2 شاكرا أو كفورا
التاريخ: 2/1/1446 هـ
تعريف:

شاكرا او كفورا !

كتابة الفاضلة امجاد حسن

قالت سيدتنا ومولاتنا الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء صلوات الله وسلامه عليها: "الحمد لله على ما أنعم وله الشكر على ما ألهم والثناء بما قدم من عموم نعم ابتداها وسبوغ آلاء أسداها وتمام نعم والاها جم عن الإحصاء عددها" صدقت سيدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء صلوات الله وسلامه عليها. حديثنا في هذه الليلة بعنوان: شاكرا أو كفورا. هذا الإنسان طموحاته المادية والمعنوية لا تقف عند حد معين فإذا رأى شخصا جميلا يود أن يكون أجمل منه، وإذا رأى إنسانا ثريا يتمنى لو أنه أكثر ثراء منه، ويرى المنزل الجميل الفاره فيدعو الله أن يرزقه بيتا أفضل من هذا البيت، وهذه حالة قل أن يعرى منها إنسان، أنا أتمنى ما هو أفضل مادة ومعنى، وأنت تتمنى، وأنت أيضا تتمنى، وغيرنا يتمنى ذلك. إلى هنا الأمر طبيعي وعادي وهذه حالة من الحالات التي تكون موجودة عند البشر، بغض النظر عن إيمانه وعدم إيمانه. غير الطبيعي هو: أن قسما من الناس ينسى النعمة التي هو فيها ويعيش في بحبوحتها ويتطلع إلى ما ليس موجودا عنده فهو في شقاء في الحالين، لا هو قادر على ذلك الشيء المتمنى، لا هو صاير من أصحاب المليارديرات، ولا هو أيضا مستمتع بما عنده فعلا من المقدار المالي، لا هو صاير صاحب قصر كبير مترامي الأطراف، ولا هو مرتاح ومتنعم في الشقة التي يعيش فيها، لا هو الآن عنده حالة شكر حالة ارتياح حالة تنعم فيما لديه، ولا هو حاصل على ذلك الشيء الذي يتمنى. هذا الأمر غير طبيعي وهذا ناشئ في الغالب من عدم الشكر ومن قلة الحمد التي توجد لدى قسم من الناس بالنسبة إلى النعم الحاضرة عندهم. هو الآن عنده مقدار من الصحة لكن عندنا نواقص، يتمنى لو لم يكن مريضا بالسكر -كفاكم الله والمؤمنين ومن يسمع- يتمنى لو أنه كان خاليا من جميع الأمراض ينسى في هذه الأثناء أنه هو ما عنده مشكلة في القلب، ينسى في هذه الحالة أنه هو ما عنده مشكلة في العظام، ينسى أنه ما عنده مشكلة في الباطنية، وأمثال ذلك. فلا هو حامد على ما عنده من النعمة الإلهية بمقدارها الموجود ولا هو حاصل على تلك النعمة التي يتوقعها ويتمناها ويطلبها. فهو أولا في غير راحة نفسية، وثانيا هو غير شاكر للموجود؛ لأنه ما يعتبر شيء مهم، يعتبر ذاك الشيء الآخر مهم شنو قيمة سبعة آلاف ريال راتب، لا لازم واحد يصير خمسة عشر عشرين وأكثر وأقل! فهو غير حامد غير شاكر لما عنده من النعمة، وغير حاصل أيضا على ما ينتظره ويتوقعه. هنا يجي مفارقة الشكر والكفر الحمد وقلة الثناء على الله سبحانه وتعالى. ويُخير الإنسان (إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا) الطريق لواضح، ولكن هو قد يتخذ موقف الشكر وهو الموقف الحسن والطبيعي، أو يتخذ موقف الكفران، لاحظوا أن المقابلة في القرآن الكريم هي بين الشكر والكفر (لئن شكرتم) شنو (لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد) فقابل بين الشكر والكفر طبعا الكفر هنا ليس بمعنى جحود الله عز وجل، أن الإنسان يقول الله ماكو، لا وإنما الكفر كما في تعريفه في اللغة العربية: أساسه التغطية ولذلك يسمى أيضا الفلاح في اللغة العربية بالكافر، ليش؟ لأنه يغطي البذور تحت الأرض. الكافر العقائدي أيضا: الذي ينكر الله عز وجل إنما سمي كذلك؛ لأنه يغطي حقيقة هي أعظم الحقائق في الكون، وهي وجود الله عز وجل، ووضوح هذا الإله العظيم للقلوب وللأنفس مع ذلك هذا الإنسان يغطيها ولذلك يعتبر كافرا. الذي يغطي نعم الله ولا يظهرها ولا يشكرها ولا يبينها جعله القرآن الكريم كافرا بهذا المعنى. لعل الإنسان يقول: لا الحمد لله نحن لسنا كذلك إحنا نحمد الله في كثير من الأحيان. بس ترى بعض الأحيان قد يكون الحمد والشكر بطريقة معينة أقرب إلى الكفر وإنكار النعمة منه إلى الحمد وإلى الشكر. تسأل واحد: شلونك؟ خلها على الله.. الحمد لله. صحتك شلون؟ والله رجولي كذا وخشمي كذا وإذني كذا ورأسي كذا وكبدي كذا وفلان كذا ثم آخر شيء يقول: الحمد لله. أو حتى أحيانا لهجة الإنسان وطريقة الإنسان: الحمد لله .. هالشكل أشكر.. بينما الحمد الحقيقي فعلا: شعور بالامتنان لنعمة الله عز وجل واستحضار هذه النعمة من غير استحقاق.. يابا أنت شنو إلك من حق على الله؟ ما هو حقك؟ أنا أخاطب نفسي: ما هو حقك على الله عز وجل؟ لا حق لنا على الله أبدا. "خلقتني" يقول إمامنا الحسين عليه السلام في دعاء عرفة، وهو من أعظم الأدعية التي يعدد فيها الإمام عليه السلام مناحي وأشكال نعم الله التي هي في الأصل لا تعد ومع ذلك أنت تلاحظ في كل كلمة من كلماته صلوات الله وسلامه عليه، في كل كلمة من كلمات الدعاء إشارة إلى نعمة من نعم الله، أولا: خلق الإنسان "خلقتني وكنت عن خلقي غنيا) الله يحتاج إلي وإلى أمثالي؟! لو لم نخلق كلنا، كل البشر لو لم يخلقوا، أكان ينقص من عظمة الله وملك الله وربوبيته، أكان ينقص منه شيء؟! أنت أيها المتكلم لو أن الله سبحانه وتعالى جعلك في عالم العدم.. شنو كان يتغير في الكون؟ شنو كان يصير؟ الله تفضل عليك وتفضل علي وتفضل على غيرنا ولم يكن لنا حق في ذلك ولم يكن لنا تأهل في ذلك، فأكرمنا بأن خلقنا خلقا سويا كاملا، وكفلنا الأمهات الرواحم، حتى نمونا وكبرنا وبعد ذلك أنعم علينا بسائر النعم، فأنا وأنت لما نريد نحمد ربنا سبحانه وتعالى لازم نحمده بالطريقة التي تناسب هذه النعم وهي نعم عظيمة، لاحظوا أئمة الهدى والمعصومين عليهم السلام، نادرا كما رأيت.. نادرا أن تبدأ خطبة من خطبهم صلوات الله عليهم غير مبدوءة بالحمد.. أمير المؤمنين يفتتح.. لو تكتب بس الحمد لله وتسوي تفتيش في نهج البلاغة تعجز أنك تتبع كلمات الحمد من أمير المؤمنين لله عز وجل "الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون ولا يحصي نعمائه العادون" إلى آخر الكلمات. فاطمة الزهراء وهي في ذاك الوقت -بحسب القرائن التاريخية- كانت قد عصرت بين الحائط والباب، مع ذلك لما تجي إلى المسجد تبدأ بماذا؟ "الحمد لله" تبدأ بهذه الكلمات التي تشير فيها إلى: عموم النعم التي ابتداها وسبوغ الآلاء التي أسداها وأنها جل عن الإحصاء عددها ونأى عن الحساب أمدها… إلى آخر كلماتها صلوات الله عليها، وقد افتتحنا بها. في عمق المصيبة تأتي فاطمة بنت الحسين وقد فقدت أباها وإخوانها وأعمامها وقد سبيت وأخذت إلى الكوفة وهي الآن مسبية فإذا بها تنهض وتقول: "الحمد لله عدد الرمل والحصى وزنة العرش إلى الثرى أحمده على ما كان" هذا في عمق المصيبة! بهذا المقدار من الشعور بالامتنان والحمد لله سبحانه وتعالى! أنا وأنت لابد عندما نحمد الله سبحانه وتعالى فعلا نستشعر نعمة الله حمد الله، شكر الله، يا رب أنت أعطيتني هذا الراتب أيضا مو بجهدي و إنما بتوفيقك وبركاتك، هذا رزق إنت وجهت إلي، "الحمد لله يا رب" لا تتصور أنه أنت اللي صانع هذا! الله أعطاك القوة أعطاك القدرة أعطاك الصحة يسر لك الأمور حتى وصلت إلى هذا المكان وكان يمكن أن لا تصل إلى هذا المكان لكي تعمل فيه وكان بالإمكان أن تبقى عاطلا وأن لا يصل إليك رزق الله عز وجل. فلما تجي، التفت إلى أن هذا الرزق الذي جاء إليك هو من الله عز وجل، سؤال: أنا وأمثالي عندما نستلم الراتب آخر الشهر وينزل في حسابنا وتجي رسالة على الجوال أو غير ذلك إخطار أنه وصل إليك راتب، أنا وأمثالي هل أخر ساجداً أقول شكراً لله العظيم على نعمه، إن شاء الله نعم بالنسبة إلى المؤمنين، لكن إذا ما سويته هذا قد ينطبق عليه (لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد). كان نبينا المصطفى محمد يكون في أصحابه وكان ربما ركب الناقة، فإذا بهم يرون رسول الله صلى الله عليه وآله نزل من الناقة وخر ساجداً إلى الله عز وجل وشكر الله وحمده، فيقال له في ذلك، فيقول: تجددت نعمة من نعم الله عليه فأحببت أن أؤدي شكراً. زين انتظر شوية باقي دقيقتين وتوصل إلى مقصدك، وتنزل عن ظهر الناقة، وتشكر الله هناك أو في المسجد، لا.. ينزل من على ظهر الناقة ليؤدي شكر هذه النعمة. وعلى نهجه أيضاً سار إمامنا السجاد عليه السلام فقد روي كثيراً هذا المعنى منه. نعم الله لا تحصى، وقد أخبر -وهو الصادق في كتابه- (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) لكن احنا نعنون بعض هذه العناوين حتى لا يجي الإنسان دائما يصير عند حالة التسخط والتشكي وأنه ما عند شيء وأنه إنسان ضعيف وأنه إنسان فقير وأنه كذا وكذا أبو هاشم الجعفري من نسل جعفر الطيار داود بن القاسم من أصحاب الإمامين الهادي والعسكري عليهما السلام، من خلص الأصحاب، يقول: أصابتني ضيقة شديدة، صرت في ضيقة شديدة، فجئت إلى الإمام الهادي عليه السلام، الإمام عرف الموضوع، فقال لي: "يا داود أي نعم الله عليك تحصي؟" للآن ما قلت إله شيء.. "أي نعم الله عليك تحصي؟ رزقك الإيمان فصانك عن الكفر ورزقك العافية وصانك عن التبذل"، فيقول أنا: هدأت وقلت يعني بعد ما أشتكي إلى الإمام عليه السلام، الإمام هو بنفسه قام وأعطاني شيئا من المساعدة. واحد آخر يجي يشتكي إلى الإمام أنه فقير وما عنده وصعبة الحياة مالته، فيقول للإمام عليه السلام يا فلان لو أن هؤلاء يعني بن العباس أعطوك ملكهم على أن تترك ما أنت فيه من ولاية آل محمد، اللهم صل على محمد وآل محمد. لو أعطوك كل هذا الملك بس بشرط أن تخرج من دين الله وولاية رسول الله وأهل بيته، نعطيك هذا، بس اطلع من هذا. فانتفض كأنما لدغته عقرب. قال: لا والله.. قال: أتظن فقيرا من يملك شيئا يعطى عليه ملك هؤلاء -يعني بن العباس- فلا ينزل. هذا شنو من جوهرة! شنو من ثروة! شنو من كنز عنده اللي ما حاضر يتخلى عنه في مقابل ملك عظيم من أقصى البلاد إلى أدناه! فأنت غني أنت كثير عند الله أنت ثري عند الله إذا كانت عندك هذه الأمور، ما الذي تملك الآن من نعم الله؟ أنا أسرد إليك فهرس سريع، وأخاطب نفسي لأركز في ذلك حالة الشكر لله عز وجل. أولا: نعمة الخلق، وقد أشرنا إليها.. وجود الإنسان في هذه الحياة نعمة من النعم، أنعم الله بها على أناس أنت واحد منهم، نعمة الوجود، وهي التي تترتب عليها سائر النعم، تصير إنسان محترم، تتنعم في هذه الدنيا، تعبد الله ثم الله ببركة هذا الوجود وهذه النعمة يوديك إلى الجنة، هذي شنو من نعمة كبيرة؟ وكان من الممكن أن يكون هذا الإنسان شيئا غير مذكور (هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا) كان بالإمكان، كان بالإمكان أن يصبح جزءا من دورة شهرية ينسى، ينسى أصلا، (وكنت نسيا منسيا) (يا ليتني) تقول (يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا) أنا ما كنت موجودة أصلا، أو كنت دفقة من ماء الرجل ضائعة، حويمن ميت، لكن الله سبحانه وتعالى خلقك وخلقني ليبدأ بالنعم علينا بعد نعمة الخلق. هذا واحد، الخلق الكامل: للإنسان أعطاك يدين ورجلين وعينين وقلبا وعقلا وأقدرك ووو إلى … وكل هذا في غير مقابل! أحيانا يتعجب الإنسان كأنه مطالب ربه بطلابة. أنت تروح تشتري لك قوطية كلينيكس لازم تدفع عليها ريالين مثلا، وقد أعطاك الله هذا البدن وهذه الأعضاء وهذه الأجزاء كلها مجانا! الآن إذا تريد تروح -ذاك البعيد- يخلوا إليك هوا بس هوا أكسجين، يقولوا لك: مثلا ثلاثة أيام أربعة أيام خمسة أيام ادفع إليك أربعة وخمسة آلاف ريال ليش؟ لأنه أعطيناك هوا! زين الله سبحانه وتعالى أعطاك هذه الأعضاء الكاملة والبدن المتناسق من غير استحقاق ومن غير ثمن. ثمنه شكر الله عز وجل، ثمنه حمد الله عز وجل، فسبح بماذا؟ (بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا) وفي الصلاة دائما نحن نقول في ذكر الركوع والسجود: "سبحان ربي العظيم وبحمده" في الركوع، و"سبحان ربي الأعلى وبحمده" السبحان: تنزيه لله عز وجل، أنه ليس بظالم، ليس ببخيل، لا تأخذه سنة ولا نوم. تنزيهه وتقديسه عن النواقص، وبحمده: صفات الكرم صفات الثناء السميع البصير اللطيف الخبير القدير الرؤوف الرحيم هذه كلها بحمد ربك. فأول شيء هذا الخلق التام والكامل واحد. اثنين: رزقك الله الدين والإيمان بمحمد وآل محمد، اللهم صل على محمد وآل محمد. كم من البشر الآن محرومون من هذه النعمة مليارات مليارات مو ملايين مليارات من البشر هم لا يعرفون رسول الله ولا يعرفون عليا ولا يعرفون الحسين. هداك الله أنعم عليك تفضل عليك بأن هداك إلى هذا المنهاج. عرفك رسول الله عرفك أمير المؤمنين عرفك المعصومين. هذا اللي يقول عنه الإمام لذلك الرجل، لو ملك بن العباس كل يصير عندك في مقابله هذه أكثر قيمة وأعظم قيمة؛ لأن فيها طاعة الله وسعادة الدنيا وجن عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. فهذه نعمة أخرى قد أنعم الله بها عليك. أنعم الله عليك بأنك بالنسبة لنا نعيش في بلد هذا البلد كان مكان تنزل الوحي الإلهي بواسطة جبرائيل على النبي الكريم ورسوله الأمين صلى الله عليه وآله. في هذه البلاد شهد الدين قوامه، في هذه البلاد كان رسول الله صلى الله عليه وآله يجاهد بين يدي الله عز وجل ويبلغ ما أنزل إليه وما أرسل به، وعاش هذه الفترة من الزمان من أجل أن يوصل نداء الله في هذه الأرض، لو كان اكتشف العلم شيئا يحفظ الأصوات السابقة، وقد يأتي يوم يصير هذا الشكل أيضا، لا نعلم.. سوف تسمع صوت رسول الله صلى الله عليه وآله يصدح هنا وهناك مبلغا وناصحا ومتكلما ومحذرا ومبشرا في هذه الأرض، حيث الحرمان الشريفان الكعبة المشرفة وقبر رسول الله صلى الله عليه وآله ومسجد رسول الله والبقيع حيث يؤول أئمة والصالحين ومكان دفن حمزة بن عبد المطلب عند أحد وسائر أصحاب رسول الله المخلصين. أنت تعيش في هذه البلاد أي وقت من الأوقات خطر في بالك أن أروح أجدد عمرة تأخذ نفسك بسهولة وتذهب إلى حيث بيت الله الحرام وتعتمر وتعبد وتقرأ وتدعو وتطوف وهذا من نعم الله عز وجل العظيمة التي ربما سائر المناطق لا يتيسر إليهم هذا الأمر بهذا النحو. في بلاد كانت محل دعوة نبي الله إبراهيم (رب اجعل هذا البلد آمنا) وبالفعل أنت ترى في عالم اليوم حيث ترى الحروب وترى الاضطرابات وترى المشاكل وترى القضايا وترى انهيار الاقتصادات وغير ذلك وأنت تعيش بفضل الله عز وجل -مو باختيارك ولا بانتخابك ولا بجهدك وإنما الله سبحانه وتعالى أكرمك بهذا الشيء- فأنت تعيش في هذه البلاد من غير جهد تبذله، وإنما هي نعمة الله عز وجل عليك. هذه أليست نعمة تستحق من الإنسان تجاه ربه شكراً وحمداً كبيراً وعظيماً لا ريب أنها تستحق ذلك وفوق ذلك. وعلى الإنسان المؤمن إذا أراد أن يكون قريباً من ربه سبحانه وتعالى أن يدئب نفسه في شكر الله ولن يستطيع. لو شغلت نفسك 24 ساعة بحمد الله والثناء عليه وشكره ومدح آلائه ما قدرت -كما يقول دعاء الإمام الحسين، وأنصح إخواني المؤمنين بمراجعة الدعاء فترةً بعد أخرى كما أنصح إخواني المؤمنين بأن يرجعوا إلى دعاء الجوشن الصغير هذا من الأدعية المهمة التي تبين غيرك في أي أوضاع سيئة يعيش وأنت في أي وضع حسن أكرمك الله به، دعاء الجوشن الكبير موسوعة توحيدية عقائدية عظيمة تحتوي على ألف صفة من صفات الله عز وجل، وعندنا دعاء الجوشن الصغير يبين فيها أنه كم من الناس يعانون في الحروب في المجاعات في السجون في غير ذلك من المصائب والمصاعب وأنا خلو من ذلك كله، فلك الحمد يا رب- ارجعوا إلى هذه الأدعية التي تعلم الإنسان كيف يشكر الله وكيف يحمد الله سبحانه وتعالى. وأما ما سخره الله سبحانه وتعالى لنا من العطاء فحدث ولا حرج في الحديث القدسي: "يا ابن آدم خلقت الأشياء لأجلك" السماوات والأرضون والبحار والمحيطات والطعام والشراب، ولو واحد منه اروح إذا كان الله سبحانه وتعالى (جعل ماءكم غورا) ماكو ماي بعد (فمن يأتيكم بماء معين) هذا بس، هذا الله سبحانه وتعالى لو جعل هذا الماء إما ما يطلع أصلا، أو حتى لو يطلع وعندك غير صالح للشرب والاستخدام (من يأتيكم بماء معين) إذا جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة، أكو حضارتكم أكو زراعة تنشأ أكو فاكهة تأكل لو جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة تتفتت أنت من الناحية الصحية تنتهي حياتك. فحري بالإنسان أولا: أن يشكر الله بلسانه، دائما أشكر الله أحمد الله، من داخل قلبك من وجدانك من إحساسك من داخل ضميرك، لا تقول الحمد لله، كأنك تريد تشابق الله وتتعارك وياه، قل الحمد لله رب العالمين واستحضرها في داخل قلبك واجعل نفسك تعيش حالة الحمد وحالة الشكر وحالة الامتنان لله عز وجل. تلاحظ الحيوانات -حاشا من يسمع- لما تعطي إلى حيوان أي شيء قطة مثلا تعطيها شيء من السمك تنظر إليك بنظرة كلها امتنان، وهذا حيوان أعجم وأنعمت عليه بنعمة واحدة ليوم واحد لوجبة واحدة، والله سبحانه وتعالى أنعم علينا من أول يوم نفتح فيه عيوننا في هذه الدنيا إلى آخر يوم ونحن غرقى بنعم الله عز وجل وسابحون في بحار كرمه سبحانه وتعالى. اشغل نفسك وأشغل نفسي دائما بحمد الله "الحمد لله من أول الدنيا" من الأذكار المأثورة "من أول الدنيا إلى فنائها ومن الآخرة إلى بقائها الحمد لله على كل نعمة وأستغفر الله من كل ذنب وأتوب إليه" ذكر، اذكر الله بالحمد، "سبحان الله وبحمده" هذا ورد في بعض المصادر أن "من قال سبحان الله وبحمده في يومه مائة مرة غفر الله ذنبه كله وأوجب له الجنة" "سبحان الله وبحمده" هذه ما تستغرق منك سبع دقائق بل حتى خمس دقائق فهذا واحد من الأمور، الأمر الآخر: شكرها بما يناسبها: شكرها بما يناسبها يعني شنو؟ يعني أنه عندما الله وهب إليك قوة استعملها في طاعة الله، في معونة الغير، وهب إليك جمال شباب استعمل هذا في طاعة الله، لا وحدة تجي تقول والله أنعم علي الله أنه أنعم علي بالجمال وأنا أريد أبين الجمال هذا ونعمة الله لخلقه، لا هذا على خلاف أمر الله وإرادته وهكذا اجتناب المحارم مما يجعل الإنسان شاكرا لله عز وجل مطيعا له (اعملوا آل داود شكرا) يعني بطاعة الله وباجتناب محارمه .. أئمة الهدى صلوات الله وسلامه عليهم علمونا طريقة الحمد والشكر، فلا تجد دعاء إلا وفيه حمد الله سبحانه وتعالى، ولا خطبة إلا وهي كذلك. وأما الأذكار فحدث ولا حرج؛ لكي يعلمونا كيف نقوم بحق الله، ولن نستطيع، كيف نقوم بمحاولة أداء شيء من حق الله وواجبه اتجاه النعم التي أنعم الله بها علينا. ولذلك بالنسبة لهم هم يطيعون الله حتى لو كان في ذلك هلاكهم الظاهري وموتهم وسفك دمائهم لأنهم يعتقدون أن الله المنعم العطوف اللطيف يستحق دمائهم وهي أعظم شيء في الدنيا وشخصياتهم وهي أكبر شيء خلقه الله عز وجل ولكن نعم الله عبادة الله طاعة الله تستحق هذا الثمن الكبير. لذلك يقول الإمام عليه السلام الإمام الحسين: "وخير لي مصرع أنا لاقيه" هذا أحسن شيء اختاره الله لي وهذا أحسن شيء. فخرج من مدينة جده في السابع والعشرين من شهر رجب سنة ستين للهجرة لكي يبدأ هذه المسيرة التي ما انتهت في كربلاء واحد ستين وإنما هي باقية ببقاء الدهر وهذا من مظاهر بقائها هالمجلس وعشرات الآلاف أو مئات الآلاف من المجالس في أرجاء المعمورة هي من شواهد بقاء نهضة الحسين عليه السلام.
مرات العرض: 4285
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (0) حجم الملف: 80600 KB
تشغيل:

0 استقبال محرم 1446هـ
3 السلامة في الدين