوانا ومن عادانا
فكان النبي هو ومن بعده علي احب خلق الله عز وجل اليه وبهذا الحديث يستدل علمائنا بل علماء غيرنا في مواضع ومواطن كثيرة .
فاذا احب الانسان ربه تحرى مواضع محبته ومواضع طاعته ومواضع مسرة دينه ولذلك تجد هذا الانسان المحب لله قد يأتي ويعطي من ماله قد يعطي من نفسه قد يعطي من وقته من عمره في هذا السبيل لان هذا من مصاديق محبة الله عز وجل ولا يوجد اصدق من الدماء في اعلان محبة الله عز وجل |