لماذا كان الامام الرضا عالم آل محمد
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 17/2/1443 هـ
تعريف:

لماذا كان الامام الرضا عالم ال محمد؟

كتابة الفاضلة تراتيل

روي عن سيدنا ومولانا ابي الحسن موسى بن جعفر صلوات الله وسلامه عليه انه قال لبنيه :" هذا اخوكم علي بن موسى عالم ال محمد فأسالوه عن اديانكم  واحفظوا ما يقول لكم واني سمعت ابي جعفر بن محمد يقول لي ان عالم آل محمد لفي صلبك وليتني ادركته فانه سميّ علي امير المؤمنين " . صدق مولانا أبو الحسن موسى ابن جعفر صلوات الله وسلامه عليه 

نتناول في هذه الليلة شي من الجانب العلمي في حياة الامام الرضا صلوات الله وسلامه عليه منطلقين من الحديث المروي عن الامام موسى بن جعفر سلام الله عليه  , فانه بحسب هذه  الرواية جمع أولاده و بنية .الامام الكاظم عليه السلام اقل ما قيل ان ابناءه هم سبعه وثلاثين وهذه الرواية التي  اّيدها الشيخ المفيد بينما ذهب اخرون الى انهم اكثر من ذلك وعلى كل حال فانه اقل ما قيل هو هذا العدد, من بين أولئك  كان نحو سبعة عشر  هم من الذكور والباقي من الاناث والبعض قال نصفان , جمع هؤلاء الامام الكاظم عليه السلام وأشار لهم الى علي بن موسى عليه السلام وقال لهم ان هذا اخوكم علي بن موسى عالم ال محمد فاسمعوا قوله وخذوا منه ثم بعد ذلك اكد كونه عالم آل محمد لان الامام الصادق قال ذلك 

ومن لفتة قوله عليه السلام نرى ان الامام الصادق يتمنى لو انه ادرك علي بن موسى الرضا, تصور ان مؤسس المذهب وشارح علوم ابائه الطاهرين يتمنى ان يدرك الامام الرضا عليه السلام وهذا فيه إشارة الى ان وفاة الامام الصادق سبقت ميلاد الامام الرضا فان شهادة الامام الصادق سنة 148 وعلى قول انها في شهر رجب وعلى قول انها في شوال وعلى كل التقديرين فان الامام الصادق لم يدرك ولادة الامام الرضا عليه السلام باعتبار القول الذي يقول بان الامام الرضا  ولد سنة 148 بشهر ذو القعده او على قول اخر انه ولد سنة 153 في ذي القعدة , فعلى كلا التقديرين فان الامام الصادق استشهد قبل ولادة الرضا عليه السلام  فمن هذه اللفته استطعنا ان نكتشف هذه الجنبة التاريخية 

تأكيد على ان الامام الرضا عالم ال محمد وانه سمي امير المؤمنين عليه السلام وهذا له بحث و المشابهة في الاسم بينه وبين امير المؤمنين عليه السلام وهل هو من باب  تعريف الاسم وتوضيحه ام هو شيء اخر يشير الى جانب علمي متميز كان لأمير المؤمنين جسده الامام الرضا عليه السلام 

تعلمون ان كل أئمة اهل البيت هم علماء , فما وجه ان يقال الى الامام الرضا بشخصه عالم ال محمد دون الائمة الباقين ؟

اشرنا سابقا في بعض الاحاديث  الى ان هذه الألقاب التي يشتهر فيها الائمة سواء كانت من خلال الوحي التلقيب او من خلال الاشتهار الاجتماعي , الألقاب غالبا ما تشير الى الدور الأساس الذي قام به ذلك الامام فالإمام السجاد مثلا لانه اخذ الجانب العبادي و تعليم الناس علاقتهم بالله وعبادتهم لله عز وجل فقد اشتهر بزين العابدين وسيد الساجدين وامثال ذلك , الامام الباقر حيث  انه استخرج العلوم من الباطن الى الظاهر وعرضها على الناس فانه كان الباقر الذي يبقر بطن العلوم ويستخرجها لعامة الناس والصادق عندما جاء ونشر هذا العلم فان قسم من مدرسة الخلفاء  شككوا من اين يأتي جعفر بهذه العلوم وأين اسانيده استغرب بعضهم كيف هذا العالم يحيط بهذه العلوم فكان هناك شك عند بعضهم في انتحال بعض الكلمات لكن يقال لهم انه صادق لذلك لقبه الصادق الذي لا يخطا الواقع فهي إشارات , الامام الحسن يتعرض لحملات تشويه الى شخصيته و لدوره وعمله هذه الشبهات هذه الحملات المضادة يرد عليها بكلمة واحده هو الزكي الذي لا يصل اليه التشويه و لا التلويث ولا تخريب الشخصية 

اذا جئنا للامام الرضا عليه السلام نجد ان الدور العظيم الذي قام به هو الدور العلمي وهذا للأسف لم يوضح بالشكل الكامل , فمجرد ان يأتي الى الذهن اسم الامام الرضا مباشرة يأتي في بالك موضوع ولاية العهد وانه تولى العهد للمأمون فيصبح الكلام لماذا تولى وما هي الظروف ؟!مع ان هذه الحادثة هي اقل الحوادث من حيث الزمان ومن حيث الاهتمام , دور الامام الأصلي هو انه عالم ال محمد .

لنرى العلائم والقرائن على مثل هذا الامر أي الجهة العلمية للإمام عليه السلام والدور الذي بث فيه العلم , هناك ملاحظة ربما ذكرناها في السنوات السابقة يعتقد الباحثون ان النهضة العلمية في عالم التشيع و هي النهضة العلمية الإسلامية انها مرت بثلاث مراحل :

المرحلة الأولى : زمان امير المؤمنين عليه السلام حيث ان الامام علي  كشف عن علوم ارقى من مستوى ذلك العصر  بكثير جدا وابقى قسم اخر لم يكشفه وقال :" ان هاهنا لعلم جم لو اصبت له لق" نا- أي لو وجدت احد يستطيع حملها لأعطيته-

مع انه اعطى لابن عباس وهو حبر الامه والمفسر الأكبر للقران في زمانه من تفسير سورة الفاتحة ما ينوى به البعير حملة مع انه يحمل الاثقال من بلد الى بلد , وهذا يدل على ان الامام علي عليه السلام  لم يكشف عن كل ما كان ينبغي ان يكشفه 

لذلك بعض هؤلاء اذا جاءوا الى نهج البلاغة وهو قطره من علم امير المؤمنين فانهم يتعجبون ويقولون ان هذا الكلام من اين؟ لذلك علماء النهج الاخر شككوا في نهج البلاغة وقالوا كيف هذا العلم لا احد يعرفه في ذلك الزمان!! فلا احد في مستوى ذلك العلم أصلا , وهذا دليل انه من علي بن ابي طالب باب مدينة علم رسول الله صلى الله عليه واله 

المرحلة الثانية :  هي مرحلة الباقرين : اتيحت لهما الفرصة الزمنية والسياسية في أن يبلغوا الدين وبالفعل الان الثراء العلمي الموجود عند شيعة اهل البيت هو رهين لتلك الفترة 

المرحلة الثالثة :  هي مرحلة الكمال كانت في مرحلة حياة الامام الرضا : بني الامام الرضا  اللبنات المكملة لما سبقة   ووضح المبهمات في كلام الصادقيين و امير المؤمنين بل سائر الائمة وجعل الحديث  الروايات شبه محكمات وضع عليها الخطوط النهائية , اكمل منها ما كان ناقصا بحسب البيان و صحح فيها ما كان مجهولا عند السامعين

قرائن على دور الامام الرضا العلمي 

لنرى بعض القرائن على دوره العلمي المتميز الذي استحق بواسطته ان يقول والده الامام الكاظم وجده الامام الصادق عليهما السلام انه عالم ال محمد إشارة الى هذا الدور 

1- عدد التلامذة والرواة

أولا نستطيع ان نعرف هذا الدور من خلال عدد التلامذة والرواة الذين اخذوا منه العلم , هذه طريقة عرفية وعقلائية  فعندما نقول ان هذا العلم درس على يديه الف عالم أي انه كان مشغولا منذ فترة من الزمان في التدريس والتعليم هذه احد القرائن , فلما نذهب الى أصحاب الامام الرضا عليه السلام نجد ان بعض المؤلفين  كالشيخ محمد باقر القرشي يقول كانوا نحو ثلاثمائة وسبعين راوي  تلميذ اخذوا عن الامام الرضا العلم , هذا يبين ان جهده العلمي جهد كبير 

صاحب كتاب الجامع لأصحاب الامام الرضا الشيخ محمد نجف يقول :" انه بحسب التتبع كانوا ثمانمائة وثلاثيا راويا وطالبا اخذوا منه العلم و هذا العدد كبير جدا و عظيم جدا يبين لنا ان جهده كان شيء كبير جدا 

2- التدريس في مسجد رسول الله من صغر سنه 

قرينة أخرى هي الفترة الزمنية التي عاشها الامام الرضا في التدريس حيث  بدا في التدريس في مسجد رسول الله وهو دون العشرين من عمره وفي الرواية ان الرجل كان يأتي ويسأل في المسجد فاذا عجزوا عن سؤاله وجوابه احالوه الى الامام الرضا علي بن موسى عليه السلام فأجاب عليه وهو اقل من عشرين عاما ولا يزال ابيه الامام الكاظم على قيد الحياة ومع ذلك كان الامام الرضا يجلس في مسجد رسول الله صلى الله عليه واله ويجيب على الناس ما استعصى عليهم من اشكالات , لو حسبنا عمر الامام لوجدناه حوالى خمسة وخمسون سنة عند استشهاده سنة مائتين وثلاثة هجرية قبل استشهاده بثلاث سنوات كان بمرو اما ما قبل ذلك كان الامام بالمدينة المنورة وهي فترة تمتد من ما قبل العشرين من العمر الى نحو اثنين وخمسين بالعمر أي اثنين وثلاثين سنة من الزمان  هي فترة تعليمه وتربيته وتدريسه للناس ,  منها ما قبل امامته ومنها ما بعد امامته سنة 183هجري التي حدثت على اثر شهادة ابيه الكاظم عليه السلام فهو يبلغ احكام الله ومعالم الشريعة هذه فترة زمنية طويلة تعتبر 

حتى فترة بقاءه في مرو وطوس ,الامام عليه السلام في تلك الفترة بدل ان يشغل بالأمور الاجرائية والسياسية فمن اليوم الأول رفض ولاية العهد فاصر عليه المأمون ذلك تحت تهديد الاغتيال عندها قبل بشرط ان لا يولي ولا يعزل ولا يتكلم في امر ولا غير ذلك

المأمون أراد ان يشغل الامام بأمور الخلافة لكن الامام رفض حتى لا يشغله عن دوره الأساس حتى لا يكتسب المأمون  المشروعية الدينية في تصرفاته فالإمام كان واعي لذلك, فكثير من الروايات ومن الاحاديث والمناظرات ينقل حوالي تسعة عشر مناظره واحتجاج بين الامام وغيره اغلبها في مرو وطوس , وهي بحسب تعبيرنا اليوم كمؤتمر عالمي للأديان حضره رئيس الجاثليق أي الكاثولثيك وراس اليهود والهربد الأكبر راس المجوس و عمران الصابي راس الصابئة بالإضافة الى المذاهب الإسلامية والفلاسفة الملحدين والامام الرضا هو محط السؤال وعليه تتوجه الأنظار و يجيب كل واحد بما يستحقه

حتى في مرو وطوس وخرسان الامام حول ديوان الخلافة الى مؤتمر عالمي وضح فيه تفوق اهل البيت عليهم السلام 

الامام الرضا سلالم الله عليه ما نقل عنه يشير انه عالم ال البيت , فالمقدار الذي وصل لنا يدل على ذلك وهو ليس كل ما قاله الامام الرضا عليه السلام عندنا من الكتب مسند الامام الرضا للشيخ عزيز الله العطاردي في مجلدين ضخام حشد فيه عدة الالف من الاحاديث والروايات في أبواب مختلفة في المنهج العلمي وسنتعرض الى جانب منه في أبواب الفقة في أبواب القران في أبواب الاحكام الشرعية في علم العقائد  في الاحتجاجات و المناظرات ومثل ذلك صنعه الشيخ الصدوق رضوان الله عليه في مجلدين ضخام أيضا بعنوان عيون اخبار الرضا , ففيه اهم الاخبار وحشد فيها الشيخ الصدوق مجلدين ضخام وهذا فقط العيون فما بالك لو نشر كل الاخبار 

اشير إشارة سريعة الى بعض هذه الروايات والاحاديث قسم منها أساسي لذلك جئنا بها في المقدمة ما نسميه قواعد في المنهج العلمي, في زمان الامام الرضا عليه السلام وقبله وبعده صار توجه في الامه كبير جدا الى جمع الاحاديث عن النبي محمد صلى الله عليه واله من حوالى منتصف القران الثاني والثالث فصاعدا بدأت مرحلة التدوين عند اتباع مدرسة الخلفاء اما عندنا نحن اتباع مدرسة اهل البيت فانه لم يتم التوقف امر التدوين أصلا فقد كان ائمتنا يؤكدون على شيعتهم بالاحتفاظ باحاديث رسول الله صلى الله عليه واله بشكل مركز اما عند مدرسة الخلفاء فقد صدر قرار رسمي من البدايات في أيام الخليفة الثاني بشكل حازم واستمر  هذا الى سنة تسعة وتسعين هجرية او قبلها بقليل انه يمنع منعا باتا تداول و تدوين ونشر الاحاديث بمبررات غير صحيحة تعرضنا لها في شهر رمضان 

وبالفعل حصل التزام التام بعدم التدوين الى أيام الخليفة الاموي عمر بن عبدالعزيز الذي حكم و استغرق ثلاث سنوات فقط في حكومته , فأول ما جاء للحكم ووجد هذا الخطل في إقرار قرار في منع تدوين ونشر حديث رسول الله أي انه قرابة مائة سنة من الزمان والأمة لا تدون حديث رسول الله فهذه كارثة فامر بان يبدأ بالتدوين 

طبيعي بعد هذه السنوات من الانقطاع و الرواة الاصلين توفوا وكذلك الرواة التابعون أيضا توفوا فمن ا لطبيعي يكون هناك اخطا كبيره عند تدوين الاحاديث  فكان من المهم ان تقدم ملاحظات و إشارات ونقاط لكيفية التعامل مع الحديث واكتشاف الصحيح منها من الباطل 

الامام الرضا عليه السلام بالإضافة الى انه نشر احاديث اباءه واجداده وفصل و بيّن غير المبين فقد أشار الى عدد من الروايات وبين وجهه الخطأ فيها . انا انقل بعض النماذج  والوقت لا يتسع الا للقليل منها 

التأكد من لفظ الحديث

من ذلك ما ينبغي فيه التأكد من لفظ الحديث وهو ما كان عند اتباع مدرسة الخلفاء وقد نقلت احاديث كثيرة لا يمكن ان تصح على اثر عدم التدقيق في نصها 

احدهم جاء الى الامام الرضا عليه السلام وهو إبراهيم ابن ابي محمود فقال للامام الرضا عليه السلام : ماذا تقول فيما يقوله الناس -هذا التعبير يدل ان  هذا الحديث شائع في المدرسة الأخرى - ان الله ينزل كل ليلة الى السماء الدنيا فيقول الا من تائب يتوب فأتوب عليه الا من مستغفر يستغفر فاغفر له, فيقول الامام الرضا :  لعن الله المحرفين الكلم عن مواضعه ما قال رسول الله ذلك  بل قال ان الله عز وجل ينزل ملكا كل ليلة اخر الليل وليلة الجمعة اول الليل فينادي الا من تائب يتوب فأتوب عليه الا من مستغفر يستغفر  فاستغفر له فيا طالب الخير اقبل ويا طالب الشر اقصر فلا يزال كذلك الى الصباح "

هذا ملك الله ينزله , الفرق بين هذا الحديث وذاك الأول وهو ان الأول ينتهي الى التجسيم ونسبة الحركة والانتقال الى الله فمرة يكون في السماء السابعة ومرة في سماء الدنيا أي فرغت منه السماء السابعة وهذا نقص فاحش وغلط كبير في الناحية العقائدية 

هذا الحديث موجود في مدرسة الخلفاء ويعتقدون به وما زال يدرس في مناهجهم , الامام الرضا جاء ووضع ملاحظة على بعض الاحاديث وهي كثيرة جدا هذا نموذج منها 

النقل بشكل ناقص

أحيانا ينقل الحديث بشكل ناقص فيعطي معنى خاطئ حتى في العقائد من ذلك ما نقل ان الامام سئل من قبل حسين بن خالد قال : قلت له سيدي يروون ان النبي قال ان الله خلق ادم على صورته – ادم له يدين ورجلين و انف وفم ..الخ فالله خلق ادم على صورته هو أي ان هذه الأعضاء موجوده عنده -  فقال الامام عليه السلام : قاتلهم الله , فقد حذفوا اول الحديث -أي ان الخلل حصل بسبب حذف اما حصل ذلك تعمدا او بسبب الانقطاع في تدوين الاحاديث – فالنبي مرّ على رجلين يتسابان , احدهما يقول لصاحبة : " قبح الله وجهك ووجه من يشبهك, فقال له  يا عبد الله لا تقول هذا فان الله خلق ادم على صورته ."

اين هذا الحديث من ذلك الحديث , الحديث الأول يجعل الله وكانه مخلوق من المخلوقين وعلى شاكلة المخلوقين , و الحديث الثاني وضح سبب عدم تقبيح وجهه ووجه من يشبهه لان وجه من يشبهه كالنبي إبراهيم وعيسى وموسى ادم وكل الأنبياء يشبهون وجهه و باقي النبين وغيرهم من الناس , فاذا قبحته فانت تقبح وجوه هؤلاء أيضا 

احتياج الحديث لمعنى

أحيانا يحتاج الحديث الى معنى حتى يخرج عن اجماله مثل الحديث المشهور عند الامامية وغيرهم فهو يحتاج الى شرح وبيان مثل حديث سلسلة الذهب 

عندما مروا بالإمام على طريق نيشابور – الاهواز- ولم يمروا به على طريق الكوفة والعراق وقم باعتبار ان تلك المناطق مناطق شيعية مخافة تعلق الناس  وزيادة انتماءهم لذا مروا به على مناطق ليس فيها وجود شيعي واضح في تلك الفترة , فلما وصل لنيشابور خرج له الحفاظ فقالوا يا ابن رسول الله : حديثنا عن جدك حديثا  – هم يتعاملون مع الامام كراوي عن الرسول و ليس كالرسول في حجية قوله والحقيقة ان الامام كالرسول في حجية قوله  هذا ما نعتقده , فمنزلة الراوي هذه مرتبة عادية ممكن تكون لاي احد سمع عن رسول الله , لكن الامام حديثه كحديث ابيه وحديث ابيه كحديث جده وحديث جده كحديث رسول الله صلى الله عليه وآله فلا يحتاج لمطالبته بسند , ولكن  هؤلاء  تعاملوا مع الامام كراوي فحدثهم عن ابيه عن جده حتى وصل الى رسول الله ومن ثم عن الله عز وجل , فقال : لا اله الا الله حصني ومن دخل حصني امن من عذابي "

هل هذا يعني ان أي شخص يقول لا اله الا الله فانه يدخل في حصن الله ويامن من العذاب ؟ , قال:  لا , ثم اخفى الامام  راسه قليلا واخرجه مرة أخرى وقال : بشروطها وانا من شروطها 

أي يشترط  ان يكون الانسان مؤمن برسول الله و أيضا شرطها ان يومن بأئمة الهدى وأيضا شرطها ان يلتزم بالأحكام الشرعية ويجتنب النواهي وان يعمل الواجبات ، والا مجرد ان يقول الانسان لا اله الا الله يدخل في حصن الله و يدخل  الجنة مع عدم التزامه بالأمر؟!  فما اسهل هذا فلماذا يلتزم اذن . و هذا يعتبر نوع من الشرح الذي يوضح الحديث 

لنرى الان هذا الحديث ( لا جبر ولا تفويض ) هذا الحديث أيضا يحتاج الى شرح ولا يوجد لدينا وقت باعتبار ضيق الوقت

احاديث الامام الرضا وكلماته صلوات الله عليه لأنها متأخرة فهي ناظرة الى كل ما سبقها من الاحاديث شرحا وتفصيلا وبيانا وحكومة على راي بعض المراجع والفقهاء والعلماء وهذا بحث لا نتعرض اليه ولكن نشير فقط اليه 

مثلا جاء رجلا الى الامام الرضا عليه السلام وهو الحسن بن علي الوشاء – وهو من الرواة المكثرين - فقال للإمام عليه السلام : روي لنا انه لا جبر ولا تفويض بل امر بين الامرين فما معنى ذلك ؟ قال الامام: من زعم ان الله يخلق افعالنا ثم يعذبنا عليها فقد قال بالجبر -هذا مسلك لبعض فرق المسلمين لحد الان يقولون ان الله يخلق اعمالنا و المعاصي والحسنات هو الذي يخلق  وهذا مسلك اموي حيث  قالوا : الم يقتل الله علي بن الحسين ؟ أي الله هو الذي فعل تلك المعصية , من قال بهذا الكلام فقد قال بالجبر ومن قال بالجبر فقد كفر لان الله الذي يعبده الموحدون لا يجبر العباد على أفعال خاطئة  ثم يعذبهم بها , اذا كان هكذا فهذا اله ظالم غير عادل 

ومن زعم ان الله فوض امر الخلق والرزق الى حججه  فقد قال بالتفويض وهومن المشرك , الله هو الذي يفعل كل شيء ولا يشاركه شيء الا اذا أراد ذلك فيجري المعجزة بيد هذا ومنع ذلك الشيء على يد ذلك النبي والوصي فهذا يحصل و لكن من يقول ان هناك مع الله من يفعل هذه الأشياء من يرزق ومن يخلق فقد قال بالتفويض وهو مشرك لأنه جعل مع الله اله اخر 

لذلك كانت حساسية الائمة عليهم السلام  تجاه هذا الامر وتجاه اخلاص العبودية لله كبيره جدا 

,الامام الرضا عليه السلام رأيناه يلاحظ الخليفة العباسي وهو يتوضأ وهناك جارية له تصب الماء على يديه واعضاءه في الوضوء فالتفت اليه الامام وقال : لا تشرك في عبادة ربك احد

مع ان العلماء الان يفرقون بين المقدمات القريبة والمقدمات البعيدة مثل صب الماء ولكن الامام أراد ان يلفت انتباه المأمون الى قضية اخلاص العبادة لله وان لا يشرك في عبادة ربه احد, لا تمارس ملكيتك وسلطتك في امر عبادي ,عندها المأمون امر الجارية ان تنصرف وهو قام بصب الماء على أعضاء وضوءه بنفسه وهو مغتاظ وحنق و هناك جوانب أخرى سعّرت نار الغضب عنده واتخذ قراره بالتخلص من الامام عليه السلام الذي فوّت عليه كل ما كان ينتظره من امر ولاية العهد فلم ينتفع منه شيء كل ذلك بسبب حكمة الامام الرضا عليه السلام في التعامل مع هذا الموضوع فالإمام لم يحد من انتشاره و من تعليم الناس ومن القيام بأدواره بل العكس , عاد الامر على المأمون العباسي بالضرر حيث ان الناس اخذت تتساءل مادام ان ولي العهد الرضا عنده كل هذا العلم فلماذا لا يكون هو الامام ؟؟ لماذا يكون هو ولي العهد فقط ؟؟ ولماذا يتقدم عليه المأمون وهو لا يمتلك هذه المؤهلات 

هذا الامر وغيره جعل المأمون العباسي يتحين الفرصة للفتك بالإمام واغتياله , فالاغتيال بالسم عند الخلفاء المسلمين كان امرا طبيعي وسهلا جدا من اسهل الأسلحة التي يستخدمها الخلفاء أحيانا يقومون بتصفية إخوانهم وبني عمومتهم ومن عمل لهم باستخدام السمّ , فكيف بمن يعتبرونهم اعدائهم ؟

لذلك كان يتحين الفرص و يعمل الحيلة  لاغتيال الامام عليه السلام الى ان حصل ما حصل قال احد غلمان المأمون امرني المأمون ان اطيل اظفاري و جاء لي بشيء من الرمان لكي اعجنه بهذه الاظفار التي قد غمست بالسم ثم  جعله في  طبق وقدمه للإمام الرضا سلام الله عليه وكان في وقته قد تمرض بعض الشيء وكان قد وصف له هذا بعد ان دعاه الى قصره لكي يأخذ منه فامتنع الامام اول الامر لكن المأمون اصر عليه و ما كان هناك طريق للخلاص فاخذ منه الامام سلام الله عليه من ذلك الطعام المسموم لما تناوله احس بالسم يجري في احشائه وكأنما احشاءه تقطع بالأمواس او تشرح بالسكاكين فخرج من ذلك المكان فلما راه أبو الصلت الهروي علم ان البلاء قد نزل كأني به ينادي وا اماماه واسيداه


 

مرات العرض: 3836
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (0) حجم الملف: 53487.67 KB
تشغيل:

الملا عطية الجمري وشعره الحسيني
لماذا قتل المأمون العباسي الامام الرضا بالسم