قال سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وآله: "الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة"، وقال يخاطب الحسن تارة والحسين أخرى، "اللهم إني أُحبه فأَحبَّه، وأَحبَّ من يحبه"، صدق سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وآله .
من المواضيع التي تثار عادة في سيرة الإمام الحسن المجتبى عليه السلام، موضوع زوجاته وزيجاته، فإن الصورة التي تنقلها مصادر مدرسة الخلفاء، وبشكل أشد مصادر كتب المستشرقين، وقد توجد أيضا في بعض الكتب التابعة لشيعة أهل البيت عليهم السلام، صورة الرجل المكثر من الزواج، والمكثر من الطلاق، حتى لقد نقلوا عن أمير المؤمنين عليه السلام كلاما يفيد أن الحسن مزواج ومطلاق، وأنه خطب في أهل الكوفة، وحذر السامعين من هذا الأمر، وهذه النغمة تسير وتسري في كثير من الكتب والمصادر التي يقرؤها المسلمون، جيلا بعد جيل، وتترسخ بتقادم الزمان، غير أنه عندما يحللها الباحث، ويناقشها المتأمل، يجد أنه لا يمكن لهذه الكلمات أن تكون صحيحة على الإطلاق.
مبدأ هذه الكلمات، تصوير الإمام الحسن الزكي عليه السلام بصورة رجل مشغول بأمر النساء، فيتزوج يوما، ويطلق يوما آخر، وتتعدد بالتالي أعداد زوجاته بهذا المقدار، أصل هذه الفكرة إنما ابتدعها المنصور العباسي الدوانيقي، وقبل هذا الرجل ما كان لها من أثر واضح، ونفس المنصور العباسي الدوانيقي الذي لم تدرس حياته بشكل واضح، نعتقد أنه مؤسس تيار النصب والعداء لأمير المؤمنين عليه السلام، ولخط أهل البيت عليهم السلام، ولنفي الفقه الشيعي من الأمة، يعني هناك تأسيسات متعددة لخط النصب والبغض، أهمها وأكبرها وأوسعها وأشملها، كان عن طريق المنصور العباسي، وقد ذكرنا شيئا من هذا في كتابنا عن الإمام الحسن المجتبى عليه السلام، بعنوان: (سيد الجنة)، وقد أشرنا إلى شيء من فعل هذا الرجل، أي المنصور العباسي، ويكفي فيه مقالة لم يسبقها، لم يسبقه بها غيره، بمن فيهم أعتى عتاة الأمويين، فقد خطب في منطقة الأنبار، وهي العاصمة الأولى قبل أن تتأسس بغداد كعاصمة للعباسيين، خطب في أهلها خطبة بعدما تحرك أحفاد الإمام الحسن المجتبى، محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن، ثاروا عليه، وبدؤوا يتحركون، وأيضا أخوه إبراهيم، فخطب في الناس في ذلك الوقت خطبة عنيفة جدا، كان مما ذكره فيها، هذا المعنى أنه، "أما علي بن أبي طالب فإنه قد أعرض عنه الناس، في قضية السقيفة، حتى إذا جاءت إليه الخلافة حكم الحكمين، ومقته الناس، ثم عدا عليه شيعته فقتلوه -هذه 3 أكاذيب لم يقلها أي واحد بمن فيهم الأمويون السابقون، أكمل ذلك بالقول- ثم جاء بعده ابنه الحسن، فلا والله ما كان برجل بل أقبل على النساء، يتزوج يوما امرأة، ويطلق أخرى، ودسَّ إليه معاوية المال، فباع الخلافة بخرق -واستمر- وأما الحسين فإنه دعاه شيعته فخرج على إمامه، -يعني تصور أن واحدا مثل المنصور يعتبر أن يزيد وعبيد الله بن زياد هو الإمام، والحسين خارج على إمام زمانه- فخدعه شيعته وغروه ثم قتلوه".
كم كبير من التجهيل، ومن الحقد، ومن البغض، طبعا لما يكون رئيس البلد، الخليفة الأول يقول هذا الكلام، هذا يتسرب في القنوات الإعلامية، والمحدثين، ومن يتكلم، كما نرى في كل مكان إذا الرئيس الأكبر اتخذ موقفا من شخص أو من فئة أو من بلد ترى كل البلد تمشي في هذا التوجه، المنصور صنع هذا التوجه السيئ، فمثلا جاء فيما بعد المؤرخون الذين كتبوا في الحقبة العباسية، وذكروا هذا، منهم (المدائني) ومن جر إلى جانبه، فذكروا أمر أن الحسن كان مزواجا ومطلاقا، كيف يكون مزواجا؟ قالوا تزوج 70 امرأة، واحد آخر لما رأى هذا العدد رآه قليلا، كما هو حال (ابن سعد البغدادي)، وهو مؤرخ للعباسيين في (كتابه الطبقات)، قال 70 امرأة تزوج، (المدائني) قال كم؟ قال 90، أيضا، هل من مزيد؟ (الطوفي) قال 100، (أبو الفرج بن الجوزي)، وهذا أيضا ضمن خط النصب، قال لا، تزوج 200 امرأة، (أبو طالب المكي) متأخر، كم تزوج الحسن؟ 300، هل من مزيد؟ هذه بورصة وفيها مزايدات، آخر واحد قال 448 واحدة، حسبهم واحدة واحدة، طبعا لما تأتي تقول طيب أخرجوا كلكم لنا أسماء 20 واحدة من هؤلاء؟ لم يذكر المؤرخون مع جهدهم في ذلك أكثر من 10 نساء للإمام الحسن، أنه فلانة، وأولدت فلانا، فلانة وأولدت فلانا، وهكذا، 10 نساء، أين ذهبت بقية الـ448 امرأة؟
لما تأتي إلى مثل هذه الادعاءات والترهات تجد أنها لا يمكن أن تصمت، كيف صدقها هؤلاء؟ كيف كتبوها؟ كيف صدقها من بعدهم؟ ولم يفكروا فيها؟ نحن خلال هذه الدقائق القليلة سوف نشير إلى جملة من الإشكالات الواردة على مثل هذا الأمر.
أولا: أما صفة أنه مزواج ومطلاق، كلمة الـ(مزواج) والـ(مطلاق) على وزن (مفعال)، صيغة مبالغة للشخص الذي يتزوج كثيرا، ويطلق كثيرا، فإذا مثلا واحد تزوج 4 مرات أو 5 مرات، وطلق مثلها لا يقال له مزواج مطلاق، يجب أن يكون شيئا كثيرا جدا بحيث أن هذه الصيغة صيغة المبالغة تنطبق عليه، طيب نحن نعلم أن الطلاق أبغض الحلال عند الله عز وجل، هذا واحد.
ثانيا: عندنا في الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله في خصوص المزواج المطلاق الذواق، "ما من شيء مما أحله الله عز وجل أبغض إليه من الطلاق وإن الله يبغض المطلاق الذواق"، يعني فقط هكذا يتزوج، ويتذوق قليلا، وبعد ذلك يطلق، يذهب ويتزوج ثانية، يتذوق ويطلق، وهكذا، هذا الله يبغضه، طيب من جهة الطلاق مبغوض كفعل، من جهة أخرى الفاعل وهو المزواج المطلاق مبغوض من الله، كيف يتفق هذا مع ما جاء في شأن الإمام الحسن المجتبى من أنه سيد شباب أهل الجنة؟ وهذا باتفاق الفريقين هذا الحديث، سيد شباب أهل الجنة، الله يبغضه، ويبغض فعله، إذا كان مزواجا ومطلاقا؟ كيف يمكن أن يكون سيد شباب أهل الجنة مبغوضا من الله في ذاته، وفي فعله؟ هذا لا نستطيع أن نفهمها، الإمام الحسن المجتبى يُقْسِم رسول الله صلى الله عليه وآله أنه يحبه، اللهم إني أحبه، فأحِبَّه، يا رب وأحب من يُحبه، يا رسول الله أنت تحب شخصا بحسب نص الحديث السابق هو مزواج مطلاق ومبغوض من الله، وفعله مبغوض من الله، كيف تحب مثل هذا الشخص؟ وكيف تخبر أن الله يُحبه؟ وكيف تسأل الله أن يُحب من يحبه، هذا الذي يفترض بحسب هذه الروايات مبغوضا من الله؟ هذا أمر لا يمكن أن يستقيم أبدا، هذه نقطة أولى.
النقطة الثانية: تعال دعنا نذهب إلى الأعداد، الأعداد التي ذكرت، ابدأ مما قالوه 70، وانتهِ إلى 448، إذا 400 زوجة عندنا في فقه الإمامية أن كل طلاق لابد أن يكون فيه شاهدان عادلان، وعند القوم مدرسة الخلفاء، كل زواج لابد أن يكون فيه شاهدان عادلان، فإما من هذه الجهة أو من تلك الجهة، إذا واحد يقول 448 يجب أن يفكر في حوالي 800 شاهد، إما شهدوا الطلاق، كما هو رأي الإمامية، أو شهدوا الزواج كما هو رأي مدرسة الخلفاء، أين هؤلاء؟ كيف لم يخبروا أن الإمام الحسن عليه السلام صنع هكذا، وأنهم شهدوا على ذلك، ويتحير هؤلاء المؤلفون بحيث يوردون 3 روايات مرسلة بلا سند أصلا، ليس فيها سند أصلا، على الأقل إذا أنت عندك 800 شاهد، 80 واحدا منهم، 10% يقول شهدنا مثلا على زواج الحسن، أو شهدنا على طلاق الحسن، فيخبرون وتصبح على الأقل 80 رواية، إذا قلنا 10% فقط أخبروا، 8 روايات، 1%، بسند متصل معتبر إلى من شهد الزواج أو شهد الطلاق، لا تجد، تجد 3 روايات مرسلة، فيها إعضالات في داخل المتن، هذا النقطة الثانية.
النقطة الثالثة: لما تذهب إلى رواية يعني هم يرتاحون إليها كثيرا، وينقلونها حتى أنهم يقولون إن علي بن أبي طالب قام في وسط الكوفة، وقال أيها الناس إن ابني الحسن مزواج مطلاق فلا تزوجوه، فناداه أحدهم من تحت المنبر، قال يا أبا الحسن إنه ابن رسول الله، وإنا لنزوجه، غصبا عليك سنزوجه، طيب نحن نسأل، هل إن الإمام الحسن المجتبى أخبره والده بأنه هذا لا يجوز؟ لا تفعل هذا الشيء؟ نهاه عن هذا الفعل أو لم ينهه؟ وإنما مباشرة أخبر، في كلا الأمرين مشكلة، إذا كان الإمام علي عليه السلام قد نهى الحسن، قال لا تتزوج وتطلق بحسب هذه الروايات، نهاه أكثر من مرة، طبعا لما يصبح مزواجا مطلاقا على الأقل 20 مرة فعلها في أيام الإمام علي، هل نهاه أو لم ينهه؟ إذا نهاه فما استجاب الإمام الحسن؟ أين ذهبت آية التطهير في هذا الأمر؟ الإمام الحسن المجتبى عليه السلام عندنا الإمامية معصوم، عند غيرنا هو داخل في آية التطهير، كيف يمكن لرجل قد دخل في آية التطهير ينهاه والده بنهي مؤكد عن فعل من الأفعال، ونحن نعلم أن طاعة الوالد واجبة حتى يستطيع أن ينهاك عن شيء مباح إليك، يصبح حراما عليك، لا تستطيع أن تفعله، إذا تريد الذهاب لنفترض اليوم إلى بلدة معينة، قال أنا أنهاك عن ذلك، لا تذهب، وهو مباح لك، تصبح حراما عليك بنهي والدك، الزواج والطلاق مباحان، فلو نهى عنه الوالد بنهي جازم أصبح غير جائز، الإمام علي عليه السلام نهى ابنه الحسن لو لا؟ إذا نهاه فلم يستجب، فهذا ليس الحسن الذي نعرف نحن الشيعة بأنه معصوم، ولا الذي نعرفه كغير الشيعة ممن دخل في أية التطهير، وهو سابق إلى طاعة أبيه.
إن كان لم ينهه، الإمام عليه السلام لم ينه ابنه، ومباشرة صعد على المنبر وقال كذا، هذا فعل قبيح يتنزه عنه الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، أنه يأتي يعرض سيرة شخص على الناس ويذكره بما هو غير مناسب، أنا لو على المنبر قلت أن واحدا من الجالسين فلان بن فلان فعل كذا وكذا من الأمور غير الحسنة، أُنْتَقد على ذلك، كيف تتكلم عليه على رؤوس الأشهاد؟ إذا كنت ناصحا اذهب وخذه على جانب، وتحدث معه، وقدم النصح إليه، أما تأتي وتشهر به، وليس أمام 10 أو 20 شخصا، هذا مسجد الكوفة، وأيام إمامة أمير المؤمنين عليه السلام، آلاف الأشخاص في ذلك المسجد موجودون، كيف يمكن كما تزعم هذه الرواية أن عليا على رؤوس الأشهاد شهَّر بالإمام الحسن المجتبى، ووصفه بوصف غير حسن، وأنه خرج واحد من الحاضرين أشطر من الإمام علي، قال له، حتى لو بهذا الكيفية نحن سنزوجه لأنه ابن رسول الله، فهذا أيضا يلاحظ فيه بعض هذه الروايات في داخلها توجد هناك مشاكل حقيقية، لا يمكن الالتزام بها أبدا.
يضاف إلى ذلك أن الأشياء تعرف عادة بنتائجها، لو أن واحدا جاء وقال يجعلك على سبيل المثال أنا عندي مثلا بستان فيه آلاف الأشجار المثمرة، أنت عادة إذا تريد أن تتأكد منه ترى النتائج، إما ترى وفرة في الفواكه عند هذا الإنسان، كنتائج لهذه الأشجار المثمرة الكثيرة، أو ظهور الغنى على هذا الإنسان، هذا من نتائج امتلاك مثل هذا البستان أن تعرف ثمار ذلك، إما في أموال عنده، أو في عطاءات يعطي من الثمار، إما يقول لك هذه أنا تفضل هذا البستان وانظر إلى ثماره.
واحد تزوج 400 امرأة، لا، 70 امرأة، وهو أقل ما قالوه، 70 امرأة، ذاك الوقت ما كانت هناك رغبة عن الإنجاب بل الرغبة في الإنجاب، ولم يكن الإمام الحسن المجتبى مثلا عقيما، والشاهد كان عنده أولاد، فلا توجد ثقافة تحديد النسل، ولا توجد ثقافة الامتناع عن الحمل، ولا أن الطرفين كلهم كانوا عقما، الإمام الحسن لم يكن عقيما، افترض 10 من الـ70 عقيمات، الباقي كم؟ كم عدد أولاد الإمام الحسن عليه السلام؟ المفروض إذا واحد عنده 70 امرأة على الأقل أن يكون عنده 70 ولدا، إذا كانت كل امرأة فقط ستنجب مولودا واحدا، طيب، فكيف إذا كان عادة كانوا يحبون النسل، وينجبون أكثر؟ كم عدد أولاد الإمام الحسن عليه السلام؟ أقصى ما قيل 19 ما بين ذكر أو وأنثى، والصحيح ما ذكره الشيخ المفيد أنه 15 بأسمائهم المعروفة، ومن أمهات، وبعض هذه الأمهات ولدت 2 أو 3، وبعضهن لم ينجبن، أنت إذا تقول يا أيها العاقل 300 امرأة، أين أولاد هؤلاء؟ أين نتائج هؤلاء؟ لا نجد، افترض 10% سينجبن من 300 امرأة، سيصبحون 30 مولودا، إذا أنجبن كلهن واحدا، سيصبح 70، وهكذا كلما تكثر، أين النتيجة؟ وأين الآثار؟ لا تجد من ذلك شيئا أبدا، على أن هذا العدد الذي نقوله 19 ولدا و20 ولدا، كان متعارفا كثيرا، أمير المؤمنين عليه السلام كان عنده من الأولاد بنين وبنات بهذا المقدار، هذا مع إنه كان عنده 8 نساء، تزوج 8 نساء أمير المؤمنين عليه السلام، طبعا ليس كلهن في وقت واحد، وإنما على فترات لأنه لا يحل له أن يجمع بين أكثر من 4 نساء، 8 نساء تزوج أمير المؤمنين، الباقون الذين في زمانه أيضا في هذا الحوالي هذا، عمر بن الخطاب تزوج 9 نساء، طلحة تزوج 9 نساء، وأمثال هؤلاء كان في الحوالي يعني 9 نساء، 7 نساء، 8 نساء، كان هذا أمرا متداولا ومعروفا في ذلك الزمان ضمن ظروف أصحابها.
الإمام الحسن المجتبى عليه السلام بمقدار ما تم تعداده، هذا الكلام كله طبعا في الحرائر، زواج نكاح يعني ليست هناك قضية الجواري، الذي تم تعداده من خلال من ذكرت أسماؤهن، ومن ذكرت أسماء أبنائهن وبناتهن، يصل العدد إلى 9 نساء، ليس أكثر، قد تقول ليست 9 نساء، فلانة نسي اسمها، 10 أو 12، أكثر أو أقل، هذا العدد موجود عند غيره، سعد بن أبي وقاص لديه 11 امرأة، أما عبد الرحمن بن عوف هذا أيضا ضاعف العدد 20 امرأة تزوج، فهذه الأعداد في تلك الفترات كانت موجودة، ومعدل 8 و9 نساء ضمن ظروف ذلك الزمان، كان أمرا ليس مستغربا، وليس مستنكرا، وحيث إنه يعني إذا قلنا الإمام علي عليه السلام تزوج 8 نساء، إما لابد أن تموت بعضهن حتى يتزوج غيرها أو يطلق، وهكذا بالنسبة إلى سائر من كان في ذلك الزمان، فهذا الأمر بالحسابات العادية يتبين منه أنه ما قيل من أن الإمام الحسن عليه السلام بهذا المقدار الكبير والمفصل الذي ذكروه في شأن نسائه لا يستقيم أبدا.
قد يقول قائل إنه هذا حتى موجود في بعض كتب الإمامية، نعم هو موجود في بعض الكتب الإمامية، وبعض رواة هذه الروايات هم من (الواقفية)، و(الواقفية) هم الذين وقفوا على إمامة الإمام الكاظم عليه السلام، ورفضوا إمامة الإمام الرضا، وسموا كما عن الإمام الرضا بـ(الكلاب الممطورة)، (الكلاب الممطورة) يعني الذي نزل عليها المطر، ترون الكلب أحيانا يهز جلده بهذه الكيفية، فيلقي بهذا الماء والمطر على غيره، فينجس الآخرين، هؤلاء رووا بعض هذه الروايات الموجودة في الأفق الآخر من مصادر مدرسة الخلفاء، ودخلت من طريقهم إلى كتب الإمامية، لنفترض أنه حتى سنده صحيح 100%، أي رواية إذا رأينا أن البراهين تخالفها، دعها تكون رواية، لا يعمل بها، لا تقبل في هذا الجانب، نحن لسنا عبيدا كما عليه بعض المذاهب، أنه مادام جاء خبر، في خبر أن الله ينزل من السماء العليا إلى السماء الدنيا، خلاص خبر موجود، الله ينزل ينزل، يا هذا يا أخي هذا يخالف براهين عقلية أقيمت في معرفة الله عز وجل، وأنه لا يحتويه مكان، فلا ينتقل من مكان إلى مكان، طيب لا تجري عليه العوارض كالحركة وأشباهها، لا، مادامت هناك رواية عند بعض المسلمين يقول لك نحن نعمل فيها، طيب جاءت رواية أن الله سبحانه وتعالى مثلا: "إن قلوب الناس بين إصبعين من أصابع الرحمن"، على فرض أن هذه الرواية صحيحة، هذه لا تعني هذا المعنى، أن عند الله أصابع مثل أصابعنا وما شابه ذلك، وإنما ما قام الدليل عليه والبرهان من أن الله سبحانه وتعالى ليس بجسم، منزه عن الجسمية، فإذن موضوع اليد والإصبع والرجل والخشم وما شابه ذلك، لا يمكن أن يستقيم، فإذن حتى إذا جاءت رواية من الروايات في مصادرنا الإمامية، وحتى لو كان سندها سندا تاما وصحيحا، لكنها تخالف البرهان والأدلة العقلية، لا يعمل بها، إذا قال والله الحسن نصحه الإمام علي عليه السلام، ونهاه فلم ينته، أيضا هذا يخالف عصمتنا، يخالف دخوله في آية التطهير، يخالف حتى الحالة العادية، أي والد الآن إذا كان والدا محترما من قبل ابنه، عندما ينهاه عن شيء مشين اجتماعيا، عادة يتبعه، لا يحتاج إليها إلى عصمة، فكيف إذا كان الطرفان معصومين؟
الحقيقة إن هذه الكلمات أشعل فتيلها المنصور العباسي ضمن صراعه مع أحفاد الحسن، أحفاد الحسن رفعوا راية الثورة ضد العباسيين، فَنَكَّل المنصور العباسي بهم أشد تنكيل، جمعهم في سجن تحت الأرض، ثم أمر بطمره عليهم، ودفنوا فيه أحياء، هذا على المستوى، بل أكثر من أبناء الحسن، الإمام الصادق عليه السلام يقول لما كان من أمر (محمد وإبراهيم) ما كان، يعني من ثورتهما على المنصور، جلبنا المنصور من المدينة، وحَسَرَنا المنصور عن المدينة حتى لم يبق فيها محتلم، تصور أن آل أبي طالب كلهم من واحد عمره 15 سنة إلى عمر 70 سنة، كلهم تهجير إلى أن؟ إلى الكوفة إلى الحيرة، ذاك الوقت، وقبل بغداد، أوائل حكم المنصور العباسي، ونهايات حكم السفاح، فوضعهم مدة من الزمان، في بعض الروايات شهرين، فقط بهذه الكيفية، انتظروا، فلما مضت هذه المدة، طلب اثنين من كبارهم، فجاء الإمام الصادق عليه السلام، والظاهر معه زيد بن الحسن، فدخلا على المنصور العباسي، فقال أتدرون لم جئت بكم؟ قالوا لا نعلم الغيب، فقال إنما جئتكم لأخبركم أنني سأخرب دياركم، وأحرق نخيلكم، وأفعل بكم، وو، وبدأ يتهددهم بالقتل، فالإمام الصادق عليه السلام كعادته وكعادة آبائه من الرفق في هذه الموارد، بدأ يتكلم معه بكلام لين: "إن أيوب أبتلي فصبر، وإن داود فأُعْطِى فشكر، ولك بهما أسوة وكذا وكذا إلى أن هدأ، فأقصى ما صنع قال ارجعوا، عشرات من الشيوخ، والشباب، والصغار، يعني عمر 15 و16 سنة يعتبر صغير السن، كلهم سفَّرهم من المدينة إلى الحيرة إلى الكوفة، وحتى فقط يبلغهم أنه أنا أبغضكم وأكرهكم، وسأفعل فيهم، وأعمل كذا وكذا، صفاهم تصفية جسدية كما في السجن كما ذكرنا، آذاهم بهذه الطريقة.
خطب خطبا متعددة لو أقرأ بعض هذه الخطب، ليس هناك وقت، لو أقرأ بعض هذه الخطب، تقول كم هي الكمية من الحقد عند هذا الرجل، بدءا من أمير المؤمنين عليه السلام، اتهم أمير المؤمنين بأنه هو الذي ظلم فاطمة الزهراء عليها السلام، فاطمة التي خرجت مدافعة عن إمامة أمير المؤمنين، وعانت ما عانت، هو يعتبرها في خطبته أن عليا هو الذي آذاها، وهو الذي ظلمها، والإمام الحسين عنده هو خارج على إمام زمانه، والحسن المجتبى عنده، أقبل على الدنيا والشهوات، ويطلق ويتزوج، وإلى آخره، هذا الذي كان، وقد ذكرنا أن كل هذه لا تستقيم، أين أولاد الحسن المجتبى؟ أنت تقول 100 امرأة، 300 امرأة، 400 امرأة، 70 امرأة، 90 امرأة، أخرج لنا الأولاد، من هؤلاء؟ أولاد معدودون أنجبهم الإمام الحسن المجتبى عليه السلام من نساء قد تكون 9 أو 10 نساء، هكذا التي معدودة بأسمائهن 8 فقط، قالوا وامرأة من فلان، امرأة من مزينة، وامرأة من قبيلة فلان، وامرأة كذا يوصلونها إلى 11 نساء، طيب أين الباقي؟ أنت تقول 90 امرأة، أين الباقي؟ أين نتاجها؟ أين أولادها؟ أين بناتها؟ لا يوجد كل ذلك، فهذا مما يشير إلى أن القضية كانت قضية ابتكرها، وابتدعها المنصور العباسي.
على أثر ذلك كتب الكتاب المأجورون، والأقلام الباطلة، والتواريخ الفاسدة، التي دونت أيام العباسيين وهي كثيرة، هذا بحث مهم جدا لو يأتي وقت يتيسر واحد يبحثه أن الأثر العباسي في كتب التاريخ وكتب الحديث أيضا، أنتم تلاحظون مثلا، الصحاح التي أُلفت في أيام العباسيين، وكتب الحديث، خالية تقريبا من فضائل أمير المؤمنين عليه السلام، خالية من الإشارة إلى مذهبهم، خالية من مثل حديث الثقلين، وأمثال ذلك، وما ذلك إلا لالتزامهم بتوجيهات هذه الخلافة العباسية الباطلة.
كما قلنا من علائم الكذب في ذلك، أننا لا نجد نتائج لهذه الزيجات، وإنما المعتاد أن الإنسان إذا تزوج زوجات متعددة أن يكون له إنتاج وأولاد كثر، الآن في هذه الأزمنة يكثر النسل مع الطرق المتعددة لمنع الحامل، ومع الثقافة الموجودة التي لا ترغب في كثرة أيضا الإنجاب، ومع ضيق الوضع الاقتصادي الذي يحجب الإنسان عن الإنجاب، مع ذلك الإنجاب كثير، فكيف في ذلك الوقت؟