كتابة فاضلة مؤمنة روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: فما خُلِقت ليشغلني أكل الطيبات، كالبهيمة المربوطة همّها علفها، أو المرسلة شغلها تقمّمها، أو أن أُترك سُدًى، أو أظل سابرا. صدق سيدنا ومولانا أمير المؤمنين (عليه السلام)
توجيهات الدّين النازل من قِبل الله عز وجل تريد رِفعة الإنسان كفرد، ورفعة المجتمع كمجموعة. ولذلك فإنّها أول ما تتوجّه، تتوجّه هذه التذكيرات والتنبيهات والإرشادات إلى الإنسان لإخباره عن ذاته وتبصيره بأهدافه. أنت أيها الإنسان من تكون وإلى ماذا ينبغي أن تسعى؟ يتعين الهدف الأصلي والأساس للإنسان في هذه الحياة على أن له غرضًا أساسيا وهو الوصول إلى رضوان الله وإلى الجنة، وأن ينجوا في الطرف الآخر من عذاب الله ونار جهنم، الأمر الذي يشير إليه سيدنا ومولانا أبو عبدالله الحسين (ع) في دعاء عرفة (اللهم وأسألك حاجتي التي إن أعطيتنيها لم يضرني ما منعتني سواها، وإن منعتنيها لم ينفعني ما أعطيتني سواها، أسألك فكاك رقبتي من النار) فإذًا يتوجّه الإنسان إلى ذاته ليعرفها ثمّ إلى هدفه الأقصى وهو نيل رضوان الله في الآخرة بالإضافة إلى أهدافه الدنيوية من السعادة والرفاهية وما شابه ذلك. الذي يحصل في أحيان كثيرة أن هذا الإنسان أو ذاك المجتمع الذي يفترض أنه تقوّى بالوعي، تعرف على ذاته، تعرّف على أهدافه. القوى الظالمة التي تريد السيطرة على هذه المجتمعات، تسعى في خطّ مقابل (مواجه) هناك فكرة أشير إليها وهي كأن هناك حالة تعاكس يذكرها بعض علماء الاجتماع ويقولون أن هناك حالة معاكسة بين قوّة السلطات في المجتمع وبين قوة المجتمع نفسه. كلما تقوّت السلطة ضعفت المجتمع، وكلما تقوّى المجتمع المفروض أن السلطة تكون ضعيفة. لو أردنا أن نلاحظ عالمنا المعاصر اليوم، سوف نجد مثلًا في البلاد الغربيّة الحكومات والسلطات ليس وجودها حاضرا وواضحا بقوّة. هي تدير، ولكن ليس وجودها حاضرًا وقويًّا وفاضحًا، بينما في بلادنا الشرقيّة أنت تجد أن السلطة حاضرة في كل مكان. إذا أردت أن تنتقل من مكان إلى مكان تلاحظ ذلك، أردت أن تتاجر / أن تزرع / تفكر / تطالع/ تلاحظ وجود السلطة، كذلك وعلى هذا المعدل لا يمكن لك أن تتناسى أبدا هذا الوجود. وهذا معناه أن ما يذكر من الفكرة أنه كلما استقوت السلطة ضعف المجتمع. نلاحظ أن الإسلام يأتي لكي يعطي القوة للأفراد من خلال إعلاء شأن الإنسان. ليس هنالك دين أعلى شأن الإنسان كما أعلاه الإسلام. يكفيه أنه جعله المخاطب المباشر من قبل الله تعالى في القرآن الكريم. هذا إعلاء لشأن الإنسان... أعلى قيمتهُ وحرّم إهانته، أعطاه الكرامه جعله مصونًا في مستويات مختلفة، كل شيء يرتبط بهِ صار مُصَان. وما ذلك لجهة أكيدة وهي أن الدين أعلى من شأن هذا الإنسان.. حرم إهانته / الاعتداء عليه / صان دمهُ وعرضهُ وماله وشخصيته، وحرم النميمة / الإفتراء عليه.. إلخ. وبذلك أيضًا جعل المجتمع قويًّا، كمثال المجتمع العربي الذي كان في زمن النبي محمد (صلى الله عليه وآله) كان كما تصفهُ الصديقة فاطمة الزهراء (ع): "وكنتم على شفا حفرة من النار، مذقة الشارب ونهزة الطامع وقبسة العجلان وموطئ الأقدام تشربون الطرق وتقتاتون القدّ والورق، أذلة خاسئين فأنقذكم الله بأبي محمد (ص)" هذا المجتمع المتخلف / الجاهل / الضعيف ، الذليل أمام الآخرين تحوّل على أثر هذه التوجيهات، إلى خير أمة أخرجت للناس. رفعوا راية العلم نشروا الحضارة دعوا إلى الخير صاروا نماذج في الأخلاق العالية، هذا كله إنما كان تقوية الدين للمجتمع. تقوية الدين في البداية للأفراد وثم تقويته للمجتمع حوّل هذه المجموعة البشرية من مجموعة ضعيفة ضئيلة لا شأن لها ولا حول ولا قول ولا هدف ولا غاية، إلى أمة من الأمم الرائدة في التاريخ الإنساني. اليوم لما ترجع لتاريخ البشر تجد أن من النقاط المضيئة في هذا التاريخ هو ما حصل من قِبل الأمة الإسلاميّة؛ وما ذلك إلا بتقوية الدين لهذا المجتمع. في المقابل نحن نجد أن السلطات الحاكمة، الفئات المعادية للحركة الإجتماعية تأتي وتحاول إضعاف هذا المجتمع، كلما ضعف المجتمع أصبحت قادرة على السيطرة عليه وفي ذلك لها وسائل كثيرة و أساليب متعددة نشير إلى بعضها: أولاً: اشغال الناس بالهم الحياتي والمعاشي بدلا من الهم العام الاجتماعي: اي انسان مطلوب منه أن يسعى لكد معاشه، واجب شرعي وعقلائي (ملعون ملعون من ألقى كلّه على الناس). أن يأتي شخص لديه قوة و إمكانية أن يطلب او يستسعي من هذا أو ذاك فهذا إهانة لإنسانيته. الاستجداء من شاب قادر على العمل إهانة لنفسه وانسانيته. فواجب على الإنسان أن يسعى في تحصيل رزقه ومعاشه. أعطى الله لك فكر كيف تحصل المال، و عضلات حتى تحركها في هذا السبيل، وأعطى لك نماذج ناجحة في البلد كيف عملوا وتحركوا، وكيف استطاعوا ان يكتفوا عن مسألة الناس. فمن اللازم على الإنسان هذا الأمر، لكن المشكلة أحيانا أن هذه السلطات وهذه الجهات تجعل "الهم الحياتي" كل هم الانسان، وتسوي الوضع بشكل يركض فيه هذا الانسان ليل نهار لكي يحصل على رزقه ولا يتوقف كحمار الطاحونة لا يبدأ من نقطة حتى يعود اليها. طوال ثلاثين أو اربعين سنة يجري ويجري لتحصيل الرزق. هنا نتوقف ايها الانسان هذا السعي هو لبطنك، لكن عقلك الذي جوهرة الله عندك ، وميزتك عن المخلوقات، كم ساعة تشتغل عليه!. كم تعطيه من الوقت حتى يكبر هذا العقل ويعرف و ينمو. هذا على مستواك الفرد، مجتمعك الذي تعيش فيه انت ايضا مسؤول عنه، مسؤول عن محاربة الفساد فيه و بناءه، كم تعطيه من وقت لاصلاحه وبناءه!. هذه الفئات لا تريد شيئا من هذا القبيل وانما تريد اشغال الانسان في دوامة كحمار في طاحونة لا يبدأ من نقطة حتى يعود إليها…. الامام عليه السلام يقول " فما خُلِقت ليشغلني أكل الطيبات، كالبهيمة المربوطة همّها علفها، أو المرسلة شغلها تقمّمها، أو أن أُترك سُدًى، أو أظل سابرا". هذا هو نتيجة الانسان! ان يكون كل همه ان يأكل ويعلف. يخرج من الصباح الى المساء، جهد وعمل واتلاف صحة من اجل هذا. مطلوب منه في حدود تأمين العيش، الإمام عليه السلام في كلام آخر: (من كان همه بطنه فقيمته ما يخرج منه)، هنا وصل قيمته بهذا المقدار باختياره. في تفسير الطبري الجزء الثالث (هو ليس محسوب على الشيعة فقط لكنه يحاول أن يتوزان في النقل، يعني ليس صاحب خط أموي) يقول: لما بدأت الحركات ضد الخليفة الثالث من الكوفة والبصرة ومصر، طلب الخليفة عثمان من مستشاريه أن يأتوا لكي يشيروه عليه. أتى معاوية بن ابي سفيان من الشام، وأتى عبدالله بن عامر بن كريز من البصرة، واتى عمر بن العاص .. وجاء آخرون ، فطرح عليهم ان الوضع هكذا فبم تشيرون. معاوية بن ابي سفيان قال: كل والي عليه ان يكفيك أمر مصره، و كل واحد يتحمل المكان الذي هو مسؤول عنه. الرأي الذي حاز على اكثرية الحاضرين رأي عبدالله بن عامر بن كريز، والد هند زوجة يزيد. هذا قال : "يا أمير المؤمنين أنا رأيي أن تجمّرهم في البعوث، فإنك ان فعلت ذلك لم يكن اقصى همة أحدهم إلا قمل فروته ودبر ناقته". تجمرهم أي تجعلهم فترات طويلة عسكريين مرابطين على الحدود يقاتلون، خمسة أشهر أو اكثر، (وهذا كان ممنوع أيام الخليفة الثاني). إذا انتهى من هذه الجهة، خذه للجهة الأخرى. في ذلك الوقت، الذي يكون في حالة حرب وقتال، لا يفكر بقضايا الفساد و غيرها. مثل هذه الفكرة، اشغل الناس حتى لا يفكروا في الأمور العامة. اشغل هذا المعاش والامور الحياتية، لا يستطيع تدبير حاله من خلال دوام واحد، ليعمل عملين. لم تنتهي القضية، أأتي بقضية الاسهم، فيعود للصفر من حيث بدأ. أو من خلال التغير في العملة وانزال قيمتها تطير 30% من قيمتها مثلا، وبالتالي تطير 30% من ثروته وهكذا. الإشغال بالأمر الحياتي والمعاشي ينتهي بالإنسان إلى أن لا يفكر بالأمور العامة أو ينشغل عن هذه المسؤولية. هذه احدى الوسائل والخطط التي تقوم بها تلك السلطات والانظمة في سبيل أن لا تكون تلك الأمم قوية. عندما يفكر ويناقش أموره وقضاياه يكون قوياً هنا. وصل الانشغال في بعض الدول الإسلامية أن هناك شكاوى كثيرة لدرجة أننا لا نرى الآباء في بيوتهم. لا يستطيع متابعة أخلاقهم مسيرتهم لطول دوامه.
ثانياً: تزييف الاهتمامات المفروض أن الإنسان بعد ما يؤمن شيء من الرزق ضمن اطار القناعة، الزهد في الدنيا، والتدبير. هي ليست مجرد امور اخلاقية مستحبة بل هذا نمط حياتي يقدمه الدين، لما يأتي يقول لك الله متكفل برزقك هذا ليس غيبوبة غيبية . لا بل يقول له لا تستفرغ كل عمرك من اجل هذا المعاش الذي تجري وراه. خلي جزء إلى بدنك (إن لبدنك حقا)، لاهلك، لمجتمعك. والله يتكفل بالاضافة لسعيك يطرح البركة في أمرك. بالاضافة لاهتمامه لنفسه واسرته ان يكون له اهتمام اجتماعي في البلد. يكون هناك فساد في بلاده، لابد أن يناقش هذا الأمر، في بعض بلاد المسلمين اذا واحد يحسب المسألة على سنوات تأتي الأرقام تريليونه وليست مليونية ولا ملياريه. اليست من حق هذا الذي يعيش في هذا البلد الاسلامي والتي له الثروة والذي يعيش معه والناس في المستقبل، اليست من حقه ان يسأل هذه الاموال اين تذهب! من حقه بل مسؤوليته. البلد كيف تدار، الأمور كيف تحدث!. هنا بدل أن ما يتوجه الناس لمثل هذه الأمور، قسم من هؤلاء تزيف اهتمامات الناس، تعطيهم اهتمامات اخرى. مثلا بعض المجتمعات هناك مسيحيون ومسلمون، تعمل صراع اسلامي مسيحي، هناك بعض الوثائق كيف أن بعض المسؤولين في بلد مسلم يحتوي على الأقباط والمسيحين، ذاك الرجل المسؤول عن الأمن هو الذي يفجر الكنائس. لماذا؟ هل له عداوة معهم! لا.، القضية ليست هنا! الهدف هو ان يشغل المسلم بالمسيحي .. الغرض حتى لا يأتي الشعب ويسأل كيف تدير البلاد وهذا الفساد الموجود ماذا يصنع به، وهذه السياسات الخاطئة كيف تحدث!. فيجعلهم ينشغلون، المسلمون يتعصبون لاسلامهم والاقباط لقبطيتهم وتحدث المشكلة. لماذا الدعاة في بعض بلاد الإسلام يتوجهون لسؤال من أين لك هذا؟ دعهم ليذهبوا وراء عباد القبور والرافضة، وراء البدع، واشغلهم بذلك الى يوم القيامة. أما يأتي ويذهب في قضايا عامه هذا يورط الأمر، اذن زيف في اهتمامات الناس. تريد موضوع حماسي تعال، اعمل نقاشات عقائدية حامية جدا حتى الناس يتوجهون لها وهذا يتعصب لمذهبه او ذاك لمذهبه ويصبح شغل الناس في اليوم التالي لا القضايا العامة الهامة. اذا صارت اهتمامات المجتمع اهتمامات جزئية قشرية، اذا صارت معارك بينيه: السني مع الشيعي والعلماني مع الأسلامي .. وأتباع هذه القبيلة مع هذه القبيلة إذن هو في راحة من هذا الأمر. اذن يحتاج الانسان ان يكون واعيا لا ينساق وراء المعارك الوهمية التي تصطنع من غيره. الذي يوجد في الساحة السياسية في كثير من بلاد المسلمين، تسأل أين المشاكل الحقيقية: تأخر الأمة، الهزيمة أو التراجع امام الاسرائيليين. قضايا التنمية والنهضة أين هي في الصحف والمجلات. لماذا ليس هذه القضايا وإنما معارك اخرى.
ثالثاً: أن يبقى الشعب او المجتمع في حالة جهل وحماقة إبقاء المجتمع جاهل/غير عارف غير تزييف الاهتمامات. الدكتور علي الوردي مؤرخ لديه كتاب (لمحات من تاريخ العراق … ) من أراد أن يبحث في تاريخ العراق / ايران/ الحوزة العلمية في القضايا المختلفة. كتاب قيم لكن ليس بالضرورة أن نوافق على كل ما فيه، الكتاب اجمالاً كتاب ناضج. من جملة ما يذكر من القضايا عن ناصر الدين شاه ، كان الشخص في إيران الذي سلم امتياز احتكار التبغ إلى بريطانيا .. مما أثار ضده الميرزا الشيرازي الكبيرفيما عرفت بثورة التبغ الذي كان يرى أن هذا بداية الاستعمار البريطاني على كل إيران. ناصر الدين شاه كان يقول انه احب شيء له ان يكون الذي حوله من مستشارين او عامة الناس هو ذاك الشخص الذي تقول له بروكسل فهو لا يعرف اذا هي مدينة أو نوع من انواع الخس. هذا احسن شيء بالنسبة له لأنه في تلك الحالة عندما يقول شيء سيقول له " طال عمرك" دون أن يناقشه لأنه لا يدري عن الأمور. ابقاء الناس في حالة جهل وحماقة هو لأجل إضعاف هذا المجتمع وفي المقابل تقوية الآخر. في مقابل هذا نرى ان الدين يعاكس ذلك. يجعل طلب الدين في بعض درجاته فريضة على كل مسلم ومسلمة. طلب العلم الشرعي فريضة. طلب العلم الذي يقوم به النظام الاجتماعي فريضة كفائية. و ماعدا ذلك مطلوب و مرغوب ولابد منه في المجتمع. لكن يأتي هذا و يقول العلم شيء يخوف. عندما نقول العلم والمعرفة لا نعني فقط للتخصص. بعض الأحيان في أماكن معينة يأتي شخص لديه شهادة عليا لكن فهمه للوضع العام فهم متواضع، ليس لديه معرفة اجتماعية، ولا سياسية، ولا وعي لذلك هو يدخل في هذه الأمور ويدعم مكانة الظلم دون ان يتلفت. نعم العادة أن ارتفاع المستوى العلمي يتلازم معه قدرة على النقد والتقييم، أن يلاحظ الإنسان ويفتح العيون. عادة هكذا لكن ليس بالضرورة كذلك. أمير المؤمنين عليه السلام كان يعطي للإنسان افقا عاليا حينما يقول: فما خُلِقت ليشغلني أكل الطيبات، كالبهيمة المربوطة همّها علفها، أو المرسلة شغلها تقمّمها، أو أن أُترك سُدًى، أو أظل سابرا" انا مطلوب مني دور آخر، همٌ أخروي وهم كل الناس أن يصل الإنسان إلى الجنة وان ينجو من النار. همٌ أن أكون صالحا في نفسي ومصلحا لغيري نافعا للناس. أن أكون جزء من هذا المجتمع الذي عليه مسؤولية الدعوة إلى الخير والدعوة إلى المعرفة والدعوة إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. إذا صارت هذه التوجيهات التي رأيناها في القرآن الكريم وعند المعصومين عليه السلام يتحول المجتمع من مجتمع ضعيف الى مجتمع قوي و متفاعل ويحمل الخير والهداية لكل مكان. هذا نموذج الأمة الاسلامية التي تأثرت بتوجيهات القرآن الكريم والنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) واستفادت من كل ذلك عندما انطلقت وغيرت. لكنها كانت في حال سباق بينها وبين حاكميها في الوقت الذي استطاعت السلطات والحكومات ان تسيطر وتضعف هذا المجتمع الاسلامي تراجع دوره ، وقت ما كان هذا المجتمع قويا كان دوره متقدما. لنأخذ نموذجا من تلك المجتمعات التي بالتوجيه تصعد في مستواه في شخصيتها وسموها وأهدافها .. مجتمع كربلاء الذي كان مع الإمام الحسين عليه السلام. الإمام الحسين عليه السلام في طريقه الى كربلاء دعا كثير من الناس للالتحاق به. الذي بقى معه من هؤلا هم النخالة ، الصفوة، الزبدة الذي لفظت الشوائب وبقي الصفاء منها.؟. لذلك عندما وصلوا الى كربلاء كل واحد قدم موقفا يعرب عن مقدار التغير الذي حصل في نفسه من كبيرهم الى صغيرهم. شاباً قتل والده في المعركة. عادة في مثل هذه المواقف ، الشاب يبكي ينكسر قلبه، لكن هذا الغلام المتأثر بهدي الإسلام، جاء الى الحسين عليه السلام وقد شد عليه حمائل سيفه واستأذن للقتال، ولد عمره 12 سنة في ذلك الوقع يستأذن للقتال ، انت لازم تحسب ما هي الثقافة والفكرة لذي هذاالشاب يدفعه لهذه الامر. فقال الامام الحسين عليه السلام هذا الغلام قتل والده هذه الساعة واخشى امه تفجع بقتله ردوه ألى امه. واذا بهذا الغلام يقول: أبا عبدالله، إن أمي هي التي شدت لي حمائل سيفي وقالت لي بني اذهب وقاتل بين يدي ابن بنت رسول الله. هذه الام فقدت للتو زوجها فإذا بها تقدم غلامها وشبابها إلى المعركة، فأذن له الحسين عليه السلام وإذا بالغلام يبرز يرتجز. الارتجاز في المعسكر الأموي شبه معدوم في كربلاء. وهو حالة تعريف بالنفس وتعريف بالمنطلقات وافتخار بها. في هذا الطرف نادرا ما يخرج من عند الامام الحسين الا وهو يعرف بنفسه ومنطلقاتها. لا يوجد و هو حالة تعريف بالنفس والمنطلقات: اميري حسين ونعم الأمير.. سرور فؤاد البشير النذير علي وفاطمة والداه فهل تعلمون له من نظير