يوميات الحركة الحسينية حتى 9 محرم
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 20/1/1429 هـ
تعريف:

يوميات الحركة الحسينية حتى 9 محرم

كتابة الفاضلة تراتيل

خطب سيدنا ومولانا أبا عبدالله الحسين صلوات الله وسلامة عليه يوم وصوله الى كربلاء  قال :" أيها الناس ان الدنيا قد ادبرت وتغيرت وادبر معروفها  ولم يبقى منها الا صبابة كصبابة الاناء و خسيس عيش كالمرعى الوبيل, الا ترون الى الحق لا يعمل به والى الباطل لا يتناهى عنه ليرغب المؤمن في لقاء الله محقا فاني لا أرى الموت الا سعادة والحياة مع الظالمين الا بَرَماً " صدق سيدنا ومولانا أبا عبدالله الحسين صلوات الله وسلامة عليه

حديثنا يتناول يوميات الحركة الحسينية من وصول الحسين عليه السلام الى كربلاء و الى يوم التاسع من محرم , الحسين بعد لقائه بالحرّ ومسايرته إياه وصل الى كربلاء في يوم الخميس الثاني من محرم سنة واحد و ستين للهجرة 

اليوم الثاني من محرم

وصل الحسين عليه السلام الى كربلاء ولما وصل وقف جواده واستبدله و ظل واقفا فسأل عن اسم تلك الأرض قالوا تسمى نينوى ثم قالوا تسمى الغاضريات ثم قالوا تسمى شاطئ الفرات وأخيرا قالوا انها تسمى كربلاء قال اعوذ بالله من الكرب والبلاء , انزلوا هنا محط رحالكم 

 هنا عدة أسئلة تطرح , هل ممكن ان يتوقف الفرس ام لا ؟ نحن عندما نتحدث ضمن الاطار الغيبي نستطيع ان نوجه هذا الامر بانه طبيعي لكونه ضمن الدائرة الغيبية ولهذا مثال في حياة رسول الله صلى الله عليه واله عندما وفد الرسول الى المدينة وبقى مدة في قباء بانتظار علي عليه السلام والفواطم فلما وصل امير المؤمنين دخل النبي و معه الامام علي و ضعن النبي الى المدينة المنورة  فكان اهل المدينة جميعهم يتمنوا ان يتشرفوا و يستضيفوا النبي محمد في بيتهم فهذا طبيعي- فلو وصل مرجع الى بلدتك فان أصحاب الشخصيات الاجتماعية والعلمية و من بيوتهم مهيئة يتمنون ذلك فان الاستجابة تعني إعطاء القيمة للمستضيف فكيف اذا كانت شخصية الضيف هي رسول الله محمد صلى الله عليه واله 

في ذلك الوقت كان النبي لم يعدّ لنفسه بيتا في المدينة ولم يكن لينتخب مكانا دون اخر لذا قال لهم دعوا الناقة فأينما بركت فنحن سنكون ضيوف على صاحب الدار (دعوها فإنها مأموره ) وبالفعل كان هذا حلّ , فلو دخل النبي عند احد من الاوس او الخزرج كانت تحصل إشكالات فقد كان هناك صراعات شديده بين الاوس والخزرج في ذلك الوقت حيث ان بينهما نوع من التنافس .

وحسب ما ورد في الاخبار ان فرس الحسين برك عند الوصول الى كربلاء , هل كان الحسين مطلع على ام لم يكن مطلع ؟ لدينا في اللغة شيء نسميه تجاهل العارف وهو ابلغ من ان يقول اني اعلم , الغرض منه اثارة سؤال حتى يجيب الطرف الاخر جواب فيقرر الأول ذلك 

فمثلا عندنا في كتاب الله العزيز ان الله يسأل موسى وهو يعلم مستسر السرّ حيث يقول سبحانه في كتابه العزيز ( وما تلك بيمينك يا موسى ) طه:16 الله يعلم فليس يحتاج الى الإجابة ولكن هذا أسلوب تجاهل العارف فيسأل حتى يجيب الطرف الاخر جوابا فيقرر الله العالم ويزيد, قال ( هي عصاي اتوكأ عليها واهش بها على غنمي ولي فيها مأرب أخرى ) طه:18 فمعرفته بالعصى كيف كانت و الى ما اليه صارت هو ابلغ في الاعجاز من لا يقرر هذا الحقيقة من قبل 

وكذلك في قول الله لعيسى بن مريم عليه السلام ( أأنت قلت للناس اتخذوني وامي الهين ) المائدة :116 فهل الله لا يعلم ان نبيه عيسى بن مريم لم يفعل ذلك ؟  هو حتما يعلم ولكنه سبحانه يريد ان يقرر هذه الحقيقة حتى يكون حجة على من ادعى ان النبي عيسى قد قال لهم اعبدوني او قال لهم انه احد الاقانيم الثلاثة, فعيسى عليه السلام انكر ذلك حيث ذكر القران ذلك ( ان كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا اعلم مافي نفسك انك انت علام الغيوب ) المائدة:116 

فهذا ما يحصل حتى في سيرة النبي فكم من مرات سأل النبي ما هذا ليقرر , فلولا ان الحسين سأل هذا السؤال لما وصل الينا هذا الامر و لما أعطى تركيز وعرفنا ان هنا تخطيط الهي خاص , وكذلك مقولة علي الأكبر وهم في الطريق الى كربلاء (السنا على الحق ) ؟؟ هل يعقل ان علي الأكبر مشى مسافات طويلة ولا يعلم بانه على الحق ام لا ؟ بل يعلم ولكن هذا أسلوب للتقرير و لترتيب اثر عليها.

نرجع للحسين عندما سئل عن اسم المنطقة التي وصل اليها فقالوا انها  تسمى نينوى وهو اسم قديم , وتسمى مقابر نواويس وقد أشار اليها الحسين والناووس هو قبر النصراني , والغاضره هم قوم من بني اسد كانوا قريبين من تلك المنطقة وعلى عادة العرب كانوا ينسبوا الأماكن أحيانا كثيرة الى  الساكنين , ولها اسم اخر شط الفرات من حيث موقعها الجغرافي , فسئل الحسين عليه السلام هل لها اسم اخر فقيل شط الفرات فسال لها اسم اخر غير هذا قالوا تسمى كربلاء , هناك كلام هل ان كربلاء اسم عبراني ام انه عربي . هناك توجهان عند المؤرخين والمتخصصين يتحدثون عند معاجم البلدان والقضايا الجغرافية 

 بعضهم يقول ان اصل اسمها عبراني فكل ما فيه( ال ) هو عبراني , فإل و ئيل هي إشارة الى الله سبحانه كجبرائيل وعزرائيل وميكائيل واسرافيل وغيرهم 

و كرب تعني عندهم القرب الى الله  هكذا فسرها بعضهم . هذا بناء على ان اسمها اسم عبراني 

اما بناء على ان اسمها اسم عربي فيقال ان الأرض المكربله هي الأرض الناعمة على أي حال هذه فيه نوع من الدمج الذي يمكن توجيهه , فهناك كلمات في اللغة العربية فيها قسمين مثل بعل بك وكذلك هي كر بلاء ممكن تقسيمها الى قسمين 

فنزل الحسين عليه السلام الى الارض التي اختيرت له واختارها هو لتكون محلا لمصرعه فهو الذي اختار العراق وقد ناقشنا الليلة السابقة لماذا اختار العراق , فالحسين كان مهتما في ان يختار هو  مكان المعركة و كيفية القتال  وهذا من حنكة وحكمة قيادة الامام , الامويون كان يتمنون انه لم يخرج الامام الحسين من المدينة الى كربلاء ولم يغتالونه بهذه الطريقة او اقلا يغتالونه في المدينة كما اغتالوا الامام الحسن او في مكة المكرمة غافلا او  حتى وان كان  في الطواف او متعلقا بأستار الكعبة فهم لا يضعون حرمة لبيت الله فمكة شهدت اغتيال دعبل الخزاعي في أواخر أيام العباسي فقد ضرب بسهم مسموم في وسط الزحام

وقد تمنى الامويون قتل الحسين بهكذا طريقة ثم يفبركون مسرحية و يتسألون من قتله ثم يمشون في جنازته كما يفعل الطغاة كعادتهم و لكن الحسين هو من اختار مكان وطريقة المواجهة والقتال كما سيتبين بعد قليل 

اليوم الثالث من محرم

نزل الحسين بكربلاء يوم الخميس الثاني من محرم , في يوم الجمعة وهو يوم الثالث من محرم وصل عمر ابن سعد كربلاء في أربعة الاف فارس وهي اول دفعه وصلت بعد ان انتهي عمر بن سعد  من صراعه بين الدنيا والاخرة وحسمها لصالح الدنيا في قصته المعروفة حيث كان اميرا للري ثم بعث لقتال الحسين فستعفى وقال لهم اجعل من هم اكثر مني قوة و معرفة من اهل الكوفة لقتال الحسين  لكن رُفِض طلبه ولم يعفى و اخبروه انه اما ان يمشي الى هذا القتال واما ان يترك ولاية الراي فسار لقتال الحسين وقد خسر الدنيا والاخرة فقد قتل الحسين ولم يعطي ولاية الري وقد خسر عمره أيضا 

فلما وصل عمر بن سعد يوم الجمعة الى كربلاء طلبة الامام الحسين ليلا فجاء ومعه عشرين فارسا والحسين جاء وعدد من اهل بيته ثم عرض عليه الحسين عليه السلام السعادة وترك الشقاء بالنصرة لابن بنت نبيه لكنه أجاب : أخاف على داري ان تهدم , قال له الحسين:  انا ابنها لك , قال : أخاف على ضيعتي ان تؤخذ,  قال الحسين: انا اعطيك بدلها في المدينة وهي تساوي قيمة كبيرة جدا,  قال : أخاف على عيالي , 

فوجد الحسين ان كلام عمر بن سعد غير منطقي فكيف يخاف على عياله و داره ويريد تشريد ذرية رسول الله وقتلهم ,  فقال له الامام الحسين  عليه السلام : اترى انك ان قتلتني سيوليك الدعي الري ؟!! لا والله , عهد عهده الي رسول الله انه لا يحصل لك ذلك وكأني بك مقتول على فراشك , وما اضنك ان تأكل من برّ العراق الا قليلا وفعلا لم يبقى بعد الحسين عليه السلام الا اربع سنوات حيث قتله المختار وقتل ابنه أيضا حفص و انتهى هو وأولاده و داره .


هنا بثت كلمات من قبل عمر بن سعد ووصلت للمؤرخين وهي غير صحيحه حيث زعموا أن الحسين عرض على عمر بن سعد احد الأمور التالية اما ان تأخذوني الى يزيد فأضع يدي في يده او ان تسيروني الى ثغر من الثغور فأدافع عن ثغور المسلمين  او ارجع الى المكان الذي جئت منه , و هذا كلام موجود في كتاب الطبري وغيره ولكنه كلام كاذب وهناك شواهد تدل على ذلك 

 اول شاهد عيان هو عقبه بن سمعان مولى و خادم الرباب بنت امرئ القيس والدة عبدالله الرضيع زوجة الحسين  فهذا المولى لم يقتل لأنه لم يقاتل فهو  كان مع الركب الحسيني ولكنه كان يخدم النساء ومن قوانينهم انهم لا يقتلون من هو هكذا عبد خادم للنساء والاطفال , وفعلا لم يقتل وسار مع الاسرى من كربلاء للكوفة للشام ومن ثم الى المدينة وكان منذ خروجهم من المدينة لصيق بالحسين حيث قال : لقد صحبت الحسين منذ يوم خروجه من المدينة الى مكة و منها الى كربلاء في كل منازله وكنت قريبا منه لم اترك خطبة الا سمعتها منه ولا كلام قاله الا وعيته فما سمعت يقول ما يقوله الناس من انه يضع يده في يد يزيد او يسير لثغر من ثغور المسلمين " اذن هو ينفي هذا الكلام 

الشاهدا لثاني: ان الحسين له مقولات تدل على انه يستحيل ان يقول هذا الكلام 

فقد قال " وعلى الإسلام السلام اذا بليت بوالٍ مثل يزيد" . وقال : "يزيد رجل فاسق  فاجر ومثلي لا يبايع مثله ". وقال : " هيهات منا الذلة "  وقال " ليرغب المؤمن في لقاء الله محقا " لذا لا يمكن لمن يقول هذا ان يقول ما زعموا انه قاله فهذا كلام باطل لا ريب فيه . 

اليوم الرابع و الخامس والسادس من المحرم

ترادفت جموع المقاتلين القادمين الى كربلاء  ففي اليوم الرابع جاء شبث بن ربعي معه الف مقاتل,  وأيضا في دفعه ثانية جاء حجّار بن ابجر في الف مقاتل و جاء يزيد بن حارث في الف مقاتل .

ثم بدأ عبيد الله بن زياد  الذي كان قد عسكر في النخيلة حيث كان كل جيشٍ يريدُ ان ينظم لباقي الجيوش  كان يعسكر في النخيلة لتتزود وترتب امورها  وقد بقى في النخيلة الحسن بن علي عليه السلام لقتال معاوية 

عبيد الله بن زياد بدأ بشكل مباشر يجهز المقاتلين من راجلين و فرسان لقتال الحسين عليه السلام فكان يدفع 500 و 600 وهكذا في مجموعات متتالية فقد كان الجنود بعضهم يتسللون لا يريدون محاربة الحسين وقد قيل انه قد يتسلل من الالف فارس 200 فارس فلا يذهبون لكربلاء فقد كان بعض المقاتلين يجندون اجبارا لمقاتلة الحسين عليه السلام ولكن كان عبيد الله بن زياد وجماعته جادين حازمين ,  فقد امر عبيد الله بن زياد ان لا يبقى محتلم في الكوفة الا وكان لا بد ان يخرج لقتال الحسين  ومن لا يخرج يقتل حتى وصل الحال الى ان  بعض الناس حاولوا ان يغتالوا عبيد الله بن زياد مثل الدالاني الذي  حاول اغتيال عبيد الله بن زياد في النخيلة لكن لم تسنح له الفرصة لذلك فخرج  متجها الى الحسين فقطعوا عليه الطريق مع مجموعة وقاتلوه وقاتلهم حتى وصل لكربلاء وقتل متشرفا بين يدي الحسين عليه السلام 

اذن اليوم الرابع والخامس والسادس كانت أيام تعبئة الجيش 

اليوم السادس تكامل الجيش فقد كان أربعة الالف واصبح ثلاثين الف مقاتل بين فارس وراجل وهذا يدل على مجهودات مكثفة على تعبئة الجيش بهذه الاعداد الهائلة , و هناك روايتان تنقلان على ان العدد كان ثلاثين الف احد هذه الروايات عن الامام الحسن والثانية عن الامام السجاد 

 الرواية التي تنقل عن الامام الحسن عليه السلام انه دخل الامام الحسين على الامام الحسن عندما دفعوا للحسن السم فدمعت عيني الامام الحسين فقال له الامام الحسن : "انما هذا سم سقيته ولكن لا يوم كيومك يا أبا عبدالله يزدلفون اليك ثلاثون الفا من امتك يزعمون انهم من امتك وامة جدك ويقتلونك عطشان غريب "

والتصريح الاخر عن الامام السجاد عليه السلام حيث قال  :" ما من يوم اشد على رسول الله محمد من يوم احد حيث قتل عمه الحمزة ويوم مؤتى حيث قتل ابن عمه جعفر ولكن لا يوم كيوم الحسين بن علي حيث ازدلفى اليه ثلاثون الف رجل وهو يذكرهم بالله فقتلوه عطشان على شط الفرات "

الشعراء يبالغون في العدد وهذا طبيعة الشعر حيث المبالغة مسموح بها في الشعر لكن الامر ليس كذلك بحسب الروايات

جاءوا بسبعين الفا سل بقيتهم             هل قابلونا وقد جئنا بسبعينا

ويقول شاعر أخر:

بجحافل بالطف أولها                 و اخيرها بالشام متصل

ويقول سيد حيدر الحلي : 

بجمع من الارض سد الفروج                          وغطى النجود وغيطانها

وطا الوحش اذ لم يجد مهربا                و لازمت  الطير اوطانها

وحفّت بمن حيثُ يلقى الجموع             يثني بماضيه وحدانها

ففي اليوم السادس تكامل العدد ثلاثين الفا وفي مساء السادس يستأذن حبيب بن مظاهر من الامام الحسين لدعوة  حي من بني اسد يعرفهم ويعرفونه لما فيه خير دنياهم واخرتهم  لنصرة الحسين فأذن اله الحسين فذهب شيخ الأنصار حبيب ليلا الى ذلك الجمع  فقال لهم : انا حبيب بن مظاهر كيف انا فيكم ؟ فقالوا :انت شيخنا و  كبيرنا - فهو شخصية كبيره ومرموقه من بني اسد - فقال لهم جئت لكم بخير ما جاء به وافد اهلة ,جئتكم لنصرة الحسين بن فاطمة وقد حل قريب منكم 

فقام رئيسهم وهو مالك بن بشر فقال: انا اول من أجاب, فقام من بعده عده رجال يريدون نصرة الحسين وكان عددهم قرابة التسعين رجلا , فتواعدوا على ان يأتوا صباحا , ولكن هناك احد الخونة اسمه جبله بن عمر فذهب في جوف الليل الى عمر بن سعد وحكى له ما حصل فقام عمر بن سعد في نفس الوقت وبعث الى رجل يقال له الأزرق ومعه اربعمائة فارس ليذهبوا الى بني اسد  بدلالة هذا الشخص الى ان وصلوا الى نفس القوم ليجلوهم عن هذا المكان او ان يقتلوهم فاضطر بني اسد الى ان يجلو عن ذلك المكان لأنه تمت مباغتتهم , و هم الذين رجعوا لدفن الحسين و القتلى مع الحسين بعد العاشر من المحرم  

ليلة السابع من المحرم

وصل قرار جديد الى عبيد الله بن زياد انه سمع ان الحسين بن علي يحفر الابار وان وضعه جيد هناك , فاذا وصلك كتابي هذا فقطع عليهم الماء و لا تسقهم من الفرات قطرة واحده , فقبل اليوم السابع لم يكن الماء ممنوع حسب الروايات التاريخية , و بدءاً من اليوم السابع منع الماء عن ذرية رسول الله بان جعل الزبيدي عليه,  والعجيب انه كان ممن كتب الى الحسين ان اقدم فقد اينعت الثمار , فهناك قسم من الناس هكذا يتصرفون  اذا انتصر هذا الطرف فهو يعتبر نفسه معه لانه ممن طلبه واذا انكسر فانه يعلم انه لن يحاسب من قبل احد لانه ارسل رسالة سرية لا احد يعلم عنها , وهكذا الزبيدي فعل لكن عندما رأى ان الكفة في صف بني امية اندمج معهم وصار قائد لجيش جاء به الى كربلاء لقتال الحسين  ثم عينه عمر بن سعد على الشريعة ليحميها من وصول الحسين واصحابه 

ظهر السابع من المحرم 

اشتد العطش في مخيم الحسين عليه السلام فهناك أطفال ونساء عطشى فامر الحسين أبا الفضل العباس ليخرج لطلب الماء فخرج العباس ومعه ثلاثين فارسا وعشرين راجلا حسب ما ورد في بعض الروايات منهم من الهاشمين ومنهم من غير الهاشمين منهم نافع بن هلال وهذا رجل في الحقيقة عظيم رجل فذ نادر من النوادر , تعرض له الحياة فيرفضها , له مواقف كثيرة  منها موقفه مع الحسين ليلة العاشر حين كان الحسين يتفقد حول الخيم فاحس بشخص خلفه فقال : من هذا ؟ فقال: فداك نفسي انا نافع بن هلال الجملي . قال نافع: ما الذي اخرجك أبا عبدالله ؟ قال خرجت اتفقد لا يكون للقوم مامن – فهذا الحسين مخطط عسكري يتفقد حتى لا يكون احد مختبئ في جهة من الجهات عندما يحمل العسكر فيكون هذا كمين ,وهذا من جملة التفاتات الامام الحسين , واحدى التفاتاته عليه السلام ان جعل المخيم على شكل نصف دائرة وجعل خلفه خندق بعيد عن الخيام  وملئه حطب حتى اذا جاء وقت القتال فانه يملئه بالنار حتى يحمى النساء والأطفال ويكون مواجهة العدو من جهة واحده لذلك قيل له ( استعجلت بالنار قبل يوم القيامة ) فدعا عليه الحسين عليه السلام وفي نفس الوقت ذلك اللعين امتطى فرسة فعثرت به ووقع في الخندق واحترق وذهب الى لعنة الله 

الحسين من جملة تخطيطاته ان يضرم النار بالخندق فتحمي المخيم من الخلف . الحاصل ان نافع عندما خرج خلف الحسين قال له الحسين : يا نافع اترى بين الجبلين قال نافع : ما هنا قال : اسلك بين الجبلين واذهب الى اهلك ليس عليك مني دماء انت في حل مني اذهب في امان الله . قال نافع : اكلتني السباع حيا انا اتركك واذهب ! والله لو كانت الحياة لي خالدة باقية وكنت فيها مخلدا لأثرت الموت معك على الحياة . هذا موقف من مواقف التي تشهد لنافع 

وهناك موقف اخر لما ذهبوا الى طلب الماء فتقدم نافع بن هلال الجملي فسألوا من هذا الرجل : قال انا نافع بن هلال الجملي -فقد كان معروف هو وقبيلته - . قالوا له ماذا اردتم, قال : نريد ان نشرب الماء , قالوا له : اشرب هنيئا مرئيا قال: اشرب والحسين بن علي ونساءه واطفاله عطاشي حاشا لله , قالوا له : انما جعلنا هنا على المشرعة لمنع الحسين من الماء فكيف تاتي انت لذلك ؟ قال : وما جئنا الا اخذ الماء للحسين , فامر العباس الرجال الذين جاؤا معه ومعهم عشرون قربه بان ينزلوا للنهر و يملؤوا القرب بالماء , فحمل الجيش عليهم , هنا جاء دور العباس سلام الله عليه وقاتلهم قتال الابطال ثم ذهب العباس مع قرب الماء للمخيم و سقى النساء والأطفال بالماء حتى ارتووا وشرب الجميع فكانت هذه القرب كبيرة و تكفي لوقت . و لربما تخصيص يوم السابع للعباس لهذه الحادثة 

اليوم الثامن من المحرم

لم يكن هناك حدث استثنائي الا مجئ بعض الرسائل الجديدة من عبيد الله بن زياده منها رسالتين حملها شمر بن ذي الجوشن الذي وصل كربلاء في يوم الثامن وقيل اليوم التاسع . 

احدى هاتين الرسالتين هي رسالة امان للعباس بن علي بن ابي طالب واخوته عبدالله وعثمان وجعفر وهم أبناء ام البنين وكان هذا الأمان بسبب القبليات والعشائر يريدون بهذه الطريقة ان يبعدوا العباس واخوته عن الحسين فيجعلون الحسين بهذا مفردا ومن المعلوم ان العباس رفض كتابهم . 

الكتاب الثاني كان الى عمر بن سعد جاء فيها :اني لم ارسلك للحسين حتى تمنيه السلامة وتقاوله وتتحدث معه -حيث كان كل ليلة يجالسه ولا يبدوا عليه نية الحرب - ان نزل الحسين على طاعة يزيد فذلك المراد والا فحمل عليه واذا قتلته فأوطئ الخيل صدره وظهره واعلم ان ذلك لا يضره ولكن لحاجة في نفسي أي ليشبع شهوة إجرامية في نفسه ولقول قد قلته من قبل 

عندما وصلت هذه الرسالة صلى الجميع صلاة  العصر من يوم التاسع من المحرم و اخذ الحسين غفوة , هنا بدأت طبول الحرب تدق وتحرك الجيش الاموي كله في حركة بسيطة نحو الحسين إشارة الى ان القتال سيبدأ بعد قليل فنبهته العقيلة زينب مخبرة إياه أبا عبدالله أراقد انت وقد بدا الجيش يتحرك فقام الحسين وقال للعباس اخي ابي الفضل اسالهم مالذي حركهم وماذا يريدون ؟ فذهب العباس لهم فقالوا له : كتاب وصلنا اما ان تسلموا لحكم يزيد او نناجزكم القتال الان قال امهلوني ريثما اخبر اخي الحسين وارجع اليكم , فذهب للحسين و اخبره بما قالوا, فقال له الحسين عليه السلام: سلهم ان يمهلونا سواد هذه الليلة حتى نصلي لربنا ونقرا القران فانه يعلم اني احب الصلاة وقراءة القران- أي نتودع من الصلاة والقران -وذهب ابي الفضل بالفعل و سالهم ذلك فبعضهم قبل وبعضهم لم يقبل وقالوا لابد ان نحمل عليهم ونجتاحهم ونقتلهم قال احدهم : ويحكم لو كانوا من الترك او الديلم من الكفار وسألوكم لتركتموهم فكيف وهم من انتم تعلمون ان فيهم نساء وأطفال و الوقت ليل فيه وحشه فكيف اذا صار فيه قتال الا لعنة الله على الظالمين , 

أبا الفضل كان صاحب المهمات الصعبة فقد تولى مسؤولية جلب الماء ليرتوي الأطفال والفاطميات وفعلا روّى قلوبهم من الماء الذي جاء به,  وفي ليلة التاسع يذهب و يرجع العباس باطمئنان الى العقيلة زينب من الشريعة مع ان العقيلة زينب وجلت ليلة التاسع عندما شاهدت هذا الجيش كله يريد ان يهجم على ذلك المخيم وهي معها هذه المجموعة الكبيرة من النساء والأطفال لذلك بمجرد ان تحرك الجيش عصرا قامت و أيقظت الحسين ويعز عليها ان توقظه من رقدته , ينقل انه في أيام شباب الحسين عندما نام الحسين واشرقت الشمس على وجهه وقفت السيدة زينب في الشمس تظلله بيديها حتى لا يتعكر صفو نومه ولكي لا يشعر بالتعب و الان هي توقظه لان الوضع خطر , فذهب العباس الى القوم ورجع بالاطمئنان والراحة والهدوء الى زينب ولسان حاله يقول: يا زينب اطمئني انت الليلة تباتين في حماية اخوانك واهل بيتك ,

 لكن مرة أخرى خرج العباس في يوم عاشوراء فما رجع بالماء و ما رجع  بالاطمئنان وما رجع أصلا الى المخيم وانما رجع الحسين يكفكف دموعه بكمه بعدما صرع العباس على شط الفرات 

نسالك اللهم وندعوك باسمك العظيم الأعظم الاعز الاجل الاكرم يا الله اغفر لنا ذنوبنا و كفّر عنا سيئاتنا , امنا في اوطانا ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا ولا تفرق بيننا وبين محمد وال محمد طرفة عين ابدا بحق محمد واله


مرات العرض: 5717
المدة: 00:56:52
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (4463) حجم الملف: 6.51 MB
تشغيل:

حركة الامام الحسين عليه السلام من مكة الى العراق
الهاشميون الشهداء في كربلاء