حضور المعصومين عند الموت
الخطيب الحسيني فتحي ال عبد الله
جاء في الخبر المعتبر عن ابي عبد الله جعفر بن محمد صلوات الله وسلامه عليه انه قال ( ما يموت موال لنا مبغض لأعدائنا إلا ويحضره رسول الله (ص) وأمير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السلام فيسرونه ويبشرونه.)
حديثنا بإذن الله تعالى يتناول موضوع حضور المعصومين للميت أو المتوفى وأيضا عن موضوع ضمة القبر او ضغطة القبر أجارنا الله وإياكم من أهوال ذلك العالم وبلغنا وإياكم ما يسرنا فيه إن شاء الله تعالى.
حضور المعصومين أو بعضهم.
تتناول الأحاديث هذا الموضوع بصور متعددة من حيث التوقيت ومن حيث العدد.
أولاً: من حيث التوقيت:
رؤية المعصومين قبل الموت
تفيد بعض الروايات الواردة عن طريق أهل البيت عليهم السلام انه قد يحصل أن يرى المحتضر قبل موته النبي المصطفى او امير المؤمنين عليه السلام او الحسنين او يراهم معا . وذلك فيما ورد من أن بعض المؤمنين يشق عليهم وهم في طاعة الله عز وجل ان يفارقوا هذه الدنيا ويصعب عليهم أن يتركوا أهلهم وأقاربهم من بنين وبنات وزوجات، وعموماً عالم الدنيا يصعب عليهم ذلك ويحز في أنفسهم.
في الرواية فيمثل لهم رسول الله صلى الله عليه واله وامير المؤمنين عليه السلام في بعض الروايات ويشيرون اليهم الى ما وعدهم الله عز وجل, فعلى اثر رؤية هذا المحتضر الى الان بعد ما فارقت روحه الدنيا على اثر رؤية هذا المحتضر, يرى وجه رسول الله صلى الله عليه واله ونوره وترغيبه في ان يقدم اليهم ، فترغب نفسه عن الدنيا, فذاك الشيء الذي كان يشده إلى الدنيا من اهل واقارب واموال وما شابه ذلك على اثر رؤيته للمعصومين عليهم السلام او بعضهم, تعزف نفسه عن كل متعلقاته الدنيوية ويطيب نفسا للخروج من هذه الدنيا, وبالفعل آنئذ ملك الموت يقبض روحه. فكأنما الرغبة تصير عنده. هو أن يتعجل. فنفسه هذا الذي كان قبل قليل حزيناً على فراق اهله وغير راغب في هذا الامر . الآن يتعجل ما كان يرغب عنه وما كان لا يريده على أثر رؤيته للمعصومين عليهم السلام .
هذه بعض الأحاديث تتكلم عن رؤية المحتضر قبل خروج روحه للمعصومين عليهم السلام
هذا من حيث التوقيت
رؤية المعصومين بعد الموت
روايات اخرى تشير الى انه بعد الممات وبعد ان يوضع الانسان المؤمن في قبره. عندئذ يرى رسول الله صلى الله عليه واله يرى امير المؤمنين عليه السلام وامثالهم من المعصومين. ويكونوا هؤلاء المعصومين بمثابة أنس وانقاذ له ومعاونة على اجتياز تلك المراحل الصعبة وتلك الحالة من الوحدة والوحشة.
تلك الأولى كانت تقول قبل وفاته, قبل خروج روحه. هذه تقول بعد ذلك وفي اول ليلة من ليالي القبر, وقد يكون الامر مختلفاً بالنسبة الى الناس او قد يجمعه بعض الناس لا مانع من ذلك . يشير الى هذا المعنى الثاني انهم اي الموتى, بعض الموتى المؤمنين يرون المعصومين عليهم السلام بحيث تسرهم رؤيتهم الحديث الذي نقلناه قبل قليل والذي ذكره علي ابن ابراهيم القمي المتوفى سنة ثلاث مئة وتسعة وعشرين هجرية في كتابه المشهور تفسير القمي.
كتاب تفسير القمي من الكتب القديمة التي بقيت و زمنه كما قلت معاصر لشيخ الكليني رحمة الله عليه ، نفس التفسير الف في اثناء الغيبة الصغرى. ولكن وفاة شيخ علي ابن ابراهيم القمي كانت قريب نهايات الغيبة الصغرى وبداية الغيبة الكبرى للامام المهدي.
هذا الكتاب ايضا يعتبره العلماء اعتبارا عاليا حتى ان بعض علمائنا اعتبر ان كل الاسماء التي جاءت في هذا الكتاب اي التفسير هم من ثقة الرواة. اي واحد اسمه موجود في هذا الكتاب فهو ثقة بما نص عليه المؤلف في اول الكتاب. هالشكل الكتاب مهم وينفع العلماء في الرجال وفي الفقه بينما هو اصلا في التفسير . في هذا الكتاب ورد هذا الحديث بسند معتبر يقول فيه عن الامام الصادق عليه السلام ( ما يموت موال لنا ) هذا التعبير فيه عمومية يعني اي موال لنا يحمل هذه الصفات يموت يحصل له هكذا ( ما يموت موال لنا مبغض لاعدائنا الا ويحضره رسول الله محمد صلى الله عليه واله وامير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السلام فيسّرونه ويبشرونه ) في ذيل هذا الحديث التفسير يقول : وقد قال علي
يا حار همدان من يمت يرني من مؤمن او منافق قبلا
هذا بيت الشعر. فالرأي المشهور أنه من انشاء سيد اسماعيل الحميري وقد كان من غير الإمامية. كان يؤمن كما قيل بإمامة محمد ابن الحنفية ابن امير المؤمنين عليه السلام. وكان قسم من الناس هكذا يعتقدون ما دامت الامامة صارت في الحسن ثم في الحسين. اذا من الطبيعي ان تنتقل الى الاخ الثالث محمد ابن الحنفية, لا سيما وهو ممدوح من ابيه مدحا كثيراً
في قضية حصلت بين الامام زين العابدين عليه السلام وبين محمد ابن الحنفية, واختلفوا في تفسيرها. القضية هي ان الامام زين العابدين طلب من محمد ابن الحنفية ان يأتي الى الكعبة المشرفة, الى جوار الحجر الاسود, فاذا اقر الحجر الاسود لمحمد بن الحنفية بالامامة فهو الامام, واذا اقر للامام زين العابدين فهو الامام. قالوا فجاء محمد ابن الحنفية والامام زين العابدين عليه السلام, واستنشد الحجر في الشهادة, فالحجر نطق وقال ان الامام من بعد الحسين هو علي بن الحسين عليه السلام.
هنا استبصر كثير الناس وعرفوا ان فكرة انتقال الامامة من الحسين الى اخيه محمد ابن الحنفية ليست صحيحة. فهل ان محمد ابن الحنفية فعلا كان يعتقد بانه امام .هذا قسم من العلماء ذهبوا الى ذلك قسم آخر من العلماء ومنهم العلام المجلسي, ولعله الأقرب قالوا لا محمد بن الحنفية كان أعلم من أن يدعي في نفسه الامامة, وانما هذا نوع حسب تعبيرنا مناورة, حتى من كان يعتقد به يصير عنده حجة وبرهان على ان الامامة في زين العابدين, ولذلك جاء الى الحجر الاسود حتى يقر عنده بالامامة لزين العابدين عليه السلام. ايا كان التفسيرين سواء هذا او ذاك فان من كان يعتقد بامامة محمد ابن الحنفية قد رجع الى الائمة المعصومين عليهم السلام . وقيل ان منهم كان السيد اسماعيل الحميري الشاعر المشهور وانشأ قصيدته المعروفة
تجعفرت باسم الله والله اكبر وايقنت ان الله يعفو ويغفر
هذا السيد اسماعيل الحميري فيما بعد اخذ على نفسه ان ينظم فضائل ومعاجز ومقامات امير المؤمنين عليه السلام بالشعر ، حتى قالوا نظم الفين وقيل اربعة الاف الفين معجزة ومنقبة وفضيلة لأمير المؤمنين نظمها بالشعر وكان يقول اي واحد عنده فضيلة او منقب او كرامة لعلي أنا ما نظمت فيها شعر خليه يجيبها إي أعطيه فلوس حسب التعبير فيشوف اذا فعل جابوها اله وما كان قد نظم فيها. يعطي ذلك الي بها جائزة وينظم فيها فورا من جملة ما نظم. الحديث المشهور بين علي عليه السلام وبين الحارث بن الاعور الهمداني وهو من خلص اصحاب امير المؤمنين عليه السلام كان معه في الكوفة فجاء اليه ذات ليلة بعد العشاء, ذلك الوقت بعد العشاء يعني الوقت متأخر مو مثل الان سهرات وجلسات الى نص اليل والى الفجر فاللي بعده صلاة العشاء هذا جاي عنده شغلة فجاء وطرق الباب على امير المؤمنين عليه السلام جاء الى امير المؤمنين. فقال الأمير : تفضل ما الذي أقدمك يا حارث ، أعندك حاجة او غرض؟ قال أقدمني حبك يا أمير المؤمنين بس جاي اشتقت اليك انا جاي لانني احبك بس اريد اشوفك وارجع زين اخرها إلى يوم غد , عندنا قعدة اليوم تونا شايفين بعضنا حسب التعبير ما لحقت.
قال يا حارث ( آ الله) يعني فعلا هكذا بس انت جاي الى هذا الامر ؟! قال والله ما اقدمني غير حبك فقال اما ان كان كذلك لينفعنك حبي في خمسة مواضع اولها حين تبلغ روحك ها هنا.
هناك راح يتبين الك فائدة ح وفي ليلة القبر وهكذا عند الصراط وعند المحشر وبدأ يعد عليه فهذه الحادثة اخذها منه السيد الحميري اللي كان ينظم فضائل الامام عليه السلام وانشأ فيها قصيدة يبدأها هكذا
قول علي لحارث عجب كم ثم اعجوبة له حملا
يا حار همدان من يمت يرني من مؤمن او منافق قبلا
يعرفني شخصه واعرفه باسمه والكنا وما فعلا
وانت عند الصراط تنظرني فلا تخف عثرة ولا زللا
اسقيك من بارد على ظمأ تخاله في الحلاوة العسلا
أقولُ للنارِ حين تُوقَفُ للعَرْضِ على جِسرها ذَري الرَّجُلا
ذَريه لا تَقربيه إن له حَبلاً بحَبلِ الوَحِيِّ مُتَّصِلا
فاشتهر هذا البيت
( يا حار همدان من يمت يراني )
يا حاري : في اللغة مبحث عندنا اسمه الترخيم ترخيم في المنادى يحذف آخر حرف في الاسم مثل تقول يا صاحي المقصود يا صاحبي هذا التعبير موجود كثير يا صاحي او تقول يا فاطم مقصود يا فاطمة. تقول ايضا مثل هنانا يا حاري المقصود يا حارث بس شالوا الثاء وبقيت حركة الحار وحاري صارت يا حار همدان. يعني يا حارث همدان.
الشاهد ان في هذا التفسير اللي مؤلفة في حدود سنة ثلاث مئة وتسعة وعشرين هجرية متوفاة ذكر هذا البيت في ذيل رواية الامام الصادق عليه السلام اذا كان الامام الصادق عليه السلام هو الذي استشهد به فيصير جزء من الحديث فيكون إله قيمة عظيمة جدا ذلك الوقت ، كأنما الامام عليه السلام يمضي هذا المعنى ويتمثل به ويستشهد به . واذا كان المؤلف هو اضافه من عنده مثلا مما حفظ فأنئذ يصير علامة على ان هذا الاعتقاد وهذا البيت ليس من الابيات المنتحلة والمصطنعة فيما بعد وانما كان موجودا في ذلك الوقت. وأيضا يشير إلى أن اعتقاد الشيعة في ذلك الزمان المبكر ايضا كانت قضية رؤية الميت للمعصومين يستشهد فيه بهذا البيت الشعري.
اضف الى ذلك الى هذا الرواية المعتبرة, والى هذا المعنى الذي نقلناه من نظم السيد الحميري لقضية الحارث الهمداني, ادعى بعض علمائنا ان هذه القضية يعني رؤية المحتضرين المؤمنين الموالين لأهل البيت, المبغضين لأعدائهم برؤيتهم الائمة عليهم السلام او لبعض الائمة. بأنه من الاجماع ان هذه من الامور العقائدية الاجماعية, بمعنى انه في طول فترات التاريخ المنصرمة كان شيعة أهل البيت لديهم عقائد هذه العقائد ، بعضها مجمع عليها مثل العصمة مثلا ، او عدد الائمة الاثني عشر عليهم سلام وامثال ذلك ، وبعضها ليست اجماعية. اراء علماء يخالفهم علماء آخرون بعض العلماء ادعى ان قضية رؤية المتوفى في قبره الائمة او بعضهم قضية اجماعية ، يعني كل الشيعة يؤمنون بها هذا امر ثاني أيضا.
نعم شريف المرتضى الموسوي رضوان الله تعالى وهو من علمائنا الكبار ، تلميذ الشيخ المفيد شيخ المفيد متوفى سنة أربعمائة عشرة و تلميذه السيد المرتضى متوفى اربعمية وستين هجرية
قال الشريف المرتضى ان معنى رؤية الميت للمعصوم انه يرى ثمرة ولايته ومحبته مو رؤية الشخص نفسه، لماذا؟ قال لان النبي والامام شخص واحد فلو مات متعددون في ساعة واحدة كيف يراهم هذا وذاك؟ والثالث والرابع, والعاشر ما يمكن فاذا كان كذلك اذا المعنى انهم يرون نتيجة الولاية ثمرة المحبة يرى رسول الله ، يعني يرى فائدة الولاية يرى فائدة المحبة ثمرة ذلك. لان الامام والنبي واحد وقد يقع في وقت واحد.
العلماء علماؤنا لم يقبلوا هذا الكلام, من السيد المرتضى.
الأمر الأول: قالوا بان هذا لا اختصاص له باول ليلة في القبر فائدة المحبة والولاية بس تختص في اول ليلة القبر لا. سوف يرى نتيجة ذلك من لما تصعد روحه من جسده اول ليلة في القبر وفي عالم برزخ لما يحشر وينشر و في الحساب كلها سيراها هذه مثل الشهادة. وين ما انت تروح قدامك تعطيها شايف بعض الناس إذا توهم مطلع رخصة مالت سياقة يدور وين اكو واحد بس حتى يشوفها وقد يمر عليه عشر سنوات ما حد يسأل عنها .
يقول العلماء لا اختصاص يا ايها الشريف المرتضى. إذا كانت القضية قضية أن يعرف. فائدة الموالاة. ثمرة المحبة ما الها اختصاص باول ليلة من ليالي القبر فهي في كل الأوقات. والحالة أن الروايات تقول يراه بعدما يقبر في اول ليلة في قسم من الروايات هذا واحد.
الأمر الثاني : المشكلة اللي ان الإنسان لا يستطيع ان يرى شخصا واحدا مع في اماكن متعددة ما هي؟ تارة تكون كما هو الغالب ان هذا الشخص لما يكون في البيت المجاور انا ما اقدر اشوفه لان الجدار يحجبني . لكن لو الجدار غير موجود استطيع ان اراه ام لا . اشوفه ذاك من ذاك الصوب ايضا ف عشرة الاف قدامهم ماكو جدار سيستطيعون رؤيته. في ذلك العالم تتغير المقاييس, ( لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ) ما تقف امامها الحواجز والحواجب, سابقا ما كنت تشوف الملائكة, الآن راح تشوفهم.
ما كنت تشوف هآفاق هذي الآن راح تشوفها ليش، لان تلك العوائق والعقبات التي كانت في ايام الحياة ازلناها عنك الان كشفنا عنك الغطاء لما كشفنا عنك الغطاء صار بصرك حادا متوغلا. فانت تقدر تشوف الملك اللي طول حياتك ما تشوفه الان تشوفه ، الملائكة تتنزل في ليلة القدر، مئات الالاف لا تستطيع ان ترى واحداً منهم لكن ذاك اليوم ليش؟ لأنه وجود حجاب وغطاء ذاك اليوم يزال هذا الحجاب انتهى الامر هذا امر ثاني.
الامر الثالث : ان الله سبحانه وتعالى مع انتقال هذا الانسان الى ذلك العالم.
يجعله في معادلات الاخرة في معادلات الغيب, قواه, طاقاته غير ذلك فالله سبحانه وتعالى اذا هذا مو ثابت ما لنا حق في أن نقول شيئا ، ولكن اذا ثبت بأدلة معتبرة عن اهل بيت العصمة والطهارة كيف يحصل ذلك ، قد احنا ما ندري لكن الذي سيصنعه وسيحضر هؤلاء وسيجعل هذا قادرا على ان يراهم يعرف الطريقة الى ذلك والكيفية المناسبة .
الأمر الثالث : ما ذهب اليه بعض العلماء في الجواب قد لا نراه مناسبا بعضهم ذهب الى الجسم المثال قالوا اكو عندنا جسمان جسم عنصري طبيعي فهذا الذي إذا وجد في مكان لا يوجد في مكان آخر, وعندنا جسم اخر يسمى الجسم المثالي وهو اشبه بالروح, فيأخذ بعض صفات الروح, فالنبي والامام عليه السلام يكون بجسمه المثالي لا بجسمه العنصر الطبيعي.
مع الاجوبة السابقة التي ذكرناها قد لا نحتاج الى هذا الجواب الذي ذكره بعض العلماء, كعلامة المجلسي رضوان الله تعالى عليه وتلميذه السيد الجزائري, فعلى كل حال.
الروايات شاهدة على ان المعصومين او بعض المعصومين يختلف بحسب اختلاف الافراد. يكونون مع هذا المؤمن بهذه الصفة يقول ( ما يموت موال لنا مبغض لعدائنا الا ويحضره رسول الله صلى الله عليه واله) اللهم انا نؤمن بذلك فاشهدناه عيانا انك على كل شيء قدير.
ثانيا : اوائل ايام نزول هذا الانسان الى قبره وهو ما يعرف بضمة القبر.
ان القبر يضم هذا المتوفى أولا هذه الفكرة بغض النظر عن تفاصيلها حسب تعبير العلماء في الجملة هي فكرة ضغطة القبر. ان القبر يضغط وان القبر يضم هذه من الأفكار التي اجتمعت عليها المدرستان مدرسة الخلفاء والامامية. كلاهما يؤمنان بأصل هذه الفكرة لكن مع اختلاف في التفاصيل.
وتنقل مصادر المدرستين قصة سعد بن معاذ الانصاري المشهورة ومختصرها ذكرها مثل ابن حبان في صحيحه والنساء في السنن وغيرهما من علماء المدرسة الاخرى. كما ذكرت في مصادر الامامية مكررا مختصرها ان سعد بن معاذ الانصاري وكان من خلص اصحاب رسول الله صلى الله عليه واله ، كان من زعماء الانصار استشهد أبلى بلاء حسنا. كان مخلصا للنبي الى الدرجة اللي لما كان في المعركة وضرب واشفى على الموت.
سأل هل هنا احد من الانصار قالوا له نعم واحد اجا. قال له انت من الانصار قال بلى. قال بلغ معاشر قومي أنا رئيسهم و زعيمهم بلغ معاشر قومي لا عذر لكم عند الله إن شاك رسول الله شوكة وفيكم عين تطرف دفعوا عن رسول الله بكل ما تستطيعون.
وقد احسن رسول الله اليه في تشييعه, فمشى حافيا في تشييع نبي خلع حذاءه, ومشى حافيا.
وقال ان هناك من الملائكة في تشييع سعد ما يربو على سبعين الف ونزل معه في قبره وغطاه بردائه. اجر الى مراسم متعددة.
المصدر في الطرفين ينقل انه لما رأت امه هذه الحفاوة الكبيرة قالت هنيئا لك الجنة يا سعد اكثر من هذا فقال لها لا تحتمين على الله الجنة. لقد ضمه القبر ضمة انسته ما كان منه لما سئل قال لانه كان في خلقه سوء مع اهله. شوية زعارة في خلقه.
ربما يكون هذا قسم من اللي عندهم حالة زعامة هذا زعيم الانصار هذي مثلا يعطيها كلمة ويخليها ترجف الى الصبح ما ادري يكلمها كلمة وكذا. اكو بعض الناس هالشكل يعتبر ان الرجولة يعني ما يتنفس قدامه اصلا خصوصا النساء فكان في خلقه سوء في رواية الامام الصادق عليه السلام كان في خلقه زعارة مع اهله ذاك في مكانه ذاك التشيع ذاك الجهاد ذاك الفداء ذلك كله في محله ولكن على اثر ذلك فاذا اكو ضمة حتى الى مثل هؤلاء زين هل هي للجميع او للبعض .
المدرسة الاخرى تقول الناس يضمهم القبر ضم. الا الانبياء والمرسلون ماكو هذولا فقط ان تستثني الانبياء والا الباقي كلهم يجري عليهم. لكن الكافر ضمة مستمرة والمؤمن ضم مؤقتة ويستشهدون بقضية سعد ابن معاذ .
الامامية يختلفون في هذه النقطة يقولون لا ليس كل مؤمن يضمه القبر ويضغطه القبر في الحديث المعتبر الذي نقله الشيخ الكليني في الكافي عن الامام الصادق عليه السلام حديث فيه تفصيل أنه لما يؤتى بالميت ( فإذا دخله عبد مؤمن قال: مرحبا وأهلا أما والله لقد كنت أحبك وأنت تمشي على ظهري فكيف إذا دخلت بطني فسترى ذلك قال: فيفسح له مد البصر )
يصير عنده حالة من الرحابة هناك. بل عندنا في نفس الرواية ان الاراضي يفتخر بعضها على بعض في انه هاي الأرض تقول اليوم مشى مؤمن على ظهرك, واما اذا كان نعوذ بالله كافرا جاحد وجابوه الى الأرض
فالاراضي تحاول تتحاشى ان لا يندفن هذا عندها بس اذا صار بعد خلص حفروه خلوه تخاطبه الأرض( والله لقد كنت أبغضك وأنت تمشي على ظهري فكيف إذا دخلت بطني سترى ذلك )
الراوي يقول للإمام انت تقول هذه الارض تقول هذا الكلام للمؤمن وترحب به ويفسح له مد البصر فاين صارت ضغطة القبر؟ يقول الإمام عليه السلام ( هيهات ما على المؤمنين منها شئ والله إن هذه الأرض لتفتخر على هذه، فيقول: وطأ على ظهري مؤمن ولم يطأ على ظهرك مؤمن وتقول له الأرض: والله لقد كنت أحبك وأنت تمشي على ظهري فأما إذا وليتك فستعلم ماذا أصنع بك، فتفسح له مد بصره.)
فالمؤمن العامل بالصالحات، التارك للمحرمات( غير الذين سنستثنيهم بعد قليل) هذا ليس عليه شيء ولا خلاف عليه. والمؤمن ما عليه شيء منها كما يقول الامام عليه السلام.
نعم هناك فئات يحصل لها ضغطة القبر مثل سعد ابن معاذ, يتبين من هذا ان سيء الخلق مع اهله خليه يجهز نفسه الى ضغطة القبر, يدخل البيت والكل يرجف, هذا الطفل راقع ذاك الولد البنية ترتجف, ما تدري شيصير، هي الام تروح تشغل روحها حتى لا تلتقي عينها بعينه, هذه يجهز نفسه الى ضغطة القبر. قلت سعد ابن معاذ بتلك المرتبة العالية جدا, بس عنده ما يمنعه من دخول الجنة. لكن هذه من الرحمة له ، لماذا لان لو ما تحاسب فيها هنا واخذوها للأمام من عنده نقداً راح ياخذوها منه شنو عند الحساب وذاك الوقت عند الحساب الله العالم ماذا سيصنعون به؟
فمثلا سيء الخلق مع اهله يحصل له ضمة القبر حتى لو كان مؤمنا مواليا مبغضا لاعداء رسول الله واهل بيته اذا خلقه في زعارة, في سوء خلق, بعد.
موارد ضغطة القبر للمؤمن
• تضيع النعم
ورد في الرواية ( ضغطة القبر للمؤمن كفارة لما كان منه من تضييع النعم ) اللي يضيع نعم الله عز وجل هايط عنده هياط عنده كثير يدعو الى خمسة أشخاص ويسوي لك مائدة الى خمسين واحد ياكل من الخمسة بمقدار اشخاص والباقي تأكله الزبائل ، هذا تضييع للنعمة ما تقدر تقول فلوسي وانا حر فيها. الله سبحان وتعالى انعم عليك بهذا المال وطلب منك ان تصرفه بنحو معين لا تقدر على نفسك كن سخيا كن جوادا كل هذا مطلوب لكن إذا صار تبذير الله لا يحب المبذرين. إذا صار إسراف الله لا يحب المسرفين. إذا صار تضييع للنعم جزاء ذلك مثل هذه الحالة التي ذكرناها.
ان ضغطة القبر وضمة القبر لما يكون من تضيع النعم ، نعمة انعم الله بها عليك. غيرك يتمنى عشرة في المئة منها ما يحصلها وانت هكذا انعم الله بها عليك مو انت حصلتها هاذا. واحد قال انا حصلتها, هذا منطق قارون قال ( قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِي ) لكن المنطق الايماني ( هذا من فضل ربي) فالله تفضل عليك بذلك، تروح تلعب فيها منا ومناك ليش.
جزاء ذلك حتى لو كنت مؤمن مصلي صائم عابد موالي جزاء ذلك في تضييع النعم ان يضم في القبر ضم. تتداخل فيها اعضاؤه . وهذا ايضا لفائدته لانه اذا ما حسب هنا سيحاسب عندئذ وقد يؤخر في الحساب وقد يعذب وقد يؤذى فخليه يدفعها هنا قبل لا يدفعها هناك.
• عدم الاعتناء بالنجاسات والاتيان للعبادة من غير تطهر.
فالانسان الذي لا يبالي بالنجاسة يتبول ثم بعد ذلك لا يبالي اين اصابه هم يقوم يصلي ويطوف والى اخره نجاسات بالنسبة له ليست شيئا مهما زين هي مو شيء مهم ولكن صلاتك مهمة فل. بد ان انت تهتم بها وتطهرها من اجل أن تأتي بعبادة سليمة وصحيحة. نعم لا ينبغي ان ينقلب ذلك الى وسواس. لان الوسواس والوسواسية عابد للشيطان بنص حديث الامام الصادق عليه السلام. سأله احدهم عن وسوسة اخيه في اموره فقال هو يعبد الشيطان هذا مو يعبد الله, الله يقول له ابني على الطهارة وهو يقول لا أنا أروح أتبع الشيطان وأعيد وأزيد وهكذا طيب.
فهذه امور تفيد ان بعض الفئات ، تستثنى من قاعدة انه لا يصيب منها المؤمن شيء الا هذا. الا ذاك. الا الثالث. الا الرابع. هنا يختلف كما قلنا المدرستان .
مدرسة الامامية تقول لا يصيب المؤمن من ضغطة القبر شيء الا فئات معينة
المدرسة الاخرى تقول الكل يصيبه من ضمة القبر ومن ضغطته. طبعا ضغطة القبر تختلف عن سالفة انتفاخ البدن في داخل القبر. وكون القبر ضيق وما شابه ذلك. لانه ذاك ما مؤمن. تلك حالة للبدن تعرض عليه. وتحصل بالنسبة الى اكثر المدفونين على اثر. ان الجراثيم بعد. والميكروبات تفتك بالبدن. وما في خطوط دفاع للبدن. ما هي موجودة عندنا الآ في ابداننا. ولكن اكو خطوط دفاع تدافع عنا. واكو روح سارية تحرك البدن ذاك الوقت. ماكو هذا الشيء. يتحلل هذا البدن ينتفخ تفتك به هذه الهوام وبالتالي ينفجر.
نحن نعتقد بهذا الاعتقاد ان المؤمن لا يحصل له من هذا شيء المهم ان يكون مؤمن بالمعنى الصحيح مو معنى مو مؤمن بالادعاء والكلام.
فاذا كان كذلك لا يحصل له مما ذكرنا شيء الا فئات معينة ، نعتقد بهذا ونعتقد ايضا بان من الموارد التي نرى فيها المعصومين عليهم السلام وتنفعنا رؤيتهم كما نفعتنا محبتهم وولايتهم. هو في اوائل ليالي القبر للانسان. حيث يحضر علي عليه السلام، يحضر لاوليائه. نسأل الله ان يبلغنا ذلك المقام.
يا حار همدان من يمت يرني من مؤمن او منافق قبلا