.
بل غير ذلك من الخصائص التي يشير إليها الامام في نهج البلاغة في كتابه لمعاوية بن أبي سفيان ، إشارة عابرة ولكنها ذات معنى ! يقول لمعاوية في كتابه :ألا تتأمل في هذا المعنى : أن المهاجرين والأنصار ضحوا في سبيل الله ، قاتلوا ،قتلوا ، استشهدوا في سبيل الله ولهم فضلهم وعلى الله إكرامهم، حتى إذا استشهد شهيدنا أي أهل البيت ويقصد بذلك حمزة ..قيل له سيد الشهداء هؤلاء قاتلوا وهذا قاتل ..فكيف هذا صار سيد الشهداء والباقين صاروا من عامة الشهداء ؟ مرة أخرى مع الأنصار والمهاجرين الذين فقدوا أيديهم في القتال، لكل منهم فضله ..حتى إذا فعل بأحدنا وهو جعفر ابن أبي طالب..قيل الطيار في الجنة وذو الجناحين ..أنت لا تتأمل إلى هذا المعنى أن هناك خصوصية ولهم خصائص الولاية وفيهم الوصية والوراثة ..بل لو لا خوف الإمام من أن يقال أنه يزكي نفسه ، و ولولا نهي الله عن تزكية المرء نفسه ..لما قال يا أيها الذين آمنوا لا تزكوا أنفسكم بل الله يزكيكم ..لولا هذا النهي لذكر ذاكر ..يعني هو
لذكر ذاكر فضائل جمة تقبلها قلوب المؤمنين ولا تمجها أسماع السامعين وهي فضائله ومناقبه وسابقته !
أهل بيت النبوة هم عيش العلم ، وموت الجهل ينبيكم ظاهرهم عما لديهم من علم في باطنهم ، لقد جرب يحيى ابن أكثم أن يسبح في بحر الإمام الجواد مرة فكاد أن يغرق !عندما سأله مسألة واحدة : ما تقول في محرم قتل صيدا ..الإمام فرع له وشقق له أكثر من اثنين وعشرين فرعا من هذه المسألة فقال الإمام أبو جعفر عليه السلام : قتله في حل أم حرم ، عالما أو جاهلا ، عمد أو خطأ ، عبدا أو حرا ، صغيرا أو كبيرا ، مبدءا أو معيدا ، من ذوات الطير أو غيره من صغار الطير أو كباره . مصرا أو نادما ، بالليل في أوكارها أو بالنهار وعيانا ، محرما للحج أو للعمرة ؟ قال : فانقطع يحيى انقطاعا لم يخف على أحد من أهل المجلس انقطاعه وتحير الناس عجبا من جواب أبي جعفر عليه السلام .
لم تكن وصية النبي أمته بالثقلين ، الكتاب والعترة ، عبثا ولا مجاملة ، ( إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبدا ) هذه القضية قضية شرطية لها منطوق و مفهوم :ما إن تمسكتم لن تضلوا ..هذا منطوقها .و مفهومها : إن لم تتمسكوا ستضلون وتتيهون مهما اتبعتم غيرهم ، إذ دلالة الشرطية على الانحصار مما لا ينكر .
الأمة مأمورة بإتباعهم والإقتداء بمنهجهم ، ولكن مع الأسف ضيعت هذه الأمة حظها و غفلت عن نصيبها ، وهي تدفع اليوم ـ كما في السابق ـ وستدفع في المستقبل تدفع الضريبة من دمها ،من عرقها ،من تأخرها ،من مالها ما لم تغير المنهج .
لقد كانت نبوءة صادقة من الصديقة الزهراء عليها السلام بنت الصادق القول ، عندما قالت : أما لعمري لقد لقحت فنظرة ريثما تنتج ، ثم احتلبوا ملء القعب دما عبيطا وذعافا مبيدا ، هنالك يخسر المبطلون ، ويعرف التالون ، غب ما أسس الأولون ثم طيبوا عن دنياكم أنفسا ، واطمئنوا للفتنة جأشا ، وأبشروا بسيف صارم وسطوة معتد غاشم ، وبهرج شامل ، واستبداد من الظالمين ، يدع فيئكم زهيدا وجمعكم حصيدا ، فيا حسرة لكم ، وأنى بكم ، وقد عميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون ) .





