والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا أبي القاسم المصطفى محمد، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين المعصومين المكرمين.
السلام عليكم أيها الإخوة المؤمنون، أيتها الأخوات المؤمنات، ورحمة الله وبركاته.
في نهج البلاغة الذي جمعه الشريف الرضي من كلمات أمير المؤمنين عليه السلام، أن الإمام سئل عن الخير ما هو؟ فقال: (ليس الخير أن يكثر مالك وولدك، ولكن الخير أن يكثر علمك وعملك، وأن يعظم حلمك، وأن تباهي الناس بعبادة ربك، فإن أحسنت حمدت الله، وإن أسأت استغفرت الله)، صدق سيدنا ومولانا أمير المؤمنين علي بن أبي صلوات الله وسلامه عليه.
مسألة تعريف المفاهيم هي من أهم المسائل التي جاءت بها الديانات، تعريف حقائق الأشياء، وإلا فإن الإنسان يستطيع أن ينظر إلى الأشياء بعينه، الشجرة يمكن أن تنظر إليها بعينك وتُعَّرِفها بناء على ظاهرها، الإحسان، الدين، العقل، هذه الأشياء، هذه المعاني، الديانات جاءت من أجل تعريفها على حقائقها.
ما هي السعادة في الحياة؟ لو أَعطيت هذا السؤال إلى أشخاص متعددين في داخل الإسلام وفي خارج الإسلام، سيعطيك في الغالب كل واحد تعريفا مختلفا عن تعريف الآخر، ما هي السعادة؟ وبتتبع ذلك يسعى الناس وراءها، الذي يعتقد مثلا أن السعادة هي في المنزل الواسع، وفي الزوجة الجميلة، وفي المركب الفاره، سوف يمشي وراء هذا المفهوم، وطول حياته يسعى من أجل أن يوفر المنزل والسيارة والزوجة وما شابه، لكن إذا إنسان لم يكن لديه هذا المعنى، رأى أن السعادة شيئا آخر، السعادة في أن يطيع الله عز وجل، سيصبح تركيزه على ذلك الجانب، الشر ما هو؟ الإفلاس ما هو؟ الغنى ما هو؟
مما ينقل في حديث رسول الله صلى الله عليه وآله أنه سأل أصحابه المسلمين، أحيانا النبي يُسأل، أحيانا هو يسألهم ويبادرهم، إذا رآهم مثلا منشغلين بأمور غير ضرورية، هو يثير فيهم سؤالا حتى يعطيهم جوابا، فقال لهم ذات مرة من هو (المُفَلَّس)، حسب تعبيرنا المحلي (المِفْلِس)، من هو؟ إنسان لو تقول فلان إنسان مُفْلِس إلى جماعة، ماذا يتبادر إلى الذهن؟ يعني ليست لديه أموال، ليست لديه عقارات، ليست لديه أسهم، ليس لديه رصيد، ليس لديه عمل، هذا هو المُفَلَّس.
وبالتالي هو يحتاج إلى المال، فقالوا يا رسول الله المُفَلَّس عندنا من لا متاع له ولا مال، هذا هو المُفْلِس، المُفَلَّس يعني الذي يقع عليه الإفلاس، فقال لا، المُفَلَّس هو من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وحج وزكاة، ثم يأتي وقد ظلم هذا، وقد اعتدى على هذا، فيعطي هذا من حسناته، ويعطي ذاك من حسناته، حتى لا يبقى له شيء، رصيدي ينتهي، أيضا الظاهر مطلوب، هناك من يطلبه، فيأتي آخرون ويطالبونه، هذا اعتدى علينا، هذا اغتابنا، هذا تكلم ضدنا، هذا هتكنا، هذا آذانا، ضربنا، أيضا موجود، فيؤخذ من سيئاتهم وتوضع عليه حتى يرضون، هذا ظلمك؟ ترضى أن نأخذ (20) سيئة من سيئاتك من رصيدك ونضعها عليه؟ يقول طبعا أرضى، أنا أريد أن أتخفف اليوم، وذاك مديون، فهذا هو المُفَلَّس الذي ليس عنده حسنات بل إن سيئات الآخرين تقع عليه، هذا هو المُفَلَّس، هذا تعريف المُفْلِس أو المُفَلَّس، أين كنا نتصوره أو عامة الناس، وأين المعنى الذي يقوله رسول الله صلى الله عليه وآله؟
في القرآن أيضا نفس الشيء، التوبة، ما هي التوبة، التوبة مثلما قال بعضهم لبعض الأفراد عندما ارتكب ما ارتكب من الجرائم، قتلا، وإجراما وكذا، قال آخر حياته أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، وقالوا انتهى الكلام، ختم بهاتين الكلمتين هذه توبة نهائية، لا يا أخي، القرآن الكريم يعرف التوبة: ﴿إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَٰئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [النساء: 17]، خصوصا إذا أنت مخطط إليها كما نقل في الشعر المنسوب إلى عمر بن سعد، (فإني أتوب إلى الرحمن من سنتين)، قبل أن أتوفى ذاك الوقت أتوب، لا، هذه ليست التوبة لهؤلاء الناس، التوبة كما قالت الآية، أصل ارتكاب الذنب بجهالة، يعلم أنه هذا الشغل غير صحيح، وليس أنه مع سابق الإصرار، ويتوب أيضا من قريب.
فالشاهد أن موضوع التعاريف، تعريف الأشياء، كيف يعرف الإسلام هذا المفهوم، وذاك المفهوم؟ الشر ماذا؟ الخير ماذا؟ الربح ما هو؟ النجاح ما هو؟ الفشل ما هو؟ هذا كلام أمير المؤمنين عليه السلام يقع في ضمن هذه الدائرة.
نحن نلاحظ القرآن الكريم يعرف الأشياء، رسول الله صلى الله عليه وآله يعرف الأشياء، يعطيها المعنى الحقيقي أو المعنى الخافي عن أذهان الناس، أمير المؤمنين عليه السلام أيضا يقوم بذلك، الخير ما هو؟ الآن متعارف لما تتحدث عن إنسان، ما شاء الله عنده خير، عنده خير يعني ماذا؟ عادة لديه أموال، عادة إذا أراد الناس أن يعبروا عن شخص بأنه كثير الغنى والأموال والمتاع وغير ذلك، يقولون لديه خير ما شاء الله.
هل مجرد وجود المال عند شخص هو خير؟ أمير المؤمنين عليه السلام وقد سئل عن الخير نفى عن شيء وأثبته بشيء آخر، سئل ما الخير يا أمير المؤمنين علي؟ عرفه لنا، فقال:
(ليس الخير أن يكثر مالك وولدك، ولكن الخير أن يكثر علمك ويعظم حلمك، وأن تباهي الناس بعبادة ربك، فإن أحسنت حمدت الله، وإن أسأت استغفرت الله...)
ليس الخير أن يكفر مالك وولدك، مع أن هذا عند الناس هو أوضح أنحاء الخير، طبعا أن يكثر ولدك يعني عندك مثلا إما زوجة أو زوجات، وأنك تستطيع أن تدير أمورهم، ومالك أيضا نفس الشيء كثير، لكن هذا قد يكون خيرا وقد لا يكون خيرا.
الآن نلاحظ في الإعلام وما شابه ذلك، هذه الموجة من التفاخر، الإنسان يتفاخر بأن رصيده في البنك كذا وكذا، في السابق كانوا يخافون، لكن الآن يتباهى بأنه أنا رصيدي في البنك كذا من الأموال، ويعتمد على أن هذا سيصنع له اعتبارا وفخرا اجتماعيا ويصبح ذا شخصية، أو إذا (سطرة) سيارات يستعرضها وينشرها، أو ما شابه ذلك، الإمام علي بن أبي عليه السلام يقول هذا بمجرده ليس خيرا، (ليس الخير أن يكثر مالك وولدك)، ممكن بهذه الكثرة تصنع خيرا، ومن الممكن لا سمح الله أن ينقلب عليك شرا، عندك من الخير بهذا المعنى أكثر من قارون؟ قطعا لا، ﴿إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ ۖ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ﴾ [القصص: 76]، لكن هذا نفسه لم يكن خيرا له، وإنما أصبح شرا عليه، بعدما قال: ﴿قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِي ۚ أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا ۚ وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ﴾ [القصص: 78]، ﴿ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنتَصِرِينَ﴾ [القصص: 81]، حتى بالمستوى الدنيوي ما كان هذا خيرا.
ولكن الخير يقول أمير المؤمنين عليه السلام (ولكن الخير أن يكثر علمك)، العلم قد يراد منه هنا العلم الشرعي، وقد يراد منه العلم التخصصي، وقد يراد منه تلك البصيرة التي تجعل الإنسان في حياته يسير على هدى، وهذا المعنى الثالث هو الصحيح، فإنه من الممكن حتى عالم الدين شخص لديه فقاهة، لديه تبحر في الأصول، إذا لم تكن عنده هذه البصيرة العلم بمعنى البصيرة.
هذا يصبح (بلعم بن باعوراء)، (بلعم بن باعوراء)، كان من أعلم علماء بني إسرائيل وعبادهم وزهادهم، فلما جاء موسى أنكر نبوته ورسالته، لم تكن لديه تلك البصيرة العلمية التي تهديه إلى هذا النبي أو كانت لديه ولكن انسلخ من العلم، ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾ [سورة الأعراف: 175]، ومثل: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ۚ بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [الجمعة: 5]، لديه علم، علم التوراة في بني إسرائيل مثل علم القرآن في المسلمين، ذاك كتاب سماوي وهذا كتاب سماوي، لكن هل يأخذ منه بصيرة أو ضوءا ونورا يهديه في حياته أو لا؟
كم من الأشخاص الذين جلسوا تحت منبر رسول الله صلى الله عليه وآله؟ كم من الأشخاص الذين جلسوا تحت منبر أمير المؤمنين عليه السلام؟ لكن وجدت في هؤلاء وهؤلاء من انحرفوا عن الطريق، فإذن مجرد أن أحدا يصبح لديه علم، بالمعنى الاصطلاحي فقه وأصول، غير ذلك ليس بالضرورة أن يكون هذا هو المقصود بأن يكثر علمه، علمك الذي يشكل لك بصيرة ونورا في حياتك، وأوضح من ذلك في العلم التخصصي العادي الطبيعي، أن إنسانا لنفترض يكون طبيبا من أبرع الأطباء، ومهندسا من أفضل المهندسين، ومتخصصا في مجاله، هذا كثير العلم التخصصي، لكن ليس هذا المقصود أن يكثر علمه، وإنما ذلك العلم الذي يهديك إلى ما أنت فيه، وما يجب أن تسير عليه، ويوصلك من هذه الدنيا إلى الجنة، هذا هو العلم الحقيقي.
(ولكن الخير أن يكثر علمك)، وأن يكثر مالك أيضا، هذا هو الخير، فإذا كنت مثلا تقتصر على الفرائض هذا عمل طيب، ولكنه ليس بكثير، أضف إليها المستحبات، أضف إليها سائر الطاعات، حتى تصبح كثيرة، وحتى يصبح عملك كثيرا، إنسان إذا اقتصر على الواجب هذا عمله ليس كثيرا، هذا أدى ما عليه من الواجبات، أن يكثر علمك وعملك.
وأن (يعظم حلمك)، الحلم الذي هو درجات أيضا، حلمك مع أخيك، وحلمك مع من يعتدي عليك، وحلمك مع زوجتك، وحلمك في الدائرة الاجتماعية الأكبر، ليس أن يصبح عندك حلم، أن يكون حلمك ماذا؟ عظيما، لأنه بالفعل التحديات في هذا الجانب عظيمة جدا، استفزاز الإنسان، استثارة غضبه سواء من قبل أناس أو من قبل أوضاع أو من قبل حالات أو من قبل مصائب أو غيرها، حلمك إلى أي مقدار يكون عظيما يمسك بك من أن تستفز وتستدرج، اعتدي عليك، الموقف العادي للإنسان العادي ضربني أضربه، سبني أسبه، غلط علي أغلط عليه، هذه من ضمن القوى المغروسة في الإنسان ما لم تهذب، لكن في مثل هذه الحالة، هل حلمك يغلب هذه الحالة أو لا؟ واحد غلط عليك بكلمة بسيطة، تستطيع أن تصبر عليه، واحد هتك هتكا عاما تستطيع لو لا؟ هل حلمك عظيم إلى هذه الدرجة؟ واحد ضربك فيما بينك وبينه، ممكن تصبر، ضربك في الملأ مثلا معتديا وكان المقام يقتضي الحلم، هل عندك من القوة ومن عظمة الحلم ما تستطيع أن تواجه هذه الثورة الغضبية أو لا؟
نحن نلاحظ قسما من الناس يعني بالعكس، ويصبح التنافس في الصوت الأعلى، غلط علي بكلمة أرفع صوتي عليه، ضربني أضربه ضربتين، أجري ذلك إلى التحدي معه، أفتح المعركة بكل أبوابها، لا بل أن (يعظم حلمك)، ليس فقط أن يكون لك حلم وإنما يكون حلمك عظيما.
(وأن تباهي الناس بعبادة ربك)، المباهات المقصودة هنا أن تسابقهم، وليس أن تفاخرهم لأن الفخر مهما كان هو مذموما، لكن إذا قيل لك أن إنسانا عنده كذا من الأموال، عنده كذا من القوة، عنده كذا من الثروة، عنده كذا من الشخصية، عنده وعنده إلى آخره، يجب أن يكون بينك وبين نفسك تقول الحمد لله أنا عندي كذا وكذا من العمل الصالح، لست أدنى منه مرتبة، بينك وبين نفسك لا تستشعر الحسرة، قسم من الناس هكذا، وأحيانا بالذات في جهة النساء، لميلهن العاطفي، خصوصا إذا استثرن، انظري يا فلانة فلان أين قد أسكن زوجته، وماذا قعد أعطاها، (ملبسنها الذهب من فوق إلى تحت، وأنتين يا حظي كذا وكذا)، فحتى لو هذه كانت صابرة، تبدأ تغلي بـ(مرجل القيم)، وتذهب وتفعل لها مشكلة مع زوجها على أساس هذه الكلمات، لكن لو كانت تباهي الأخريات، بما أنعم الله عليها به، فيما بينها وبين نفسها تقول طيب تلك حصلت على بيت (3) طوابق وحديقة وغيرها، ورصيد في البنك كذا، وفساتين وأموال وإلى آخره، أنا الحمد لله رب العالمين عندي عبادة كثيرة، عندي علاقة أكبر بالله عز وجل، عندي أعمال صالحة.
الفوز أين يتبين؟ الفوز يتبين بعد العرض، يوم القيامة عندما يعرض هذا، ويعرض ذاك، وتعرض هذه وتعرض تلك، هذه صاحبة الأموال والمظاهر وإلى آخره، إذا لم تعمل أعمالا صالحة، هل ستكون بمثل تلك المرأة التي عملت العمل الصالح، وفي داخل نفسها اعتزاز بأنها أنفقت في الله، عبدت ربها، صامت ليس في شهر رمضان فقط، وإنما المستحبات، قامت بأعمال الخير، هناك عند العرض من الذي يتباهى؟ من هو الذي يُقَدم؟ المركز الأول لهذه لو لتلك؟
(وأن تباهي الناس بعبادة ربك)، كما قلنا ليس المقصود الفخر لأن الإنسان إذا يباهي يأتي ويقول إذا أنت مثلا فقط تصلي صلاة جماعة أنا أصلي صلاة الليل، إذ أنت صائم (3) أيام من شعبان أنا طول الشهر ورجب بعد فوقه، لا، فإن عبد الله سبحانه وتعالى، وأحسن، ماذا يصنع؟ حمد الله سبحانه وتعالى بينه وبين نفسه يقول الحمد لله، شهر شعبان شهر رجب مر، الله وفقني لبعض الأعمال الصالحة، الحمد لله رب العالمين، صحيح أسهمي ما طلعت أعلى، صحيح ما اشتريت لي سيارة جديدة، لكن الحمد لله، من صام يوما من شعبان فله من الأجر كذا وكذا، نحن بعد آخر أيام شعبان.
دخل أحدهم على الإمام عليه السلام، فسأله صمت في شهر شعبان شيئا؟ قال لا، قال لقد فاتك من الأجر ما لا يعلمه إلا الله، ما لا يعلمه إلا الله من كثرته، الآن في وقت لو لا؟ نعم هناك وقت، شمر إذا ليس الجمعة السبت الأحد الإثنين عندك (3) أيام، فإذا الحسنة بعشر أمثالها صارت (30)، وبعده شهر رمضان، هنا (إن أحسن وعمل عملا صالحا) من هذا القبيل، يقول الحمد لله رب العالمين، أنا صمت يوما يومين ثلاثة، أنا كنت دائما على قراءة الصلوات المحمدية الشعبانية، لذكر محمد صلوا عليه، أنا قرأت المناجاة الشعبانية، خشع قلبي بعض الليالي، دمعت عيناي، الحمد لله رب العالمين، هذه هي الرصيد الحقيقي، هذا هو الخير، لأن الباقي يكثر مالك الحمد لله رب العالمين لكن أكلته ذهب وانتهى، ذاك الذي يبقى في رصيدك إلى يوم القيامة أحوج ما تكون إليه، هو مثل هذا الأمر، فإن أحسنت حمدت الله، وإن أسأت لا سمح الله استغفرت الله ثم يتوبون من قريب.
عمل الإنسان أمس ذنبا لا سمح الله ولا قدر، اليوم يتوب، يا رب يوم الجمعة وهذا يوم العيد الأسبوعي، يوم الضيافة الإلهية، مثلما شهر رمضان شهر ضيافة أنا في يوم ضيافة في الأسبوع، يا رب اغفر لي الذنب الفلاني، أستغفرك ربي وأتوب إليك، سيد الأذكار في الرواية سيد الأذكار الاستغفار، فإذا الإنسان يستغفر الله مما فعل في يومه، وأمسه وسابقه وكل حياته، وأستغفرك اللهم من كل ذنب أذنبته، هذا هو الخير، (فإن أحسنت حمدت الله، وإن أسأت استغفرت الله).
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يكرمنا وإياكم بطاعته وعبادته، وأن يجعلنا من أهل جنته، إنه على كل شيء قدير، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.