شيء من سيرة أم البنين الكلابية
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 13/6/1441 هـ
تعريف:

 

شيء من سيرة ام البنين الكلابية

كتابة الفاضلة سلمى ياسين بوخمسين

هناك فكرتان حول تاريخ ولادة السيدة الجليلة ام البنين بنت حزام الكلابية يتبناهما المؤرخون لشئون حياتها ومكانتها عند الله ورسوله واله الاطهار 

فهناك من يرى ان ولادة ام البنين كانت قبل هجرة رسول الله صل الله عليه واله بخمس سنوات وانها بالتالي تزوجت امير المؤمنين عليه السلام بعد شهادة سيدتنا الزهراء سلام الله عليها في سنة اثني عشر للهجرة في ذلك الوقت يفترض ان يكون عمرها عند زواجها من امير المؤمنين علي ابن ابي طالب في حدود 17 سنة والى هذا الكلام يذهب المحقق الشيخ الكرباسي صاحب دائرة المعرف الحسينينة وهي موسوعة حول الحسين واصحابه وقضايا كربلاء ويفترض انها تصل الى 900 مجلد الى الان صدر منها  تقريبا 120 مجلد والرجل القائم عليها عالم باحث وهذا رائيه ينتهي الى ان ولادتها قبل هجرة النبي بخمس سنين وانها تزوجت امير المؤمنين حدود 12 هجري ، وهناك راي اخر يعكس المسائلة ويقول ان ولادتها كانت بعد الهجرة بخمس سنوات أي انها مقاربه لعمر السيدة زينب سلام الله عليها التي كان تاريخ ولادتها في الخامسة بعد الهجرة وانها تزوجت بناءا على هذه الفكرة بتاريخ 24 للهجرة وعاشت مع الامام على التقديرين والنظريتين الى شهادته ثم بعد شهادته بقيت الى شهادة الامام الحسين على الراي المختار وتوفيت بعد الامام الحسين بسنتين او سنتين ونصف .

الى الراي الثاني ذهب صاحب كتاب ام البنين سيدة نساء العرب السيد السويج وفي رأينا الراي الثاني هو الأقرب للقبول حسب القرائن التاريخية لأننا عندما نأخذ الراي الأول وهو القائل بان زواجها بأمير المؤمنين كان في سنة 12 هجري وان ولادة ابي الفضل العباس وهو كبير ابناءها كان في حدود سنة 27 هجري فمعنى ذلك انها بقيت من سنة 12 الى سنة  27  لم تنجب وهذا امر غير معتاد وغير طبيعي لاسيما ان امير المؤمنين عليه السلام حسب القول المعروف( لتلد لي غلاما ناصرا لولدي الحسين في كربلاء ) كان الزواج من اجل تحصيل الولد او الأولاد المدافعين عن الامام الحسين فالصبر عن هذا مدة 15 سنة امر غير متعارف الا اذا قيل ان هذا تقدير الهي وهذا يحتاج الى شيء من التكلف في التفسير 

اما اذا قلنا بالنظرية الثانية وهي انها ولدة سنة خمس بعد الهجرة وتزوجت في حدود 25 او 26 هجري ففي ذلك الوقت كان عمرها 19 او 20 سنة وانجبت بعد سنة او سنتين أبا الفضل العباس هذا امر طبيعي لذلك نعتقد ان الراي الثاني هو الصحيح.

والراي الشائع الذي ينقل عن احد النسابة وهو السيد ابن عنبه الحسني الداوودي لديه كتاب في الانساب يذكر فيه قضية ان امير المؤمنين عليه السلام طلب من أخيه عقيل ان يخطب له امرأة ولدتها الفحولة من العرب وهذا اول نص تقريبا تلقوه العلماء بالقبول.

وهناك نص اخر ينقل عن بعض الكتب في قضية كربلاء ان زهير ابن القين حينما جاء شمر بن ذي الجوشن ليعرض الأمان على ابي الفضل العباس حدثه بحديث عقيل وامير المؤمنين عليه السلام، فاذا كان هذا النقل الثاني تاما فيكون اسبق مما ذكره ذلك النسابة.

هنا يأتي سؤال يثيره البعض الا نعتقد ان امير المؤمنين هو اعلم الناس بعد رسول الله فكيف يذهب ويسأل اخاه عقيل والجواب ان الائمة سلام الله عليهم يريدون ان يعلموا الناس مشهد المشاورة والرجوع للمتخصص.

وهذا ما حدث مع امير المؤمنين عليه السلام عندما جرح ليلة 19 من رمضان وبات ليلة 21 وقد سرى السم في بدنه طلب ان يؤتى له بهاني ابن الاثير السكوني وهو أبرز المتطببين وهو طبيب جراح حسب المصطلح المعاصر فجاء هذا الرجل وفحص الامام وقال ما قال فهل نعتقد ان هاني السكوني اعلم من الامام فهذا درس للناس بان من الضروري اللجوء للمتخصص في أمور الحياة.

 الانساب أيضا علم من علوم الحياة فكان عقيل اعلم قريش بأنساب العرب وبمثالب قريش 

ولهذا عقيل تعرض لحملة مضادة من قبل القرشيين لتشويه سمعته ومواقفه فهناك روايات تبين انه لم يكن مع أخيه علي ابن ابي طالب وكان معارض له ويتضايق من شدة امير المؤمنين علي وما الى ذلك وكما يقول المحققون ان هذه الروايات لا اصل لها وانما وضعت لتشويه سمعته 

واضف الى اللجوء للمتخصص هناك أيضا المشاورة فلابد ان يتعلم الانسان مشاورة الاخرين (ما تشاور قوما الا هدوا الى رشدهم) 

فمتى ما أراد الشاب او الشابة الزواج من الصواب التشاور والتفاهم مع ذويهم والاستماع الى الراي الاخر (الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه) فمن الخطأ الاستبداد بالرأي.

فالأمام يريد ان يوجهنا الى ثلاث أمور مهمة: 

أولا / الرجوع للمختص 

ثانيا / المشاورة 

ثالثا / ريد ان يبين للناس فضل هذه المرأة التي ستنجب له  من ينصر ولده فالناس لم يكونوا يعرفون فضلها ومكانتها ، فبناءا على هذا تكلم الامام مع عقيل وعندها ابدأ الامام موافقته .

لماذا نركز نحن على قضية ام البنين وعلى أهمية ذكراها فقسم من الناس يقولون الا يكفي 14 معصوم فلماذا تزيدون عليهم من عامة الناس؟ 

الجواب عليه ان المعصومين مكانتهم مميزة ولكن حاجة الناس تشتد الى مشاعر دين الله والى الشخصيات الايمانية فكلما زادت هذه الشخصيات أصبح الناس أكثر التصاقا وتأثرا بالدين فلو أردنا مثلا لذلك سنقول لماذا يوجد مسجد وحسينية ومركز إسلامي في كل حارة صغيرة الا يكفي مسجد كبير او حسينية يجتمع فيه المصلين من الحارات المحيطة به والجواب انه مطلوب التكثير من المواقع الايمانية مسجد وحسينية ومركز إسلامي فيرتفع التوجه  الايماني لدى الناس في كل مكان لاسيما ان الهجمة على المجتمع المسلم هجمة كبيرة والتحديات تحيط المجتمع الايماني من كل مكان ليصل حتى داخل المنازل عبر الأجهزة في ايدي الأبناء وغيرها من وسائل متعددة.

فلابد من تقديم قدوات كثيرة وأساليب مختلفة فلا يوجد مشكلة حينما يتخذ  قسم من الناس السيدة خديجة قدوة لهم ويتوسلون بها وغيرهم بأم البنين او بشهداء كربلاء فوجود شخصيات ايمانية غير المعصومين ضروري للارتباط الايماني واصبح المجتمع اكثر التصاق بالله والدين .

الامام الصادق عليه السلام يقول لاحدهم قال له انا لدي حاجة وكلما دعوة لها تعطلت فأجابه الامام أ تذهب الى مكة فقال له نعم فقال له الامام قم بأداء طواف واهدي ثوابه  لعبد المطلب جد الرسول واخر لأمنة بنت وهب وثالث لفاطمة بنت اسد وهؤلاء جميعا غير معصومين ولكن الامام يريد ان يربط السائل بهذه الشخصيات العظيمة وهي من وسائل ووسائط المؤمنين بالله عز وجل .

فام البنين عندما تكرم وتذكر في يوم وفاتها فهذا له أثر في نفوس المؤمنين هذا أولا وثانيا ام البنين من التجارب النادرة في تاريخ العرب والمسلمين فأحد الأمور المهمة في سيرة ام البنين أسلوب تعاملها مع أبناء زوجها من امرأة أخرى وحبها لهم وتفانيها في خدمتهم فهذا نموذج مثالي جدا كما ان تضحية امرأة تقدم 4 من ابناءها فداء لأبناء زوجها هذا شيء غير عادي وهذا تجربة مميزة للناس فهي منذوا ان انجبت ابناءها ربتهم على طاعة اخوتهم واتباعهم الى درجة التضحية بالنفس والشهادة في سبيل قضيتهم.

كما ان علاقتها بالسيدة زينب كانت مميزة فكما ينقل ان السيدة زينب كانت تزور ام البنين في بيتها وبقيت علاقتهم قوية الى ان فارقتا الحياة.

فنحن امام شخصية فذة تستلزم اتخاذها قدوة فلا يكفي ان نعمل سفرة لام البنين وفي نفس الوقت تكون العلاقة بين الاخوة من الاب غير سوية.

كما ذكر العلماء اننا نستفيد من معرفة مقام ام البنين وغيرها من النساء والرجال بمقدار ما يستجيب الله سبحانه وتعالى بمن نتوسل بهم فحينما نتوسل بباب من أبواب إجابة الله لابد ان نتخذهم قدوة ومثل اعلى في سلوكياتنا وحياتنا الاجتماعية والفردية 

فحينما نريد ان نتوسل الى الله نبتدأ بأعظم خلقه رسول الله صل الله عليه واله الاطهار ومن بعده الائمة المعصومين والانبياء وبعد ذلك لدينا عباده المؤمنين الصالحين ومن بينهم ام البنين ..



مرات العرض: 3410
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2575) حجم الملف: 51463.84 KB
تشغيل:

ابن الزبير وأزمة نظرية مدرسة الخلفاء 26
حركة المختار الثقفي من البداية إلى مقتله 28