سيرة الامام الحسن المجتبى عليه السلام
كتابة الأخت الفاضلة فاطمة
نتحدث في هذه الليلة عن مرورا إجمالي لسيرة الإمام الحسن بن علي المجتبى صلوات الله وسلامه عليه المعروف الذي يكاد أن يكون عليه شبه الاتفاق هو أن الإمام الحسن عليه السلام قد ولد في النصف من شهر رمضان في السنة الثالثة للهجرة بعدما تزوج علي عليه السلام فاطمة في شهر ذي الحجة من السنة الثانية للهجرة وكانت ثمرة هذا الزواج المبارك هذا المولود الكريم وهو أول بدرا يشرق في هذا الأفق العلوي الفاطمي
هنا يوجد كلام بين المؤرخين هل إن الإمام الحسن عليه السلام هو الذي ولد لستة أشهر أو أنه الإمام الحسين الأكثر على أن الإمام الحسين هو الذي ولد لستة أشهر وشبهه بعضهم في هذا بيحيى ابن زكريا وكأنما في المبدأ والمنتهى كان هناك تشابه بين الحسين وبين يحيى فقد استشهد الحسين بالقتل واستشهد يحيى أيضا بالقتل على يدي طاغوتي زمانهما وتشابه بناء على هذا الرأي في المبدأ فيهما حيث إن الحسين ولد ستة أشهر ويحيى ولد لستة أشهر وهو أقل مدة الحمل غير أن فريق آخر من المؤرخين يقولون إن من الثابت إن الحسن ولد في النصف من شهر رمضان وأن الحسين ولد في الثالث من شعبان ويذكر المؤرخون أن بين الحسن والحسين كانت مدة طهرا لو حسبنا شهرا ثم علقت فاطمة بالحسين فإن مدة الستة أشهر لا تنسجم مع هذين التاريخين الحسن ولد في النصف من شهر رمضان لو فرضنا مدة طهرا أي شهرا أخر يكون النصف من شوال فإذا حسبنا ستة أشهر كان يفترض أن يولد الحسين بحوالي ربيع الأول أو ربيع الآخر غير أنه ثابت أن ولادة في الثالث من شعبان
لذلك ذهب هؤلاء المحققون إلى أن الذي ولد لستة أشهر هو الإمام الحسن المجتبى صلوات الله وسلامه عليه وولادة في النصف من رمضان ولا مانع أن تكون بعد مدة من زواج الإمام بفاطمة عليهما السلام أن تعلق فاطمة بالحسن بعد عدة أشهر وعلي أي حال أيما كان فأنه لما ولد الإمام الحسن فرح به علي وفاطمة فرحا كبيرا باعتبار أنه هو الأول وعادة أي أسرة جديدة تسر كثيرا بمجيء المولود الأول فيها فأخذه علي عليه السلام إلى جده رسول الله صل الله عليه وآله لكي يسميه ويجري عليه سنن المواليد الجدد النبي صل الله عليه وآله رأى أنه قد لف في قماشه صفراء فقال ألم أعهد إليكم أن لا تلفوا الوليد في خرقة صفراء فلفوه بقماش أبيض هنا يذكر بعض المحللين أن للألوان آثار معينة على الطفل في صغره وأن أفضل الآثار هي تلك التي يخلفها اللون الأبيض وإذا صح هذا الكلام فإن توجيه النبي صل الله عليه وآله أن يلف بالبياض دون الأصفر يكون ملاحظا هذه الجهات ولذلك ينبغي أن يلف الطفل في الأبيض في أيامه الأولى ثم سأل النبي علي هل سميته ؟ فقال ما كنت لأسبقك يا رسول الله باسمه أن أتيمن بأن تكون تسميته على يدك وأنت والده الأكبر أنت جده لأمة فقال وأنا ما كنت لأسبق ربي في تسميته فنزل جبرائيل كما في الرواية فقال لرسول الله يا رسول الله سمه باسم أحد أبني هارون شبر هذا الاسم معقول ولكن رسول الله صل الله عليه وآله كما في الرواية قال إن لساني عربي وهنا يمكن الإشارة إلى جهة وهي أن من مسؤولية الأب ومن حق الابن علي أبيه أن يختار له اسما مناسبا ضمن البيئة التي يعيش فيها هذا الإنسان حتى لو كان الاسم في نفسه اسما جيدا ولكن ينبغي أن ينظر أيضا إلى الأفق الاجتماعي الذي يعيش فيه هذا الإنسان لو فرضنا مثلا أن أحدا من العرب المسلمين سمى ولده مثلا جوزيف أو جسس مثلا هذه أسماء لأنبياء ولكن بلغات أخرى باللغة الإنجليزية أسماء يوسف وأسماء عيسى ابن مريم ولكن هذا الاسم وأن كان نبيا مقدسا ولكنه لا يناسب البيئة الاجتماعية التي يعيش فيها هذا الطفل وهي بيئة إسلامية عربية كأن الرسول صل الله عليه وآله يشير إلى هذا المعنى ولو أن شبر هو اسم ابن نبي من الأنبياء إلا أنه غير معهود في البيئة العربية فلربما سبب نبز أو لمزا أو سخرية بهذا الولد على أثر تسمية باسم غريب أو غير معروف قال إن لساني عربي فجاء جبرائيل مرة أخرى وقال إن ربك يقول لك سمه الحسن فكان هذا الاسم هدية الله سبحانه وتعالى إلى الحسن المجتبى إلى هذا المولود المبارك
بقي الحسن عليه السلام مع جده المصطفى مدة سبع سنوات لأنه النبي توفي في السنة العاشرة بينما ولد الحسن في السنة الثالثة للهجرة ويكون مجموع المدة التي قضاها مع جده رسول الله سبع سنوات أحاطه النبي في خلال هذه الفترة بشيء كثيرا من الرعاية والعناية أحاطه بالمحبة من أجل الإشباع العاطفي فكان يتحدث دائما عن أنه يحبه اللهم أني أحبه فأحببه وأحبب من يحبه يعني يدعوا الله أن يحب من يحب الحسن وأخاه الإمام الحسين ونحن الآن حديثنا حول الحسن خاصة حتى لقد أثر عنه قوله صلوات الله وسلامه عليه وأشار إليهما إلى الحسنين من أحب هذين وأبهما وأمهما كان معي في درجتي في الجنة اللهم أنا نشهدك أن نحب الحسن والحسين وأبهما وأمهما وجدهما فأكتب لنا هذا الشهادة عندك حتى نلقاك فكان يظهر النبي صل الله عليه وآله محبة للحسن هذه يؤدي أكثر من غرض أحد الأغراض يشير إلى منزلة الحسن عند جده رسول الله
عندما يوجه الناس إلى منزلة الحسن وقدره وشأنه يبن لهما أن له منزلة عند جده المصطفى فمن أراد أن يتقرب إلى النبي فليعظم منزلة الحسن وأيضا فأنه يشير إلى المستقبل أن هذا سيكون إماما مفترض الطاعة ولذلك مع أنه في ذلك الوقت عندما قال النبي هذه الكلمات كان صغير السن ربما لما قال النبي الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ربما كان أحدهما عمره خمس سنوات والآخر ستة سنوات أو دون ذلك عندما قال الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا ربما كانوا في هذا السن ولكن يريد أن يتحدث عن المستقبل حتى يمهد لناس طريق الاقتداء والتأسي والإيمان بالحسنين كإمامين وأيضا يريد أن يبن لنا أسلوبا في تربية أولادنا
عندما كان الحسن يقدم إلى داخل المسجد وهو في ذلك السن كما قلت ربما أربع سنوات أو خمس سنوات أو دون ذلك أو أكثر كان النبي ينزل من المنبر ويمشي إليه ويحمله ويصعد به على المنبر هذا أين وأن يقوم شخص مثلا بالصراخ على ولده إذا دخل المسجد أن أخرج أو أذهب إلى البيت أو لا تأتي هذا أين هذا الأسلوب وذاك الأسلوب والمنهج أين عندما كان النبي يسجد أحيانا يصادف أن الحسن يأتي وهو لا يزال صغير السن فيصعد على ظهر النبي وهو ساجد كما يفعل الأطفال حدث هذا فأطال النبي في السجود فظن من خلفه من المصلين أن الوحي قد نزل على رسول الله وكان إذا نزل الوحي على رسول الله توجه اهتمامه بالكامل إليه أن سنلقي عليك قولا ثقيلا
فتصور أن النبي توجه بالكامل إلى الوحي إلهي النازل عليه وتأخر في السجود على أثر ذلك فلما سألوه بعد الصلاة قال لا إن أبني الحسن أرتحلني يعني جعلني راحلة راكب على ظهري فكرهت أن أعجله لم أستعجل عليه جعلته يرتاح بالمقدار الذي لا يخل بالصلاة وفي نفس الوقت يراعي جانب هذا الولد وهذا يعلمنا طريقة ومنهج في التربية
لقد رأيت أناس لا يجالسون أبنائهم الصغار على المائدة يقول لك لماذا ؟ لأنه هذا هو نجس من أين النجاسة فيبدأ يفصل لك هذا عندما دخل إلى الحمام ربما لم يطهر يشكلا جيد فلما وضع يده في فمه تنجس فمه ولما وضع يده مرة أخرى في الطعام تنجس يده والطعام وإذا وضع يده مرة ثالثة في الطعام تنجس وأنا لا أكل من الطعام النجس هذه الطريقة ليست موافقة للمنهج النبوي
المنهج النبوي يحتفي بالأطفال ويعظم شأنهم ويراعي جانبهم حتى ينشأ تنشئته في شخصية كاملة قوية متعادلة ليست شخصية منتهرة دائمة ومحرجة دائمة ويتهجم عليها في غالب الأحيان
فبقي الإمام الحسن عليه السلام مع جده المصطفى في هذه الفترات وربما أخذه بأمر الله تعالى إلى مواضع لا يشهدها إلا الكبار كما في قضية المباهلة فمن حاجك فيه من بعدما جاءك من العلم فقل تعالوا ند ع أبناءنا ا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين
فجاء بأبنائه الحسن والحسين وكان في ذلك الوقت ربما في سن الخامسة أو السادسة أو دون ذلك لكن هذا الموقف هذا المشهد يشهد حضورا الحسنين وهذا كان له تأثيرا كبيرا على النصارى القادمين حتى لما رأى رئيسهم أن النبي قد جاء بأهل بيته سأل من هؤلاء قالوا له هذا عليا صهره على ابنته وتلك ابنته فاطمة الزهراء وأولئك أبنائه منها أسباطه منها فقال لهم أن جاء بأهله وخاصة فلا تباهلوهم فرجع وقبل أن يدفع الجزية للمسلمين
في موضع أخر عندما أراد النبي أن يكتب كتابا لثقيف هذه مثل المعاهدة بين دولتين بين قوتين بين مجموعتين تحتاج إلى شهود عليها على مستوى من النضج ولكن جعل من ضمن الشهود الحسن ابن علي عليه السلام وهو في ذلك الوقت أقل من سبع سنوات عمره الشريف كل هذا حتى يبن أن لنا طريقة ومنهج في التعامل مع الأطفال وتربية هؤلاء الأولاد
لما توفي النبي صل الله عليه وآله بدأ الحسن في أيام أبيه المرتضى التي استمرت مدة ثلاثين سنة وشهد الحسن الأحداث التي جرت بعد وفاة رسول الله شهد ما حدث في بيت أبيه المرتضى صلوات الله وسلامه عليه
شهد خطبة أمه الزهراء . شهد هذا التغير الذي حصل لوصية رسول الله صل الله عليه وآله وجاء في اليوم التالي إلى المسجد وكان قد تعود على الذهاب إلى مسجد رسول الله لصلاة فيه فإذا به يرى أبا بكر على منبر رسول الله صل الله عليه وآله فتقدم إلى أن وصل قريب المنبر وهو في ذلك العمر المبكر فقال لأبي بكر أنزل عن منبر أبي وأذهب إلى منبر أبيك هذا الموقع هذا المنصب هذا المنبر هو لأبي هو لجدي وليس لأحد غيرهما فقال أبو بكر بلى إنه لمنبر أبيك لا ننازعك فيه يقصد رسول الله صل الله عليه وآله وآن الحق أن يقول إنه لمنبر أبيك على ابن أبي طالب أيضا
فبقي في هذه الفترة يأخذ عن أبيه المرتضى العلم والمعرفة ويشهد ما الذي آل إليه وضع المسلمين إلى أن انتهت أيام الخليفة الأول وصاروا في أيام الخليفة الثاني وكان لا يزال ملتصق بأبيه يأخذ عنه علمه ولذلك حق لأمير المؤمنين عليه السلام أن يقول في حق ولده الحسن على أثر تلك التربية قال وجدتك بعضي بل وجدتك كلي يعني أنت يا بني يا حسن تمثلني في كل شي تمثل علمي ومعرفتي وإمامتي وامتدادا لي أنت يا حسن ليس بعضي كما هي حال الناس العاديين بحيث يكون ولدهم بعضهم وفلذة منهم وقطعة منهم وإنما أنت تمثلني أنت كلي أنت شخصيتي أنت وجودي ولذلك فأنه كان حتى في تلك الفترات المبكرة من شبابه كان الإمام علي عليه السلام يحيل إليه الأسئلة التي تعجز عنها الخلافة ويحجم عنها الفقهاء كان ملك الروم ربما بعث بأسئلة تحدي للمسلمين أين يوجهه إلى المدينة كان بعض المسلمين ممن يستصعب عليهم بعض المسائل يأتون إلى المدينة فيسألون الجهاز الرسمي جهاز الخلافة عن مسائلهم لم يكونوا يجدون جوابا يرشدون إلى علي ابن أبي طالب عليه السلام وارث علم النبوة فيحولهم الإمام أمير المؤمنين عليه السلام إلى أبنه الحسن وكم أجاب الإمام الحسن عن مسائل في العقائد والتوحيد وعن مسائل في الفقه وعن مسائل في الأخلاق ذكرها المؤلفون ولا مجال لتعرض عليها لكي لا يطول المقام عنها غرضنا هو المرور العابر على محطات من حياة الإمام الحسن عليه السلام
فكان الإمام ظل أبيه وكان مع أبيه علي عليه السلام في قضاياه المختلفة إلى أصابت أيام الخليفة الثالث هنا يذكر المؤرخون أن الحسن والحسين كان من ضمن الأشخاص الذين دافعوا عن الخليفة الثالث لكي لا يقتل
هذا الأمر هو الذي حدا ببعض المؤلفين المتأخرين أن يقولوا كلاما ليس له سند تاريخيا وهو أن الحسن كان عثماني الهوى يعني لم يكن على منهج أبيه المرتضى وإنما كان على منهج عثمان ابن عفان
لنقف أمام هذه القضية لأنها تتكرر في كلمات بعض المؤلفين المخالفين لمنهج أهل البيت عليهم السلام
أولا : بالنسبة لدفاع الحسنين عن بيت عثمان لو تحققت الرواية التاريخية في ذلك يعني لو صحة فأنه يمكن توجيهها بعدة توجيهات التوجيه الأول : إن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام كان يلاحظ حال الأمة عموما ولم يكن يريد أن تصل الأمور بين الثائرين على عثمان وهم أكثرية المسلمين وبين عثمان ابن عفان أن تصل الأمور إلى حد القتل
أنت أيها الخليفة عندك مشاكل حاول أن تحلها بالنحو الأحسن وأنت تستطيع أن تخمد هذه الثورة من خلال قيامك بتلك الإصلاحات التي يطالب بها هؤلاء الثائرون وأنتم أيها الثوار لا ينبغي لكم أن تتعجلوا إلى سفك الدماء والقتل فكان الإمام أمير المؤمنين عليه السلام يريد حل لا ينتهي إلى القتل وإلى سفك الدماء بحيث يؤمن مطالب المعترضين على الخليفة وفي ذلك صلاح الأمة عموما وألا ينتهي إلى قتل الخليفة الإمام ليس متعطش لدماء لا يريد القتل الإمام داعية سلام الإمام داعية إصلاح الإمام داعية الرفق فلم يكن يريد ذلك هذا توجيه ينتهي إلى أنه بعث ولديه الحسنين لكي يمنعوا الوصول إلى مرحلة القتل هذا التوجيه الأول
التوجيه الثاني : إنه حتى إذا لم يستطع الإمام أن يمنع القتل نظر لأنه الفئة المعترضة على الخليفة كان عددها كبيرا وكانت متحمسة لأن تنهي الأمر لكن هذا الرجل عنده نساء عنده أطفال عند حرمة بيت والأئمة هم حفاظ القيم الأئمة هم حفاظ الأعراض الأئمة هم المحافظون على الأخلاقيات صحيح ربما تجر القضية من الناحية السياسية في ذلك الأمر لكن ما شأن بيته وما شأن نسائه ؟ ما شأن أطفاله وأولاده نحن وجدنا هذا في حياة بقية الأئمة هذا لما ثاروا أهل المدينة على مروان ابن الحكم وهرب مروان ابن الحكم من أهل المدينة وكادوا أن يفتكوا به ضم مروان ابن الحكم وهو معادي لأهل البيت ضم أهل بيته إلى زين العادين عليه السلام لماذا؟ لأنه يعرف أن هؤلاء ليس أهل أحقاد وليس أهل انتقام وإنما هم أهل الحفاظ على القيم والأخلاقيات فحافظ الإمام زين العابدين على عيال مروان ابن الحكم ومروان هو المعروف الذي سجر الحروب في وجه علي ابن أبي طالب والحسن سلام الله عليهم وكان معاديا على الدوام لكن هذا منهج أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم بل هو يقول الإمام علي ابن الحسين يقول لو ائتمنني قاتل أبي علي سفه لرددته إليه يعني أحافظ عليه وأرجع إليه نحن أناس قيم وأخلاقيات وليس أهل انتقام ولا أحقاد لو صحة الرواية التي تقول بدفاع الحسن والحسين عليهما السلام عن الخليفة الثالث فيمكن توجيهها بالتوجيه الأول أو التوجيه الثاني
إذا تقول الذي يدافع عن الخليفة الثالث عثمان عثماني الهوى لماذا لم تقل في الحسين أيضا المعلوم أن هم الحسن والحسين وقفا مدافعين وبعضهم قال بعض أصحاب علي أيضا لكن هي كما يقولون شمشمة نعرفها من أجزم
هذا من ضمن التوجيه الأموي الذي كان يريد إفقاد الإمام الحسن منزلة وموقعه بين شيعة أبيه كان يقول هذا أموي الهوى هذا عثماني الهوى إلى غير ذلك وإلا الإمام علي يقول في ولده وجدتك كلي إذا على ابن أبي طالب عثماني الهوى فالحسن عثماني الهوى والحسن يقول في أبيه لقد قتل اليوم في تأبينه لأبيه
لقد قتل اليوم رجلا لم يسبقه الأولون بعمل ولا يدركه الآخرون بعمل
هذا الذي يقول في والده هكذا يترك منهجه ويذهب لمنهج زيد وعبيد هذا كلام كما قلت بدأ به الأمويون السابقون ولحقهم بعض المؤرخين والكتاب المتأخرون في هذا الأمر
بقي الإمام الحسن عليه السلام مع أبيه هناك كلام هل إن الإمام الحسن أشترك في بعض الفتوحات الإسلامية أو لم يشترك ؟
ذكر بعض المؤرخين مثل أبن خلدون أن الجيش الذي جهزه عمر ابن الخطاب إلى غزو بعض المناطق التابعة لدولة الفارسية كان يشتمل على مجموعة من الناس مثل عبد الله ابن عباس والحسن ابن علي والحسين ابن علي
هل شارك الحسن في هذه الفتوحات أو لا ؟
أيضا هناك رأيان تاريخيان الرأي الأول : يعتمد على هذا المعنى ويقول الحسن بالفعل اشترك ما هو توجيه ذلك يقول الأئمة طبيعتهم لا يأخذون الأمور من خلال منطلقات شخصية مثلما أن الإمام علي عليه السلام وهو الذي أخذت منه الخلافة والإمامة قد شارك في دعم الحالة الإسلامية في بيان الأحكام الشرعية بالإجابة في استشاراته المختلفة أجاب الخليفة الثاني عدة مرات وأشار عليه بما هو الصلاح وأجاب على الأسئلة والتحديات لأنه خارج عن المنطلقات الذاتية ولا يريد الانتقام لنفسه وإنما يريد كما قال فلسالمن ما سلمت أمور المسلمين هم لا يتحركون من مواقع الانفعال والتأثر العاطفي ويعادون هذا لأنه أخذ الخلافة منهم وإنما ينظرون إلى جهة مصلحة الإسلام فيقول أصحاب هذا الرأي إن الحسن والحسين مثلا قد أشترك في مثل هذه الأمور لهذه الجهة هذا رأي .
الرأي الأخر :
يقول إنه لم يشترك الحسن ولا الحسين في أي من المعارك والفتوحات التي جرت أيام الخلافة لماذا؟ لأنه القيادة التي يكونون تحتها لا بد من أن تكون قيادة معصومة إما هم تحت المعصوم كعلي عليه السلام أو كرسول الله , وأما القيادة لازم تكون بيدهم لأنهم هم المعصومين فإذا لا يمكن أن يشتركوا تحت قيادة غير معصومة وبالتالي لا يخرجون إلى مثل هذه الفتوحات والغزوات ويشيرون أيضا إلى أن هذان ليس خاص بعلي عليه السلام أيضا يقولون لم يقاتل لا في زمان الخليفة الأول ولا في زمان الخليفة الثاني ولا الثالث مع أنه هو المعروف والمشهود له في الحروب ولو كان ينبغي أن يقاتل إماما تحت هذه الرايات لكان على أن يقاتل هو الأولى بقيادة الجيوش أو بالقتال فيها وقد سأل زين العابدين عليه السلام من قبل بعض الرجال لما لا تذهب للجهاد يا ابن الحسين ؟ فقال كلمة فيها معنى واسع لو كان خيرا ما سبقونا إليه يعني لو كان هذا المسار مسار ينبغي أن أسير فيه لما تأخرت عنه فتأخر عنه على ابن الحسين وأمير المؤمنين وبقية الأئمة وكذلك الحسن والحسين أيضا لما يذهبا للقتال وأنا شخصيا إلى الآن لم أجد رواية من مصادرنا تفيد باشتراك الحسنين عليهما السلام في مثل هذه الفتوحات وإنما غالبا الروايات التاريخية التي تنقل هذا الكلام هي من روايات غيرنا
فالإمام الحسن عليه السلام أستمر في حياته مع أبيه إلى أن انتهت فترة الخليفة الثالث وجاء الناس للبيعة مع أمير المؤمنين عليه السلام يقول أمير المؤمنين فما راعني إلا والناس ينثالون علي من كل جانب
يقولون البيعة البيعة حتى لقد وطي الحسنان وشقي معطفاي
الحسنين هنا بعض شراح بعض البلاغة يقول وطئت أصابعي
والعض الأخر يذهب إلى معنى آخر وقسم أخر يقول الحسنان يعني الحسن والحسين لأنهما كأنا لصيقين بأبيهما فقد وطئ من شدة الزحام من قبل هذه الأمواج البشرية التي جاءت لبيعة الإمام علي عليه السلام فنهض الإمام أمير المؤمنين بالأمر وكان يمينه في ذلك وعضده في ذلك الإمام الحسن المجتبى صلوات الله وسلامه عليه
لما أراد أ يحشد في أهل الكوفة وكانت الكوفة لا تزال في ذلك الوقت تحت إمرة أبي موسى الأشعري الذي كان والي عليها من قبل الخليفة الثالث فلما بدأ أمير المؤمنين يريد أن يحشد لقتال أهل الجمل بعدما نهضوا في البصرة وأعلنوا التمرد أبو موسى الأشعري لم يكن مع المتوافقين مع علي صلوات الله وسلامه عليه بل كان على الطرف الأخر بدأ يخذل الناس في الكوفة ويقول سمعت رسول الله يقول ستكون فتنة القاعد فيها خيرا من القائم والنائم فيها خير من القاعد وهذه الفتنة ونحن ليس علينا أن نساهم فيها ونسي قولات رسول الله صل الله عليه وآله علي مع الحق والحق مع علي علي مع القرآن والقرآن مع علي وهكذا سائر كلامه حربك حربي سلمك سلمي ولم يتذكر إلا هذا الحديث المشتبه في مصاديقه يمكن تكون هناك فتن ولكن من يقول إن الفتنة هذه فتنة
هذا الذي في وجه علي هو الفئة الباغية كائن من كان من يقف في وجه علي فهو الفئة الباغية بنص حديث رسول الله صل الله عليه وآله فكان هذا الرجل يخذل الناس عن القيام إلى علي عليه السلام فأرسل الإمام أمير المؤمنين ولده الحسن وعمار ابن ياسر إلى الكوفة فجاء الحسن عليه السلام كما ينقل المؤرخون وأبو موسى الأشعري على المنبر يخطب فعزله الإمام الحسن قال تنحى عن منبرنا وأعتزل عملنا فنحاه وعزله وصعد المنبر وبدأ يتكلم الإمام الحسن عليه السلام عن لزوم نهوض الناس لنصرة أمير المؤمنين عليه السلام واستطاع أن يعبئ ويحشد المجتمع باتجاه الحركة نحو على صلوات الله وسلامه عليه
وفي حرب الجمل كان لسان أبيه لما خطب عبد الله ابن الزبير وبدأ يعرف بما لديه قام الحسن عليه السلام وتكلم كلاما طيبا شفى النفوس وأراح القلوب ثم لما صار الالتحام بدأ بأبي محمد ابن الحسن صولات وجولات وشجاعة منقطعة النظير أذكر لك مثال واحد منها وهي أن الجمل كان قد جعل في مركز وتحلقت حوله الفرسان والمقاتلون من بني ضبة والأزد قبائل بصرية موافقة لأهل الجمل ومعادية لأمير المؤمنين عليه السلام شكلوا مثل الدروع حوله دوائر وحلقات حلقة وراء حلقة فإذا أجتاز واحد حلقة كانت الحلقة الثانية في وجهه فأرسل أمير المؤمنين أبنه محمد ابن الحنفية وكان يرى أمير المؤمنين أن الجمل إذا سقط انتهت المعركة هذا هو الرمز تصور أن المسلمين يصبح رمزهم جمل فأرسل أولا محمد ابن الحنفية أبنه وكان معدودا في فرسان العرب الكبار وكان قوي البدن جدا محمد ابن الحنفية يذكون في قوته أنه كان إذا غضب على أحد من عبيده وأراد عقوبة يثني عليه عمود الحديد ويحبسه إلى أن يؤدبه ولا يقدرون إلا عن طريقه لفكه لهذه الدرجة كان عنده قدرة بدنية غير شجاعة فأمر أبوه بأن ينطلق إلى المعركة وأن لا يفكر في شيء إلا في طعن الجمل فحمل محمد ابن الحنفية وتخطى عدة حلقات ولكنه لم يستطع أن يخلص إلى الجمل أو أن يطعنه لشدة الدفاع عنه فرجع ولم يمتثل أن يطعن الجمل لم يستطع ذلك فأعطى أمير المؤمنين عليه السلام رمحا إلى أبنه الحسن وقال يا بني أذهب وأطعن الجمل فحمل الإمام الحسن واستطاع أن يتخطى هذه الحلقات حتى غرز الرمح في لبة الجمل ورجع وعلي الرمح أثر دماء الجمل لما رجع أحتضنه أبوه علي عليه السلام وقبله فكأنما محمد ابن الحنفية أحس بغضاضة في نفسه فلتفت إليه أبوه أمير المؤمنين وقال له يا محمد لا تحزن فأنه ابن النبي وأنت ابن علي يعني هو عنده ميزة أبوه على ابن أبي طالب ولكن جده رسول ولكن أمه الزهراء وأنت ليس إلا ابن علي ابن أبي طالب فلا تبتئس في هذه الجهة
وهكذا أشترك الإمام الحسن عليه السلام في صفين وأشترك في حروب أبيه في النهر وان وكان نعم العضد المساعد لأبيه في كل هذه القضايا لانريد الإطالة ولا يمكن استقصاء حياة الإمام الحسن في كل أدوارها بكل تفاصيل هذا يحتاج إلى أيام من الحديث إلى أن استشهد أمير المؤمنين صلوات الله وسلام الله عليه
وقام الإمام الحسن بالأمر ناهض به مطلع به وبايعه المسلمون على ذلك وكان يريد كما خطط أبوه تماما أن يقاتل معاوية قضية القتال مع معاوية هي كانت من مخططات أمير المؤمنين بعد فراغه من حرب الخوارج في النهر وان فأنفد الإمام الحسن عليه السلام هذا الأمر ودعي الناس إلى القتال وإلى الجهاد في أول خطاب له بعد شهادة أبيه علي عليه السلام
ولكن جرت الأمور كما تعلمون بالنحو الذي ليس كما ينبغي على أثر كون ذلك الجيش قد تعب من القتال وعلي أثر تفرق الأهواء فيه باعتبار لم يكن هناك وحدة فكرية أو ولائية كان فيه من بقايا الخوارج وكان فيه من غيرهم وكان فيه جنود هكذا وليس هناك جيش عقائدي حسب التعبير حتى يمتثل أوامر الإمام الحسن في كل قضاياه وأموره فانتهى الأمر إلى قضية الصلح وموضوع الصلح هو بعد بحث طويلا يحتاج إلي حديثا خاص وأخذ الإمام الحسن في الصلح كلما أراد أن يأخذ من الحرب أخذ تعهد بأنه يكون هو أن يكون الخليفة بعد معاوية وأن قضى الحسن فالخليفة هو الحسين أخذ منه تعهد أن لا يتتبع شيعة علي وأن لا يقتلهم أخذ منه تعهد بأن يكون له مقدارا وافرمن الأموال حتى لو قام الأمويون بحجب العطاء عن شيعة أهل البيت يكون للإمام الحسن مالا يستطيع أن يعود به على هؤلاء وهكذا أخذ الإمام الحسن ما أراد من الشروط لكن معاوية الذي لم يكن ليرعى عهدا ولا ميثاقا عمد إلى أن يفتك بالإمام الحسن عليه السلام عن طريق دس السم إليه بواسطة جعده بنت الأشعث ابن قيس حيث قدمت إليه السم في يوم كان فيه صائما دست إليه في إفطاره في اللبن أي في الحليب السم النقيع ولما شربه الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه قضى نحبه مسموما مظلوما شهيدا ذاهبا إلى ربه ولاحق بجده المصطفى صلوات الله وسلامه عليه يدخل عليه أخوه الإمام الحسين عليه السلام وهو ينازع سكرات الموت وهو في أوقاته الأخيرة حتى يحاول فيه ولكنه يقول له يا أبا عبد الله من فعل بك هذا يقول له ماذا تريد تريد أن تقتصي منه أن الله خير حسيبا وأشد تنكيلا أنا يا أخي يا أبا عبد الله إنما هو سما دس إلي ومعنى ذلك أن مصيبتي ليست مصيبة عظيمة ليست كبيرة إنما هو سم دس إلي أقضي منه ولكن
لا يوم كيومك يا أبا عبد الله مصيبتك يا أبا عبد الله هي المصيبة العظمى فاجعتك هي الفاجعة الكبرى حين يزدلف إليك ثلاثون ألف رجل يزعمون أنهم من أمة جدك محمد فيقتلونك ضمانا عطشانا غريبا
يعني الحسن وهو على فراش الموت يقرأ مصيبة الحسين سلام الله عليه ويراها أعظم مصيبة تحل على أهل البيت صلوات الله عليهم وبالفعل مصيبة أنست ما قبلها وهونت ما بعدها من المصائب
أنست رزاياكم رزايانا التي سلفت وهونت الرزايا الآتية .
ومصائب الأيام تبقى مدة وتزوال وهي إلى القيامة باقية
لعلي أحد الشعراء يخاطب فاطمة الزهراء وهي صاحبة المصاب في الأمرين ويصنع مقارنة بين المصيبتين منطلقنا من كلامي الإمام الحسن عليه السلام الذي يقول لا يوم كيومك يا أبا عبد الله هذا يجسد الشاعر في صورة حوار مع فاطمة الزهراء |